كتاباتكتابات المنتدى

تذكير بالذِّكر

تذكير بالذِّكر

 

بقلم محمد خير رمضان يوسف (خاص بالمنتدى)

 

ندب الله تعالى عباده المؤمنين إلى الإكثار من ذكره فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا}. [سورة الأحزاب: 41].

ووصف المنافقين بقوله: {وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا}. [سورة النساء: 142].

فالإكثار من الذكر من صفاتِ المؤمنين، وقلَّته من صفات المنافقين.

وقد أثنى الله على المتصفين بالإكثار من الذكر، فقال: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ}. [سورة الأحزاب: 35].

وذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يستغفر الله في اليوم مئة مرة… وهو نبي. [ينظر صحيح مسلم (٢٧٠٢)].

ويجزئ أن نتوضأ بغسل كل عضو مرة واحدة، لكننا نفعل ذلك ثلاثًا؟ اتباعًا لسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، ولزيادة الأجر في ذلك..

وكلما أكثرت من الذكر ازداد أجرك أكثر.

فإذا قلت (سبحان الله) مرة واحدة كتبت لك (10) حسنات، وإذا قلتها (100) مرة كتب لك (1000) حسنة.

فليكثر من شاء، وليقلّ من شاء من ذكر الله، وسيجد ما يفعله في صحيفته، إن أكثرَ أو أقلَّ.

وكما ورد: “من أحبَّ شيئًا أكثرَ من ذكره”. (ضعيف الجامع 5341) معناه صحيح وإن كان حديثًا ضعيفًا. ونحن نحب ربَّنا فنكثر من ذكره، ونحب رسولنا فنكثر من الصلاة عليه، صلى الله عليه وسلم ما دامت أرض وسماء.

وفي الحديث الصحيح أنَّ رجلًا قال: يا رسولَ الله، إنَّ شرائعَ الإسلامِ قد كثُرت عليَّ فأخبِرني بشيءٍ أتشبَّثُ به. قال: “لا يزالُ لسانُك رطبًا من ذكرِ اللهِ”. [سنن الترمذي (3375) وهو صحيح].

هذه نصيحة نبينا عليه صلوات الله وسلامه، المشفق على أمته.

ومعنى (رطبًا): مداومًا على ذِكْرِ اللهِ تعالى؛ من تسبيحه وتحميدِه وتكبيره وتعظيمه، ونحوِ ذلك.

وروت أمُّنا عائشة رضي الله عنها – كما في صحيح مسلم (373) – أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان “يذكر الله على كل أحيانه”، أي: متطهِّرًا، ومُحدِثًا، وجُنبًا، وقائمًا، وقاعدًا، ومضطجِعًا، وراكبًا، وماشيًا… وقال الله تعالَى في صفة المؤمنين مرة أخرى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [سورة آل عمران:191]، فلا يملُّون ولا يكلُّون من ذكره جلَّ جلاله، في كلِّ أحوالهم وتقلباتهم.

وما أوردناه من الذكر هو بمعناه المشهور عند الناس، ويكون بالقلب واللسان، ويطلق الذكر أيضًا على الصلاة، وعلى قراءة القرآن الكريم، وهو أفضل الذكر.

وإذا عرفنا صحَّة قوله عليه الصلاة والسلام: “إنَّ أحبَّ الكلامِ إلى اللهِ أربع: سبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ ولا إلهَ إلّا اللهُ واللهُ أكبر” [صحيح ابن حبان (1811)]، فكيف لا نقوله؟

وإذا دلَّنا رسولنا صلى الله عليه وسلم على ما يثقل به ميزان الحسنات، وهو محبَّبٌ إلى الرحمن، فكيف لا نهرع إليه ونردده، من مثل “سبحانَ اللهِ وبحمده، سبحانَ اللهِ العظيم”؟ [ينظر: صحيح البخاري (٧٥٦٣)، وصحيح مسلم (2694)].

وأخيرًا، فإن الله غني عن ذكر الناس وعبادتهم له، ولكن الفائدة تعود إلى العباد، فيزداد به أجرهم، ويرتقون به في درجات الجنان إن شاء الله، وفي الدنيا فائدته كبيرة، فإنه يغسل أوضار النفوس، وتطمئن به القلوب…  {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [سورة الرعد: 28]. وصدق الله، فإنه أعلم بقلوب عباده، وما يصلحها.

ومن المؤسف ألّا يوفقَ بعض المسلمين إلى ذكر الله، مع معرفتهم بفضله، ولهذا نصح رسولنا الكريم معاذًا – وهو بهذا ينصحنا جميعًا – فقال له في شفقة ومحبة، وقد أخذ بيده: “يا معاذُ إنِّي واللهِ لأُحِبُّك”، فقال معاذ: بأبي أنتَ وأُمِّي يا رسولَ اللهِ، وأنا واللهِ أُحِبُّك، فقال: “أوصيكَ يا معاذُ لا تدَعْ في دبُرِ كلِّ صلاةٍ أنْ تقولَ: اللَّهمَّ أعِنِّي على ذِكرِك وشُكرِك وحُسنِ عبادتِك”. [صحيح ابن حبان (2021)، ورواه آخرون، بإسناد صحيح].

والمسلم يكون عنده وردٌ يومي، يحافظ به على الأدعية والأذكار التي يقولها، حتى يقطع الطريق أمام النفس المشغولة دائمًا، فإنها تحب الفوضى…

والله الهادي، والموفِّق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى