متابعات

نائب مفتي روسيا: وضع المسلمين ببلادنا يُدمي العين

نائب مفتي روسيا: وضع المسلمين ببلادنا يُدمي العين

قال نائب الرئيس المشترك لمجلس مفتي روسيا، النائب الأول لرئيس الإدارة الدينية لمسلمي القسم الآسيوي في روسيا، فوزي سيدو، إن وضع المسلمين اليوم في بلاده “يُدمي العين؛ فموقف الدولة بالمقارنة مع ما كان عليه أيام الاتحاد السوفيتي قد تغير، ولكن المسلمين أصبحوا في فُرقة ما بعدها فُرقة”.

وحول موقف السلطات الروسية من زيادة عدد المسلمين لديها، أضاف، في مقابلة خاصة مع “عربي21″، أنها غير آبهة بتلك الزيادة المطردة، لكنها ليست في حالة رفض لهذا الأمر، بل ترقب لما سيحدث في المستقبل.

وبسؤال عن كيفية تعامل روسيا مع ضحايا فيروس كورونا من المسلمين، أجاب: “إلى الآن لم يحدث تعامل خاص مع الضحايا سوى أن الميت يُعقم بمواد خاصة، وإن حدث تصرف غير هذا، فسوف يكون لكل حادث حديث”، لافتا إلى أن كورونا ساهم، ضمن إحصاءاتهم، في زيادة عدد معتنقي الإسلام.

وتاليا نص المقابلة:

في ظل النظام الشيوعي في الاتحاد السوفيتي تعرض المسلمون لصنوف من القهر والتعذيب والقتل والتهجير.. فكيف هو وضع المسلمين اليوم في روسيا؟

وضع المسلمين اليوم في روسيا يُدمي العين؛ فموقف الدولة بالمقارنة مع ما كان عليه أيام الاتحاد السوفيتي قد تغير، ولكن المسلمين أصبحوا في فُرقة ما بعدها فُرقة، فإن ما يفعله المسلمون ببعضهم لا تستطيع أي قوة في العالم فعله بهم.

هل تغير موقف الدولة بشكل واضح حيال الإسلام؟

نعم. الآن الموقف من الدين في روسيا واضح؛ فالدين ليس له علاقة بالدولة قانونا.

هناك تقديرات متباينة لعدد المسلمين في روسيا.. فكم يبلغ عددهم تحديدا؟

لا توجد أي إحصائية دقيقة ترصد العدد الصحيح، وذلك لانفصال الدين عن الدولة، ولكن نسبة المسلمين الأصليين، أي التتار والبشكير، هي 10% تقريبا، أما إذا أضفنا إليهم القادمين من الدول التي كانت في ظل الاتحاد السوفيتي سابقا فنصل لـ 30%.

وما مدى انخراطهم وتفاعلهم في المجتمع الروسي؟

يمكننا القول إنهم منخرطون أكثر من اللازم؛ وأحيانا نجد المسلم في روسيا أشبه بالمتطرف المنفصل عن المجتمع، والذي يتحدث في واد والناس في واد آخر أو المنخرط تماما في المجتمع حد ارتكاب الذنوب والمعاصي المختلفة مع بقاء شيء بسيط لله في حياته، فضلا عن وجود المسلم الصحيح والسليم بطبيعة الحال.

هل هم متواجدون في مختلف مؤسسات الدولة؟ وما مدى تأثيرهم على صناعة القرار هناك؟

هم متواجدون في جميع المجالات ومختلف المؤسسات، أما بالنسبة لصناعة القرار فهذا يتوقف على مدى فاعلية وتقبل المنطقة التي يتواجد فيها المسلمون.

رئيس “مجلس المفتين”، راويل عين الدين، توقع نمو نسبة المسلمين في البلاد خلال الأعوام 15 القادمة لتصل إلى 30% من مجموع السكان.. ما مدى دقة هذا التوقع خاصة أن البعض شكك في هذا الأمر؟

سمعت بهذا التوقع، ولكن إذا أخذت بعين الاعتبار نسبة الـ 10%، وهم السكان المسلمون الأصليون، فلكي نرفع هذه النسبة إلى 30% خلال هذه المدة نصبح بحاجة لخطوات عملية وآليات عمل وعدة شروط أهمها أن يجتمع المسلمون لا على رجل واحد، وإنما على هدف واحد، وألا يضروا بعضهم البعض، وأن يعود التتار والبشكير وجميع شعوب روسيا إلى لغاتهم وتراثهم، مع عناية مسلمي المنبع (الدول الإسلامية) بمسلمي الدول الغربية والأقليات، وأن يصبح جميع المسلمين فاعلين في الوطن الذي يحملون جنسيته، ويكونوا يدا واحدة باتجاه هدف واحد، وخطوط عريضة واحدة.

هل هناك توسع في بناء المساجد في روسيا ليتناسب مع زيادة أعداد المسلمين هناك أم أن هناك تضييقا عليكم في تلك القضية؟

هناك مناطق بها توسع في بناء المساجد وأخرى يحدث فيها العكس، والمناطق التي يوجد فيها تضييق ليس بسبب الدولة، كما أرى، وإنما بسبب المسلمين أنفسهم وما يفعلونه ببعضهم؛ فعلى سبيل المثال كانت هناك عدة محاولات لبناء مساجد في موسكو لكن أوقفها رئيس “مجلس المفتين”، لأنه لا يريد منافسين، فلا يهمه وجود 6 مساجد فقط لمسلمي موسكو الذين يبلغ عددهم نحو 6 ملايين.

هل هناك حواجز وعقبات تحول دون انتشار الإسلام بشكل أكبر في روسيا؟

نعم، ومنها الأذى الذي يقوم به من يسمون أنفسهم مفتيي روسيا؛ فكل منظمة تضر بالأخرى، وتحاول بمختلف الطرق أن تسعى لتدميرها بشكل لا يليق بالمسلمين، ويضيع في ذلك المنظمات التي تعمل لصالح المسلمين بشكل سليم، فضلا عن عدم وجود الدعم الكافي، وبسبب الإسلاموفوبيا العالمية التي ساهمت فيها الحركات الإرهابية التي ظهرت؛ فللأسف بسبب هؤلاء خاف كثير من الناس من التدين أو السماح للشباب بالتدين خوفا من الوقوع في مصيدة الإرهاب والتطرف.

هل معدّلات الإنجاب المرتفعة لدى بعض القوميات المسلمة قد يكون لها تأثير على هيكل سكان روسيا؟

نعم هذا صحيح، والحمد لله القوميات المسلمة أكثر إنجابا، وهذا عامل مؤثر بالفعل.

وكيف تنظر السلطات الروسية إلى زيادة أعداد المسلمين لديها؟

لا أظن أن هناك دولة في العالم سعيدة بزيادة عدد المسلمين، وهذه حقيقة، ولكن لا أرى أن النسب التي نحن بصددها الآن، والمدة المقترحة، وضعت السلطات الروسية في حالة من الرفض، بل أظن أنها حالة من المراقبة لما سيحدث في المستقبل.

هل تأثر المسلمون في روسيا بموجات تصاعد اليمين المتطرف في الغرب ودعوات التحريض على كراهية المسلمين وخاصة في ضوء ما يسمى بـ”الحرب على الإرهاب”؟

تأثروا إلى حد كبير. في الحقيقة هناك الكثير من الشباب ينصحهم الأهل بالابتعاد عن الدين، وهناك الحرب بين المنظمات الدينية الطاحنة، والتي يستعمل كل واحد من المتحاربين فيها فرشاة يلون بها خصمه بتهمة الإرهاب.

على صعيد أزمة فيروس كورونا، ما مدى اتفاقكم أو اختلافكم مع قول البعض إن كورونا غضب من الله وعقاب إلهي أم أنه ابتلاء واختبار؟

أي مصيبة أو بلاء يحل بالناس أو بالشخص له رسائل، ففيه العقاب، والتذكرة، والاختبار، وولادة شيء جديد. كما أن المصيبة رسالة من الله. فمثلا دعونا نرى العقاب في هذا الوباء، ماذا كان يحدث في الصين قبل الكورونا؟ قال رئيس تلك البلاد إنه لا توجد أي قوة في العالم تستطيع مواجهتهم، فأرسل الله فيروسا لا يرى بالعين المجردة ليقول ذات الشخص إنه أكبر تهديد للنظام الشيوعي العالمي.

وكذلك الظلم، فمسلمو الإيغور عُذّبوا، ووُضعت الكاميرات في بيوتهم وفي غرف نومهم، وأُجبروا على الإفطار في رمضان، وأُجبروا على أكل لحم الخنزير، ووُضعوا في سجون جماعية، بعد الكورونا انظروا إلى رسائل الاعتذار من الصينيين للمسلمين.

أما التذكرة في هذا الوباء؛ فالكل الآن يعيد حسابات قراراته وحياته؛ فالموت أقرب من أي وقت مضى لذهن الإنسان الآن.

وأما الاختبار؛ فالرسول (صلى الله عليه وسلم) قال لنا ماذا نفعل في مثل هذه الأيام، وأن من يموت صابرا محتسبا مؤمنا بقضاء الله عز وجل فهو شهيد؛ فمن الذي ينفذ أمر رسول الله؟

أما ولادة شيء جديد؛ فلننظر للكرة الأرضية قبل كورونا كانت هناك إنذارات بكارثة بيئية فظيعة جدا، ولننظر الآن ما حدث بعده الحمد لله التلوث أقل بمرات. كما أدى لولادة مفهوم العمل عن بُعد، والدراسة عن بُعد في الأنظمة البيروقراطية. والناس من قبل قلّ احترامهم لبيوت الله حتى حُرموا الذهاب إليها، والآن الكثير فهم خطأه.

كيف ترون الجدل الخاص بصيام شهر رمضان على خلفية أزمة فيروس كورونا المستجد؟ وما موقفكم في روسيا من صيام رمضان؟

لا توجد أي دراسة معتبرة تثبت أن قلة شرب الماء أو تناول الطعام يؤثران سلبا على الجهاز المناعي، بل على العكس هناك دراسة تثبت أن الصيام يساعد الجهاز المناعي ويخلص الأجسام من السموم.

لذلك، فصيام رمضان فرض لابد منه، إلا إذا مرض الإنسان فهنا توجد له رخصة من الله -عز وجل- ويُقدر وضعه بشكل فردي أصحاب الاختصاص والتقوى.

كيف تتعامل السلطات الروسية مع ضحايا كورونا من المسلمين؟

إلى الآن لم يحدث تعامل خاص مع الضحايا سوى أن الميت يُعقم بمواد خاصة، ولم نصطدم بغير هذا التصرف حتى الآن، وإن حدث وحصل، فسوف يكون لكل حادث حديث.

بعض وسائل الإعلام الغربية تستشهد بتعاليم النبي محمد لمواجهة كورونا.. ما دلالة ذلك؟

الدلالة واضحة لا غبار عليها في الأحاديث التي تتحدث عن الطاعون، ورب ضارة نافعة؛ ففيروس كورونا ساهم، ضمن إحصاءاتنا، في زيادة عدد معتنقي الإسلام مع العلم أن المساجد مُغلقة؛ فتصوروا ماذا سيحدث إن عدنا إلى العمل بكافة طاقاتنا.

ما موقفكم من الجدل (القديم الجديد) الخاص بأيهما مُقدم على الآخر.. النفس أم الدين؟

بدون النفس لا يوجد دين، ولو شاء الله لخلقنا على دين واحد، وأمة واحدة، والله لا يريد -والله أعلم – رجال الدين ليعبدوه؛ فالقضية هي العلاقة بالله المبنية على الخوف أو الطمع أو الحب على اختلاف استيعاب الإنسان لتلك العلاقة. أما النفس فهي التي بحاجة للدين ولله للنجاة في الآخرة.

وفي ديننا ضوابط تُوجب علينا ألا نبالي بأنفسنا وحياتنا؛ فمثلا الزحف ورد العدوان عندها يجب على الإنسان أن يفهم أن بقاءه على قيد الحياة ونجاته من موت قريب قد يؤدي لهلاكه في الآخرة، وفي مواضع ومواقف أخرى لا يجوز لنا أن نلقي بأيدينا إلى التهلكة. وهذا الجدل ينتهي إذا انتهى إطلاقه وتعميمه؛ فلكل زمان ومكان يوجد كلمة حق تُقال فيه، وكل وضع يُدرس بشكل مفرد.

هناك من انتقد فتوى إيقاف صلاة الجماعة وصلاة الجمعة في المساجد بدعوى أن هذا هو وقت التضرع إلى الله وصلاة الناس في المساجد لتجاوز هذه المحنة.. كيف ترون ذلك في ظل تباين المواقف من دولة لأخرى؟

هذا الكلام مُخالف للشرع، فإن كنت متضرعا تفضل وقم بذلك في خلوتك، ولكن الخلوة صعبة طبعا ففيها مراجعة النفس ومراجعة القرارات وفيها التفكر، وهذا كله تكرهه النفس وتحب الانشغال بأي شيء آخر ألذ عليها، وإلقاء النفس في التهلكة وعدم الامتثال لأوامر الشرع الحنيف ذنب كبير. أما بالنسبة لتباين المواقف فيتوقف على تباين المحنة في الدول المختلفة من حيث القرب أو البُعد عن الخطر.

(المصدر: عربي21)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى