الشيخ الفقيه عبد الله بن زيد المحمود .. ورحل علّامة قطر | د. يوسف القرضاوي

الشيخ الفقيه عبد الله بن زيد المحمود .. ورحل علّامة قطر | د. يوسف القرضاوي

الشيخ الفقيه عبد الله بن زيد المحمود (1327- 1417هـ = 1907- 1997م)

وأخيرًا وبعد مرض طال على الشيخ أرجو أن يكون طهورًا وكفارة لجميع سيئاته, وزيادة في حسناته ورفعة لدرجاته, رحل عن دنيانا علامة قطر وقاضي قضاتها وفقيهها الأكبر وخطيب مسجدها الأعظم, وأول رئيس لمحاكمها الشرعية وشؤونها الدينية, فقدت قطر وبلاد الخليج بل الأمة الإسلامية بفقده أحد العلماء الأعلام, والقضاة الأثبات, والفقهاء الميسرين, والدعاة المبشرين, إنه العالم الجليل الشيخ عبد الله بن زيد المحمود رحمه الله رحمة واسعة وتقبله في عباده الصالحين, وجزاه عن دينه وأمته خير ما يجزي به العلماء العاملين والأئمة الصادقين.

لقد لقي ربه راضيًا مرضيًا إن شاء الله في يوم من أيام شهر رمضان المبارك وفي العشر الأواخر المرجوة منه, هذا الشهر الذي طالما خطب ودرس فيه وأم الناس في صلاة التروايح يقرأ كل ليلة جزءًا من القرآن الذي منّ الله عليه بحفظه في زمن كان حافظ القرآن فيه في بلاد الخليج قليلين بل نادرين.

وأشهد أن هذا الرجل كان صوامًا قوامًا كثير التلاوة لكتاب الله عز وجل مشغولًا بالعلم دراسةً وتعليمًا وتأليفًا وقضاءً, وكنت كلما زرته في مجلسه وجدته مشغولًا بقراءة كتاب مهم من كتب التفسير أو الحديث أو الفقه يقرؤه عليه أحد أبنائه أو أحد تلاميذه, وهو يستمع ويعلق, فهكذا كان يقضي وقته بين العلم (قراءةً وكتابةً) والعبادة والإفتاء والقضاء وشؤون المساجد وأموال القصر والأوقاف وحاجات الناس, ولم يكن عنده مجال للهو ولا لهزل, فقد كان عنده من الحق والجد ما يصرفه عن كل هزل وباطل.

كان الشيخ يذهب إلى عمله مبكرًا في المحكمة, فهو يعلم أن البركة في البكور, وربما سبق الموظفين جميعًا, وهناك يجلس إلى عمله يستمع إلى المتقاضين ويقضي بينهم في القضايا المعضلة بسرعة وحسم, إلا ما احتاج منه إلى مراجعة أو مشاورة وقد يرى الإصلاح بين الخصوم فيجتهد في ذلك ويوفق فيه.

وهو يساهم في قضاء حاجات المحتاجين وفي نصرة قضايا المسلمين بماله وجاهه ومنصبه, ويخطب الجمعة في الجامع الكبير – جامع الشيوخ – في موضوعات حية تتصل بحياة الناس. وهو يحضّر خطبته تحضيرًا جيدًا بحيث يكاد يحفظها, وهو يغذيها بآيات القرآن وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ويزودها بحكم الحكماء, وشعر الشعراء, مشتملة أحيانًا على بعض السجع المقبول الذي لا يحمل التكلف المرذول, وقد صدرت خطبه في مجلد كبير سماه (الحكم الجامعة لشتى العلوم النافعة).

لقد عرفت الشيخ ابن محمود منذ قدومي إلى قطر من نحو ستة وثلاثين عامًا, وبعد يومين من تسلمي العمل في إدارة المعهد الديني أخبرني الأخ الكريم الشيخ علي شحاته وهو من قدامى المصريين الرواد الذين قدموا إلى قطر وامتزجوا بأهلها وشيوخها, أن الشيخ ابن محمود يقرأ كتابك (العبادة في الإسلام) في مجلسه ويثني عليك خيرًا, وقال لمن حوله بعد فقرة قرأها من الكتاب: هذا الشيخ عالم محقق وأرى أن نزوره في بيته. قلت له: هذا واجب علي أن أزور مثل هذا العالم الذي سمعت عنه من قبل أن أراه وأتعرف عليه, فالعلم رحم بين أهله.

وفعلًا في يومها زرت الشيخ رحمه الله في مجلسه ورحب بنا ترحيبًا بالغًا وتحدثنا في مسائل علمية مهمة, رأى الشيخ أننا متوافقان فيها مم شجعه أن يعطيني رسالته القيمة (يسر الإسلام) التي ألفها في شأن الحج, وهي الرسالة التي ذهب فيها الشيخ إلى جواز (رمي الجمار قبل الزوال) في أيام التشريق معتمدًا على أدلة شرعية قوية منها: قيام الدين على اليسر, وقيام شعيرة الحج خاصة على التيسير, ورفع الحرج, حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم “ما سُئل عن شيء قدم أو أخر من أمر الحج إلا قال افعل ولا حرج”, وأن الرمي أمر يفعل بعد التحلل التام من الإحرام, وأن الحنابلة أجازوا تأخير الرمي كله إلى اليوم الأخير, فضلًا عن ضرورات الزحام وهلاك الناس تحت الأقدام, إلى آخر ما ذكر الشيخ الفقيه, وقد أثار هذا الرأي المشايخ وردوا عليه بعنف وخطؤوه مع أنه رحمه ا لله لم ينفرد به, فقد قال به ثلاثة من الأئمة الكبار من فقهاء التابعين: عطاء بن رباح فقيه مكة وفقيه المناسك, وطاووس بن كيسان فقيه اليمن, وأبو جعفر الباقر من أئمة آل البيت, كما قال به الرافقي من علماء الشافعية, هذا ولم يشهدوا في زمانهم ما شهدنا في زماننا, وقرر الإمام ابن القيم وغيره من المحققين في سائر المذاهب أن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والعرف والحال.

أصر الشيخ على رأيه وثبت في موقفه رغم شدة الضغط عليه.

خصائص فقه الشيخ

كانت هذه الرسالة أول ما أنتج الشيخ في مجال الفقه والعلم, وهي باكورة تدل على ما بعدها, فقد دلت على منهج فقهه ووجهته في الاجتهاد, وذلك في عناصر أو خصائص خمس:

1- تحرره من التقليد

تحرره من التقليد والعصبية المذهبية التي ابتلي بها كثير من العلماء في العصور الأخيرة فكلهم أسرى مذاهبهم لا يملكون الخروج عنها, أو التحرر منها, بل يستطيعون الخروج عن المشهور في المهذب والمفتي به من أقوال إلى قول آخر في المذهب نفسه, لأن هذا يحتاج إلى عقل حر مستقل, وإلى نفس قوية قادرة على المواجهة, لهذا رضي العامة بالتمذهب وتعصبوا له حتى قال بعضهم:

أنا حنبلي ما حييت فإن أمت فوصيتي للناس أن يتحنبلوا

2- النزعة الواقعية

معرفته بالواقع المعيش وما يعانيه الناس فيه, والفقيه الحق هو من يزاوج بين الواجب والواقع, فلا يجعل كل اهتمامه فيما يجب أن يكون, بل فيما هو كائن أيضًا, ومن هنا كان اهتمامه فلا يستطيع أن يغمض عينيه عما يحدث من زحام عند رمي الجمرات متنبئًا بما سيحدث في مستقبل الأيام حين تيسر المواصلات وتتضاعف أعداد الحجاج.

3- النزعة التجديدية

نزعته إلى التجديد وتمرده على كثير من القضايا المسلمة عند علماء زمنه ومذهبه, وبالتجديد يحيا الدين وتحيا العلوم الشرعية وتتجدد الحياة كلها.

ولا غرو إن لمسنا هذه النزعة في كثير مما كتبه مخالفًا المألوف والسائد مثل ما كتبه عن (الأضحية عن الميت) مخالفًا المتوارث في كتب الحنابلة المتأخرين مؤكدًا أن الأضحية إنما شرعت للحي لا للميت.

ومنه ما كتبه عن المهدي المنتظر, وفاجأ به الحضور في المؤتمر العالمي للسير والسنة النبوية الذي عقد في قطر, واستقبل المسلمون به القرن الخامس عشر الهجري, فقد أعلن أن عقيدة المهدي ليست من عقائد أهل السنة, ولم يكن المؤلفون الأقدمون يذكرونها في كتب التوحيد, وإنما فعل ذلك المتأخرون, وأن الأحاديث التي جاءت فيها ليست من الصحة بحيث تكون عقيدة بل هي أحاديث ضعيفة واهنة, وهو ما ذهب إليه العلامة ابن خلدون قديمًا.

وقد تناقش مع الشيخ ابن محمود ناصر الدين الألباني في منزل الشيخ رحمه الله, ولم يستطع الشيخ المحدث أن يقنع الشيخ الفقيه وكان ذلك في حضوري مع الشيخ الغزالي رحمه الله.

4- ميله إلى التيسير

ميله إلى التيسير على الخلق ورفع الحرج عنهم, مؤمنًا بأن هذا هو نهج القرآن وهدي النبي عليه الصلاة والسلام.

وقد كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أعظم الناس تيسيرًا على أمته في تعليمه إذا علم, وفي فتواه إذا أفتى, كما قال: “إن أعظم الناس تيسيرًا على أمته في تعليمه إذا علم, وفي فتواه إذا أفتى, كما قال: “إن الله بعثني معلمًا ميسرًا” رواه مسلم. وقال: “إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين” رواه البخاري وغيره. وأمر الأمة بالتيسير فقال: “يسروا ولا تعسروا” متفق عليه.

والتيسير في الفتوى يحبب الدين إلى الناس وهم في حاجة إليه, وخصوصًا في عصرنا الذين كثرت فيه مشاغل الناس وضعفت هممهم, ووهنت عزائمهم, فما أحوجهم إلى التيسير.

ومن هنا تبنى الشيخ منهج التيسر في فقهه وفي فتاواه وأحكامه, كما في فتواه بإخراج صدقة الفطر بقيمتها من النقود, لما فيها من منفعة الفقراء في عصرنا, كما هو شاهد, مخالفًا بذلك جمهور الحنابلة الذين يشددون في ذلك, ولا يجيزون إخراج القيمة بحال, على خلاف ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية, وهو مذهب إمام الهدى عمر بن عبد العزيز وأبي حنيفة وأصحابه والثوري وغيرهم.

وكذلك في فتواه جواز الإحرام للحج والمعتمر من ركاب الطائرة إذا نزلوا في حدة, وأن الميقات المعروف إنما هو للواصلين عن طريق البر, وهو بهذا يوافق ما ذهب إليه المالكية من جواز إحرام المسافرين في البحر إذا وصلوا بسفينتهم إلى البر, وركاب الطائرات أولى بالتيسير من ركاب السفينة.

ومثل ذلك فتواه بالانتفاع بالمقابر القديمة إذا أصبحت في وسط البنيان وانتهى الدّفن فيها من زمن, وغدا الناس في حاجة إليها.

وكذلك فتواه في حجر ثمود وقد كتب رسالة في ذلك اسمها (حجر ثمود ليس حجرًا محجورًا) إلى غير ذلك من الفتاوى التي تتجه إلى التيسير على خلق الله.

5- الشجاعة الأدبية

فقد يوجد علماء متحررون في فكرهم مشتغلون في علمهم يسيرون وراء الدليل لا وراء فلان ولا علان من البشر, ينظرون إلى ما قيل لا إلى من قال, وقد يصلون باجتهادهم إلى آراء لها قيمتها في ميزان العلم, ولكنهم يحتفظون بها في صدورهم أو يفتون بها لخاصة خاصتهم, ولا يجرؤون أن يعلنوها في الناس خشية من هياج العامة أو سخط الخاصة, وخوفًا من أن تتعرض سمعتهم للتشويش بل للتشويه من الحرفيين الجامدين الذين يقفون عند الظواهر ولا يغوصون إلى المقاصد.

أما الشيخ ابن محمود رحمه الله فقد كان يصدع برأيه إذا اعتقد أنه الحق الذي وصل إليه بالدليل, لا يخاف لومة لائم ولا ثورة ثائر, فأحسبه من الذين قال الله تعالى فيهم: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ} [الأحزاب:39] ولهذا رأيناه يعلن رأيه الصريح في رمي الجمار, ولم يكن له من الشهرة العلمية ما صار له بعد ذلك, كما أعلن رأيه في إحرام ركاب الطائرات, وفي الأضحية عن الميت, وغيرها.

إن من العلماء صنفًا يراعون رضا السلاطين والأمراء ويتبعون أهواءهم فيفرخون لهم من الفتاوى والتخريجات والحيل, ما يسهل لهم ما يريدون من قرارات وقوانين, قد تحلل الحرام وتحرم الحلال, أو تسقط الفرائض, أو تشرع في الدين ما لم يأذن به الله, وهؤلاء هم الذين يسمونهم (علماء السلطة) أو (عملاء الشرطة) أعاذنا الله من شرهم.

وهناك صنف آخر لا يراعون الأمراء, وإنما يراعون رضا عوام المتدينين وجماهيرهم ويتبعون أهواءهم, وخصوصًا فيما يتعلق بالتشديد في الدين والتعسير في الفتوى, فإن كثيرًا من هؤلاء يعجبهم العالم المحافظ المتشدد ولا يعجبهم العالم الميسر المجدد فهم يخلون سوق المزايدة في الدين لاكتساب رضا هؤلاء المتزمتين وإعجابهم, وهذا ينافي التجرد للحق والإخلاص لله بل هو الرياء المهلك والعياذ بالله.

ولم يكن ابن محمود من هؤلاء ولا أولئك, وإنما كان يراعي ضميره ويرضي ربه قبل كل شيء, وأود أن أشير هنا إلى قضية في غاية الأهمية, التبس فيها الأمر على الكثيرين من أهل الدين, وهي اعتقادهم أن التيسير على الناس في الفتوى والأحكام من الأدلة على قلة دين الفقيه والمفتي وتهاونه في أمر الله, وأن المعسر المشدد أكثر ورعًا وأتم تقوى لله من الميسر, وهذا خطأ كبير, فإن العالم الذي يفتي بالتيسير يتبع المنهج القرآني والنبوي في التيسير, ويتبع منهج الخلفاء الراشدين خاصة والصحابة عامة, ولا سيما علماؤهم مثل حبر الأمة وترجمان القرآن: ابن عباس الذي اشتهر برخصه, وهو كذلك يريد أن يربط الناس بالدين عن طريق التيسير.

خطب مطعمة بالفقه

لقد أوتي الشيخ ابن محمود ملكة الفقيه البصير بدين الله, وبرزت هذه الملكة في إفتائه إذا أفتى, وفي قضائه إذا قضى, وفي خطبه إذا خطب.

أجل تراه في خطبه المنبرية يطعمها ببعض الأحكام الفقهية التي يحتاج إليها الناس كما يضمنها بعض آرائه الخاصة مشيرًا إلى ما يسنده من نصوص الشرع الجزئية ومقاصده الكلية, وأضرب لذلك بعض الأدلة:

في خطبته التي جعل عنوانها (الصدقة على المضطرين أفضل من حج التطوع) ذكر فيها أن الفرائض بمثابة رأس المال والنوافل بمثابة الربح, ولا ربح إذا لم يصح رأس المال, ثم قال: ((إن الصدقة بما سينفقه في حج التطوع هي أفضل من حج التطوع, لكون الصدقة من العمل المتعدي بنفعه إلى الغير, فتصادف الصدقة من الفقير موضع حاجة وشدة فاقة لما يتطلبه العيد من النفقة والكسوة له ولعياله, فصدقته تقع بالموقع الذي يحبها الله, وتكون أفضل من تطوعه بحجه وعمرته, وقد كان كأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأمره أهل مكة بأن يخلوا المطاف للحجاج الغرباء, فاحتساب التوسعة على الناس في هذا الزمان فيه فضل, ولفاعله أجر, ونيته تبلغ مبلغ علمه.

وإنني أنصح كبار الأسنان وضعاف الأجسام من رجال ونساء الذين يشق عليهم الزحام, ويخشى من سقوطهم تحت الأقدام متى قضوا فرضهم, بأن يلزموا أرضهم, ويكثروا من عبادة ربهم في بلدهم, فإن أبواب الخير كثيرة, وليس الحج من أفضلها, وليحافظوا على حياتهم وصحتهم, فلا يتعرضوا للبرد القارص ولا للحر القاتل)).

وفي خطبته التذكير الثاني بعيد الأضحى تعرض لحديث أم سلمة الذي رواه مسلم مرفوعًا: “من أراد أن يضحي ودخل العشر فلا يأخذ من شعره ولا من أظافره شيئًا”, وعقب عليه بقوله : فهذا حديث اختلف العلماء فيه, فمنهم من أنكر صحته, منهم عائشة أم المؤمنين, ومنهم من حمل النهي على الكراهية, كما هو الظاهر من مذهب الشافعي ومالك, ورواية عن الإمام أحمد وجهًا في الإنصاف. وأبعد الأقوال عن الصواب من قال إنه حرام, ومتى قلنا إن النهي للكراهية, فإن الكراهية تزول بأدنى حاجة, وعلى كل الأقوال فإنه لو حلق الشخص رأسه أو أخذ شيئًا من لحيته أو قلم أظافره في عشر ذي الحجة, ثم لو أراد أن يضحي فإن أضحيته صحيحة بإجماع أهل العلم, ومثله المرأة لو نقضت شعرها أو نسلته بالمشط, فتساقط منه شعر, وأرادت أن تضحي, فإنها تضحي وأضحيتها صحيحة, كما يباح مباشرة النساء والطيب وغيرهما.

ومثل هذه اللقطات الفقهية المضيئة كثيرة في خطبه, وهي تدل على ما قلناه إن الشيخ فقيه في المقام الأول.

هذا هو ابن محمود لم يكن ملكًا مطهرًا ولا نبيًا معصومًا بل هو إنسان مجتهد في خدمة دينه يصيب ويخطئ, وهفواته التي لا يسلم منها بشر مغمورة في بحر حسناته ومحيط مزاياه.

ولقد كان الشيخ ممن طال عمره وحسن عمله إن شاء الله, وكانت حياته حافلة بالعطاء, مؤثرة فيمن حوله من حكام ومحكومين موافقين ومخالفين.

وأشهد لقد كان بيني وبينه صلة وثيقة ومودة ومحبة, بالرغم من أني قد اختلفت معه في أحيان قليلة كما في فتواه في حل ذبائح الشيوعيين والمرتدين وعدم جواز نقل زكاة الفطر إلى خارج بلاده, ولكن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية فأفضل العلماء تختلف آراؤهم ولا تختلف قلوبهم.

رحم الله الشيخ ابن محمود وغفر له, وكتبه في المحسنين, وجعله من عتقاء هذا الشهر الكريم, وحشره مع الذين أنعم الله عليهم من الصديقين والنبيين والشهداء والصالحين, وحسن أولئك رفيقًا, وعوض الأمة الإسلامية عنه خيرًا.

 

(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى