كتابات

الجزائر في مواجهة التشيع والخطة الخمسينية

بقلم د. محمد الأمين مقراوي الوغليسي
في خطوة هامّة أعلنت السلطاتُ الجزائرية أنها بصدد إنشاء مرصد لمكافحة ظاهرة التشيع بالتنسيق مع المصالح الأمنية؛ بسبب استفحال ظاهرة التشيع في مختلف مناطق البلاد، وبعد تأكد الجميع من وجود جهات خارجية تعمل بنشاط لنشر سرطان التشيع في المجتمع الجزائري، وقد جاءت تصريحات المرجع الشيعي العراقي مقتدى الصدر، الذي دعا المتشيعين الجزائريين للخروج إلى الشارع وكسر حاجز الخوف، كدليل قاطع على وجود مخطط خارجي يحرك التشيّع، وما جعل الأمر يصل إلى درجة القطع هو: تصريح السفير الإيراني في الجزائر رضا عامري – بمناسبة إحياء ذكرى الثورة الإسلامية الإيرانية – الذي مفاده:” إنّ إيران تضع الجزائر في صدارة أولوياتها في سياستها الخارجية “، الأمر الذي يعني أنّ الجزائر مستهدفة في عقيدتها وهويتها، خاصة أنّ السفير قدّم وعودا مغرية بجلب استثمارات ضخمة للجزائر، وهو الشيء الذي تأكد لاحقا، بعد سيل من الزيارات الرسمية للجزائر، من قبل مختلف المسؤولين الإيرانيين، الذين تجولوا في أحياء العاصمة، ووعدوا بتغيير ملامح الحياة في البلد.
حقيقة التشيع في الجزائر وحجمه:
ظلّت السلطاتُ الجزائرية تقلل من حقيقة حملات التشيع في الجزائر، خاصة مع عدم ظهورها إلى العلن على شكل مجموعات تتخذ من الشارع والملتقيات طريقةً للإعلانِ على نفسها، وتكررت التصريحاتُ التي تبريء إيران من الوقوف وراء حركة التشيّع في البلد، وقد ساهم بعض القائمين على المساجد والدعوة في الجزائر في تغليط الرأي العام، عندما حاولوا نفي وجود التشيّع كظاهرة في الجزائر، بل أنّ كل ما في الأمر هو: تشيع بعض الأفراد؛ الشيء الذي ساهم في تمدد ظاهرة التشيع؛ مستغلة الفراغ القانوني والدعوي والإعلامي.
غير أنّ الجديد الذي ظهر على الساحة مؤخرا هو: دعوة الرئاسة الجزائرية إلى الوقوف ضد الطائفية، تلاها ارتفاع الأصوات الرسمية المنبهة من خطر التمدد الشيعي، القادم من وراء البحار، إلى أن جاء تصريح وزير الشؤون الدينية الجزائري محمد عيسى، الذي اعترف صراحة – ولأوّل مرة – بأنّ هناك حركة تشيع خطيرة في الجزائر، ومحددا في نفس الوقت ولأوّل مرة حيزها الجغرافي قائلاً: ” هناك إرادةٌ أجنبية تريد التشويشَ على الجزائر من خلال سعيها إلى نشر الطائفية، وتقوية حركات التشيع، خاصة على مستوى الولايات الحدودية الشرقية والغربية”. وأضاف: أنّ هدف حركة التشيع تمزيق المجتمع الجزائري.
رؤوس التشيع في الجزائر وضحاياه:
أمّا حجم التشيع في الجزائر فهو ظاهرة حقيقية، باعتراف الكثير من فئات الشعب الجزائري، حيث بدأت تتوسع في ربوع الجزائر، بعد تشيُّع المئات من الجزائريين، بينما يصرح بعض الأئمة والمطلعين على خفايا التشيّع أن عدد المتشيعين يصل إلى الآلاف.
أما أبرز الفئات التي تشيعت فهي: الطبقة المثقفة، مثل: أساتذة الجامعات، وبعض الطلبة، ما يعني أن الذين يقفون وراء حركة التشيّع في الجزائر يريدون بناء نواة جزائرية؛ تكون قادرة على الأخذ بزمام المبادرة والتخطيط والتنفيذ.
أمّا من النّاحية الجغرافية فقد عرفت الولايات الشرقية للجزائر مثل عنابة وباتنة وخنشلة، وبسكرة، والولايات الغربية مثل وهران وعين تموشنت وتلمسان، حركة تشيع خطيرة، أسالت الكثير من الحبر في الصحافة الجزائرية، وعجّلت بظهور مواقع مختصة في محاربة التشيّع بالجزائر، بعد أن صار للمتشيعين مواقع إلكترونية يقودها شيعة الخارج، بسبب خبرتهم في الطعن والتشويش على عوام السنة.
الخطة الخمسينية الإيرانية في الجزائر
يمكن التأكيد بوضوح أن أثار الخطة الخمسينية الإيرانية – مخطط واقعي يهدف لتهيئة الشعوب العربية لتقبل التشيع من خلال سياسة شراء الذمم و الإغراءات – قد بدت واضحة في أرض الجزائر، فالزيارات الرسمية لم تتوقف، ودخول الكثير من المستثمرين الإيرانيين إلى الجزائر – الذين لا يمكن أن يتوجهوا إلى الجزائر دون تزكية من المرجعيات الشيعية الإيرانية، التي تحرص على اختيار الأيادي الخادمة لمشروعها – بات أمراً مألوفاً، وكُتبُ التشيّع التي ضُبطت في مكتباتِ ومساجدِ الجزائر – تأتي بعناوين تبعد عنها أي شبهة، غير أنّ مضمونها يدعو للتشيع – تؤكد وجود هذه الخطة الخطيرة، مع القطع بوجود تمويل سخي لهذه الظاهرة في المغرب العربي – خاصة تونس وليبيا – وحرص على تنفيذ دقيق وحرفي لهذه الخطة، خاصة مع بروز اسم الملحق الثقافي الإيراني أمير موسوي – قائد سابق في الحرس الثوري الإيراني – كأحد أبرز الوجوه الداعمة الحركة التشيع في الجزائر.
حقيقة مقاومة التشيّع في الجزائر
يقول قادة بعض الأحزاب الإسلامية في الجزائر: إنّ السلطات الجزائرية قد تأخرت في مواجهة التمدد الشيعي في الجزائر، بعد أن بُحَّ صوت المحذرين منها، غير أن الوقت لم يفت من أجل محاصرتها ومواجهتها؛ ولهذا فقد ثمّنَ الجميع خطوة إنشاء هيئة لمكافحة التشيع بالتنسيق مع الجهات الأمنية بالبلد.
أما على المستوى الشعبي فقد تصدى الكثير من الأئمة لهذه الظاهرة، من خلال إقامة دورات وخطب ودروس؛ لتوعية مختلف فئات الشعب بخطورة التشيع وفساده، كما ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي صفحات كثيرة تخصصت في محاربة التشيع بالجزائر، مع وجود جهود كثيرة لتوزيع كتب ومطويات تحذر من التشيع.
أما من الناحية القانونية فإن بعض القضاة طالبوا بالنظر في السبل القانونية للتصدي للظاهرةـ التي قد تؤدي إلى عنف معين بالمستقبل، خاصة بعد حادثة تعرض شرطي في مدينة تلمسان – حسب صحيفة الخبر الجزائرية –الخبر – إلى تهديدات من أطراف متشيعة، بعد أن أزعجتها تحقيقاته حول ظاهرة التشيع.
أمّا محاولة بعض الأطراف الخفية – غالبا ما تكتب تعليقاتٍ على الأخبار الراصدة للتشيّع – التستر تحت حرية المعتقد، فإنّ الدستور الجزائري واضح حول هذه القضية، فالإسلام دين الدولة و الشعب، وهذا دستور يعبر عن الإسلام الذي استقر في هذه الأرض منذ 15 قرنا، فهو يعبر عن الهوية الثقافية والإسلامية للشعب الجزائري، ولا يمكن أن يقبل الشعب الجزائري التشيع، خاصة أن أجداده قد طردوا الدولة الفاطمية الشيعية، على يد المعز ابن باديس الصنهاجي ، في تعبير واضح على رفض الشعب الجزائري لأي عقيدة مخالفة لعقيدته السنية؛ لذلك يجب الإسراع بسد هذه الثغرة – حرية المعتقد وتمييع مفهوما – من خلال إرساء قوانين تحارب التشيع، وفي هذا الوقت بالذات، بعد أن بدأ المتشيعون يحاولون الخروج للعلن، وجس نبض المجتمع الجزائري.
إنّ الجرائم التي أحدثتها الطائفة الشيعية في العراق وسوريا واليمن تؤكد على أنّ التصدي الشعبي والرسمي الجزائري لظاهرة الجزائر ضرورة قصوى، لا يجب التهاون فيها من أجل الحفلظ هوية ووحدة الأرض والأمّة الجزائرية.

*المصدر : موقع الإسلام اليوم

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى