تقارير وإضاءات

قانون قطري لحماية العربية وتغريم من ينتهك قواعدها

قانون قطري لحماية العربية وتغريم من ينتهك قواعدها

 

إعداد عماد مراد

 

لافتات منتشرة في مناطق عدة بدولة قطر مزقت اللغة العربية بين الترجمة الحرفية والحروف اللاتينية، لكن القانون الجديد الذي أصدره أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يفرض الالتزام بالعربية الصحيحة في كافة الإصدارات ويغرّم كل من يخالف ذلك.
وينص القانون القطري الجديد على أن تلتزم جميع الجهات الحكومية وغير الحكومية بحماية ودعم اللغة العربية في كافة الأنشطة والفعاليات التي تقوم بها، وباستعمالها في اجتماعاتها ومناقشاتها، وفي إعلانات مرئية أو مسموعة أو مقروءة، وأن تكون العربية هي لغة التعليم في المؤسسات التعليمية العامة، على أن تلتزم المؤسسات التعليمية الخاصة بتدريس اللغة العربية بوصفها مادة أساسية مستقلة ضمن مناهجها.

كما ينص القانون على أن تنشر الأبحاث العلمية التي تموّلها الجهات الحكومية وغير الحكومية باللغة العربية، ويجوز النشر بلغات أخرى، فضلا عن إطلاق أسماء عربية على الشركات والمؤسسات ذات الأغراض التجارية والمالية والصناعية والعلمية والترفيهية، وأن تكتب على كافة المنتجات القطرية المعلومات المتعلقة بها باللغة العربية، ويفرض القانون غرامة 50 ألف ريال قطري (نحو 14 ألف دولار) على كل من يخالف نصوصه.

أستاذة اللغة العربية بجامعة قطر الدكتورة امتنان الصمادي رأت أن الدول العربية بحاجة لمثل هذا القانون لإعادة النظر في هويتها والتأكيد عليها، موضحة أن القانون الجديد يحمل 15 بندا مفصلا تفصيلا دقيقا حتى لا تُترك الأمور عائمة.

امتنان الصمادي: الدول العربية بحاجة لمثل هذه القوانين لإعادة النظر في هويتها والتأكيد عليها (الجزيرة)

تشويه اللغة
وأوضحت الصمادي في حديث للجزيرة نت أن القانون يستهدف الحفاظ على اللغة العربية من الممارسات التي تشوّهها، لافتة إلى أن الأجيال الشابة غير قادرة على التفريق بين الصحيح والخطأ بسبب التشويه البصري المستمر في هذا المجال.

وثمنت الصمادي وجود عقوبة كبيرة على من لا يلتزم بتطبيق القانون، مما يجعل مخالفة قواعد اللغة مكلفة على من يقترفها، مشيرة إلى أن هذه العقوبة ستكون رادعة لكل من يخلّ ببنود هذا القانون.

ويعد القانون الجديد خطوة ضمن مجموعة خطوات اتخذتها قطر خلال السنوات الأخيرة، والتي بدأت بسعي عدد من المراكز والمؤسسات إلى زيادة المحتوى الرقمي باللغة العربية على شبكة الإنترنت كالجهود التي قامت بها مكتبة قطر الوطنية لتحقيق هذا الهدف، بالإضافة إلى مبادرة “إثراء” التي أطلقها معهد قطر لبحوث الحوسبة سعيا لزيادة المحتوى العربي الرقمي على الإنترنت.

وتهدف مبادرة “إثراء” إلى سد فجوة عدم تكافؤ كمّ المحتوى العربي الرقمي مع العدد الكبير لمتحدثي اللغة العربية حول العالم مقارنةً باللغات الأخرى، وذلك من خلال البرامج المنظمة والداعمة المصممة خصيصا لتعزيز وإثراء المحتوى العربي.

كما أن القانون القطري يأتي بعد شهر واحد من تدشين معجم الدوحة التاريخي اللغة العربية الذي يوفر للباحث ألفاظ اللغة العربية ومعانيها في سياقاتها التاريخية التي استعملت فيها، ويشكل المعجم قاعدة انطلاق لعدد من المشروعات العلمية، كبناء أنطولوجيا دلالية عربية وإنجاز دراسات وأبحاث لغوية ومفهومية معمقة في مجالات المعرفة المختلفة.

تنوّع المجتمع القطري ليس عائقا أمام القانون الجديد (الجزيرة نت)

قيمة اللغة
وأكدت الصمادي أن القانون القطري ليس وليد اللحظة، بل يأتي في سياق مجموعة من الخطوات التي تعزز في مجملها قيمة ورفعة اللغة العربية داخل الدولة، مشيرة إلى استضافة قطر للمؤسسة العالمية للنهوض باللغة العربية والتي تعنى بالعربية وسبل الحفاظ عليها.

واعتبرت الصمادي أن تنوع المجتمع القطري لا يعيق القانون، لأن القانون لم يفرض على غير العرب الحديث بالعربية، بل يفرض على مؤسسات الدولة استخدام العربية في كل ما يصدر عنها، مع إمكانية ترجمة ذلك إلى لغة أخرى شرط أن يكون أصله عربيا.

وتقول أستاذة اللغة العربية في جامعة قطر “كان يؤلمني كثيرا أن أرى لافتات صادرة عن مؤسسات رسمية مكتوبة بلغة عربية ممزقة”، داعية كل مؤسسات الدولة التي تتعامل مع الجمهور لضرورة مراجعة كافة لافتاتها وإصداراتها.

ويتحدث اللغة العربية أكثر من 467 مليون نسمة حول العالم توجد في الوطن العربي بالإضافة إلى العديد من المناطق الأخرى المجاورة كالأحواز وتركيا وتشاد ومالي والسنغال وإريتريا وإثيوبيا وجنوب السودان وإيران.

وتعد العربية إحدى اللغات الرسمية الست في منظمة الأمم المتحدة، ويُحتفل باليوم العالمي للغة العربية يوم 18 ديسمبر/كانون الأول من كل عام بمناسبة اعتماد العربية بين لغات العمل في الأمم المتحدة.

 

 

 

(المصدر: الجزيرة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى