مقالاتمقالات مختارة

شبابنا وفقدان الهوية.. الأسباب والعلاج (2-2)

شبابنا وفقدان الهوية.. الأسباب والعلاج (2-2)

بقلم يسري المصري

تحدثنا في المقال السابق عن أسباب ضياع الهوية أو فقدانها عند شريحة الشباب، وحددنا الأمر في نطاق الحرص، والنصح وحسن الفهم -فضلاً عن واجب كل صاحب قلم تجاه دينه وأمته- لنصل جميعا إلى بر الأمان وتولي حقبة انسلاخ الهوية وفقدانها وما تحمله من أوجاع وألم.

واليوم سنتحدث عن الدواء وعلاج هذا الضياع، الذي فاق التصور والتوقع وفاق معه جرم أولئك الساعين لجعل الشباب سلعة تشترى وتباع فلا عقل يفكر، ولا قلم يكتب، ولا قلب به دين وعقيدة.

وعليه فإن العلاج الشافي يكمن في:

الأمر الأول/ العقيدة
ولا مجال هنا للتنطع أو أن يقول قائل: هناك لبس بين الهوية من منظور عقائدي والهوية من منظور وطني، وهذا قمة الجهل في نظري؛ فحب الأوطان هو من أصل الدين، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- ودع وطنه باكياً وخاطبه قائلاً: “والله إنك لأحب البلاد إلى قلبي” فهل كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يدرك الأمر؟ أو هل كان يخلط! أبداً، بل هو الطبيعي، فضلاً عن أن هذه النعرات لم تظهر إلا وكانت النتيجة تقسيمات وتقزمات لأمتنا فوق ما تعنيه.

ولذلك ، ولعلاج هذا الضياع بل هو الهواء الذي لا بد منه للحياة، وإلا فالموت السريري هو النتيجة المنتظرة؛ فلا غنى لأحد عن الأكسجين كي يحيا.

المهم أن يكون إحياء وتقوية العقيدة بأسلوب صحيح، بعيداً عن الغلو والتطرف، هذا أولاً، وكي يكون العلاج صحيحاً وسليماً وعلى بصيرة.

الأمر الثاني/ التاريخ

على كل الشرفاء من أبناء أمتنا تقديم تاريخنا بشكل مشرف والعمل على إظهار محاسنه، والتركيز على بطولات رجاله وما قدموه من تضحيات جسام.

يصاحب هذا فضح كل مدعٍ أو متداعٍ يطعن فى تاريخنا بل يتقوت على هذا الطعن؛ ظناً أنه مفكر أو تنويريّ، إن التاريخ من أهم عناصر الهوية ولا غنى عنه؛ فهو الماضي والحاضر والمستقبل .

والشاب إن تشكك في تاريخ أمته ولم يسع لمعرفة الحق، فإن بريق التنوير المذوب سيستهويه لما يملكه من أدوات سحرة فرعون على مدار الساعة، وعليه فإن الخط الإعلامي صاحب الرسالة والذي يسعى لتبيان الحقائق عليه أن ينشط ويكون أداة فعالة، وليس رد فعل في معركة الهوية فهي معركة لها ما بعدها.

معركة أمة وتاريخها فإما الحق وإما الباطل ولا خيار ثالث؛ فالساعون في مسخ الهوية وضياعها يعملون بلا كلل على مدار اللحظة بشكل يشعرك أنهم أهل للحق، حتى تكاد تصاب بالجنون من هول الزيف والتزييف والتدليس، ويحسبون أنهم على حق لكن حتما سيفضحهم التاريخ ويكشف دورهم في تزيف وعي الأمة وشبابها.

على كل الشرفاء من أبناء أمتنا تقديم تاريخنا بشكل مشرف والعمل على إظهار محاسنه، والتركيز على بطولات رجاله وما قدموه من تضحيات جسام

الأمر الثالث/ الإعلام

إن الاعلام سلاح قوي وإن كان البعض لا يملك مقومات مجابهة دعاة التزييف؛ لأن العالم التقني اليوم وكل يوم به ثورات معلوماتية، وكم من رجل أمسك بمايكروفون وهاتف ونشر علمه وسعى في تبصير وتوعية المجتمع ففتح الله له القلوب والعقول، المهم البداية وسلامة النية ونبل المقصد وحسن الفهم فضلاً عن الاحترافية فى الأداء.

الأمر الرابع/ المواجهة والفضح

إن مجابهة كل خطط التبشير والتزييف من أهم مقومات علاج الهوية، وهذه المواجهة لا بد لها من رجال بمختلف التخصصات، سواء دعاة أو إعلاميين أو أصحاب رأي، أو حكاماً وقادة، المهم أن تكون الهوية الإسلامية لدى كل هولاء متجذرة لا تلين أو تهتز أو تخضع مهما كانت المغريات في مجتمع ينفق السفهاء فيه من أصحاب الرسمالية المليارات من أجل تخريب العقول وإفساد النفوس والمجتمعات.

الأمر الخامس/ الثقة

إن العمل على مدار الساعة من أجل إكساب الشريحة الشبابية -خصوصاً- الثقة في النفس برأيى عمل عظيم، ولا بد منه ، وإلا فكيف تطلب من شاب يتعرض لإغراءات ومغريات قوية أن يكون قوياً واثقاً بنفسه، في الوقت الذي يعاني من تأخر الزواج وأزمة العمل، وتدليس الإعلام، لذلك فتعزيز الثقة من موجبات المحافظة على الهوية، بالإضافة إلى جعلها واقعاً قوياً بداخل شبابنا، وبشكل يعيد للأمة أمجادها، المهم في ذلك هو العزم الشديد والبأس الأشد والأخذ بكل أسباب الحياة.

ختاماً..
إن كل صاحب قلم، وكل صاحب منبر، وكل حاكم في قصره، وكل أب في بيته، وكل معلم في مدرسته وكل طبيب فى عيادته، وكل صاحب عمل حر في عمله، كل هولاء… مدعوون للوقوف صفاً واحداً أمام محاولات طمس وضياع الهوية لدى شبابنا، فإن تكاسلوا كانت العاقبة أليمة، وإن توحدوا بفهم وعملوا بإخلاص وأيقنوا حقيقة دورهم كخلفاء لله في أرضه، كانت النتيجة مرضية وملبية فضلاً عن عظمة الأجر والمثوبة وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

(المصدر: موقع بصائر)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى