تقارير وإضاءات

ما دلالات إعلان “إسرائيل” تأسيس منتدى يضم أمريكا والهند والإمارات؟

إعداد محمد أبو رزق

في تطور متقدم للتطبيع الإماراتي، قد يغيّر التحالفات السياسية والاقتصادية بالمنطقة، أعلنت دولة الاحتلال الإسرائيلي إنشاء “منتدى دولي رباعي للتعاون الاقتصادي”، بعد الاتفاق مع الولايات المتحدة والإمارات والهند.

ويشكل المنتدى الذي سيتم تأسيسه، قوة سياسية واقتصادية للدول الأربع المشارِكة فيه، خاصة مع نمو الهند كقوة اقتصادية في المنطقة، وتميُّزها بعلاقات استراتيجية مع كل من “إسرائيل”، والإمارات.

وحول التفاصيل الأولى للمنتدى الذي أعلن وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي يائير لابيد، (الثلاثاء 19 أكتوبر الجاري)، عن الاتفاق على إنشائه، فإنه سيكون في مجالات النقل والتكنولوجيا والأمن البحري والاقتصاد والتجارة، والمشاريع المشتركة.

وجاء الإعلان عن تأسيس المنتدى في وقت تتطلع فيه الهند إلى تعزيز صادراتها، من خلال إقامة علاقات تجارية وعقد اتفاقيات جديدة مع عدد من الدول لتنشيط اقتصادها.

وتعد الهند ثالث أكبر شريك تجاري آسيوي لـ”إسرائيل” منذ 2014، وعاشر أكبر شريك تجاري بشكل عام، حيث وصلت تجارتهما البينية إلى 5 مليارات دولار، مقارنة بـ200 مليون دولار فقط لدى استئناف علاقاتهما الدبلوماسية في 1992، وفقاً لسفارة الهند لدى دولة الاحتلال.

وتركزت المجالات التجارية والاقتصادية بينهما في التكنولوجيا المالية، والإنترنت والسيارات الكهربائية، وتحلية المياه، والأدوات التحليلية للمختبرات، والتعلم الآلي، وإدارة البيانات، فضلاً عن خطط لتعظيم الإمكانات التجارية.

وسبق الإعلان عن تأسيس المنتدى إنشاء “إسرائيل” والهند صندوق ابتكار بقيمة 40 مليون دولار، موّل 11 مشروعاً في الصناعة والتنمية والبحوث التكنولوجية، وتعاونت شركاتهما في مجالات المياه والزراعة والطاقة والصحة والمعلومات والاتصالات.

مكاسب سياسية واقتصادية

وحول دلالة المنتدى بين الدول الأربع، يؤكد المختص في الشأن الإسرائيلي، إسماعيل موسى، أنه جاء بعد مشاورات طويلة خاصة بين “إسرائيل والإمارات”؛ لكونهما تحرصان على تعزيز العلاقات الاقتصادية من خلال اتفاق التطبيع الموقع بينهما.

وفي حديثه لـ”الخليج أونلاين”، يقول موسى: “من المعروف أن الهند تتمتع بعلاقات استراتيجية مع الإمارات ودولة الاحتلال، وحين وقَّع الطرفان اتفاق التطبيع رحبت بشكل كبير به، وأعلنت تأييدها لكل ما جاء في الاتفاق”.

وسيسهم الاتفاق، وفق موسى، في تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية للإمارات، من خلال وجودها بشكل أساسي في المنتدى، عبر استخدام أراضيها للتبادل التجاري بين “إسرائيل” والهند، إضافة إلى فتح المجال الجوي للنقل.

كما يوضح موسى أن المنتدى الرباعي سيسهل على “إسرائيل” اختراق القارة الهندية والدول المجاورة لها، خاصة في مجال الأسلحة، والتكنولوجيا، والزراعة، وهو ما سيزعج بعض الدول، أبرزها باكستان، التي ترى في العلاقات الهندية الإسرائيلية خطراً على أمنها القومي.

وتأكيداً لحديث موسى، ففي يونيو 2021، صرح السفير الهندي لدى الإمارات فابان كابور، بأن اتفاقيات التطبيع أدت إلى تعزيز العلاقات بين نيودلهي و”تل أبيب” وأبوظبي.

وقال السفير في تصريحات لصحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، على هامش مشاركته في المنتدى العالمي للاستثمار بدبي: “نحن محظوظون لأن تكون لدينا شراكة استراتيجية ليس فقط مع إسرائيل ولكن مع الإمارات أيضاً.. الهند تعمل من كثب مع إسرائيل في مجالات الغذاء والزراعة والمياه”.

وأكّد أن “لدى الإمارات الكثير لتتعلمه من إسرائيل، في مجالات الغذاء والرعاية الصحية، خاصةً الأجهزة الطبية”؛ إلا أن السفير الهندي لم يتطرق ألبتة إلى أي حديث حول تحالف عسكري أو أمني أو جيوسياسي بين الأطراف الثلاثة.

وعن العلاقات الاقتصادية بين الهند والإمارات، فتعد الأخيرة ثاني أكبر وجهة لصادرات نيودلهي بعد الولايات المتحدة، مع صادرات قيمتها نحو 30 مليار دولار سنوياً، وفقاً لبيانات رسمية.

وتخطط الهند، وفق تصريح لوزير تجارتها بيوش جويال، في سبتمبر الماضي، لإبرام اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة مع أبوظبي بحلول نهاية العام بهدف زيادة التجارة بين الهند ودولة الإمارات بنسبة 70% في غضون خمسة أعوام.

وستزيد التجارة بين البلدين، وفق جويال، إلى 100 مليار دولار في غضون خمس سنوات من توقيع الشراكة الاقتصادية الشاملة.

قوة وتأثير

وإلى جانب توقعات المختص في الشأن الإسرائيلي، حول تأسيس المنتدى، يرى الباحث غير المقيم بمعهد الشرق الأوسط، محمد سليمان، أن حجم وقوة وتأثير دول التحالف الهندي الإبراهيمي -أي الهند وإسرائيل والإمارات- يمنحها القدرة على تغيير الجغرافيا السياسية والجيواقتصادية في المنطقة.

ويوفر الحوار الاستراتيجي الهندي الإماراتي الإسرائيلي، كما يوضح سليمان، في تحليله المنشور بـ(أغسطس 2020)، لواشنطن، إحدى الدول المشتركة في المنتدى، حلاً استراتيجياً للتحدي المُلح للوجود الأمريكي في المنطقة وكيفية تحقيق كثير من الأهداف بموارد أقل.

منذ التوقيع على اتفاقيات التطبيع، يؤكد سليمان أن القادة الإسرائيليين والإماراتيين تعهدوا بمزيد من التعاون الدفاعي، وضمن ذلك الدعم الإسرائيلي لبيع الولايات المتحدة لطائرات “إف-35” إلى الإمارات.

واستطاعت نيودلهي وأبوظبي، حسب سليمان، ترسيخ تحالف عميق واستراتيجي بينهما، حتى إن الإمارات دعت الهند إلى اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في أبوظبي لأول مرة عام 2019.

كما بدأت نيودلهي وأبوظبي في التوافق أكثر بشأن الشؤون الجيوسياسية، كما يوضح سليمان، بما يتجاوز الركائز الثلاث التقليدية لعلاقتهما: النفط والتحويلات والمغتربين.

المصدر: الخليج أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى