كتب وبحوث

المسكِّنات الفقهية في إطفاء آلام الإبر الطبية

إعداد : فؤاد بن يحيى بن هاشم

المقدمة

الحقنة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، الكلام في أطراف هذه المسألة ينتظم في تمهيد وفصلين، وخلاصة:

 تمهيد: وهو ما نحن الآن في غماره مِن الكلام على مناسبة ترتيب البحث.

 فيتلوه فصلان اثنان:

 –    فصلٌ: في حقنة الشرج.

 –    وفصل ثانٍ: في الحقن غير الشرجية.

 أما الفصل الأول المتعلق بحقنة الشرج فيشتمل على ثلاثة مطالب:

 –    مطلبُ: في حقيقة الحقنة الشرجية.

 –    ثم مطلبٌ: في تقرير مسالك الفقهاء المتقدمين.

 –    ثم مطلبٌ أخير: في حصر الاتجاهات المعاصرة، مشفوعاً بسياق الأدلة.(1)

 أما الفصل الثاني: فهو في الحقن غير الشرجية، وحصرنا الكلام فيها بين المعاصرين لحدوث هذا النوع من الحقن، مع المحافظة على تقرير قواعد الفقهاء في الباب.

 وانقسم الكلام فيها إلى مطلبين اثنين: الإبر غير الوريدية، الإبر الوريدية.

 ثم خلاصة موجزة: سجَّلنا فيها نتائج البحث، وما اشتمل عليه من إضافة.

الفصل الأول: حقنة الشرج:

المطلب الأول: حقنة الشرج عند الفقهاء:

الْحُقْنَةُ: هي دَوَاءٌ يُجْعَلُ في خريطة مِنْ أدم يوضع فِي مُؤَخَّرِ الْإِنْسَانِ.(2)

 وهذا النوع من الحقن هو المقصود بإطلاق الحقنة عند الفقهاء؛ لأنها هي المعروفة عندهم، أما الإبر المعاصرة فلم يعرفوها، ولم تبتكر يومئذ، كما جزم بذلك الأطباء المعاصرون، وسيأتي التعرّض لها إن شاء الله.

المطلب الثاني: مسالك الفقهاء في حكم الإفطار بحقنة الشرج:

الأحناف:

 يفطر عندهم إذا كان الداخل سائلا، وإذا كان جامدا فالعبرة بالاستقرار.(3)

 وهذا القول مبنيٌ على أمور:

 –    أن الدبر عندهم جوف.

 –    وجود معنى الفطر في الحقنة, وهو وصول ما فيه صلاح البدن إلى الجوف (4)، وهم يشترطون في العين الداخلة أن تكون مما يغذي، أو مما فيه صلاح للبدن، وإلا فلا بد من الاستقرار، لذا اشترطوه في الجامد.

 –    أثر ابن عباس أن: “الفطر مما دخل”(5)

 –    قياساً على ما يصل إلى الدماغ، على ما ورد في حديث لقيط بن صبرة(6).

 –    أن ما في الحقنة من مائع دخل إلى الجوف من طريق معتادة، كما لو دخل من الفم أو الأنف.

ويمكن أن يلزم الأحناف:

 بأن الحقنة عندهم لا تنشر الحرمة كما لو حُقِنَ صبيٌّ باللبن، كما في الرواية المشهورة عندهم، لاسيما مع تعليلهم أن المعتبر في هذه الحرمة هو معنى التغذي، وأن الحقنة لا تصل إلى موضع الغذاء; فلا يحصل بها نبات اللحم، ونشوز العظم، واندفاع الجوع فلا توجب الحرمة في الرضاع، فنقول: ولا الإفطار في الصيام، على أنهم أجابوا بالفرق: بأن هذه معانٍ مقصودة في الرضاع، فحسب، أما الإفطار؛ فيكفي فيه مجرد الوصول إلى الجوف، ويرجع النزاع حينئذٍ في حصولها بالحقنة.(7)

وإلزامٌ آخر:

 وهو أنهم عللوا عدم الفطر بالآمَّة بأن ما يصل إليها من الجراحة لا يحصل به الغذاء، فيدل على أن الأمر لديهم في المنافذ غير المعتادة ليس هو مجرد الوصول، بل الوصول، وحصول الغذاء، أو استصلاح البدن، وقد ينازَع بأن من الحقن ما يستصلح به البدن، وننازعهم: بأنها لو كانت كذلك؛ فلم اشترطتم الاستقرار في الجامد؟ وأنتم لا تشترطونه إلا فيما لم يكن غذاء ولا استصلاحاً للبدن.

وهذان إلزامان: كشفا بعض المنافذ التي ترد على قول الأحناف، لولا تنبّههم لها، فاحترزوا عنها فرقاً وجمعاً.

المالكية:

 يفطر السائل أو المتحلل على الراجح عند متأخريهم، دون جامدٍ، ودون دهن يسير على فتائل.(8)

 وموجِبُ هذا القول عندهم أمور:

 منها: أن الحقنة المائعة تجذب من الأمعاء.(9)

 ومنها: أن وصول المائع للمعدة مفسد مطلقاً سواء كان المنفذ عالياً أو سافلاً، ووصول الجامد لها لا يفسد إلا إذا كان المنفذ عالياً.”(10)

 وهناك اتجاه آخر لدى المالكية:

 وهو عدم الفطر بالحقن مطلقا، أو تقييده بما كان يصل إلى الجوف.

 وهذا تمثل في ثلاثةِ نصوصٍ عن الإمام مالك، وفي اتجاهين اثنين داخل المذهب:

 النصوص:

 –    “قال مالك فيمن يحتقن، أو يستدخل شيئا من وجع:

 أما الحقنة فإني أكرهها للصائم، وأما السبور فإني أرجو ألا يكون به بأسا، قال ابن وهب: والسبور الفتيلة.”(11)

 وهذا النص يفيد: عدم الإفطار بالحقن مطلقا، وإنما كره المائعة فقط، ولم يتعرَّض للإفطار، وقد ينازع هنا في تفسير الكراهة.

 –    وفي نصٍ آخر قال:

  “وإن احتقن بشيء يصل إلى جوفه، فأرى عليه القضاء”.

  فترى أنه هنا: احتاط في الإفطار بالحقنة، فقيَّده بما يصل منه إلى الجوف.(12)

 –    كما أنه في نصٍ ثالث:

 استثنى اليسير من الدهن على فتائل الحقنة(13)

 ومعلومٌ :أنه لا فرق في الإفطار بين القليل والكثير، وكأن الأمر عند الإمام مالك رحمه الله على الاحتياط.

أما الاتجاهان الآخران داخل المذهب المالكي، فهما كالتالي:

 الاتجاه الأول: نزع ابن عبد البر إلى أن القضاء في الحقنة المائعة هو قضاء استحباب، لا قضاء إيجاب؛ لأن الفطر إنما يكون مما دخل من الفم، ووصل إلى الحلق والجوف. (14)

 الاتجاه الثاني: حسَّن القاضي عياض عدم الفطر بالحقن؛ لأنها مما لا يصل إلى المعدة، ولا إلى موضع يتصرف منه ما يغذي الجسم بحال.(15)

والخلاصة:

 أنه حصل في تضاعيف المذهب المالكي خوضٌ ونزاع في حصول الإفطار بالحقنة، والذي استقرَّ عليه مذهب المتأخرين والشرَّاح هو الفطر بالحقن المائعة دون الجامدة ولو كان عليها دهن يسير، وهناك اتجاه آخر قديم لدى المالكية في إفادة عدم الإفطار بالحقنة تمثَّل في بعض نصوص الإمام مالك، لَحِظَه بعض محققيهم، وهذا أقرب إلى قواعد المالكية؛ حيث الدبر عندهم ليس بجوف، وقد نازعوا الجمهور في ذلك،(16) وإنما يحصل الفطر عندهم بما تحقق دخوله إلى الجوف،(17) ويمكن بناء على ذلك أن نرجع خلافهم في الحقنة المائعة إلى هذا المعنى، فلا يحصل الإفطار بها إلا إذا تحقق دخولها إلى الجوف، وهذه الطريقة بما ذُكِرَ فيها من نص الإمام مالك، ومِن الاتجاهين الاثنين، وما سيق لها مِن التعليل: تمثِّل اتجاها مضيِّقا في باب المفطرات عند السادة المالكية؛ وذلك بمنع الإفطار بما دخل مِنْ أسفل الإنسان مما لا يتحقق وصوله إلى الجوف.

الشافعية(18) والحنابلة(19):

تفطر حقنة الشرج مطلقا.

هذان المذهبان هما الأوسع في الإفطار فيما كان بابه الأكل والشرب، وذلك لأمور ثلاثة:

1-    التوسع في اعتبار الجوف.[كل مجوف بينه وبين البطن منفذ، كالمعدة، والدبر، وخريطة الدماغ، وداخل البطن].

2-    التوسع في اعتبار المنفذ. [كل المنافذ المعتادة، وغير المعتادة، بل وما كان عن غير منفذ، كمداواة مأمومة، أو جائفة، ولم يتنازعوا إلا في العين، وإلا ما كان في الإحليل، فتقاسما اعتبارهما].

3-    لتوسع في اعتبار العين الداخلة إلى أقصى حد. [كل عين داخلة إلى الجوف].(20)

وبناء على ذلك:

 فيحصل الإفطار بالحقن مطلقا؛ لأنها عين واصلة إلى الجوف، والدبر جوف، ولا يشترط في هذه العين أن تصل عبر منفذ معتاد، ولا أن تكون مغذية، ولا أن تستقر، فمذهب الشافعية والحنابلة هما أوسع المذاهب إفطارا في باب الأكل والشرب من الجهات الثلاث: الجوف، المنفذ، العين الواصلة.

هناك اتجاه آخر لدى الشافعية، تمثَّل في ما يلي:

حكى الشافعيُّ احتمالا بعدم الفطر بالحقنة، واستدل له بأنه ليس جوفا بخلاف الدماغ؛ فإنه يغتذي مِن المعدة(21)، واختار هذا الاحتمال القاضي حسين، وأهمل الشافعية هذا القول، وحكموا عليه بالشذوذ؛ وذلك لأن الحقنة أولى بالإفطار من السعوط. (22)

بالنسبة للحنابلة:

 فلم يظهر لي اتجاه بارز في تضييق دائرة الإفطار في الحقنة إلا ما صنعه ابن تيمية(23)، فإنه أقرب ما يكون إلى انقلاب على نظرية الحنابلة، بل وجمهور الفقهاء في هذا الباب، ولهذا لم ينسب ابن تيمية قوله في هذه المسألة إلى أحدٍ مِن الفقهاء، وإنما هي طريقة نفذ بها إلى ابن حزم الظاهري(24)، محتفظاً بأدواته القياسية، وهي طريقة تمثِّل بعضَ الاتجاهات الساكنة داخل أروقة المذاهب الفقهية الأخرى، فهو اتجاه بارز لدى المالكية، وهو قول الولوجي من الأحناف، واحتمالٌ للشافعي، كما سبق تقريره عنهما، وهو أيضاً قولٌ للثوري، وإسحاق، والحسن بن صالح، واختاره جماعة من المعاصرين.(25)

مما سبق يمكن لنا أن نقسم حكم الحقنة الشرجية عند الفقهاء إلى قسمين:

 القسم الأول:

 الحقنة السائلة، أو المتحللة:

 وهي مفطرة في المذهب المستقر لدى المذاهب الأربعة، ونزع جماعة من أهل العلم من المتقدمين ومن المتأخرين إلى عدم الإفطار بها، كما سبق بيانه.

القسم الثاني:

 الحقنة الجامدة، فيها خلاف:

 o    إما أنها لا تفطر، كما هو مذهب المالكية، ومذهب كل مَنْ حكينا عنهم عدم الإفطار بالحقن السائلة من باب أولى.

 o    وإما أنها تفطر مطلقا، كما هو مذهب الشافعية والحنابلة.

 o    أو أنها تفطر إذا استقرت، كما هو مذهب الحنفية.

ويمكن طرق المسألة من زاوية أخرى فيقال: تناول الفقهاء حكم الحقنة للصائم بطرق:

 1-    منها ما أطلق فيه الإفطار، وتمثل في مذهب الجمهور [الشافعية والحنابلة].

 2-    ومنها ما أطلق فيه عدم الإفطار، وتمثل في قول فريق من أهل العلم، على رأسهم أهل الظاهر.

 3-    ومنها ما قيِّد فيه الإفطار، وهو مذهب الحنفية؛ إذ اشترطوا استقرار الجامد منها.

 4-    ومنها ما وقع فيه نزاع وتردد وتفصيل، وتمثل ذلك في مذهب المالكية، وكان هذا التردد مع ما وقع فيه من النظر إلى مآخذ المسألة، ومنازعها مادة ثرية للمعاصرين في ما جدَّّ عندهم من الحقن.

وبما أن الحقن الشرجية المعاصرة قد توفر فيها الوصفان السابقان [الاستقرار، سائلة، أو متحللة]:

وهذان الوصفان هما اللذان اشترطهما من لم يفطر ببعض ما يدخل إلى الدبر كما سبق عن الحنفية والمالكية؛ فإنه يجوز لنا أن نقول حينئذ: إن الحقن الشرجية المعاصرة مفطرة على حسب ما استقر لدى متأخري المذاهب الأربعة.

بقي أن يقال:

 إنَّ الاتجاه الآخر الذي يمنع من الإفطار بها من حيث الأصل له مسلكان في التدليل:

  • مأخذ أهل الظاهر:

 وهو أنها ليست أكلا ولا شربا.

  • ومأخذ مَنْ مشى مشيهم في هذه المسألة مِنْ أهل القياس وهو:

 أن الفطر إنما هو بالأكل والشرب، أو ما كان في معناهما، والحقن الشرجية ليست هي أكلا ولا شرباً ، ولا هي في معناهما.(26)

الاتجاه الثالث:

 برز عند المعاصرين اتجاه ثالث في تناول مسألة حقنة الشرج، وهو قصر الإفطار على الحقن الشرجية المغذية؛ دون غيرها، كالملينة، أو الخافضة للحرارة، وهذه طريقة محمد رشيد رضا(27)، وجماعة من المعاصرين، وهي أيضا مقتضى قواعد ابن تيمية فإنه نفى الإفطار بالحقنة الشرجية؛ لأنها ليست في معنى الأكل والشرب، ثم أناط الحكم بحصول معناهما من انتفاع البدن، وتوسع مجاري الدم، ولو لم يصل إلى الجوف(28)، والتغذية تحصل ببعض هذه الحقن(29)؛ فإنها إذا وصلت إلى الأمعاء؛ فإن البدن يمتصها عن طريق الأمعاء الدقيقة، وإذا امتصها انتفع منها، فكان ما يصل إلى هذه الأمعاء الدقيقة كالذي يصل إلى المعدة من حيث التغذي به. (30)

وقوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله هذا المعنى، ثم اعترض عليه:

 بأن العلة في تفطير الصائم بالأكل والشرب ليست مجرد التغذية، وإنما هي التغذية مع التلذذ بالأكل والشرب.

 فتكون العلة مركبة من جزئين:

 أحدهما: الأكل والشرب.

 الثاني: التلذذ بالأكل والشرب؛ لأن التلذذ بالأكل والشرب مما تطلبه النفوس.”(31)

 قلت:

 هذه العلة مقتضية لعدم إفساد الصوم بالإبر المغذية أيضاً؛ لأنه لا يحصل بها التلذذ بالأكل والشرب مع أن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في مجالس شهر رمضان، وفي أجوبةٍ له في مجموع فتاويه: اعتبر أن الإبر المغذِّية التي يُكْتَفَى بها عن الأكل والشرب مفطرة؛ لأنها وإن لم تكن أكلا وشربا حقيقة؛ فإنها بمعناهما؛ وذلك لأن الشرع حكيم لا يفرِّق بين اثنين متماثلين في المعنى.(32)

ثم إنا نقول في الجواب عن هذا الإيراد:

 نعم، الحقن المغذية هي في المعنى دون الأكل والشرب، لكن المعنى المتحصِّل منها هو المقصود من الأكل والشرب، فالحقن المغذية وإن فاتها بعض المعاني المستفادة من الأكل والشرب من التلذذ بهما، وإطفاء حرارة الجوع والعطش، إلا أن ما فيها من حصول معنى الأكل والشرب، من تغذي الجسم بها، وحصوله لحاجته منها: مقتضٍ لأن يكون حكمها هو حكم الأكل والشرب، وليس نقصان معناها عن معنى الأكل والشرب بضائرٍ إذا لم يؤثر في جوهره وأركانه، فالفرق بينهما نسلِّم به، ومع ذلك فإنه لا يصل إلى درجة التأثير في الإلحاق، ما دام أن الوصف المناط به محتفظاً بوصفه.

أرأيت الجماعَ بالعوازل الحديثة، ما قولك فيها، فهي تنقص عن معنى الجماع قطعا، وتمنع من المباشرة، ومع ذلك فهي آخذة معنى الجماع وحكمه، وذلك لأن المعنى الذي فاتها من المعنى المستفاد من الجماع المعتاد لم ينقص عن جوهر أحد المعاني المقصودة من الجماع؛ فلذلك لم يؤثر في إلحاقه بأحكام الجماع، وكذلك ما نحن فيه من الفرق بين الحقن المغذية وبين الأكل والشرب المعتاد، فالفرق بينهما نسلِّم به، ومع ذلك فإنه لا يصل إلى أن يؤثر في إلحاق الأول بالثاني، ما دام أن الوصف المناط به محتفظاً بجوهره وأركانه.

ثم إن هذه العلة المركَّبة من حصول لذة الأكل والشرب، يشكل عليها حديث لقيط بن صبرة؛ فإن استنشاق الماء من الأنف لا يحصل به التلذذ بالماء، ومع ذلك لم يلتفت الشارع إلى انتفائه.

والذي يبدو لي والعلم عند الله في حكم هذه المسألة:

هو الاتجاه الأخير، وهو عدم الإفطار بالحقن الشرجية إلا أن تكون مغذية، فهذه فحسب هي التي يحصل الإفطار بها؛ لأنها هي التي تنضبط مع القاعدة في الاقتصار على الإفطار بالأكل والشرب، أو ما كان في معناهما. (33)

وإنما جزمنا بالإفطار مع ضعف القدرة على التغذية بها، كما جزم بذلك بعضُ المعاصرين (34):

 لأنه ما دام أن المقصود بهذه الإبر هو التغذية، وأنه يحصل بها هذا المعنى فإن الصائم يكون بذلك مفطرا حتى ولو كان المستفاد من التغذية قليلا؛ لأن القاعدة أنه لا نظر إلى القلة والكثرة في حصول الإفطار بالأكل والشرب، فكل ما صح أنه أكل أو شرب فإنه يقع الإفطار به وإن قل.

وقلنا باقتصار الإفطار على الحقن المغذية من الحقن الشرجية مع أنه أيضاً يمكن امتصاص شيء من الماء من الحقنة الشرجية ولو لم تكن مغذية إن مكثت طويلاً في القالون؛ وذلك لأن الأصل عدم الإفطار، وحصول الامتصاص مشكوك فيه، والأصل هو استصحاب الصيام، ولا يخرج منه إلا بيقين.

هذا من جهة تحقيق الحكم الشرعي، أما من جهة الفتوى:

 فإن وصية أساتذة الطب هو عدم إجراء الحقن الشرجية أثناء الصوم لأنها تسبب ضعفا في عضلات الأمعاء وغشائها، وتخرش القولون، وتنهك المريض وتستهلك قواه.(35)

ومما يلحق بالحقنة الشرجية:

 ما يستعمله البعض مما يسمى بالتحاميل أو اللبوس أو أقماع البواسير أو المراهم”؛(36) فإنه يجري عليها ما يجري من الكلام على الحقن الشرجية وصفاً وحكماً، وبما أنا أنطنا حصول الإفطار بحصول الأكل والشرب أو معناهما فإن هذه الأشياء لا تكون حينئذ من جملة المفطرات فهي إنما “تمتص من مكانها بواسطة شبكة كبيرة من الأوردة الدموية للدم مباشرة، ولا تستغرق هذه العملية وقتاً طويلاً، فهي كامتصاص الجلد الخارجي للماء والدواء والدهون.” (37)

أما أصبع الطبيب، ومنظار الشرج:

فظاهرٌ عدم الفطر بها؛بناء على الترجيح السابق.

تنبيه:

استدرك الدكتور محمد علي البار على ابن تيمية قوله: إن الأكل والشرب تطبخه المعدة ويستحيل دما، وجزم بعدم صحة هذا التصور، وأن الغذاء والماء لا يتحولان إلى دم كما كان القدماء يعتقدون مباشرة في المعدة أو في الكبد، وإنما يتم صنع الدم في مواضعه من نقي العظام(38)، ويتم تولد الدم حتى في فترة الصيام(39)؛ لأن في الجسم مخازن للحديد وغيره من المواد المطلوبة لتكوين الدم. (40)

قلت:

هذه فائدة علمية جيدة، وهي لا تؤثِّر على طريقة ابن تيمية في إناطة الإفطار بالأكل والشرب، أو ما كان في معناهما، وهو رحمه الله لم يقيٍّد الإفطار بالوصول إلى الجوف كما هي طريقة أهل الظاهر وجماعة من المعاصرين.

الفصل الثاني: الحقن غير الشرجية:

وهي قسمان:

  1- حقن في غير الأوردة والشرايين.         2- حقن في الأوردة أو الشرايين.

أما القسم الأول: وهو الحقن في غير الأوردة والشرايين:

كالحقن في اللثة، أو في العضلة، أو في رأس الإلية، أو نحو ذلك، سواء كان ذلك للتخدير الموضعي،(41) أو للعلاج، فإن هذا النوع من الحقن غير مفطر على الأصول المعتمدة في سائر المذاهب الفقهية (42)؛ لأنه داخلٌ إلى غير جوف، ولأنها إنما تصل إلى البدن عن طريق المسام، فهو منفذ غير معتبر في الإفطار، مثله مثل من اغتسل فأحس ببرد الماء في كبده، وبدهي أن تكون هذه الحقن ليست بمفطرة عند الاتجاهات المضيقة في باب الإفطار؛ وقد قرَّر هذا القول غالبُ مَنْ وقفت على فتاواهم من المعاصرين، وهو أيضا منضبط مع القاعدة التي قررناها سابقا في الإفطار بحصول الأكل والشرب، أو حصول معناهما، وهذه الحقن ليست أكلا ولا شربا، ولا هي في معناهما، وقد نص الفقهاء على أن الصائم لو أنه أوصل الدواء إلى داخل لحم الساق، أو غرز فيه سكينا، أو غيرها، فوصلت مخَّه لم يفطر بلا خلاف؛ لأنه لا يعد عضوا مجوفاً، وقل مثل ذلك في التجوّف في الفخذ، أو اليد، أو الظهر، أو غير ذلك، وكل ما ليس بينه وبين البطن منفذ. (43)

وذهب جماعة قليلة من المعاصرين إلى الإفطار بها، منهم: الطبيب الدكتور وسيم فتح الله،(44) ومأخذ الوهم أمور، منها: ظن أن الجوف هو كل مجوف، أو أن مجرد امتصاص الأوعية الأدموية سبب للفطر(45)، أو أنها لا تخلو من نوع غذاء، أو تقعيد بعضهم نظرية المحافظة على المنافذ المفتوحة التي قررها الفقهاء، وأن الصائم ينبغي أن يصان عن خرق دائرة الإمساك.(46)

ولم يذكر لنا وسيم فتح الله الذي انتصر لهذه الطريقة في رسالته: “المفطرات الطبية العلاجية والتشخيصية” اعتباره للإفطار بالإبر غير الوريدية: أين مكانه في كلام الفقهاء حسب القواعد التي قرروها، لاسيما وأنه اتكأ على قواعدهم اتكاء المستريح في تقرير كثير من المفطرات، ولاسيما وأنه قد بين في معرض تقريره لهذه المسألة؛ أن هذه المواضع ليست جوفاً!

فإن الأئمة الأربعة مع اتفاقهم على اعتبار الداخل إلى الجوف، فإنهم اتفقوا مع ذلك على أن عضلة الساق، أو الفخذ، أو الظهر، ونحو ذلك ليست جوفا، حتى عند الحنابلة والشافعية الذين هم أكثر الناس توسعا في اعتبار الجوف، وإن كنا نعتذر للدكتور وسيم فتح الله أنه تبع في تقريره لهذه المسألة تقرير الشيخ الفقيه محمد بن محمد المختار الشنقيطي في شرحه المسموع على زاد المستقنع.(47)

أما القسم الثاني، وهو: الحقن في الأوردة أو الشرايين:

وهي: ما يصل إلى الجسم عبر الأوعية الدموية مِن الأوردة والشرايين عن طريق الإبر(48): سواء كانت عقاقير للتداوي، أو للتخدير، أو سوائل مغذية، أو للتشخيص بمواد ملونة. (49)

وقد حصل في هذين القسم خلاف معروف بين المعاصرين:

 أولاً: ما كان لغرض التغذية أو لغرض الدواء: هناك ثلاث اتجاهات لأهل العلم:

 1- الإفطار مطلقا.                2- عدم الإفطار مطلقا.                  3- التفريق بين الغذاء والدواء.

 الاتجاه الأول: الإفطار مطلقا:

 وهو قول الدكتور محمد جبر الألفي،وقول كل مَنْ أطلق التفطير باستعمال الإبر الطبية. (50)

 وحجة هؤلاء:

 1-    أنها صارت منفذا عرفا لإمداد الجسم بالغليكوز والصوديوم وأنواع الأحماض المختلفة.

 2-    أنها في حكم الأكل والشرب؛ لاكتفاء البدن واستغنائه عن المواد المألوفة من أنواع الطعام والشراب، فهي تعطيللجسم كل وحداته الحرارية، وتحدث فيه التوازن لمتطلباته من الماء، حتى إن الإنسان إذا التهب كبده ظمأ فحقن بهذه المحلولات ذهب عطشه وروي.

 3-    أن السوائل التي تصل إلى الأوردة والشرايين توسع مجاري الدم، وقد أمرنا بتضييقها، والقول بتناول الأغذية والمقويات عن طريق الدم يتنافى مع الحكمة من الصيام.(51)

الاتجاه الثاني: عدم الإفطار بها مطلقا:

وهو قول الشيخ محمود محمد خطاب السبكي،(52) والشيخ محمد بخيت،(53)والشيخ محمد شلتوت، (54)والشيخ سيد سابق(55)، والشيخ يوسف القرضاوي.(56)

وحجة هؤلاء:

أن مثل هذه الحقنة لا يصل منها شيء إلى الجوف من المنافذ المعتادة أصلاً، وعلى فرضالوصول فإنما تصل من المسام فقط، وما تصل إليه ليس جوفاً، ولا في حكم الجوف(57).

قلت:

يكفي في رد هذا المذهب أن الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة على الفطر بمداواة المأمومة والجائفة، وهو منفذ غير معتاد، وهذا الجواب على طريقة الجمهور، أما على طريقة القياسيين مِن المضيقين في باب المفطرات؛ فإن علة التفطير ليست وصول الشيء إلى الجوف من المنفذ المعتاد، بل حصولما يتقوى به الجسم ويتغذى، مما يقع به حصول معنى الأكل والشرب؛ لذا فإن الراجح والعلم عند الله: هو ما عليه جمهور الفقهاء المعاصرين أن الإبرة المغذية تفطر الصائم لقوة أدلتهم وتوافقها مع مقاصد الشارع، وانتظامها في قواعد الفقهاء وفي طرائق المضيقين على حد سواء .(58)

الاتجاه الثالث: التفريق بين الإبر المغذية وبين إبر الدواء:

وهو قول الشيخ ابن عثيمين(59)، وجماعة من المعاصرين(60)، على رأسهم أعضاء المجمع الفقهي(61)، فهذا القول هو من جملة قرارته، (62) وقد قرَّر الدكتور البار ما يفيد أن هذا التفريق هو مذهب معظم علماء العصر.(63)

ولم يرتض الطبيب الدكتور وسيم فتح الله:

التفريق بين الإبر المغذية وغيرها؛ لأن الإبر غير المغذية لا تخلو أيضا من أن تمزج ولو بكمية قليلة مِنْ السائل الملحي أو السكري وهو سائل مغذي، وذكر أن هذا أمر معروف مستفيض بين معاشر الأطباء، ثم بين أن هذا: ينطبق على الإبر الوريدية والعضلية وتحت الجلد، وحيئنذ: فلا يكون هناك فرق في اعتبار التغذية بين الإبر المغذية وبين غيرها؛ لأن الجميع لا يخلو في الجملة من سوائل مغذية.

قلت:

هذه فائدة مهمة وهي تؤكد على المعنى الذي تم تقريره، وهو أن الإبر الوريدية تفطر الصائم مطلقا، سواء كانت مغذية، أو مخدرة، أو دواء؛ لأنها أصبحت تدخل إلى الجسم من منفذ أصبح معتادا، فنزِّل منزلة المنفذ الأصلي، والمنفذ الأصلي لا فرق فيه بين كون الداخل غذاء، أو دواء، أو تخديرا، وليكن كذلك ما نزِّل منزلته، فأصبح منفذاً يمدّ الجسم بالسوائل اللازمة من غذاء، أو دواء، أو ما ألحق بهما، وازاد هذا قوةً مع تقرير الطبيب المختص أنها لا تخلو ً من نوع  غذاء.

لكن يبقى الكلام على الإبر غير الوريدية وهي الإبر المختصة بالعضل أو تحت الجلد؛ فإن هذه الإبر لا علاقة لها بالمفطرات لأنها ليست أكلاً، ولا شربا، ولا هي في معناهما، وإنما دخلت إلى محل لا يعتبر جوفا عند الفقهاء الأربعة، ناهيك عن أهل الظاهر وغيرهم ممن التزم درب التضييق في باب المفطرات؛ فإن هذا السائل الداخل لا يفطر حتى لو كان المحل يتغذى به، كما لو جُرِحَ إنسان في شحمة أذنه، فأعطي دواء تتغذى الشحمة منه، وتلتئم، فإن هذا لا يفطر باتفاق الفقهاء، وهذا مثله، وإنما قال الأحناف بإفطار ما يصلح البدن بشرط الوصول إلى الجوف، وهذا ما لا يتحقق في إبر العضل، أو ما كان تحت الجلد، أما تشرب الأوعية الدموية لها فما هو إلا كتشربها عبر المسام للدهانات، والمراهم والماء البارد، وهي أمور ليست بمفطرة بالاتفاق.(64)

يمكن أن نلخص أحكام الحقن غير الشرجية فنقول:

 1-    الحقن الموضعية أو حقن العضل ونحوها:

فإن هذه لا تفطر لعدم تحقق معنى الإفطار فيها، فهي ليست جوفاً ولا هي في معنى الغذاء، وعلى هذا قواعد الفقهاء وطرائق المضيقين، وغالب أبحاث المعاصرين.

2-    حقن الشرايين والأوردة:

فإنها تفطر مطلقا سواء كانت غذاء أو داواء، أو تخديراً؛ لأنه صار منفذا معتادا فيكون حكمه حكم الفم في ما أدخل فيه، ولا فرق في الداخل إلى الفم بين الغذاء والدواء، ومن جملة الدواء التخدير.

الإضافة التي قدَّمها البحث:

  • تقريرُ قواعد الفقهاء في باب المفطرات عموما، وفي حقنة الشرج خصوصا.
  • تخريجُ مقتضى قواعدهم في أحكام الإبر الطبية المعاصرة.
  • إبرازُ اتجاه المضيقين في باب المفطرات بجذوره القديمة، وامتداداته المعاصرة.
  • اتجاه المضيقين في باب المفطرات له مسلكان: مسلك ظاهري، ومسلك قياسي.
  • ترجيحُ اتجاه التضييق في باب المفطرات بمسلكه القياسي مع طرح مبالغات بعض المعاصرين، لاسيما مَنْ كان منهم مبالغاً في اعتبار الطريقة المقاصدية، فاستحال ههنا إلى أصول أهل الظاهر.
  • قَصْرُ الإفطار بحقنة الشرج على بما يحصل به معنى التغذي.
  • عدمُ الإفطار بإبر العضل، وتحت الجلد، والورك ونحو ذلك، وأن هذا ما تقتضيه قواعد الفقهاء، وطرائق المضيقين، وغالب أبحاث المعاصرين.
  • الإفطارُ بالإبر الوريدية مطلقا سواء كانت للتغذية، أو للدواء، أو للتخدير؛ لأنها صارت منفذاً عرفاً لإمداد الجسم بالسوائل، ولا فرق في الداخل مِن المنافذ المعتادة بين القليل والكثير، ولا بين المغذي وغيره.
  • تحقيقُ المفطرات على قواعد الفقهاء يستدعي ما جدَّ من علم التشريح؛ لمعرفة النافذ إلى الجوف، بينما الحاجة إلى العلم بها هي على قواعد المضيقين محدودة، لا تكاد تلتفت إليها إلا بمقدار معرفة ما يحصل به معنى الأكل والشرب.
  • للأطباء المعاصرين جهد مشكور في بيان ما جدَّ من علم الطلب الحديث، لاسيما ما تعلق بالتشريح، وحرَّروا بذلك جملاً من كلام المتقدمين، بيد أنه وقع منهم العديد من الأخطاء الفقهية التي لا تحتمل، جرَّهم إليها تطبّبهم في غير صنعتم(65)، وقد تنبَّه لهذا بعض أعضاء المجمع الفقهي، فسجَّله عليهم في مناقشة الأبحاث.
  • أحسن ما كتب في هذا الباب بحسب ما اطلعت عليه مِنْ أبحاث المعاصرين: هي الأبحاث المقدَّمة إلى المجمع الفقهي بجدة، لاسيما بحث الشيخ محمد المختار السلامي؛ فإنه تكلَّف العناء في تقرير المفطرات المعاصرة حسب قواعد الفقهاء، ولاسيما بحث الدكتور محمد جبر الألفي الذي اشتمل على خلاصات محررة بتوازن حسن بين قواعد الفقهاء وما جدَّ من علم التشريح، وفي الجانب الطبي فإن بحث الطبيب الدكتور: محمد البار يبقى المنهل العذب الذي يرتوى منه كلُّ مَن قصد هذا الباب للنظر في ما جدَّ من المسائل الطبية، ويأتي بعده بحث الطبيب الدكتور: وسيم فتح الله، والطبيب الدكتور حسان شمي باشا.

 والله تعالى أعلم.

________________________

(1) إنما أرجأنا سياق الأدلة إلى ذلك الموضع النائي حتى يسبق التصور الكلي لمواقع أهل العلم في النظر إلى المسألة، مضافاً إلى ما عند المعاصرين من اتجاهٍ مضاف، فينتظم بذلك الترتيب الدلالي منساباً في لبنات التراكم العلمي.

 (2) طلبة الطلبة ص24، المغرب 124، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير 144، الشرح الممتع 6/379-381

 (3) المبسوط 3/67.

 (4) العناية شرح الهداية 2/243، الجوهرة النيرة 1/141، فتح القدير 2/242، 243، درر الحكام شرح غرر الأحكام 1/203.

 (5) أخرجه البيهقي ط. الباز (رقم: 8042)، وانظر: العناية شرح الهداية 2/243.

 (6) وهو قوله عليه الصلاة والسلام: “وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما” أخرجه أبو داود (رقم: 142)، والبيهقي في السنن  الكبرى 7/303 ، وصححه ابن حبان 3/333، وجوده المحقق في تعليقه عليه.

 (7) بدائع الصنائع ط. دار الكتب العلمية9/21.

 (8) منح الجليل شرح مختصر خليل 1/131 ، المدونة 1/269، شرح حدود ابن عرفة ص83، 84، التاج والإكليل 3/345

 (9) المدونة (1/269)،  الكافي في فقه أهل المدينة (1/345)، الذخيرة 2/505، القوانين الفقهية، شرح مختصر خليل للخرشي 2/249، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1/524، منح الجليل شرح مختصر خليل 2/131.

 (10) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1/524.

 (11) المدونة 1/269 ، مجلة لمجمع الفقهي 10-2/43.

 (12) علَّق شهاب الدين عبد الرحمن البغدادي في إرشاد السالك: أن ذلك يدل على أن “المدار في الإفطار والقضاء عند مالك على الوصول إلى الجوف وعدمه”. (برنامج المحدث، برنامج المكتبة الشاملة 1/70).

 (13) سئل مالك عن الفتائل تجعل للحقنة، قال: أرى ذلك خفيفا، ولا أرى عليه فيه شيئا. المدونة 1/269.

 (14)  الكافي في فقه أهل المدينة (1/345).

 (15) حواشي مواهب الجليل ط. دار عالم الكتب  (3/346).

 (16)  منح الجليل شرح مختصر خليل  المدونة (1/269، 346)، إرشاد السالك (1/70).

 (17)  إرشاد السالك: (برنامج المحدث، برنامج المكتبة الشاملة 1/70)

 (18)  مختصر المزني ص 58،  الحاوي في فقه الشافعي 3/456، المجموع 6/315/334، أسنى المطالب 1/415، نهاية المحتاج 3/166,

 (19) شرح العمدة من كتاب الصيام لابن تيمية 1/393،394، الفروع 3/46،54، الإنصاف 3/299، الإقناع 1/497، كشاف القناع 1/367، بل نقل حنبل: يقضي ويكفر للحقنة، والمذهب على خلافه.

 (20)  بحث مختار السلامي مجلة المجمع 10-2/42-45

 (21)  الأم 5/31.

 (22)  المجموع شرح المهذب 6/334.

 (23)  الفتاوى الكبرى 5/376، مجموع الفتاوى 25/219-247، وهي الرسالة المعروفة بحقيقة الصيام.

 (24)  المحلى 6/203.

 (25) مثل:محمد بخيت المطيعي، عبد الرحمن تاج شيخ الأزهر، محمود شلتوت، سيد سابق، ابن عثيمين، يوسف القرضاوي, عبد الله محمد عبد الله، فقه السنة 1/390، الشرح الممتع 6/379-381، مجلة المجمع الفقهي: 10-2/ 196، 252.

 (26)  الفتاوى للشيخ محمود شلتوت ص 136 بواسطة مجلة المجمع الفقهي 10/252 الشرح الممتع 6/379-381

 (27)  مجلة المنار: (عدد المجلد: 31).

 (28)  مجموع الفتاوى – (ج 25 / ص 242، 243، 244)

 (29) ولهذا فأجدني لا أتفق مع الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في نسبته عدم الإفطار بالحقن الشرجية المغذية إلى ابن تيمية، فالحقن في زمنهم لم تكن مغذية بدليل تنصيص ابن تيمية أنها لا تغذي، وأنها ليست أكلا ولا شربا، ولا هي في معناها، على أن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله كان أدق من غيره حينما قصر هذا الجواز على حقنة الشرج؛ إذ فهم جماعة من المعاصرين من إباحة ابن تيمية لحقنة الشرج للصائم أن ذلك دليل على أنه لا يفسد الصوم بالإبر المعاصرة ولو كانت مغذية، وهذا مع أن فيه ما فيه: فإنه يدفعه كلام الأطباء المعاصرين الذين تواردوا على أن الإبر الحديثة لم تكن في عصر الفقهاء، وأن مرادهم هو حقنة الشرج فحسب، ولهذا فإن ابن سعدي لما صحح كلام ابن تيمية في عدم الفطر بالحقنة الشرجية بين أن إيصال الأغذية بالإبرة إلى جوفه من طعام أو شراب لا يشك في فطر الصائم به؛ لأنه في معنى الأكل والشرب من غير فرق. مجموع الفتاوى 25/233، 234، 245، مجلة المنار: (عدد المجلد: 31).إرشاد أولي البصائر والألباب لابن سعدي ص142، مجلة المجمع الفقهي 10/،2/194، 199، 251 ،  الشرح الممتع 6/379-381، مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين 19/ 213، 214 ، 217- 221.

 (30)  الشرح الممتع 6/379-381.

 (31)  الشرح الممتع 6/379-381.

 (32) مجالس شهر رمضان ص 129،  مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين 19/ 213، 214 ، 217- 221.

 (33) ومما يلحق بالحقنة الشرجية: ما يستعمله البعض مما يسمى بالتحاميل أو اللبوس أو أقماع البواسير أو المراهم؛ فإنه يجري عليها ما يجري من الكلام على الحقن الشرجية وصفاً وحكماً. انظر: مجلة المجمع 10-2/87 بحث د. محمد حبر الألفي.

 (34)  مجلة المجمع 10-2/86، 87 بحث د. محمد حبر الألفي

 (35)  مجلة المجمع 10-2/87 بحث د. محمد حبر الألفي، وانظر بحث الطبيب الدكتور حسان شمسي باشا رئيس قسم العناية المركزة بمستشى الملك فهد فإنه جزم بعد الفطر بالحقن الشرجية مجلة المجمع 10-2/255

 (36)  مجلة المجمع 10-2-87 بحث د. محمد حبر الألفي

 (37)  مجلة المجمع 10-2-87 بحث د. محمد حبر الألفي [الإحالة غير دقيقة]

 (38) في الصغير في العظام جميعها، وفي البالغ في العظام المفلطحة والقصيرة [الدكتور البار].

 (39)  ولا يؤثر ذلك إلا إذا امتنع عن الطعام فترة طويلة من الزمن، وهي أيام وأسابيع متواصلة الصيام بدون أكل على الإطلاق لا ليلا ولا نهارا، وهو مخالف للصيام المأمور به. [الدكتور البار]

 (40)  مجلة المجمع 10-2/ 232

 (41)  أما التخدير الكامل الذي يفقد الصائم الوعي، فهي مسألة أخرى لها تعلق آخر في باب النيات، في غير ما نحن فيه.

 (42)  ينظر المراجع السابقة في تحديد قواعد الفقهاء واتجاهاتهم في باب المفطرات.

 (43)  مجلة المجمع الفقهي 10-2/60، 94، 262، وينظر: كتاب فقه الصيام لمحمد حسن هيتو ص 82، الدين الخالص للسبكي 8/457، 458 مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين 19/  217، 218، مفطرات الصيام المعاصرة ص69، 70

 (44)  رسالة في المفطرات الطبية العلاجية والتشخيصية، موقع صيد الفوائد، صفحة وسيم فتح الله، ونُسِبَ هذا القول إلى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله، وبمراجعة رسائله تبين أنه كان يتردد في الإفطار بالإبر، ثم جزم بالإفطار بإبر الوريد، وبقي تردده في إبرة العضل، واستظهر عدم جواز استعمالها للصائم، وأن الأحوط تركها. فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم: برنامج المكتبة الشاملة: 4/146-148، مفطرات الصيام المعاصرة ص6،7، 96.

 (45) ولو كان الأمر كذلك لكان ما يتسرب من المسام وتتشربه الأوعية الدموية مفطراً.

 (46) والجواب: أن الإمساك في الصيام ليس مطلقا وإنما له متعلق، وهو الإمساك عن الطعام والشراب والجماع، فهو ليس إمساكا مطلقا، وإنما إمساك مقيد، وما كان مقيدا لا ينبغي أن يستعمل مطلقا. مجلة المجمع 10-2/373-378، 396.

 (47) وملخص تقرير الشيخ المختار الشنقيطي:

  أنه لا فرق في الداخل إلى الجوف بين المغذي وغيره، سواء كان ذلك في المنفذ المعتاد أو غيره؛ بدليل حديث لقيط بن صبرة. [تفريغ أشرطته من شرح الزاد- برنامج المكتبة الشاملة].

 والجواب:

 أن هذا إيراد قوي، ونحيله على مَنْ فرق في الإفطار بين الإبر الوريدية: فأفطر بالإبر المغذية، دون الدواء أو التخدير، فَيَرِدُ عليهم أنه لا فرق في الداخل من الفم بين المغذي وغيره.

 لكن إذا أخذنا بالقول الذي اعتبرناه:

 أنه لا فرق في الداخل إلى الأوردة بين المغذية وغيرها تنزيلا لها منزلة المنفذ المعتاذ عرفا وحكما، وإنما منعنا الإفطار في إبر العضل وتحت الجلد ونحوها؛ لأنها لم تدخل إلى الجوف أصلاً حسب قواعد سائر الفقهاء، كما أنها ليست هي في معنى الأكل والشرب حسب طرائق المضيقين.

 (48)  الإبرة: أداة معدنية رفيعة الشكل توجد فتحة صغيرة في أحد أطرافها، ويكون طرفها الأخر مدبب؛ ليسهل غرزه، وتستعمل الإبر الطبية منها في زرق الحقن. ولم تفسِّرها جملة مِن المراجع اللغوية؛ لأنها – بحسبهم – معروفة. Wikipedia، مجلة المجمع الفقهي 10-2/245

 (49)  ص245

 (50) فيمكن إدخال قثطرة (أنبوب دقيق) عبر الأوردة أو عبر الشرايين وتصل إلى القلب مباشرة لتصوير القلب أو مداواتها، ويمكن نقل الدم أو مشتقاته عبر الأوردة كما يمكن سحبه منها، ويمكن إجراء الغسيل الكلوي الدموي (الإنفاذ الدموي) عبر أوردة متصلة بشرايين.

  انظر:  مجلة المجمع الفقهي 10-2/245، إرشاد أولي البصائر والألباب لابن سعدي ص142، مجلة المجمع الفقهي 10-2/91، مجموع فتاوى ابن عثيمين 19/ 219،  مفطرات الصيام لـ د. أحمد الخليل ص70، 71،

 (51) مجلة المجمع 10-2/60، 61، 94

 (52) الدين الخالص 8/456

 (53) الدين الخالص للسبكي 8/ 457 .

 (54) الفتاوى ص 136 .

 (55) فقه السنة 3/ 244 .

 (56) فقه الصيام ص 100، 101

 (57) الدين الخالص للسبكي 8/ 457 .

 (58) مجموع فتاوى ابن عثيمين 19/ 219 ، إرشاد أولي البصائر والألباب لابن سعدي ص142، مفطرات الصيام لـ د. أحمد الخليل ص70، 71.

 (59) مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين 19/ 213، 214 .

 (60) نقل الدكتور جبر الألفي التفريق بين الإبر المغذية وبين حقن التداوي عن ما يلي: ابن جبرين، الفوزان، محمد عقلة، فضل عباس. مفطرات الصائم في ضوء المستجدات الطبية ص91، 92 .

 (61) مجلة المجمع: 10-2/ 262 .

 (62)    مجلة المجمع 10-2/464  .

 (63) وذلك في موضعين اثنين من بحثه في مجلة المجمع: 10-2/223، 245

 (64)  أشار إلى هذه المسألة د. أحمد الخليل في مفطرات الصيام المعاصرة ص72

 (65)  مثل اعتبارهم لمعنى الجوف الشرعي، بادعاء أنه هو الجهاز الهضمي، أو توسيعهم دائرته ليشمل كل مجوف، أو ادعاء أن الإفطار بالجماع وما فيه من دخول الذكر للفرج يدل على حصول الإفطار بالداخل إلى الفرج، بينما لا يفطر ما دخل إلى الفرج وتعداه إلى الرحم والسبب في ذلك أن الذكر لا يمتد إلى الجوف. مجلة المجمع الفقهي 10-2/216، 227، 242، رسالة في المفطرات الطبية العلاجية والتشخيصية، موقع صيد الفوائد، صفحة وسيم فتح الله.

*المصدر : موقع المسلم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى