كتاباتكتابات مختارة

تحريم الأزهر الانضمام للإخوان.. ما حظها من الأدلة الشرعية؟

تحريم الأزهر الانضمام للإخوان.. ما حظها من الأدلة الشرعية؟

بقلم بسام ناصر

أفتى مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بتحريم الانضمام لجماعة الإخوان المسلمين، وجاءت فتوى المركز ردا على سؤال وجهته صحيفة (الوطن) لمشيخة الأزهر للاستفتاء حول حكم الدين الإسلامي في الانضمام لجماعة الإخوان وباقي الجماعات التي وصفتها بـ”المتطرفة”.

وبحسب “الوطن” فقد “أجاب مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، في فتوى مكتوبة، أكدّ فيها أن الانضمام لهذه الجماعة وغيرها من الجماعات الإرهابية محرم شرعا، وذلك أن الله تعالى قد أمر المسلمين بالاعتصام والاجتماع على كلمة واحدة، فقال تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا)، كما أنه سبحانه نهى عن الفرقة والاختلاف..”.

ووصفت الفتوى الجماعة ومثيلاتها من الجماعات الأخرى بأنها “قامت بتشويه بعض النصوص واقتطاعها من سياقها واستخدامها لتحقيق أهداف أو مآرب شخصية وإفساد في الأرض بعد إصلاحها من خلال غرس الفتنة والوقيعة بين أبناء الوطن الواحد”.

الفتوى الصادرة عن مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أثارت جدلا واسعا حول مدى وجاهة الأدلة الشرعية التي استندت إليها في تحريم الانضمام للجماعة، كما أنها دفعت إلى الواجهة بتساؤلات حول أسباب تأخر الأزهر في إصدار فتوى تحريم الانضمام للجماعة كل هذه السنوات إن كان يراها كذلك، مع أن إصدار فتاوى كهذه من صلب مهامه ومسؤولياته الدينية.

وعلى الرغم من أن الفتوى لم تنشر على موقع المركز، وهو ما أثار الشكوك حولها، إلا أن الباحث والخبير في الحركات الجهادية، عمرو عبد المنعم أكدّ أن الفتوى صادرة عن المركز، ولو كان لشيخ الأزهر رأي يخالف مضمون الفتوى لصدر عنه ما يعبر عن ذلك، وهو ما يعني أن الفتوى صادرة عن المركز وبموافقة شيخ الأزهر عليها.

ووصف عبد المنعم فتوى الأزهر الأخيرة بأنها “ملبسة للتاريخ” تلتبس على القارئ والمثقف والمتلقي في بعض جوانبها، وفي نفس الوقت فتوى “كاشفة للتاريخ” من جانب آخر، أما كونها ملبسة للتاريخ فلأنها “لم تجب على كثير من الأسئلة الحائرة والدائرة الآن في عقل ووجدان المجتمع”.

وتساءل في تصريحاته لـ“عربي21”: “لمن يوجه الأزهر فتواه الخاصة بتحريم الانضمام لجماعة الإخوان؟ هل لأعضاء الجماعة الذين من المفترض عند سماعهم تلك الفتوى أن يقوموا بالاستغفار وترك الجماعة؟ أم لمن لا ينتمي للجماعة ويرفضها من الأساس؟ أم لمن لا ينتمي للجماعة ولكنه يمتلك نفس قناعاتها؟ وهل مواجهة أفكار وتنظيمات كهذه تتم بمثل هذه الفتاوى؟”.

وأضاف: “أما كونها فتوى (كاشفة للتاريخ) فلأنها كشفت حجم سكوت الأزهر طوال فترات كبيرة على انحراف هذه الجماعة” وفق عبارته، وتابع متسائلا: “لماذا خرجت في هذا التوقيت؟ ولماذا لا يوجد تفصيل في هذا الصدد؟ فجماعة عمرها يفوق التسعين عاما هل من الممكن أن نخرج لها فتوى في ورقة أو ورقتين بناء على سؤال من إحدى الصحف أم يجب أن تكون هناك إجابة تفصيلية فيها كل الأجوبة الشافية على سؤال التاريخ حول نشأة الجماعة ومسارها في مختلف العصور وتجربتها في الحكم إبان الربيع العربي”.

وأردف: “معالجة حالة جماعة كالإخوان يتطلب بيان أسباب النجاح السابق لها والفشل اللاحق، وما هو دورها الآن، وما هي الأدلة الشرعية التي استندت عليها الفتوى الصادرة عن المركز”.

وأشار عبد المنعم إلى أن “لجنة الفتوى بالأزهر ومرصد الفتاوى الإلكترونية في الأساس جهات تابعة للأزهر، ولكن قوة مكتب فضيلة الإمام وهيئة كبار العلماء مستوى أعلى، وهي المنوط بها إخراج مثل هذه الفتوى المصيرية الكاشفة التي تحمل طابع (الفتوى المصيرية) المؤسسة لحالة لاحقة فيما بعد ستعيش بحكم الواقع والتاريخ، وليست فتوى موسمية سريعة الحضور، سريعة النسيان”.

ورأى عبد المنعم أن “تاريخ جماعة الإخوان مربك ومرتبك، وأننا لا نستطيع أن نعتبرها حركة إصلاحية عبر سنوات تكوينها لما تشابك معها من حوادث عنف، ووجود تنظيم سري مواز للجماعة، وتنظيم إداري آخر مواز للدولة” بحسب قراءته ورؤيته.

من جهته تساءل الكاتب والأكاديمي الفلسطيني، الدكتور عبد الستار قاسم: “أين هو حق الأزهر في إصدار هكذا فتوى وهي تضم بين جنباتها أبعادا سياسية وإصدارها ينطوي على الوقوع في الحرام أو الفسوق؟” مضيفا أن “المفهوم من الفتوى أن أنظمة سياسية وعلى رأسها النظام المصري ترغب في فتاوى من هذا القبيل على اعتبار أن جماعة الإخوان منظمة إرهابية، وبالتالي فهي خارجة عن الدين الإسلامي”.

وتابع في مقاله المعنون بـ”التلاعب بالدين الإسلامي.. (الإخوان) مثالا”: “الفتوى لا تستند إلى حقائق ومعطيات مؤكدة أن جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، لكن أنظمة سياسية تراها كذلك، وتصفها بأنها إسلام سياسي”.

وأضاف متسائلا حول تحريم الانضمام لجماعة الإخوان: “وما العيب في إعطاء تعاليم دينية بعدا سياسيا؟ ألا يوجد في أوروبا أحزاب سياسية؟ وألا تترجم أحزاب كثيرة مثل الأحزاب الرأسمالية والديمقراطية والشيوعية والاشتراكية أفكارها وقناعاتها الفلسفية إلى أطروحات سياسية؟ أم إنه حلال على الآخرين وحرام على الجماعات الإسلامية؟”.

بدوره، انتقد الأكاديمي المتخصص في التفسير وعلوم القرآن، والنائب الأردني السابق، الدكتور أحمد الرقب، الفتوى، واصفا إياها بـ”الافتراء الذي لا يقوم على قاعدة ثابتة، مطالبا من أصدرها ببيان الأدلة الشرعية التفصيلية الصريحة التي استندوا إليها في ما ذهبوا إليه في فتواهم؟”.

وتساءل: “إذا كانت الجماعة كما وصفوها في فتواهم، فما الذي جعل الأزهر يتأخر كل هذه العقود والسنوات عن إصدار هذه الفتوى، وقد مضى على انطلاق الجماعة وتأسيسها ما يقارب التسعين عاما؟ ألم يكن من واجب الأزهر الشريف أن يسارع إلى إصدار هذه الفتوى عبر كل السنوات الماضية؟”.

ورد الرقب على ما جاء في الفتوى من أن علماء الجماعة شوهوا النصوص الشرعية واقتطعوها من سياقها بما يخدم مصلحة الجماعة، مؤكدا أن “الفتوى لم تذكر نموذجا واحدا يرتكن إليه في هذا المجال”، مطالبا من أصدر هذه الفتوى “بمراجعة فتواه، والتوبة عنها”.

ولفت الرقب في حديثه لـ“عربي21” إلى أنه “من المقرر أن الحاكم أو القاضي لا يحكم وهو غضبان أو وسنان ونحو ذلك، فكيف بالمفتي إذ يفتي في قضايا كبرى كالإفتاء في حق جماعة كبرى تحارب الباطل من كل وجه، وقدمت التضحيات والغالي والنفيس من أجل الذود عن حياض الإسلام وأهله؟”.

وواصل حديثه بالقول: “هذه الفتوى أو البلوى مردودة على أصحابها، فالمفتي يجب أن يكون حرا مختارا جريئا بصيرا بالواقع السياسي والاجتماعي، عالما بسنن المدافعة والصراع بعيدا عن الابتزاز والترهيب والترغيب لا يخشى في الله لومة لائم، لا أن يكون أجيرا ومأجورا ومأمورا وإمعة، فهذا ومن كان على شاكلته ليس أهلا للفتوى بحال، وبالتالي فهذه ليست فتوى بل تنفيذ لأجندات سياسية نفعية، يستعين بها بعض الزعماء لتنفيذ مخططات أعداء الأمة، حتى تخلص لهم مناصبهم ومصالحهم وكراسيهم التي توشك على الزوال”.

ودعا في ختام حديثه من أصدروا تلك الفتوى إلى أن “يبادروا بالتوبة والندم، وأن يصدروا فتاوى ضد جرائم التطبيع والتجويع والتغريب والعلمنة والضياع مما تعيشه الشعوب العربية اليوم، وأدعوهم أن يضعوا أيديهم بكل قوة بأيدي إخوانهم من جماعة الإخوان المسلمين وصولا لمقاومة المشروع الصهيوأمريكي الذي يستهدف المنطقة بأسرها”.

(المصدر: عربي21)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى