ما حكم من ينوي صيام القضاء في الظهر؟ | الشيخ القرضاوي

ما حكم من ينوي صيام القضاء في الظهر؟ | الشيخ القرضاوي

السؤال: ما حكم من ينوي صيام القضاء في الظهر؟
أ . د. يوسف القرضاوي
جواب فضيلة الشيخ:
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ، ومن اتبعه إلى يوم الدين، وبعد :
جمهور الفقهاء على أن الواجب هو تبييت النية من الليل، أي إيقاعها في جزء من الليل قبل طلوع الفجر. واستدلوا بحديث ابن عمر عن حفصة مرفوعًا: “من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له” رواه أحمد وأصحاب السنن. ومعنى يجمع: أي يعزم.
يقال: (أجمعت) الأمر، إذا عزمت عليه. والحديث مختلف في رفعه ووقفه وحسبنا أن البخاري وأبا داود والنسائي والترمذي وابن أبي حاتم صححوا وقفه (ذكر ذلك الحافظ في “التلخيص” المطبوع مع المجموع -304/6).، فلا يصلح إذن للاستدلال على ما اختلفوا فيه. ولهذا كان هناك مجال للاختلاف في وقت النية متى هو؟
فمن أخذ بالحديث المذكور جعل وقتها قبل الفجر. ومن لم يأخذ به أجازها قبله وبعده كما هو مذهب أبي حنيفة الذي يجيز صوم رمضان بنية من الليل، وإلى نصف النهار. ومنهم من قصر تبييت النية على الفرض، وأما النفل فأجازوه في النهار إلى ما قبل الزوال.
وحجتهم ما رواه مسلم عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخل على بعض أزواجه، فيقول: “هل من غداء؟” فإن قالوا: لا، قال: “فإني صائم” (رواه مسلم -باب جواز صوم النافلة بنية من النهار قبل الزوال). وكذلك ما جاء في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم حين فرض صوم عاشوراء أمر رجلاً من أسلم يؤذن في الناس في النهار: “ألا كل من أكل فليمسك، ومن لم يأكل فليصم” (رواه البخاري -باب صيام يوم عاشوراء، ومسلم -باب من أكل في عاشوراء فليكف بقية يومه). بل ذهب بعضهم إلى جواز النية بعد الزوال.
ومن الفقهاء – مثل الزهري وعطاء وزفر – من لم يوجبوا النية في صوم رمضان وكأنهم – والله أعلم – يرون أن صوم رمضان لا يحتاج إلى نية من المسلم، فهو بمجرد إمساكه صائم، وذهب الإمام مالك إلى أن نية الصيام في أول ليلة من رمضان كافية للشهر كله، ومغنية عن تجديد نية لكل ليلة، باعتبار صوم رمضان عملاً واحدًا، وعبادة واحدة، وإن كانت موزعة على الأيام، كالحج تكفيه نية في أوله، وإن كانت أفعاله موزعة على عدد من الأيام، وهو مذهب إسحاق ورواية عن أحمد.
والظاهر: أن صوم كل يوم عبادة مستقلة، مسقطة لفرض وقتها، بخلاف الحج فإنه كله عمل واحد، ولا يتم إلا بفعل ما اعتبره الشرع من المناسك، والإخلال بواحد من أركانه يستلزم عدم إجزائه. ومهما يكن من الاختلاف في أمر النية، فالمؤكد أنها في صيام رمضان مركوزة في ضمير كل مسلم حريص على صيام شهره، وأداء فرض ربه، ولا مشكلة في ذلك على الإطلاق.
وأما في صوم التطوع، فالأحاديث قاطعة بأن إنشاءها بالنهار جائز، كما عليه عمل الرسول الكريم وصحابته، ولكن يبدو أن الذي يثاب عليه هو الوقت الذي ابتدأ فيه النية، بكّر أو تأخر، إذ لا ثواب إلا بنية.
هذا والله سبحانه أعلى وأعلم

(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى