أخبار ومتابعات

علماء ودعاة يستنفرون الأمة لإغاثة منكوبي زلزال تركيا وسورية

علماء ودعاة يستنفرون الأمة لإغاثة منكوبي زلزال تركيا وسورية

دعا علماء ودعاة الأمة، الإنسانيةَ جمعاء، إلى النفير العام لإغاثة المنكوبين من الزلزال الذي ضرب تركيا وسورية، فجر الإثنين 6 فبراير الجاري، وخلف عشرات آلاف القتلى والجرحى، وألحق دماراً هائلاً بعدة مناطق في البلدين.

وقد شكل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لجنة طوارئ، داعياً الأمة الإسلامية الى النفير العام للقيام بواجب تقديم يد العون ونصرة المتضررين من الزلزال.

تعجيل الزكاة

وطالب الاتحاد الدول الإسلامية والمؤسسات الخيرية والإنسانية وأهل الخير بالقيام بواجب الإغاثة العاجلة من الزكوات والصدقات العامة وغيرهما، قائلاً: هذا واجبنا الشرعي نحو إخواننا بالبذل والعطاء مصداقاً لقوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات: 10)، ولقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».

وقد أجاز عميد كلية الشريعة سابقاً بجامعة الكويت د. عجيل النشمي تقديم إخراج الزكاة عن وقتها لمنكوبي الزلازل في تركيا وسورية لفقدانهم أموالهم ومساكنهم.

وقال النشمي، في فتوى حول حكم استعجال الزكاة: «تجوز الزكاة ويجوز تقديمها عن وقتها -ولو لسنة أو سنتين- لمنكوبي الزلازل في تركيا وسورية، وتكون لهم أولوية البذل على غيرهم؛ لعظم الفاجعة وكثرة منكوبيها، فهم قد فقدوا أموالهم ومساكنهم، بل فقد الكثير منهم أهليهم وذراريهم، وتشردوا عن قراهم، فيستحقون الزكاة بوصف الفقر، وبوصف كونهم من أهل السبيل (المشردين)».

وذكر الأمين العام للهيئة العالمية لنصرة نبي لنصرة نبي الإسلام د. محمد الصغير أنه «من لم يجد ما يغيث به في زلزال سورية وتركيا؛ فليعجل زكاة ماله قبل موعدها، ويجمع بذلك بين الأجرين، أداء الفرض وتفريج الكرب، وقد طلب النبي من عمه العباس رضي الله عنه أن يعجل دفع زكاة العام القادم لحاجة المسلمين إليها، فأغيثوا إخوانكم لا سيما في شمال سورية حيث تتعاظم الكارثة».

حِكَم بالغة

من جانبه، قال رئيس مركز تكوين العلماء الشيخ محمد الحسن الددو: إن الزلزال ابتلاء وامتحان للأغنياء والأقوياء على هذه الأرض بما يتاح لهم من الفرصة ليقدموا لأنفسهم خيراً وينظروا لإخوانهم الذي ابتلوا بهذه الحوادث بعين الرحمة ويشاركوهم ويخففوا عنهم أعباء ما تحملوا.

وأوضح أن الله تعالى يقول: (وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً) (الإسراء: 59)، داعياً إلى أخذ العبر والدروس من هذه الآيات، وأن تزيدنا إيماناً ومعرفة بالله.

وأشار إلى أن الزلزال الذي ضرب تركيا وسورية لا يبلغ 8 درجات وفي منطقة محصورة، فكيف بالزلزال الأكبر الذي يزلزل الله به الأرض كلها، فإنه سيزلزلها زلزالها، كما قال تعالى: (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا {1} وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا) (الزلزلة).

وذكر الددو أن هذه الزلازل المدمرة فيها لله حكم بالغة، ومنها أن الله تعالى يختار شهداء من عباده من المؤمنين الذين يعفيهم مما كان كلفهم به من التكاليف ومن أكدار هذه الحياة، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عدّ صاحب الهدم من الشهداء في سبيل الله.

ويضيف الددو أن من حكم الله في الزلازل أنها تكون تكفيراً لسيئات كثير من عباده، وفيها توسعة لأرزاق أقوام وتضييق على آخرين، وفيها مصائب من جراحات وكسور تصيب قوماً فتمنعهم مما كانوا يمارسون من المعاصي، وما كانوا مقدمين عليه من مشاريع مضرة بهم وبالها عليهم عظيم، ومنها أن فيها إدراكاً لأخوة الإسلام وعلاقة المسلمين ببعضهم بعضاً؛ فيحس المسلمون بإخوتهم وتراحمهم ومودتهم، كما في الحديث النبوي: «مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمِهِمْ وتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى له سَائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى».

وبيَّن أن الله يبلو بعض الناس وقد أغناهم وقواهم وآتاهم بأنواع المال ما آتاهم؛ يبلوهم بمثل هذه المصائب، فإذا تحركت بهم الرحمة وبذلوا بسخاوة أنفس وطيبتها لله، فإنما يقرضهم الله قرضاً حسناً يعوضهم عنه في الدنيا بخير منه، ويعوضهم عنه في الآخرة أضعافاً مضاعفة.

وأطلقت هيئة علماء فلسطين، بالتعاون مع بعض الجمعيات الإغاثية على مستوى الأمة الإسلامية، حملة «إغاثة عاجلة» لأجل المنكوبين في مختلف مناطق الزلزال المدمر شمال سورية وجنوب تركيا.

ووجه رئيس هيئة علماء فلسطين د. نواف تكروري نداء إلى الدول والشعوب وأصحاب رؤوس الأموال وأصحاب اختصاص في وسائل الإنقاذ والإعانة في الكوارث، بوجود التحرك والتفاعل؛ لأن الأمر جلل، والحاجة في تركيا وسورية أكبر من الإمكانات المتاحة بالرغم من الجهود المبذولة في مساعدة الناس.

وقال عضو المكتب التنفيذي لهيئة علماء فلسـطين د. إبراهيم مهنا: تظهر معادن الناس عند المحن والابتلاءات، فمنهم من يجزع ويختل إيمانه ومنهم من يثبت ويزداد إيمانه، ومنهم من يبخل ومنهم من يجود.

ودعا مهنا إلى الامتثال لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نفَّسَ عن مسلِمٍ كُربةً من كُرَبِ الدُّنيا نفَّسَ اللَّهُ عنهُ كُربةً من كُرَبِ الآخرةِ، ومن سترَ علَى مسلمٍ سترَهُ اللَّهُ في الدُّنيا والآخرةِ واللَّهُ في عونِ العبدِ ما كانَ العبدُ في عونِ أخيهِ».

وقال الداعية د. محمد راتب النابلسي: إن عبادة الوقت في هذه الظروف تتمثل في مد يد العون للمحتاجين كل بما يستطيعه.

وأضاف أن المسلم لا سيما في الأزمات يتكافل مع إخوانه، «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد».

ودعا النابلسي الناس الذين أكرمهم الله بالمال إلى المبادرة لعون إخوانهم، وأن يروا الله من أنفسهم خيراً، مشيراً إلى أن أقل واجب على من لا يقدر على معونة غيره أن يظهر تعاطفه مع إخوانه وكثرة الدعاء لهم.

وقال مؤسس المشروع الحضاري المعرفي العالمي لبيت المقدس البروفيسور عبدالفتاح العويسي: كل دقيقة تمر تكشف للأمة المسلمة والعالم عن الآثار المأساوية، بل الكارثية للزلزال المدمر الذي ضرب بقوة شديدة جنوب تركيا وشمال سورية في أجواء جوية قاسية، مما يتطلب استنفار وحشد جميع الجهود الخيرة في هذه الأمة المسلمة؛ للتعامل مع هذه الكارثة.

وأشار العويسي إلى أنه بالإضافة لعمل الجمعيات والمؤسسات الخيرية هنالك مسؤولية فردية لكل واحد من أبناء وبنات أمتنا المسلمة، فهذه فرصة أن نفر إلى الله ونتوب إليه، وأن نتحرك ونهب ضمن إمكانيات وقدرات كل واحد فينا وبما يستطيع؛ لمساعدة المتضررين والمنكوبين، ولا سيما في الشمال السوري الذي يفتقر إلى أبسط الإمكانات؛ لنعينهم على تجاوز هذه المحنة الجديدة التي حلت بهم.

المصدر: مجلة المجتمع

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى