أخطأ عائض القرني

أخطأ عائض القرني

بقلم ونيس المبروك

كثر الحديث والسؤال حول قضية الشيخ عائض القرني الأخيرة، وأود التذكير ببعض المباديء العامة التي قد تساعد في فهم الظاهرة من وجهة نظري،

أولا:

علمنا الإسلام العظيم بأنه لا يوجد عالم أو داعية أو مصلح، بمنأى عن الخطأ والخطيئة والانحراف.. ولهذا فمحبتنا للرجال، ينبغي أن لا تعمي بصيرتنا عن فحص أدلة أقوالهم ووضعها في ميزان القرآن والسنة الصحيحة، والحذر الشديد من التعصب لهم وإضفاء القدسية عليهم، ولهذا قيل قديما “أعرف الرجال بالحق ولا تعرف الحق بالرجال”

ثانيا:

علمنا الإسلام أن نزن الناس بمجمل سيرتهم ومسيرتهم دون الوقوف عند خطاياهم وزلاتهم، فمن كثر خيره وغلب صلاحه وشاع فضله وتضافرت أقوال الصالحين في توثيقه، حكمنا (بظاهر سيرته)، وأخذنا من علمه، وانتفعنا بسمته، ولكن دون إضفاء العصمة على أقواله وأفعاله.

ثالثا:

علمنا الإسلام إحسان الظن بكل الناس، وبخاصة بمن لم يجاهر بفجور ومعصية أو اشتهر بكذب وخسة، وأن نحمل أقوال وأفعال الفضلاء على خير محمل مادام في ذلك مندوحة، ولكن دون تكلف ولا تعسف.

رابعا:

علمنا الإسلام أن الإكراه يسلب إرادة الإنسان، ويرفع المؤاخذة في الدنيا والآخرة، وأن الإكراه درجات، منه ما هو ملجيء ومنه دون ذلك، وأن استجابة الرجل للإكراه تتفاوت بحسب معادن البشر، فهناك من يصبر على السجن ولا يصبر على الضرب، وهناك من يصبر عليهما ولا يصبر على انتهاك العرض، وهناك من يصبر على التعذيب ولا يصبر على النفي،… وقد صح في السيرة النبوية وقوع صحابي بدري جليل تحت طائلة الإكراه والمساومة فقام بخيانة الدولة وإفشاء سر جيش النبي صلى الله عليه وسلم (وهو سيدنا الجليل حاطب ابن أبي بلتعة رضي الله عنه)

خامسا:

علمنا الإسلام أن ننتقد بكل وضوح وقوة الأقوال والأفعال وننكر ما نراه منكرا إذا تأكد لنا ذلك، ونتجنب قدر وسعنا شخصنة الأمور، وسب الناس وانتقاصهم والشق على صدورهم، والجزم بنواياهم، والفرح بوقوعهم في الزلل، ولنتذكر ما جاء في موطأ إمام دار الهجرة “…ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب، وانظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد، فإنما الناس مبتلى ومعافى، فارحموا أهل البلاء واحمدوا الله على العافية”

لقد أخطأ الشيخ عائض وأسفَّ، وأساء لسيرته الحافلة بالخير! وفي ذلك دروس وعبر تستوجب التدبر والنظر، ولكني أرجو من قلبي أن يكون مكرها، فإن لم يكن كذلك فإني أتمنى أن يمد الله تعالى في عمره وينير بصيرته حتى يستدرك، ولا يكون سببا في فتنة العامة من محبيه وأتباعه، فإن الحق قديم أبلج، والرجوع للحق خير من الاستكبار والمضي في الباطل.

{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ}

اللهم إنا نسألك تمام النعمة، ودوام العافية، وحسن الخاتمة.

(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى