تقارير المنتدىتقارير وإضاءات

قراءة في كتاب (الارتشاف من أدبيَّاتِ الحافظِ السَّقَّاف) لفضيلة الشيخ أحمد بن غانم الأسدي

قراءة في كتاب (الارتشاف من أدبيَّاتِ الحافظِ السَّقَّاف) لفضيلة الشيخ أحمد بن غانم الأسدي

 

(خاص بالمنتدى)

 

قدّم المؤلف فضيلة الشيخ أبو الخَطَّابِ أحْمَدُ بنُ غَانِمِ بنِ حَسنٍ الأَسَدِيُّ للكتاب بقوله:

الحمدُ للهِ كاشفِ الغُمَمِ، وباسطِ النِّعمِ، ودافعِ النِّقَمِ، وصلى اللهُ على سيدِنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه خيرِ الأُمم([1]).

أما بعدُ: فهذهِ ارْتِشَافاتٌ أدبيةٌ، ونفحاتٌ نَدِيِّةٌ، مما جادتْ بهِ قَرِيحَةُ الحافظِ الأوحدِ والأديبِ الأمجدِ: عبدِ الرحمنِ بنِ عُبيدِ اللهِ السَّقَّافِ المولودِ سنةَ ثلاثِ مئةٍ وألفٍ والمتوفَّى سنةَ خمسٍ وسبعينَ وثلاثِ مئةٍ وألفٍ -رحمهُ اللهُ تعالى- في كتابَيْه النَفِيسينِ:

الأولِ: «العُودُ الهنديُّ عن أماليَّ في ديوانِ الكِنْديّ -مجالسُ أدبيةٌ في ديوانِ المتنبي-».

الثاني: «بَلابِلُ التَّغْرِيدِ فيما استفدناهُ أيامَ التجريدِ».

قَضيتُ معَهما مجالسَ مُمْتِعَةً، وكيف لا تكونُ كذلكَ وهي مع حافظٍ فَرْدٍ، وأديبٍ فذٍّ، وناقدٍ بارعٍ، يَطوفُ بِكَ على فنونِ العلمِ وصُنوفِ المعرفةِ، يَلْتقطُ الدُّرَّ ويَنْظِمُ الدُّرَرَ.. بحُججِ الوحيينِ الشريفينِ، ودقائقِ التفسيرِ، ولطائفِ المأثورِ، وراقي المنظومِ، ونافعِ القَصَصِ، وبدائعِ أخبارِ السَّلفِ..

برُوحٍ لطيفةٍ، ونَفَسٍ نسيمٍ، مَصْحُوبٍ بُحسنِ عَرْضٍ، وجَميلِ صياغةٍ، ورشيقِ إشارةٍ، تَجْمَعُ لكَ بينَ الحُسْنَيينِ: جَزالةِ اللَّفظِ، وعُمْقِ المعنى، فَتَقِفُ عندَ أكثرِ الكلماتِ مرتينِ: أُولاها: لِفَهْمِ اللَّفظِ، وثانيها: لارْتِشَافِ المعنى!.

وحَسْبُكَ أنَّه يصلِكُ بِمعاجمِ لغةِ الضَّادِ الشريفة بجِسْرٍ وثيقٍ، تَتَغنَّى بألفاظهِ، وتَسْتوضِحُ عِبارَاتِهِ! يَنْتَهي بِكَ إلى «النِّهايةِ..»، ويُتوِّجُكَ بـ «التَّاج..»!

وكمْ في ذلكِ من نَشوةِ الطَّرَبِ بِمَعْرِفَتِكَ جَدِيدَ ألفاظِ العربِ..

ثُمَّ تَعودُ إلى المعنى الَّذي يُخاطبُ الرُوحَ، ويُدَوِاي عِللَ القلبِ الـمَجْروحِ؛ بِتَقَلُّبَاتِ الأيامِ، ونكباتِ اللِّئامِ، وسُوءِ عِشْرَةِ الطَّغامِ!

فهو يُمْلِيها بِمِدَادِ قَلْبِهِ، وحِبْرِ عَقْلِهِ، وقدْ حَلَبَ الدَّهرَ أشْطُرَهُ، وحنَّكَه ُبالتَّجَارِبِ، وعرَّفَهُ بِتَقَلُّباتِ الأصْدِقاءِ والأقَارِبِ، فَلَيْستْ كلماتِ تنظيرٍ.. بل تحبيراتُ  داهيةٍ خطيرٍ!

فلما رَسَتْ بي سَفِينَةُ التَّطْوافِ رَغِبْتُ أنْ أُتْحِفَ بِهَا حَملةَ العِلْمِ، وكَتَبَةَ الفِقْهِ.. لِيرْتَشِفُوا مِنْ مَعِينِهِ، ويَرْتَووا مِنْ رَحِيقِهِ .. عَسى أنْ يَرِدُوا مَعِينَ كُتُبِ الأدَبِ، ودَوَاوِينَ أَخْبارِ العَرَبِ، لِتَعْذُبَ كَلِمَاتُهمْ، وتَلْطُفَ عِبَارَاتُهم، فَإِنَّ «مَنْ نَظَرَ في العَرَبِيَّةِ والشِّعْرِ رَقَّ طَبْعُهُ»([2])، وَعَذُبَ لَفْظُهُ.. «إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا، وإِنَّ مِنَ الشِّعْرِ لَحِكْمَةً»([3]).

ومعالم عملي هنا هي:

الأول: نَشْرُ صَفَحَاتٍ مِنْ حَيَاةِ العلامةِ السقَّافِ.

الثاني: المُنْتَخَبَاتُ مِنَ: «العودِ الهنديِّ».

الثالث: المُنْتَخَبَاتُ مِنَ: «بَلابِلِ التَّغْرِيدِ».

ثم وَقَفتُ على كتابه: «تَحْقِيقِ الفرْقِ بينَ العَامِلِ بِعلْمِهِ وَغَيْرِهِ»، فانتخبتُ منه ما استحْسَنَه الخاطرُ القاصرُ.

الرابع:  وَضْعُ عِنواناتٍ تَقْرِيبِيِّةٍ للْمَنْقُولِ، بَعْضُهُا مِنْ الكلام المأخوذ، والآخرُ مِمَّا جالَ في الخَاطِرِ الفَاتِرِ.

الخامس: توضيحُ الألفاظ المبهَمةِ، من معاجمِ اللغةِ الشريفةِ.

السادس: تَخْرِيجُ الأحاديثِ والآثارِ، معَ بيانِ صحتِها أو ضعفِها، من كلامِ المحدِّثينَ رحمهم الله، غالبًا.

السابع: ذِكرُ مصادرِ أقوالِ أهل العلمِ.

الثامن: ترجمةٌ موجَزةٌ لبعضِ الأعلامِ.

وسمَّيتُه : «الارتشاف من أدبيَّاتِ الحافظِ السَّقَّاف»([4]).

واللهَ أَسْألُ، وباسْمِهِ الأعظمِ أتوسلُ أنْ يَنْفَعَ بِهذا الانْتِخَابِ جَامِعَهُ وسَائرَ الأحْبَابِ، إنَّهُ هوَ الكرِيمُ الوهابُ.

_____________________________________________________

([1])    مقدمة السقاف لكتابه: «السيف الحاد لقطع الإلحاد».

([2])    أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (9/123)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (8/218)، عن الإمام الشافعي رحمه الله.

([3])    أخرجه البخاري بشطريه الأول برقم (5146)، عن ابن عمر رضي الله عنهما، والثاني برقم (6145)، عن أبي بن كعب رضي الله عنه.

([4])    الارتشاف: الامتصاص،  وفي المثل: الرَّشْفُ أَنْقَعُ، أي: تَرَشُّفُ الماء قليلًا قليلًا أسكنُ للعطشِ، ولأبي حيان الأندلسي (ت: 745) رحمه الله: كتاب جامعٌ سمَّاه: «ارتشاف الضَرَب من لسان العرب»، والضَّرَب -بتحريك الراء، وهو الأشهر، والتسكين لغة قليلة-: العسل الأبيض الرقيق.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى