تقارير وإضاءات

حكاية الحجاب في تركيا من البارحة الى اليوم

تعود مشكلة الحجاب في تركيا إلى عام 1923 عندما تم تأسيس الجمهورية التركية على يد مصطفى كمال أتاتورك. لم يكن في الدستور الأول للجمهورية حظر للحجاب، ورغم ذلك لم تكُن المؤسسات الرسمية تسمح للموظفات بالعمل بحجابهن.

وقد ظهرت النقاشات حول “الحجاب” في تركيا في عام 1960 مع ازدياد أعداد الطالبات المحجبات اللاتي ترغبن بالدخول إلى الجامعات بحجابهن.

مرّت عملية حظر الحجاب في تركيا بمرحلتين فارقتين؛

الأولى انقلاب 1980 العسكري الذي قامت به القوات المسلحة التركية بزعامة الجنرال  “كنان إيفرين” بأكثر من ذريعة على رأسها مظاهرة يوم القدس العالمي التي نظمها حزب السلامة الوطني الإسلامي الذي كان يرأسه البروفيسور “نجم الدين أربكان” في مدينة قونيا وسط الأناضول.

شارك في تلك المظاهرة أكثر من مليون تركي، وحملوا مجسّماً لقبة الصخرة المُشرّفة ولافتة شعار الإسلام “لا اله الا الله محمد رسول الله”. وكان العلمانيون يرون هذه المظاهرة نقطة البداية في تحول تركيا إلى دولة تحكمها الشريعة الإسلامية.

و بعد الانقلاب العسكري مباشرة تمّ إصدار قانون “لوائح اللباس في المؤسسات العامة” الذي منع الحجاب في مؤسسات الدولة. وبسبب ذلك لم تتمكّن بعض النساء من ممارسة عملهن في المؤسسات العامة بحجابهن لكي لا يقُمن بالعمل ورؤوسهن مكشوفة.

الثانية هي انقلاب 28 شباط/ فبراير 1997 الذي قام به الجيش التركي ضد الحكومة الإسلامية لحزب الرفاه، و مع هذا الانقلاب أُغلِق الحزب وأُجبِر رئيسه نجم الدين أربكان على الاستقالة من منصبه. وبدأ الجيش بالإغلاق التدريجي لمدارس الأئمة والخطباء والمدارس الدينية وطُبّق نظم التعليم الإلزامي على مدى ثماني سنوات. وقَبِل قرار في مجلس الأمن أنّ “الحجاب” هو تهديد لتركيا.

وفي تلك الأيام كان الهدف الأساسي هو النساء. النساء المحجبات لم تستطعن بالدخول الى الجامعات، لم تقدرن على العمل بالحجاب والذين يعملون قد طردن من أعمالهن.

وفي عام 1999 تمّ للمرة الأولى اختيار نائبة محجبة كعضو في البرلمان التركي، ورغم ذلك لم يُسمح لها بأن تكون حاضرةً في البرلمان بسبب ارتدائها للحجاب. وقد أخذ الذكور أيضاً نصيبهم من هذه الفترة، حيث أنّ زوجاتهن المحجبات طُرِدن من الجيش التركي. وتمّ تخفيض درجات الطلاب الذين درسوا في المدارس الشرعية “الإمام الخطيب”، حتى لا ينجحوا في امتحانات الدخول إلى الجامعات.

كانت فترة غير عادية صعُبت فيها الحياة على كثير من الناس. وردّاً على هذه السياسات انتخب الشعب التركي حزب العدالة والتنمية إلى السلطة. وفي فترة رئاسة العدالة والتنمية انخفضت السياسات المضادة للحجاب وللدين الإسلامي بشكل عام.

ولكنّ حظر الحجاب في مؤسسات الدولة استمر حتّى عام 2010، وحتّى زوجات رؤساء الوزراء ورؤساء الجمهورية لم تكنَّ حاضرات في استقبالات الجنود الأتراك.

في عام 2010 تم تعديل في الدستور واتّخاذ التدابير حول “الحقوق”، وطُرحت على الاستفتاء الشعبي ليتم قبولها وتصبح سارية المفعول. ورُفعت قضايا جنائية ضد الجنود الرفيعي المستوى الذين قامو بمحاولة الانقلاب في البلاد.

اتفاقية “إزالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW)” التي تعدّ من أهم المؤسسات المهتمة بحقوق المرأة في العالم، طالبت تركيا برفع الحظر عن الحجاب في عام 2010، وبالتزامن مع التطورات التي مرت بها تركيا على كل المستويات، تمّ رفع حظر الحجاب في عام 2010.

ورُفِع الحظر عن الموظفات في المؤسسات العامة مع “حزمة الديمقراطية” التي أعلن عنها رئيس الوزراء في تلك الفترة رجب طيب أردوغان في 1 تشرين الأول/ أكتوبر لعام 2013 بشكل رسمي.

 

 

(المصدر: ترك برس)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى