تقارير وإضاءات

أكشاك الفتوى بمترو القاهرة تعرض سلعة الدين للعابرين

اتجهت هدى مسرعة كعادتها نحو آلة التذاكر بمحطة مترو الشهداء بوسط القاهرة، قبل أن تلاحظ وجود “كشك” بأحد أطراف المحطة، فتحولت إليه كعادة المصريين حينما يجدون ازدحاما على مكان، فقد يكون فيه فرصة ما لسلعة شحيحة مثلا.

هدى طالبة شابة ومحجبة، اتسعت عيناها دهشة وترحابا بعبارة “لجنة الفتوى” التي تطل من واجهة الكشك، واطمأنت حينما طالعت اسم الأزهر الشريف على الواجهة، فدخلت لتسأل.

وبابتسامة واسعة تقول هدى وهي خارجة من الكشك “وجدت سلعة غالية بالكشك، فقد طمأنني الشيخ على جواز قيامي بالتدرب على الكونغ فو وسط متدربين ذكور بشرط ألا يحدث احتكاك جسدي”.

أزهريان يستقبلان المستفتين بأحد الأكشاك (الجزيرة)

الإقبال
ولا يكاد باب الكشك يخلو من مستفتين، وسط رجال أمن يرتدون زيا مدنيا يقول أعضاء لجنة الفتوى إنهم موجودون لمنع أي تعد على اللجنة بعد الانتقاد الشديد لها، بينما يطالع الأمن هويات كل من يصور الكشك “خشية أن يكون من قنوات معادية” كما قيل.

وبالداخل يجلس عضوان بلجنة الفتوى بزيهم الأزهري، يسجلون المستفتيين في دفتر بيانات، ويتأمل محمد سعد -وهو موظف- الكشك ورواده قائلا “هذه الأكشاك ستشجع الناس على أن تسأل عما يشغلها، بعدما شغلتها مشاغل العيش عن طلب الفتوى، إذ يجدون الأكشاك ترحب بهم في غدوهم ورواحهم، كما ستغلق أبواب فتنة الفضائيات التي يفتي بها الباحثون عن الشهرة”، مؤكداً أن “الفتاوى الشخصية تحل مشاكل الكثير من الأسر”.

وانتظر ربيع أحمد، الذي يعمل موظفا، للدخول طلباً لفتوى قائلا “أتاحت إدارة المترو أكشاكا تبيع بضاعة الدنيا للناس، ونجحت هذه الأكشاك، فلماذا لا توفر مؤسسة الدين الرسمية -الأزهر- بضاعة الدين الغالية؟”.

وترد عليه إيمان محمد وهي معلمة بالقول إن الأكشاك “تؤصل لفكرة حصر الدين في الحلال والحرام، وهو اختصار مخل لعمق الدين”.

اسم الأزهر على كشك الفتوى (الجزيرة)

تباين
والمترو برأي شريف خليفة وهو طالب “لا يليق بأن توضع به لجنة للفتوى، والدين أسمى من أن يوضع على قارعة الطريق وللعابرين الذين يجرون للحاق بالمترو، ومن همّه أمر فيمكنه الذهاب للجنة الفتوى بالأزهر أو دار الإفتاء، وللاثنين مواقع على الإنترنت إذا لم يتيسر الذهاب”.

وبدورها تقول آية فهمي وهي مصرفية “هناك أولويات كان يجب على الحكومة أن تقوم بها، كتوفير حمامات عامة بالمترو لمرضى السكري والأطفال والعجائز والحوامل والراكبين مسافات طويلة”.

أما محمد عثمان، وهو فنان تشكيلي، فيرفض فكرة الأكشاك انطلاقاً من منظور آخر، بعدما جرب الذهاب لدار الإفتاء وفوجئ بأنهم يطلبون كل البيانات الشخصية للمستفتي، ويسجلون تفاصيل فتواه، وهو ما يجعل قاعدة بياناتهم مشاعا لكل من يطلبها من أجهزة الدولة، الأمر الذي يراه خطراً عليه بوصفه معارضا.

وقال المفتي باللجنة الشيخ أحمد رمزي إن “معظم القضايا التي يطرحها الجمهور عميقة ومؤثرة في حياة الكثيرين”، مضيفا أن “الإقبال على اللجنة كثيف إذ يزيد ما يعرض عليه يومياً عن ثلاثين فتوى، يطلب بعض أصحابها الحصول على فتواه مختومة بخاتم الأزهر”.

بدوره أكد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية محيي الدين عفيفي في تصريحات صحفية أن “هدف أكشاك الفتوى في مترو الأنفاق حماية المواطنين من المتشددين والتكفيريين”، على حد قوله.

(المصدر: الجزيرة)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى