كتاباتكتابات مختارة

مسلمو إثيوبيا.. نهاية عقود من الاضطهاد والإهمال

مسلمو إثيوبيا.. نهاية عقود من الاضطهاد والإهمال

بقلم أشرف عبده

تقع إثيوبيا -أو الحبشة قديماً- شرق أفريقيا بين إريتريا والسودان شمالاً وكينيا جنوباً، وهي دولة حبيسة ليس لها منفذ بحري، وتبلغ مساحتها1.1 مليون كيلومتر مربع.

يبلغ عدد سكان إثيوبيا 114 مليوناً، ولا يوجد بيانات دقيقة بعدد المسلمين، فهناك مصادر تعتبر المسلمين أقلية بنسبة تتجاوز 40% (نحو 46 مليوناً)، وأخرى تذكر أنهم أغلبية بنسبة أكثر من 56% (نحو 65 مليوناً)، ويسيطر المسيحيون على جميع السلطات، والأمهرية هي اللغة الرسمية.

تنتشر الأمية بين الشعب الإثيوبي؛ حيث إن أكثر من ثلثي الشعب أُمّيون، ويعملون بالحرف المختلفة.

المسلمون.. بين الأمس واليوم

إثيوبيا هي أرض الهجرة الأولى للمسلمين قبل الهجرة للمدينة، ويعمل معظم المسلمين الآن بالرعي في القرى، وبالتجارة في المدن، وينتشرون في معظم الأقاليم؛ فنسبتهم في سيداما تصل 100%، وفي إقليم عفار 99%، وفي إقليم صوماليا يشكلون 97%، ونسبتهم بين الأورومو 80%، ونسبتهم بين الأمهرة 15%، وفي إقليم تيجراي 5%، ويشكلون أكثر من ثلث العاصمة أديس أبابا.

ويتمتع المسلمون الإثيوبيون حالياً بوضع أفضل، بعد فترة من سياسة الإقصاء والإهمال والتضييق التي كان يمارسها النظام الشيوعي الدكتاتوري حتى سقوط «منجستو هيلا مريام» عام 1991م، وتولي «مليس زيناوي» منصب الرئاسة (1991 – 1995م)، ثم توليه رئاسة الوزراء (1995 – 2012م).

وعندما تولى «زيناوي» رئاسة الوزراء أعطى للمسلمين كثيراً من حقوقهم؛ فشاركوا في الحياة السياسية، وأسند إلى بعضهم مناصب قيادية عليا، وعيَّن منهم وزراء في حكومته، وعمل على نشر التعليم العصري، وفتح المدارس والجامعات النظامية في المناطق المسلمة المهمَّشة سابقاً.

كما تم فتح دور النشر والمكتبات الإسلامية في إثيوبيا، وتعد مجلة «بلال» الشهرية المجلة الإسلامية الرائدة التي صدرت في سبتمبر 1992م، ومنذ عام 1996م صدر عدد من المجلات الإسلامية الأخرى، منها: «الهجرة»، و»الحكمة»، و»الإحسان»، و»البركة»، و»الهايت» (Hayat)، و”الهجبت” (Hijtb)، و”دفورت نايلتي” (Dfortnighlty)، ونُشرت كتب بالأمهرية والعربية، وتُرجم عدد من الكتب العربية إلى الأمهرية.

ونال مسلمو إثيوبيا في عهد رئيس الوزراء الحالي “آبي أحمد” -تولى في مارس 2018م- كثيراً من حقوقهم؛ فقد حصل المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في إثيوبيا على اعتراف رسمي من الحكومة بأنه مؤسسة دينية إسلامية ذات سيادة كاملة، وله الحق في سن القوانين الدينية وإنشاء المؤسسات التابعة له، وأقره البرلمان في يناير 2020م؛ الأمر الذي يسر للمجلس الأعلى إضافة فقرة تم إقرارها بالدستور الإثيوبي تسمح للمسلمين بالاحتكام إلى شرائعهم، وبموجبها أنشئت المحاكم الإسلامية المعترف بها.

وقدم رئيس الوزراء “آبي أحمد” مبادرة شخصية لجمع صف المسلمين وتوحيدهم بعد سنوات من التفرقة بين المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ولجنة مسلمي إثيوبيا، وظل يجتمع باللجنة المختصة لحل مشكلات مسلمي إثيوبيا، ومنح المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية مساحة 30 ألف متر في مدينة أديس أبابا في مايو 2020م؛ لإقامة أكبر مركز للبحوث الإسلامية ومسجد عالمي، وتسلم مفتي عام إثيوبيا الشيخ عمر إدريس شهادات ملكية 70 مسجدًا كانت تفتقد لوثائق ملكية طيلة العهود الماضية.

التعليم الإسلامي

توجد المدارس الإسلامية في العاصمة أديس أبابا وهرر وديّرة وداوة وجامو وغيرها، وتقوم بتدريس اللغة العربية والتربية الإسلامية بجانب المواد الدراسية الأخرى، ويواصل الطالب دراسته في المدارس الحكومية، وفي المستويات العليا يتعلمون الفقه والنحو والتفسير، ويرسَل الطلاب المؤهلون أحياناً للدراسة في البلاد العربية.

ويتجه عدد كبير من الطلاب المسلمين إلى الاكتفاء بالتعليم في المدارس الإسلامية، ثم يتجهون إلى العمل التجاري؛ وقد أسهم هذا في إضعاف وجود الطلاب المسلمين في المدارس العليا والجامعات؛ فنسبة الطلاب المسلمين في التعليم الجامعي لا تزيد على 20% من عدد الطلاب.

وهناك عقبات كثيرة تواجه المسلمين في إثيوبيا، من أهمها: الخلافات العِرقية والقومية، وضعف المشاركة السياسية، وانتشار الفقر والجهل في مناطق المسلمين، وضعف التواصل مع العالم العربي.

_____________________________________________________________________

1- د. السيد علي أبو فرحة: إثيوبيا من نفق الأقلية إلى فضاء الأكثرية، مجلة قراءات أفريقية، السنة الرابعة عشرة العدد (37)، شوال 1439هـ/ يوليو 2018م، ص36-53.

2- العين الإخبارية: مطالب عمرها 60 عاماً.. إثيوبيا تمنح المجلس الإسلامي السيادة الكاملة، 21 مايو 2020م.

3- د. عطا كنتول: أوضاع المسلمين بإثيوبيا، موقع رابطة علماء سورية، 6 جمادى الآخرة 1440هـ/11 فبراير 2019م.

(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين نقلاً عن مجلة المجتمع)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى