كتب وبحوث

قراءة في كتاب الصحوة والتربية المنشودة

اسم الكتاب: الصحوة والتربية المنشودة.

اسم المؤلف: الشيخ الدكتور محمد بن عبدالله الدويش.

عدد الصفحات: 70 صفحة.

الناشر: دار رسالة البيان.

—-

نبذة عن الكتاب: بقلم الشيخ وضاح بن هادي.

يقع الكتاب في 70 صفحة من حجم الكف وهو يُعتبر محاولة لإثارة مزيد من التطلعات والطموحات نحو عطاء أكثر تميزا للتجربة التربوية في العمل الإسلامي، وهو أشبه بخواطر وتأملات – كما يقول المؤلّف – أكثر من كونها تأصيل وبحث علمي لإبراز معالم عامة ليست جاهزة للتطبيق المباشر ..

والكتاب عبارة عن شقّين:

1- شقّ تكلّم فيه مؤلفه حول جوانب التميّز والمُنجزات التي تحقّقت من خلال التجربة التربوية للعمل الإسلامي.. .

2- وشقّ آخر استهله مؤلفه بـ(حتمية المراجعة)، مرورا بموضوعات عدة تتعلق بالتربية والمنهج والمربي وإعداده.. الخ.

اقتباسات دندن حولها المؤلف:

  • الصحوة والعلم الشرعي: فالعلم الشرعي قرين الإصلاح والتجديد؛ إلا أننا وفي الآونة الأخيرة تبدّت لنا مؤشرات تبعث على القلق، وضمور في العناية بالعلم الشرعي، وفقدان للتوازن في متطلبات البناء الفكري والعلمي، مما يستوجب مزيدا من العناية والاهتمام.. .
  • الإمكانات والقدرات: لقد عانى العمل التربوي من ضعف في الإمكانات الضرورية الكافية للنجاح؛ فالخبرات التربوية المتخصصة غير كافية، والرؤية التربوية اليوم تُرسم من دعاة أو طلبة علم، أو مفكرين يملكون علما وغيرة وحماسة، لكنهم يفتقرون إلى المعرفة المتخصصة التي لا غنى عنها..

وفي المقابل ليس ثمة مؤسسات تربوية تمارس دورا في البناء والتخطيط، وفي التنفيذ والتقويم..

والواقع اليوم يفرض علينا تجاوز الماضي، والتخلي عن العفوية في التعامل مع قضية جوهرية كقضية التربية .

  • لماذا المراجعة؟: ثمّة عوامل عدّة تؤكّد على أهمية المراجعة للتجربة التربوية في العمل الإسلامي ، من أهمها:

أن المربين الذين رعتهم الصحوة وهم ناشئة أصبحوا اليوم في مواطن العطاء، والنتاج هو ثمرة التجربة، وهذا يتيح الفرصة للتقييم والتقويم الموضوعي..

كذلك ما نعيشه اليوم من تغيّرات هائلة عالمية وإقليمية ومحلّية، ولا شك أن هذه التغيّرات تترك أثرا على المستهدفين بالتربية، وعلى مواصفات من يُؤهلَون للإصلاح في هذه المجتمعات وقيادتها.

  • المراجعة المطلوبة: وحتى تُحقّق هذه المراجعة أهدافها فلابد من مراعاة أمور، أهمها:

أن تكون هذه المراجعة جريئة وواضحة، وأن تكون جوهرية وتُثير التساؤلات الكبرى؛ فتُعيد النظر في أهداف التربية، فضلا عن أدواتها ووسائلها ومؤسساتها، وأن تنطلق تلك المراجعة من المسلّمات الشرعية، ومن ثوابت الدين ومحكماته وأصوله.. .

  • التربية الإيمانية: فرغم أن الحديث يكثُر حول التربية الإيمانية وأهميتها في العمل الإسلامي؛ إلا أن الواقع العملي لازال يعاني فجوة بين التنظير والتطبيق..فكثيرا ما يُختزل مجال التربية الإيمانية في الخشوع والرقة والتأثّر الوجداني؛ بينما مفهوم التربية الإيمانية أوسع من ذلك بكثير.. .

كذلك يكثُر الحديث دائما عن التربية الإيمانية في إطار الانحراف المتصل بالشهوات، ويُتناسى العنصر الآخر المهم وهو الوقاية من الشبهات، وهذا يؤكد العناية بالإقناع بأمور الإيمان والتأكيد على الثوابت المتصلة بالتسليم لله ورسوله، والعناية بمنهج القرآن الكريم في تثبيت الإيمان.

  • ما دور المربي ومهمته؟: يتحدث التربويون عن الدور التقليدي للمربي، وعن الدور المفترض؛ ففي الأوساط التربوية الدعوية يُسيطر دور المربي التقليدي الذي يَعْلَم ما يجهله المتربي، والذي يستطيع أن يقول رأيه في شؤون المتربي اليومية ومشكلاته كافة.. فيُكثر الحديث والتوجيه المباشر وإعطاء الأحكام، وبالتالي إصرارنا على هذا النموذج في الأوساط التربوية لن يخرج جيلا فاعلا، جيلا يفكّر ويحلّل ويستكشف، جيلا ينتج معرفة جديدة وحلولا جديدة للمشكلات ..

وتحوّلنا من هذا النموذج التقليدي للمربي يفرض علينا تحديا في تأهيل المربين وإعدادهم والارتقاء بأدائهم.

  • الدراسات العلمية: فبرغم طول التجربة التربوية في العمل الإسلامي، ورغم إنتاج العديد من المواد المسموعة والمكتوبة حول هذه التجربة؛ إلا أنها لازالت تُعاني من فقر في الدراسات العلمية، وسوء لتوظيف البحث العلمي في دراسة الواقع التربوي ومشكلاته ..وهذا كله يتطلّب كفاءات تمتلك خبرة وقدرة منهجية عالية.
  • الاتجاهات الحديثة: لازال هناك فجوة هائلة بين الممارسات التربوية في البيئة الدعوية وبين الاتجاهات التربوية الحديثة، من مثل:

مجال بناء المناهج – مجال طرق التدريس – مجال تقنيات التعلم – مجال التقويم والقياس – مجال التخطيط التربوي واستشراف المستقبل – مجال الإدارة التربوية – مجال الإشراف التربوي.. الخ؛ والمؤسف أن كثير من الأوساط التربوية لازالت تتساءل حول جدوى الإفادة من هذه الاتجاهات، وتنظر إليها نظرة سلبية، وكأنها تنادي بالبقاء على النمط التقليدي.

  • مجالات الإعداد: يتكرّر الحديث في الأوساط الدعوية عن سعة مجالات العمل الدعوي، وعن ضرورة إعداد الطاقات والكوادر الدعوية التي تلاءم مجالات العمل كافة .. ومن هنا يأتي السؤال المهم: هل البرامج التربوية في العمل الدعوي تُعِدّ طاقات ملائمة لمجالات العمل كافة؟!.
  • غياب الرؤية: فالارتجال والعمل العشوائي لم يَعُدْ مجديا في عصر يعتمد على البناء العلمي والمنهجي حتى المشروعات الشخصية المحدودة؛ فكيف ببناء الأجيال ورعايتها؟

والرؤية بطبيعتها تقتضي أن تتّسم بَقدْر من النظرة الكلية التي تَرْسُم الأطر العامة لشخصية المُنتَج التربوي، دون أن تُغْرِق في التفاصيل المحدّدة التي ينبغي أن تتّسع فيها مساحة التنوع والممارسة، وتستوعب اختلاف البيئات والظروف.. كما أنها لا يسوغ أن تكون نتاج خواطر تَجُول في أذهان معدّيها، أو فكرة طرأت في محاضرة أو مناسبة، بل لابد أن تكون نتاج دراسة عميقة يُتاح لها جهد يتلاءم مع أهميتها.

  • بناء العقول: وبناء العقول لن يتحقق من خلال التأكيد على أهمية العقل فحسب، ولا من خلال النعي على من لا يُفكّرون، أو الدعوة إلى التفكير فحسب ..إننا بحاجة إلى بناء منهجية واضحة للتعامل مع العقول ولتنمية التفكير، ومن أبرز معالمها:

تنمية الاتجاه نحو ممارسة التفكير، والتأكيد على دوره في المجالات كافة، كذلك إكساب المتربين مهارات التفكير وتنمية القدرات العقلية، كذلك تنمية الاتجاهات العقلية السليمة كالانفتاح العقلي والمرونة الذهنية والحياد والموضوعية ..

وهذا كله يتحقّق من خلال مجموع عناصر الموقف التربوي ومكوناته، ومن خلال تنظيم محتوى المعرفة ومعالجتها بما يُسهم في تنمية التفكير والقدرات العقلية.. .

  • بناء المربين: إنّ أي منهج مهما كان إتقانه لن يؤدّي أهدافه ما لم يحمله مربّ مؤهل ..ومع أهمية دور المربي وخطورته إلا أن الاعتناء بالمربين لا يزال دون المستوى المطلوب، والجهد المبذول في ذلك لا يقارن بالجهد المبذول للمتربين ..

والمُلاحظ أن كثيرا ممن يقودون رعاية الشباب وتربيتهم؛ لا يتلقون الإعداد والتأهيل الكافي لهذه المهمة، وغاية ما يملكونه هو التجارب السابقة التي عايشوها وهم طلاب مشاركون، والغالب كانت مشاركة سلبية فهم في موضع التلقي المباشر ..

ومن التطلعات المنتظرة فيما يتعلق ببناء المربين: إعداد معايير ومواصفات محددة للمربين، كذلك الاعتناء بالتأهيل المعرفي والتربوي والنفسي والمهاري قبل العمل، كما هو التطوير والتدريب وهم على رأس العمل.

  • التوسّع الأفقي: لازالت الفرص التربوية المتاحة للشباب أقل بكثير من أن تستوعب الشباب المحتاجين إلى الرعاية والتربية ..والحاجة اليوم مُلحّة إلى أن تتّسع دوائر الاستيعاب الكمّي والنوعي والعُمري، بل وحتى الجنسي ..

ولن ننجح في تحقيق ذلك إن أصررنا على نموذج ونمط تقليدي اعتدنا عليه، وحين نشعر بأهمية توسيع الدائرة فإن ذلك سيدفعنا إلى تطوير آليات وأدوات جديدة تُمكّننا من تجاوز كثير من المعوقات والمشكلات.

  • إن المنتج التربوي يمكن أن يتنوّع.. فنجد فيه القائد، وطالب العلم، والداعية، والشاب المتدين، والفتاة المتدينة، ونجد المفرّط في نفسه الذي يملك الخير ويحب ويقف مع أهله، ونجد الفرد العادي الذي استطعنا الارتقاء بتأهيله وخبراته.. الخ.
  • عصر الانفتاح.. إن التباكي على الماضي والانزعاج من الانفتاح لن يُقدّم شيئا، فنحن أمام واقع لم نصنعه، ولسنا أصحاب قرار بالقبول والرفض، والمطلب المهم هو الارتقاء بتربيتنا لاستيعاب تحديات الانفتاح ..

وهذا يتطلّب الاعتناء بالبناء الداخلي للمتربين، وتزويدهم بمهارات التفكير والنقد والتمييز والموازنة، وتنمية القدرة على التكيّف مع الأوضاع التي تفرض نفسها، وأن يكون خطابنا وحديثنا مقنعا مبرّرا لا يفترض في الآخرين السماع والإنصات فحسب.. .

  • التعلّم الذاتي والتعامل مع المعرفة: تتسع دائرة الحاجة إلى التعلم ويزداد الأمر إلحاحا مع الوتيرة المتسارعة في التغيير والتطور، ومن ثم فلا يمكن لأي تربية مهما أوتيت من إمكانات أن تقدم للمتربين كل ما يحتاجونه.. لذا فيتأكد الاعتناء بتنمية مهارات التعلم الذاتي لدى الشبب، بحيث تنمو قدرته على التعلم بنفسه، وعلى توظيف الوسائل المتاحة للتعلم الذاتي التي تنمو يوما بعد آخر.

والكتاب بحق جدير بالتأمل والنقاش الجماعي والتباحث في قضاياه، ووضع التوصيات العملية للقائمين على الميدان التربوي والدعوي للوصول للتربية المنشودة.

المصدر: صيد الفوائد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى