كتاباتكتابات مختارة

ما مصلحة التطبيع؟

ما مصلحة التطبيع؟

بقلم عبدالهادي أوانج محمد

هذا قول الله وهو أصدق القائلين:

﴿۞لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَٰوَةٗ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ﴾ [المائدة: 82]

فاليهود أولا وآخرا، وأحزابهم الصهاينة، أولئك الذين قاموا إلى نشأة دولة إسرائيل، التي انتهكت قوانين الطبيعة الدولية ثم قامت في تطبيعها، ثم اولئك أشد الناس فرحا وسرورا للتطبيع لها، تلك الدول التي أنشأت دولة إسرائيل منذ بدايتها إلى نهايتها، ودافعت عنها سياسيا واقتصاديا وإعلاميا وعسكريا بأسلحة كل أنواعها، ومنها أسلحة الدمار الشامل المحرمة دولية التي تهلك النسل والحرث وأشد الفساد، فارخصة لإسرائيل وحلفائها.

وأنشئت هذه الدولة لتطبيق وعد بلفور الملعون وبعد تقسيم سأيكس بيكو المشؤوم، ظلما وعدوانا، حيث تم اغتصاب الأراضي من الذين يملكونها للذين لا يملكونها. ثم اجتهدوا في تطبيعها، تطبيع قوم غضب الله عليهم وذلك بأنهم يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس، فبشرهم الله بعذاب أليم في الدنيا والآخرة. وأما قبله، تم تقسيم الدول على حسب المصالح الاستعمارية المجددة للظروف المعاصرة والأوضاع المتغيرة من الاستعمار القديم الذي انتهى دورها ثم تطويرها للاستعمار الجديد.

ومن أعجب عجائب العالم أن دخلت في فلك التطبيع الدول العربية التي ينطق حكامها بلغة القرآن، بحجة وضعتها الدول الحامية لأسرائيل لتكون مع إسرائيل متحالفة ضد كل حركة ضد إسرائيل بادعاءات وضعوها، ومنها خطر العثمانية الأتراك الاستعمارية القديمة ضد القومية العربية رغم رفضها نشأة دولة صهيونية في أولها، والخطر الشيعي من إيران عدو أهل السنة رغم صرخها الموت لإسرائيل، وخطر حركات المقاومة فحركة حماس والجهاد الإسلاميين من الإخوان الذين وضعوهم من قوائم الإرهابيين لدعوتهم إلى إقامة دولة الخلافة التي لاتصلح لهذا العصر اللبرالي والتقدمي رغم جهادهم ضد قيام دولة إسرائيل  وحزب الله أشد إرهابا من الشيعة لأسلحتها الخطيرة في وجه إسرايل.

والدعوة إلى التطبيع بحجة حماية الدول العربية والإسلامية من تلك الأخطار كلها، بتحالف الدول الصهيونية ودول الجوار وتزويدها الأسلحة التي لا تتفوق القوى الإسرائيلية لحماية أمنها أولا وآخرا، قبل الدفاع عن الدول المطبعة والمطبلة، وإنما لمصلحة بترولها لا لمصلحة شعوبها وحكوماتها. تلك من الحكمة السياسية التي تمليها لكل قادة وملوك وأمراء ورؤساء يريدون البقاء على الكراسي القائمة والعروش المشيدة، مضادة لوعيد الله: كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذوالجلال والإكرام. فأما الكراسي والعروش كلها خشب مسندة في ظلال كل من عليها فان.

قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27) لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28) (آل عمران: 26 – 28] .

وقال الألوسي في تفسيره روح المعاني (2/ 117-118): «وفي الآية دليل» على مشروعية التقية وعرفوها بمحافظة النفس، أو العرض، أو المال من شر الأعداء، والعدو قسمان: الأول من كانت عداوته مبنية على اختلاف الدين كالكافر والمسلم، والثاني من كانت عداوته مبنية على أغراض دنيوية كالمال والمتاع والملك والإمارة، ومن هنا صارت التقية قسمين: أما القسم الأول فالحكم الشرعي فيه أن كل مؤمن وقع في محل لا يمكن له أن يظهر دينه لتعرض المخالفين وجب عليه الهجرة إلى محل يقدر فيه على إظهار دينه ولا يجوز له أصلا أن يبقى هناك ويخفي دينه ويتشبث بعذر الاستضعاف فإن أرض الله تعالى واسعة نعم إن كان ممن لهم عذر شرعي في ترك الهجرة كالصبيان والنساء والعميان والمحبوسين والذين يخوفهم المخالفون بالقتل، أو قتل الأولاد، أو الآباء، أو الأمهات تخويفا يظن معه إيقاع ما خوفوا به غالبا سواء كان هذا القتل بضرب العنق، أو بحبس القوت، أو بنحو ذلك فإنه يجوز له المكث مع المخالف والموافقة بقدر الضرورة ويجب عليه أن يسعى في الحيلة للخروج والفرار بدينه ولو كان التخويف بفوات المنفعة أو بلحوق المشقة التي يمكنه تحملها كالحبس مع القوت والضرب القليل الغير المهلك لا يجوز له موافقتهم، وفي صورة الجواز أيضا موافقتهم رخصة وإظهار مذهبه عزيمة فلو تلفت نفسه لذلك فإنه شهيد قطعا، ومما يدل على أنها رخصة- ما روي عن الحسن- أن مسيلمة الكذاب أخذ رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال لأحدهما: أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم فقال: أتشهد أني رسول الله؟ قال: نعم ثم دعا بالآخر فقال له: أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم فقال: أتشهد أني رسول الله؟

قال: إني أصم قالها ثلاثا، وفي كل يجيبه بأني أصم فضرب عنقه فبلغ ذلك رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال: أما هذا المقتول فقد مضى على صدقه ويقينه وأخذ بفضله فهنيئا له. وأما الآخر فقد رخصه الله تعالى فلا تبعة عليه لذلك فإنه شهيد قطعا، ومما يدل على أنها رخصة- ما روي عن الحسن- أن مسيلمة الكذاب أخذ رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال لأحدهما: أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم فقال: أتشهد أني رسول الله؟ قال: نعم ثم دعا بالآخر فقال له: أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم فقال: أتشهد أني رسول الله؟

قال: إني أصم قالها ثلاثا، وفي كل يجيبه بأني أصم فضرب عنقه فبلغ ذلك رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال: أما هذا المقتول فقد مضى على صدقه ويقينه وأخذ بفضله فهنيئا له. وأما الآخر فقد رخصه الله تعالى فلا تبعة عليه”.

فهنا رخصة وعزيمة وليس التطبيع منهما، رغم أن الضرورات تبيح المحظورات ولكن الضرورة تقدر بقدرها. والأولى المقارنة بين مالك الملك والملوك كلهم والدول كلها. ولقد انهارت الدول الكبرى من حيث أجلها المحتوم. والمستقبل لهذا الدين. فهذا نذير من الله:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (53) (المائدة).

وغيرها من الآيات باللغة العربية الفصيحة قرأها من قرأها وفهمها من فهمها إلا الأميين من الأعراب لاسيما الأعراب المنافقين والذين في قلوبهم مرض، اولئك الذين فضحهم االله في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى في الآيات الكثيرة ومنها قوله تعالى:

الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (التوبة :97)

وقوله تعالى:

بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا . الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا .(النساء:138-139 ).

ورأينا مؤتمر القمة للدول المطبعة منعقدة فى وسطها كوشنير رسول الرئيس المرشح لأمريكا وصهره ورجل إسرائيل. وقيل إنها ستنضم إليها الدول الأخرى، وإنما لتشكيل الناتو الجديد في مواجهة الإرهاب المزعوم. وستكون إسرائيل عضوا مهما لكل حركات وتحركات.

ثم عينوا علماء لفتوى ضرورية التطبيع دينيا، ويأمرون أئمة يهدون بأمرهم وليس بأمر الله، والخطباء الببغاء لتفهيم الرأي العام على أن التطبيع من السيرة النبوية التي تصالح اليهود في المدينة وانتهت القصة، ولا تذكر إخراجهم عنوة من الإراضي الإسلامية النبوية وفترة الخلافة الراشدة لمؤامرتهم الخطيرة. وهناك ثوابت منصوصة عن طبيعة اليهود الصهاينة التي لا تتغير:

وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ. (المائدة :64)

ولقد تم إخراجهم من المدينة وحولها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم تفسيرا عمليا للقرآن وتطبيق الأمر الله. بعد نقضهم العهود ودورهم ضد الإسلام ونبيه وأمته، وانتشروا في الأرض وقاراتها، وإنما وضعهم في فلسطين في هذا العصر لحل قضايا كل دولة سكنوا فيها وأفسدوها، وأيدت كل دولة لحل قضاياها الداخلية لتدخل الصهاينة في كل دولة تستضيفهم، فقامت بإخراج الصهاينة من البلدان، ووضعهم في أرضنا المقدسة تيمنا بتاريخهم القديم الذي لايصلح أن تكون لهم لعصيانهم الأنبياء وكفرهم لكتاب الله ونقضهم ميثاق النبيين، لأن أرض الأنبياء يرثها العباد الصالحون.

وكانوا يتيهون في الأرض أربعين سنة لعصيانهم موسى وهارون عليهما السلام وعدم استجابة دعوة الجهاد في سبيل الله شرط لدخول أرض فلسطين. ولقد دخلو بعد ذلك بعد التوبة والإنابة ثم أخرجوا منها بعد الكفر والعصيان والمفسدة. تطبيقا لوعد الله:

وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) [الإسراء: 4، 5]

وبعد دخول الإسلام في فلسطين لقد نصت الشروط العمرية لوضعهم المشؤوم كدأب أجدادهم الجاحدين, وهذه نصوصها:

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا ما أعطى عبد الله، عمر، أمير المؤمنين، أهل إيلياء من الأمان، أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقمها وبريئها وسائر ملتها. أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينقص منها ولا من حيِّزها ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يضارّ أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود. وعلى أهل إيلياء أن يُعطوا الجزية كما يُعطي أهل المدائن. وعليهم أن يُخرِجوا منها الروم واللصوص. فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا أمنهم. ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية. ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلي بِيَعهم وصلبهم، فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بِيَعهم وصلبهم حتى يبلغوا أمنهم. فمن شاء منهم قعد وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية. ومن شاء سار مع الروم. ومن شاء رجع إلى أهله، فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم.

وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين، إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية. كتب وحضر سنة خمس عشرة هجرية. وشهد على ذلكخالد بن الوليد، وعبد الرحمن بن عوف، وعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان.

وشروط عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمحضر المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم ، وعليها العمل عند أئمة المسلمين، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة”. وقوله صلى الله عليه وسلم: “اقتدوا باللذين من بعدي، أبي بكر وعمر” لأن هذا صار إجماعاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين لا يجتمعون على ضلالةٍ على ما نقلوه وفهموه من كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

واستمرت الشروط إلى سقوط الخلافة بخيانة الثورة العربية الكبرى التي طبقت تقسيم سأيكس بيكو ونشأة الدول في المنطقة تحت حماية دول الحلفاء الاستعمارية وتطبيق خيانة بلفورلنشأة دولة إسرائيل الصهيونية كيانا وبائيا خطيرا في المنطقة الذي لا يصلح التطبيع. فالتطبيع نقض للشروط العمرية وخيانة أخرى.

ويعرف الجميع أن الكيان الإسرائيلي الصهيوني ارتكب جرائم لا تحصى بحق الفلسطينيين، بلغت درجة الجرائم ضد الإنسانية، فالتطبيع قبول تلك الجرائم كلها طبيعية للتعامل معها كأنها لم ترتكب أي جريمة.

فالتطبيع مع الكيان الصهيوني، هو بناء علاقات رسمية وغير رسمية، سياسية واقتصادية وثقافية وعلمية واستخباراتية مع الكيان الصهيوني، والتطبيع هو تسليم للكيان الصهيوني بحقه في الأرض العربية بفلسطين، وبحقه في بناء المستوطنات وحقه في تهجير الفلسطينيين وحقه في تدمير القرى والمدن العربية، وهكذا يكون التطبيع هو الاستسلام والرضا بأبشع مراتب المذلة والهوان والتنازل عن الكرامة وعن الحقوق.

ونحن في فترة الاستقلال والحرية والصحوة الإسلامية من جديد، وفترة بداية النهاية للاستعمار الذي حاول الخروج من قضاياها الداخلية فشل الايدولوجيات الحاكمة، يمينية ويسارية. ولا ينبغي أن يلدغ المؤمنون مرات في جحر واحد. وما سياسة التطبيع للكيان الصهيوني إلا سياسة ماكرة ومخططات خادعة ضد الإسلام وصحوته المباركة ، وتنفيذا لسياسة استعمارية مخططة لأمن إسرائيل لا لأمن غيرها.

ألم تروا إلى كل دولة عربية وإسلامية تساند المقاومة الإسلامية في مواجهة إسرائيل الصهيونية نهبا لتشعيل الفتن والاضطرابات والانقلابات باسم الديموقراطية والحرية وحقوق الإنسان أو لتفجير الحروب بالوكالة بتزويد الأسلحة بأموالنا وقتل بعضنا بعضا ولا يتفوق تسليحها فوق قوة إسرائيل، وكذلك دخول الدول في إطار الربيع الذي لايثمر ثمارا ناضجا، فليفهموا يا أولى الألباب والعقول.

ولما كانت نشأة دولة إسرايل الصهيونية من أشراط الساعة الكبرى لنهاية اليهود، فإن كل دولة تتحصن وراءها ستتدمر تحت أنقاضها. وإنما علينا البلاغ.

ولا أقصد لدولة ما ومن شخصياتها ولكن المثل الماليزي يقول: إن من أكل الفلفل شعر بحرارتها. اللهم ملك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين، اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، غير المغضوب عليهم، قوما غضب الله عليهم، ولا الضالين. آمين.

أخوكم: عبد الهادي أوانج محمد

نائب الرئس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين،

والمبعوث الخاص لرئيس وزراء ماليزيا للشرق الأوسط،

ورئيس الحزب الإسلامي في ماليزيا.

(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى