الحصاد المر! بقلم د. محمد العوضي

الحصاد المر! بقلم د. محمد العوضي

منذ سنوات طويلة، أصبح شهر رمضان المبارك بالنسبة لشركات انتاج فني وبعض محطات التلفزة ووكالات إعلان وتسويق موسما للربح المادي، من خلال إغراق السوق الإعلامي بالبرامج والمسلسلات الجاذبة للمشاهدين وحصاد عائداتها الإعلانية.
لكن الملاحظ خلال السنوات العشر الماضية، أن هناك خطّاً ممنهجاً لتكون هذه البرامج والمسلسلات سبيلا للإفساد الأخلاقي، وإعادة رسم خارطة القيم الأخلاقية في بلادنا كي تصبح في أسوأ حالاتها.
ولم تكتفِ بذلك، بل زادت عليها ليكون الطعن في العقيدة والتشكيك بأصول الإسلام ومحاولة طرح الدين بما يتوافق مع ما يريده الغرب، وتحويله من الإسلام الإلهي إلى «الإسلام الأميركي» الذي لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، الإسلام التغريبي الذي يسقط كل مفاهيم الشرع الرباني الحنيف، ليحل محلها «التسامح التغريبي»، الذي يريد لنا أن نكون مسلمين اسماً فقط، من خلال السماح بانتشار كافة الرذائل الأخلاقية وتلطيف معاني المنكرات العظيمة من الزنا وشرب الخمر والاعتداء على المحارم والمثلية والإلحاد والكفر والردة وغيرها، واعتبارها حرية شخصية وحرية فكرية وحرية رأي، بل والتسامح مع دعاة هذه المنكرات باعتبارها حاجة شخصية!
والأخطر من هذا كله، أن إنتاج هذه البرامج المحاربة للعقيدة الإسلامية والمسلسلات – التي تروج للفساد الأخلاقي – لم يعد حكراً على شركات الإنتاج المملوكة لأفراد، بل أصبح إنتاجها من مهام بعض الحكومات العربية، التي أصبحت تستخدم الإعلام كسلاح لزرع قيم أخلاقية ودينية، لا تمت لديننا ولا لمجتمعاتنا بصلة، من خلال استخدام أسلوب الاحتلال الناعم البطيء في المفعول ذي النتائج المؤكدة.
وهنا يكمن الفرق بين ما يريده الله تعالى لنا، وما يريده عبّاد الشهوات لعباد الله: «وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا».
فلنحذر من السبيل الذي يريده أصحاب الشهوات والشبهات، واستغلال شهر الطاعة والعبادة والتقوى والإيمان – رمضان المبارك – ليكون شهراً للغفلة واتباع الشهوات وبث الشبهات عبر الشاشات، ولندرك حجم هذا المشروع التغريبي ومفهوم الإسلام الأميركي، الذي يُراد لنا السقوط فيه، كي يسهل على أعداء أمتنا تحقيق ما يصبون إليه في محاربة الإسلام وأهله.

(المصدر: صحيفة الراي الالكترونية)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى