تقارير وإضاءات

المسلمون في أمريكا.. تحديات الوجود ومتطلبات التأثير

المسلمون في أمريكا.. تحديات الوجود ومتطلبات التأثير

إعداد محمد سرحان

تكتسب الولايات المتحدة زخماً ملحوظاً في الساحة الدولية نظراً لقوة تأثيرها سياسياً واقتصادياً، وتبعاً لهذه المكانة يكتسب الوجود الإسلامي فيها أهمية خاصة، ولا سيما مع عمقه تاريخياً، وإن كان لم يحظَ بعد بالدراسات المستفيضة التي تغطي هذا الوجود المتنوع عرقياً وثقافياً، لكن السؤال المطروح الآن: هل تأثير المسلمين في الولايات المتحدة على قدر توقعات وآمال المتابعين في العالم الإسلامي؟

عن الجانب التاريخي، ينقل د. علي بن المنتصر الكتاني، في مجلده «المسلمون في أوروبا وأمريكا»، عن الكاتب الأمريكي المسلم سليمان شاهد، أن الإسلام في أمريكا جاء ليبقى هذه المرة وليس كما حدث في المرات السابقة حينما اكتشف المسلمون الأرض الجديدة في القرنين العاشر والثاني عشر قبل «كريستوفر كولومبوس» بقرون لكنهم لم يواصلوا اكتشافاتهم، أو في القرن السادس عشر الميلادي لما اكتشف المسلم الأندلسي «إستفانيكو» مناطق الغرب الأوسط من الولايات المتحدة، أو في القرنين السابع عشر والثامن عشر عندما استعبدت أمريكا مسلمين وأجبرتهم على التخلي عن دينهم.

تفاعلات المسلمين مع المجتمع الأمريكي تختلف حسب طبيعة الجزء الجغرافي المتواجدين فيه والظرف والسياسي

وعن هذه المحطات التاريخية أو الروافد الأولى لوصول الإسلام إلى الولايات المتحدة، يقول د. عبدالموجود الدرديري، رئيس المركز الإسلامي «دار السلام» في مدينة بيتسبرغ: إن الفترة من عام 1492 حتى عام 1800م شهدت استقدام الأفارقة كعبيد، وهناك دراسات لعلماء الاجتماع تشير إلى أن نحو 30% منهم كانوا مسلمين، لكن كان يتم فرض المسيحية عليهم، بل حرموا حتى من التعبد في كنائس البيض، فأقيمت لهم كنائس خاصة بالسود، ومُنعوا من التحدث بلغتهم الأفريقية، كما كان هناك تعمد على تدمير مفهوم الأسرة لديهم ببيع أفرادها في أسواق مختلفة فتتشتت هذه الأسر، وكانت تتم معاملتهم كحيوانات مملوكة لأصحاب البشرة البيضاء! وهي معاناة صورها الفيلم الأمريكي «أميستاد»، وهي قصة واقعية لسفينة إسبانية كانت تستخدم لنقل العبيد المختطفين من هافانا في كوبا إلى العالم الجديد في أمريكا.

ويضيف د. الدرديري أنه بعد عام 1800م استقدمت شركة «فورد» كثيراً من العمال اليمنيين للعمل في مصانعها، لكنهم كانوا  يلقون معاملة أقل حظاً مقارنة بزملائهم البيض، لكن اللافت في تلك المرحلة وما سبقها هو حرمان المسلمين من ممارسة الإسلام، ونتيجة لهذا الاستعباد ومنعهم من حق التعبير عن دينهم، ظهرت حركة «أمة الإسلام» على يد أليجا محمد عام 1930م، وإن كان ابنه وارث الدين محمد صحح مسارها إلى صحيح الإسلام فيما بعد، وظهرت هجرات المسلمين من بلاد مختلفة، وفي العام 1985م تأسست منظمة «الطلبة المسلمة»، وبدأت مرحلة يمكن تسميتها «توطين الإسلام» الذي أخذ يتسع، وتوزع المسلمون في أغلب المدن والولايات وإن كان وجودهم يتركز بصورة أكبر في بعضها مثل نيويورك ونيوجيرسي ومينيسوتا وتكساس وشيكاغو وميتشجان.  

أما بدايات ممارسة الإسلام كدين على المستوى الجماعي، تقول شيماء عيد، مترجمة وباحثة مصرية أمريكية مهتمة بشؤون الأقليات والمهاجرين بالولايات المتحدة: تختلف المصادر في تحديد الوقت الذي بدأت فيه ممارسة الإسلام بصورة اجتماعية ظاهرة، يرجح بعضها أنه بدأ ظهور تجمعات للمسلمين من أصول أفريقية بأماكن متعددة في منتصف القرن العشرين، تزامناً مع احتداد حركات الحقوق المدنية والتحررية السوداء في أمريكا.

وساهم ذلك -بحسب الباحثة عيد- في أن أصبح اعتناق الإسلام وتغيير الأسماء الأمريكية إلى العربية والبحث عن الأطعمة الحلال تعبيراً ثقافياً مألوفاً في المناطق المتنوعة، وكذلك أصبح ارتداء الملابس العربية والإسلامية نوعاً من التعبير عن الرغبة في الرجوع إلى الأصول المفقودة لهؤلاء القوم، والتمرد على عنصرية وتحكم الرجل الأبيض، حدث كل ذلك قبل تكوُّن وظهور مجتمعات المسلمين الذين جاؤوا من الشرق الأوسط لاحقاً بعد تعديلات قوانين الهجرة الأمريكية، وبالتالي فالفضل في تحقيق هذه المكتسبات يعود لحركة نضال الأمريكيين من أصول أفريقية.

وبخصوص تفاعل هذا الوجود الإسلامي مع المجتمع الأمريكي، تقول عيد: تختلف تفاعلات المسلمين مع المجتمع الأمريكي بطبيعة الجزء الجغرافي الذي يتواجدون فيه، وكذلك بالظرف التاريخي والسياسي في الولايات المتحدة وخارجها.

بعد 11 سبتمبر بدأت صناعة «الإسلاموفوبيا» الممنهجة عن طريق مراكز الأبحاث والدوائر الإعلامية

فأحداث 11 سبتمبر فرضت واقعاً جديداً شديد الصعوبة، وفرضت كثيراً من التحديات على المسلمين وطبيعة إدارتهم لمراكز العبادة والأنشطة الإسلامية، بل وظهورهم كمسلمين في الواقع الأمريكي نفسه ومعاملتهم كمتهمين وأعداء للقيم الأمريكية، في هذا السياق؛ بدأت صناعة «الإسلاموفوبيا» الممنهجة عن طريق مراكز الأبحاث والدوائر الأكاديمية والإعلامية، ومما لا شك فيه أن صعود اليمين في الولايات المتحدة وأوروبا مؤخراً ساهم في إيقاظ هذا الخطاب العدائي وتصعيده مرة أخرى.

مجتمعات وليس مجتمعاً

وإلى جانب هذه التحديات وفي مقدمتها «الإسلاموفوبيا»، هناك تحدٍّ آخر في رأي عيد وهو صعوبة وضع المسلمين في أمريكا، كون الوجود الإسلامي هنا شديد التنوع العرقي واللغوي والمذهبي والاقتصادي بصورة لا مثيل لها في أي مكان آخر، فنحن نتكلم عن مجتمعات مسلمة في أمريكا، لا مجتمع إسلامي واحد، وقد يكون هذا التنوع مصدراً للقوة، ولكن طبيعة البشر تميل إلى الرغبة في التعامل مع المألوف وتجنب الاختلاف، فينتهي بنا الأمر بمجموعات من المسلمين لديها أهداف ورغبات وتطلعات مختلفة تماماً عن بعضها بعضاً.

بينما يرى إمام ومدير الشؤون الدينية بمركز مكة الإسلامي حسن علي، وهو أيضاً مدرس مقارنة الأديان بجامعتي لويس وشيكاغو، أن الوجود الإسلامي ينقسم إلى أجيال بدءاً بالجيل الأول الذي جاء مهاجراً أو لاجئاً أو للدراسة، وهناك الجيل الثاني أو الثالث والرابع بحسب الجاليات، وهذه الجاليات تتنوع ما بين هنود وباكستانيين وأفارقة، والجاليات العربية تتنوع أيضاً وإن كان أكبرها الفلسطينيين واليمنيين إلى جانب جالية من أصول مكسيكية، هذا التنوع العرقي والثقافي بالإضافة إلى غير المسلمين يكوّنون معاً اللوحة الأمريكية، كما يظهر هذا التنوع في المساجد والمراكز الإسلامية؛ فمنها ما يغلب عليه الوجود العربي، ومنها أغلب روادها من أصول هندية وباكستانية، وأخرى متنوعة بحسب المجتمع المحيط بالمسجد.  

وللمراكز الإسلامية أدوار مهمة في الحفاظ على الهوية الإسلامية للمسلمين في الغرب بصورة عامة وأمريكا بصورة خاصة، ومنها مركز «مكة» الإسلامي الذي يقع في ضاحية ويلوبروك في شيكاغو بولاية إلينوي، ويضم مصلى يسع لنحو ألف مصلٍّ، وصالة ألعاب مغطاة (كرة السلة، الكرة الطائرة، كرة القدم)، مع غرف خاصة بتغيير الملابس، وغرف اجتماعات، وقاعة للشباب، وفصول دراسية، وقاعة للاحتفالات.

وعن أنشطة المركز، يقول الشيخ حسن علي: يواصل المركز دوره في الجانب الديني كخطبة الجمعة التي عادة تكون باللغة الإنجليزية، وكذلك أغلب أنشطة المركز، إلى جانب دروس بالعربية، للإبقاء على الهوية اللغوية للأجيال الجديدة من المسلمين، إلى جانب نشاط خاص بأبناء المسلمين وهو مدرسة نهاية الأسبوع التي تهدف إلى ربطهم بالإسلام، وكذلك يتم تنظيم أنشطة للأطفال والشباب لربطهم بالمسجد وجعله مركزاً للتجمع والحفاظ على الهوية وليس مجرد مكان للعبادة؛ فهناك الحلقات النقاشية والندوات، بالإضافة إلى أنشطة تخدم المجتمع؛ مثل مستوصف طبي يوقع الكشف مجاناً على المستفيدين سواء مسلمين أو غير مسلمين، ومطبخ لتوزيع الطعام على المسلمين وغير المسلمين، وخلال العام الماضي وزع مركز «مكة» أكثر من ألفي سلة غذائية في شيكاغو.

مركز “دار السلام”

أما في مدينة بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا، يقول د. عبدالموجود الدرديري، رئيس المركز الإسلامي في «دار السلام» لعدة سنوات: إن المركز يقع في وسط عدد من الجامعات، وبالتالي فهو يخدم عدداً كبيراً من الطلاب المسلمين الذين يدرسون في هذه المدينة، ومن هنا تكتسب أنشطته أهميتها في الحفاظ على الشباب المسلم ومساعدتهم إلى جانب حلقات تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وأنشطة وحلقات تعليمية للمسلمين الجدد، كما يقيم المركز علاقات قوية مع المؤسسات الدينية المسيحية واليهودية، وينظم زيارات لمعظم الكنائس بالمدينة، وهناك أيضاً أنشطة للمركز بالجامعات وإلقاء محاضرات للتعريف بالإسلام، بالإضافة إلى مراجعة المادة العلمية التي تدرس للمسلمين في مادة الأديان.

ويضيف د. الدرديري أن المركز ينظم مخيماً مرتين سنوياً للشباب المسلم، وينظم رحلات للولايات الأخرى، وبرنامجاً صيفياً للشباب، ويحرص على إقامة علاقة قوية مع الإعلاميين والتواصل الفعال مع عمدة المدينة وسلطاتها.

«يوم الناس» فعالية تقام برمضان منذ 25 عاماً لتكريم شخصيات غير مسلمة لها دور بخدمة الناس

وأشار إلى فعالية مهمة ينظمها المركز تحت شعار «يوم الناس»، وهي تقام في الأسبوع الثاني من شهر رمضان، انطلاقاً من القرآن الذي أنزله الله هدى للناس، وبالتالي فواجب المسلمين هو تبيان هذا الهدى لغيرهم، وهي فعالية تقام سنوياً منذ 25 عاماً، يتم خلالها دعوة وتكريم شخصيات من غير المسلمين ممن لهم دور في خدمة الناس.

ومن ولاية إنديانا، يقول أحمد الأمين، إمام ومدير الشؤون الدينية في جمعية الجالية الإسلامية بمدينة إنديانابوليس: إن دور المساجد يختلف من جالية إلى أخرى ومؤسسة إلى أخرى أيضاً، لكن عموماً المسجد هنا بمثابة وزارة الأوقاف في البلاد الإسلامية؛ فهو همزة الوصل بين الجالية المسلمة والسلطات الرسمية، خاصة أن إمام المسجد لا يقتصر دوره على أداء الصلوات فقط، وإنما أيضاً السعي في مصالح المسلمين وتمثيلهم أمام المجتمع خارج المسجد.

وعن جمعية الجالية الإسلامية، يقول الأمين: إنها أول مؤسسة إسلامية في إنديانابوليس بدأت عام 1971م، والآن أصبح بها نحو 15 مسجداً، ومن أنشطة الجمعية ومسجدها «الفجر» تنظيم الأنشطة التي تخدم المجتمع المسلم خاصة أنه مجتمع متنوع، فلديها مستوصف طبي ومركز لتوزيع الأغذية وأيضاً مدرسة إسلامية من مرحلة الروضة وحتى الثانوية، وتمثل الجمعية جسراً للتواصل بين الشرطة والمسلمين؛ فإمام المسجد يعطي دورات إرشاد لعناصر الشرطة أيضاً، ويحرص الأمين على فتح الباب أمام أنشطة النساء والاعتماد على الشباب وإشراكهم في الأنشطة حتى تتوفر بيئة حاضنة لهم ولطاقاتهم في مواجهة عزوف الشباب عن المؤسسات الإسلامية، بل عن الإسلام للأسف في بعض الأحيان.

بعد المساجد يأتي دور المدارس الإسلامية، وعن دورها يقول شاكر السيد، المدير السابق لدائرة المدارس الإسلامية بالاتحاد الإسلامي لأمريكا الشمالية (إسنا): إن المدارس الإسلامية من أهم المؤسسات التي أسسها المسلمون بعد المساجد، فهي علاوة على تقديمها المنهج الأمريكي تقدم للدارسين فيها مواد الدين الإسلامي، وتمكن الطالب من معرفة دينه من مصادره الموثوقة المعتبرة، وهذا الدور لا تغني عنه مدارس نهاية الأسبوع أو الدروس الدينية بالمساجد، فهي توفر زاداً علمياً إسلامياً يمكّن الطالب من الحفاظ على هويته والعيش في المجتمع الأمريكي.

وسائل إعلام تستضيف مسلمين وتبرز دورهم كشخصيات لها تأثيرها اجتماعياً وليس كونهم مسلمين فقط

الإعلام وصورة المسلم

وعن صورة المسلمين في الإعلام، يقول رفيق جابر، ناشط سياسي وشارك في تأسيس كثير من المؤسسات الإسلامية، وهو أيضاً عميد الجالية الفلسطينية في شيكاغو: هناك وسائل إعلام تتعمد الاستمرار في ترسيخ الصورة النمطية السلبية عن المسلمين، حتى إن تناول بعضها يصل إلى درجة التحريض، وهناك وسائل إعلام تستضيف مسلمين وتفتح لهم الباب وتبرز دورهم كشخصيات لها تأثيرها اجتماعياً وخدمياً وليس كونه مسلماً فقط، كما أن هناك مؤسسات إعلامية أخرى تستضيف مسلمين لإظهار صورتهم بشكل سيئ، أو تفتح الباب لشخصيات محسوبة على الإسلام لكنها تعادي المسلمين، أو تستضيف شخصيات مسيحية عربية تكيل الاتهامات للمسلمين في الشرق الأوسط دون توضيح أنها من خلفية مسيحية، أو تستضيف مسيحيين يزعمون تعرضهم للاضطهاد في بلادهم.

ويشير جابر إلى ظهور مؤسسات مدنية تدافع عن حقوق المسلمين، منها «كير»، وأيضاً «منظمة الصندوق القانوني للمسلمين في أمريكا» (MLFA).

ويقول د. صالح مبارك، أستاذ جامعي وناشط اجتماعي وعضو مؤسس في منظمة “كير”، من فلوريدا: يجب أن يتعامل المسلمون كونهم مواطنين أمريكيين، فمسألة التعلق الزائد بالجذور تجعل المسلم مشتتاً بين بلد إقامته هنا ووطنه الأم؛ فلا هو يستطيع العودة والاستقرار هناك، ولا هو تمكن أن يعيش كمواطن أمريكي، وهذا التشتت يؤثر على دوره الفعال كمسلم تجاه المجتمع، ثم ماذا عن الأجيال الجديدة؟ أليست من مواليد هذا البلد ولا يعرفون غيره كوطن؟! وبالتالي فلا بد من التعامل أن هذا وطننا لنا حق فيه وله حق علينا، وهذا يفرض علينا أن نكون مواطنين فاعلين، وهذا التفاعل لا يعني الذوبان أو التخلي عن الهوية الإسلامية.

ويضيف مبارك أن التحديات منها ما هو مشترك مع كل المجتمع مثل الجريمة والشذوذ الجنسي والمخدرات، ومنها ما يخص المسلمين مثل العنصرية، وإن كان الوضع أحسن حالاً من أوروبا، ويرى أن أفضل وسيلة للدفاع عن حقوق المسلمين هو مسار القانون وعدم تجاوزه، مشيراً إلى مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) ودوره في الدفاع عن حقوق المسلمين وغيرهم.

أما د. بهجت الصغير، الناشط السياسي والاجتماعي، فيشير إلى أهمية الأنشطة الاجتماعية التي تمس المجتمع بكل مكوناته كونها أكثر تأثيراً، وضرب مثالاً بأنشطة ينظمونها في ولاية مينيسوتا وهي أشبه بالتبادل الثقافي، إذ يتم تنظيم احتفال يعرض فيه أبناء كل جالية ثقافتهم وأشهر ما في بلادهم من معالم وشخصيات وحتى مأكولات، ويتم دعوة غير المسلمين لحضور هذه الفعاليات؛ وهو ما ساهم في تذويب أسوار العزلة بين مكونات المجتمع في الولاية، وهذه المشاركة لغير المسلمين في الفعاليات والاختلاط بهم كان لها دور واضح في تصحيح الصورة المغلوطة عن المسلمين والمعرفة بالإسلام كدين يدعو إلى التعايش.

(المصدر: مجلة المجتمع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى