تقارير وإضاءات

أسرار حظر بريطانيا لـ”حماس”.. ثلث حكومتها تتلقى رشاوى صهيونية

أسرار حظر بريطانيا لـ”حماس”.. ثلث حكومتها تتلقى رشاوى صهيونية

إعداد يوسف أحمد

صنّفت بريطانيا رسميا حركة “حماس” بجناحيها السياسي والعسكري “منظمة إرهابية”، محذرة من تعرّض المنتمين إليها ومناصريها لعقوبات سجن مشددة قد تصل الى 14 عاما.

وتحظر بريطانيا منذ عام 2001م كتائب القسام، الجناح العسكري للحركة، لكن وزارة الداخلية البريطانية وسعت هذا الحظر الآن ليشمل الجناح السياسي.

القرار البريطاني وقفت خلفه بقوة وزيرة الداخلية البريطانية برتي باتيل يوم 19 نوفمبر الجاري، وكان تأييد مجلس العموم البريطاني لقرارها أمس متوقعا في ظل سيطرة حزب المحافظين ومؤيدي دولة الاحتلال على أغلب مقاعده.

لكن خلفيات القرار تكشف أسرارا مخجلة حول تمويل “تل أبيب” لغالبية أعضاء الحكومة البريطانية، ولعب الوزيرة باتيل أدورا في مؤسسات ولوبيات داعمة للكيان الصهيوني في بريطانيا.

واختراق وتغلغل اللوبي الصهيوني في الحكومة والأحزاب البريطانية، لحد تجنيد قيادات ووزراء في حزب المحافظين الحاكم منهم هذه الوزيرة المعروفة بارتباطها القوي بالكيان.

كما تكشف أسرار القرار حجم التغلغل “الإسرائيلي” في الأحزاب البريطانية وبين كبار السياسيين، عبر لوبيات صهيونية لضمان دعم لندن لـ”تل أبيب” ومنع الأنشطة المعادية لها.

وزيرة “إسرائيلية”

وزيرة الداخلية البريطانية برتي باتيل عضو في جمعيتين داعمتين للكيان الصهيوني في بريطانيا، وسبق الكشف عن لقاءات سرية لها مع 12 وزيرا ومسئولا “إسرائيليا”، بدون علم حكومة لندن، وطُردت بسببها من الحكومة 8 نوفمبر 2017م.

وخلال خطاب إعلانها حماس “إرهابية” أمام مؤسسة “هيريتاج” البحثية الأمريكية تبنت الأطروحات “الإسرائيلية” بشأن امتلاك “حماس” قدرات عسكرية وصفتها بأنها “قدرات إرهابية كبيرة”، و”أسلحة واسعة النطاق ومتطورة”.

وقد كشف موقع “Declassified UK”  في مايو الماضي أن الوزيرة باتيل واحدة من 8 وزراء بريطانيين مولتهم ودعمتهم “إسرائيل” ماليا، ودفعت لهم مقابل رحلات لـ”إسرائيل” يقدر بـ 14 ألف جنيه إسترليني.

وذكر موقع الصحافة الاستقصائية الذي يقوم بنشر أخبار سرية عن المملكة المتحدة أن وزيرة الداخلية برتي باتيل التي أصدرت قرار “حماس”، حصلت على 2500 جنيه إسترليني (3530 دولاراً) من “إسرائيل”.

وأوضح أنها حصلت عليها من مركز أبحاث يميني مؤيد لـ”إسرائيل”، مقابل كلمة في منتدى نظمته منظمة اللوبي اليهودية الأمريكية (إيباك).

ولا تكشف جمعية هنري جاكسون، ومقرها لندن، عن مموليها ولكنها مؤيد قوي لـ”إسرائيل” ولديها روابط وثيقة معها، وقد انتقل اثنان على الأقل من موظفيها مباشرة من المجموعة، للعمل في وزارة الخارجية “الإسرائيلية” في وقت سابق.

وكشف الموقع أيضا أن الوزيرة باتيل كانت عضوًا في “المجلس السياسي” لـجمعية هنري جاكسون منذ عام 2013 حتى عام 2016م، كما عملت سابقًا كمسؤولة برلمانية في مجموعة الضغط المؤيدة لـ”إسرائيل” (CFI)، وتقاضت أجرا عن ذلك.

وقد كشفت قناة “بي بي سي” في أغسطس 2017م، أن الوزيرة البريطانية عقدت لقاءات تنسيقية سرية مع مسئولين سياسيين وأمنيين “إسرائيليين”، حين كانت وزيرة للتنمية الدولية، دون إطلاع حكومة لندن على هذه اللقاءات.

وبسبب ذلك أُجبرت باتيل على الاستقالة من منصبها في 8 نوفمبر 2017م، حسبما أكدت صحيفة “الجارديان” حينئذ.

أيضا سبق للوزيرة باتيل ضمن دعمها للكيان الصهيوني القيام عام 2017م بتجميد ثلث المساعدات البريطانية المقدمة للفلسطينيين، وبالمقابل أوصت بمساعدات مالية لمستشفيات ميدانية يديرها جيش الكيان الصهيوني في الجولان المحتل.

ثلث الحكومة بتمويل “إسرائيل”!

وقد كشف موقع “Declassified UK” أن الوزير باتيل لم تكن وحدها الموالية لـ”إسرائيل” وتتقاضى منها أمولا، وإنما ثلث وزراء الحكومة، بمن فيهم رئيس الوزراء جونسون.

وأشار الموقع لأساليب “التودد وإغراء نواب بريطانيين بعدة طرق”، لإخضاعهم، عبر تنظيم رحلات لهم إلى “إسرائيل” بتمويل من جماعات اللوبي الصهيونية، وكذا تمويل حملاتهم الانتخابية.

وبحسب الموقع، تم تنظيم زيارة لرئيس الحكومة الحالية، خمسة أيام لتل أبيب في نوفمبر 2004م، مدفوعة الأجر، كما دعمت مجموعة الضغط المؤيدة لـ”إسرائيل” (CFI) أيضا حملته لرئاسة بلدية لندن عام 2012م.

كما دفعت “إسرائيل” تكاليف رحلات خمسة وزراء في مجلس الوزراء الحالي هم: ألوك شارما، وكواسي كوارتنغ، وروبرت جينريك، وأوليفر دودن، وأماندا ميلينج، إلى تل أبيب من عام 2011 إلى عام 2016م.

ومولت مجموعة اللوبي الصهيونية الأمريكية “إيباك” زيارة وزيرين بريطانيين هما: مايكل جوف، وبريتي باتيل، لواشنطن لحضور مؤتمراتها.

ودفعت “إيباك” أيضا زيارة تكاليف رئيس مكتب مجلس الوزراء “مايكل جوف” إلى واشنطن عام 2017 بعدما وصف “إسرائيل” بأنها “نور للعالم” و “مصدر إلهام”.

وتلقى “جوف” أكثر من 3000 جنيه إسترليني من “إيباك” للتحدث في مؤتمرها في واشنطن عام 2017م، وساهمت جمعية هنري جاكسون أيضًا في هذه الرحلة.

وفي 2016م دفعت له نفس الجمعية 2764 جنيهًا إسترلينيًا للسفر إلى نيويورك للحصول على جائزة من صحيفة The Algemeiner Journal المؤيدة لـ”إسرائيل”.

أوضح التحقيق أن وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي، الذي دافع عن سياسة لندن ضد غزة في مجلس العموم، تم تمويله من قبل جماعة ضغط مؤيدة لـ”إسرائيل” لزيارة تل أبيب في عام 2015م.

اختراق الأحزاب

أحد أسرار قرار حكومة لندن اعتبار “حماس” إرهابية، يتعلق بوجود اختراق كبير من الكيان الصهيوني والمناصرين لها لمجمل القوي السياسية البريطانية، والسعي لترويض الساسة البريطانيين خصوصا من الحزب الحاكم.

وسبق لقناة “الجزيرة الإنجليزية” الكشف في 8 يناير 2017م، عن تآمر مسؤول كبير في السفارة “الإسرائيلية”، يُدعى شاي ماسوت، مع إحدى موظفات الحكومة البريطانية، هي ماريا ستريزولو، لترويض ساسة بريطانيين.

حيث كشف تحقيق الجزيرة عن خطط “إسرائيل” للتدخل في السياسة البريطانية وتوجيهها عبر إبعاد معارضي الاحتلال داخل حكومة لندن من مناصبهم.

وضمن هذا كانت خطة “تصنيع” فضيحة لإسقاط “آلان دنكان” وزير الخارجية البريطاني لانتقاده الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية.

وقد اضطرت السفارة “الإسرائيلية” في لندن حينئذ للاعتذار لوزير الخارجية البريطاني عن هذه الفضيحة والتعليقات التي أدلى بها أحد موظفيها حول خطط “لإسقاطه”.

وكانت أبرز التدخلات الصهيونية ضد حزب العمال ورئيسه السابق جيرمي كوبين من المناصرين للقضية الفلسطينية والمناهضين للاحتلال “الإسرائيلي”، حيث عملت “إسرائيل” على إبعاد “كوربين” وأنصاره وتنصيب كير ستارمر، الداعم لها.

وعمل “ستارمر” بقوة، على لجم التيار المناهض لـ”إسرائيل” في حزب العمال بدعوى «مكافحة معاداة السامية».

في مارس 2019م تعرض كوربين إلى حملة تشهير إعلامية وقفت خلفها تل أبيب اتهمته بالتسامح مع معاداة السامية داخل الحزب.

وأوقف حزب العمال عضوية كوربين في 29 أكتوبر 2020م بدعوى أنه هون من شأن تقرير يتناول بالتفصيل أوجه قصور خطيرة في تعامل الحزب مع شكاوى بشأن معاداة السامية خلال فترة قيادته للحزب بين عامي 2015 و2019م.

ثم أعيدت له العضوية في 18 نوفمبر 2020م لأن ادعاءات معاداته السامية جاءت على أساس تعريف معاداة السامية بأنها انتقاد إسرائيل، ولأنه عضو في حركة مقاطعة “إسرائيل” الدولية BDS.

ونجحت “إسرائيل” واللوبي المؤيد لها داخل حزب العمال، في اجبار الوزيرة في حكومة الظل ريبيكا لونغ بيلي للاستقالة؛ لأنها نشرت مقالا تنتقد فيه قمع الشرطة “الإسرائيلية”، بدعوى معادتها للسامية.

وانتقدت “بيلي” على حسابها على مواقع التواصل، «الأساليب التي استخدمتها الشرطة الأمريكية بالجثو على رقبة جورج فلويد وقالت إنها تعلمتها من الشرطة السرية الإسرائيلية”، فتمت إقالتها، بحسب ما نشرته “رويترز” في 25 يونيو العام الماضي.

يذكر أن رئيس الوزراء السابق توني بلير تعامل مع قادة “حماس”، ودعا رئيس المكتب السياسي لحماس آنذاك، خالد مشعل، إلى لندن لإجراء محادثات عام 2015، وهو ما رفضته “حماس”.

المصدر: عربي21

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى