كتب وبحوث

ملخص كتاب: الجامية في الميزان

ملخص كتاب: الجامية في الميزان

اسم الكتاب: “الجامية في الميزان، دراسة موضوعيّة نقدية من بداية ظهورهم إلى وقتنا الحاضر”. ويقع في 580 صفحة، ويتكوّن من مقدّمة وأحد عشر مبحثًا، وهو يتحدّث عن جماعة خرجت منذ ثلاثين سنة أو يزيد، وهذه الجماعة تُنسب تارة إلى “الجامية”، وتنسب تارة أخرى إلى “المدخلية”، لكنّها أصبحت فرقًا شتّى، يجمع بينها “الغلو في تبديع المسلمين”.

مؤلفه: د. مشاري بن سعيد المطرفي، من دولة الكويت، حاصل على دكتوراه في الفلسفة الإسلامية، باحث ومؤلف ومحاضر، وله العديد من الكتب منها: (آراء محمد رشيد رضا العقائدية في أشراط الساعة الكبرى وآثارها الفكرية)، و(فتاوى العلامة محمد رشيد رضا الفقهية) و(أقوال العلماء المنصفين في سيد قطب)، و(أسباب ردّ الحقّ الواضح) و(علماء صدعوا بالحق)، و(كما يولى عليكم تكونوا)، وغيرها.

تقديم الكتاب: قدّم للكتاب الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق رحمه الله.

وقدّ بيّن في تقديمه: أنّ أقوال هذه الجماعة يمكن حصرها في ثلاث دوائر:

الدائرة الأولى: غلوّهم في حكّام المسلمين، بإيجاب طاعتهم مطلقًا، وأنّهم لا يُنصحون إلّا سرًّا، وجعلوا الإنكار بالكلمة على الإمام خروجًا، ورتّبوا عليه ما يجب على الخوارج من قتلهم!

والدائرة الثانية: غلوّهم في تبديع علماء الإسلام ودعاتهم، وتبديع الجماعات التي تدعو إلى الله تبارك وتعالى؛ بحجّة أنّها شكل من أشكال الحزبية التي هي فُرقة وضلالٌ وسببٌ لاستحقاق النار، مع ترك أهل الكفار والمنافقين واللادينيين وأهل البدع الحقيقية الخارجين عن أهل السنة والجماعة.

والدائرة الثالثة: أخلاقهم وما أحدثوه من الشرور والفتن، فمن أهمّ ما يتصفون به الكذب وتحريف الكلام عن مواضعه والسب والشتم والتنابز بالألقاب.

أقسام الكتاب:

المقدّمة:

وفيها ذكر المؤلف أبرز معالم وسمات هذه الجماعة والتي أحدثت شرًّا عظيمًا في الأمّة، وهي:

  1. الطعن في العلماء والدّعاة من أهل السُّنَّة، وتصنيفهم وتبديعهم، وتتبّع زلّاتهم ونشرها وتهويلها، من أجل إسقاطهم وتزهيد الناس بهم.
  2. ادّعاؤهم أنّهم هم الجماعة السلفيّة الوحيدة في هذا العصر، وأنّ علماءهم هم العلماء حقًّا دون غيرهم، ووضع أصول وقواعد للسلفيّة لا دليل عليها لا من كتاب الله ولا من سُنَّة نبيه صلى الله عليه وسلم؛ من قال بها فهو سلفي، ومن لم يقبل بها فهو ضالّ منحرف.
  3. امتحان العلماء والدعاة وعامّة الناس بأسماء معيّنة، فمن سار على نهجهم فيما يتعلّق بها فهو منهم وهو سلفي، ومن أجاب بعكس ما يريدون فهو عندهم ضالٌّ منحرف مبتدع خارجي تكفيري، يجب الحذر والتحذير منه.

ثمّ ذكر الأسباب التي دفعته للكتابة عن هذه الجماعة، ومن أهمّها:

  1. كثرة الانحرافات والضلالات العقديّة والمنهجيّة والسلوكيّة عندهم.
  2. كثرة السؤال عن هذه الجماعة سواء من عامّة الناس أو من بعض طلبة العلم الذين ليس لديهم اطلاع واسع عنها.
  3. اغترار كثير من الناس بهم وتصديقهم عن حُسن ظنٍّ بما يثيرونه من شُبهات وأكاذيب وطعون وافتراءات حول العلماء والدعاة والمصلحين، من أجل إسقاطهم وتشويه سمعتهم.
  4. ادّعاؤهم أنّهم الجماعة الوحيدة في عصرنا الحاضر التي تتبنّى عقيدة ومنهج السلف، وأنّ كل من لم يكن معهم في كل ما يقولونه أو خالف بعضًا مما يقولونه، فهو ضالّ منحرف مبتدع، ليس بسلفي ولو ادّعى ذلك.
  5. استخدامهم أسلوب الإرهاب الفكري ضد مخالفيهم، من خلال التشهير بهم واتهامهم بالخيانة والعَمالة ومحاربة السلفيّة، ليمنعوا الناس من مجرّد التفكير في مخالفتهم.
  6. عدم وجود دراسة موسّعة حولهم وعن بداية ظهورهم، وعن كيفيّة نشأتهم، وسبب تسميتهم، وأبرز المنتمين لهم، وأبرز آرائهم وأقوالهم، وآراء وأقوال أهل العلم فيهم.

وبيّن المؤلّف أنّه لم يكتب كتابه دفاعًا عن حزبٍ أو جماعةٍ معينة، ولا عن عالِمٍ أو داعيةٍ معينٍ، وإنّما ابتغاءَ ما عند الله سبحانه وتعالى، وغيرةً على دينه، ودفاعًا عن أوليائه من العلماء والدعاة الذين هم ورثة الأنبياء، وتبيانًا للحق، ودفاعًا عن السلفيّة التي شوّهها كثيرٌ من المنتسبين إليها، والتي هي عقيدةٌ ومنهجٌ وأخلاقٌ وسلوكٌ وآدابٌ ورحمةٌ بالخلق.

كما أنّه لم يكتب كتابه هذا شامتًا أو مستهزئًا أو مستحقرًا، إنّما كتبته ناصحًا مشفقًا، ولم يبدّع ولم يُضلّل ولم يفسِّق ولم يسبَّ أو يشتم أحدًا منهم كما يفعلون هم مع مخالفيهم. ومن يقرأ الكتاب يرى هذا الأمر ظاهرًا وجليًا في الكتاب؛ فجزى الله مؤلفه خير الجزاء، وردّ عن وجهه النار يوم القيامة بردِّه عن أعراض العلماء والمسلمين ودفاعِه عنهم.

مباحث الكتاب:

المبحث الأول: بداية ظهور جماعة الجامية:

هذه الجماعة ليست جماعة أو حزبًا أسسه الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله، وإنّما هي جماعة سارت على منهجه في التعامل مع المخالفين من العلماء والدعاة من أهل السُّنَّة، ثم غَلَوا في ذلك وزادوا أصولًا أخرى؛ لذلك نُسبوا إليه فسمُّوا الجامية.

وبداية ظهورهم كان في المدينة المنوّرة، عام 1410 الموافق 1990-1991م، وذلك إبّان أحداث الخليج الأولى، والتي كانت نتيجة لغزو العراق للكويت، وحينها قرّرت المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى الاستعانة بالقوات الأجنبية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا واستضافتها على أراضيها لتحرير دولة الكويت من الغزو العراقي، وانطلاق القواعد الحربية الجوية والبرية والبحرية منها.

وقد وقع الخلاف بين العلماء حينها في مشروعية استدعاء هذه القوات الأجنبية الكافرة، وتمركزها في الأراضي السعودية على قولين:

فقسم يرى عدم جواز الاستعانة بهذه القوات الأجنبية الكافرة وعلى رأسهم العلامة الألباني، وسفر الحوالي، وسلمان العودة، وناصر العمر، وغيرهم.

وقسم يرى جواز الاستعانة بهذه القوات الأجنبية الكافرة لدفع المعتدي وحماية الدين والدولة، وهم هيئة كبار العلماء وقتها، برئاسة الشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز، وكذلك الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين، والشيخ العلامة صالح الفوزان وغيرهم.

وفي خضم هذه الأحداث ظهرت جماعة يترأسها الشيخ محمد أمان الجامي، واعتزلوا كلا الطرفين، وأنشؤوا فكرًا خليطًا، يقوم على القول بمشروعية دخول القوات الأجنبية، وفي المقابل يقف موقف المعادي لمن يحرّم دخولها أو ينكر على الدولة بالسماح لها بالدخول، بل ويصنّفونه تصنيفات جديدة، وصار الشيخ محمد أمان الجامي يهاجم كلّ من له رأي مخالف لرأيه في مسألة الاستعانة ويحرّض الحكومة السعودية عليهم ويطلب منها إيقافهم ومساءلتهم. وقد التفّ حوله عدد من المشايخ، وتحوّلت المسألة من خلاف فقهي سائغ ومعتبر، إلى عداء وخصومة، فشنّوا حربًا على المخالفين لهم في الرأي، وطعنوا فيهم، ووصفوهم بأنّهم من الخوارج.

ولما رأى الشيخ عبد العزيز بن باز هجومهم وتجنّيهم على المشايخ والدعاة، أصدر بيانًا يستنكر فيه تصرّفهم، ويعيبُ عليهم منهجهم.

وبعد انتهاء أحداث الخليج، وتحرّر دولة الكويت؛ سجنت الحكومة السعودية بعض العلماء والدعاة الذين كانوا على خلافِ رأيِ الدولة آنذاك؛ وذلك بتحريض من أتباع الجامي؛ فخلت الساحة لهم، فبدؤوا يقرّرون قواعدهم المنهجيّة، ويؤصّلون لمذهبهم الجديد، ويدافعون عنه، وأصبح لها أتباع ومؤيدون في كافة أنحاء المملكة، وخارجها كدول الخليج ومصر والأردن والمغرب وليبيا والجزائر، بل وانتشر فكرهم بين الجاليات المسلمة في أوروبا وكندا وأمريكا وباقي دول العالم.

المبحث الثاني: سبب تسميتهم بالجامية، وأشهر مسمّياتهم:

سبب تسميتهم بالجامية: نسبة إلى الشيخ محمد أمان الجامي الهرري الحبشي، المولود في مدينة هرر بالحبشة، والذي هاجر منها إلى المدينة عام 1369هـ واستقر فيها، وحصل على الجنسية السعودية، وكان يعملُ مدرساً في الجامعة الإسلامية في قسم العقيدة، وتوفي عام 1416هـ بسبب إصابته بسرطان في البطن، رحمه الله وغفر له وتجاوز عنّا وعنه.

وللجامية أسماءٌ كثيرةٌ عُرفوا بها غير هذا الاسم، فمن هذه الأسماء:

  1. المداخلة أو المدخليّة: نسبة إلى الشيخ ربيع بن هادي المدخلي، الذي كان مدرّسًا في الجامعة الإسلامية في كلية الحديث، وهو يعتبر شريكًا للجامي في تأسيس هذه الجماعة ووضع قواعدها، وهو الذي أخرجها من حيّز الأفكار إلى حيّز التطبيق وكان سببًا لانتشارها، بسبب كثرة مؤلفاته وجُرأته في تضليل وتبديع المخالف له، ويطلق عليه أتباعه: “إمام الجرح والتعديل”، و”حامل لواء السلفيّة”!
  2. غُلاة التبديع: وسُمُّوا بذلك لغلوّهم في التبديع.
  3. غُلاة الطاعة: وسُمُّو بهذا الاسم لغلوّهم في طاعة ولي الأمر وتقديسه، وإنزاله فوق منزلته التي أنزله الله إيّاها، ولعلّ من أوائل من سمّاهم بهذا الاسم: الشيخ الباحث إبراهيم السكران.
  4. غُلاة التجريح: وسُمُّو بهذا الاسم لغلوّهم وتوسعهم في تجريح وتبديع وتضليل المخالف لهم.
  5. أدعياء السلفيّة: وسُمُّو بذلك لادعائهم أنّهم هم السلفيون فقط، وأنّ مَن لم يقل بقولهم أو خالف بعض أقوالهم فهو ليس بسلفي وإن ادّعى ذلك، بل هو مبتدع ضالّ مضلّ منحرف!
  6. مرجئة العصر: وسُمّوا بذلك لموافقتهم قول المرجئة الأوائل في حصر الكفر في التكذيب والاستحلال فقط.
  7. الخلوف: أطلق عليهم لتخلّفهم عن كلِ خير وفضيلة، وعن الدعوة إلى الله وعن نصرة الإسلام والمسلمين وتفرّغهم للطعن في العلماء والدعاة وطلبة العلم والمصلحين.

ولهم أسماء أخرى غير هذه، وأسماء خاصّة بهم في بلد من البلدان، كالرسلانية نسبة لأبرز شيوخهم في مصر محمد سعيد رسلان، والمغرواية نسبة إلى لأبرز شيوخهم في المغرب محمد المغراوي.

المبحث الثالث: أهم رموز الجامية:

ذكر المؤلف في هذا المبحث مؤسسي هذه الجماعة، وأبرز رموزها في السعودية والخليج والأردن واليمن ومصر والمغرب، وأنصفهم فذكر ما لهم وما عليهم، ونقل أقوال جماعتهم في الغلوّ فيهم.

ثم ختم المبحث بمسألة مهمّة، وهي: كيفية الجمع بين كون بعضهم من هذه الجماعة وبين ثناء العلماء عليهم، وأوضحَ أنّ هذا الثناء ليس معصومًا فهو صادر عن بشر يخطؤون ويصيبون، ثم إنّ هذه التزكية ليست تزكية لكلّ أقواله وأفعاله، كما أنّ هذا المُزكّى قد يقع منه الخطأ والزلل بعد التزكية، ومن جانب آخر: فإنّ انتساب هذا الشخص لهذه الجماعة لا يعني أنّه ليس بعالِم أو أنّه خارج عن أهل السنّة والجماعة.

المبحث الرابع: أبرز مَن طعن فيهم الجامية:

ذكر المؤلّف أنّ الأصل عندهم: سوءُ الظنّ بالعلماء والدعاة، وأنّ أغلب علماء ودعاة العالم الإسلامي مبتدعة منحرفون إلّا من أثنى عليه وزكّاه “إمام الجرح والتعديل” و”حامل لواء السلفية” ربيع المدخلي!

بل إنّ التبديع عند الجامية للعلماء والدعاة وطلبة العلم أصبح بالجملة:

  • فكلّ مَن أثنى على سيد قطب فهو مبتدع، وكلّ من أثنى على حسن البنا فهو مبتدع، وكلّ من أثنى على مشايخ الصحوة فهو مبتدع.
  • وكلّ من ينتمي إلى بعض الجماعات كالإخوان المسلمين أو أنصار السنّة المحمدية أو التبليغ أو إحياء التراث الكويتية؛ فهو مبتدع.
  • وكلّ من يخالط أو يصاحب أهل البدع فهو مبتدع.
  • وكلّ من يحضر الدروس أو المحاضرات لأهل البدع فهو مبتدع.
  • وكلّ من يستشهد بأقوال أحدٍ من خصومهم أو مَن بدّعوه كسيد قطب وحسن البنا والمودودي فهو مبتدع.
  • وكلّ مَن لم يُبدّع مَن بدّعوه فهو مبتدع!
  • بل وصل بهم الأمر إلى الطعن في علماء ودعاة بلد بأكمله!

ثم اقتصر المؤلّف على ذكر أشهر العلماء والدعاة الذين طعن فيهم الجامية: بدءًا بكبار العلماء في السعودية كعبدالعزيز بن باز، ومحمد بن عثيمين، وناصر الدين الألباني، وعبدالمحسن العبّاد، وعبدالله بن جبرين، وبكر أبو زيد، وعبدالرحمن البرّاك، وعبدالكريم الخضير، وصولًا إلى كثير من العلماء والدعاة في الكويت والأردن ومصر، حتى وصل عدد مَن ذكرهم 77 عالمًا وداعية.

المبحث الخامس: انقسام الجامية.

كانت الجامية في بداية ظهورها جماعة واحدة متماسكة ومترابطة فيما بينها، ولم يكن هناك خلافات فيما بين المنتسبين إليها. إلّا أنّه وبعد كثرة المنتسبين للجماعة بدأت الخلافات والفُرقة تدبُّ بين المنتسبين إليها، لا سيما بين شيوخهم ورموزهم، فانقسمت الجماعة إلى جماعات متعدّدة، وقامت كلّ جماعة بمهاجمة الجماعة الأخرى، والطعن فيها وتبديعها وتضليلها.

ومِن أشهر مَن وقع بينهم وبين المدخلي خلاف وشقاق: محمود الحداد (المصري)، وعبداللطيف باشميل (السعودي)، وفالح الحربي (السعودي)، وموسى الدويش (السعودي)، وسالم الطويل (الكويتي)، وفوزي الحميدي (البحريني)، وعلي الحلبي (الفلسطيني)، ومحمد المغراوي (المغربي)، والعيد الشريفي (الجزائري)، وسليم الهلالي (الأردني)، وأسامة القوصي (المصري)، ويحيى الحجوري (اليمني).

وكلّ واحد من هؤلاء تحزّب له طلابه وأتباعه فكوّنوا جماعة، وبعضها اشتهرت باسم خاص بها كالحدّادية والمغراوية.

كما ذكر المؤلّف بعض مَن كان معهم ومقرّبًا منهم ثم لمّا علم بفساد منهجهم وانحرافه تركهم، كأبي الحسن المأربي.

المبحث السادس: تحذير وطعن الجامية في بعضهم البعض:

الذي عليه أهل السُّنَّة والجماعة في التعامل مع أخطاء وزلّات بعضهم البعض: هو أنْ ينصح بعضهم بعضًا، وأنْ يصوّب بعضهم بعضًا، وأنْ يعذر بعضهم بعضًا، ويأْتلِفون ولا يختلفون، ويتراحمون ولا يتعادون، ويتعاونون فيما بينهم على البرّ والتقوى.

أما أهل البدع والزيغ – والعياذُ بالله – فيضلّل بعضهم بعضًا، ويفسّق بعضهم بعضًا، ويبدّع بعضهم بعضًا.

والجامية لما فرغوا من الطعن والتحذير مِنَ الذين يخالفونهم في منهجهم القائم على الطعن في العلماء والدعاة والتحذير منهم باسم الجرح والتعديل؛ تفرّغوا للطعن والتحذير في بعضهم البعض.

وقد ذكر المؤلف في هذا المبحث ما يقارب تسعة عشر نموذجًا من نماذج طعن بعضهم في بعض، وأنّه لم يتتبّع ولم يستقصِ جميع الطعون، وإلّا لاحتاج إلى مؤلّف مستقل.

ثم عقّب بقوله: “هؤلاء هم الجامية وهذه هي أخلاقهم، سبٌّ وشتمٌ وطعنٌ واحتقارٌ لبعضهم البعض عند الخلاف، هذه هي أخلاق كبارهم وشيوخهم، أما تلاميذهم وصغارهم فحدِّث ولا حرج مِنْ سوءِ الخُلقِ وفُحشِ القولِ، والكذبِ والتجنّي والافتراءِ على الغير”.

المبحث السابع: أقوال أهل العلم في الجامية:

تنبّه لهذه الجماعة المنحرفة الضالّة جملةٌ من أهل العلم؛ فصدعوا بانحراف وضلالِ هذه الجماعة، وحرّموا ما تقوم به من الطعن في العلماء والدعاة من أهل السُّنَّة والجماعة المشهودِ لهم بالخير والصلاح والتقوى وسلامة العقيدة والمنهج، وبيّنوا أنّ هذا المنهج المنحرف القائم على الطعن في العلماء والدعاة وتتبع زلاتهم وهفواتهم ليس من منهج السلف الصالح، فالعلماء ورثة الأنبياء، والطعن بهم من كبائر الذنوب.

ومن أمثلة هؤلاء العلماء الذين حذّروا منهم: عبدالله بن جبرين، وعبدالله المطلق، وسليمان العلوان، ومحمد موسى الشريف، إضافة إلى بيان تحذير أطلقه علماء ودعاة الكويت ونشر في الصحف المحلّية عام 2013.

المبحث الثامن: أقوال أهل العلم فيمن سار على نهج الجامية، في الطعن في العلماء والتصنيف والتبديع:

مما لا شكّ فيه أنّ الطعن في العلماء والدعاة والمصلحين وتصنيفهم وتفسيقهم وتبديعهم بغير حق من أكبر الذنوب والآثام؛ وذلك لأنّهم ورثة الأنبياء، وحماة الشريعة، وحملة الدين، فالطعن في العالم في الحقيقة هو طعن في العلم الذي معه، والذي هو ميراث النبي ﷺ. ونظرًا لخطورة غلوّ هذه الجماعة في الطعن في العلماء وتبديعهم؛ فقد حذّر كبار أهل العلم من هذا المنهج.

وقد نقل المؤلف في هذا المبحث فتاوى وبيانات صادرة عن: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية، ومجمع الفقه الإسلامي في السودان، وعدد من العلماء والدعاة، ونقل رسائل بعضهم التي زادت عن عشرين صفحة في كشف حقيقة هؤلاء وبيان خطرهم.

المبحث التاسع: موقف أهل السُّنَّة من العالِم إذا أخطأ:

الذي عليه أهل السُّنَّة والجماعة أنّ العالم ليس بمعصوم، بل هو بشر يصيب ويخطئ، فإن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر، كما قال صلى الله عليه وسلم: (إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد وأخطأ فله أجر واحد).

ولما كان العالِم غير معصوم من الخطأ والزلل والوهم، فإنّ الواجب:

  1. اجتناب زلّاته وأخطائه، وعدم الاقتداء به فيها، وعدم نسبتها إلى الشرع.
  2. التماس العذر له، وإحسِان الظن به، وإقالة عثرته.
  3. حفظ قدْرِه، فلا تُجحد محاسنه، ولا يُبدّع ولا يُهجر، لا سيما إذا عُلم عنه تحرّي الصواب والحقّ والتمسّك والدفاع عن السُّنَّة.
  4. الدعاء والاستغفار له.

ثمّ نقل الأدلة وأقوال جماعة من أهل العلم من السلف والخلف في تقرير وتوضيح هذا الموقف.

المبحث العاشر: أهم معالم وسمات الجامية:

هذا المبحث أكبر مباحث الكتاب، فقد استغرق أكثر من مئتي صفحة، ذكر فيها المؤلف واحدًا وتسعين معْلَمًا وسمة من أهمّ ما يتميّزون به، وبيّن أنّه لا يلزم من ذكرها أنّ جميع الجامية يقولون بها، وإنّما يقول أغلبهم بها، وهي مأخوذة من تتتبع واستقراء كتبهم وأشرطتهم ومواقعهم في الإنترنت.

ومن أهم هذا المعالم والسمات (إضافة إلى ما ذُكر في المقدّمة):

  • توسعهم في مفهوم البدعة، فيدخلون في البدع ما ليس منها، ويدخلون في البدع بعض المسائل التي وقع الخلاف فيها، والتي قد يكون الخلاف فيها معتبرًا وسائغًا وله حظ من النظر والاجتهاد، مثال ذلك قول بعضهم: الجهر بالبسملة في الصلاة الجهرية بدعة، وصلاة التراويح أكثر من إحدى عشر ركعة بدعة.
  • الغلو والتوسع والتساهل في التبديع، من خلال قواعد وأصول ضالّة منحرفة، يلزم من القول بها تبديع وتضليل أغلب أو عامة المسلمين، والتي منها قاعدة: الأصل في المسلمين البدعة لكثرة انتشار البدع ولأن الحكم بالسُّنَّة متوقف على التزكية.
  • تبديع كلّ من وقع في البدعة، دون التفريق بين الحكم على الفعل، والحكم على الفاعل.
  • تبديع مَنْ لم يبدِّع مَنْ بدَّعوه أو توقّف في تبديعه، وتبديع كلّ من أثنى على مَن بدّعوه، أو جالسه، أو قرأ أو استشهد بكتبه، أو استمع إلى تسجيلاته.
  • تبديع كلّ مَن انتسب إلى حزب أو جماعةٍ؛ وذلك لأنّهم يرون أنّ العمل الجماعي بدعة العصر. ويخصّون بالتبديع كلّ من انتسب إلى جماعات محدّدة حكموا عليها بالبدعة، كجمعية إحياء التراث السلفية في الكويت، أو أنصار السُّنَّة المحمديّة في مصر والسودان، أو جماعة الإخوان المسلمين، أو جماعة التبليغ.
  • تبديع كلّ من خالفهم في منهجهم، أو في جرحهم، أو في المسائل الفقهية المعاصرة التي يسوّغ فيها الخلاف.
  • تبديع كلّ من أخطأ في اجتهاده في المسائل التي يسوّغ فيها الاجتهاد.
  • تبديع القائلين بتوحيد الحاكميّة.
  • عدم تجويزهم الجهاد مع مَن بدّعوه، ولا الصلاة خلفه، ولا السلام عليه، ولا عيادته، ولا تعزيته، ولا الصلاة عليه إذا مات، ولا الترحّم عليه؛ فأهل البدع عندهم أشرّ من اليهود والنصارى!
  • صاحب البدعة في اعتقادهم لا تُقبل له صلاة ولا صيام ولا صدقة، ويجب حرق كتبه.
  • حصرهم الكفر بالاعتقاد؛ فالمسلم مهما قال أو فعل من الأمور الكفريّة، كسبِّ الله أو الاستهزاء بالدين أو لبس الصليب فإنّه لا يكفر حتى يصاحب ذلك القول أو الفعل اعتقاد استحلال الفعل أو تكذيب الله عز وجل أو نبيه صلى الله عليه وسلم.
  • امتحان عامّة الناس في دقائق العقيدة التي قد لا يعرفها إلا طلبة العلم، ومن ثَمَّ الحكم عليهم بالسلفية أو بالابتداع والضلال والانحراف، بناء على إجابتهم.
  • اعتبارهم المظاهرات، والإنكار العلني على ولي الأمر خروجًا عليه.
  • قولهم بعدم جواز الاحتساب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا بأذن ولي الأمر، وأنّ الإنكار باليد لا يكون إلّا للإمام.
  • اعتبارهم كلّ حاكم متغلب وليَّ أمر تجب طاعته ولا تجوز معصيته، ولو كان يهوديًّا أو نصرانيًّا!
  • قولهم بوجوب السكوت عن انحرافات الحكّام، وأنّ من يتكلم أو يكتب عن انحرافات الحكام فهو خارجي تكفيري.
  • الغلو في طاعة ولي الأمر، وتقديسه وإنزاله فوق منزلته التي أنزله الله إياها، وأنّه تجب طاعته طاعة مطلقة.
  • تقديس مشايخهم ورموزهم والغلو في الشيخ ربيع المدخلي بخاصّة، وحصر قبول توبة الخصوم بما يقبله المدخلي.
  • سوء الظنّ بالعلماء والدعاة، وحمل كلامهم على أسوأ المحامل وتحميله ما لا يحتمل، مع الولَع والهوَس بتتبع الأخطاء ونشرها الخوض في النيات.
  • الاتصاف بالحقد والحسد والعُجب.
  • القسوة والفجور في الخصومة، واستحلال غيبة العلماء والتقرّب إلى الله بأذيتهم، مع استخدامهم أسلوب الإرهاب الفكري ضد مخالفيهم من خلال التشهير بهم واتهامهم بالخيانة والعِمالة ومحاربة السلفية.
  • عدم اهتمامهم بقضايا الأمة، ولا العمل لنصرة الإسلام، مع التخاذل والتخذيل عن نُصرة المسلمين.
  • تقديم حرب الدعاة على الفرق الضالّة.
  • التعاون مع العَلمانيّة ضد الجماعات الاسلاميّة.

المبحث الحادي عشر: رسالة إلى كل مسلم:

ختم المؤلف كتابه بهذا المبحث وهو مستلّ من كتاب: “تصنيف الناس بين الظنّ واليقين” للعلّامة د. بكر أبوزيد رحمه الله تعالى، والذي بيّن فيه المنهج الحق الواجب سلوكه في التعامل مع المخالف، وأنّه يتمثّل في أصلين شرعيين هما:

  • حُرمة النيل من عرض المسلم.
  • أنّ الأصل بناء حال المسلم على السلامة والستر لا على سوء الظن والتشهير.

إضافة إلى العديد من الوصايا التي تحفظ المسلم -بإذن الله تعالى- من الوقوع في حبائل هذا المنهج الضالّ المضلّ.

لتحميل الكتاب أضغط ( هنا )

المصدر: موقع (على بصيرة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى