تقارير وإضاءات

مخيمات الروهنجيا.. “التنصير” باسم الإغاثة والتعليم

مخيمات الروهنجيا.. “التنصير” باسم الإغاثة والتعليم

إعداد محمد شعيب

يعد مسلمو الروهنجيا الفئة الأشد معاناة في العالم؛ حيث تعرضوا للقمع الشديد من حكومة بلادهم (ميانمار)، وأُخرِجوا من بيوتهم وأوطانهم بسبب الاضطهاد الديني والعرقي، فرغم فرارهم من بلادهم تاركين ممتلكاتهم حفاظاً على دينهم وعرضهم، فإنهم يتعرضون اليوم لنفس الاضطهاد في ملاجئهم ولكن بشكل مختلف، وبأدوات أخرى؛ نظراً لاستغلال الظروف الصعبة التي يعيشونها.

في الآونة الأخيرة، انتشرت الجهود التنصيرية في مخيمات الروهنجيا ببنجلاديش، مستغلة ظروفهم الإنسانية الصعبة؛ حيث يستغل النشطاء التنصيريون ضعفهم وعجزهم وفقرهم لتمرير مخططاتهم التنصيرية، وفي حين حذر العلماء البنجاليون والنشطاء الروهنجيا من وجود هذه النشاطات التنصيرية التي تستهدف إيمان وعقيدة الروهنجيا في ملاجئهم، فإن الحكومة لم تأخذ أية إجراءات ضد هذه الأنشطة الشنيعة.

وقد ألمح لهذا الأمر وزير شؤون حرب التحرير في بنجلاديش، «آ. كو. مو مزمل حق»، حيث قال، في 13 مارس 2019م: إن بعض المنظمات غير الحكومية العاملة في مخيمات الروهنجيا تعمل لأهداف سيئة.

جهاز إلكتروني تنصيري

في هذا الصدد، يتبين أن أقدم مخيم للاجئين قد بُنيت فيه كنيسة المسيح في «كتلة B” بمخيمات الروهنجيا؛ حيث يوزع في كل كتلة من المخيمات جهاز إلكتروني يشتمل على معلومات عن المسيحية تدعو الناس إلى اعتناقها، وبما أن أكثر الروهنجيا محرومون من التعليم؛ فهم يظنون أن معلومات هذا الجهاز الإلكتروني صادقة؛ فيعتنقون المسيحية.

ومن جهة أخرى، هناك الكثير من المحلات التي تبيع للروهنجيا ما يحتاجون إليه، تديرها شركات تنصيرية، ومن خلال البيع يشترون إيمانهم وعقائدهم، وعلى رأس هؤلاء المنصرين “نور الإسلام فقير”، وهو قسيس وداعية نصراني، يستغل التجارة في تنصير الروهنجيا؛ فيقوم بدعوتهم إلى الإيمان بـالنصرانية صراحة، وبالاشتراك مع زملائه في الاجتماع التنصيري باسم الإخوة أو الإخوان، يجتمعون فيه لمدارسة شؤون التنصير في المخيمات، يرافقه ويعاونه كثير من الدعاة المنصّرين.

مع انتشار الإنترنت ومواقع التواصل والقنوات بشكل كبير لدى عامة الناس، تم إعداد المواقع والصفحات الخاصة بلغة ولهجة الروهنجيا، التي تحتوي على المعلومات والعقائد المسيحية، ومع تكبير الحجم والصور من خلال تلك المواقع، يظن القارئ أو المتصفح أن عدد معتنقي المسيحية من الروهنجيا غير قليل، لكن في الحقيقة تم تصميم تلك المواقع قبل أن يوجد أي مسيحي أو معتنق لدين آخر من الروهنجيا، ويوجد الآن أكثر من 100 موقع وصفحة على الإنترنت تتحدث عن المسيحية بلغة الروهنجيا.

التعليم مقابل التنصير

وقد أسس المنصّرون مدارس لأطفال الروهنجيا في المخيمات، يقدمون من خلالها التعليم المجاني، بالإضافة إلى تسهيلات مالية وتعليمية عالية، وفي يوم الأحد يحتفل الطلاب بيوم المسيح.

وقامت بعض الصحف البنجالية، وعلى رأسها صحيفة «نيا ديغانتو» اليومية بإجراء تقارير بتاريخ 25 يناير 2018م، تشير إلى اعتناق بعض الروهنجيا المسلمين للديانة المسيحية؛ حيث تقدر دراسات بأن عدد الروهنجيا المسلمين المتحولين للديانة المسيحية منذ سبتمبر 2017م إلى الآن أكثر من ألفي شخص؛ حيث تستخدم الجماعات التنصيرية عجز الروهنجيا وفقرهم ويحولون المدمرين نفسياً منهم باسم المساعدة من الفقر والأمية إلى المسيحية، ويقومون بهذه العملية في السر والعلن.

وحسب بعض التقارير، فهناك منظمة في بنجلاديش تسمى «الكنيسة المسيحية بنجلاديش» (ICB)، تقوم بعملية تحويل الروهنجيا إلى المسيحية، وقد عُرف عبر وسائل الإعلام المحلية أن نحو 15 شخصاً من هذه المنظمة يعملون ليلاً ونهاراً في مخيم أوخيا وتكناف، يدفعون إليهم النقود مقابل ترك الإسلام واعتناق الديانة المسيحية، ويتعهدون لهم بإعطاء فرصة إقامة دائمة في مختلف بلدان العالم، وهؤلاء الرجال من المنظمات التنصيرية يسكنون في بعض فنادق النخبة بمدينة كوكس بازار لتحويل المسلمين إلى المسيحية، وقد ظهرت هذه المعلومات في تقرير لوكالة الاستخبارات البنجالية أيضاً.

برنامج أممي

إن استهداف الروهنجيا من قبل منظمات تنصيرية في مخيمات اللاجئين ببنجلاديش والمهاجرين الذين تم توزيعهم على البلدان العديدة يتم عبر برنامج أممي تابع للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين خاصة في أمريكا؛ حيث يتم هناك إعداد الدعاة التنصيريين من الروهنجيا أنفسهم بالإغراء والإكراه، ثم يتم استخدامهم في تمرير مخططات تنصيرية إلى داخل المجتمع الروهنجي المسلم المضطهد لأجل دينهم وعقيدتهم.

ووفقاً للبيانات في الصحف البنجالية، فإن أمريكا وهولندا تمولان هذه الكنيسة المسيحية في بنجلاديش، وتدفعان إلى الروهنجيا المسلمين المتحولين للديانة المسيحية خمسة آلاف تاكا (عملة بنجلاديش) شهرياً، وتقدمان إليهم مرافق خاصة، وتقومان بتدريبهم خمسة أيام كل شهر في الكنيسة المعمدانية بمدينة كوكس بازار، ويشار في هذا السياق إلى رجل اسمه أبو طاهر (42 عاماً)، يعيش في كتلة «B-1″ بكوتوبلونغ، يشرف على هؤلاء الأشخاص الذين اعتنقوا الديانة المسيحية.

وعلى الرغم من تسميتهم بأسماء مسيحية، فإنهم يحتالون بذكر الأسماء المسلمة، ووفقاً للمعلومات؛ فإن أول من اعتنق الدين المسيحي هو نور الإسلام فقير (55 عاماً)، ابن جلال أحمد المرحوم الذي كان يعيش في هاتيبارا مونغدو، وقد جاء إلى بنجلاديش عام 2007م مع 17 من أفراد أسرته، وقد بذل جهوداً جبارة في تحويلهم هم وأقربائهم إلى المسيحية، حتى استطاع أن يحوّل نحو 35 شخصاً منهم إلى المسيحية.

وقد سافر ولد نور الإسلام فقير -اسمه إحسان الله (35 عماً)- إلى النرويج قبل بضع سنوات بجواز سفر بنجالي، ويرسل الأموال لهذه العائلات المتحولة إلى المسيحية.

وأسس مدرسة “إسكول” على نفقته الخاصة في كتلة “B”، تشمل نحو 35 تلميذاً، وكان سليم (17 عاماً) -ابن نور الإسلام فقير الصغير- يعمل مدرساً؛ حيث يقومون جميعاً تحت قيادة نور الإسلام بالطقوس والعبادات المسيحية يوم الأحد من كل أسبوع.

يقول أحد أعيان الروهنجيا المقيم في مخيمات كوتو فالنغ بكوكسبازار منذ عام 2012م: إنه يعرف شخصاً اسمه نور الإسلام، وقد هاجر ابنه إلى أمريكا عبر برنامج اللجوء المذكور أعلاه، وقد تأثر بعقيدة التثليث، وهو يستخدم أباه وأقرباءه بالمخيم في تمرير شره لبني جلدته، من خلال إغرائهم بالمال أو الوعود بتوطينهم في أمريكا وأوروبا إذا قبلوا دعوتهم.

وفي هذا الشأن، تم اكتشاف ممارسة الطقوس والشعارات وإقامة برامج مسيحية يومي الأحد والأربعاء في أماكن تواجد نفس الشخص (نور الإسلام) مع إضافة أسماء نصرانية إلى أسماء الروهنجيا الأصلية مثل “جون”، و”جوزيف”.. وغيرهما.

ولا يخفى على كثير من سكان المخيم أن المنطقة الخاصة بالمسيحيين معروفة بالرفاهية؛ حيث يتلقون أموالاً من جهات غير معروفة ولكن متواصلة بشكل مبرمج.

نور الإسلام أحد المنصرين

عدد المتأثرين ومواقعهم

هناك موقعان معروفان لتلك الأنشطة بشكل ملحوظ، ولكن حسب النشطاء والدعاة تم ملاحظة عدة أنشطة تنصيرية أخرى في مواقع مختلفة من المخيمات، مثل: برامج الصحة والعلاج وتوزيع ملابس بنقوش صليبية، وترديد أغان وأناشيد مسيحية وتمجيد عيسى عليه السلام.. وغير ذلك.

أما عدد الأسر التي تأثرت بالأفكار التنصيرية فيتجاوز 71 عائلة، يخفون عقيدتهم عندما يكونون خارج منطقتهم؛ خوفاً من التعرض للضرب، وأكثرهم ينتمون إلى منطقة جنوب مدينة منغدو، نظراً للحساسية المفرطة لدى الروهنجيا المحافظين تجاه هذه القضية، فهم يقولون في قرارة أنفسهم: «لقد فررنا وأُخرجنا من ديارنا لأجل ديننا، لذلك لن نسمح لأحد أن يمسه بسوء مهما كلفنا الأمر».

يتم إعداد ممثلين للعملية التنصيرية من الروهنجيا في الخارج، وأحياناً يتم اختيارهم من المخيم أيضاً، ومن ثم يعلمونهم اللغة الإنجليزية، ويتم توظيفهم ببداية الأمر في مكاتبهم وإداراتهم الرسمية، وهكذا يتم اكتشاف مؤهلاتهم وجاهزيتهم لأداء المهام على أسس خُطط لها.

ورغم قلة الأدوات والإمكانات، فإن الغيورين من أبناء الروهنجيا من طلبة العلم والدعاة يقومون بأداء واجبهم الديني بتوعية المهاجرين بخطر التنصير، وعدم الوقوع في فخهم المتمثل في الإغراء بالمال والوعود، والصبر على المصائب العابرة التي لحقت بهم.

ويقوم هؤلاء ببرامج وعظية وخطب وأنشطة، وإنشاء مدارس لاستقبال أبناء المهاجرين لغرس العقيدة الصحيحة في نفوسهم، والتعريف بالدين الإسلامي لأبنائهم منذ الصغر، من خلال برامج عائلية تفضح الانحلال الذي يتم الترويج له من قبل دعاة التنصير.

(المصدر: مجلة المجتمع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى