الرموز ومتواليات السقوط .. رؤية في الأسباب والجذور

الرموز ومتواليات السقوط .. رؤية في الأسباب والجذور

بقلم د. إبراهيم أبو محمد

يفترض في الرموز الدينية أن تكون هي الأكثر بعدا وترفعا عن الإغواء والإغراء، وهي الأقوى في التمسك بقيمها ومبادئها، وهي الأشد مقاومة للانحراف والسقوط.

• غير أن سقوط الكثير من الرموز الدينية في الفترة الأخيرة يعكس قدرة تأثير القمع والإرهاب الفكري لدي النظم الدكتاتورية والاستبدادية على اختراق المنظومة الدينية بشكل خطير.

• حالات السقوط المتكررة كما تعكس قدرة قمع الأنظمة وإرهابها الفكري تعكس أيضا ضعف المناعة في البنية الأخلاقية لدى الكثيرين من الرموز، فقيم القناعة والعفة وطهارة اليد ونزاهة الضمير ونظافة الذمة لم تكن متأصلة لا في عمق الشعور ولا حتى في هوامشه.

• ولم تكن علاقتهم بتلك القيم إلا علاقة غريب بغريب، لأنها لم تكن قيما حاكمة في حياة هؤلاء وإنما كانت مجرد منطوق لفظي لا دلالة عليه في الواقع، وأن ما كانوا يقدمونه لم يكن دعوة دينية أصيلة ونبيلة أو علم حقيقي ، وإنما كان مجرد حبكة صناعية احترفها صاحبها وبرع في كيفية تقديم نفسه.

• بينما كان عكس هذه القيم هو الأصل المستكن في نفوس أغلب تلك الرموز التي سقطت، وأن الطمع والتطلع وحب الصدارة والظهور وعشق الشهرة والنجومية كلها عوامل دُفِعَ ثمنها خصما من القيم السابقة.

• ومن ثم كانت القدرة على مقاومة الإغراء والإغواء ضعيفة، فلم تلبث أن تستجيب لدواعي السقوط والتدني، ولم يوجد في النفس ما يستعصي على الإغراء من يقين الإيمان، فكانت متوالية السقوط مؤلمة ومدوية، ليس لدى من سقطوا بأشخاصهم، وإنما بين الجماهير التي أولتهم ثقتها وآثرت محبتهم والتفت حول أفكارهم وتأثرت بما طرحوه من قبل من دعوات ثم كانت صدمتهم كبيرة في مواقف هؤلاء الرموز.

• الإشكالية أن الناس لا تفرق عادة بين رمز ورمز، وأن فرضية التشكيك لن يسلم منها حتى الصادقون، وأزمة الثقة هنا تطال الجميع حتى أصحاب التضحيات والمواقف النبيلة، الأمر الذي ينعكس بالقطع على المرجعيات الكبرى إذ كيف يفرق العوام بين رمز وآخر، وما الذي يضمن لهم أن من يثقون فيه اليوم لن يبيع غدا في أول مساومة، وأن يستسلم في أول جولة ويتخلى في أقرب موقف.

• هذا الأمر الكارثي سينعكس قطعا على المبادئ زهدا فيها، وإعراضا عنها، واعتراضا على من يقدمونها ويروجون لها.

• وسيكون السؤال الأزمة ما الذي يضمن أن (فلانا هذا) لن يكون مثل (علان ذاك)؟ فكلهم أمام المصالح والمطامع والمال سواء. ويساق هنا المثال سيئ الصيت والسمعة ” قليل من الماء يطهرها “

• خسارة العالم كبيرة بسقوط الرموز الدينية إذ هي وليس غيرها المسؤول الأول عن هذا السقوط. ولولا أن السكوت على الباطل جريمة وسقوط، وأن الساكت عن الحق شيطان أخرص ما كتبنا هذا البوست، وما توجهنا لأحد بلوم أو عتاب.

حفظكم الله وحماكم من شر السكوت وفضيحة السقوط .

(المصدر: موقع بصائر)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى