أخبار ومتابعاتفعاليات ومناشط علمائية

لجنة الأسرة بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين تعقد مؤتمر “حماية الأسرة في زمن الانهيار الحضاري في السلم والحرب”

لجنة الأسرة بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين تعقد مؤتمر “حماية الأسرة في زمن الانهيار الحضاري في السلم والحرب”

عقدت لجنة الأسرة بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مؤتمر “حماية الأسرة في زمن الانهيار الحضاري في السلم والحرب” يوم الاربعاء 29 جمادي الآخر 1445 هـ الموافق 10يناير 2024 بمدينة الدوحة (قطر)، وقد جاء المؤتمر في أعقاب الدورة السادسة للجمعيّة العموميّة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين التي انعقدت في الفترة 6-10 يناير 2024م.

ومن أهم أهداف هذا المؤتمر:

   – تعزيز الوعي بخطورة الهجمة التي تتعرّض لها الأسرة عمومًا، والأسرة المسلمة على وجه الخصوص، في السلم وأثناء الحرب.

   – بيان ازدواجيّة المعايير لدى المنظّمات الدوليّة والتناقض عندها بين التنظير والواقع.

   – الخروج بآليّات عمليّة لحماية الأسرة المسلمة باعتبارها آخر الحصون التي تحمي الأمّة، في زمن الانهيار الحضاري الذي يشهده العالم.

   تلخّصت أعمال المؤتمر في جلستين منفصلتين تركزت كل واحدة منهما حول محور من محاور المؤتمر، وقُدمت خلالهما مداخلات من قبل نخبة من أهل العلم والاختصاص من أعضاء الاتحاد وفدوا من عدد من الدول العربية والإسلامية، فكان المحور الأول حول “ازدواجية المعايير في الحماية الدولية لحقوق النساء والأطفال أثناء الحرب”، وكان المحور الثاني حول “أثر التحديات المعاصرة على الأسرة في السلم والحرب”، وتخلّلت الجلستين نقاشات مثمرة من قبل العلماء المشاركين وختمت بجملة من التوصيات.

   وقد افتتح رئيس المؤتمر الأستاذ الدكتور رأفت محمد رشيد الميقاتي رئيس جامعة طرابلس لبنان، وعضو مجلس إدارة اتّحاد المنظمات الأهليّة في العالم الإسلامي IDSB، أشغال المؤتمر معبّرا عن سعادته بأن ينعقد هذا المؤتمر المبارك بعنوان ” حماية الأسرة في زمن الانهيار الحضاري في السلم والحرب” في رحاب دوحة الخير وفي ظلال الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، حيث تم التحضير للمؤتمر وإنجازه بالتنسيق الكامل بين لجنة الأسرة والأمانة العامة للاتحاد، وأكد أنّه إذا كانت فلسطين المباركة وغزة الصامدة قد أَمْلَتْ أحداثها المزلزلة على كل حرّ في العالم أن يوليها الأولوية المطلقة في سُلَّم القضايا الساخنة، فإنّ هذا الواجب أرخى بظلاله على موضوع المؤتمر هذا، لتكون مقاربات حماية الأسرة من منظور حضاري في عصر الانهيار الشامل، ومن منظور السلم والحرب في زمن الجرائم المشهودة ضد الانسانية والإبادة الجماعية المستمرة دون توقف من قبل العصابات الصهيونية المجرمة، التي ادعت كذباً أنها دولة على أرض فلسطين المباركة.

   وتساءل أ.د. رأفت أيُّ دَرْك بلغته الأُمم المعاصرة التي لا تزال وهي مجتمعة في هيئتها المتحدة عاجزةً عن وقف العدوان على الإنسان جنيناً ورضيعاً وحاملاً ومرضعةً وحاضنةً وآباءً وأمهاتٍ وأطفالاً عزَّلاً وشيوخاً طاعنين في السن ومرضى المشافي، وهل أبقى التمّرد الاسرائيلي ورعاته وحماته أيُّ فاعليةٍ لمجلس الأمن المشلول ” بنقض الحق ” المسمى زوراً بحق النقض VETO “، وماذا بقي للأمين العام للأمم المتحدة من نفوذٍ إذا كان يحضر شخصياً إلى معبر رفح وأمامه مئات مكبرات الصوت وعدسات المصورين وخلفه مئات شاحنات الإغاثة ويُحال بينه وبين إدخالها إلى قطاع غزَّة وهو من هو!!، وأضاف أنَّ الآحادية التي تحكم العالم بمنطق القوة لا بقوة المنطق والحق، قد جرَّدت الشعب الفلسطيني من إنسانيته بتوصيفها العنصري بأنه” حيوانات بشرية” تمهيداً لإبادته وحرمانه من حق الحياة، فضلاً عن سائر الحقوق الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية.

   وأشار الأستاذ الدكتور رأفت الميقاتي إلى الفوضى الفكرية التي يتَّسم بها النتاج التشريعي للأمم المتحدة، والتي هي آخذةٌ بالاستعار في إنهاء الاجتماع البشري، وانهيار سقوف الاحتمالات في ابتكارات أشكال الجندر وإضفاء الحماية على الفوضى الجنسية وإخراج الإنسان من الجنس إلى النوع، ثم إخراجه من النوع نفسه بظاهرة الاستكلاب، بعد الملل من مجرد إخراج الذكور من ذكورتهم والإناث من أنوثتهنّ، وفوضى الأدوار وصولاً إلى التحول البيولويجي، فأي إخراج هذا للإنسان من النور إلى الظلمات؟!، وأضاف أنه سبق للأمين العام للأمم المتحدة أن طالب منذ أقل من ثلاثة أشهر وخلال حرب طوفان الأقصى بإجراء إصلاحات في المنظمة الدولية بعدما بدا مجلس الأمن عاجزاً عن اتخاذ قرار لحماية الشعب الفلسطيني الذي يعاني من الاحتلال منذ عقود طويلة.، مشيرا إلى أننا نتطلع من خلال هذا المؤتمر الدولي إلى أن يقوم الأمين العام للأمم المتحدة بإجراء إصلاحات جذرية للمواثيق الدولية، التي خرجت عن إنسانية الإنسان وعن الشرائع السماوية وعن المشترك الإنساني، لتشرع قتل الأجنة باسم حق الإجهاض، وقتل الحياء والذرية والفطرة باسم المثلية والتحول الجنسي.

   وانتهى رئيس المؤتمر إلى القول بأنّنا إذ نحيّي الجهود المشتركة في أنحاء العالم للتمسك بالفطرة السليمة، من مونديال قطر مرورًا بتظاهرات كندا وصولا إلى قيام الاتحاد الروسي بتجريم الشذوذ والإجهاض، وأكّد أ.د. الميقاتي أن دور العلماء كبير جداً في صناعة المناعة الثقافية للأمة ونصح أولي الأمر لما فيه خير دنياهم، وعدم الركون إلى مطابخ التشريع الدولية التي وضعت هدفاً لها وهو الإبقاء على المليار الذهبي والقضاء على ما زاد عن ذلك من سكان العالم، وتساءل أَلَيْسَ أولئك هُم أعداءُ الإنسانية على اختلاف مِللها ونَحلِها وأديانها ومَذَاهبها؟ ” وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ، أَلَآ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ”(الآيات 11/12 من سورة البقرة).

   وبعد كلمة الافتتاح التي ألقاها رئيس المؤتمر، عُقدت الجلسة الأولى التي دارت حول محور “ازدواجية المعايير في الحماية الدولية لحقوق النساء والأطفال في الحرب”،، وترأسها أ. د. رأفت محمد رشيد الميقاتي ، وتضمنت مداخلات ثلّة من العلماء.

    حيث قدّمت د. كاميليا حلمي طولون، رئيس لجنة الأسرة وعضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والمختصّة في أثر المواثيق الدوليّة في هدم الأسرة، ورقة بعنوان “الأجندة الخفيّة في المواثيق الدوليّة الخاصّة بحماية النساء والأطفال في الحروب”، بيّنت فيها أنّه برصد ما يجري على الساحة من مجازر في حق النساء والأطفال في أرض فلسطين، وفي أرض السودان، ندرك أن كل ما كتب في إعلانات ومواثيق الأمم المتحدة حول حماية النساء والأطفال في الحروب، لا يساوي قيمة الأوراق التي كتب عليها، ولاحظت الدكتورة كاميليا أنّ الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل إن الأمم المتحدة تعمل على استغلال هذه المواقف العصيبة في تنفيذ أجندتها المشبوهة المتعلقة بالمرأة والطفل، حيث تتضمن المواثيق الخاصة بأوضاع النساء والأطفال في الحروب أجندة خفية لا يتم الإعلان عنها، ولكن يتم تطبيقها عمليًا، كما يتم ربطها بالدعم والتمويل الإنساني الذي يتم تقديمه للنساء والأطفال الواقعين تحت نير الحرب، وفي مخيمات اللجوء؛ وتتمثل الأجندة الخفية التي تم إدماجها بين ثنايا المواثيق الخاصة بالنساء والأطفال في الحروب والأزمات؛ في عدة قضايا، من أهمها:

–       إدماج منظور «الجندر Gender» في السياسات الإغاثية، وفي مفاوضات السلام التي تعقب الحروب، عبر إقحام «الحماية من العنف المبني على الجندر» ضمن جرائم الحرب، ويتم تمرير ذلك المصطلح استغلالاً لفهم عموم الناس للعنف في الحروب بأنه القصف والقتل والتهجير والتعذيب.. إلخ.

–       التركيز على تقديم خدمات الصحة الجنسية والإنجابية للمهاجرات واللاجئات؛ ذلك أنّه من منظور صندوق السكان بالأمم المتحدة UNFPA، يعد الحصول على خدمات الصحة الجنسية والإنجابية من أولويات النساء المهاجرات والمشردات جراء الحروب والكوارث، وبناء عليه وضع صندوق السكان ما يعرف بالـ «الحد الأدنى من الخدمات الأولية Minimum Initial Service Package [MISP]»، والتي تقوم على: «التخطيط لخدمات الصحة الإنجابية الشاملة في المرحلة المبكرة من حالات الطوارئ»، ويدعم صندوق الأمم المتحدة للسكان بالشراكة مع أصحاب المصلحة، تنفيذ مجموعة خدمات MISP للتأكد من أن جميع السكان المتضررين لديهم إمكانية الوصول إلى خدمات الصحة الجنسية والإنجابية المنقذة للحياة”، ويتم وفقًا لبرنامج MISP توفير وسائل منع الحمل للنساء والمشرّدين بسبب الحرب كما يتمّ وفقا لهذا البرنامج تدريب عدد من المتخصصين؛ للقيام بعمليات الإجهاض.

–       إقحام مجلس الأمن للاستفادة من قدراته وإمكاناته العسكرية وسلطاته في توقيع العقوبات على الدول التي لا تلتزم بسياسات واستراتيجيات ما يعرف بمحاربة «العنف المبني على الجندر»؛ من ذلك صدور القرار رقم 1325 لعام 2000 عن مجلس الأمن الدولي، وهو ما يسمى بجدول أعمال “المرأة والسلام والأمن”. وقد ركز القرار المذكور على «تعميم المنظور الجندري في عمليات دعم السلام»، كما نص على: “القضاء على العنف المبني على الجندر.

–       التوصية العامة رقم (30) لعام 2013 التي تحمل شعار «القضاء على العنف المبني  على الجندر»؛ حيث أنّه لضمان استمرارية تطبيق اتفاقية «سيداو» أثناء الحروب، وخوفًا من ضياع «المكتسبات» التي حققتها الأمم المتحدة بتطبيق اتفاقية سيداو، بسبب الحروب واللجوء والهجرة، أصدرت لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة هذه التوصية الخاصة بوضع النساء والفتيات في وقت الحرب، والتي تلفت الانتباه إلى دور النزاع في تفاقم عدم المساواة الجندرية؛ مما يزيد من خطر العنف القائم على الجندر على النساء والفتيات، كما تتناول مسألة الإجهاض وغيرها من المسائل.

كما قدّمت د. سناء الحداد ، الحاصلة على الدكتوراة في الفقه وعلومه من جامعة الزيتونة والمحامية والبرلمانية سابقة والعضو السابق في مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورقة بعنوان “حقوق النساء والأطفال في غزّة بين تنظير القانون الدوليّ والواقع الميداني”، وقد تطرّقت في مداخلتها إلى أسباب استهداف الكيان المحتل للنساء والأطفال في حربه على غزّة مبيّنة أنّ هذا الاستهداف يأتي في إطار المعركة الديمغرافيّة على أرض فلسطين، كما بيّنت الدكتورة سناء أنّ القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان يضمنان على المستوى النّظري على الأقل حقوق النساء والأطفال في غزّة، ولاحظت أنّه لم يقع تطبيق مبادئ القانون الإنساني الدولي (مبدأ التمييز ومبدأ التناسب ومبدأ الحيطة) في الحرب، وتساءلت عن الموقف الأممي من الحرب على غزّة، هذه الحرب التي تشكّل تهديدا للسلم والأمن الدوليين، منتقدةً افلاس منظّمة الأمم المتحدة وعجزها عن حماية حقوق الإنسان، وعن الحفاظ عن الأمن والسلم الدوليين، بسبب استعمال حق النقض الذي أدّى في النهاية إلى ازدواجيّة المعايير داخل منظمة الأمم المتحدة.

من جهته قدّم أ. د. مروان أبو راس عضو المجلس التشريعي الفلسطيني ورئيس اللجنة التشريعيّة في المجلس التشريعي وعضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ورئيس فرع الاتحاد في غزّة، وعضو مجلس أمناء مؤسّسة القدس الدوليّة، قدّم ورقة بعنوان “محاولات هدم الأسرة في فلسطين” بيّن فيها أنّ هناك محاولات متكرّرة لهدم الأسرة في فلسطين، من أهمها:

–       اتّفاقيّة السلام (المزعوم) التي وقعتها السلطة مع الاحتلال، وقد كان لها أثر ضار وخطير على المنظومة الأسرية من جوانب عديدة، حيث فتحت المجال أمام العلمانيين والمحاربين للدين والخلق للتحكم في مفاصل الإدارة العامة، ووضع القوانين التي تتعارض مع الدين والأخلاق والقيم في المجتمع الفلسطيني، ومنها الزنا بالتراضي والاختلاط والتسيب الأخلاقي والقيمي في المجتمع بحجة الحرية، وأخطرها خطة التعايش مع المجتمع الصهيوني وعمل أنشطة مشتركة بين الجنسين مع الجنسين من الاحتلال.

–       توقيع رئيس السلطة على اتفاقية سيداو بشكل مفاجئ بلا تحفّظ مع ما فيها من بنود تدميرية للأسرة والمجتمع، ودون الرجوع إلى المؤسسات التشريعية والدينية والاجتماعية الفاعلة في المجتمع الفلسطيني، وقد جوبه هذا التوقيع من السلطة على اتّفاقيّة سيداو بردّة فعل قويّة، وبرفض من جميع أبناء المجتمع الفلسطيني وعلى راسهم العلماء والنواب والتجمعات الشعبية والأهلية والعديد من السياسيين وأصحاب القرار.

–       المؤسّسات النسويّة ومحاولاتها التدخل في الحياة القضائية والتنفيذية والاجتماعية، حيث أن هذه المؤسّسات النسويّة نصبت نفسها مصلحة للمجتمع، وشجعت المرأة على التمرد، وعملت على وضع منظومة واسعة للترافع أمام الجهات القضائية للدفاع مجانا عن المرأة باعتبارها صاحبة الحق دائماً دون النظر إلى الجوانب المتعدد للخلافات في الحياة العامة والخاصة، ولكن القانون الناظم للعمل القضائي والمنظومة القضائية الثابتة أحبطت جميع مخططات المؤسّسات النسويّة، وأفشلت تنفيذ نواياها في زعزعة الكينونة الأسرية المتينة، ولله الحمد.

–       سعي الاحتلال الصهيوني للحد من النمو الديمغرافي الذي سبب له قلقاً بالغاً في صراعه الوجودي مع الشعب الفلسطيني، ومن الأدوات التي اعتمدها العدوّ لتحجيم النمو السكاني، الإبقاء على حالة الضعف الاقتصادي، وتسهيل عمليات تحديد النسل المجانية، واستخدام الإعلام ومناهج التعليم للترويج لفكرة أن الأسرة السعيدة هي الأسرة القليلة العدد، والتوسع في إعطاء المؤسسات النسوية الحرية الأكبر في العمل في ميدان هدم الأسرة، والسعي الدؤوب إلى ترويج فكرة لمظلومية المرأة في مواجهة الرجل، وتغييب فكرة الدين عن واقع الحياة.

   وفيما يتعلق بالحرب الأخيرة على غزة والضفة الغربية والقدس والداخل، لاحظ الدكتور مروان أبوراس أنّها أكثر خطراً على الأسرة الفلسطينية منذ تأسيس الكيان وإقامته على أرض فلسطين، ذلك لأنها تحاول تشتيت الأسرة وتفكيك وشائجها وضرب عمودها الفقري، وقد استخدم العدو في ذلك وسائل مختلفة، منها قصف وتدمير البيوت وأهلها فيها قصدًا، وقتل الرجال أو تجريدهم من ملابسهم أمام النساء لاجتثاث فكرة الرجولة، والتجويع كسياسة منهجية تجعل الأسرة كاملة تشعر بضعف الرابط الاجتماعي، خاصة أن الرجل لا يستطيع أن يفي بما تحتاجه أسرته فالكل يسعى لإطعام نفسه، وسرقة الأطفال والتهجير ممّا أدّى إلى ضياع كثير من الأسر وتفرقها.

   في المقابل تعمل المقاومة جاهدة بكل الطرق والوسائل إلى احباط مخططات العدو، وذلك خاصّة من خلال تعزيز صمود الشعب الفلسطيني وتقوية عزيمته، وتمتين الروابط الأسرة والمحافظة على صلابتها، حيث تجسد الصمود في رفض الشعب للتهجير خارج وطنه رغم  الإجرام الصهيوني، وقد شهد العالم مظاهر تماسك المجتمع الفلسطيني، وقوة الروابط الأسرية بينه من خلال حالات التكافل والتآزر التي تشيع بين النازحين في مراكز الايواء، وأضاف أ.د. مروان أبو راس أنّ ثبات المقاومة واثخانها في العدو رغم كل ما يملك من وسائل، جعل الشعب كله رجاله ونساءه وأطفاله يثق بها، ويلتف حولها ويشكل لها درعاً اجتماعيا واقياً، ثقةً منه بأن النصر حتمي وأنه على موعد مع الخلاص من هذا العدو رغم أنف الداعمين والمتآمرين، وفي ختام الجلسة الأولى تمّ فتح باب النقاش وتقديم التوصيات من قبل السادّة الحضور.

   أما الجلسة الثانية للمؤتمر فقد كانت حول محور “أثر التحديات المعاصرة على الأسرة في السلم والحرب”، وانعقدت برئاسة الدكتور مثنّى أمين النائب في البرلمان العراقي والخبير في تشريعات الأسرة، حيث أكّد على أنّ الحصن الأخير للأمّة الإسلاميّة هو الأسرة، فإذا ما أسقط فإنه يسقط معه كلّ ما نملك من هويّة وخصوصيّة، وأكد أن هناك هجمة على مستوى القانون الدولي على الأسرة، ومساعٍ لنشر الشذوذ بديلا عن الفطرة السليمة.

   حيث قدمت الدكتورة  فاطمة عبدالله عزام الأستاذ مساعد بجامعة قطر (قسم الفقه وأصوله) وعضو لجنة الأسرة وعضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، رئيس قسم المرأة وعضو المجلس التنفيذي بهيئة علماء فلسطين، وورقة تحت  عنوان “المسؤولية الشرعية في حماية الأسرة الفلسطينية (استراتيجيات ومبادرات)”، حيث عرضت في بداية مداخلتها للتأصيل الشرعي لمسؤولية الأمة عن حماية المنكوبين والمتضررين، ثم طرحت أهم الاستراتيجيات في حماية الأسرة الفلسطينية، كما أشارت إلى نماذج من المبادرات في نصرة قضية الشعب الفلسطيني، وأخيرا أوصت بتأسيس شبكات شعبية مجتمعية تكون مظلة جامعة للشعوب تعبر عن الانتهاكات في حق الأسرة، ونادت بتفعيل دور المقاطعة الاقتصادية للمنتجات الصهيونية والمنتجات الداعمة للعدو الصهيوني.

   كما قدّم الدكتور محمد سالم الدودو الأستاذ بقسم الدراسات العليا بمركز تكوين العلماء والعضو السابق بمجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، خلال الجلسة الثانية للمؤتمر ورقة بعنوان “الناجون من أطفال غزّة وتحدّي غياب الدور الأسري”، بيّن فيها أنّ الجديد في حرب غزة أن ما يلحق الأطفال بها هو استهداف مباشر وليس حالة عرضية، وأنّ الذين كتب لهم البقاء على قيد الحياة حتى الآن من أطفال غزّة يعيشون حالة غير مسبوقة من الرعب والقهر وفقدان السند، فغالبية الناجين من أطفال غزّة منقسمون ما بين نازح ومصاب وفاقد للسند وجامع بينها أو بين بعضها، وأن هذا الواقع المرير يضع الأمة الإسلامية والعالم بأسره أمام مسؤولياتهم في توفير العناية لهؤلاء الضحايا الأحياء من خلال رعايتهم والتكفل بهم.

    وأضاف الدكتور الدودو أنّه لا بد من فضح زيف شعارات حماية الطفل وكفالة حقوقه التي لا تستخدم إلا لانتزاع طفل مسلم من حضن أبويه وتسليمه للغير، أو لمنع الوالدين من التنشئة الفطرية السلمية والأخلاقية القويمة والدينية الحقة لأبنائهما. فلا وجود على التراب الفلسطيني عموما، ولا على أرض غزة خصوصا لأي نشاط دولي حقوقي جدي لمنع اعتداء المحتل على الأطفال، بالقتل والتشريد، ولا حديث في المحافل الدولية عن هدم الاحتلال بغزة للمدارس ورياض الأطفال وحلق تحفيظ القرآن الكريم على رؤوس الأطفال ومدرسيهم والمشرفين التربويين عليهم.

    ثمّ أكّد الدكتور محمد سالم الدودو على تجذر حقوق الأطفال والعناية بهم في الإسلام، فأمة الإسلام هي أغنى الأمم في المجال الأخلاقي والتشريعات الحقوقية؛ وتبدأ عناية الإسلام بالأطفال من مرحلة اختيار الإنسان لزوجه إلى حين وصول الطفل إلى سن البلوغ، وبما أن نظرة الإسلام تتسم بالشمولية والتعويل على جميع الاحتمالات والظروف الممكنة، فقد شرع الله للوالدين تأديب أطفالهما، لكنه وضع لذلك ضوابط واضحة يتحقق بها المقصود، ولا تترك آثارا سلبية بدنية ولا نفسية على الأطفال، ذلك أن الإسلام يحمي “مصالح الأطفال”، مفرقا بينها وبين “أهوائهم”، معترفا بقصورهم في معظم الحالات عن التمييز بين الاثنين، خلافا للنظرة الغربية القاصرة التي تحمي “أهواء الأطفال”، على حساب “مصالحهم”، وتسلب الأبوين حق الرقابة الفطرية الطبيعية على تنشئة أولادهم.

   ومن هنا فقد عدد الإسلام حقوق الطفل الأساسية كإثبات النسب، والحضانة، والحماية، والنفقة، والإيواء، والعطف والرحمة، وحسن التأديب، وجودة التعليم، والتمليك والعدل فيه، والتوريث، ومنع الإساءة والإهانة، وحض على التسوية بينهم إلا فيما فرق الله فيه بين الجنسين مراعاةً لمقتضيات الفطرة السلمية، ولكل بند من هذه البنود جملة من الضوابط العامة والأحكام التفصيلية الدقيقة المحكمة.

   وقد نهى الإسلام عن قتل الأطفال في الحروب أو التعرض لهم بأي سوء، وأوجب حمايتهم وكمال رعايتهم على من آلوا إليه من المسلمين، ونهى عن التفريق بينهم وبين الموجود من والديهم. وختم الدكتور الدودو ورقته بتقديم جملة من التوصيات معتبرا أنّه من واجب الأمّة والعالم تجاه أطفال غزة بعد وقوع العدوان أولًا وضع حد لهذا العدوان الغاشم، تمهيدا لإعادة الإعمار وإصلاح ما أفسدته الآلة التخريبية للتحالف العالمي المعتدي، وأنه لا بد -موازاةً مع ذلك- من التحرك السريع لتطويق بوادر المجاعة وانتشار الأوبئة التي بدأت تظهر بالفعل في بعض المناطق.

 

   وقدّم الدكتور عبد الحي يوسف عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ورقة بعنوان “دور التربية  الدينية في تأسيس أجيال المقاومة”، بيّن فيها أن ثمة حرباً دينية يشنها أعداء الإسلام على الدين وأهله، وساق جملة من الشواهد من بينها أنّه إثر العدوان الصهيوني على قطاع غزة صرح الرئيس الأمريكي بايدن بكلام يدل على هذا المعنى حين قال: «لو لم توجد إسرائيل في هذه المنطقة لأوجدناها»، فأقرَّ بتصريحه هذا أن دولة الكيان الصهيوني مستعمَرةٌ صليبية أنشأتها الدول الكبرى لتشُنَّ حرباً بالوكالة على الإسلام وأهله، وأضاف الدكتور عبد الحي يوسف أنّه في مقابل هذه الشعارات الدينية المرفوعة والإجراءات المتبوعة من قبل أعداء الإسلام، نجد سياسة ناشطة فاعلة لتجفيف منابع التدين بين المسلمين، وهذه السياسات مفروضة من قبل الدول الكبرى، ومطلوب إعمالها بسرعة وحسم، وقد تمثل ذلك في جملة من التدابير، منها السيطرة على المساجد، وتعديل المناهج التعليمية وإلغاء المعاهد الدينية أو حصر نشاطها في مجرد تعليم العبادات دون المعاملات أو العقيدة، وتقليص مساحة تعليم الدين والإسلام في التعليم الأساسي، فضلاً عن التحكم والسيطرة في مضمون المناهج التعليمية، ومحاصرة خطبة الجمعة وإضعاف دورها في توعية المسلمين بإقصاء العلماء والخطباء المؤثرين وفرض الخطبة الموحدة وتحجيم دور المساجد على أداء الصلاة فقط، ولاحظ الدكتور عبد الحي يوسف أنّ هناك خططا للاستيلاء على ركن الإسلام الرابع وهو الزكاة، عبر تقنين إخراجها للمؤسسات الرسمية فقط، بل تم المناداة بتقديم الزكاة لهيئات الأمم المتحدة!، والتي تستهلك مصاريفها الإدارية من الأموال الممنوحة ما يزيد عن 50%، إلى جانب فتح المجال لكل العلمانيين والحداثيين واللادينيين للخوض في أحكام الشريعة والقوانين المنبثقة منها في الأحوال الشخصية لتطويعها لمفاهيم اتفاقية سيداو، التي تتناقض مع الإسلام تماماً في الكبيرة والصغيرة، والضغط على كثير من الحركات الإسلامية وقادتها التكنوقراط والشرعيين للتنازل عن كثير من الثوابت الشرعية والقيام بمواءمات على حساب الإسلام والدين ليوافق الأهواء العلمانية والإلحادية، ومحاولة تشويه مفاهيم شرعية كالجهاد والخلافة والحكم الإسلامي عن طريق التنظيمات المصنوعة – كداعش ورديفاتها – وكذلك الميليشيات الشيعية المجرمة.

    كما أجاب الدكتور عبد الحي يوسف عن سؤال ماذا يجب علينا إزاء هذه الهجمة على الدين والمقدّسات بأنّه يجب:

–       تربية جيل مسلم على جملة من المسلمات العقدية، وذلك عبر تثبيت الإيمان في القلوب بالقدر خيره وشره و بسنة التدافع بين الحق والباطل، وأن ذلك باقٍ إلى قيام الساعة (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض)، وغرس العزة الإيمانية وحب الجهاد واليقين بأن النصر من عند الله، وبث الأمل بأن وعد الله آت وأن من نصر الله نصره الله في نفوس الناشئة والشباب.

–       تربية جيل مسلم على جملة من السلوكيات العملية، وذلك عبر: تربيتهم على الالتزام بفرائض الدين وأركانه التي تميز المسلم عن غيره، وتنشئتهم على محاسن العادات، وتنشئتهم على مكارم الأخلاق، وتربيتهم على التماس أسباب القوة في كل شيء.

–       التنفير من جملة من مساوئ الأخلاق والعادات، وذلك عبر التحذير من الوهن النفسي الذي حذر منه القرآن الكريم، والقعود عن الجهاد والجبن والشح، والتحذير من الميوعة والتخنث، والتحذير من العجز والكسل، وأنهى الدكتور عبد الحي يوسف مداخلته باقتراح الوسائل الفاعلة لتحصيل ما مضى بسطه.

 

   وقدّمت الأستاذة الباحثة والداعية التركيّة ديليك تشيلينك، ورقة بعنوان “آثار الإفساد التشريعي على الأسرة (التجربة التركيّة نموذجا)”، بيّنت فيها الآثار السلبية للاتفاقيّات الدوليّة المتعلّقة بالأسرة، على غرار اتفاقية إسطنبول (اتّفاقيّة المجلس الأوروبي لمنع ومكافحة العنف ضدّ المرأة والعنف المنزلي) التي انسحبت منها تركيا مؤخّرا، حيث أن هذه الاتفاقيات تؤدّي إلى تفكك الأسرة، وتحويل العلاقة الأسرية إلى شراكة تستند إلى المصلحة، وإلغاء المسؤوليات المتبادلة بين الزوجين، كما أن أحكامها تصنع جيلًا من الأطفال والشباب المتمرد الثائر على الوالدين والمعلمين والدولة، وبالتالي فهي تدمر الأسرة ثم تضعف المجتمع و تدمره، وأضافت الأستاذة ديليك أنّه في تركيا وبعد الانضمام لهذه الاتفاقيات وخاصة اتفاقية إسطنبول، وبسبب النظرة الفردية والأنانية التي تنشرها هذه الاتفاقيات بين الشباب، لم تعد المرأة توافق على خدمة زوجها، ولم يعد الرجل يريد الإنفاق على زوجته، لذلك يتم تأجيل الزواج أو العزوف عنه، كما أن بعض الزيجات تُفرض فيها شروط تتنافى مع جوهر عقد الزواج، كأن تشترط المرأة عند الزواج عدم الانجاب أو عدم القيام بأعمال المنزل، أو أن يشترط الرجل على المرأة العمل خارج البيت وتمكينه من راتبها أو تغطية جزء من نفقات المنزل، أو عدم التدخل في حياته خارج المنزل، وأكدت على ملاحظة زيادة مظاهر التفكك الأسري وارتفاع نسب الطلاق في تركيا بعد الانضمام لاتفاقية إسطنبول، إضافة إلى زيادة مستويات العنف الأسري وارتفاع جرائم القتل و الانتحار بسبب الظلم الذي يتعرض له الرجال، حيث أن “تصريح المرأة هو الأساس” فيما يتعلق بالعنف الأسري، ممّا أدّى إلى تعرّض العديد من الرجال للافتراء والسجن والإبعاد عن المنزل، وإلزام الزوج بدفع تعويضات باهظة وغير عادلة، ونفقة مدى الحياة للزوجة إذا أراد الطلاق، إضافة إلى توقيع العقوبات الشديدة، وهو ما جعل الشباب يعرضون عن الزواج، كما أصبح الرجال المتزوجون يخافون من أن يصبحوا آباء، لأنّ أي تدخّل منهم في حياة أبنائهم يعرّضهم للجزاءات، وأضافت الأستاذة ديليك أنّ اتفاقية إسطنبول كان لها آثارا سلبيّة على مكانة المرأة، حيث لم يعد للنساء في تركيا الاحترام الذي كن يتمتعن به في الماضي، لأنهن تمردن على الرجال فأصبح الرجال ينظرون إليهن كمنافسين.

   وقدّم أ.د. عمر عبد العزيز بهاء الدين البرلماني السابق وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورقة بعنوان “أثر وسائل التواصل الاجتماعي في إفساد الأسرة والشباب”، أوضّح فيها أن ظاهرة التردد المفرط  والاستعمال الخاطئ لمواقع التواصل الاجتماعي، يعد من بين أهم الأخطار التي تهدد النظام الأسري في العالم، وأكد بأن دراسات علمية وميدانية عديدة أثبتت أن وسائل التواصل الاجتماعي أثرت سلبًا على المجتمعات الشرقية، بل وأدت إلى تغييرات جذرية في طبيعة العلاقات بين الأفراد في الأسر، وظهور ظواهر سلبية متنوعة كالعزلة الأسرية والاجتماعية، وازدياد حالات الكآبة الشخصية، وانعدام الأمان الأسري، والتقليل من فرص الزواج وازدياد حالات العزوبة، وتفشي النزاعات العائلية المؤدية في أكثر الحالات إلى الطلاق، وفقدان الحوار والتواصل بين أفراد الأسرة، وإضاعة فرص ثمينة من عمر الأفراد، لا سيما من الفئات الشبابية.

   وللتقليل من الدور السلبي لمنصات التواصل الاجتماعي بين أفراد الأسرة المسلمة وهيمنتها على المجتمع، اقترح أ.د. عمر عبد العزيز جملة من الخطوات والإجراءات العملية، منها: وضع خطة علمية لفلترة المواقع الإباحية الفاسدة في الانترنت وتثبيت برمجيات الرقابة الأبوية، وتشجيع الوالدين على وضع برنامج دوري أو شهري للأسرة، للدخول على المواقع النافعة (الشرعية ولعلمية والاجتماعية والأدبية والترفيهية والسياسية)، بحضور جميع أفراد الأسرة بشرط رعاية ميول الجميع، ووضع برنامج عائلي تعليمي تربوي، يذكّر فيه رب الأسرة أهله وأولاده بين فينة وأخرى، بطريقة علمية هادئة وبعيدا عن التشنج والانفعال، ويعلمهم كيفية الاستعمال الناجح والصحيح لمواقع التواصل الاجتماعي، وأن يحرص الوالدين على الحضور الإيجابي في المنزل وبين أفراد الأسرة، لمواجهة الانشغال المفرط بمواقع التواصل الاجتماعي، وضرورة توفير السكنى والمودة والرحمة بين الزوجين وبين أفراد الأسرة عمومًا، وتوفير فرص التعليم بما يناسب طموحات الأبناء وتطلعاتهم المشروعة، والسعي لتنمية مهاراتهم بحسب ظروف العائلة والإمكانيات المتوفرة.

  وفي نهاية الجلسة الثانية فتح النقاش للسادة العلماء الحضور، ثمّ اختتم المؤتمر بجلسة ختاميّة تضمّنت ورشة عمل لاقتراح التوصيات وإعلانها.

 

 

توصيات مؤتمر

“حماية الأسرة في زمن الانهيار الحضاري في السلم والحرب”

 

   في ظلّ الاستهداف المباشر للنساء والأطفال والأسر خلال العدوان الصهيوني الهمجي المتواصل على المدنيين العزّل في غزّة، والصمت المتواطئ من قبل منظمات دولية ومحلية تدّعي حماية النساء والأطفال، وتتخذ من شعارات الدفاع عن حقوقهم غطاء لمحاربة الأخلاق والفطرة السليمة وهدم الأسرة؛ نظمت لجنة الأسرة بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بتاريخ 28 جمادى الآخرة 1445هـ الموافق 10 يناير 2024 بالدوحة بقطر، مؤتمر “حماية الأسرة في زمن الانهيار الحضاري في السلم والحرب”، والذي تناول أخطر التحدّيات التي تواجه الأسرة – في السلم وأثناء الحرب- والآليّات العمليّة لتحصين الأسرة وحمايتها، وبعد التشاور أوصى المؤتمر بما يأتي:

1. دعوة وزارات الأوقاف والشؤون الدينية ودور الفتوى والهيئات العلمائية في الدول الإسلامية إلى العمل على تعزيز وعي الدعاة والأئمة والخطباء بالعواصف الفكرية والإعلامية والتشريعية التي تتعرض لها مؤسسة الأسرة، وتأهيلهم لمواجهة التحديات المعاصرة التي تواجه الأسرة، وعلى رأسها التحديات التشريعية بغية ترشيد الناس عامة والشباب خاصة؛ بما يؤدي إلى حماية الأسرة.

2. الدعوة إلى توجيه الباحثين وطلاب الدراسات العليا في الجامعات إلى إعداد البحوث ورسائل الماجستير والدكتوراة في موضوعات تتعلق برصد كل ما يهدد هوية ووجود الأسرة، سواءً في الإعلام أو مناهج التعليم أو قوانين الأسرة من تطبيقات المواثيق الدولية وتداعياتها.

3. الدعوة إلى دعم جهود الهيئات والمؤسسات التي تتصدى للإفساد التعليمي والإعلامي والإفساد التشريعي لقوانين الأسرة، واستثمار طاقات المبدعين في المجالات المختلفة للتوعية بالمخاطر التي تهدد الأسرة وسبل مواجهتها.

4. مطالبة الحكومات الإسلامية بإعادة النظر في التزامها بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بالأسرة، أسوة بموقف دولتي بولندا وتركيا من اتفاقية إسطنبول (اتفاقية منع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي) التي أصدرها المجلس الأوروبي عام ٢٠١١، حيث انسحبت الدولتان من الاتفاقية بعدما ثبت لهما بما لا يدع مجالاً للشك الضرر البالغ لتلك الاتفاقية على القيم والأخلاق وعلى تماسك الأسرة.

5. التأكيد على ضرورة تنقية قوانين الأسرة من كل ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية، وإصدار نموذج لقانون يضم التشريعات الأسرية ذات المرجعية الإسلامية، وطرحه عالميًا كبديل للمواثيق الدولية، والاستفادة من المواثيق الإسلامية للأسرة التي وضعتها الهيئات العلمائية المختلفة.

6. دعوة المختصين إلى إعداد (دليل) بالشبهات التي تثار حول المنظومة التشريعية والأخلاقية التي تحكم مؤسسة الأسرة في الإسلام والردود عليها من المنظور الشرعي، ليستفيد منه المهتمون بقضايا الأسرة من إعلاميين وبرلمانيين ودعاة وغيرهم من القيادات المجتمعية.

7. الدعوة إلى تنظيم مؤتمر عالمي يناقش أهم التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه الأسرة وسبل معالجتها من الشريعة الإسلامية.

 

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

28 جمادى الآخرة 1445هـ

الموافق 10 يناير 2024

الدوحة/ قطر

المصدر: الاتحاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى