فعاليات ومناشط علمائية

ندوة حول كتاب (النظام السياسي الإسلامي ومؤهلات التفوق) للدكتور عطية عدلان

ندوة حول كتاب (النظام السياسي الإسلامي ومؤهلات التفوق) للدكتور عطية عدلان

نظم المعهد المصري للدراسات يوم الأربعاء 11 أبريل 2018 بمقره بمدينة اسطنبول التركية ندوة فكرية حول كتاب “النظام السياسي الإسلامي.. ومؤهلات التفوق” والذي صدر حديثاً للدكتور/ عطية عدلان أستاذ الفقه وأصوله والسياسة الشرعية.
وذلك بحضور عدد من الأكاديميين والباحثين وفريق البحث بالمعهد المصري للدراسات.
قدم الندوة الدكتور عمرو دراج رئيس المعهد. ثم قدم الدكتور عطية عدلان لعرض كتابه بقوله: أنه رغم وفرة مؤلفات السياسة الشرعية قديما إلا أن المؤلفات المعاصرة قليلة، ومن مشكلات المؤلفات المعاصرة قلة ما يناقش النوازل المعاصرة التي نحتاج إليها. ومن مشكلات هذا الميدان عدم التفريق بين ما هو مبادئ وما هو آليات وأدوات، فمثلاً مبدأ الفصل بين السلطات يشاع أنه مبدأ وبرأيي هو وسيلة، إذ المبدأ هو محاربة الاستبداد ومنع تركز الإدارة في جهة واحدة. كذلك التوقيت لعقد الرئاسة التي سكت عنها الشرع سكت، فالمسألة هنا من قبيل الأدوات والآليات وتدخل في نطاق البحث: هل نقبل بها أم لا؟ كذلك مما يقع فيه الخلط حال الاختيار وحال الاضطرار..
وأكد أن مؤلفات السياسة الشرعية تدور على محورين الأول: جسم النظام السياسي نفسه. والثاني: ترشيد الأداء السياسي.
ثم عرض الدكتور عطية عدلان لمحتوى الكتاب الذي قسمه إلى ستة فصول؛ الأول: موجز للنظريات السياسية وتطورها عبر التاريخ. الثاني: نظرية نشأة الدولة. الثالث: وظيفة الدولة. الرابع: أسس النظام السياسي الإسلامي. الخامس: مؤسسات النظام السياسي الإسلامي. السادس: العلاقات الخارجية.
ومن خلاصات الأفكار التي تناولها الكتاب وعلى لسان الكاتب:
– أسس الديمقراطية: السيادة للشعب، الأمة مصدر السلطات، بالإضافة إلى ما نسبته الديمقراطية لنفسها (وهذا الأخير من كلام د. سيف عبد الفتاح الذي يقول بأن الديمقراطية ليست كل هذا، وإنما استندت إلى تراث إنساني عظيم وبسطت يدها عليه وجعلته لنفسها)
وعن مراحل تطور النظم والنظريات السياسية قال: ليس صحيحا الاعتقاد بأن الفكر السياسي تطور من نقطة بداية إلى نقطة نهاية “نهاية التاريخ” كما يزعم فوكوياما.. وذلك لأمرين: أولهما وجود انكسارات في مسار الفكر السياسي تاريخياً، ثانيهما: وجد في نفس الزمن دولتان: منحطة وقوية.
وأشار إلى أن الفكر السياسي الغربي كان خاضعا في كل مرحلة لضغط الشرط التاريخي، فلا يكون الفكر ابتداء وأصالة بقدر ما يكون ردة فعل على الأوضاع القائمة، بما في ذلك نظرية العقد الاجتماعي، و ولادة الفكر السياسي ضمن الأوضاع الاقتصادية مع تكون الطبقة البورجوازية في جمهوريات إيطاليا ثم في بريطانيا، وحتى مارتن لوثر في ألمانيا .. حتى إن نظرية العقد الاجتماعي وهي واحدة وُجِد له تفسيران متناقضان على يد هوبر ولوك، ثم استقرت معالمها مع جان جاك روسو (ومن تناقضاته: مناداته بالمذهب الفردي وتقديسه للوضع الجماعي)
وعن نظرية نشأة الدولة، وهي الأساس الفكري الذي تنبثق عنه كل المؤسسات قال:
– البعض يقول بأن النظام الإسلامي على العقد الاجتماعي (= وثيقة المدينة) .. وهو خطأ وخلط كبير، لأنه لو كان عقدا اجتماعيا لصارت السيادة للشعب، فلم تكن وثيقة المدينة عقدا اجتماعيا
– الأصل الفكري لنشأة الدولة في الإسلام: الاستخلاف. وهو الأصل الفكري العقدي الأيديولوجي لنشأة الدولة في الإسلام
– ثم تكلم عن وظيفة الدولة.. وقال حين يتكلم الفكر الوضعي عن وظيفة الدولة فغالبا ما يقصد الوظيفة الاقتصادية: ما هو حجم ودور الدولة في النشاط العام ونشاط الأفراد.. وقد حصل تخبط كبير في مسألة دور الدولة في التاريخ الأوروبي، من الرأسمالية العاتية التي نتجت عنها مشكلات اجتماعية انتهت إلى الاتجاه الماركسي الذي عرى وكشف سوءات الرأسمالية حتى حصل الانهيار الرأسمالي 1929 فبدأت تظهر الديمقراطية ذات الاتجاه الاجتماعي.. وعلى الطرف الآخر انتهت الشيوعية إلى الاشتراكية الديمقراطية، فكان الأصل في الغرب الملكية الفردية والحرية الاقتصادية مع وجود تدخل للدولة.. بينما الأصل في الشيوعية الملك العامة
– وفي الإسلام: الملكية العامة أصل والخاصة أصل.. والحرية العامة أصل والحرية الخاصة أصل.. ولهذا تفصيلات عند الماوردي وابن جماعة وأبو يوسف والقاسم بن سلام وغيره.. لكن التفاصيل ثرية في تتبع الآيات والأحاديث ودراسة نظام بيت المال.
وأقر الإسلام الملكية الخاصة ووجدت الملكية العامة في (الحِمَى)، وللعلماء أقوال في تنظيمه وترتيبه فلا يجوز للحاكم أن يحمي كل الأرض، ولا أغلب الأرض، ولا يجوز له أن يحمي إلا للصالح العام.
– وعن أسس النظام الإسلامي: قال بالسيادة للشرع (وهو موضع افتراق مع الديمقراطية)، والسلطان للأمة وهي مصدر السلطات (موضع اتفاق مع الديمقراطية)، والشورى، ووحدة الأمة وواحدية الإمام. (وكل هذا في حال الاختيار، وللاضطرارات ضرورات أخرى)..
وهناك مبادئ بجانب هذه الأسس: العدل، حقوق الإنسان، الحريات، التكامل في العلاقة بين الحاكم والمحكوم إذ ليست العلاقة بينهما قائمة على الصراع، ومن التكامل مبدأ الحسبة والإنكار على الحاكم.
والنظام الإسلامي يجمع بين البيعة الخاصة (أهل الحل والعقد) والبيعة العامة (بيعة الناس) .. فلو فرض أن الناس لم يرضوا ببيع أهل الحل والعقد فلا تعقد البيعة له. وقد يُجتهد فيُقال: رد الناس لبيعة أهل الحل والعقد يعني إعادة اختيار أهل الحل والعقد. وعن مؤسسات النظام:
المؤسسة الأولى: أهل الحل والعقد هم في مرتبة فوق الإمام وليسوا تحته .. وإنما كل فرد منهم وحده تحت الإمام.. إذ لهم مجتمعين الحق في محاسبته وعزله والمؤسسة الثانية: الخليفة ومعاونوه.. والمؤسسة الثالثة: الحكومة، كانت قديما وزارة التفويض ووزارة التنفيذ ومؤسسات: الأمن، الجيش، القضاء وتحدث وفى الفصل الأخير تحدث عن العلاقات الخارجية.
ختم العرض بقوله: في هذا الكتاب لا أقول ولا أقر من يقول بأن النظرية السياسية هي المشروع الإسلامي.. السياسة أحد مسارات المشروع الإسلامي، هناك مسارات اجتماعية واقتصادية وتعليمية وعلمية … إلخ! وحتى المسار السياسي نفسه أوسع بكثير من مجرد النظرية السياسية بل النظرية فقرة واحدة من المسار السياسي.
تبع العرض عدة مداخلات ننشرها على الموقع بالفيديو نذكر منها ما عقب به الأستاذ الدكتور سيف الدين عبدالفتاح والذى أشار إلى وجود اجتهادات معاصرة في موضوع “النظام السياسي الإسلامي”.
وقال: في بعض الاجتهادات المعاصرة ينبغي أن نتريث في مسألة تسمية ما نقوم به “نظرية سياسية إسلامية”، ذلك أن النظرية السياسية في هذا الإطار شأن واسع، ولا يتعلق فقط بما يسمى بالإطار الذي حدده د. عطية الأسس والمؤسسات، ولكنه ينطلق من العمليات والتفاعلات والعلاقات فيما يتعلق بهذا الأمر، ويتعلق كذلك بعملية التنزيل .. والاجتهاد له ثلاث مستويات: فقه الحكم، فقه الواقع، فقه التنزيل .. وما يتعلق بفقه التنزيل أو الاجتهاد التنزيلي غالبا ما لا يقترب منه الكثيرون حينما يتطرقون إلى هذه الموضوعات والقضايا الفنية ذات الطابع الإجرائي التطبيقي
– وعن تضمينه مفهوم الاستخلاف ضمن منظومة المفاهيم مسألة غاية في الأهمية .. وقال: أغبطك على هذا الاختيار! وطالب بتوسيع مفهوم وظائف الدولة وقال إن مساحات النظام السياسي الإسلامي، وهي مساحة تحتاج إلى مزيد من الضبط المنهجي، نحتاج أن نقدم القيم السياسية الإسلامية.. أمران يتعلقان بالاجتهاد التنزيلي: الطبيعة المؤسسية وتطورها، والتقدير والتدبير السياسي، وتحدث حامد ربيع عن علمين استقاهما من حضارة الإسلام ينبغي تجديدهما: علم التدبر السياسي وعلم الحركة السياسية. واستقاها من كتب التراث وبالذات “سلوك المالك في تدبير الممالك” لابن أبي الربيع
وقد تبع الدكتور سيف في مداخلته عدة مداخلات ثرية تمثل في مجملها مساحة من الأسئلة البحثية القيمة التي تفتح باباً للاجتهاد والبحث.

 

 

(المعهد المصري للدراسات)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى