كتب وبحوث

التكوير على التحرير والتنوير (12) | الشيخ محمد خير رمضان يوسف

التكوير على التحرير والتنوير (12)

الشيخ محمد خير رمضان يوسف

(خاص بمنتدى العلماء)

الجزء الثاني عشر

 

(تابع لسورة هود)

7- {وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء}.

ذكرَ أنه تقدَّمَ القولُ في نظيرها بسورةِ الأعراف (الآية 54)، ومختصرُ تفسيرهِ لها: تعليمٌ بعظيمِ قدرته، ويحصلُ منه للمشركين زيادةُ شعورٍ بضلالهم في تشريكِ غيرهِ في الإلهية. وقد اقتضتْ حكمةُ الله تعالى أن يكونَ خلقُ السّماواتِ والأرضِ مدرجاً، وأن لا يكونَ دفعة… وأيًّا ما كان، فالأيامُ مرادٌ بها مقادير، لا الأيامُ التي واحدها يوم، الذي هو من طلوعِ الشمسِ إلى غروبها، إذ لم تكنْ شمسٌ في بعضِ تلك المدة. والتعمُّقُ في البحثِ في هذا خروجٌ عن غرضِ القرآن.

9- {إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُور}.

قنوطٌ في الشدَّة. (البغوي).

11- {إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَـئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِير}.

{وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ} شكرًا لنعمائهِ الظاهرةِ والباطنة، أو السالفةِ والآنفة. والعملُ الصالحُ هو ما كان لوجهِ الله تعالى. (روح البيان).

{أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} يغفرها لهم، ولا يفضحهم بها في معادهم، {وأجْرٌ كَبِـيرٌ} يقول: ولهم من الله مع مغفرةِ ذنوبهم ثوابٌ على أعمالهم الصالحةِ التي عملوها في دارِ الدنيا جزيل، وجزاءٌ عظيـم. (الطبري).

12- {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}.

أي: قائمٌ به وحافظٌ له، فيحفَظُ أحوالكَ وأحوالَهم، فتوكَّلْ عليهِ في جميعِ أمورك، فإنه فاعلٌ بهم ما يليقُ بحالهم. (روح المعاني).

15- {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا}.

{يُرِيد}: المرادُ بالإرادةِ ما يحصلُ عند مباشرةِ الأعمال، لا مجردُ الإرادةِ القلبية؛ لقولهِ تعالى {نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا} أي: نوصلُ إليهم ثمراتِ أعمالهم في الحياةِ الدنيا كاملة…

{وَزِينَتَهَا} أي: ما يزيِّنها ويحسِّنها، من الصحةِ والأمنِ والسعة، في الرزقِ وكثرةِ الأولادِ والرئاسةِ وغيرِ ذلك، لا وجهَ الله تعالى. (روح البيان).

18- {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أُوْلَـئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِين}.

{افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا}: ذكرَ عند تفسيرِ الآيةِ (94) من سورةِ آلِ عمران، أن الافتراءَ هو الكذب، وهو مرادفُ الاختلاق، وكأن أصلَهُ كنايةٌ عن الكذبِ وتلميح، وشاعَ ذلك حتى صارَ مرادفًا للكذب. اهـ.

{أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِين}: ألا غضبُ الله علـى المعتدين الذين كفروا بربِّهم. (الطبري).

23- {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُواْ إِلَى رَبِّهِمْ}.

أشار إلى تفسيرها في سورةِ البقرة (الآية 82). وفيها اقتصرَ على قوله: تذييلٌ لتعقيبِ النذارةِ بالبشارةِ على عادةِ القرآن.

وقالَ الإمامُ الطبري: إن الذين صَدَقوا الله ورسولَه، وعملوا في الدنـيا بطاعةِ الله..

25- {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ}.

يخبرُ تعالَى عن نوحٍ عليهِ السلام، وكانَ أوَّلَ رسولٍ بعثَهُ اللهُ إلى أهلِ الأرضِ مِن المشركينَ عَبَدةِ الأصنام، أنهُ قالَ لقومه: {إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ} أي: ظاهرُ النَّذارَةِ لكم مِن عذابِ الله، إنْ أنتم عبدتُم غيرَ الله. (ابن كثير).

31- {وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْرًا}.

  أي: توفيقاً وإيماناً وأجراً. (البغوي).

32- {قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}.

{إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} في حكمِكَ بلحوقِ العذابِ إنْ لم نؤمنْ بك (روح المعاني).

35- {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي}.

 ذكرَ عند تفسيرِ الآيةِ (94) من سورةِ آلِ عمران، أن الافتراءَ هو الكذب، وهو مرادفُ الاختلاق، وكأن أصلَهُ كنايةٌ عن الكذبِ وتلميح، وشاعَ ذلك حتى صارَ مرادفًا للكذب.

37- {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا}.

ذكرَ أنه تقدَّمَ في سورةِ البقرة (الآية 164). وفيها أن المقصودَ السفن، قال: وهو ومفردهُ سواءٌ في الوزن.

42- {وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ}.

تجري بنوحٍ ومن معه فـيها. (الطبري). أي: السفينةُ سائرةٌ بهم على وجهِ الماء، الذي قد طبقَ جميعَ الأرض. (ابن كثير).

43- {قَالَ سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ}.

{يَعْصِمُنِي}: يمنعني. (البغوي وغيره).

47- {وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.

منَ الذين غَبنوا أنفسَهم حظوظَها وهلكوا. (الطبري).

48- {وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيم}.

{سَنُـمَتِّعُهُمْ} في الحياةِ في الدنـيا، يقول: نرزقهم فيها ما يتمتعون به إلى أن يبلغوا آجالهم، {ثُمَّ يَـمُسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ ألِـيـمٌ} يقول: ثم نذيقهم إذا وردوا علـينا عذابـاً مؤلماً موجعاً.

49- {فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ}

عند تفسيرهِ الآيةَ الثانيةَ من سورةِ البقرةِ قال: التقوى الشرعيةُ هي امتثالُ الأوامر، واجتنابُ المنهياتِ من الكبائر، وعدمُ الاسترسالِ على الصغائر، ظاهراً وباطناً، أي: اتقاءُ ما جعلَ الله الاقتحامَ فيه موجباً غضبَهُ وعقابه.

50- {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا}.

ذكرَ مؤلفُ الأصلِ أنه تقدَّمَ تفسيرهُ في الآيةِ (65) من سورةِ الأعراف، وقد بيَّنَ هناك أن عادًا أمةٌ عظيمةٌ من العربِ العاربةِ البائدة، وكانوا عشرَ قبائل، وقيل: ثلاثَ عشرةَ قبيلة، وهم أبناءُ عادِ بن عُوص..

قال: وكانت منازلُ عادٍ ببلادِ العربِ بالشِّحْر، من أرضِ اليمنِ وحضرموتَ وعُمَانَ والأحقاف، وهي الرمالُ التي بين حضرموتَ وعُمَان.

وأشارَ إلى أن هودًا عليه السلامُ كان من ذوي نسبٍ بقومهِ عاد.

55- {فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُون}.

فاحتالوا في مكركم وضرِّي أنتم وأوثانكم. (البغوي).

56- {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ}.

اعتَمدتُ. (البغوي).

60- {أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ}.

ذكرَ أنه تقدَّمَ في الآيةِ (44) من السورة، وفيه أنَّ البُعدَ كنايةٌ عن التحقيرِ بلازمِ كراهيةِ الشيء. ثم ذكرَ أن {بُعْدًا} نزلَ منزلةَ (ليبعَدُوا بُعداً)، مع فائدةٍ أخرى، وهي استعمالُ اللامِ مع {بُعْدًا}، الدالِّ على معنى أن البعدَ يحقُّ لهم.

61- {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا}.

أخاهم في النسب. من قبيلتهم.

62- {أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا}.

مِن قَبْلُ، مِن الآلهة. (البغوي).

63- {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً}.

أشارَ إلى تقدُّمها في قصةِ نوحٍ عليه السلام (الآية 28) من السورة، وملخصُ قولهِ هناك: افتتاحُ مراجعتهِ بالنداءِ لطلبِ إقبالِ أذهانهم لوعي كلامه، واختيارُ استحضارهم بعنوان (قومهِ) لاستنزالِ طائرِ نفورهم، تذكيراً لهم بأنه منهم، فلا يريدُ لهم إلا خيراً. وقوله: {أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي} معناه: إن كنتُ ذا برهانٍ واضح، ومتصفاً برحمةِ الله بالرسالةِ بالهدى، فلم تظهرْ لكم الحجةُ ولا دلائلُ الهدى، فهل ألزمكم أنا وأتباعي بها؟ أي: بالإذعانِ إليها والتصديقِ بها، إن أنتم تكرهون قبولها. وهذا تعريضٌ بأنهم لو تأمَّلوا تأمُّلاً بريئاً من الكراهيةِ والعداوةِ لعلموا صدقَ دعوته.

64- {وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آَيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ}.

فسَّرَ بعضَ الألفاظ. وتفسيرها: ويا قومي هذه معجزةٌ تدلُّ على صدقِ نبوَّتي، هذه ناقةُ الله، جاءتْ من عندهِ ولم يَملِكْها أحد، فاترُكوها تأكلْ في أرضِ اللهِ الواسعة، ولا تَمدُّوا أيديَكُم إليها بأذًى وشرّ، كذبحٍ أو ضرب، حتَّى لا يُصيبَكمُ اللهُ بعذابٍ عاجل. (الواضح).

65- {فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ}.

تفسيرها: فعصَوا رسولَهم ونَحروا الناقة، متحدِّينَ العذابَ الذي وعدَهم به. فقالَ لهم: ابقُوا في ديارِكم ثلاثةَ أيّامٍ تالية، هي بقيَّةُ عُمرِكم في هذه الحياة، ثمَّ تَهلِكون، وهذا وعدٌ صادقٌ لا خُلْفَ فيه. (الواضح).

66- {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ}.

فلمّا جاءَ موعدُ العذاب، نجَّينا النبيَّ صالحاً والذين آمنوا معهُ مِن خزي ذلكَ اليوم، برحمةٍ منّا، فقد استجابوا لنداءِ اللهِ وأطاعوا رسولَه، ووفَّقَهمُ اللهُ للطَّاعةِ والعملِ الصَّالح، وإنَّ اللهَ لقويٌّ قادر، غالبٌ على كلِّ شيء، ولا يَفلِتُ من عقابهِ مجرمٌ مُستكبِر. (الواضح).

67- {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ}.

فأهلَكَ اللهُ الكافرينَ بصيحةٍ شديدةٍ مدوِّيةٍ مِن فوقِهم وقَعتْ عليهم كالصَّاعِقة، فأصبحوا في مساكنِهم موتَى هامدين، لا حِراكَ بهم ولا حِسَّ فيهم. (الواضح).

68- {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ}.

وكأنَّهم لم يُقيموا في تلكَ الدِّيار، ولم يَتمتَّعوا فيها بالمالِ والأولاد. ألَا إنَّ قبيلةَ ثمودَ كفروا بربِّهم، وأبَوا أن يُطاوعوا الحقّ، ألَا بُعدًا وهلاكًا لثمودَ الكافرين. (الواضح في التفسير).

74- {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءتْهُ الْبُشْرَى}.

البشرى بإسحاقَ ويعقوب. (البغوي وغيره).

76- {يَاإِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُود}.

يا رسولَ اللهِ إبراهيم، أَعرِضْ عن هذا المقال، ودَعْ عنكَ هذا الجدال، فقد حقَّ عليهم حُكمُ اللهِ بالهلاك، ونازلٌ بهم بأسٌ لا يُرَدّ، وعذابٌ لا يُصْرَف. (الواضح).

77- {وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ}.

أي: حزنَ لوطٌ بمجيئهم، يقال: سؤتهُ فسيء، كما يقال: سررتهُ فسُرّ. (البغوي).

أي: حصلَ لي منه سوءٌ وحزنٌ وغمّ. و{بِهِمْ} متعلِّقٌ به، أي: بسببهم. والمعنى: ساءَهُ مجيؤهم، لا لأنهم جاؤوا مسافرين وهو لا يودُّ الضيفَ وقِراه، فحاشَا بيتَ النبوةِ عن ذلك، بل لأنهم جاؤوا في صورةِ غلمانٍ حسانِ الوجوه، فحسبَ أنهم أناس، فيخافُ عليهم أن يقصدَهم قومهُ فيعجزَ عن مقاومتهم ومدافعتهم. (روح البيان).

78- {أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ}.

يهتدي إلى الحق، ويرعوي عن القبيح. (روح البيان).

82- {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ}.

{فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا} قالَ في الآيةِ (40) من السورة: مجيءُ الأمرِ حصولُه. اهـ.

{وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا}: وأرسلنا علـيها. (الطبري).

84- {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا}.

وأرسلنا إلى مَديَنَ – أرضٌ بمُعَانَ في الأردنّ – أخاهُم في النسبِ شُعَيبًا… (الواضح).

88- {قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيب}.

{قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي}. ذكرَ أنه تقدَّمَ في قصةِ نوحٍ عليه السلام (الآية 28) من السورة، وملخصُ قولهِ هناك: افتتاحُ مراجعتهِ بالنداءِ لطلبِ إقبالِ أذهانهم لوعي كلامه، واختيارُ استحضارهم بعنوان (قومهِ) لاستنزالِ طائرِ نفورهم، تذكيراً لهم بأنه منهم، فلا يريد لهم إلاّ خيراً. وقوله: {أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي} معناه: إن كنتُ ذا برهانٍ واضح، ومتصفاً برحمةِ الله بالرسالةِ بالهدى، فلم تظهرْ لكم الحجةُ ولا دلائلُ الهدى، فهل ألزمكم أنا وأتباعي بها؟ أي: بالإذعانِ إليها والتصديقِ بها، إن أنتم تكرهون قبولها. وهذا تعريضٌ بأنهم لو تأمَّلوا تأمُّلاً بريئاً من الكراهيةِ والعداوةِ لعلموا صدقَ دعوته.

{عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} ذكرَ أن التوكلَ مضَى في سورةِ آلِ عمران (الآية 159). قالَ هناك: التوكُّلُ حقيقتهُ الاعتماد، وهو هنا مجازٌ في الشروعِ في الفعل، مع رجاءِ السدادِ فيه من الله، وهو شأنُ أهلِ الإيمان، فالتوكُّلُ انفعالٌ قلبيٌّ عقليّ، يتوجَّهُ به الفاعلُ إلى الله، راجياً الإعانة، ومستعيذاً من الخيبةِ والعوائق، وربَّما رافقَهُ قولٌ لسانيّ، وهو الدعاءُ بذلك.

{وَإِلَيْهِ أُنِيب} ذكرَ أن الإنابةَ مرَّ في الآيةِ (75) من هذه السورة، قال: … مِن أناب، إذا رجع، وهو مشتقٌّ من النوب، وهو النزول. والمراد: التوبةُ من التقصير، أي: محاسِبٌ نفسَهُ على ما يحذَرُ منه. وحقيقةُ الإنابة: الرجوعُ إلى الشيءِ بعد مفارقتهِ وتركه.

89- {وَيَا قَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ}.

مثلُ ما أصابَ قومَ نوحٍ منَ الغرق، أو قومَ هودٍ منَ الرِّيح، أو قومَ صالحٍ منَ الصَّيحة. (الواضح).

90- {إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ}.

ذكرَ أنه تقدَّم. وقد قالَ عند تفسيرِ سورةِ الفاتحة: {الرَّحْمـَنِ الرَّحِيم}: وصفانِ مشتقانِ من رَحِم… واسمُ الرحمةِ موضوعٌ في اللغةِ العربيةِ لرقةِ الخاطرِ وانعطافه…

ومما قالَ أيضًا: وبعدَ كونِ كلٍّ من صفتَي الرحمنِ الرحيمِ دالةً على المبالغةِ في اتصافهِ تعالى بالرحمة، فقد قالَ الجمهور: إن الرحمنَ أبلغُ من الرحيم، بناءً على أن زيادةَ المبنى تؤذنُ بزيادةِ المعنى، وإلى ذلك مالَ جمهورُ المحققين…

94- {وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ}.

ولمـَّا جاءَ أمرُنا بهلاكِ القومِ الكافرين، أنجَينا النبيَّ شُعيبًا والمؤمنينَ معهُ برحمةٍ منّا، فقد هدَيناهُم للإيمان، والتَّوفيقِ للطَّاعةِ والأعمالِ الصَّالحة، وأخذَتْ أولئكَ الظَّالمين الصيحةُ القويَّة، المدوِّيةُ المرعِبة، فصاروا جميعًا جُثَثاً هامدين لا حِراكَ بهم، ولا حِسَّ لهم ولا هَمْس. (الواضح).

95- {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا}.

ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيره. وقصدهُ الآية (68) من السورة، وقد قالَ في معناها: كأنْ لم يقيموا.

96- {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ}.

بأدلَّتِنا على توحيدنا. (الطبري).

97- {إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ}.

قالَ في الآيةِ (60) من سورةِ الأعراف: الملأ: الجماعةُ الذين أمرُهم واحد، ورأيهم واحد؛ لأنهم يُمالىءُ بعضُهم بعضاً، أي: يعاونهُ ويوافقه. ويطلقُ الملأُ على أشرافِ القومِ وقادتهم؛ لأن شأنهم أن يكونَ رأيهم واحداً عن تشاور، وهذا المعنى هو المناسبُ في هذه الآية..

99- {وَأُتْبِعُواْ فِي هَـذِهِ لَعْنَةً}.

قالَ مولفه: هي لعنةُ العذابِ في الدنيا وفي الآخرة. اهـ.

قالَ صاحبُ (روح البيان): … أو يُلعَنون ويطرَدون من رحمةِ الله تعالى في الدنيا بالغرق، والآخرةِ بما فيها من عذاب، فإن كلَّ معذَّبٍ ملعونٌ مطرودٌ من الرحمة، كما أن كلَّ مخذولٍ محرومٌ من التوفيقِ والعنايةِ كذلك.

102- {إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}.

إن أخْذَ ربِّكم بـالعقابِ مَنْ أَخذَهُ موجِعٌ شديدُ الإيجاع. (الطبري).

103- {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً}.

 لعبرةً بيِّنةً وموعظةً بالغة. (روح البيان).

106- {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ}.

ذكرَ في الآيةِ السابقة، أن الشقاوةَ هي سوءُ الحالةِ وشرُّها، وأنها في الآخرةِ تعني العذابَ والشدَّة.

107- {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}.

إنَّ ربَّكَ – يا محمَّدُ – لا يمنعهُ مانعٌ مِن فعلِ ما أرادَ فعلَهُ بمن عصاهُ وخالفَ أمرَهُ مِن الانتقامِ منه, ولكنه يفعلُ ما يشاء, فيُمضي فعلَهُ فيهم وفيمن شاءَ مِن خَلقهِ فعلَهُ وقضاءَه. (الطبري).

108- {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ}.

ذكرَ في الآيةِ (105) من السورة، أن السعادة، هي الأحوالُ الحسنةُ الخيِّرةُ الملائمةُ للمتصفِ بها، وأنها في الآخرةِ تعني النعمةَ والرخاء.

وذكرَ في الآيةِ (107) أن دوامَ السماواتِ والأرضِ يعني التأبيد؛ لأنه جرَى مجرَى المثَل، وإلاّ فإن السّماواتِ والأرضَ المعروفةَ تضمحلُّ يومئذ.

115- {وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}.

مَنْ عَمِلَ فأطاعَ اللهَ واتَّبعَ أمرَه. (الطبري).

121- {وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ}.

ذكرَ أنه نظيرُ ما حُكيَ عن شعيبٍ عليه السلامُ في هذه السورة: {وَيَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ…} (الآية 93)، قالَ هناك: المعنى: اعملوا متمكِّنين من مكانتكم، أي: حالِكم التي أنتم عليها، أي: اعملوا ما تحبُّون أن تعملوهُ بي، وجملةُ {إِنِّي عَامِلٌ} مستأنفة… اهـ.

{إِنَّا عَامِلُونَ} أي: على طريقتِنا ومنهجِنا. (ابن كثير).

122- {وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ}.

{وَٱنْتَظِرُواْ} بنا الدوائر، {إِنَّا مُنتَظِرُونَ} أن ينزلَ بكم نحوُ ما نزلَ على أمثالكم. (البيضاوي).

سورة يوسف

1- {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِين}.

أشارَ إلى تقدُّمِها في الآيةِ الأولى من سورةِ يونس، ومما قالَهُ هناك: اسمُ الإشارةِ يجوزُ أن يكونَ مراداً به جميعُ آي القرآنِ التي نزلتْ قبلَ هذه السورة، باعتبارِ حضورِ تلك الآياتِ في أذهانِ الناس، من المؤمنين وغيرهم، فكأنها منظورةٌ مشاهَدة، فصحَّتِ الإشارةُ إليها، إذ هي متلوَّةٌ محفوظة، فمن شاءَ أن يسمعها ويتدبَّرها أمكنَهُ ذلك..

  5- {إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ}.

… أبـانَ لهم عداوتَهُ وأظهرَها. (الطبري).

8- {إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِين}.

بيِّن، ظاهرِ الحال. (البغوي، روح البيان).

11- {قَالُواْ يَاأَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ}.

كأنهم قالوا: إنكَ لا ترسلهُ معنا، أتخافُنا عليه؟

14- {قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ}.

أي: ونحن أكثرُ عدداً. قالَهُ مؤلفُ الأصلِ عند تفسيرِ الآيةِ (8) من السورة.

15- {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ}.

ذكرَ في الآيةِ (10) أن (غيابة) تعني ما غابَ عن البصرِ من شيء، فيقال: غيابةُ الجبّ، وغيابةُ القبر، والمراد: قعرُ الجبّ. والجبّ: البئرُ التي تُحفَرُ ولا تُطوَى.

19- {وَجَاءتْ سَيَّارَةٌ}.

قالَ في الآيةِ (10) من السورة: السيّارة: الجماعةُ الموصوفةُ بحالةِ السَّيرِ وكثرته، فتأنيثهُ لتأويلهِ بالجماعةِ التي تسير، مثلُ الفلاّحةِ والبَحّارة. والتعريفُ فيه تعريفُ العهدِ الذهني؛ لأنهم علموا أنّ الطريقَ لا تخلو من قوافلَ بين الشامِ ومصرَ للتجارةِ والميرة.

22- {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِين}.

قالَ ابنُ عباسٍ رضيَ الله عنهما: المؤمنين، وعنه أيضاً: المهتدين. وقالَ الضحّاك: الصابرين على النوائبِ كما صبرَ يوسفُ عليه السلام. (البغوي).

25- {وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ}.

من خلفه. (النسفي).

26- {قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي}.

فسَّرَهُ في الآيةِ (23) من السورة، فقال: المراودةُ مشتقةٌ من رادَ يرود، إذا جاءَ وذهب. شبَّهَ حالَ المحاوِلِ أحداً على فعلِ شيءٍ مكرِّراً ذلك بحالِ من يذهبُ ويجيءُ في المعاودةِ إلى الشيءِ المذهوبِ عنه، فأطلقَ راودَ بمعنى حاول.

28- {فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ}.

قُطِع، أو مُزِّق، كما فسَّرَهُ في الآياتِ السابقة.

30- {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِين}.

{تُرَاوِدُ}: ذكرَ في الآيةِ (23) من السورة، أن المراودةَ بمعنى المحاولة. اهـ.

{مُّبِين}: واضح، لا يخفَى كونهُ ضلالًا على أحد، أو مُظهرٍ لأمرها فيما بين الناس.. (روح المعاني).

31- {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَـذَا بَشَرًا إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيم}.

{بِمَكْرِهِنَّ}: بقولهنَّ وحديثهنّ، قالَهُ قتادةُ والسدِّي…

{وَأَعْتَدَتْ}: ذكرَ أنه تقدَّمَ عند تفسيرِ الآيةِ (37) من سورةِ النساء. قالَ هناك: أصلُ {وَأَعْتَدْنَا}: أعدَدْنا، أُبدِلَتِ الدالُ الأولى تاءً لثقلِ الدالين عند فكِّ الإدغامِ باتّصالِ ضميرِ الرفع، وهكذا مادَّةُ (أعدَّ) في كلامِ العرب، إذا أدغموها لم يبدِّلوا الدالَ بالتاء؛ لأنَّ الإدغامَ أخفّ، وإذا أظهروا أبدلوا الدالَ تاء. اهـ.

{كَرِيم}: يعني على ربِّه، في تفسيرِ أبي الليث، وهو من بابِ قصرِ القلب؛ لقلبهِ حكمَ السامعين، حيث اعتقدوا أنه بشرٌ لا ملَك، وقصرنَهُ على الملَكيةِ مع علمهنَّ أنه بشر؛ لأنه ثبتَ في النفوس: لا أكملَ ولا أحسنَ خَلقًا من الملَك، يعني رُكِّزَ في العقولِ من أنْ لا حيَّ أحسنُ من الملَك، كما رُكِّزَ فيها أنْ لا أقبحَ من الشيطان؛ ولذلك لا يزالُ يشبَّهُ بهما كلُّ متناهٍ في الحُسنِ والقبح. وغرضُهنَّ وصفهُ بأقصى مراتبِ الحسنِ والجمال. (روح البيان).

32- {قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ}.

{لُمْتُنَّنِي فِيهِ}: أي عيَّرتُنَّني في الافتنانِ فيه. (روح المعاني).

{رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ}: ذكرَ في الآيةِ (23) من السورة، أن المراودةَ بمعنى المحاولة.

33- {وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ}.

 يقول: وإن لم تدفعْ عني يا ربِّ فعلهنَّ الذي يفعلنَ بي في مراودتهنَّ إيّايَ على أنفسهنّ… (الطبري).

36- {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا}.

{فَتَيَانِ}: غلامان. (روح المعاني). وذكرَ ابن عاشور رحمَهُ الله أثناءَ تفسيرِ الآيةِ (62) من السورة، أن الفتى من كان في مبدأ الشباب.

{خَمْرًا} أي: عنبًا، سمّاهُ بما يؤولُ إليه، لكونهِ المقصودَ من العصر. (روح البيان).

39-{أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّار}.

الذي ذلَّ كلُّ شيءٍ لعزِّ جلاله، وعظمةِ سلطانه. (ابن كثير).

الغالبُ الذي لا يغالبهُ أحد، جلَّ وعلا. (روح المعاني).

40- {ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.

هذا هو النَّهجُ الثابتُ المستقيمُ الذي لا يتغيَّرُ في الدِّين، وهو الذي أُرسِلَتْ بهِ الرُّسُل، ونزلَتْ به الكتُب، ودلَّتْ عليه الحُجَجُ والبراهين، وهذا ما أدعوكُما إليه، مِن الطَّاعةِ والتَّوحيد، ولكنَّ أكثرَ الناسِ لا يعلَمونَ ذلك، لجهلِهم بتلكَ الدَّلائل، ولذلكَ فإنَّ أكثرَهم مشركون. (الواضح).

41- {يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ}.

{رَبَّهُ}: يعنـي سيده، وهو ملكهم. (الطبري). وأفادَهُ مؤلفُ الأصلِ كذلك عند تفسيرِ الآيةِ التالية.

{فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ}: تعبيراً لما رآهُ من أنه يحملُ فوقَ رأسهِ خبزاً، فتأكلُ الطيرُ منه. (فتح القدير).

42- {فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِين}.

{فَلَبِثَ}: فمكث.

… وأكثرُ المفسرين على أن البضعَ في هذه الآيةِ سبعُ سنين، وكان قد لبثَ قبلَهُ خمسَ سنين، فجملتهُ اثنتا عشرةَ سنة. (البغوي).

43- {وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ}.

ذكرَ أن السنبلةَ تقدَّمتْ في الآيةِ (261) من سورةِ البقرة، وليس حديثهُ في معناها هناك. وهي معروفة.

46- {أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ}.

ذكرَ في الآيةِ (43) أن {سِمَانٍ} جمعُ سمينةٍ وسَمين، و {عِجَافٌ} جمعُ عجفاء، وهي ذاتُ العَجَف، وهو الهزالُ الشديد.

50- {قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيم}.

{رَبِّكَ}: يعنـي سيِّدَك، وهو الملِك، كما أفادَهُ في الآيةِ (42) من السورة.

{إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيم}: إن الله تعالى ذكرهُ ذو علـمٍ بصنـيعهنَّ وأفعالهنَّ التي فعلنَ بي ويفعلنَ بغيري من الناس، لا يخفَى عليه ذلك كلُّه، وهو من وراءِ جزائهنَّ على ذلك. (الطبري).

51- {قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ}.

فسَّرَهُ في الآيةِ (23) من السورة، فقال: المراودةُ مشتقةٌ من رادَ يرود، إذا جاءَ وذهب. شبَّهَ حالَ المحاوِلِ أحداً على فعلِ شيءٍ مكرِّراً ذلك بحالِ من يذهبُ ويجيءُ في المعاودةِ إلى الشيءِ المذهوبِ عنه، فأطلقَ راودَ بمعنى حاول.

52- {وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ}.

ذكرَ أن (الكيدَ) تقدَّم، وقد قالَ عند تفسيرِ الآيةِ (28) من السورة: الكيد: فعلُ شيءٍ في صورةٍ غيرِ المقصودة، للتوصلِ إلى مقصود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى