الحداثة.. استيراد وتبني

الحداثة.. استيراد وتبني

بقلم فاتن فاروق عبد المنعم

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما أسر أحد سريرة إلا كساه الله جلبابها، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر”.

ويقول أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه: “ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله على صفحات وجهه، وفلتات لسانه”.

فضلا عن كلام ربنا عز وجل “ولتعرفنهم في لحن القول”، لذا ما صدر عن أغلب المستشرقين وتلاميذهم ممن هزموا وتنكبوا من أبناء المسلمين في بلادنا يفضح خبيئتهم وما يعتمل في نفوسهم.

فكثيرا ما تناول المستشرقون عقيدة التوحيد والوحي والنبوة ودور الأديان ومهمتها في إطار من الجحد والتشكيك ومحاولة تصوير الأنبياء على إنهم عباقرة ومصلحون اجتماعيون تأثروا بالواقع الذين عاشوا فيه( لنفي الدين والإلوهية من الأساس) وقاموا باستيعاب التراث القديم ثم صاغوه من جديد، ولأن الأنبياء تلقوا الرسائل الإلهية وحيا كان التركيز على الوحي من حيث التشكيك في حقيقة وجوده وماهيته وصفته، فكتبوا وفندوا وأكثروا من شروح أباطيلهم التي هي أوهن من بيت العنكبوت ليتلقفها بعضا من أبناء المسلمين ممن أصيبوا برقة في الدين نتيجة منابعهم الجافة من تعاليمه التي لم يتلقوها في مرابعهم الفاسدة فكانت نفوسهم بيئة خصبة لتلقي ركام المستشرقين والفلاسفة الغربيين ليطبقوه على القرآن وتاريخ الإسلام والمسلمين كاملا فكانوا بوقا للآخر وبوقا أكثر نفيرا.

ونظرا لعدم منطقية بعض الأحداث أو التعاليم التي ملئت بها الكتب السابقة على الإسلام وبعض الفراغ المريب الذي تركته في بعض المناطق وعدم القدرة على استيعاب ما ألغز على العقل البشري قديما وحديثا عندما تجاوزها من خلال ما استحدث من مستجدات على كل الأصعدة، انطلق الفلاسفة الغربيين يجولون ويجوسون في دروب شتى علهم يهتدون فتقلبوا بين أروقة الأساطير اليونانية على وجه الخصوص لتصبح منطلق لجديد يصنعون منطقه بأيديهم يساعدهم على الفهم والاستيعاب، وبالطبع تعاملوا مع القرآن وأحكامه بنفس الرفض لسابقيه فتصدوا لأسس العقيدة الإسلامية وعلى رأسها “الوحي جبريل عليه السلام”فيما عرف بينهم “بظاهرة الوحي” وعلى رأس الرافضين:

(سبينوزا – باروخ) أو بندكت (1632م -ـ 1677م) وهو يهودي من البرتغال تلقى تربية يهودية دينية متعمقة، أصبح حاخاما ثم فليسوفا ودارسا للعلوم الإنسانية، تأثر بديكارت ذو المنهج القائم على الشك بصفة دائمة، فانتقلت عدوى الشك إليه في الدين والوحي، قال بخلود المادة وأنكر خلق آدم من عدم وآمن بوحدة الوجود وأن الله هو الطبيعة الخالقة، وهو ليس له صفات ولا يشاء ولا يريد وليس شخصا معينا حسب تعبيره (كإله الديانات) وطبقا لمنهجه فإن الإنسان كلما زادت تجاربه ومعارفه كلما اقترب من أن يكون إله أو أنه إله بمعنى ما وهو ما ضج به نتاج الكثير من الحداثيين.

كان ينتقد بشدة المعجزات والنبوءات ويعلي من العقل على الوحي، وكان يقول بأنه لا يصح للدين ولا الدولة بالمساس بحرية التفكير وكان له التأثير القوي في نشر الفكر المادي الإلحادي في القرنين السابع عشر والثامن عشر، له كتاب بعنوان “الرسالة اللاهوتية السياسية”والذي ترجمه حسن حنفي بعنوان “رسالة في اللاهوت والسياسة” وفيه وضع أسس المنهج التاريخي لدراسة محتوى النص الذي يراه يتراوح بين التاريخية والأسطورية وذلك للتحرر من سلطة الأسطورة وحتمية الحقيقة في الوحي وأنه يجب البحث في تاريخية النص وليس المعنى والحقيقة فيه وبالطبع تبعه والتزم منهجه العديد من الفلاسفة الأوروبيين حتى تفشى الإلحاد بأشكال من نوع ما وهو دأب اليهود الدائم على تخريب أي عقيدة من الداخل مما حدا بمؤلف الموسوعة الفلسفية أن يقول:

“لا شك أن سبينوزا كان يهوديا حتى النخاع، وأن مذهبه كان رؤية فلسفية للتلمود، وجاء على خطى التراث اليهودي”

ويزيد المؤلف في الإشارة إلى المؤامرة اليهودية الخفية المعلنة من خلال سبنيوزا وذلك لأن دراسة سبنيوزا يكون في مجتمعات خاصة مغلقة تشبه الجمعيات السرية القبلانية وأطلقوا عليه “ماركس دون لحية” وأن من يقوم بنشر وترجمة كتبه في روسيا هي دور نشر أصحابها من اليهود أنفسهم وأن الجدل السطحي الدائر بينه وبين المفكرين اليهود ليس إلا استعراض مكشوف استمرأه اليهود للطمس على أفعالهم لتمرير ما يريدون وهذا الفيلسوف كان المتكأ والمنطلق لجملة الحداثيين الذين تأثروا به بشكل فاضح باستخدام منهجه ومفرداته التي استحدثها في تقليد أعمى لا يكون إلا من تابع ضعيف لا منطق له ولا منهج حقيقي يستند إليه.

ريتشارد سيمون (1632م ـــ 1712م):

راهب ومفكر فرنسي كتب مجموعة من الكتب منها:

التاريخ النقدي للعهد القديم، التاريخ النقدي لروايات العهد الجديد، التاريخ النقدي لشراح الرئيسين للعهد الجديد، ملاحظات جديدة حول نص العهد وروياته.

وهي كلها تنتقد النصوص الإنجيلية وتشكك في ثبوتها تاريخيا ومنطقيا وقد اتبع منهجه المرتابون من أبناء المسلمين وطبقوه على القرآن العظيم وإن ضعف منطقهم ودلائلهم مقابل الأدلة القوية لدى الراهب أمام أبناء دينه.

شتراوس ديفيد فردريتش (1800 – 1874م):

لاهوتي بروتستانتي ألماني تشكك في المسيح عليه السلام وفي الإنجيل وانعكس ذلك على مجمل كتبه التي تناولت نقد وتحليل الإنجيل بعهديه القديم والجديد وترأس هذا الاتجاه في القرن التاسع عشر مما كان له أبلغ الأثر في :

توجه كارل ماركس من خلال فيورباخ نحو الشيوعية.

اتجاه المستشرق والفيلسوف الفرنسي إرنست رينان في عنصريته ومعاداته الشديدة للإسلام.

توجه الفيلسوف الألماني هيجل نحو المادية.

إرنست رينان (1832-1892م):

كاتب فليسوف ومستشرق فرنسي، تلقى تعليما دينيا وأصبح كاهنا وتعلم العبرية ولكنه سرعان مانقد المسيحية وترك الكهنوت واعتبر الأناجيل روايات تاريخية متناقدة، فلا يوجد مقدس لديه ويشترك مع السابقين في كون الكتاب المقدس يخضع للنقد والتحليل العلمي طبقا للمنهج القائم على الرفض والخلخلة والمادية ونفي فكرة “الثوابت العقدية والإيمانية” والتي تلقفها جملة الحداثيين في بلادنا فصالوا وجالوا في ضروب شتى ينهلون من هذا الفكر حتى تشبعوا به وتعبدوا في محاريب ماركس وهيجل ونيتشة والدائرون في ذات الفلك فانعكس ذلك على جملة أعمالهم وطبقوا ذلك على الإسلام.

بولتمان رودولف (1884- 1976م):

كاتب وفيلسوف لاهوتي ألماني، رائد حركة “نزع الطابع الميثولوجي عن المسيحية”، الميثولوجيا هي علم الأسطورة، ميث تعني أسطورة، ولوج يعني علم، والأسطورة هنا تعني الوحي المنزل من الله بالرسالات السماوية فهم يرونه أسطورة لا يقبلها العقل وهذا الفكر تلقفه الحداثيون بصورة أو بأخرى وبدرجات متفاوتة، فاستعاروا نفس المفردات والتوصيفات بغية هدم الثوابت يساعدهم على ذلك نضوب معين التعاليم الدينية داخلهم فأصبحوا أرضا جدباء تجود بما يلقى إليها أو صفحة بيضاء تتلقى أياد ما تهتك بياضها وإن كان ضعيف المنطق والحجة، فاتجهوا إلى القرآن والسنة النبوية وسيرة وحياة الرسول صلى الله عليه وسلم (على سبيل المثال لا الحصر وليمة لأعشاب البحر للسوري حيدر حيدر ومسافة في عقل رجل للمصري علاء حامد ووداعا أيتها السماء للمصري حامد عبد الصمد وموت الإله لنوال السعداوي وقبلهم أيقونتهم نجيب محفوظ ومجمل أعماله وعلى رأسها أولاد حارتنا، والقائمة تطول).

ولا غرو أن يلقى المستشرقون وكل ذي مأرب وغرض في نفسه معين لهم على ما تضمره نفوسهم القاحلة وهل من معين أفضل ممن يعرفون بيننا على أنهم مسلمون؟! فالنتيجة بالقطع ستكون بالنسبة إليهم أفضل مما لو تصدروا لنا بصفتهم ووصفهم وهذا دأب الاستعمار قديما وحديثا فمن لم يحصل عليه بجيوشه الجرارة فليحصل عليه من خلال العملاء والأتباع والمريدون لحوضهم وأبلغ توصيف لهؤلاء قول نبينا صلى الله عليه وسلم:

“ستكون أئمة من بعدي يقولون فلا يرد على قولهم، يتقاحمون النار كما تقاحم القردة”

ونبينا ذو اللسان العربي المبين شبههم بالقردة لأنهم يقلدون بعمى وجهل وهو حال العلمانيين والحداثيين الذين يتلقفون أي نظرية وضعية من الغرب أو ما يستحدثون من مفردات ومفاهيم فيتبنونها على الفور لأن دون ذلك يكون التخلف والرجعية، ثم هو يقول يتقاحمون بمعنى أنهم يقحمون أنفسهم بجهل وعجالة دون تدبر وفهم للأمر، ذلك لأنهم استبدلوا الغث بالسمين ولم يتفطنوا إلى مآرب الاستعمار الذي جال ببصره في كل اتجاه ليجد ألسن كثر بلغات ولهجات مختلفة يجمعها كتاب واحد يتلقون تعاليمه طوعا على تنوعهم فما كانوا ليقفوا مكتوفي الأيدي فابتدأوا بالحروب الصليبية ثم بالاستشراق ثم بإشاعة الاستغراب من خلال ترأس المناصب العلمية والفكرية والتعليمية والصحافة والفكر والثقافة لكل مستغرب نبت بين أيديهم في الداخل والخارج ليتم زحزحة هذه الأمة عن دينها ولغتها وتراثها لإيجاد الفراغ الفكري والاعتقادي والروحي ليستنبتوا بذورهم الخبيثة داخلنا وأبلغ دليل على ذلك ما قاله وليم بيفور بالجريف:

“متى توارى القرآن ومدينة مكة عن بلاد العرب، يمكننا حينئذ أن نرى العربي يتدحرج في سبيل الحضارة(الحضارة المسيحية) التي لم يبعده عنها سوى محمد وكتابه”.

(وهو راهب  انجليزي كاثوليكي مارس التبشير والتجسس على حد سواء في عدد من الدول العربية على رأسها لبنان الذي انضم بها إلى جماعة اليسوعيين وطاف عددا من الدول العربية في زي طبيب سوري بالإضافة إلى الحبشة وجزائر الهند عندما كانت انجلترا لا تغيب عنها الشمس)

ومن أجل أساليبهم الخبيثة لتحقيق مآربهم الابتعاث إلى جامعاتهم و بعد أن استحال عن عمد بلوغ النابغين منا المرقى الذي يطمح إليه إلا بالتعلم عندهم فيقول عن ذلك المستشرق هاملتون جب وإن كان قوله مطولا ولكنه مهم جدا مفاده أن أهداف الابتعاث ليست إلا تبشيرية استشراقية تغريبية:

“كانت النتيجة الخالصة لهذه الحركة التعليمية أنها حررت بقدر ما كان لها من تأثير، نزعة الشعوب الإسلامية من سلطان الدين دون أن تحس الشعوب بذلك، وهذا وحده تقريبا هو جوهر كل نزعة غربية فعالة في العالم الإسلامي، وهو المعيار الذي نقيس به قوة الرأي الحديث والرأي المحافظ أحدهما بالنسبة للآخر.

إن الإسلام من حيث هو دين قد فقد القليل من قوته، إما من حيث هو المسيطر على الحياة الاجتماعية فإنه أخذ في النزول عن عرشه‘ ذلك أن جانبه قوى جديدة يصدر عنها سلطان يناقض تقاليد الإسلام وأوامره الاجتماعية في بعض الأحيان، ولكنه رغم هذا يشق طريقه بالقوة غير مبال بتلك الأوامر، ولكي نصف الموقف في أبسط العبارات نقول:

إن ما حصل هو هذا، إلى عهد قريب، لم يكن للرجل العادي مآرب أو أعمال سياسية ولم يكن له أرب قريب المنال إلا الأدب الديني، ولم تكن له أعياد ولا حياة اجتماعية إلا مقترنة بالدين، فكان الدين عنده كل شيء، أما الآن فقد اتسع مدى مصالحه في كل البلاد الراقية، ولم يعد نشاطه مقيدا بالدين، وربما لا تتعرض لوجهة نظر الدين مطلقا، فوضعت المسائل السياسية تحت نظره، وقرأ وقرئ له عددا من المقالات في موضوعات متعددة لا علاقة لها بالدين، وربما لا تتعرض لوجهة النظر الدينية مطلقا، كما يمكن أن يكون الحكم عليها مقيدا بمدأ مختلف عن مبادئ الدين كل الاختلاف، وهو يجد أن الرجوع إلى المحاكم الشرعية لا يغنيه شيئا في كثير من مصاعب حياته ومشاكلها، بل يجد نفسه خاضعا لقانون مدني قد لا يعلم له مصدرا صحيحا يستمد سلطانه منه، ولكن لا شك أن هذا القانون لا يستمد سلطته من القرآن أو السنة، ولم يعد الدين هو الرابطة الاجتماعية الوحيدة أو على الأقل الكبرى بينه وبين إخوانه، إذ أن مهام أخرى غير الدين تجبره على الالتفات إليها، وهكذا نرى سلطان الإسلام قد انفصمت عراه عن حياته الاجتماعية وهذا السلطان ينحسر شيئا فشيئا حتى يقتصر على دائرة صغيرة من الأعمال.

حدث كثيرا هذا في غفلة من الناس لم يفطن إلى إدراكه إلا قليلا من المتعلمين، ولم يعمد إلى تحقيقه إلا عددا أقل من ذلك، ولكن التيار سار جارفا لا يلوي على شيء وحينما رسخت قدمه لم يعد رده ممكنا، ويظهر من المستحيل الآن ولا سيما إذا راعينا ازدياد المطالبة بالتعليم، والازدياد في اتخاذ الأنظمة الغربية أن تنعكس، وأن يعود الإسلام أن استئثاره بالسلطة الاجتماعية والسياسية استئثارا لا ينازع فيه”

وهنا قاد طه حسين قاطرة التغريب الثانية بعد نخبة محمد على التي ابتعثت لفرنسا من قبل ليبدأ بنقد الوحي والدين وإنكار قصة سيدنا إبراهيم في كتابه الشعر الجاهلي الذي الذي أملاه عليه أساتذته وأسياده من المستشرقين (على رأسهم المستشرق الانجليزي اليهودي مرجليوث بل أن البعض من الثقات يقطعون ويجزمون أنه الكاتب الحقيقي لهذا الكتاب) لينطلق بعدها الطابور الخامس من العلمانيين والليبراليين معتبرين أن طه حسين رائد حداثي”أول من اقتحم المقدس وأول من رسخ للفكر الليبرالي الديمقراطي وأول من تجرأ في الاندفاع نحو الغرب، نحو المجتمع الحر وقوض مسلمات التاريخ واللغة والدين حسب تعبيرهم”، والحقيقة أنه بقدر ما في هذا التوصيف من مدح وثناء ففيه من الذم مايكفي لإدانته، وتبعه وإلى يومنا هذا من يقدح في ثوابت الإسلام والإسلام فقط من القرآن والسنة والوحي بالنقد والتقريع والتكذيب في مختلف الوسائط تحت مسميات الليبرالية والحداثة والديمقراطية وحرية الفكر القاصرة على نقد الإسلام فقط لكن التعرض لأي دين آخر ولو كان عباد البقر فلا ينالوه إلا بالاحترام والتبجيل ودون ذلك فلو تعرض أي مسلم لأي دين آخر فهو الطائفي الذي لا يقبل الآخر ولا يحترم الآخر بينما هم لا يحترمون ولا يقدسون سوى الآخر أي آخر غير المسلمين.

ولا أدل على منهج الحداثيين في النقل والتبعية والنقل الأعمى عن الغرب من اعتراف بعضهم بذلك

فيقول عبد الرحمن منيف:

“وإذا كان مفهوم الحداثة قد جاءنا من الغرب، وأخذ معنى أو معاني ولدتها ظروف ذلك الغرب وتطوره، وإذا كان المفهوم نفسه قد تغير تبعا للمراحل، أو زاوية الرؤية، فإن ماوصل إلينا هو الصدى وبعض صور الحداثة”

ويقول غالي شكري:

“نحن لا ننقل سوى المصطله في صورته النهائية، ولا علاقة لنا بالتاريخ الاجتماعي والعلمي لهذا المصطلح، ولم نشارك في أي مرحلة من مراحل صنعه، أي أننا في الحقيقة نركب المصطلح كما نركب الطائرة والفرق هو أننا نستخدم الطائرة، أما المصطلح في العلوم الإنسانية، فإننا نستخدمه ويستخدمنا في وقت واحد، إنه يقال ليصبح جزءا من العدسة التي نرى بها الأشياء، أي جزء من رؤيتنا، أو من قدرتنا على الرؤية(من مجلة الناقد)”

إنه اعتراف دامغ على أن هؤلاء يكتبون عن بيئتنا بكل مكوناتها وهم يرتدون قبعة الخواجة الذين استعاروا عقله وعيونه ليروننا بها فلا نستغرب أقوالهم وما يعتنقون ولا دفاعهم المستميت عن كل ما يقدح في الإسلام فقط مثل دفاع حسن حفني عن آيات سلمان رشدي الشيطانية ولا تأييده لكل ما جاء بها رغم أنها على المستوى الفني مفككة لولا أنها تسب الإسلام جملة وتفصيلا فوجد بها كل جرذ إمعة ضالته لتطرب مكنونه العفن الآسن الذي يكتظ بكل نتن تعافه النفوس الأبية، أولئك بيادق الآخر الكاره للإسلام قد استعملهم وهم له مطيعون مهطعون.

أما الجزائري الذي يكتب بالفرنسية محمد أركون القادم من السربون فهو الناكر للوحي وجعله أسطورة على خطى اليهودي إسبينوز ونفي أي قداسة عن القرآن نفسه وأن سلطته جاءت من الدولة الأموية حيث يقول:

“إنه عائد إلى الدولة الرسمية التي وضعت منذ الأمويين بمنأى عن كل دراسة نقدية، لأنها أرادت أن تجعل منه مصدرا للسيادة العليا والمشروعية المثلى التي لا تناقش ولا تمس، لقد فرضت هذه الوظيفة السياسية للقرآن نفسها منذ أن تم تشكيل المصحف”

هذا المسمى باسم نبينا قال عن قصة أصحاب الكهف بأنها أسطورة وهاجم الغربيين الذين كتبوا كتبا يثبتون فيها صحة القرآن وقوته وثبات حقيقته وعدم تعرضه للتحريف أو التشويه وأنه المنزل وحيا من الله على نبينا محمد صلى الله عليه مسلم وصفها بأنها كتبا تبجيلية هزيلة(هذا الوصف قاله بعد أن كتب الطبيب الفرنسي موريس بوكاي بعد أن أسلم كتاب بعنوان التوراة والقرآن والعلم)

وعن جمع أمير المؤمنين عثمان بن عفان للمصحف بأنه حالة من الهيجان السياسي الديني.

إنه الفجر في الخصومة القديم المتجدد، إنه الكبر والباطل الذي يعتنقونه، فكفار اليوم كالأمس ولو أن دينا ما ناله ما نال الإسلام من النقد والتشكيك قديما وحديثا لانتهى وما كان له وجود لولا قوة الإسلام في ذاته.

(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى