تقارير وإضاءات

فتوى بشأنِ تأجيلِ دَين المرابحة مع الزِّيادةِ في ظروفِ جائحةِ “فيروس كورونا”

فتوى بشأنِ تأجيلِ دَين المرابحة مع الزِّيادةِ في ظروفِ جائحةِ “فيروس كورونا”

صدرت فتوى عن منتدى الاقتصاد الإسلامي،وهو منتدى علمي يضم بقسميه العربي والإنجليزي 600 عضوًا من العلماء والخبراء والمهنيين والاقتصاديين والأكاديميين والمستشارين والمدققين الشرعيين من 58 دولة،ويضم ممثلين عن المؤسسات الداعمة للصناعة المالية الإسلامية.

وتأتي هذه الفتوى رداً على من أفتى بجواز الزِّيادة على أقساط المرابحة في البنوك الإسلامية التي تمَّ تأجيلها في ظروف جائحة “فيروس كورونا”. وقد شارك كاتب هذه السطور في هذا الردِّ العلمي على الفتوى المشار إليها وأنشرها باختصار.

أولاً: انتهى البحثُ والنظرُ الشرعي إلى حرمة الزِّيادة على أقساط المرابحة في البنوك الإسلامية التي تمَّ تأجيلها في ظروف جائحة “فيروس كورونا” لدخوله دون ريبٍ في ربا الجاهلية المجَمع على تحريمه استنادًا إلى عدد من النصوص،منها قوله تعالى:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} وصورته أن يكون للرَّجل على الرَّجل الدَّين إلى أجل، فإذا حلَّ أجله،قال له:إما أن تَقضي وإما أن تُربي،أو قال له المدين:أنظرني وأزدك.وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الرِّبَا يُوجَدُ فِّي شَيْئَيْنِّ:فِّي الْبيْعِّ،وَفِّيمَا تَقَرَّرَ فِّي الذمَّةِّ مِّنْ بَيْعٍ،أَوْ سَلَفٍ،أَوْ غَيْرِّ ذَلِّكَ”،فأيُّ اتفاق على الزِّيادة في الدَّين وتأجيله،كله أو بعضه بتأجيل بعض أقساطه،هو من الرِّبا المُجمَع على تحريمه،ولم يُنقَل فيه خلافٌ لأحدٍ من الفقهاء.ومفهوم الدَّين الذي يَحرمُ الاتفاق على زيادته وتأجيله،يشمل كلَّ حقٍّ ماليٍ ثَبت في الذَّمة،من قرضٍ أو بيعٍ أو ضمانٍ أو غير ذلك،فالثَّمن في الذمة داخلٌ فيه فيدخل في التَّحريم المُجمَع عليه تأجيلُ كلُّ أو بعضُّ أقساط دَين ثمن بيع المرابحة مع الزِّيادة في مقدار هذا الدَّين الثَّابت في ذمَّة المشتري (المتعامل المتموِّل) لصالح البائع (البنك المموِّل).لأن الاتفاق على زيادة دَين الثَّمن مع زيادة الأجل يُخرِّج الزِّيادة في الثَّمن عن مورِّدها في كلام الفقهاء،وهو أنها زيادةٌ محضةٌ (مجرَّدة)،ليُدخِّلَها في المعاوضة على الأجَل الجديد للدَّين،وهو ربا الجاهلية المحرَّم بالإجماع.ثانياً:الاستناد إلى أن النظام وتعليمات البنوك المركزية التي صدَرت بتأجيل أقساط التَّمويلات على وجه اللزوم،لا تُخرج التأجيلَ عن حقيقته الشَّرعية،وهي أنه وعدٌ لا يَلزَم الوفاء به؛فيَسقط اعتبارُها ولا يُعتدُّ بها في تغيير صفة عدم اللُّزوم في الأجل الجديد.وهذا أيضاً غير متَّجه؛لأكثر من وجه:أولها:أن من الافتراض المنافي للواقع القول بأن مضمون العقد الذي اتجَّهت إليه إرادة الطَّرفين يقضي بأن التأجيل غير لازم.فمن المعلوم أن مثل هذه الآجال في أعمال البنوك لازمة،وحَمل التأجيل على عدم اللُّزوم يخالف الجاري به العمل،والقول بعدم لزوم الأجَل ليس وارداً في قصود المتعاملين أو البنوك على السَّواء.ثانيها:أن الطَّرفين لا يقْدِّمان على التَّأجيل إلا إذا كان لازماً،والبنك لن يقبل التَّأجيل إلا مع ضمان حقِّه في الزِّيادة،والمتموِّل لن يقبل الزِّيادة إلا مع ضمان حقِّه في الأجل،ولو عَلم المتموِّل أن التأجيل غير لازم،لما قبل بالزِّيادة.والعبرة بالشَّائع الغالب من أحوال الناس في تعاملاتهم مع البنوك لا بالشَّاذ النَّادر من تصرفاتهم،على افتراض وجود هذا النَّادر.ثالثها:إن إلجاء المتموِّلين المدينين بثمن البيع بالمرابحة إلى القبول بزيادة ما عليهم من دَين مع تأجيله؛إن صُرِّح في عقد الزيادة على أنها زيادةٌ في الثَّمن مع الزِّيادة في الأجَل،فذلك الرِّبا المجمَع على تحريمه،وإن لم يُصرَّح بذلك،فما الذي يُلجئ الناس إلى قبول الزِّيادة عليهم في الثَّمن وحدها إذا لم تكن مقابل (أو مع زيادة)الأجَل،وهذا مع علمهم بأن الأجَل ممنوحٌ لهم تلقائياً من البنوك المركزية التي ألزمَت البنوك به؟والجواب:أن الزِّيادة واقعةٌ في مقابل الأجَل،ولا وجه لها إلا ذلك،ويؤَّيده المعهود من عمل البنوك،والأعراف في هذا العمل مُحكَّمةٌ في تصرَّفاتها وتعاقداتها مع متعامليها.ثالثاً:الاستناد إلى أن زيادة الثَّمن للبنك تعويضٌ عن الضَّرر الذي سببته جائحة

كورونا،وما نتج عنها من تعليماتٍ ملزمةٍ من البنوك المركزية بتأجيل أقساط التَّمويلات،وأن الشَّرع أمر بوضع الجوائح.وهذا أيضاً غير متَّجه؛لوجوه:

أولها:أن الأصل في الجوائح أن تؤدي إلى تخفيف الالتزامات والأعباء بالوضع عن المدينين،وهم المتموِّلون من البنوك في مسألتنا،لا زيادة الالتزامات والأعباء عليهم.

ثانيها:أن ضرر تأجيل أقساط الدَّين مما لا يجوز المعاوضة عليه ولا التعويض عنه شرعاً؛لأنه لا يجوز مقابلة الأجَل الجديد بعوض،وإلا وقعنا في الرِّبا المجمَع على تحريمه؛وفوات الرِّبا ليس ضرراً يجوز التَّعويض عنه شرعاً،ومعلوم أن من أهم مسوغات الرِّبا الزَّعم بتعويض الدَّائن عن أجل الدَّين.ثالثها:إن الجوائح (بل الضَّرورة) لا تُبيح للمموِّل فرضَ زيادة ربوية على المتموِّل أو الاتفاق معه عليها،وكلُّ ما يكون من ذلك فهو مخالفٌ لما انعقد الإجماع عليه.رابعها:إن تعليمات البنوك المركزية قصَدت التَّخفيف عن الناس في ظروف الجائحة،لمصلحة ارتآها ولي الأمر في ذلك،فتكون زيادة العبء عليهم ولو لاحقاً،بزيادة الدَّين،مخالفةً لهذا القصد.هذا ما سمح به المقام من هذه الفتوى ومن أراد التفصيل فليقرأها على الرابط التالي: content/uploads/2020/04/1269352-https://iefpedia.com/arab/wp

أو هذا الرابط: https://www.feqhweb.com/vb/t26128.html

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

حُررت في 27 شعبان 1441 – الموافق 20 أبريل 2020 من قبل اللجنة الشرعية التنفيذية التي

شكلت في منتدى الاقتصاد الإسلامي لهذا الغرض، وتضم كلاًّ من: الدكتور أيمن الدبَّاغ، الدكتور أُسَيد كيلاني، الدكتور عبدالباري مشعل.

وقد راجعها واعتمدها أصحاب الفضيلة:

1. سماحة الشيخ محمد تقي العثماني- جمهورية باكستان الإسلامية

2. فضيلة الدكتور عبدالرحمن صالح الأطرم – المملكة العربية السعودية

3. فضيلة الأستاذ الدكتور علي الصوا المملكة الأردنية الهاشمية

4. فضيلة الأستاذ الدكتور حمزة الفعر – المملكة العربية السعودية

5. فضيلة الأستاذ الدكتور حسام الدين عفانة – فلسطين

6. فضيلة الدكتور أحمد عبدالعزيز الحداد – الإمارات العربية المتحدة

7. معالي الدكتور نايف العجمي – دولة الكويت

8. فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد حسن- الجمهورية العربية السورية

9. فضيلة الشيخ إرشاد احمد إعجاز – جمهورية باكستان الإسلامية

10. فضيلة الأستاذ الدكتور أسمادي محمد نعيم مملكة ماليزيا

11. فضيلة الشيخ عصام إسحاق- مملكة البحرين

12. فضيلة الدكتور العياشي فداد- الجمهورية الجزائرية

13. فضيلة الدكتور محمد قراط – المملكة المغربية

والله الهادي إلى سواء السبيل

(المصدر: شبكة يسألونك الإسلامية)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى