تقارير وإضاءات

الانتخابات اللبنانية وموقف السنة

إعداد خالد مصطفى

يعيش اللبنانيون منذ أشهر على وقع الانتخابات البرلمانية التي طال انتظارها حيث لم تشهد البلاد انتخابات برلمانية منذ 9 سنوات بسبب التجاذبات السياسية والاختلافات الطائفية..وكان موضوع الانتخابات مثار سخرية للبنانيين طوال السنوات الماضية بسبب تجديد البرلمان لنفسه بعد أن فشل الفرقاء السياسيون في الاتفاق على تنظيم الانتخابات في موعدها..

 

وبعد هدوء نسبي للأوضاع والاتفاق على تعيين رئيس جديد للجمهورية إثر تنازل تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري عن مرشحه للرئاسة وموافقته على مرشح “حزب الله”  الجنرال ميشال عون تمكن الفرقاء من التوصل لاتفاق على تنظيم الانتخابات ولكن القانون الخاص بالانتخابات شهد حالة كبيرة من الجدل حتى توصلت الأطراف المتصارعة على قانون جديد لا يفهمه حتى هذه اللحظة معظم الشعب اللبناني نظرا لتعقيده الشديد…وقد انتقد عدد من المحللين القانون الجديد وأكدوا أنه سيحافظ على الطبقة السياسية ذاتها التي حكمت البلاد طوال الأعوام الماضية وأدت إلى تدهور الأوضاع فيها..

 

وأشاروا إلى أن القانون الجديد سيفتح الباب أمام شراء الأصوات الانتخابية ويؤدي إلى تحالف بين المال والسياسة على حساب مصلحة المواطن اللبناني…

 

وبرهنوا على كلامهم هذا بوجود تحالفات لأول مرة بين أحزاب وأشخاص يختلفون كليا في نظرتهم للأوضاع السياسية في البلاد وكانوا يتبادلون اتهامات العمالة والفساد حتى وقت قريب…

 

ستنطلق الانتخابات غدا الأحد وسط حروب كلامية غير مسبوقة بين مختلف المتنافسين وقد أنهى المرشحون من مختلف التيارات والأحزاب والقوى الدينية والسياسية، الجمعة، حملاتهم الانتخابية والتي شملت مهرجانات خطابية نارية تضمنت انتقادات واتهامات ومعارك كلامية بهدف التأثير على المقترعين…ويتنافس 583 مرشحًا من مختلف التيارات الدينية والسياسية والحزبية في 77 لائحة انتخابية من 15 دائرة رئيسة في شمال وجنوب لبنان ومنطقة البقاع المحاذية لسوريا للحصول على مقاعد في مجلس النواب البالغ عدد أعضائه 128 عضوًا…

 

ووسط هذه الأجواء المضطربة يخشى الكثيرون في لبنان من سيطرة “حزب الله” وحلفائه على المشهد السياسي أكثر من ذي قبل بما يعرض البلاد لاضطرابات قوية وأكثر المتوجسين من ذلك هم أهل السنة الذين يشعرون بضياع حقوقهم في البلاد مع تراجع قوة المكون السياسي الذي يمثلهم وهو تيار المستقبل والذي شهدت تحالفاته مع المكونات الأخرى المقربة منه اهتزازا كبيرا في الفترة الأخيرة…

 

وتُعدّ طرابلس، عاصمة شمال لبنان، مهد الزعامات السنية، ومنها خرج عدد من رؤساء مجلس الوزراء، وتتنافس في دائرة طرابلس، المنية، الضنية 8 لوائح على مقاعد المجلس النيابي، وستحدد حتمًا مصير الزعامة السنية السياسية في المنطقة…وتتنافس اللائحة التي يدعمها رئيس الوزراء سعد الحريري مع تلك التي أطلقها رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي، الراغب في استعادة دوره في السراي الحكومي يومًا ما…

 

وفي مقابل هاتين اللائحتين اللتين تُعتبران “قويتين”، ظهرت لائحتان أخريان، يدعم الأولى منها الوزير السابق أشرف ريفي، المعارض الشرس لـ “حزب الله”، والذي يتهم الحريري بالتوصل إلى هدنة مع التنظيم الشيعي…

 

أما اللائحة الثانية، فيترأسها فيصل كرامي، ابن رئيس الوزراء السابق عمر كرامي، وتشارك في المنافسة أيضًا 4 لوائح، شكّل إحداها النائب السابق مصباح الأحدب، (وأسماها القرار المستقل)، إلى جانب لائحتين “مستقلتين”، إحداهما مقربة من “حزب الله” (لائحة قرار الشعب)، والثانية مؤلفة من تحالف “كلنا وطني” الذي يضم مرشحين منبثقين من المجتمع المدني…ويرى مراقبون أن المعركة الأكثر ضراوة، ستكون بين لائحتي الحريري وميقاتي، التائقين إلى الاستحواذ على الشارع الطرابلسي….

 

المشكلة أن “حزب الله” استطاع بالتهديد في بعض الأحيان والترغيب في أحيان أخرى في استقطاب عدد من المنتمين للسنة للعمل لصالحه كما استطاع استقطاب عدد من السياسيين “المسيحيين” البارزين للتحالف معه وهو ما قد يؤدي إلى تفوق نسبي للحزب الذي يعتمد على ما يملكه من قوة عسكرية ومالية تأتيه من إيران التي ألقت بثقلها في المعركة لصالح حليفها.

(المصدر: موقع المسلم)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى