متابعات

“فتوى حول حرق جثث المصابين بفيروس كورونا”

“فتوى حول حرق جثث المصابين بفيروس كورونا”

ورد إلى بريد أ. د. علي القره داغي استفسار من سريلانكا :
ما حكم إحراق جثة المسلم المصاب بكورونا؟
وقد تم إحراق مسلمين مصابين بهذا الوباء تحت ضغوط حكومية.
واليوم صدر مرسوم حكومي بإحراق جثث الموتى المصابين بهذا الوباء بغض النظر عن الديانات  ..
أرجو جواباً من سماحتكم، جزاكم الله خيراً وبارك فيكم…

جوابنا في حكم حرق الميت المصاب بفيروس كورونا
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه ..
إن من خصوصية خلق  الله سبحانه وتعالى للإنسان ذلك التكريم المطلق لبني آدم بغض النظر عن الدين واللون والقومية وهذا التكريم يمتد إلى الإنسان حياً وميتاً.
وقد قال سبحانه وتعالى “ولقد كرمنا بني آدم”.
وبناء على ذلك :
1-  لا يجوز في  الإسلام أي شيء يخدش هذا التكريم للإنسان سواءً كان حياً أو ميتاً.
ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “كسر عظم الميت ككسره حياً” وكذلك لا يجوز القعود على قبرٍ به إنسان ، هذا من باب تكريم الله تعالى وهذه قمة التكريم والأخلاقيات ومن المفترض أن ترتقي الإنسانية إلى هذا المستوى.
2- لا يعامل الإنسان كأنه آلة حينما ينتهي دورها تُرمى، فهذا لا يجوز.
3- كرامة الإنسان في الإسلام ليست موقوفة على المسلمين بل كل المخلوقات البشرية، ومن هنا لا بد أن نوصل هذه الرسالة لكل إنسان، وليس للمسلمين فقط.
نحن لا ندافع عن المسلمين فقط، بل عن كل  إنسان، أليس هو من خلق الله عز وجل وهو نَفْس ؟! ومن المرويات عن  الرسول صلى الله عليه وسلم، أنه قام  لجنازة يهودي.
على الرغم من الهدف السياسي آنذاك والصراعات بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين هؤلاء اليهود، حيث كانوا يريدون اغتياله ولكن لما مات أحدهم قام الرسول صلى الله عليه وسلم لجنازته. ولما قالوا : يا رسول الله إنها جنازة ليهودي، قال الرسول صلى الله عليه وسلم مترفعاً عن المشاكل : أليست نفساً؟!
هذا هو موقف الإسلام ويجب أن نوصل هذه الرسالة الراقية العالية إلى الإنسانية جمعاء.
4- يجب على المسلمين أن يبذلوا كل جهودهم لمنع إحراق جثث الناس جميعاً، بمن فيهم من كان مسلماً.
وإن لم يستطيعوا منع الجميع ، عليهم أن يتحدثوا عن منع جثث المسلمين باعتبار أن هذا من عقيدتنا وهذا تكريم للإنسانية. كما أن  منظمة الصحة العالمية إلى الآن لم تمنع الدفن.
بل أجازت الأمرين : الدفن أو الحرق.
لكن إذا بذلنا جهودنا ولم تستجب الدولة والمسلمون أقلية فهنا تبرز حكمة سلامة المجتمع، وهو فرضٌ مقدمٌ على أي أمرٍ آخر، فلا يجوز إثارة الفتنة لأجل هذه المسألة.
ففوضوا الأمر إلى الله، فكما أن للبيت رباً يحميه، فإن الإنسان بعد موته في ذمة الله، ولا تثيروا الفتن في مجتمعاتكم، ونسأل الله أن يزيح هذا الوباء والبلاء عن جميع الإنسانية
هذا موقفنا المتوازن ضمن فقه الميزان.

أ. د. علي محيي الدين القرة داغي

(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى