متابعات

صوت ألمانيا: هكذا حاول أردوغان تخفيف تأثير “العلمانية” على الحياة العامة

نشرت إذاعة “صوت ألمانيا” (Deutsche Welle)، تقريرًا يزعم بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حاول تخفيف تأثير “العلمانية الأتاتوركية” على الحياة العامة في تركيا، وإدخال تنقيح إسلامي على الكثير من القوانين.

وقالت الإذاعة الألمانية إن ما قام به الرئيس التركي “جعل اتهامات متعددة تلاحقه بمحاولة أسلمة الدولة العلمانية“، على حد تعبيرها.

وأشارت إلى أن تركيا تبنت خيار العلمانية منذ عهد مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة، عندما ألغى هذا الأخير دولة الخلافة، وأقام دولة حديثة على أنقاض الامبراطورية العثمانية التي تهاوت بعد نهاية الحرب العالمية الأولى.

واعتبرت أن هذا الأمر “جعل تركيا واحدة من البلدان القليلة المحسوبة على العالم الإسلامي، التي ينصّ دستورها بشكل صريح على العلمانية”.

واستدركت: “لكن محافظي تركيا، وفي مقدمتهم أردوغان، يرون أن الدولة التركية أوّلت العلمانية بشكل مُفرط،  فقلّصت من حضور الدين في الفضاءات العامة، كما تدخلت في الحرية الدينية للأفراد”.

وتابعت: “في سعيه تغيير علاقة الدولة بالدين في تركيا، حاول أردوغان تجنب الدخول في مناوشات مع العلمانيين، عندما كان يؤكد أن حزبه، وإن كان يسعى لمنح مساحة للقيم الإسلامية في المجتمع التركي، فإنه لن يخرج عن خارطة الحداثة التي وضعها أتاتورك”.

وتطرقت إلى تصريح أردوغان قبل أسابيع، حول ضرورة مناقشة قضية الخيانة الزوجية (الزنا) لأجل تجريمها من جديد، حيث أن حزبه، أي العدالة والتنمية، سبق له عام 2004 أن اقترح تجريم هذا النوع من العلاقات الجنسية، لكنه تراجع حينها عن المقترح إثر ضغوط من الاتحاد الأوروبي.

وإذا ما عادت تركيا إلى تجريم الخيانة الزوجية، فستكون البلد الوحيد في أوروبا الذي يقدم على هذه الخطوة، وفق الإذاعة الألمانية.

كما أشارت إلى تصريح أردوغان حول رغبته بتشكيل جيل متدين في البلاد يؤمن بالثقافة العثمانية ويتغلب على الأفكار الغربية، معتبرة أن من سياسات أردوغان في هذا الاتجاه تقوية مدارس الإمام الخطيب، التي سبق أن درس فيها بدوره، ويتعلق الأمر بمدارس إسلامية للتعليم الثانوي، استفادت خلال السنوات الماضية من دعم حكومي واسع، ومن المقرّر أن ترتفع الميزانية المخصصة لها لاحقاً.

ووفقًا للإذاعة الألمانية، فإن “من أكبر القرارات المتعلقة بحرية الأفراد الدينية، رفع حظر الحجاب في مؤسسات الدولة بشكل كامل عام 2013، وهو إجراء، وإن كان يخدم تصوّر أردوغان، فهو يأتي كذلك نتيجة ضغط الكثير من الفعاليات النسائية داخل البلد وخارجه، خاصة وأن بلدانا علمانية كثيرة لا تمنع النساء من العمل أو الدراسة وهن يرتدين الحجاب.

كما منعت الحكومة التركية بيع الكحول قرب المساجد والمدارس منذ العام ذاته، ومنعت كذلك مرور أيّ إعلانات أو ملصقات تروّج للكحول.

علاوة على الشأن الداخلي، عُرف أردوغان بتضامنه المستمر مع القضايا الإسلامية، إذ وقف بقوة ضد قرار ترامب إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، وأرسل مساعدات عاجلة لأقلية الروهينغا في ميانمار، كما دافع بقوة عن حركات الإسلام السياسي، خاصة في مصر.

وزعمت أن هذه الأمور جعلت “بعض التقارير الإعلامية تربط بين هذه التحركات وبين رغبة السلطان في البحث عن زعامة للعالم الإسلامي، خاصة مع تصاعد شعبية الرجل خلال السنوات الأخيرة بين جلّ رؤساء دول العالم الإسلامي، يساعده في ذلك، النموذج الاقتصادي الناجح في بلاده”.

ولا تزال الكثير من التحليلات تربط بين أردوغان وبين ماضيه الإسلامي الذي كان أقلّ تعايشا مع مبادئ العلمانية التركية، إذ سبق أن حُكم عليه عام 1997 بعشرة أشهر بسبب إلقائه قصيدة للسياسي التركي ضياء كوك ألب، تضمنت أبياتا غير موجودة في النص الأصلي، هي “المساجد ثكناتنا، القباب خوذاتنا، والمآذن حرابنا”، ممّا تسبب في تركه منصب عمدة إسطنبول.

غير أن تطوّر الفكر السياسي لغالبية حركات الإسلام السياسي يلعب لصالح أردوغان، خاصة وأن عدة أحزاب تنتمي لمثل هذه التيار، تبّنت مراجعات كبيرة وأكدت إيمانها بالدولة المدنية في مقابل ابتعادها عن الدولة الدينية.

في سياق متصل، تقول الإعلامية العربية “إحسان الفقيه”، إن الذي ينشغلون بتصنيف أردوغان هل هو إسلامي أم علماني، وبتحديد توجهاته الفكرية، لا يشيرون من قريب أو بعيد إلى الطفرة الاقتصادية التي حدثت في ظل حكومة حزبه، التي نقلت الأحوال المعيشية للمواطن التركي نقلة بعيدة، بعد أن احتل الاقتصاد التركي مواقع متقدمة في التصنيف الاقتصادي العالمي.

وأشارت الفقيه، في مقال، إلى أنه هؤلاء ينشغلون بتصنيف أردوغان هل هو إسلامي أم علماني، لكنهم لا يتحدثون عن سياساته الإصلاحية التي وضعت العصا الحديدية في عجلة الفساد الاقتصادي، واستطاع أن يغلق صنبور الفساد المالي في 15 عاما، ولا يتحدثون عن ذمته المالية النقية التي لم يستطع أحد إلى الآن في التشكيك فيها بدليل وبرهان.

وأضافت: “ينشغلون بتصنيف أردوغان، ويتجاهلون أنه قد أفسح المجال للمواطن التركي لأن يرفع رأسه معتزا ببلده، وهو يراه عنصرا فاعلا مؤثرا في المنطقة والعالم بأسره، ويشهد زعيمه وهو يتمرد على التبعية الأمريكية، ويعمل له الشرق والغرب ألف حساب”.

(المصدر: ترك برس)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى