كتب وبحوث

القرآن والنساء في موسوعة القرآن (ليدن): قراءة تقويمية مع التطبيق على رؤية الموسوعة لآل بيت النبي وزوجاته

القرآن والنساء في موسوعة القرآن (ليدن): قراءة تقويمية

مع التطبيق على رؤية الموسوعة لآل بيت النبي وزوجاته

 

إعداد أ. عماد الدين عشماوي (خاص بالمنتدى)

 

لتحميل كامل البحث يرجى الضغط على الرابط: بحث سيدات بيت النبوة في موسوعة ليدن

لعب الاستشراق دوراً رئيسياً في حياة أمتنا المسلمة في العصر الحديث، حيث قام المستشرقون بجهود كبيرة للاطلاع على التراث الإسلامي وتفسيره ونشره لأغراض متعددة سياسية ودينية وعلمية، وقد أسهمت دراساتهم في تشكيل العقل الغربي ونسبة لا يستهان بها من العقل المسلم تجاه الإسلام. وكانت الموسوعات جزءاً من تراث الاستشراق الطويل حول الإسلام في شتى جوانبه؛ ولا سيما القرآن المجيد ومباحثه المختلفة ورؤيته للحياة والإنسان: الرجل والمرأة والعلاقات بينهما، وقد أنتج المستشرقون العديد من الموسوعات المتخصصة في شؤون الإسلام المختلفة. والمَوْسُوعَةُ في اللغة: كتابٌ يجمع معلوماتٍ في كل ميادين المعرفة، أَو في ميدانٍ منها، مرتبةً ترتيباً هجائيّاً[1]، والموسوعة في الاصطلاح هي معْجَمٌ ضَخْمٌ يَضُمُّ مَعْلُومَاتٍ وَافِيَةً ومُرَكَّزَةً عَنِ الْمَعَارِفِ الإِنْسَانِيَّةِ مُرَتَّبَةً تَرْتِيباً أَبَجَدِيّاً أَوْ حَسَبَ الْمَوَاضِيعِ، وكُلُّ مَوْسُوعَةٍ تَخْتَلِفُ حَسَبَ خُطَّتِهَا ومَنْهَجِهَا وأَهْدَافِهَا، وتُسَمَّى أَيْضاً مَعْلَمَةٌ[2].

وتعد الموسوعة القرآنية التي أنتجتها جامعة ليدن الهولندية هي أحدث أثر علمي جماعي للمستشرقين يشمل مجموعة من البحوث تحاول تقديم وتطوير الفهم حول القرآن وتقريبه للإنسان الغربي.

وقد اهتمت الموسوعة بالنساء في القرآن؛ وخصوصاً سيدات بيت النبوة المطهرات فأفردت لهن الكثير من موادها تناولت من خلالها تاريخهن وأعمالهن وتأثيرهن في المجتمع والتاريخ الإسلامي، وهذه المحاولة العلمية كسابقاتها من جهود الغربيين تحتاج إلى التعريف بها والتعرف على إيجابياتها للاستفادة منها والوقوف على سلبياتها لتلافيها وتقديم صورة صحيحة عن رؤية القرآن والإسلام لسيدات بيت النبوة الأطهار وكيف يمكن أن نستفيد منها في بناء رؤية قرآنية معاصرة للمرأة المسلمة في زماننا، لذلك يحاول هذا البحث التعريف بالمقالات التي تناولت شخصيات سيدات بيت النبوة الأطهار ممثلات في أمهات المؤمنين خديجة وعائشة رضي الله عنهما والزهراء فاطمة عليها السلام.

إشكالية البحث وأسئلته

السؤال الرئيسي للبحث هو: ما مدى التزام مقالات موسوعة ليدن الخاصة بترجمات سيدات بيت النبوة الطاهرات (خديجة وعائشة وفاطمة ) بالمنهج العلمي والمحتوى التقريري والحياد في عرض المعلومات والآراء والأدلة وتجنب الخوض في إصدار الأحكام المسبقة وفرض الرأي على القارئ؟ وهل يتجاوب المنهج الذي أتبعته تلك المقالات مع رؤية القرآن للنساء ولسيدات بيت النبوة من آله الكرام وزوجاته؟ وما هي إيجابياته وسلبياته؟ وهل يمكن استخلاص رؤية معاصرة للمرأة في القرآن تناسب زماننا من خلال سيدات بيت النبوة الثلاث؟

 

منهجية البحث

يحاول البحث من خلال منهج وصفي تحليلي نقدي، وصف وتحليل أهم معالم رؤية موسوعة ليدن لنساء آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته في القرآن، وأهم مزاياها وعيوبها، ومحاولة استخلاص معالم جديدة لتقديم صورة النساء في القرآن بشكل عصري يلتزم بالرؤية القرآنية للمرأة.

مفاهيم البحث

النساء- آل البيت- أمهات المؤمنين.

تقسيم البحث

يشمل البحث هذه المقدمة، وتمهيد يبين مفاهيمه ونبذة عن النساء في الإسلام من خلال شخصيات سيدات بين النبوة: خديجة وفاطمة وعائشة، وثلاثة مباحث: يتناول المبحث الأول رؤية موسوعة ليدن لعلاقة القرآن بالنساء من خلال تلك الشخصيات الثلاث رضي الله عنهن، ويتناول المبحث الثاني نقد وتقييم لرؤية موسوعة ليدن للشخصيات الثلاث، ويحاول المبحث الثالث اقتراح عرض معاصر للمرأة بشكل عصري من خال تلك الشخصيات يلتزم بالرؤية القرآنية للمرأة، بالإضافة إلى خاتمة تبين أهم نتائج البحث وتوصياته.

 

تمهيد

أولاً: مفاهيم البحث

1-النساء: في اللغة، جمع امَرْأَةُ، وهن الإناث من البشر خلاف الرِجال، ونسَاءُ النَّبِيِّ: زَوْجَاتُهُ، وقد جاء مفهوم (نساء) أو (النساء) في القرآن الكريم ليشمل كل النساء المتزوجات وغير المتزوجات، والصغيرات منهن والكبيرات، ويتبين المقصود منه بحسب السياق الذي تجيء فيه الآيات ودلالته، ومن هذا الحديث عن نساء النبي باعتبارهن لسن كأحد من النساء في معرض تفضيلهن على سائر نساء المؤمنين، يقول تعالى” مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ رِجَالٞ صَدَقُواْ مَا عَٰهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيۡهِۖ فَمِنۡهُم مَّن قَضَىٰ نَحۡبَهُۥ وَمِنۡهُم مَّن يَنتَظِرُۖ وَمَا بَدَّلُواْ تَبۡدِيلٗا[3]، الأحزاب آية 32، مع استثناء أم المؤمنين السيدة خديجة وابنتها الزهراء فاطمة عليهما السلام فهما أفضل نساء العالمين مع مريم البتول وآسية زوجة فرعون[4].

2-آل البيت: أهل البيت في اللغة سكانه، وآل الرجل أهله، ولا يستعمل لفظ “آل” إلا في أهل رجل له مكانة[5]، وقد جاء ذكر أهل البيت في آيتين من القرآن، الأولى الآية 73 من سورة هود “قَالُوٓاْ أَتَعۡجَبِينَ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِۖ رَحۡمَتُ ٱللَّهِ وَبَرَكَٰتُهُۥ عَلَيۡكُمۡ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِۚ إِنَّهُۥ حَمِيدٞ مَّجِيدٞ“، والثانية الآية 33 من سورة الأحزاب” وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ وَأَقِمۡنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِينَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا واتفق المفسرون أن المراد بالآية الأولى أهل بيت نبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام، وأن المراد بالآية الثانية أهل بيت رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وتبعاً للقرآن استعمل المسلمون لفظ أهل البيت وآل البيت في أهل بيت محمد رسول الله خاصة، واشتهر هذا الاستعمال حتى صار اللفظ علماً لهم بحيث لا يفهم منه غيرهم إلا بالقرينة[6].

وقد اتفقت كلمة المسلمين على أن علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين هم آل البيت في الصميم، وحديث الكساء مشهور في هذا الصدد وفيهم نزل قوله تعالى: ” فَمَنۡ حَآجَّكَ فِيهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ فَقُلۡ تَعَالَوۡاْ نَدۡعُ أَبۡنَآءَنَا وَأَبۡنَآءَكُمۡ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمۡ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمۡ ثُمَّ نَبۡتَهِلۡ فَنَجۡعَل لَّعۡنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَٰذِبِينَ[7]، وروى مسلم في صحيحه من حديث سعد بن أبي وقاص قال: “لما نزلت هذه الآية “فَقُلۡ تَعَالَوۡاْ نَدۡعُ أَبۡنَآءَنَا وَأَبۡنَآءَكُمۡ”، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: اللهم هؤلاء أهلي[8].

3-أمهات المؤمنين: اُمّ لغـةً: بمعنى الأصل وجمعها اُمّهات، واُمّ الكتاب: أصل الكتاب، والاُمّ: الوالدة[9]، والمؤمنون جمع مؤمن: من كان يؤمن باللّه‏ ورسوله واليوم الآخر ويصدّقه، ويُطلق مفهوم أمهات المؤمنين على زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمهات المؤمنين تكريمًا لشأنهنَّ وإعلاءً لقدرهنَّ، فقد شرفهنَّ الله تعالى بذلك فقال: ” ٱلنَّبِيُّ أَوۡلَىٰ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ مِنۡ أَنفُسِهِمۡۖ وَأَزۡوَٰجُهُۥٓ أُمَّهَٰتُهُمۡۗ وَأُوْلُواْ ٱلۡأَرۡحَامِ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلَىٰ بِبَعۡضٖ فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُهَٰجِرِينَ إِلَّآ أَن تَفۡعَلُوٓاْ إِلَىٰٓ أَوۡلِيَآئِكُم مَّعۡرُوفٗاۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي ٱلۡكِتَٰبِ مَسۡطُورٗا[10].

وقد بلغ عدد زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم اللاتي دخل بهنَّ إحدى عشرة؛ وهنَّ: السيدة خديجة بنت خويلد، والسيدة سودة بنت زمعة، والسيدة عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنه، والسيدة حفصة بنت عمر رضي الله عنه، والسيدة زينب بنت خزيمة، والسيدة أم سلمة، والسيدة زينب بنت جحش، والسيدة جويرية بنت الحارث، والسيدة رملة بنت أبي سفيان، والسيدة صفية بنت حيي بن أخطب، والسيدة ميمونة بنت الحارث رضي الله عنهنَّ جميعًا[11]. ونساء النبي صلى الله عليه وسلم داخلات في قوله تعالى: “وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ وَأَقِمۡنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِينَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا[12]، فالآية الكريمة بلحاظ ما قبلها وما بعدها من آيات حسب أهل السنة شاملة لجميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وتضعهن في عداد أهل البيت[13].

ثانياً: النساء في الإسلام، من خلال شخصية آل بيت النبي وزوجاته

كانت المرأة في الغالب الأعم أول المؤمنين منذ بداية التاريخ من عهد أمنا حواء مروراً بأمهات وزوجات النبيين والمرسلين وصولاً إلى آل بيت النبي المكرمين من ذريته وزوجاته ومن تبعهم بإحسان من المؤمنات وحتى يومنا هذا. فالمرأة في القرآن هي التي ربت الأنبياء والصالحين والشهداء، وكانت نواة وسند وقلب الأسرة المؤمنة المجاهدة وهي التي عبرت البلدان داعية إلى الله مع أنبيائه ورسله، وهي الأم والأخت والزوجة الكاملة الفاهمة الواعية لمعنى الأمومة ومعنى التربية ومعنى الأمة ومعنى الدين ومعنى استمراره والجهاد في سبيله، والمسؤولة عن تجسيد قيم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقيم الشرف والمسؤولية الفردية والاجتماعية ومقاومة الشر وغير ذلك من قيم الإيمان في كل مجتمعات الإيمان والمؤمنين على مر التاريخ.

ولقد جاء القرآن بثورة شاملة في عالم النساء، ثورة ما زالت أصداها تتردد وستظل حتى تأخذ المرأة مكانتها المنشودة في الأسرة والمجتمع، فقد كشف القرآن عن جوانب كانت مجهولة أو مخفية من تاريخ النساء وآثارهن في تاريخ النبوات السابقة من لدن أبينا آدم مروراً بأبنائه نوح وإبراهيم وإسماعيل وموسى وعيسى وآل عمران المكرمين، وليس هذا وحسب بل إن القرآن قد وضع نموذج المرأة الكاملة ممثلاً في البتول مريم وآسية زوجة فرعون، وزوجات النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين وابنته فاطمة الزهراء اللاتي أذهب الله عنهم الرجس وطهرهن تطهيراً، وسرد لنا عبر آياته أدوارهن الحاسمة في تاريخ الدعوة، وجعلهن المثل الأعلى لكل النساء على مر العصور.

إن سيدات أهل بيت النبوة الكرام يمثلن المثل الأعلى للبشرية عامة وللمسلمين خاصة لجهادهن وأخلاقهن العالية التي جعلتهن في الذروة من المثل الأعلى واللحظة النموذجية للمرأة المؤمنة على مر الزمان، فهن يمثلن المسئولية عن الأمة فيما جسدن من نموذج المرأة الإنسانة التي تصلح بها الحياة من خلال قنوتهن لله ورسوله وتطبيق منهج القرآن المجيد المحقق للعبودية والتوحيد الخالص المؤدي إلى عمران الأرض وإصلاحها واجتناب عبادة الشيطان وإتباع الهوى.

وقد بينت آيات القرآن المجيد التي تناولت سيرة نساء آل البيت النبي طبيعة الأدوار والوظائف التي وكلت إليهن وبينت أدوارهن التعليمية والإرشادية في: تعليم نساء المؤمنين، وحفظ العلم النبوي ونقله إلى أجيال الأمة في فترة النبوة وما بعدها، وإعادة بناء وإنتاج معرفة صحيحة في مقاصد الدين، وفي مجال علاقات النوع، تطبق مبادئ العدل والقسط القرآنية والهدي النبوي، وكانت كل واحدة منهن مشروعٌا معرفيّا إصلاحيّا بدأت ثورة الإسلام النسوية-إن جاز التعبير- وفتحه في إعادة بناء المفاهيم التي سادت قروناً عن المرأة[14].

وتعد أمنا خديجة عليها السلام أول هذه النماذج العالية والنموذج الكامل للمرأة المسلمة إيماناً وفهماً وتطبيقاً، فقد كان بيتها هو النموذج للبيت المسلم الذي تخرجت من مدرسته سلالة آل اليت الطاهرة من نسل فاطمة الزهراء وزوجها ولي المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب، وقد ارتبطت بها حياة الدعوة ونجاحها في المرحلة المكية وقدرتها على تخطي العقبات الكبيرة التي واجهتها من خلال جهادها المادي والمعنوي وتوفيرها كل أسباب النجاح لزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فأمنا خديجة عليها السلام هي نموذج المرأة المؤمنة الكاملة التي كانت أول من آمن برسالة الإسلام ونصرته، وكانت أول من صلى مع رسوله[15]، وكانت له وزير صدق في تلك المرحلة العصيبة من حياة الدعوة، وكان بيتها ملجأ لضعاف المسلمين، وكانت كما وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم جهادها، قائلاً: ” آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء[16]“، ولذلك بشرها سيدنا جبريل ببيت في الجنة من قصب، لا نصب فيه ولا صخب[17]، وقرنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعذراء مريم وفاطمة الزهراء وآسية بنت مزاحم زوجة فرعون المؤمنة: روى البخاري بإسناده إلى علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عن الجنة: “خير نسائها مريم وخير نسائها خديجة”، وقال صلى الله عليه وسلم: “حسبك من نساء العالمين: مريم ابنة عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية امرأة فرعون[18]“.

وأما فاطمة الزهراء عليها السلام، فهي البتول بنت خديجة المجاهدة مذ كانت طفلة صغيرة تمسح عن وجه أبيها التراب عندما وضع الكفار الأوساخ على ظهره[19]، وكانت نعم السند والعون له في جهاده في مكة والمدينة، وكانت في مقدمة النساء تضمد الجرحى في أحد[20]، وكانت تعلم النساء في المدينة أمور الدين[21]، وكانت خير زوجة لسيدنا علي رضي الله عنه: نقلت الماء في القربة حتى أثرت في صدرها وطحنت الرحى، وأوقدت النار تحت القدر حتى اسودت ملابسها، وكنست البيت حتى أغبرت ثيابها[22].

وكانت فاطمة أشبه الناس بأبيها كرم خلق وملاحة وجه وفصاحة لسان، تحاكيه في حديثه ومشيته، وكانت أكرم أهله عليه، عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “ما رأيت أحداً كان أشبه سمتاً وهدياً ودلاً، برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة: كانت إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها وقبلها وأجلسها في مجلسه، وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبلته وأجلسته في مجلسها[23]“، وكان صلى الله عليه وسلم يقول عنها: ” إنما فاطمة بضعة مني، يؤذيني ما آذاها، وينصبني ما أنصبها”[24]، وبشرها بأن الله سبحانه وتعالى قد جعلها سيدة نساء أهل الجنة، وقال لها صلى الله عليه وسلم: “يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمة[25]“، وقد شاركت أمها في هذا التفضيل فهي وأمها أفضل نساء العالمين وأفضل نساء أهل الجنة، وكانت فاطمة في حياتها القصيرة مضرب المثل في: البر بأبيها، والزوجة المطيعة لزوجها، والأم التي أحسنت تربية أبنائها، والمؤمنة المجاهدة في سبيل دينها، والمشاركة في هموم مجتمعها المسلم تعليماً ونصحاً وأمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر والمشاركة برأيها في قضايا مجتمعها حتى لاقت ربها راضية مرضية[26].

أما أمنا عائشة رضي الله عنها فهي الصديقة بنت الصديق، وهي المبرأة من فوق سبع سموات، وأحب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إليه بعد أم المؤمنين السيدة خديجة، وأفقه نساء الأمة على الإطلاق، فكان الأكابر من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين إذا أُشكل عليهم الأمر في الدين استفتوها، وقد ذكرها الله تعالى بلفظ الزوجية لما له من دلالة على الفضل، وهي أول وأسرع زوجات النبي التي اختارت الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والدار الآخرة على الحياة الدنيا عندما نزلت آيات تخييرهن، يقول تعالى ” يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيۡنَ أُمَتِّعۡكُنَّ وَأُسَرِّحۡكُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا[27]، وهي التي اتصلت بالنبي صلى الله عليه وسلم اتصالاً أقرب من كل اتصال، وكانت أنيسته التي نقلت لنا أخص أموره، وهي التي فتحت للنساء المسلمات النموذج القدوة في: طلب العلم وحفظه، والثقة بالله، والاهتمام بأمور المسلمين، وحق النساء في فهم كتاب الله وسنة رسوله، وتوجيه المسلمين والمشاركة في أمورهم[28].

وبالجملة فإن سيدات بيت النبوة الثلاث هن النموذج الكامل الذي تتطلع إليه أفئدة وعقول النساء المؤمنات والرجال المؤمنين في الاقتداء والتأسي في تربية بناتهن على سيرتهن العطرة وتاريخهن العاطر الذكر وترجمته من خلالهن واقعاً في حياة الأجيال المتتالية حتى يوم الدين يحقق الأمة المؤمنة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الأول

رؤية موسوعة ليدن لعلاقة القرآن بالنساء من خلال شخصيات السيدة فاطمة والسيدة خديجة وأم المؤمنين عائشة

أخذ القائمون على موسوعة ليدن القرآنية وهم يخططون لكتابتها منذ البداية أن ينظروا إلى الماضي والمستقبل معاً في تعاملهم مع القرآن من أجل إبداع موسوعة تحقق أكبر نجاح يمكن للعلماء والعامة أن يتوصلوا لفهم أفضل للقرآن، وأن تخلق حافزاً إلى تحقيق أوسع في حقل القرآن في المستقبل؛ خاصة في ظل معاناة أكثر المعلومات المتوفرة عن القرآن من النقص من ناحية أو أنها بقيت حبيسة المصادر المعقّدة التي يصعب فهمها من ناحية ثانية[29]، وفي ضوء هذه الأهداف التي حددها القائمين على الموسوعة نتناول المقالات المتعلقة بشخصيات سيدات بيت النبوة الثلاث (خديجة-عائشة-فاطمة) ومدى تحقق ما أملوه وألزموا أنفسهم به.

تناولت المقالات المتعلقة بشخصيات أهل بيت النبوة وزوجاته الكرام (خديجة-فاطمة-عائشة) محل الدراسة ما تعلق بذكرهن في القرآن والسياق الذي بسببه تم ذكرهن، وكيف رأت التفسيرات القرآنية لدى السنة والشيعة تلك الشخصيات، وكيف تناولت تفسير الآيات المتعلقة بهن والخلافات التي دارت بينهم بسببها.

ففي المقال المخصص عن أمنا خديجة[30] عليها السلام تسرد الموسوعة باختصار شديد حياتها المستقاة من كتب السيرة، حيث تقول: كانت خديجة بنت خويلد الأسدية القرشية أول زوجات الرسول وأم جميع أبنائه ما عدا واحد فقط (إبراهيم بن مارية القبطية)، وكانت خديجة أول من آمن بمحمد ورسالته، وقد توفيت خديجة قبل هجرته إلى المدينة بثلاث سنوات. وتضع المدونة الحديثية والتفسيرية خديجة ضمن أمهات المؤمنين وأهل بيت الرسول التي بينتها آيات القرآن المدنية. ويظهر اسم خديجة نادراً في التراث التفسيري للقرآن، وإن كانت تحوز حضوراً فاعلاً وهائلاً في أدبيات التقوى الشعبية عند المسلمين.

كانت خديجة سيدة أرستقراطية غنية وامرأة تاجرة مشهورة في مكة، تزوجت مرتين وأنجبت ولدين وبنت قبل زواجها بالرسول الذي استأجرته بعدما سمعت بحسن خلقه وأمانته ليتجر لها في مالها في القوافل الذاهبة إلى سوريا، وقد أخبرها غلامها ميسرة الذي كان يرافق محمداً في تلك الرحلة بما ظهر له من كرامات طوال الرحلة، ومع نجاح محمد في تحقيق أرباح وفيرة لخديجة تكشف عن أمانته وشخصيته المميزة عرضت خديجة عليه الزواج. وتبين المصادر التاريخية التراثية أن محمداً وعمه حمزة بن عبد المطلب هما الذين قاما بعمل ترتيبات الزواج من خديجة مع والدها خويلد وربما عمها عمرو بن أسد، وترى تلك المصادر أن محمداً كان في الخامسة والعشرين من عمره بينما بلغت خديجة سن الأربعين.

وقد أنجبت خديجة لزوجها خمسة أبناء على الأقل: أربعة بنات (زينب، وأم كلثوم، وفاطمة، ورقية) وولداً أو ربما ولدين (القسم، وعبدالله وبما يكونا ولداً واحداً له عدة كُنى مثل الطاهر والطيب).

كانت ثروة خديجة ومشاعرها الصادقة ودعمها الروح  والنفسي ركناً أساسياً في نجاح دعوة الرسول. ويربط التراث التفسيري للقرآن الآية (8) من سورة الضحى بين دعم خديجة للرسول وأهميته في نجاح دعوته “وَوَجَدَكَ عَآئِلٗا فَأَغۡنَىٰ”، وتبدل حاله للأفضل، كما يبين هذا التراث التفسيري كيف استقبلت خديجة ما حكاه لها محمد عن لحظة الوحي الأولى وإعلامه بنبوته، وكيف طمأنته وأخذته إلى ابن عمها ورقة بن نوفل النصراني الذي ربط ما حدث لمحمد بما حدث لموسى بن عمران عندما اختاره الله للنبوة، وأشارت المقالة إلى أن محمداً رسول الله ربما أطلع على تفاصيل الايمان المسيحي منه.

كما تشير المقالة إلى أنه تبعاً للعديد من المصادر التراثية تعد خديجة أول من آمن بالله ووحدانيته وصدقت الرسول، فكانت أول مؤمن به وثاني المسلمين من بعده، لكن مصادر أخرى تذهب إلى أن ابن عمه علي بن أبي طالب كان هو ثاني من أسلم بعد محمد وتأتي خديجة ثالث المؤمنين بالإسلام.

ظلت خديجة الزوجة الوحيدة للرسول طيلة حياتها، وكانت خلالها سنده القوي في معاركه التي خاضها ضد مشركي مكة، وتبوأت خديجة مكانها ومكانتها بين أفضل نساء العالمين اللاتي اختارهن الله كأمثلة للمؤمنين والمؤمنات على مدى الدهر. وقد تأسست مكانة خديجة الكونية في التراث التفسيري عبر الآيات 2-11 من سورة التحريم والآية 42 من سورة آل عمران، ففي سياق الآيات 2-11 من سورة التحريم وضع المفسرون خديجة مع آسية زوجة فرعون ومريم ابنة عمران أم المسيح عيسى اللتين ضربهما الله مثلاً للذين آمنوا بسبب جهادها الكبير مع الرسول، بينما تشير الآية 4 من سورة آل عمران إلى بشارة الملائكة لمريم ابنة عمران باصطفائها على نساء العالمين، حيث يؤكد المفسرون على الارتباط الوثيق بين مريم ابنة عمران وسيدات بيت النبوة الثلاث: خديجة وابنتها فاطمة وأم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر، حيث يذهب جمع كبير من هؤلاء المفسرين الإخباريين استناداً إلى أحاديث الرسول عن أفضل نساء العالمين، أن مريم وفاطمة وخديجة وآسية هن أفضل نساء العالمين في الدنيا وسيدات أهل الجنة في الآخرة، في حين يذهب قلة آخرون إلى ضم عائشة إليهن حيث يضعونها مع خديجة ومريم وآسية كزوجة للرسول في الجنة، ويعينون بيت خديجة في الجنة بين مريم وآسية.

وترسم المقالة التي تتناول الزهراء فاطمة[31] عليها السلام نبذة تاريخية مختصرة عنها، فتقول: فاطمة هي ابنة محمد وخديجة الوحيدة التي ظلت على قيد الحياة بعد رحيلهما، وعلى الرغم من أن فاطمة لم تذكر بالاسم صراحة في القرآن لكن التراث التفسيري التقليدي بين أن هناك العديد من الآيات تشير إليها وإلى زوجها علي بن أبي طالب. ويتضح ذلك جلياً في الإسلام الشيعي، حيث أنتج تراث الشيعة أدبيات تقديسية وممارسات تقوية مرتبطة بفاطمة أقرب الناس رحماً بالرسول جعلتها وسيلة للتقرب إلى الله. ففي كثير من آيات القرآن التي يربطها المفسرون بفاطمة، نجد أبرزها تتمثل في الآيتين: 33 من سورة الأحزاب، 61 من سورة آل عمران، فالأولى منهما تشير إلى أهل بيت رسول الله تحديداً وهم: محمد وفاطمة وعلي والحسن والحسين(في حين يرى عكرمة أن الآية تشير أيضاً إلى زوجات النبي أمهات المؤمنين) وإذا أضفنا إلى ذلك التراث التفسيري الذي يبين أن أهل الكساء هم أهل البيت صراحة أو ضمناً نجد دليلاً إضافياً لدلالة هؤلاء الخمسة على إنهم أهل البيت تحديداً. بينما نجد أن الآية 61 في سورة آل عمران التي تسمى آية المباهلة التي تحدى بها الرسول نصارى نجران بأن يأتوا بأنفسهم وأبنائهم وأزواجهم ويبتهلوا لله بالدعاء ليبين من هو على الحق ممن هو على الباطل من أي الفريقين، نجد أن المفسرين بينوا أن هؤلاء الخمسة هم المقصودون بهذه الآية إلا عكرمة الذي يفسر أهل البيت بأنهم أزواج الرسول. وتذهب المقالة إلى أن  أسباب نزول آية المباهلة تفيد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قدم أهل بيته كشهود وضامنين على صدق نبوته وصحة عقيدته.

كما أن التراث التفسيري السني بخصوص الآية 42 من سورة آل عمران التي تتكلم عن اصطفاء الله للسيدة مريم ابنة عمران أم المسيح عيسى يربط بين اصطفاء مريم باصطفاء فاطمة كسيدة نساء العالمين كما أخبر الرسول في أحاديثه التي فصلت قائمة أفضل نساء العالمين المتمثلات في: مريم، آسية (زوجة فرعون)، خديجة، فاطمة)، بينما نجد في التراث الشيعي تظهر فاطمة في مقدمة أفضل نساء العالمين حيث يربط المفسرون الشيعة بين مريم وفاطمة من خلال التشابه الكبير في معانتاهما، فقد عانت فاطمة بعد موت أبيها، وكلتاهما عانت من الألم الشديد بسبب ما وقع من عنف علي أبنائهما، كما ربط هؤلاء المفسرون بينهما من خلال علاقتهما الروحية القوية، وهو ما جعل فاطمة تسمي ابنتها باسم مريم الكبرى، وهذا التواصل بين فاطمة ومريم تم تفسيره أحياناً بشكل روحاني باطني كما فعل المستشرق الفرنسي لويس ماسينون[32] في كتابه عن فاطمة.

ومن الجوانب الأخرى التي يمتلأ بها التفسير الشيعي عن قدسية ومكانة فاطمة كأفضل نساء العالمين يمكن أن نجدها في الكثير من الكتابات التمجيدية عنها في الأدبيات الشيعية، وكذلك في الكتابات الثورية العاصرة التي يمثلها بشكل واضح المفكر الإيراني عي شريعتي. وأن التراث الشيعي يربط بين مريم وفاطمة ويراهما معاً نساء التحمل والصبر من خلال ما قاسته فاطم  وتحملته من لحظة وفاة أمها وبعد وفاة أبيها ومظلوميتها بعده في مقارنة لافتة مع ما لاقته مريم من بهتان بني اسرائيل وما لاقاه ابنها المسيح من عنت ومطاردة ومحاولة للقتل، فكلتاهما قاست العنف الموجه لهما ولأبنائهما، لذلك تتشابه صفاتهما في سيرتهما المقدسة ولذلك يطلقون على فاطمة “مريم الكبرى”.

وفي المقالة المخصصة لأمنا عائشة[33] رضي عنها والتي تتجاوز حجم المقالتين المخصصتين لأمنا خديجة وللبتول فاطمة الزهراء رضي الله عنهما، نجد نفس المنهج في التناول نبذة مختصرة عن تاريخها، تقول المقالة: عائشة بنت أبي بكر هي السيدة التي يعتقد أغلبية المسلمين أنها الزوجة المفضلة والمحببة للرسول. وعلى الرغم من أن عائشة لم تذكر صراحة في آيات القرآن إلا إنها ذكرت ضمنياً فيه كرمز للبراءة والطهر من خلال الآيات المتعلقة بزوجات الرسول أمهات المؤمنين والآيات الخاصة ببراءتها في حادثة الإفك، وتذهب المقالة إلى أن أغلب الفقهاء المسلمين اشتبكوا مع الأسئلة الخاصة بأدوار النوع في الإسلام من خلال شخصية أمنا عائشة التي حددت الاطار الخاص لدور ومكانة النساء في المجتمع المسلم في بداياته.

وترى المقالة أن أحداث حياتها هي التي أتاحت للمفسرين بناء معايير السلوك الاجتماعي للنساء المسلمات ومدى ونوع المشاركة السياسية لهن، والنماذج النسائية اللاتي يتخذوهن قدوات كنماذج للمرأة المسلمة الكاملة، فقد كانت تلك الأحداث؛ والتي كانت أمنا عائشة محور ارتكازها حول دور المرأة السياسي، مجالاً واسعاً للاختلافات الحادة في تفسيرات المسلمين من السنة والشيعة لدور المرأة في المجتمع المسلم.

فقد لعبت عائشة دور العدسة اللامة أو المنشور الذي جمع التفسيرات المتناقضة بخصوص المرأة بناء على الموقف من تصرفاتها سواء بالدفاع عنها أو نقدها، كما تذهب المقالة إلى أن المحطات الكبرى في حياتها متمثلة في: براءتها من الإثم في حادثة الإفك، ومشاركتها في أول حرب أهلية “معركة الجمل”، ومقارنتها بالسيدة مريم من حيث الأفضلية قد حددت الكثير من توجهات فقهاء المسلمين عن طبيعة دور المرأة في المجتمع، فكما تذهب المقالة فإن التراث التفسيري قد استخدم خروج أمنا عائشة في موقعة الجمل ليناقش مسألة حجاب زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ومسألة دعوتهن للقرار في البيوت، وكيف تم تعميم هذين الحكمين على كل النساء المسلمات، كما تذهب إلى أن مشاركة عائشة في موقعة الجمل كان لها أثرها الكبير في مشاركة النساء في السياسة والمجال العام وهو ما أدى في الغالب لاستبعادهن من المجال السياسي وجعله مجالاً خاصاً بالرجال فقط.

كما تعطي المقالة مساحة واسعة لحادثة الإفك في القرآن والتي بينت براءة أمنا عائشة لكنها تشير الي صفوان بن المعطل كشاب عثر عليها دون بيان خلفية وجوده في مؤخرة الجيش، كما تذكر المقالة مقارنة بين تفسير القمي وتفسير الطبري لحادث الإفك كدلالة على الاختلاف التام في نظرة كل الفريقين لأمنا عائشة تعكس الخلفيات السياسية للخلاف بين السنة والشيعة وأثرها في كيفية تفسير التاريخ الاسلامي. وهنا تثير المقالة أن السنة يرون عائشة زوجة الرسول وابنة خليفته الصديق في حين يراها الشيعة عدو للخليفة علي ويرونها قد أتت الفاحشة كما تدعي المقالة على لسان الشيعة وخصوصاً تفسير القمي.

وتؤكد المقالة أن عائشة بحضورها القوي في أول معركة بين المسلمين أسهمت في إيجاد خلاف قوي بين المفكرين السنة والشيعة، حيث تم تحذير كل النساء المسلمات من الخروج من بيوتهن أو إدخال أنفسهن في الشأن السياسي الخاص بالرجال، وظل تصرف عائشة محفوراً في ذاكرة النساء المسلمات على مر العصور ليمنع أي مشاركة لهن في السياسة، ولم يكن يمكن لهؤلاء الفقهاء من تثبيت هذه الرؤية لدى النساء المسلمات دون توافقهم وتشاركهم في رؤية واحدة للنص القرآني الخاص بالقرار في البيوت الذي كان خاصاً بأمهات المؤمنين ثم سحبوه على باقي النساء المسلمات.

ثم تتناول المقالة أخيراً المقارنة بين أمنا عائشة والسيدة مريم ابنة عمران وكيف يراها الشيعة مخالفة لأمر الرسول مثل زوجات أنبياء الله نوح ولوط عليهم السلام، وفي حين تمثل كل من أمنا خديجة والسيدة فاطمة الزهراء عليهما السلام النموذج المثالي للمرأة الكاملة التي يتفق عليها السنة والشيعة، مؤكدة أثر الانشطار بينهما في النظرة إلى فاطمة وعائشة عند الفريقين، وخصوصاً على مكانة عائشة لدى الشيعة.

كما تذهب المقالة إلى أن التفسيرات التي فرضها المفسرون على دور المرأة ومكانتها في المجتمع الناتجة عن تفسير الآيات الخاصة بأمنا عائشة ظلت مسلماً بها حتى العصر الحديث، ولكنها ترى أيضاً أن أمنا عائشة ستظل النموذج المفضل للغالبية السنية خاصة بالنظر لذكائها وذاكرتها المتوقدة في نقل سنة الرسول ولنقاء سيرتها التي خلدها القرآن. كما ترى المقالة أن تفسيرات المفسرين لدور ومكانة المرأة المستمدة من حياة عائشة سوف تستمر لتعطي تحدياً لهؤلاء المسلمين من الرجال والنساء الذين يحاولون تعريف شخصية عائشة كقوة ايجابية في الحاضر، وأن كلا من عائشة وفاطمة ستظلان نموذجاً للاقتداء تسمو إليه نساء المسلمين من السنة والشيعة.

لكن النظرة المقارنة لحياة سيدات بيت النبوة وما عرضته هذه المقالات الثلاث عنهن تبين أنها قد فشلت في تحقيق الهدف الذي وضعته الموسوعة عند التخطيط لها بالشكل المراد، فهي لم تنظر إلى الماضي والمستقبل معاً في تعاملها مع رؤية القرآن الكاملة للمرأة ومقارنتها بحياة شخصيات سيدات بيت النبوة وأدوارهن في المجتمع المسلم، ولكنها للأسف غرقت في الخلاف السني الشيعي بدلاً من بناء صورة متكاملة لكل شخصية، وهي مهمة في متناول من كتبوا عنهن من المصادر الوفيرة لدى المسلمين من السنة والشيعة، ولم تحقق تلك المقالات الهدف المتعلق بإبداع موسوعة تحقق أكبر نجاح يمكن للعلماء والعامة أن يتوصلوا لفهم أفضل للقرآن لأنها غرقت في تفاصيل كتب التفسير والسير واعتمدت في ذلك على مصادر محدودة فخرجت نظرتها لتلك الشخصيات قاصرة عن التناول الحقيقي في ضوء القرآن والسنة المشرفة والمصادر المعتمدة الصحيحة التي أنتجتها العقول المسلمة على مر التاريخ الإسلامي، ولذلك يصعب القول أن تلك المقالات على ما هي عليه يمكن أن  تخلق حافزاً إلى تحقيق أوسع في حقل القرآن في المستقبل؛ خاصة في ظل معاناة أكثر المعلومات المتوفرة عن القرآن من النقص من ناحية أو أنها بقيت حبيسة المصادر المعقّدة التي يصعب فهمها من ناحية ثانية.

وعلى الرغم من ذلك فإن الموسوعة قد تميزت في عرضها لتلك الشخصيات بقدر معقول من الحيادية والأمانة، ويمكن اعتبارها خطوة أولى على طريق موسوعة غربية تتسم بالعدل والإنصاف لرؤية القرآن لشخصيات أهل البيت والتخلي عن أسلوب المستشرقين التقليدي جزئياً كما تبين المقالات، خاصة إذا أضفنا إليها مقالات الموسوعة المتعلقة بالنسوية والقرآن والنوع في القرآن التي تبين أن القرآن يدافع عن حقوق المرأة المهضومة، وأن النظرة القرآنية للمساواة والنوع في القرآن تعتبر مخالفة تماماً للنظرة الذكورية التي تمتلأ بها كتب التفسير التي شجعت النظام الذكوري الذي عكس رؤية الثقافة الأبوية للمسألة وهو ما فتح الباب للنسويات المسلمات لمساءلة تلك الرؤية الذكورية والتفرقة بين المبادئ الكونية القرآنية القائمة على المساواة والرؤية التفسيرية المحلية القائمة على الأعراف والتقاليد السائدة، ومن ثم إعادة قراءة الآيات القرآنية لتصحيح السرديات الخاطئة في المجال العام والشائعة بين عموم المسلمين مثل: قصة الخلق، وأحداث الجنة التي نسبت لآدم لا حواء الخطيئة الاولى، والاستشهاد بالآيات التي لا لبس في تفسيرها على المساواة بين النساء والرجال وتفكيك تفسيرات الآيات التي يظن أنها تميل وتحابي الرجال والنساء الفروق بينهما التي فسرت عموماً بطرق  تؤكد على مركزية الرجال في المجتمع المسلم.

كما تعد هذه المقالات، أيضاً، أفضل بكثير من مقالات الموسوعة الإسلامية الميسرة[34] وليست متحاملة مثلها في آرائها عن التاريخ الإسلامي، لكنها تحتاج الكثير من النقد البناء لتوضيح جوانب النقص فيها لتصبح معبرة بشكل كامل عن رؤية القرآن المعرفية لتلك الشخصيات، وهو ما يحاول المبحث التالي تناوله.

المبحث الثاني

نقد وتقييم لرؤية موسوعة ليدن لعلاقة  القرآن بالنساء من خلال شخصيات السيدة خديجة والسيدة فاطمة وأم المؤمنين عائشة

يحاول هذا المبحث محاكمة المقالات التي تناولت شخصيات سيدات بيت النبوة الثلاث إلى مقدمة الموسوعة وأغراضها المعلنة وبيان جوانبها التي تعطي صورة مختلفة لا تلتزم بتحقيق ما هدفت إليه الموسوعة. لكن بداية نحدد في نبذة مختصرة الأخطاء المنهجية في تعاطي المستشرقين مع القرآن، والتي أثرت على مواقفهم من قضايا التاريخ الإسلامي الأول؛ خصوصاً الخلاف السني الشيعي، وعلى موقفهم من رؤية القرآن للمرأة.

أولاً: الأخطاء المنهجيَّة في تعاطي المستشرقين مع القرآن عموماً

امتلأت مناهج غالب المستشرقين في التعامل مع القرآن المجيد بأخطاء تجافي المنهج العلمي وقواعد البحث والدراسة النزيهة، بداية من الأحكام المسبقة الناتجة عن معتقداتهم الدينية أو قراءاتهم المحرفة عن القرآن سواء من خلال الترجمات المحرفة أو الكتابات المشوهة للقرآن، وأول تلك الأخطاء انطلاقهم من فرضية أن القرآن ليس كتاباً أوحاه الله تعالى إلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هو من أفكار الرسول التي ابتدعها أو نقلها، ثم يثنون ذلك بالبحث عن مصادر هذا الدين الملفق سواء في المسيحية أو اليهودية، ثم يبحثون عن أشخاص وهميين ساعدوا الرسول في اختراع هذا الدين[35]، ومن ذلك أيضاً عدم الأمانة العلمية في النقل عن التفاسير القرآنية المعروفة سواء لجهلهم باللغة العربية أو لغرض تطويع النصوص لميولهم الشخصية غير العلمية فيحرفون النص المنقول ليوافق ما يريدونه من نتائج، فهم يخضعون القرآن-عادة- إلى مناهج وطرائق واستنتاجات قد تكون بعيدة عن الفهم القرآني الأصيل، لا سيما في مجالي التفسير والترجمة”[36]. كما أنهم طعنوا على سلامة القرآن اللغوية والأسلوبية ومصدره نتيجة عدم فهم اللغة العربية والقصور عن إدراك ما في التعبير القرآني من مجازات[37]،  وكل ذلك كان بهدف التشكيك في إلهية القرآن والقدح في صحته وكماله، ورميه بالتناقض والاضطراب والتحريف واعتبار القرآن هو كتاب الرسول وليس كتاب الله وما يترتب على ذلك من نتائج سلبية عن الإسلام لمن يقرأ هذا الكلام من المسلمين أو من غيرهم[38].

ومن أخطر أخطائهم المنهجية التلويح بتحريف القرآن والاستناد في ذلك إلى بعض الآراء التي تعزى إلى الشيعة كما فعل بلاشير وغيره[39]، في حين أن مواقف أئمة علمائنا من الشيعة مناقضة لذلك تماماً[40].

ثانياً: أخطاء المستشرقين في التعاطي مع قضايا التاريخ الإسلاميّ الأوَّل

ونتيجة لهذه الأخطاء الفادحة في التعامل مع القرآن المجيد، امتلأت كتابات المستشرقين بالأخطاء القاتلة في تناولها السيرة النبوية المشرفة[41]، وذلك بمحاولة تشويه صورة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطعن في كفاءته القيادية أو في صحة قواه العقلية أو اتزانه النفسي أو معاملته للنساء، ولم يقف الأمر عند ذلك لكنهم مدوا خط أخطائهم على استقامته فخاضوا في شرف أم المؤمنين عائشة، وحاولوا التقليل من قيمتها وكذلك فعلوا مع سيرة فاطمة الزهراء عليها السلام، وكل ذلك ليشوهوا المرأة المثال لدى نساء وبنات المسلمين.

وكذلك طالت مناهجهم الخاطئة بقية أحداث التاريخ الإسلامي، وفي مقدمتها الخلاف الأول حول من يخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، وقد ترتب على ذلك الكثير من الآراء المتعسفة والخاطئة التي حاولت توسيع الخلاف بين المسلمين السنة والشيعة بالانتصار لأحد الفريقين على الآخر[42].

 

ثالثاً: أخطاء المستشرقين في التعاطي مع الموقف القرآنيّ من المرأة

وقد نتج عن هذه الأخطاء المنهجية في التعامل مع القرآن والرسول والتاريخ الإسلامي أن صارت رؤيتهم للموقف القرآني من المرأة مبتورة مشوهة تحمل ظنونهم وتمنياتهم ورؤيتهم القاصرة في الغالب الأعم وتجافي تماماً رؤية القرآن للمرأة كما تجلت في النص القرآني وتطبيقاته العملية طيلة عصر الرسالة.

ومن هذه الأخطاء المنهجية تعاملهم مع الموقف القرآني من المرأة بشكل خاطيء، فقد أثاروا قضايا: القوامة، والحجاب، والطلاق، وتعدد الزوجات، والميراث في القرآن وحاولوا بمناهج منقطعة الصلة بالعلم أن يوجهوها الوجهة التي يريدونها للحط من قيمة المرأة المسلمة ونسبة ذلك إلى الرؤية القرآنية لها، فقد رسم كثير منهم صورة مشوهة للمرأة المسلمة باعتبارها مستعبدة ليس لها حقوق، مدعين أن القرآن قد ميز بينها وبين الرجل ولم يساو بينهما، وتناولوا تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وتذرعوا به إلى القدح في شخصه الكريم صلى الله عليه وسلم ومن ثم التشكيك في دعوته المباركة ودينه القويم[43]، ولم يتوقف سيل هجوم أغلبهم على المرأة المسلمة ومكانتها في القرآن فلم يتركوا حكماً قرآنياً يخص النساء في الزواج أو الولاية على النفس أو القوامة في البيت أو دورها في المجتمع إلا وحاولوا بكل ما أوتوا من قوة للجدل والغش وتحريف النصوص وقلبها أن يشككوا المرأة المسلمة في سلامة موقف القرآن من حقوقها وواجباتها[44].

وكان من نتائج منهجهم المعوج هذا أنهم حاولوا تشويه سيدات بيت النبوة وخصوصاً أم المؤمنين عائشة والزهراء فاطمة سيدة نساء العالمين لما لهما من مكانة سامية في قلوب جميع المسلمين، فادعوا على فاطمة زوراً الكثير من الأقاويل التي لا سند له من تاريخ أو رواية صحيحة، وغمزوا أم المؤمنين عائشة في مواقفها محاولين أن يوهنوا من مكانتها في نفوس نساء ورجال المسلمين، وحاول المستشرق لامانس أن يقلل من قيمة ومكانة السيدة الزهراء (ع) عند أبيها النبي محمد (ص), حيث يقول “فقد كانت فاطمة في حياتها, وفي بيت والدها تعامل معاملة عادية, سواء من والدها أو من الصحابة وغيرهم, ولم نرها تتمتع بحظوة واحترام يفوقان ما كانت تتمتع به بدويات ذلك الزمن”[45]، ويضع الكثير من المغالطات في هذا السياق حيث يعزو تأخر زواج الزهراء (ع) لأنها كانت محرومة من الجمال، ولم تُصَدِّق أن أحداً يخطبها بعد تلك السن، ثم يقول: إنها لما عرض عليها النبي الزواج من عليٍّ سكتت هنيهة ولكنها لم تسكت خجلًا بل دهشة من أن يخطبها خاطب، ثم تكلمت فشكت؛ لأنها تزوج من رجل فقير[46].

بل إنه لم يتوقف عند فاطمة عليها السلام لكنه تناول حياة زوجها الإمام علي وابنيه الحسن والحسين لينال منهم جميعاً بعد ما نال من رسول الله وأم أبيها فاطمة وكل ذلك ليهدم كل صورة طيبة يحملها المسلمين عنهم فتسقط قدسيتهم وطهارتهم في أعين المسلمين فيهون الدين في أعينهم بالتبعية[47].

وبعد بيان أهم الأخطاء المنهجية في تعامل غالب المستشرقين مع القرآن والتي أدت إلى أخطاء فادحة في التعامل مع التاريخ الإسلامي من جهة، والموقف القرآني من المرأة من جهة أخرى، يمكننا أن نجمل أهم الانتقادات التي نأخذها على هذه المقالات الثلاث، فيما يلي:

1-أول الانتقادات أنه على الرغم من المزايا الكثيرة التي تميزت بها تلك المقالات إلا إنها ركزت أكثر على تفاسير القرآن لبيان مراميه وتوضيح مواقف شخصيات سيدات بيت النبوة دون محاولة ربطه بسيرة الرسول والوحدة الكلية للقرآن ومجريات أحداث تلك الشخصيات في جوانبها المختلفة الاجتماعية والسياسية بدلاً من التركيز على الجوانب السياسية فقط، كما ركزت وإظهار الخلاف السني الشيعي بأكبر من حجمه الحقيقي، وهو ما أدى لأن يجور الجانب السياسي السجالي على الجانب الرئيسي في حياة تلك الشخصيات ودورها الكبير في حياة الإسلام الأول التي امتلأ بها القرآن، لذلك لم تأت تلك المقالات بجديد بقدر ما نقلت الكثير من آراء المفسرين على أنها رأي القرآن وكثير من رؤيتهم للأشخاص والأحداث كما لو أنها رؤية القرآن المجيد لا رؤيتهم هم، في حين لو أنها تبنت النموذج المعرفي القرآني في نظرته للمرأة وطبقته على الآيات التي ذكرت نساء بيت النبوة مباشرة أو ضمناً لكانت الصورة التي نقلتها مختلفة كثيراً وأكثر دقة وأمانة علمية وتاريخية.

2- ركزت المقالات على الجوانب الخلافية بين السنة والشيعة وانتصرت لفكرة الخلاف بينهما بشكل يبطن وجود خلاف لا يمكن حله بين الفرقتين في الواقع وهو أمر غير صحيح، ومالت للاتكاء على التفاسير لتأكيد ذلك وأهملت تماماً المعاني القرآنية المباشرة والجوهرية عن شخصيات بيت النبوة.

3- في المقال الخاص بأمنا خديجة عليها السلام نجد أن الإشارة لورقة ابن نوفل اقترن بترديد الروايات الضعيفة والتي تناقلها المستشرقون وضخموها عن اطلاع وتلقي الرسول صلى الله عليه وسلم لتفاصيل الايمان المسيحي عنه وهي هفوة وقعت فيها الموسوعة على الرغم من أن الكتابات الإسلامية ولكثير من المستشرقين المعاصرين عن علاقات التأثر بالديانات الأخرى في صدر الإسلام قد تجاوزتها. كما وقع المقال في تضارب بسبب عدم مراجعة كافة المقالات المتعلقة بالشخصية الواحدة في المداخل المختلفة من الموسوعة فنجد المقالة المتعلقة بأمنا خديجة تختلف عن الجزء المخصص لها في مقالة نساء النبي[48] فيما يتعلق بعدد أبنائها الذكور. كما أن المقالة بحالتها الراهنة لا تحقق ما هدفت إليه الموسوعة من تعريف غير المسلمين بتلك الشخصية من منظور قرآني.

4-هناك اختلاف بين المقالة الخاصة بأمنا عائشة فيما يتعلق بسن زواجها والتي عن المعلومات المنشورة عن سنها في مقالة نساء النبي[49] حول سن زواجها، كما أن الإشارة إلى صفوان بن المعطل؛ كشاب صغير دون الاشارة إلى كونه مأموراً ليكون في مؤخرة الجيش لغاية حددها الرسول ليرد الشارد ويجمع الضائع أو المنسي من متاع الجيش فلما وجد أمنا عائشة بعدما تخلفت عن الجيش أعادها إلى الجيش بعد لحاقه به، فيها من نفس الاستشراق القديم الذي يقدم الرواية مبتورة لبث الشك في النفوس وهو ما كان يجب أن تربأ بنفسها عنه موسوعة ليدن ولا تتابع الاستشراق القديم الذي تم تجاوزه.

5- نجد المقالة الخاصة بأمنا عائشة التي تقول بأن واقعة زواجها برسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بنت تسع سنين تقع في تضارب مع المقالة الخاصة بنساء النبي[50] والتي ذكرت معلومة مختلفة عن نفس الواقعة، كما أن المقارنة بين تفسير القمي وتفسير الطبري المختلفين لحادث الإفك والزعم بوقوع أمنا عائشة في الفاحشة هو وقوع في خطأ جسيم لعدم دقة النقل عن القمي وهو ما أوضحه كبار علماء إخواننا الشيعة في مسألة طهارة أمنا عائشة بما يقطع أي لسان بغلط الشيعة في حقها[51].

6-نجد ضمنياً أن المقالات المتعلقة بأمنا عائشة والبتول فاطمة الزهراء تشي بوجود خلافات فيما بينهما وعدم مودة وجفاء أنتج هذه الخلافات بين السنة والشيعة، في حين أن وقائع السيرة في المدينة طيلة عشر سنوات تدل على عكس ذلك تماماً، والمدونة الحديثية التي روتها أمنا عائشة في حق فاطمة عليها السلام تؤكد هذا بما فيه الكفاية، فقد كانت العلاقة بينهما قائمة على حسن العشرة وكرم الصحبة، ولم نقرأ أن أمراً ذا بال حصل بينهما كان من شأنه أن يكدر ذلك الصفو أو يقطع حبال الود بينهما إلا البسيط العابر في علاقات كل البشر، فعائشة هي التي تقول” مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشْبَهَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلًّا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فَاطِمَةَ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهَا، كَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَامَ إِلَيْهَا فَأَخَذَ بِيَدِهَا وَقَبَّلَهَا وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ، وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا قَامَتْ إِلَيْهِ فَأَخَذَتْ بِيَدِهِ فَقَبَّلَتْهُ وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا”[52] وكما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: “ألا تُحبِّين ما أحب”؟ قالت: بلى، قال: “فأحبي هذه”[53]، يعني: عائشة. وعائشة هي التي روت هذا الحديث: عن عائشة رضي الله عنها قالت: “أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشي النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مرحباً يا ابنتي ثم أجلسها عن يمينه – أو عن شماله – ثم أسر إليها حديثاً فبكت فقلت لها: لم تبكين؟ ثم أسر إليها حديثاً فضحكت، فقلت: ما رأيت كاليوم فرحاً أقرب من حزن فسألتها عما قال فقالت: ما كنت لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه قُلتُ لَهَا حِينَ بَكَتْ: أَخَصَّكِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بحَديثِهِ دُونَنَا، ثُمَّ تَبْكِينَ؟ وَسَأَلْتُهَا عَمَّا قالَ فَقالَتْ: ما كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، حتَّى إذَا قُبِضَ سَأَلْتُهَا فَقالَتْ: إنَّه كانَ حدَّثَني أنَّ جِبْرِيلَ كانَ يُعَارِضُهُ بالقُرْآنِ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً، وإنَّه عَارَضَهُ به في العَامِ مَرَّتَيْنِ، وَلَا أُرَانِي إلَّا قدْ حَضَرَ أَجَلِي، وإنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِي لُحُوقًا بي، وَنِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ، فَبَكَيْتُ لذلكَ، ثُمَّ إنَّه سَارَّنِي، فَقالَ: أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ، أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هذِه الأُمَّةِ فَضَحِكْتُ لذلكَ”[54]، وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: “نزل ملك من السماء فاستأذن الله أن يسلم علي لم ينزل قبلها فبشرني أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة”[55].

7-لا ريب أن التفاضل واقع بين أمنا خديجة وابنتها الزهراء فاطمة عليهما السلام وأمنا عائشة رضي الله عنها على جميع الصحابيات وأنه لا يلحقهن في فضلهن أحد من النساء فهن أكرم على الله من غيرهن، وقال صلى الله عليه وسلم “فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام”[56] كما أن لعائشة رضي الله عنها من الفضائل كالعلم مثلاً أكثر مما تختص به خديجة وفاطمة رضي الله عنهن، ومن الصحيح المتفق عليه أيضاً بين المسلمين سنة وشيعة أن فاطمة وأمها أم المؤمنين خديجة رضي الله عنهما لا يدانيهن في فضلهن امرأة ولا حتى أم المؤمنين عائشة، قال صلى الله عليه وسلم: “يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمة[57]” وأن خديجة في ذروة الشرف مع مريم البتول وآسية بنت مزاحم وفاطمة سيدات نساء العالمين في الدنيا وفي الآخرة سيدات أهل الجنة، وهو الأمر الذي عجزت الموسوعة عن التوصل إليه نظراً لاستغراقها في السير في طريق التسليم بالخلافات العميقة بين آل بيت النبي من ناحية ووراثة هذا الخلاف بين السن والشيعة، وهو توجه يوضح كيف يصعب على الاستشراق في طبعته الحديثة أن يدرك طبيعة ذلك الجيل الذي طهره الله تطهيراً واختصه بحمل رسالة السماء والحفاظ عليها وتبليغها.

8- تناولت المقالة الخاصة بالسيدة فاطمة[58] الزهراء عليها السلام سرد تاريخي موجز ومخل عن حياة فاطمة لا يتناول جوانب حياتها الثرية في العهدين المكي والمدني، ولا الفترة القصيرة التي قضتها بعد وفاة الرسول ودورها الحيوي في المجتمع في تلك الفترة والذي سيظل نبراساً لكل نساء الأمة في حمل هموم الأمة والمشاركة الفاعلة فيها وتطلعهن لخدمة دينهن وأمتهن اقتداء بنموذج الزهراء القدوة المثقف الفاعل قوي الحجة كما تبينه تلك الفترة من حياتها[59]، كما أن ادعاء المقالة إن صورة فاطمة الأقرب رحماً إلى الرسول قد أنتجت تراثا زائداً من التقديس لها وممارسات طقوسية وتوسل بها عند الله في الإسلام الشيعي يهمش ما للبتول فاطمة من مكانة عالية بين المسلمين السنة، ليس له أي أساس من الصحة حيث تحتفظ السيدة فاطمة بمكانة عالية لدى جميع المسلمين سواء على المستوى الشعبي أو المثقف.

9-تناولت المقالة الخاصة بأمنا عائشة[60] حياة مختصرة لها ركزت على جوانبها السياسية أكثر من باقي جوانبها الأخرى العلمية والاجتماعية، وحتى عندما تناولت ذكرها في القرآن في حادثة الإفك ركزت ضمنياً على محاولات تشويه رمزيتها في التاريخ الإسلامي من خلال تناول رؤية بعض المفسرين الشيعة لها، في حين أن الحقيقة الناصعة أن إخواننا الشيعة لا تختلف نظرتهم لأمنا عائشة عن نظرتنا إليها في طهارتها ومكانتها كما توحي المقالة فهم يحترمونها كزوج للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ولكنهم يعتقدون أنها أخطأت في حق خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والإمام علي الذي كان من المفترض عليها أنها لا تخرج عن طاعته والذي خرجت عليه في حرب الجمل، لكن المقالة ومثلها المقالات المتعلقة بالشيعة[61] في الموسوعة أصرت على التركيز على الأصوات المرفوضة في الأدبيات الشيعية التي تسيء لشخص أمنا عائشة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

10- عدم التناسب بين المقالات طولاً وقصراً حيث نجد أن المقالات المتعلقة بأم المؤمنين خديجة وابنتها فاطمة الزهراء عليهن السلام أقصر من المقالة الخاصة بأمنا عائشة رضي الله عنها[62].

11- غرقت المقالات الثلاث في تفاصيل كتب التفسير والسير واعتمدت في ذلك على مصادر محدودة فخرجت نظرتها لتلك الشخصيات قاصرة عن التناول الحقيقي في ضوء القرآن والسنة المشرفة والمصادر المعتمدة الصحيحة التي أنتجتها العقول المسلمة على مر التاريخ الإسلامي، ولذلك يصعب القول أن تلك المقالات على ما هي عليه يمكن أن تخلق حافزاً إلى تحقيق أوسع في حقل القرآن في المستقبل تيسر لغير المسلمين الوصول لفهم واضح وصحيح لشخصيات آل البيت وزوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن ثم فشلت في تقديم صورة واضحة للعلماء والعامة تمكنهم من خلالها أن يتوصلوا لفهم أفضل للقرآن ولرسالة الإسلام وشخصياته المحورية.

12- ويمكن القول أن هذه المقالات الثلاثة؛ على اعتدالها النسبي في عرض صور شخصيات سيدات بين النبوة، إلا إنها لم تتخلص من الأخطاء التي لازمت إنتاج المستشرقين عن القرآن وشخصيات الإسلام البارزة والمتمثلة في الخوض في إصدار الأحكام المسبقة ومن ثم فرض الرأي على القارئ ولو بشكل غير مباشر.

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الثالث

نحو تصور للرؤية القرآنية للمرأة من خلال الاقتداء بسيدات بيت النبوة في عصرنا

بعد أن استعرضنا رؤية موسوعة ليدن لشخصيات أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجاته أمهات المؤمنين الأطهار، وأوضحنا جوانب قوتها ونقاط ضعفها، نحاول في هذا المبحث الأخير أن نستفيد من تبيان تلك النواقص والفجوات التي امتلأت بها تلك الرؤية من جانب، والاستفادة مما أفاض فيه القرآن والسنة عن فضلهن بالإضافة إلى سجل حياتهن الطاهرة التي سجلها تاريخنا الإسلامي من جانب آخر، لنستخرج منها رؤية لعرض معاصر لمسألة المرأة يلتزم بالرؤية القرآنية.

إن النظرة التحليلية لخبرات تاريخ العالم وخبرات أمتنا الإسلامية في الماضي والحاضر في التعامل مع قضية المرأة تبين أن منهج الإسلام وتجربته المشهودة ومنطلقاته لبناء المرأة ومركزية دورها في بناء المجتمع السليم؛ وفي القلب من ذلك شخصيات سيدات بيت النبوة، هو المدخل الصحيح لتصحيح مسار رؤيتنا وخططنا لبناء حضارتنا من جديد.

ولذلك فإن استدعاء نماذج سيدات بيت النبوة الطاهرات؛ في أدوارهن التي خلدها القرآن المجيد والسيرة النبوية المشرفة، إلى مناهج حياتنا في: تربيتنا لأولادنا، وفي كافة المجالات الأسرية والاجتماعية والثقافية الاقتصادية والسياسية والجهادية اليوم، يعد أمراً لازماً لإعادة بناء دور المرأة المسلمة المعاصرة وفق الرؤية القرآنية، حتى نتجنب مصير مجتمعات نراها بأم أعيننا قد سقطت تماماً من سجل الإنسانية المكرمة عندما أضاعت المرأة في حمأة المادية السادرة في غيها الشيطاني ففقدت بوصلتها الإيمانية الأخلاقية وأنتجت لنا نماذج مشوهة من القادة في كافة المجالات فكادوا أن يهلكوا الحرث والنسل في عالمنا المعاصر[63].

فقد قدم القرآن سيدات بيت النبوة كنماذج قدوة لكل امرأة تريد العزة والكرامة والحياة الطيبة ولكل مجتمع يريد الشهود الحضاري بإخراج الأسرة المسلمة، يقول الله تعالى في سورة الأحزاب مبيناً أدوار نساء النبي وما يجب أن يتصفن به من صفات حتى يتحققن بشرف الاقتران بالنبي صلى الله عليه وسلم” وَمَن يَقۡنُتۡ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتَعۡمَلۡ صَٰلِحٗا نُّؤۡتِهَآ أَجۡرَهَا مَرَّتَيۡنِ وَأَعۡتَدۡنَا لَهَا رِزۡقٗا كَرِيمٗا يَٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ لَسۡتُنَّ كَأَحَدٖ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِنِ ٱتَّقَيۡتُنَّۚ فَلَا تَخۡضَعۡنَ بِٱلۡقَوۡلِ فَيَطۡمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلۡبِهِۦ مَرَضٞ وَقُلۡنَ قَوۡلٗا مَّعۡرُوفٗا وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ وَأَقِمۡنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِينَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا وَٱذۡكُرۡنَ مَا يُتۡلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنۡ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ وَٱلۡحِكۡمَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا[64].

كما قدم القرآن سيدات بيت النبوة في إطارهن التاريخي والإنساني البشري، وما يمكن أن يقعن فيه من أخطاء قد تبعدهن عن تلك المكانة السامية التي رفعن الله إليها إن أردن الحياة الدنيا وزينتها، يقول تعالى: ” يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيۡنَ أُمَتِّعۡكُنَّ وَأُسَرِّحۡكُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا وَإِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَ فَإِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلۡمُحۡسِنَٰتِ مِنكُنَّ أَجۡرًا عَظِيمٗا يَٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأۡتِ مِنكُنَّ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖ يُضَٰعَفۡ لَهَا ٱلۡعَذَابُ ضِعۡفَيۡنِۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٗا[65].

وبين كيف استطعن من خلال تلبسهن بالإيمان الصادق والإتباع المخلص لوصايا الله لهم أن يرتفعن في الذروة في تطبيق منهج الله فأصبحن أمهات لكل المؤمنين على مر الدهر؛ نسائهم ورجالهم، والقدوة والمثال المحتذى في كل جيل”ٱلنَّبِيُّ أَوۡلَىٰ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ مِنۡ أَنفُسِهِمۡۖ وَأَزۡوَٰجُهُۥٓ أُمَّهَٰتُهُمۡۗ وَأُوْلُواْ ٱلۡأَرۡحَامِ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلَىٰ بِبَعۡضٖ فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُهَٰجِرِينَ إِلَّآ أَن تَفۡعَلُوٓاْ إِلَىٰٓ أَوۡلِيَآئِكُم مَّعۡرُوفٗاۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي ٱلۡكِتَٰبِ مَسۡطُورٗا”[66].

ولقد أسهمت نساء النبي وأهل بيته وفي مقدمتهن الزهراء القدوة فاطمة عليها السلام في بناء المجتمع المسلم وتشييد صرحه المتين، وكانت حياتهن نموذجاً عملياً لنساء الجيل الأول من المسلمين تعلمن منهن العطاء والفداء والجهاد والحياة من أجل الله ورسوله، وكانت حياة من بقي منهن بعد انتقاله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى مصدراً لنقل سنته وسيرة حياته تعلم منها الجيل الأول من فقهاء المسلمين أصول دينهم وفقه شريعتهم، وبعد وفاتهن أصبحت سيرة حياتهن مثالاً تعلمت وسوف تتعلم منه الأجيال المتتالية من المؤمنين والمؤمنات كيفية الحياة بالإسلام ومن أجله.

ولذلك فإن دراسة وتخطيط قضة المرأة وإعدادها في زماننا وفق هذه النماذج العالية كما عرضها القرآن سيسهم في حل مشكلة المرأة في مجتمعاتنا، ويحتاج ذلك منا إلى تقديم صورة المرأة المثال متجسدة في كل شخصية من شخصيات سيدات بيت النبوة تمثل المؤمنة الكاملة التي تضطلع بوظيفتها الدينية والاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية الشاملة الغنية التي تكفي المرأة المسلمة عناء التشبه بالنموذج الغربي للمرأة أو النموذج المشوه لها في مجتمعاتنا والذي ورثته من عصور الانحطاط.

ويمكن أن نقدم هنا بعض خطوط ومعالم أساسية لبناء تلك الرؤية المعاصرة للمرأة من خلال شخصيات بيت النبوة كما يلي:

1-تمثل حياة سيدات بيت النبوة وفي مقدمتهن: أم المؤمنين السيدة خديجة وابنتها الزهراء وأم المؤمنين السيدة عائشة، النموذج المعرفي العملي الإسلامي للمرأة الذي ينطلق من فهم الإسلام كرؤية كونية قائمة على الشهود لله بالوحدانية واجبة التطبيق في الحياة، حتى يكون الدين كله لله وتكون حياة أبناء المجتمع ملتزمة بالهدي القرآني وحده.

فقد كانت أم المؤمنين خديجة حصن الإسلام المنيع في مهده: رعت رسوله وهيأت له بيتاً سعيداً وحياة طيبة فلم تصخب عليه يوماً ولا آذته أبداً[67]، وربت بناته فأخرجت لنا نماذجاً في الطهر والعفاف والجهاد، وكفى بفاطمة نموذجاً للدلالة على تفوق تربية أمنا خديجة التي آمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم وواسته بنفسها ومالها وجاهها، وشاركت في كل أحداث الإسلام العامة يوماً بيوم طيلة ثلاثة عشر عاماً بالرأي والفعل، وكان بيتها محضناً لكل أبناء الدعوة من المستضعفين، فكانت وزير صدق رسول الله حتى ذهبت إلى ربها راضية مرضية.

وكانت أم المؤمنين عائشة نعم الزوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وراوية سيرته بتفاصيلها الدقيقة للأمة، والفقيهة التي تعلم على يديها كبار فقهاء الأمة من التابعين، ونموذج المرأة الذكية كثيرة السؤال التي تناقش وتسأل رسول الله في كل صغيرة وكبيرة من شئون الدنيا والآخرة، وفي معاني القرآن ومقاصده، وكانت مجالس العلم في بيتها واستدراكاتها على الصحابة بياناً أي بيان على فقهها وعلمها[68].

وكانت فاطمة “أم أبيها” التي تحملت مسئوليته منذ مهد طفولتها، وأشبه الناس به خلقاً وخُلقاً وكلاماً وحديثاً، والتي عاشت أحداث الإسلام يوماً بيوم طية سنوات الدعوة تشارك أباها وأمها عناء الدعوة والجهاد في مكة والمدينة لم تتخلف عن حدث وكيف ذلك وهي لم تفارق بيته إلى بيت زوجها علي حتى حولها صلى الله عليه وسلم إليه حتى لا تفارقه يوماً دون أن يراها، وفاطمة هي التي ربت لنا الحسن والحسين، وكانت نعم الزوجة لأبي الحسنين وإمام الأئمة علياً عليه السلام، وكانت خير محام عن حقه في الخلافة طيلة الأشهر التي عاشتها بعد وفاة أبيها، تخطب في المسلمين وتدعوهم لخلافة علي ببيان نبوي فصيح، لقد كانت فاطمة كما يقول علي شريعتي بحق “مخلوقة الإيمان والجهاد والثورة والفكر والمرؤة”[69].

إننا ونحن نبحث تاريخ هذه الشخصيات الفذة في التاريخ نجد أنفسنا أمام أدوار متنوعة قمن بها، ووظائف مختلفة اضطلعن بها، يمكن أن تكون نبراساً لنا ونحن نهيئ مناهج جديدة لتربية المرأة المسلمة وإثراء حياتها من المهد إلى اللحد، فلدينا نموذجي السيدة فاطمة والسيدة عائشة في طفولتيهما المؤمنة يمكننا أن نقدمها لبنات المسلمين في طفولتهن وكيف يعشن للإسلام، ولدينا نماذج أمنا خديجة وفاطمة وعائشة كزوجات صالحات قانتات وربات البيوت السعيدة وكيف يجعلن بيوتهن خير البيوت سعادة وهناء، وكيف يهيأن لأزواجهن البيئة المستقرة السعيدة التي تسهم في نجاحهم في أدوارهم في حياة الأمة، وكيف كانت تربيتهن لأولادهن أو أقاربهن هي التي أنتجت لنا النماذج العالية من الرجال والنساء، ففي حياة سيدات بين النبوة الثلاث يمكن أن نجد النماذج الحقيقية للنجوم الحقيقية في الحياة التي تطمح إليها كل امرأة مسلمة دون أن تقع في حبال النجوم الكاذبة التي تقدم لها اليوم وفق النموذج الغربي للمرأة، فلدينا: نموذج سيدة الثروة الحقيقية وسيدة الأعمال الحقيقية في حسن إدارتها لمالها وتنميته وإنفاقه، والتي تخرج من عز وغنى وسؤدد ورخاء ونعيم ولدت وعاشت ثلثي عمرها فيه لتواجه قومها في محن متوالية 13 سنة دون كلل أو ملل أو تأفف[70]، ولدينا طالبة العلم الشغوفة الفقيهة العالمة والباحثة المدققة والمجاهدة التقية التي ما لبثت عندما خيرها رسول الله بين البقاء معه على حال عيش الأنبياء من البساطة والتواضع والفقر أن لبت نداء الله ورسوله واختارت الله ورسوله على الدنيا وزينتها[71]، ولدينا السياسية الماهرة الخطيبة المفوهة التي عاشت حياتها لله ورسوله وعانت الفقر والحاجة ورضيت بعطاء الله في الآخرة عن الدنيا وزينتها تأسياً بأبيها عليه الصلاة والسلام، تلك المرأة التي عاشت للإسلام ولهموم المسلمين حياتها كلها[72]، لقد كانت سيدات بيت النبوة الثلاث سيدات المجتمع الحقيقيات المشاركات في كل هموم مجتمعاتهن، وتمثل حياتهن النموذج الكامل للنساء اللاتي يقنتن لله ورسوله[73].

2- إن الانطلاق من نموذج سيدات بيت النبوة؛ كما بينا باختصار شديد أعلاه، باعتبارهن مثل سفينة نوح[74] من ركبها نجا ومن تخلف عنها على مستوى المرأة الفرد والأسرة وعلى مستوى الجماعة الإنسانية هلك، هو السبيل السليم لكي نقدم الإسلام من خلالهن وأن نقدمهن كتجسيد للإسلام في فكرهن وأساليبهن في كل الواقع الذي استطاعوا أن يؤصلوه في خط الإسلام، فمن خلال الاستفادة من النصوص التي نزلت فيهن ورويت عنهن ومن خلالها نعيد ترتيب مفاهيم المرأة والنساء المسلمات عن الاجتماع وأسسه، وتنمية قيم الشرف والعطاء والعلم والجهاد، والمسؤولية الفردية والاجتماعية، من أجل حماية المرأة والمجتمع من كل أنواع الفساد.

ويمكن تقديم صورة سيدات بيت النبوة السابقة كنماذج للقدوة في مناهج التعليم والتربية في مجتمعاتنا المعاصرة، وفي كتابات المفكرين والفقهاء المسلمين التي تخاطب كل فئات الأمة بمستوياتها الفكرية والثقافية المختلفة: من الخطاب النخبوي إلى الخطاب الشعبي البسيط، من خلال مناهج تدرس للأمهات يعلمن من خلالها البنات في البيوت، أو يخترن بشكل صحيح الألعاب التي تشبع رغباتهن في اللعب ويكتسبن منها قيم وصفات قرآنية، وتقدم للبنات في المدارس والجامعات عبر مناهج دراسية تغرس فيهن حب سيدات بيت النبوة واتخاذهن قدوات في حياتهن، وفي المنتديات العامة ومؤسسات المجتمع المختلفة، وعبر طباعة الكتب وإنتاج البرامج والأفلام والمسلسلات الشيقة التي تدخل كل بيت مسلم، كما يلي:

1-يتناول المنهج الدراسي أو الكتاب التثقيفي أو المحاضرة أو اللقاء المفتوح أو الفيلم أو البرنامج السمعي أو البصري أو اللعبة الإلكترونية الصورة المجملة لكل شخصية من شخصيات سيدات بيت النبوة من لحظة إسلامها حتى لحظة الممات عليه، بهدف الإجابة على أسئلة كثير من بناتنا وأسرنا وحكوماتنا وجماعاتنا العاملة على إصلاح الأمة عن حياة هؤلاء النسوة الخالدات وكيف تغيرت بإسلامهن مجتمعاتهن وأسرهن وقبل ذلك شخصياتهن وحياتهن الخاصة، وكيف غيرن الدنيا عندما تغيرن وأخرجن لنا أجيالاً من المؤمنين الصادقين والمؤمنات الصادقات الذين نشروا الإسلام بين العالمين، وكيف أسهمن؛ كل واحدة حسب قدرتها واجتهادها، في بناء أمة الإسلام وحضارته، وكيف تستفيد بهن مجتمعاتنا وكل بناتنا وأسرنا، كل حسب قدراته ومؤهلاته، ويقتدين بهن لنصنع جيل النصر المنشود.

2- أن تتضمن المواد؛ التي نخطط لوضعها لجعل سيدات بيت النبوة نماذج حاضرة في حياة مختلف أجيال المسلمين على تفاوت أعمارهم وثقافاتهم ومجتمعاتهم، رسم خريطة واضحة تعبر عن منظومة القيم الإسلامية التي آمن بها، وكيف تميزت كل واحدة منهن بقيمة أو أكثر بشكل بارز، وكيف تم ترسيخها بداخلهن من خلال التربية القرآنية النبوية، وكيف تحولت كل واحدة منهن إلى مؤسسة قائمة بذاتها في مجتمعها لخدمة دينها وحفظ مجتمعها، وكانت بمثابة الدليل الهادي لكل نساء جيلها في كل المواقف والأزمات والتصرفات التي مرت بهن، وكيف يمكن أن نستعيدها اليوم في زماننا.

3-الاستعانة بكافة وسائل توصيل الرسالة؛ التقليدية والحديثة، لبيان كيف تمكنت سيدات بيت النبوة تحويل كلمات القرآن المجيد وأحاديث وتصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم إلى منهج حياة يومي، وكيف يمكن لبناتنا أن يكن أمثالهن اليوم في تعاملهن الذي يستفيد من تطورات عصرنا حتى يكون هذا المنهج القرآني جزءاً من تكوينهن ونظام حياتهن، وكيف تقرأ البنات والنساء المسلمات سيرتهن، اليوم بعيداً عن التهويل والتهوين وبعيداً عن التقديس الزائد الذي يجعلهن فلتات لا تتكرر ثانية في واقعنا المعاصر أو التدنيس الذي يراهن نماذج مشوهة.

وكيف تستفيد نسائنا من سيرتهن لزماننا في حياتهن العملية اليومية؛ كل واحدة في مجال عملها ومجال تأثيرها، وكيف ينوعن أدوارهن في الحياة مثلما نوعت سيدات بيت النبوة الكرام أدوارهن في مختلف مراحل حياتهن لتتكيف في خدمة دينهن، وكيف يكتشفن قدراتهن وقابلياتهن ويديرنها ويستفدن منها في خدمة دينهن وعالمهن بكل ما يستطعن وفي جميع الظروف- مهما ضاقت- ليبنين كما بنين وينشئن كما أنشئت سيدات بيت النبوة من قبل.

وكيف تجد بناتنا في سيرهن حلولاً لمشكلات اغترابهن عن دينهن ودنياهن، وكيف يواجهن لحظات انعدام المعنى والاحساس بالتفكك الاجتماعي التي تحاصر مجتمعاتنا المسلمة من خلال التأسي بهن، وكيف يمكن أن تخلص المرأة المسلمة لبيتها كما أخلصت خديجة وعائشة والزهراء، وكيف يحملن هموم الأمة ويقمن بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحمل علم النبوة وتوصيله للأجيال المختلفة وتعليم أبناء المسلمين وتثقفيهم كما فعلت سيدات بيت النبوة.

وكيف يخترن الله ورسوله ولا يردن الحياة الدنيا وزينتها، ويجاهدن الجهاد الحقيقي لتكون كلمة الله هي العليا من خلال: اختيار الأزواج الصالحين القائمين بالحق والعائشين له ومن أجله يؤازرونهم ويشجعونهم كما فعلت سيدات بيت النبوة، ويرعين بيوتهن ويربين الأبناء ويخرجن لنا أجيالاً جديدة تعي معنى إسلامها لرب العالمين شهوداً لله بالوحدانية وشهوداً على العالمين بالعدل والخيرية، ويرفضن عن قناعة النموذج الغربي للمرأة والأسرة، ذلك النموذج الاستهلاكي التافه المشوه الذي انتقل إلينا وتتبناه وسائل الإعلام لأنه يكمن وراءه الإنسان الطبيعي المادي الذي لا يعرف تاريخاً ولا قيماً ولا هوية.

 

خاتمة

شكلت قضية المرأة وما زالت تشكل وسيلةً من أهم وسائل الحرب على الإسلام، فقد كانت قضايا المرأة وما زالت الثغرة التي تهجم منها قوى الاستعمار والهيمنة الغربية على مجتمعاتنا المسلمة محاولة أن تفتن المرأة المسلمة عن دينها وقيمها السامية لتستبدل بها قيماً مادية استهلاكية لا تعبأ بدين أو قيم، وتستخدم في ذلك كافة وسائل التأثير عبر الحركات النسوية ومؤسساتها وأفكارها وتقاليدها وتجلياتها العملية التطبيقية على أرض الواقع متمثلة في: وسائل الإعلام والتربية التي تعيد تشكيل العقول والقيم والعادات والتقاليد والأذواق، ووسائل الترفيه التي جلبتها التكنولوجيا الحديثة، ووسائط التواصل الاجتماعي الحديثة، ومختلف الفنون البصرية والسمعية التي تبث معالم تلك الرؤية المادية عن المرأة والتي تفرغ دورها من أي رسالية تقوم عليها الحياة الطيبة النابعة من الإيمان بالله، وتحاول من خلالها استبدال مؤسسة الأسرة ومركزية دور المرأة فيها بنموذج فاسد للمرأة يصدر لنا نجوم كاذبة في الفكر والثقافة والفن والإعلام يتم الترويج لهن كقدوات مثل: نجمات السينما والإعلان، والنساء المسترجلات المنفلتات من أي قيد ديني أو أخلاقي، حتى تتخلى المرأة المسلمة عن قدواتها الحقيقيات؛ وفي مقدمتهن سيدات بيت النبوة، ويتبعن تلك النماذج المشوهة لطبيعة ودور المرأة، ومن هنا ضرورة أن نعيد تقديم سيدات بيت النبوة كنماذج صادقة وانعكاساً صحيحاً للرؤية القرآنية عن النساء، وقدوات حقيقيات لكل امرأة مسلمة في واقعها العملي وتفاصيل حياتها اليومية، خاصة أن كل ما يعرض من كتابات تخص شخصيات بيت النبوة في كتب الاستشراق؛ ومن ضمنه موسوعة ليدن، لا يعبر عن الحقيقة الكاملة لطبيعة شخصياتهن لا أدوارهن في المجتمع الإسلامي.

 

أهم نتائج الدراسة:

  • تتميز المقالات التي عرضت لها الدراسة من موسوعة ليدن بأنها أفضل من سابقاتها في الموسوعات الاستشراقية التي تتناول سيدات بيت النبوة اثلاث، لكنها تعاني من الإغراق في كتب التفسير بدلاً من التعامل مع القرآن مباشرة، وتركيزها على النقاط الخلافية في التاريخ الإسلامي ومحاولة إسقاطها على القرآن المجيد، وتوجهها لمصادر معينة حتى يصلوا لنتائج محددة تكون غالباً مفترضة لديهم قبل الشروع في البحث.
  • إن الموسوعات الغربية يصعب أن تصل إلى جوهر رسالة الإسلام بسبب عوامل كثيرة تتعلق بالرؤية الكونية المخالفة للرؤية القرآنية لمن يكتبونها، وبسبب تحيزاتهم الناتجة عن اختلاف الدين والاعتماد المبالغ فيه على كتب المستشرقين عن القرآن وكتابات المفسرين المسلمين التي ترجح وجهات نظرهم عن القرآن وشخصياته الرئيسية وفي القلب منها سيدات بيت النبوة.
  • إن هناك تقصيراً كبيراً من المسلمين سنة وشيعة في متابعة الإنتاج الفكري الغربي والصهيوني فيما يخص القرآن وآل بيت النبي ترجمة وتحليلاً ونقداً في حين أن ثمن دبابة واحدة يمكن أن يترجم عدة موسوعات وتفرغ أعداد كبيرة من الباحثين المسلمين تتابع جديدهم وتحلله وتنقده إن احتاج للنقد.

أهم توصيات الدراسة:

  • هناك حاجة ماسة لمركز دراسات يختص بمتابعة ما يكتب عن القرآن في الغرب، ونحتاج موسوعة قرآنية توضح ما أسلفناه من قيم رئيسية وحقائق اجتماعية أدت لحضارة شامخة أفسدها التفرق من خلال قراءة معاصرة للنص الديني: القرآن المجيد والرسول، وتطبيقه المتمثل في سيرة آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم طيلة ثلاثة وعشرين عاماً.
  • إعادة قراءة القرآن من جديد، فإذا كان من الصحيح إحصائياً أن أسماء خديجة وفاطمة وعائشة رضي الله عنهن لم تذكر صراحة في القرآن إلا إن نزول القرآن كان في بيوتهن، ولذلك علينا أن نستكشف أدوارهن من خلال ما توحي به الآيات والاستعانة بمصادر الإسلام السنية والشيعية معاً لإعادة بناء صورة المجتمع المسلم ومن ثم شخصياته المختلفة، وفي القلب منهم سيدات بيت النبوة، كل ذلك في ضوء الضوابط العلمية لقبول الروايات والالتزام بوحدة المسلمين وطهارة أهل البيت النبي وعدالتهم جميعاً.
  • لا يجب أن تكون المغالاة في تحديد من هم أهل البيت بين السنة والشيعة سبباً في ضياع كنز سيدات بيت النبوة التربوي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي الذي تحتاجه الأمة اليوم لبناء نساءها ومجتمعاتها، وإنما يجب أن ننطلق نماذج سيدات بين النبوة الطاهرات؛ سواء قصرها إخواننا الشيعة على فاطمة وأهل بيتها أو شملت زوجات النبي كما يرى أهل السنة، وفي ضوء قول الله الحق تعالى “إنما المؤمنون إخوة” نجتمع على موسوعة إسلامية للتعريف بسيدات بيت النبوة بكل لغات العالم المعروف، توجه خطابها للمسلمين في البلدان المسلمة وغير المسلمين والأقليات المسلمة في بلدان غير المسلمين، ولا نكتفي بإصدار نسخ فاخرة منها ما تلبث أن توضع في المكتبات الخاصة أو في مخازن الجهات التي طبعتها وإنما تطبع طبعات شعبية مخفضة تكون في متناول أبناء الأمة رجالاً ونساء، ويفضل أن يخصص مبلغ مالي مقطوع في شكل وقف خيري يقوم على توزيع هذه الموسوعة على الجامعات والمعاهد والكليات والمدارس في مختلف بلاد المسلمين، وأن تستل المواد الخاصة بكل شخصية من شخصيات بيت النبوة وتطبع في كتيبات صغيرة بالملايين وتوزع على الأطفال في مدارس المجتمعات المسلمة بمختلف لغاتها، ولو أن عملاً بهذا قامت به جمهورية إيران المسلمة حسبة لله ورسوله وحده دون تلوينات السياسة التي فرقت بين المسلمين، ويتم الاستعانة بعلماء معتبرين من أهل السنة والشيعة يقومون بجمع كل المصادر الإسلامية الشيعية والسنية التي روت سيرة شخصيات سيدات بيت النبوة بعد تنقيحها من الدخيل والضعيف لبناء صورة أقرب ما تكن لواقع تلك الشخصيات، فإن ذلك سيكون فتحاً مبيناً وخطوة طيبة في إعادة بناء علاقات السنة والشيعة من جديد تمهيداً لوحدة إسلامية طال انتظارها.
  • كما نحتاج إلى جماعة جديدة للتقريب بين السنة والشيعة، ولعل الاجتماع على تلك الخطوة في ظروفنا الحالية تخرج لنا داراً للتقريب بين المذاهب الإسلامية[75]، كما أنتجتها دعوة العلامة السيد محمد تقي القمي وعاونه فيها كبار أئمة السنة والشيعة في زمانهم، “تقرب بين الطوائف الإسلامية وتبعثهم وتحثهم على الأخوة والوحدة التي أمرهم الله بها في كتابه العزيز”[76].
  • ضرورة تطوير دور ووظيفة المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الذي أنشأته إيران ليشمل توجهاً جديداً بزخم إعلامي ودعائي لكل فئات المسلمين من الشباب والعلماء والمثقفين يليق بأهم قضية تخص المسلمين: أخوتهم ووحدتهم وتعاونهم الذي أمرهم الله به حتى نتخطى نواقص تجربة دعوة التقريب التي اكتفت بمشاركة العلماء فقط فلم يسمع بها إلا فئات قليلة في دوائر ضيقة.
  • إنشاء منظمة إسلامية للترجمة، تكون مهمتها ترجمة الأعمال الموسوعية عن القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم التي تصدر في الغرب، وترجمة أعمال مفكري العالم الإسلامي المكتوبة باللغات غير العربية إلى العربية والعكس حتى يتحقق نوع من التعارف الحقيقي بين المفكرين المسلمين يسهم في التقارب والتواصل فيما بينهم كخطوة أولى نحو التقريب بين أبناء الأمة.
  • انعقاد مؤتمر دائم بشكل سنوي يعقد في كل مرة في عاصمة دولة مسلمة يناقش فيه الجديد عن القرآن المجيد في مختلف اللغات.

وفي نهاية البحث يبقى الأمل في تبني موسوعة موازية لموسوعة ليدن تتلافى الأخطاء الفاحشة والسطحية والتكرار الغريب لمزاعم تقادمت عن المرأة المسلمة؛ وخصوصاً سيدات بيت النبوة، وتنطلق من النموذج القرآني للمرأة ممثلاً في سيدات بيت النبوة لترسم من خلال موادها الرؤية القرآنية للمرأة، وتهيئ العقول المسلمة لتبني سياسات عملية نابعة من صور تلك الشخصيات من خلال ما تبثه من حقائق عن المرأة المسلمة، وتكون قاعدة راسخة للمفكرات والشابات والأمهات المسلمات اللواتي يحاولن إنتاج معرفة دينية ووسائل عملية تأخذ بعين الاعتبار احتياجات النساء المسلمات المعاصرات ورغبتهن في الحصول على العدالة المستمدة من الأصول الإسلامية دون تحريف للنصوص أو الشخصيات المسلمة التي تمثل النموذج والقدوة أو تأويلها بغير ما تحتمل من أوجه.

[1] مجمع اللغة العربية. المعجم الوسيط. ط4.القاهرة: مكتبة الشروق الدولية، 2008م، مادة (وسع)، ص1075.

[2] حول كلمة موسوعة، انظر: موسوعة بريتينكا، تاريخ الدخول (1/7/2020م)، على الرابط التالي: https://web.archive.org/web/20190714230136/https://www.britannica.com/topic/encyclopaedia

وأنظر أيضاً: إصفهاني، محمد علي رضائي. جولة في دائرة معارف ليدن القرآنية، على موقع مجلة دراسات استشراقية، المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية، تاريخ الدخول (1/7/2020م)، على الرابط التالي: https://www.m.iicss.iq/?id=12&sid=8

[3] الزاوي، الطاهر أحمد. مختار القاموس. تونس: الدار العربية للكتاب، مادة(ن س و)، دون تاريخ أو طبعة، ص603.

[4] في الحديثين الصحيحين اللذين يرويهما الإمام مسلم في صحيحه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون” وفي الحديث الآخر، قال صلى الله عليه وسلم: “يا فاطمة أما ترضي أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة”. انظر: النووي، يحيى بن شرف. صحيح مسلم بشرح النووي. ط1. القاهرة: دار الغد العربي، ص4508، الحديث رقم (6155)، كتاب الفضائل، باب فضائل خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها. وكذلك ص487، الحديث رقم (6196)، كتاب الفضائل، باب فضائل فاطمة، بنت النبي، عليها الصلاة والسلام.

[5] ابن منظور، أبي الفضل جمال الدين. لسان العرب. ط3. بيروت: دار الفكر، 1994م، مادة (أهل)، ج11، ص 29.

[6] مغنية، محمد جواد. الشيعة في الميزان. القاهرة: دار الشروق، دون تاريخ أو رقم طبعة، ص447.

[7] آل عمران: 61.

[8] النووي، يحيى بن شرف. صحيح مسلم بشرح النووي. ط1. القاهرة: دار الغد العربي، ص418، الحديث رقم (6103)، كتاب الفضائل، باب فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

[9] الزاوي، الطاهر احمد. مختار القاموس. تونس: الدار العربية للكتاب، مادة(ن س و)، دون تاريخ أو طبعة، ص29-30.

[10] الأحزاب: 6.

[11] راجع تراجم أمهات المؤمنين في: عبد الرحمن، عائشة. تراجم سيدات بيت النبوة. ط1. القاهرة: دار الريان للتراث، 1987م.

[12] الأحزاب:33.

[13] أخرج ابن أبي حاتم وابن عساكر من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما نزلت إنما يريد الله إلخ في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، وأخرج ابن مردويه من طريق ابن جبير عنه ذلك بدون لفظ (خاصة)، وقال عكرمة من شاء باهلته أنها نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن عكرمة أنه قال في الآية: ليس بالذي تذهبون إليه إنما هو نساء النبي صلى الله عليه وسلم. راجع في ذلك: الطبري، أبي جعفر محمد بن جرير. تفسير الطبري المسمى: جامع البيان في تأويل القرآن. ط1. القاهرة: المكتبة التوفيقية، 2004م، مج 12، الجزء الثاني العشرون، تفسر سورة الأحزاب، ص11. مع ملاحظة انفراد عكرمة بهذا الرأي ووافقه فريق وخالفه كثيرون فالمسألة خلافية بين المفسرين، في حين نجد الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحصر أهل البيت في رسول الله نفسه وابنته السيدة فاطمة وزوجها الإمام علي وابنيهما الحسن والحسين رضي الله عنهما.

[14] أنظر بتوسع في أدوار وحياة أمهات المؤمنين: عائشة، عبد الرحمن (بنت الشاطئ). تراجم سيدات بيت النبوة. وانظر أيضاً: أبو شقة، عبد الحليم. تحرير المرأة في عصر الرسالة. ط1. القاهرة: دار القلم، ج1، 2، 5.

[15] ابن سعد، محمد. الطبقات الكبرى. ط1. بيروت: دار الفكر، 1994م، ج6، ص12.

[16] ابن حنبل، أحمد بن محمد. المسند. شرحه ووضع فهارسه حمزة أحمد الزين. ط1.القاهرة: دار الحديث، 1995م، ص450، مج(17)، الحديث رقم (24745)، حديث السيدة عائشة رضي الله عنها.

[17] البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل. صحيح البخاري. ط3. بيروت: دار الكتب العلمية، 2003م، ص325، الحديث رقم (1792)، كتاب العمرة، باب ما يحل للمعتمر.

[18] الترمذي، محمد بن عيسى. سنن الترمذي. ط1. القاهرة: دار التأصيل، 2014م، مج 5، ص124، الحديث رقم (4196)، أبواب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما جاء في فضل خديجة.

[19] فضل الله، محمد حسين. في رحاب أهل البيت. ط2. بيروت: دار الملاك، 1998م، ص192.

[20] المصدر نفسه، 214.

[21] المصدر نفسه، ص220.

[22] الموسوعة الكبرى عن فاطمة الزهراء سلام الله عليها، (تاريخ الدخول 12/3/2020م)، على الرابط التالي: http://www.gadir.free.fr/Ar/Fatima/mavsua/17.htm

[23] الترمذي، محمد بن عيسى. سنن الترمذي. ط1. القاهرة: دار التأصيل، 2014م، مج 5، ص118، الحديث رقم (4179)، أبواب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما جاء في فضل فاطمة.

[24] الترمذي، محمد بن عيسى. سنن الترمذي. ط1. القاهرة: دار التأصيل، 2014م، مج 5، ص117، الحديث رقم (4176)، أبواب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما جاء في فضل فاطمة.

[25] البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل. صحيح البخاري. ط3. بيروت: دار الكتب العلمية، 2003م، ص1150-1151، الحديث رقم (6285، 6286)، كتاب الاستئذان، باب من ناجى بين يدي الناس، ومن لم يخبر بسر صاحبه، فإذا مات أخبر به.

[26]راجع تفاصيل أكثر عن حياة الزهراء عليها السلام في: فضل الله، محمد حسين. الزهراء القدوة. ط2. بيروت: دار الملاك، 2001م.

[27] الأحزاب: 28.

[28]انظر: الزركشي، بدر الدين الدين. الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة. ط1. بيروت: المكتب الإسلامي، 1970م. وانظر أيضاً: سيد، أسماء. المرأة ونقل المعرفة الدينية في الإسلام. ترجمة أحمد العدوي. ط1. القاهرة: مدارات للأبحاث النشر، 2017م، ص 62-90. وأنظر أيضاً: أبو شقة، عبد الحليم. تحرير المرأة في عصر الرسالة، مصدر سابق، ج1، ص 197-220.

[29] أصفهاني، محمد علي رضائي.” جولة في دائرة معارف ليدن القرآنية“، المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية، على الرابط التالي: https://www.iicss.iq/?id=17&sid=865

[30] مقالة باربرا ستراوسر (خديجة)، الجزء 3، موسوعة ليدن القرآنية، ص 80-81. الدكتورة باربرا ستواسر حاصلة على درجة الماجستير في دراسات الشرق الأوسط من جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس ودكتوراه (بامتياز مع مرتبة الشرف) في السلالات المقارنة والدراسات الإسلامية من جامعة مونستر= ألمانيا. كما درست في عدة جامعات بألمانيا وتركيا والجامعة الأمريكية بالقاهرة، كما درست في جامعة جورج تاون الأمريكية. تتركز دراساتها في التفسير القرآني ودراسة الإسلام والجنس في المناهج الدراسية. ومن أشهر منشوراتها وأكثرها شعبية “في القرآن والتقاليد والتفسير” (1994م)، كما قامت بتحرير والمساهمة في كتاب عن الإسلام المعاصر بعنوان الدافع الإسلامي (1987 ، أعيد طبعه 1989م)، وشاركت في تحرير والمساهمة في كتاب “الشريعة الإسلامية وتحديات الحداثة (2004م). انظر: موقع الإعلام والديموقراطية، تاريخ الدخول (3/9/2020م)، على الرابط التالي: https://www.sourcewatch.org/index.php/Barbara_Freyer_Stowasser

[31] مقالة جان دامن مكليف (فاطمة)، الجزء 2، موسوعة ليدن القرآنية، ص 192-194. جان دامن مكليف متخصصة بارزة في الإسلام والقرآن. وهي مستشارة أولى لأمين مكتبة الكونغرس. عملت كباحث زائر مميز ثم مدير مركز جون دبليو كلوج (2013-2015)، رئيس كلية برين ماور (2008 – 2013). ) وعميد كلية الآداب والعلوم في جامعة جورج تاون (1999-2008). وهي مؤلفة أو محررة موسوعة القرآن (6 مجلدات)، انظر: موقع الأكاديمية الأمريكية للآداب والعلوم، تاريخ الدخول (3/9/2020م)، على الرابط التالي: https://www.amacad.org/person/jane-dammen-mcauliffe

[32] هنري لامانس (1862-1937م)، بلجيكي المولد، فرنسي الجنسية انضم غلى الرهبانية (1878م)، تولى قسم الدراسات الشرقية بجامعة القديس يوسف ببيروت حتى توفي. من أهم مؤلفاته: في تاريخ الشرق الأدنى، المراسلات الدبلوماسية بين سلاطين المماليك والدول المسيحية، فاطمة وبنات محمد، وغيرها الكثير من المؤلفات. انظر: العقيقي، نجيب. المستشرقون. ط4. القاهرة: دار المعارف، 1981م، ج3، ص 293-296.

[33] مقالة دينيس سبيلبرج (عائشة)، الجزء 1، موسوعة ليدن القرآنية، ص 55-60. دينيس سبيلبرج، مؤرخة أمريكية، حاصلة على الدكتوراه من جامعة كولومبيا. متخصصة في التاريخ الإسلامي، أستاذة مشاركة للدراسات الشرق أوسطية بجامعة تكساس. من مؤلفاتها: “السياسة، النوع، والماضي الإسلامي: ميراث عائشة بنت أبي بكر”(1994)، “جيفرسون والقرآن” (2013). تركز أبحاث دنيس سبيلبرغ في التاريخ الفكري والديني والجنساني على العالم الإسلامي في العصور الوسطى من إيران إلى شمال إفريقيا ، وكذلك على الإسلام والمسلمين في أوروبا الحديثة والمعاصرة في وقت مبكر والولايات المتحدة. انظر: موقع جامعة تكساس-أوستن، تاريخ الدخول (3/9/2020م)، على الرابط التالي: https://liberalarts.utexas.edu/history/faculty/profile.php?id=dams21

[34] راجع : جب، هاملتون وآخرين. الموسوعة الإسلامية الميسرة. ترجمة راشد البراوي. ط1. القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2013م.

[35] خليفة، محمد. الاستشراق والقرآن العظيم. ترجمة هشام عبد الصبور. ط1. القاهرة: دار الاعتصام، 1994م، ص33-50.

[36] الصغير، محمد حسين علي. المستشرقون والدراسات القرآنية. ط1. بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1983م ص21. وانظر أيضاً: خليفة، محمد. الاستشراق والقرآن العظيم، مصدر سابق، حيث جمع كل الأخطاء المنهجية للمستشرقين الكاتبين باللغة الإنجليزية والتي تترد في باقي كتابات المستشرقين.

[37] شلبي، عبد الجليل. الإسلام والمستشرقون. ط1. القاهرة: دار الشعب، 1977م، ص27.

[38] انظر في هذه الأخطاء المنهجية على سبيل المثال مؤلفات إيجناس جولدتسهير التي تمتلأ بالأخطاء المنهجية وتحريف المعاني: جولدتسهير، إيجناس. مذاهب التفسير الإسلامي. ترجمة عبد الحليم النجار.ط1. القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2012م.

جولدتسهير، إيجناس. العقيدة والشريعة في الإسلام. ترجمة محمد يوسف موسى وآخرون.ط1. القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2014م.

[39] الصغير، محمد حسين علي. المستشرقون والدراسات القرآنية، مصدر السابق، ص33-35، ص39-41.

[40] دحض الإمام الخوئي دعاوى التحريف جميعها ببراهين وأدلة رصينة لم يسبق إليها من قبل. انظر: الخوئي، السيد أبو القاسم الموسوي. البيان في تفسير القرآن، ط8.دون مكان نشر: مطبعة أنوار= الهدى، 1981م، ص197-239. وانظر أيضاً: فضل الله، السيد محمد حسين. أحاديث في قضايا الحدة والاختلاف. إعداد نجيب نور الدين. ط1. بيروت: دار الملاك، 2000م، ص 162-166.

[41] يعرض عبد الله النعيم في كتابه عن الاستشراق في السيرة النبوية كثير من الأخطاء المنهجية للمستشرقين. انظر: النعيم، عبد الله محمد الأمين. الاستشراق في السيرة النبوية: دراسة تاريخية لآراء (وات-بروكلمان-فلهاوزن) مقارنة بالرؤية الإسلامية. ط1.  القاهرة: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1997م.

[42] الخربوطلي، علي حسني. المستشرقون والتاريخ الإسلامي. ط1. القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1988م. حيث يتناول تقييم جهود المستشرقين الخاصة بالتاريخ الإسلامي والأخطاء التي وقعوا فيها.

[43] العقاد، عباس محمود. حقائق الإسلام وأباطيل خصومه. ط1. القاهرة: نهضة مصر، 1989م، ص168.

[44] يعرض محمد عمارة لأهم هذه الشبهات. أنظر: عمارة، محمد. شبهات وإجابات حول مكانة المرأة في الإسلام. ط1. القاهرة: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، 2001م، ص89-182. وانظر أيضاً: جمال، أحمد محمد. مفتريات على الإسلام. ط1. القاهرة: دار الشعب، 1975م، ص73-117.

[45] جاسم، قيصر عبد الكريم. “الموقف السياسي للزهراء (ع) بين الرؤية الاستشراقية والنص التاريخي”، على موقع مركز الدراسات الفاطمية، تاريخ الدخول (3/9/2020م)، على الرابط التالي: http://alfatimi-basra.com/archives/1671

[46] بيومي، محمد. في رحاب النبي وآل بيته الطاهرين، على موقع شبكة الشيعة العالمية، تاريخ الدخول (3/9/2020م)، على الرابط التالي: http://shiaweb.org/books/al_nabi/pa14.html

[47] راجع تفاصيل تجني لامنس على صورة البي آل بيته في: الكعبي، شهيد كريم محمد. صورة أصحاب الكساء بين تجني النص واستباحة الخطاب الاستشراقي: هنري لامنس أنموذجاً. ط1. بيروت: العتبة العباسية المقدسة، 2015م.

[48] مقالة بربارا ستراوسر (زوجات النبي)، الجزء 5، موسوعة ليدن القرآنية، ص 506-521.

[49] المصدر نفسه، ص 506-521.

[50] مقالة بربارا ستراوسر (زوجات النبي)، الجزء 5، موسوعة ليدن القرآنية، ص 506-521.

[51] يمكن مراجعة فتوى المرشد الأعلى علي خامنئي في تحريم سب أمنا عائشة وكتابات المراجع الكبار لدى إخواننا الشيعة وهي متواترة على رفض أي مساس بها وهو  اعتقاد كل علماء مدرسة أهل البيت ويمكن مراجعة كتابات: السيد محمد حسين الطبطبائي والسيد كمال الحيدري والسيد محمد حسين فضل الله  والسيد محمد جواد مغنية وغيرهم. انظر: خلف، كمال، “خامنئي يجدد فتواه بتحريم إهانة زوجات النبي”، جريدة رأي اليوم، تاريخ الدخول (3/9/2020م)، على الرابطhttps://www.raialyoum.com/index.php/%D8%AE%D8%A7%D9%85%D9%86%D8%A6%D9%8A-%D9%8A%D8%AC%D8%AF%D8%AF-%D9%81%D8%AA%D9%88%D8%A7%D9%87-%D8%A8%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D9%85-%D8%A5%D9%87%D8%A7%D9%86%D8%A9-%D8%B2%D9%88%D8%AC%D8%A7%D8%AA-%D8%A7/

وانظر أيضاً: الحيدري، كمال. ” موقف مدرسة أهل البيت (ع) من أم المؤمنين عائشة”، الموقع الرسمي لسماحة السيد كمال الحيدري، تاريخ الدخول (3/9/2020م)، على الرابط التالي: http://alhaydari.com/ar/2011/10/13950/

وأنظر: فضل الله، السيد محمد حسين، “نحرّم سبّ أمّهات المؤمنين والإساءة إليهنّ”، موقع بينات، تاريخ الدخول (3/9/2020م)، على الرابط التالي: http://arabic.bayynat.org/ArticlePage.aspx?id=2737

[52] الترمذي، محمد بن عيسى. سنن الترمذي. ط1. القاهرة: دار التأصيل، 2014م، مج 5، ص118، الحديث رقم (4179)، أبواب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما جاء في فضل فاطمة.

[53] البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل. صحيح البخاري. ط3. بيروت: دار الكتب العلمية، 2003م، ص468، الحديث رقم (2581)، كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب من أهدى إلى صاحبه وتحرى بعض نسائه دون بعض.

[54] النووي، يحيى بن شرف. صحيح مسلم بشرح النووي. ط1. القاهرة: دار الغد العربي، ص487، الحديث رقم (6196)، كتاب الفضائل، باب من فضائل فاطمة، بنت النبي، عليها الصلاة والسلام.

[55] البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل. صحيح البخاري، مصدر سابق، ص1150-1151، الحديث رقم (6285، 6286)، كتاب الاستئذان، باب من ناجى بين يدي الناس، ومن لم يخبر بسر صاحبه، فإذا مات أخبر به.

[56] النووي، يحيى بن شرف. صحيح مسلم بشرح النووي، مصدر سابق، ص463، الحديث رقم (6182)، كتاب الفضائل، باب فضائل عائشة رضي الله عنها.

[57] المصدر نفسه، ص325، الحديث رقم (1792)، كتاب العمرة، باب ما يحل للمعتمر.

[58] مقالة جان دامن مكليف (فاطمة)، الجزء 2، موسوعة ليدن القرآنية، ص 192-194.

[59] يبين توفيق أو علم في كتابه عن فاطمة عليها السلام بعض جوانب حياتها المختلفة. انظر: أبو علم، توفيق. فاطمة الزهراء. ط6. القاهرة: دار المعارف، 1994م، ص 99-214.

[60] مقالة دينيس سبيلبرج (عائشة)، الجزء 1، موسوعة ليدن القرآنية، ص 55-60.

[61] مقال أرزينا لالاني (الشيعة) ومقال مير محمد (الشيعة والقرآن)، موسوعة ليدن القرآنية، ص 591-604. حصلت أرزينا لالاني على درجة الدكتوراه عام 1988م من قسم دراسات اللغة العربية والشرق الأوسط، جامعة إدنبرة، وهي حالياً باحثة مساعدة في معهد الدراسات الإسماعيلية، لندن. وهي متخصصة في الأدب العربي المبكر والعصور الوسطى، وهي تركز على الجوانب المتعددة الأبعاد للفكر الشيعي. أهم أعمالها: الفكر الشيعي المبكر: تعاليم الإمام محمد الباقر (لندن، 2000م). انظر: موقع معهد الدراسات الإسماعيلية، تاريخ الدخول (3/9/2020م)، على الرابط التالي: https://www.iis.ac.uk/people/dr-r-arzina-lalani

[62] مقالة دينيس سبيلبرج (عائشة)، الجزء 1، موسوعة ليدن القرآنية، ص 55-60.

[63] تأمل نماذج غالب حكام ومسئولي الدول المسلمة، أو خذ مثلا الرئيس الأمريكي الحالي ترامب لنعرف جناية البشرية على نفسها عندما أهملت بناء المرأة: الأم والمربية والزوجة المسئولة عن إخراج الأجيال الجديدة والعناية بالكبار.

[64] الأحزاب: 31-34.

[65]  الأحزاب: 28-30.

[66] الأحزاب: 6.

[67] سرور، طه عبد الباقي. خديجة زوجة الرسول. ط1. القاهرة: دار الشرق الجديد، 1957، ص110.

[68] أبو شقة، عبد الحليم. تحرير المرأة في عصر الرسالة. ط6. الويت: دار القلم، 2002م، ج1، ص200-227.

[69] شريعتي، علي. فاطمة هي فاطمة. ط1. طهران: مؤسسة حسينية الإرشاد، 1973م، ص109.

[70] انظر في ذلك سيرة أم المؤمنين الكاملة خديجة بنت خويلد عليها السلام في المصادر السنية والشيعية مجتمعة، حيث تخرج بصورة رائعة يمكن النهل من معينها الصافي وتقديم صور لا حصر لها لحياة المرأة المسلمة التي باعت نفسها لله ورسوله وخرجت من كل نعيم الدنيا لتنعم ببيت في الجنة ليس فيه صخب ولا نصب ولتكون قدوة لكل ثريات زماننا المسلمات  حتى يراجعن أنفسهن.

[71] انظر في ذلك سيرة أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق في المصادر السنية والشيعية مجتمعة، حيث تخرج بصورة رائعة يمكن النهل من معينها الصافي وتقديم صور لا حصر لها لحياة المرأة المسلمة من التي عاشت للإسلام نموذجاً لطالبة العلم والفقهية القديرة والباحثة المدققة.

[72] انظر في ذلك سيرة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام في المصادر السنية والشيعية مجتمعة، حيث تخرج بصورة رائعة يمكن النهل من معينها الصافي وتقديم صور لا حصر لها لحياة المرأة المسلمة من المهد إلى اللحد.

[73] يمكن العودة لكتب التراجم الخاصة بالشخصيات الثلاث للوقوف على أدوارهن المختلفة في المجتمع الإسلامي الأول.

[74] روي عن أبي ذر وابن عباس وأبي سعيد الخدري وسلمة بن الأكوع وأبي الطفيل وغيرهم بطرق صحيحة أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال:” مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق”. انظر: ابن أبي شيبة، الحافظ أبي بكر عبد الله بن محمد. المصنف. تحقيق حمد بن عبد الله الجمعة وآخر. ط2.الرياض: دار الرشد، 2006م، ج (11)، ص150، حديث رقم (32651)، كتاب الفضائل، باب: 18.

[75] للمزيد من التفاصيل عن دعوة التقريب بين المذاهب الإسلامية التي نشأت في مصر في أربعينيات القرن الماضي، أنظر: عبد الصبور. دعوة التقريب: تاريخ ووثائق. ط1. القاهرة: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، 1991م.

مجموعة من المؤلفين. دعوة التقريب. ط1. القاهرة: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، 1966م.

[76] آل كاشف الغطاء، محمد الحسين. “بيان للمسلمين”، في: مرزوق، عبد الصبور. دعوة التقريب: تاريخ ووثائق. ط1. القاهرة: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، 1991م، ص58.

 

لتحميل كامل البحث يرجى الضغط على الرابط: بحث سيدات بيت النبوة في موسوعة ليدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى