تقارير وإضاءات

“هجرة الكوادر”.. أبرز تحديات التعليم الإسلامي في بلغاريا!

إعداد هاني صلاح

“أبرز التحديات أمام التعليم الإسلامي في بلغاريا هجرة الكوادر إلى الدول الغربية لكون الرواتب في مجال التعليم الإسلامي منخفضة جداً وبالتالي غير كافية لرعاية العائلات”.. بهذه الكلمات، ألقى الضوء الشيخ مصطفي حسن إزبشتالي، المفتي الإقليمي للعاصمة البلغارية صوفيا، في حوار مع “المجتمع”، على تحدٍّ يمثل عائقاً أمام تطور العملية التعليمية الإسلامية في بلغاريا يتمثل في هجرة العقول التي تم إعدادها على مدار سنوات بالجامعات الإسلامية بعد عودتها لبلادها نتيجة للظروف المعيشية الصعبة التي يحياها هؤلاء المعلمون والدعاة والأئمة في بلغاريا!

ولفت الشيخ زبشتالي، الذي كان رئيساً لقسم الإرشاد بإدارة الإفتاء العامة في بلغاريا سابقاً، إلى أن تمويل رواتب الأئمة والأنشطة التي يقومون بها بالمساجد تأتي من تبرعات لا تكفي لتغطية رواتب أئمة بلغاريا مما جعلها متدنية ولا تكفي لحياة كريمة فضلاً عن تأخر صرف رواتب الأئمة لأشهر عديدة!

  • بداية، نرجو تعريف أنفسكم.

– مصطفي حسن إزبشتالي، ولدت عام 1983، بقرية غوداشافو (Godeshevo)، وتقع في جنوب غرب جمهورية بلغاريا على الحدود مع جمهورية اليونان المجاورة، والمنطقة بها حولي 40 قرية جميع سكانها مسلمون.

أنهيت دراستي الابتدائية والإعدادية في قريتي، بينما دراستي الثانوية أنهيتها بمدرسة “المعهد الديني قرطبة” في دولة الكويت، تخرجت في المعهد الإسلامي العالي في صوفيا عاصمة بلغاريا، وبدأت في تحضير الماجستير في جامعة “نجم الدين أربكان” في مدينة قونيا بتركيا تخصص الفقه.

حالياً، أنا المفتي الإقليمي للعاصمة صوفيا منذ سنة 2012م، من قبل ترأست قسم الإرشاد في إدارة الإفتاء العامة للمسلمين في جمهورية بلغاريا، وذلك على مدار سنتين خلال الفترة (2009-2011)، قبلها كنت إماماً وخطيباً في قريتي غوداشافو لمدة سنتين.

  • نرجو إلقاء الضوء على “منابر التعليم الإسلامي” في بلغاريا.

– التعليم الديني الإسلامي في بلغاريا يتم تحت رعاية إدارة الإفتاء العامة للمسلمين في بلغاريا، التي يترأسها المفتي العام، ويتبعه 20 مفتياً إقليمياً في كافة أنحاء البلاد.

منابر التعليم الإسلامي في بلغاريا ثلاث مدارس ثانوية شرعية معترف بها من قبل وزارة التعليم البلغارية، ومعهد إسلامي عالٍ، ودار تحفيظ القرآن، وحلقات للأولاد في المساجد لتعليم القرآن والتربية الإسلامية وهي سنوية وصيفية، ودورتان سنويتان لإعداد الأئمة والخطباء، بجانب الساعات الاختيارية في التربية الإسلامية لأبناء المسلمين بالمدارس الحكومية، وتفاصيلها كالتالي:

1- المدارس الثانوية الشرعية:

تستقبل الطلاب والطالبات بعد الصف السابع الإعدادي، حيث يدرسون فيها جميع المواد التي تدرس في بقية المدارس الحكومية بالإضافة إلى مواد دينية؛ وهي التلاوة، والخطابة، والعقيدة، والسيرة النبوية، والفقه، والحديث النبوي الشريف.

وبإمكان خريجي هذه المدارس الثانوية مواصلة دراستهم الجامعية سواء بالمعهد الإسلامي العالي، أو في جميع الجامعات سواء الحكومية أو الخاصة في بلغاريا وخارجها كذلك.

وإحدى هذه المدارس الثلاث تقع في الجنوب بمدينة مُمتشيلغراد، بينما الأخريان تقعان في الشمال في كل من مدينة روسا {Ruse}، وهي مدينة كبيرة، ومدينة شومان {Shumen},

2- المعهد الإسلامي العالي:

يقع في العاصمة صوفيا، وهو تحت إشراف إدارة الإفتاء العامة، ومدة الدراسة فيه أربع سنوات، والدراسة فيه معادلة للتي في كليات الشريعة في الدول العربية وكليات الإلهيات في تركيا، والخريجون منه يحق لهم أن يدرسوا مادة التربية الإسلامية في المدارس الحكومية، والمواد الدينية في المدارس الثانوية الشرعية، كما يحق لهم أن يصبحوا أئمة وخطباء ووعاظاً ومفتين.

3- دار تحفيظ القرآن:

ويقع في مدينة مادان {Madan} بجنوب بلغاريا، ويقوم بإعداد الحفاظ من جميع أنحاء بلغاريا، وتتراوح أعمار الدارسين فيه بين 7 و19 عاماً.

4- الحلقات المسجدية:

وهي حلقات سنوية وصيفية للأطفال لتعليم القرآن والتربية الإسلامية، وتنظّم من قبل لجان المساجد، ويدرّس فيها أئمة المساجد والخطباء والوعاظ، وعددها يزيد على 600 حلقة في جميع أنحاء البلاد.

5- الدورتان السنويتان لإعداد الأئمة والخطباء:

بهدف سد العجز في أعداد الأئمة والخطباء، ولإحياء المساجد المنتشرة في مختلف البلاد؛ يتم تنظيم دورات لإعداد أئمة وخطباء لأناس فاتتهم فرص التعليم في المدارس الثانوية الشرعية والمعهد الإسلامي العالي، إحداهما تنظم في الجنوب في قرية أستينا {Ustina}، والأخرى تتم في الشمال في مدينة شومان {Shumen}.

6- حصص التربية الإسلامية بالمدارس الحكومية:

وتدرس كمادة اختيارية لجميع الصفوف الدراسية من قبل خريجي المعهد الإسلامي العالي. يلتحق بها في الوقت الحاضر حوالي 4000 طالب وطالبة.

  • ماذا عن المناهج الدراسية للتعليم الإسلامية في بلغاريا؟ وما تقييمكم لها؟

– المناهج الدراسية للمواد الدينية في المدارس الثانوية الشرعية، وكذلك مادة التربية الإسلامية في المدارس الحكومية، تعد من قبل المختصين تحت رعاية وزارة التعليم البلغارية، أما المناهج لدار تحفيظ القرآن، والدورتان للأئمة والخطباء، والحلقات السنوية والصيفية في المساجد، فهي تعد من قبل قسمي التعليم والإرشاد التابعين لإدارة الإفتاء العامة وتطوّر بالاستمرار.

  • وماذا عن معلمي المناهج الإسلامية؟ هل هناك شروط ومواصفات لهم؟

– أكثر الكوادر في مجال التعليم الإسلامي من خريجي المعهد الإسلامي العالي وخريجي كليات الشريعة في الدول العربية كالأردن، والسعودية، ومصر، والكويت، وخريجي كليات الإلهيات في تركيا، طلاب المعهد الإسلامي العالي بجانب المواد التخصصية الدينية يدرسون عدة مواد تربوية تؤهلهم للتدريس بعد التخرج.

  • وهل من اتفاقيات بينكم وبين الجامعات الإسلامية التعليمية لتطوير معلمي المناهج الدراسية الإسلامية؟

– إدارة الإفتاء في مجال التعليم الديني تتعاون مع الجامعات والمؤسسات التعليمية في تركيا، ولكن للأسف ليس هناك تعاون كاف مع المؤسسات الإسلامية التعليمية في الدول العربية، وخاصة دول الخليج العربي، حيث هناك حاجة ماسة إلى دورات لتعليم اللغة العربية ومدرسين متخصصين في تعليم العربية للناطقين بغيرها.

  • وما مقترحاتكم في هذا المجال؟

– نقترح تخصيص منح دراسية لتعليم اللغة العربية للطلاب المتفوقين بالمدارس الثانوية الشرعية، والمعهد الإسلامي العالي، ومنح أخرى لتدريب مدرسي اللغة العربية للناطقين بغيرها من بين المعلمين في المدارس الثانوية الشرعية والمعهد الإسلامي العالي أو من خريجي كليات الشريعة أو المعهد الإسلامي العالي.

  • ما أبرز العقبات التي تواجهكم في مجال التعليم الإسلامي في بلغاريا؟

– من أكبر العقبات في مجال التعليم العالي:

1- هجرة الكوادر إلى الدول الغربية لكون الرواتب في مجال التعليم الإسلامي منخفضة جدا وبالتالي غير كافية لرعاية العائلات.

1- عدم توافر الكتب الدينية باللغة البلغارية خاصة للأطفال والشباب.

2- عدم رغبة كثير من الشباب في دراسة العلوم الإسلامية كون المسلمين في بلغاريا أقلية هناك اتهام دائم لهم بالتطرف والإرهاب.

  • كيف يتم تمويل رواتب الأئمة وأنشطة كورسات المساجد التي يشرفون عليها؟

– تمويل رواتب الأئمة والحلقات بالمساجد وجميع الأنشطة التي تقوم بها إدارة الإفتاء العامة والمفتيين الإقليميين يكون من مصادر الأوقاف، وهي الأراضي الزراعية والدكاكين، ومن تبرعات المسلمين في بلغاريا، كذلك من وقف ديانة التركي، ومع الأسف من حكومة بلغاريا لا شيء، ولذلك رواتب جميع الإخوة الدعاة والأئمة غير مناسبة من ناحية، ومن ناحية أخرى تتأخر أحياناً إلى ثلاثة أو أربعة أشهر.

  • ما أبرز الإنجازات التي تحققت في مجال التعليم الإسلامي في بلغاريا؟

– الإنجازات التي تحققت بالطبع بعد انتهاء الحقبة الشيوعية في بلغاريا، هي:

1- افتتحت ثلاث مدارس ثانوية شرعية ومعهد إسلامي عالٍ ودار لتحفيظ القرآن؛ فتحقق بذلك إعداد الكوادر اللازمة لإحياء المساجد والمؤسسات التعليمية الإسلامية.

2- كما طبعت كتب إسلامية باللغة البلغارية بالرغم من أنه مازالت هناك حاجة إلى مزيد من الكتب الجديدة بشكل كبير.

3- بدأت قبل عشر سنوات وحتى اليوم تنظيم مسابقات سنوية لطلبة الحلقات الصيفية ومسابقات للحفظ والتلاوة على مستوى مساجد بلغاريا، كما يشترك بعض طلاب دار تحفيظ القرآن والمعهد الإسلامي في مسابقات عالمية للحفظ والتلاوة.

  • هل من تنسيق مع المؤسسات المعنية بالتعليم الإسلامي على المستوى الإقليمي؟

– هناك تنسيق مستمر مع وقف الديانة التركي الممول للمدارس الثانوية الشرعية والمعهد الإسلامي العالي وبعض الحلقات الصيفية، وهناك بعض التنسيق مع كلية العلوم الإسلامية في سراييفو (البوسنة) عبارة عن مشاركات في مؤتمرات واجتماعات وورشات عمل.

  • ما توصياتكم المستقبلية لتطوير التعليم الإسلامي في بلغاريا؟

– تطوير التعليم الإسلامي يحتاج إلى الاقتداء بإنجازات الأقليات المسلمة في دول البلقان الأخرى كمقدونيا، والبوسنة والهرسك، ورفع مستوى وعي عامة المسلمين في منطقة البلقان كي يشجعوا أولادهم على تعلم دينهم والتمسك به.

  • أخيراً.. هل من رسالة تودون إرسالها؟

– أشكر للمجتمع هذه الفرصة، وأشكر لدولة الكويت حكومة وشعباً على خدمة الإسلام والمسلمين، وأيضاً أشكر جميع المدرسين والإداريين في المعهد الديني قرطبة بالكويت.

(المصدر: مجلة المجتمع)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى