تقارير وإضاءات

السياسة الأمريكية تجاه المسلمين في عهد الرئيس ترامب

مقدمة

   مع نهاية الأسبوع الأول لتوليه منصبه، دشن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تنفيذ وعوده الانتخابية ضد ما أسماه (الإسلام المتطرف). وقد أثارت طريقة تعامله مع الدول والمؤسسات والأشخاص كثيراً من الجدل داخل أمريكا وخارجها، وهي الطريقة التي تسببت في حدوث إشكاليات عديدة في الداخل الأمريكي، وخصوصاً مع المؤسسة القضائية والإعلامية ومنظمات المجتمع المدني.

  لكن القضية الأكثر جدلاً كانت توقيع الرئيس الأمريكي ترامب أمراً تنفيذياً عُلِّق بموجبه السماح للاجئين بدخول الولايات المتحدة أربعةَ أشهر، وحظر دخول البلاد تسعين يوماً على القادمين من سبع دول إسلامية (سوريا والعراق وإيران والسودان وليبيا والصومال واليمن)، وقد أثار استثناء المسيحيين من مواطنيها من عملية الحظر شكوك كثير من المسلمين حول نية الإدارة الأمريكية الجدية تجاه المسلمين، وهل سينحصر عداؤها في الجماعات المتطرفة، أم أن الأمور ستتجه- كما يرى مراقبون- نحو تعمد الخلط والربط بين الجماعات المتشددة والحركات السياسية والإسلام نفسه؟

تزداد هذه التخوفات في ظل تطابق رؤية فريق الإدارة الأمريكية الجديدة مع سياسة ترامب من جهة، وصعود اليمين المتطرف في أوربا والولايات المتحدة من جهة أخرى، وهو اليمين الذي تسبب بانقسام كبير في المجتمع الغربي، وهدد النموذج الليبرالي ومبادئ العولمة. ويرى محللون أن كل هذا من شأنه أن يشجع على الكراهية، وإذكاء الإقصاء، ومصادرة الحقوق والحريات، ويعمل على زيادة نسبة الاعتداءات على المساجد والمؤسسات الإسلامية، وهذا التخوف بدا واضحاً في مقالة رئيس وزراء تركيا السابق البروفسور أحمد داوود أوغلو، التي كتبها لمدونة الجزيرة بعنوان: من أوباما إلى ترامب.. دروس وتحديات، إذ كان مما قال فيها: “كلما وافق الغرب على عودة الاستبداد إلى المنطقة، خاطر بتآكل الديمقراطية في بلاده”.

 قوبلت قرارات الرئيس ترامب وإدارته بمعارضة ومقاومة من قبل بعض حكام الولايات، والسلطة القضائية داخل الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أصدرت حكماً بوقف العمل بقرارات الرئيس، ورفضت استئناف إدارة ترامب المستعجل ضده، بالإضافة إلى المواقف المعارضة لمنظمات المجتمع المدني، وفي مقدمتها المؤسسات الإعلامية والفنية ونقابات المحامين، وشهدت المدن الأمريكية والغربية مظاهرات كبيرة منددة بقرارات ترامب العنصرية، وندد أيضاً كثير من الدول والمنظمات العالمية والإقليمية بتلك القرارات.

قراءة في خطاب الرئيس ترامب وفريقه

الرئيس ترامب

رغم شخصيته الجدلية وتصريحاته الفضفاضة، والتي تبدو متناقضة مع مصالح الولايات المتحدة، ومتجاوزة حدود التباين بين سياسة الجمهوريين والديمقراطيين المعهودة، استطاع دونالد ترامب الفوز بالرئاسة، والمستغرب أن خطابه شعبوي متمرد على المؤسسات والتقاليد الأمريكية، واستمر متمسكاً بإصرار على خطاب المواجهة في سياساته في أثناء إلقائه خطاب التنصيب، وتعهده بالعمل على استئصال الإسلام المتطرف من على وجه الأرض، واختياره لأعضاء فريقه وأغلبهم من الجنرالات العسكريين ورجال المال والأعمال، والأكثرية منهم لديهم مواقف سلبية تجاه الإسلام والمسلمين، وتفضيلهم للعنف.

وقد ركزت خطابات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على المسلمين والإسلام دون سواهم منذ أن كان مرشحاً للرئاسة، فقد تعددت تصريحاته مع ثبات مواقفه من الإسلام والمسلمين، حيث عدَّ المشكلة في الإسلام ذاته، وتعامل مع أغلب الدول العربية والإسلامية بسخرية وازدراء، متعهداً بمنع دخول المسلمين بلاده، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وإلزام دول الخليج العربي بدفع تكاليف القوات الأمريكية نظير حمايتها، متحدياً الرئيس السابق أوباما باستخدام مصطلح الإسلام المتطرف.

تحرك ترامب بنوازعه العنصرية سريعاً قبل استكمال إجراءات تأسيس فريقه لتحقيق رؤاه في القضايا الداخلية والخارجية، ومن الملاحظ حدوث تغيير إيجابي محدود في سياسة ترامب تجاه المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية، في مقابل تصعيد سياسته تجاه جمهورية إيران.

مايك بينس .. نائب الرئيس

 هو حاكم إنديانا السابق، يصف نفسه بأنه محافظ وجمهوري، وسبق أن وصف اقتراح ترامب خلال الدعاية الانتخابية بحظر دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، بأنه عدواني مسيء وغير دستوري، وبعد تعيينه نائباً للمرشح الجمهوري صرح قائلاً: “دونالد ترامب يدرك آمال الشعب الأمريكي ومستقبله كما لم يدركهما أي زعيم منذ رونالد ريغين”.

ريكس تيلرسون.. وزير الخارجية

تعهد في أثناء حديثه عن ملامح السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، في جلسة استماع أمام لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأمريكي، بمحاربة ما أسماه الإسلام المتطرف أو الراديكالي، ولوحظ تعمده الخلط بين الحركات الإسلامية السياسية، كجماعة الإخوان المسلمين، والجماعات المتشددة التي تتبنى العنف كتنظيم القاعدة وداعش، دون أن يذكر أياً من المليشيات الشيعية.

ترامب ستيف بانون.. كبير مستشاري الرئيس

 يرى ستيف أن “الإسلام ليس دين سلام، وأنه دين خضوع. الإسلام يعني الخضوع”، وقد كان له دور رئيسي في تصميم قرار حظر ترامب، ووصف بوب بير، محلل الشؤون الاستخباراتية والأمنية بشبكة CNN، تصريحات ستيف بانون حول “حرب عالمية ضد الفاشيين الإسلاميين”، بأنها تبدو وكأنها حملة صليبية جديدة.

جيمس ماتيس.. وزير الدفاع

 عرف جيمس بخطابه الحاد، ويلقَّب بالمسعور “Mad Dog”، أو الراهب المحارب “Warrior Monk”  ؛ لعدم تزوجه (66 سنة)، ومن أقواله: “بعضهم يعتقد أن عليك أن تكرهه لكي تطلق النار عليه، أنا لا أعتقد هذا، الأمر برمته (بزنس)”، ومما قاله أيضاً: “كن مؤدباً، كن مهنياً، ولكن لتكن لديك خطة لتقتل جميع من تقابلهم”، وسبق أن عمل في العراق وأفغانستان. وينتقد ماتيس الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع إيران في شأن برنامجها النووي.

مايكل فلين.. مستشار الأمن القومي

  يَستخدم دائماً مصطلح “الإسلام المتطرف”، وعرف بالعداء للإسلام والمسلمين. عمل مديراً للاستخبارات العسكرية في عهد أوباما منذ 2012 حتى 2014، وأعلن في مقابلة له مع قناة الجزيرة أنه في حالة حرب مع الإسلام منذ 10 سنوات؛ إذ قال: “طوال العقد المنصرم كنت في حالة حرب مع الإسلام، أو عنصر من عناصر الإسلام”، وتحدى في إحدى تغريداته قادة العالَمين العربي والفارسي “أن يتحلَّوا بالجرأة، وأن يُعلنوا أن فكرهم الإسلامي سقيم ويحتاج إلى التعديل”، وقد تسببت تصريحاته المثيرة للجدل حول المسلمين في إقالته من منصبه.

يعتقد فلين أن إدارة أوباما للملف الأمني في أفغانستان والحرب على داعش، كانت صائبة، مبرراً ذلك بمنطقية الخوف من المسلمين، ومؤكداً أن هذه الرسالة يجب أن تصل إلى الجميع؛ “أرجو إرسال هذا للجميع: الحقيقة مخيفة بلا أدنى شك”.

مايك بومبيو.. مدير وكالة الاستخبارات المركزية

 يصفه بعضهم بالمسيحي الإنجيلي، وقال في خطاب كنسي: “يعتقد بعض الناس أن هناك دافعاً دينياً بالنسبة إليهم لمحو المسيحيين عن وجه الأرض”. وقد حث بومبيو المؤمنين على “الصلاة والنضال والحرص على أن نعلم أن يسوع المسيح هو مخلصنا، وهو حقاً الحل الأوحد لعالمنا”.

وليد فارس.. مستشار ترامب

  لبناني الأصل، مسيحي ماروني، كان له دور كبير في أثناء الحملة الانتخابية للرئيس ترامب، وأسهم في توجيه خطاب ترامب عن المسلمين. وفي مقابلة له مع صحيفة الحياة، 27 أبريل/نيسان 2016، عدَّ دعوة الرئيس ترامب في أثناء حملته الانتخابية إلى منع دخول المسلمين أمريكا أمراً غير منطقي، ولا يعكس سياسته أو توجهه، ولا يمكن أن يكون شعاراً، قائلاً: “ترامب لن يدخل في خصومة مع 57 دولة مسلمة تضم قرابة ثلث سكان العالم”.

وفي مقابلة لاحقة مع صحيفة الأهرام المصرية، نشرت في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، حاول وليد فارس أن يوظف تصريحات ترامب سياسياً، قبل أن يصدر ترامب قراراته المتعلقة بحظر سفر الدول السبع المسلمة، قائلاً: إن تصريح ترامب المانع دخول المسلمين إلى أمريكا يعني حظر الإخوان المسلمين وليس كل المسلمين، وتوقع في مقابلاته أن يمارس الرئيس ترامب ضغوطًا على إيران وحلفائها الحوثيين في اليمن وحزب الله اللبناني.

موقف المؤسسات الأمريكية من سياسة ترامب تجاه المسلمين

1- السلطة القضائية

أصدرت محاكم أمريكية عديدة أحكاماً قضائية تقضي بوقف تنفيذ القرار، ووقف ترحيل أي أشخاص عالقين في المطارات الأمريكية، ومن بين المحاكم التي أصدرت قرارات وقف التنفيذ، محكمة بوسطن الفيدرالية، ومحكمة ولاية فرجينيا الفيدرالية، ومحكمة “سياتل” الفيدرالية، ومحكمة بروكلين الفيدرالية بولاية نيويورك، وتواصل محكمة الاستئناف الفيدرالية الأمريكية في مدينة سان فرانسيسكو، النظر في النزاع القضائي بشأن قرار الرئيس دونالد ترامب حظر دخول مواطني سبع دول مسلمة إلى أمريكا، وكانت المحكمة قد رفضت الدعوى المستعجلة المقدمة من وزارة العدل، لإعادة تطبيق حظر السفر الذي كان فرضه الرئيس دونالد ترامب، وعلَّقه القضاء انتظاراً للفصل فيه.

وبحسب موقع الجزيرة نت، فإن عشرة مسؤولين سابقين في مجالَي الأمن القومي والسياسة الخارجية، عملوا في عهد رؤساء ديمقراطيين وجمهوريين، قدَّموا مذكرة في القضية التي تنظرها المحكمة، ويقولون فيها إن حظر دخول البلاد لا يخدم أي أغراض تتعلق بالأمن القومي.

 ووقع المذكرة وزيرا الخارجية السابقان جون كيري ومادلين أولبرايت، ومستشارة الأمن القومي السابقة سوزان رايس، ومديرا وكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه) السابقان مايكل هايدن ومايكل موريل.

ويحتل حكم محكمة الاستئناف أهمية خاصة، نظراً لطبيعة نظام المحكمة العليا، الذي ينص على اعتماد حكم المحكمة الأدنى في حالة عدم توافق أعضاء المحكمة، مع العلم أن نصفهم حالياً أربعة ديمقراطيين ومثلهم جمهوريون.

2- السلطة التشريعية

برنامج الرئيس الأمريكي يحتاج إلى موافقة الكونغرس في بعض القضايا، وهو ما سيحد من قدرة الرئيس ترامب على تنفيذ برنامجه فيما يتعلق بالمسلمين بنفس الحدة، ذلك أن القرارات التي تحظر دخول المسلمين من مواطني الدول السبع مؤقتة في حدود 90 و120 يوماً، وقد رفضتها السلطة القضائية حتى اللحظة.

وكان زعيم الأقلية الديمقراطية تشاك شومر قال: إن أمر ترامب التنفيذي “سيجعل البلاد أقل أمناً، وأقل أمريكية”، في إشارة إلى أن هذا القرار يتعارض مع مبادئ الدستور الأمريكي التي تكفل “الحرية والعدل للجميع”.

ووجه السيناتور الأمريكي، ليندسي غراهام، رسالة إلى الرئيس دونالد ترامب، نصحه فيها قائلاً: “دونالد إذا كنت تريد الفوز بهذه المعركة (ضد التطرف الإسلامي) فأنت بحاجة إلى شركاء من نفس الدين، تحتاج إلى المسلمين في صفك. مرسومك التنفيذي كان واسعاً جداً، ولا يمكنك الفوز في معركة بوضع الجميع في سلة واحدة”.

وتابع بانيتا قائلاً: “حجة داعش ستكون بأن الغرب يخوض حرباً على الإسلام وليس ضد المتشددين فقط”، لافتاً إلى أنه وفي أي وقت “يحظر فيه أشخاص ويمنعون من القدوم إلى هذه الدولة من دول إسلامية رئيسية، فلا يوجد شك في ذهني أن هذا الحظر مبني على الدين”.

المعارضون لسياسات إدارة الرئيس ترامب

تعددت وتنوعت المنظمات والدول والشخصيات التي انتقدت سياسة ترامب، المتعلقة بحظر دخول المسلمين الولايات المتحدة ومواقفه العنصرية، على مستوى الداخل الأمريكي وخارجه، ورفع ما يقرب من ألف دبلوماسي أمريكي مذكرة اعتراض على تلك القرارات، بوصفها تخالف الدستور الأمريكي، وتتنافى مع القيم الأمريكية، وتهدد مصالحها حول العالم، وتقوي موقف المنظمات الإرهابية. وتبرَّع العديد من المحامين للترافع عن المتضررين من تلك القرارات. وسبق أن أعلن 16 مدعياً عاماً في الحكومات المحلية تمردهم على الرئيس، ومعارضتهم لقرار التضييق على المسلمين والمهاجرين عموماً.

منظمات المجتمع المدني

تطوع العديد من المنظمات لتنظيم كثير من الفعاليات الرافضة لقرار ترامب، ورفعت دعاوى أمام المحاكم الأمريكية، وتبرع العديد من المحامين للدفاع عن المتضررين من القرارات، وذهبوا إلى المطارات لاستقبالهم، وعرضوا عليهم الترافع عنهم، وكذلك فقد توافد كثير من الأمريكيين للتظاهر في المطارات، وشهدت كبرى المدن الأمريكية والأوربية مظاهرات منددة بسياسة ترامب.

وكان من اللافت شبه الإجماع الذي ساد الوسط الفني الأمريكي، حيث أعلن أغلب الفنانين والفنانات في هوليوود رفضهم لسياسة ترامب، وانتقد حائزو جائزة نوبل للسلام سياسات ترامب بشأن الهجرة، واتهموه بالتمييز والخوف من الأجانب. وقال رئيس كوستاريكا السابق أوسكار أرياس: “نرى كيف يفتقر أكبر زعماء العالم إلى احترام حقوق الإنسان والدبلوماسية الدولية”.

ورفعت سبع وتسعون شركة، من بينها آبل وفيسبوك وأوبرا وجوجل وإنتل، دعوى قضائية في محاكم بولايَتي مينسوتا وواشنطن، ضد حظر السفر الذي فرضه الرئيس الأمريكي على 7 دول إسلامية، وتقدمت الشركات بموجز إحاطة قانونية، وهو الذي يرفع من قبل الأطراف التي لها مصلحة قوية في القضية، ولكنها غير ضالعة مباشرة في القضية.. حيث يحدد الموجز أهمية المهاجرين للاقتصاد الأمريكي.

وعليه؛ فإنه لم يقف مع سياسة ترامب سوى الأقلية في المجتمع الأمريكي، واليمين المتطرف في أوربا، وفي المقابل وقفت الأكثرية ضد سياسته، ونددت منظمات المجتمع المدني وكبرى الشركات بها.

ويأتي في هذا الإطار موقف سالي ييتس، القائمة بأعمال وزير العدل، التي أقالها ترامب بسبب رفضها لقرار الحظر، كما أن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت (1997- 2001)، سجلت ذات الموقف، حيث رأت أن قرار الحظر يشكل خطورة على أمريكا، ويمنع الدول من التعاون مع واشنطن، وتبادل المعلومات الاستخباراتية معها، ولوحت الوزيرة بتسجيل نفسها على أنها مسلمة إذا أصر ترامب على المضي قدماً في سياساته العنصرية.

ليون بانيتا، رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية السابق، رأى أن تنظيم الدولة، الذي يُعرف بـ”داعش”، وغيره من الجماعات الإرهابية، سيستغل “حظر ترامب” في تقديم حجج، وسيساعده الإعلام التابع له بصورة قوية في عمليات التجنيد، وهذا يرفع احتمالات وقوع هجوم على هذا البلد، ولا يقلل من هذه الاحتمالات أبداً.

مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير)

رفع مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) ما وصفها بـ “أكبر” دعوى قضائية رسمية ضد الرئيس دونالد ترامب، على خلفية توقيعه لأمر تنفيذي يفرض حظراً على دخول البلاد 120 يوماً بالنسبة لجميع اللاجئين، و90 يوماً بالنسبة إلى القادمين من 7 دول عربية أو إسلامية.

وتابع بيان المنظمة المعنية بالدفاع عن حقوق المسلمين في الولايات المتحدة وحرياتهم، أن الدعوى قُدَّمت إلى محكمة فيدرالية في ولاية فيرجينيا نيابة عن أكثر من 20 شخصاً، و”تطعن بدستورية الأمر التنفيذي لحظر المسلمين الذي أصدره الرئيس ترامب، وكشف البيان عدم دستورية الأمر التنفيذي، وذلك بسبب “غرضه الواضح ودافعه المؤكد؛ وهو منع معتنقي المعتقدات الإسلامية في البلدان ذات الأغلبية المسلمة من دخول الولايات المتحدة”.

الأمم المتحدة

أكدت منظمة الهجرة الدولية والمفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، في بيان مشترك، السبت، أن “البرنامج الأمريكي لإعادة دمج (اللاجئين) من أهم البرامج في العالم”، وقالت منظمة الهجرة ومفوضية اللاجئين إنها تأمل أن تواصل الولايات المتحدة دورها القيادي الهام، في حماية الفارين من النزاعات والاضطهاد.

الموقف الأوربي

تنوع الموقف الأوربي ما بين المنظمات الرسمية والمجتمع المدني الداعم للحقوق والحريات، وبين موقف اليمين المتطرف الصاعد، والذي يتبنى سياسة الكراهية والتحريض على اللاجئين والجالية المسلمة.

فقد رأت المفوضية الأوروبية أنهم في الاتحاد الأوروبي لا يقيمون أي تمييز بناء على الجنسية أو العرق أو الديانة، وخاصة على صعيد اللجوء، وأعلنت المفوضية الأوروبية أنها ستعمل على تجنيب مواطنيها من حملة جنسيتين إحداهما من الدول المستهدفة، من التعرض للتمييز بموجب المرسوم الذي أصدره ترامب.

في حين نددت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالقيود التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الهجرة والسفر إلى الولايات المتحدة، ورأت أنها تستهدف المسلمين.

وفي بريطانيا قرر أعضاء في البرلمان مناقشة عريضة احتجاجية، وقَّع عليها أكثر من 1.7 مليون بريطاني تطالب بإلغاء “زيارة رسمية” من المقرر أن يقوم بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأدرج مجلس العموم العريضة للنقاش في 20 فبراير/ شباط القادم.

وكان موقف رئيس وزراء كندا، جستين ترودو، أكثر تميزاً، إذ فتح حدود بلاده أمام كل لاجئ يرفض دخوله إلى الولايات المتحدة.

الموقف العربي

بدا موقف الدول والمنظمات العربية أضعف من غيرها من الأمم، وباستثناء الدول العربية التي منع مواطنوها من دخول الولايات المتحدة، لم تصدر الدول العربية مواقف تعبر عن رفضها لقرارات الرئيس ترامب، وفي بيان ضعيف عبرت الجامعة العربية عن قلقها من القيود التي أعلنتها أمريكا، ودعا الأمين العام للجامعة العربية الإدارة الأمريكية إلى مراجعة موقفها؛ “لما يمكن أن يؤدي إليه من آثار سلبية فيما يتعلق بالحفاظ على وحدة الأسر، واستمرار التواصل بين المجتمعات العربية والمجتمع الأمريكي.”

منظمة التعاون الإسلامي

عدَّت منظمة التعاون الإسلامي قرار الحظر معززاً لموقف “دعاة العنف والإرهاب”، داعية إلى إعادة النظر فيه. ووضعت المنظمة، التي تضم 57 دولة، وتتخذ من جدة في المملكة السعودية مقراً لها، هذا القرار في خانة الأعمال “الانتقائية والتمييزية، والتي من شأنها أن تصعد من خطاب التطرف، وتقوي شوكة دعاة العنف والإرهاب”.

الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

استنكر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحظر دخول القادمين من سبعة بلدان ذات أغلبية مسلمة، عادّاً ذلك “تمييزاً بسبب الدين”، وحذر من “آثاره المدمرة على التعايش السلمي”، ودعا إدارة ترامب لمراجعة القرار.

وطالب الاتحاد أيضاً العالمَ الإسلامي، والمنظمات والمؤسسات العاملة فيه، والعالم الحر، ومنظماته المدنية، ومنظمات حقوق الإنسان بكل أطيافها، “بالوقوف ضد هذا القرار، ودعم الواقفين ضده، ومواصلة هذا الدعم حتى إرغام الإدارة الأمريكية على التراجع عنه في أقرب فرصة ممكنة”.

الدول التي تؤيد سياسة الرئيس ترامب

باستثناء قوى اليمين المتطرف والكيان الصهيوني، فإن إدارة ترامب وجدت نفسها مكشوفة الظهر، بلا تأييد شعبي قوي، ولا تعاطف عالمي، ويأتي تأييد الكيان الصهيوني في سياقه الطبيعي المتناغم مع مصالحها، حيث وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الرئيس الأمريكي ترامب بالصديق الحقيقي لإسرائيل، على خلفية وعد ترامب بنقل سفارة أمريكا من تل أبيب إلى القدس، في حين عدَّ وزير التعليم الإسرائيلي انتخاب ترامب نهايةً عملية لفكرة قيام الدولة الفلسطينية.

  تبدو الإمارات الدولة العربية الوحيدة التي وصفت قرار ترامب بكونه سيادياً وغير موجه ضد الإسلام، وجاء الموقف الإماراتي على لسان وزير الخارجية عبد الله بن زايد آل نهيان، الذي عد المحاولات التي تعطي انطباعاً عن “أن هذا القرار موجه ضد ديانة معينة” محاولات غير صحيحة.

ويرى مراقبون أن موقف الإمارات غير مستغرب، حيث تعمل مع نظام السيسي واللوبي الصهيوني على حث إدارة ترامب لإدراج جماعة الإخوان المسلمين ضمن قوائم المنظمات الإرهابية. ويأتي هذا الإصرار على الموقف العدائي لجماعة الإخوان المسلمين على الرغم من أن نتائج التحقيقات البريطانية التي رَأَسها السفير البريطاني السابق في المملكة السعودية، السير جون جينكينز، تشير إلى كون جماعة الإخوان المسلمين لا تمثل تهديداً أمنياً حقيقياً.

السيناريوهات

في ظل إصرار إدارة الرئيس ترامب على تنفيذ سياستها تجاه المسلمين، والتي تتعمد الخلط والربط بين المتطرفين من المسلمين والإسلام ذاته، وباستحضار رفض بعض المؤسسات الأمريكية الرسمية، وأغلبية منظمات المجتمع المدني، وكبرى شركات البرمجة والاتصالات، ومقاومتها لتلك السياسات؛ نتوقع احتمالين اثنين:

الأول: استمرار التصعيد

يستند السيناريو الأول إلى مساندة فريق الرئيس ترامب لرؤيته، فأغلب هذا الفريق يتكون من جنرالات عسكرية ورجال مال وأعمال، يشاطرونه الأفكار ذاتها تجاه المسلمين والإسلام، وفي ظل موجة صعود اليمين المتطرف في الغرب، وتنامي ثقافة العنصرية والتمييز التي أوصلت ترامب إلى الرئاسة، فمن المتوقع استمرار السياسة الأمريكية المعادية للإسلام والمسلمين في عهد الرئيس ترامب، مع محاولة قولبتها فيما تسميه “بمحاربة الإسلام المتشدد”، وفي مقدمتها الحركات الإسلامية، مع تعمد الخلط بين السياسية منها وبين تلك التي تنتهج العنف.

وفي هذا السيناريو يؤكد رئيس الوزراء التركي السابق داوود أوغلو، أن “هذه الطبيعة الإقصائية للسياسة الداخلية في الولايات المتحدة نحو مواطنيها والمقيمين والأشخاص الذين يعيشون على الأراضي الأمريكية، تحدد مساراً خطيراً، وسابقة ستحذو حذوها أحزاب اليمين المتطرف في مناطق أخرى، وسوف تشوه صورة الولايات المتحدة في العالم، وتدمر أساس القوة الناعمة لديها”.

الثاني: المواءمة بين تطلعات ترامب والمصالح الأمريكية

انطلاقاً من أن النظام الأمريكي جمهوري مؤسسي وليس ملكياً، ومن كون النظام الأمريكي منظومة متكاملة تتمسك كل سلطة فيه بصلاحيتها، ومع وجود مجتمع مدني قوي متجذر في المجتمع ومؤسساته، يؤثر في الرأي العام وصناعة القرار، فمن المتوقع في ضوء ذلك أن تعمل تلك المنظومة على تهذيب سياسة إدارة الرئيس ترامب المتهورة، ولو بالحدود الدنيا، بما يحافظ على المصالح الأمريكية على مستوى الداخل الأمريكي وخارجه، فالرؤساء يأتون ويذهبون مع برامجهم، التي لا يستطيعون تطبيق بعضها، وتبقى سيادة الدستور والقانون الأمريكي، فالقدرة على التجديد سمة أمريكا.

والسيناريو الثاني هو المرجح؛ نظراً لتعدد الملفات التي أثارتها سياسة إدارة الرئيس ترامب تجاه العديد من الدول والمنظمات الفكرية والمالية، وطريقة تعامل الرئيس ترامب مع المؤسسات الأمريكية، مما يفقد الإدارة الأمريكية القدرة على تنفيذها، خصوصاً مع ضعف تأييد المؤسسات التشريعية والقضائية ومنظمات المجتمع المدني لها.

(المصدر: مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى