متابعات

أقلية داخل الأقلية.. المسلمون السود في بريطانيا يروون معاناتهم

أقلية داخل الأقلية.. المسلمون السود في بريطانيا يروون معاناتهم

باعتبارنا “أقلية داخل الأقلية” في بريطانيا نشعر غالبا بعدم الانتماء وخيبة الأمل والإحباط والعزلة عن المجتمع المسلم الأكبر لكن الأمر بدأ يتغير، بهذه العبارات اختصرت الكاتبة المسلمة نعيمة روبرت واقع المسلمين السود بالمملكة المتحدة في مقال لها بصحيفة “غارديان” (The Guardian) البريطانية.

وأكدت روبرت -وهي أيضا مؤسسة منتدى “كاتبات مسلمات” (Muslimah Writers) البريطاني- استنادا إلى دراسة سابقة أجراها مجلس مسلمي بريطانيا أن المسلمين السود “من أصول أفريقية أو كاريبية” البريطانيين يشكلون فقط 10% من مجموع مسلمي المملكة المتحدة، بينما الغالبية هم من ذوي الأصول الآسيوية والعرب والبيض.

وترى الكاتبة أنه بالرغم من أن الإسلام لا يبرر إطلاقا الأفكار العنصرية ولا يعرف لها سبيلا إلا أن الحقيقة تبقى أنه بسبب مزيج من الجهل والتماهي الثقافي وإرث الاستعمار، فإن العديد من سكان جنوب آسيا لديهم درجات متفاوتة من التحيز والأحكام المسبقة إزاء المواطنين السود.

وقد أظهر استطلاع أجرته منظمة “موزليم سانسَس” (Muslim Census) المهتمة برصد ومتابعة الجالية المسلمة في بريطانيا، في أوساط الشباب المسلمين من أصول أفريقية وكاريبية أن 82% ممن تم استجوابهم عاشوا مواقف عنصرية من قبل أصدقاء أو عائلات مسلمة أخرى.

كما أظهرت دراسة أخرى أجراها “منتدى المسلمين السود” (Black Muslim Forum) البريطاني أن 63% من المستجوبين قالوا إنهم لا يشعرون بالانتماء للجالية المسلمة، في حين أكد 49% منهم تعرضهم لمواقف عنصرية داخل مساجد أو خلال مناسبات دينية.

وتؤكد الكاتبة أنه خلال السنوات الأخيرة تم اتخاذ بعض الخطوات لتقويم هذا الخلل، حيث عقد مجلس مسلمي بريطانيا لأول مرة ندوة بعنوان “مسلم أسود وأفتخر” عام 2019 جمعت أكاديميين وعلماء وكبار شخصيات المجتمع لمناقشة الطريقة التي يُنظر بها للمسلمين السود في بريطانيا وكيف يعاملون.

وقد مهدت الندوة الطريق لمبادرة هدفها تحسين مستوى تمثيل هذه الفئة من المسلمين، كما تم إنشاء منصات متنوعة خاصة بهم على بعض القنوات المتخصصة وعبر الإنترنت.

لكن التحول الكبير -بحسب الكاتبة- كان خلال الصيف الأخير حيث أدى مقتل جورج فلويد واحتجاجات “حياة السود مهمة” في الولايات المتحدة إلى إثارة نقاش واسع وغير مسبوق في بريطانيا بشأن “العداء للسود” بشكل عام، فبدأ المسلمون من أصول أفريقية وكاريبية يتحدثون بصراحة أكثر من أي وقت مضى عن آلامهم ومعاناتهم، وبدأ المسلمون الآخرون بالفعل في الاستماع.

ونجم عن هذه النقاشات العديد من الأحداث التي “عبر فيها المسلمون السود عن حقيقة واقعهم”، وامتدت المناقشات إلى ما هو أبعد من العنصرية إلى تسليط الضوء على إسهامات السود في التاريخ الإسلامي -في أفريقيا والجزيرة العربية وأوروبا والأميركيتين- منذ فجر الإسلام إلى عصرنا الحديث.

وتختم الكاتبة بأنه مع زيادة وعي مجموعة من المؤسسات بأهمية هذه القضية، ومع توطيد المسلمين السود في بريطانيا روابطهم ببعضهم بعضا، أصبح صوتهم الآن أقوى وأكثر وضوحا وأضحوا أكثر ثقة بهويتهم المتنوعة، وهناك فعليا الآن “نهضة حقيقية” لهذه الفئة، وهو أمر ليس جيدا فقط للمجتمع المسلم في المملكة المتحدة ولكن لعموم المجتمع البريطاني.

(المصدر: الجزيرة + الغارديان)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى