تقارير وإضاءات

حوار مع د. محمد مزاهر عميد كلية الدراسات الإسلامية واللغة العربية بسريلانكا

“من أبرز إنجازات مسلمي سريلانكا في مجال التعليم الإسلامي تأسيس كلية خاصة للدراسات الإسلامية واللغة العربية عام 2005م، بجامعة جنوب شرق سريلانكا؛ إلا أنه لتطوير الدراسات الإسلامية لا بد من إعداد منهج دراسي إسلامي معاصر”.. بهذه الكلمات أكد د. محمد مزاهر سيد محمد، عميد كلية الدراسات الإسلامية واللغة العربية، بجامعة جنوب شرق سريلانكا، خلال حواره مع “المجتمع”، على تحقق إنجازات في مجال التعليم الإسلامي في سريلانكا، مشدداً في ذات الوقت على أن الحفاظ على هذه الإنجازات وتطويرها مرهون بإعداد مناهج دراسية إسلامية معاصرة.

د. محمد مزاهر سيد محمد.. في سطور:

عميد كلية الدراسات الإسلامية واللغة العربية، بجامعة جنوب شرق سريلانكا، ويعد المحاضر الأقدم للدراسات الإسلامية بها، وهو سريلانكي الجنسية.

أكمل الدراسات الإسلامية واللغة العربية في الجامعة النظيمية الإسلامية بسريلانكا، ثم حصل على البكالوريوس المتخصص في الحضارة الإسلامية بدرجة جيد جداً من جامعة بيرادنيا في سريلانكا عام 1993م، وأنهى رسالة الماجستير بنفس الجامعة في الحضارة الإسلامية عام 2006م.

نال الدكتوراه في مجال التأمين الإسلامي بجامعة ملايو بماليزيا عام 2017م، كذلك حصل على الدبلوم العالي في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من جامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية عام 1998م.

في بداية حوارنا، نود نبذة تعريفية عن جامعة جنوب شرق سريلانكا.

– جامعة جنوب شرق سريلانكا، التي أنشئت عام 1995م، هي إحدى جامعات سريلانكا الحكومية، وتتميز هذه الجامعة بأغلبية الطلبة والموظفين المسلمين، حيث تقع في قرية أولول بمنطقة أمبارى، وهي منطقة يسكنها المسلمون بأغلبية.

وهذه الجامعة تحتوي على ست كليات، وهي: كلية الآداب والثقافة، وكلية الإدارة والتجارة، وكلية العلوم التطبيقية، وكلية الدراسات الإسلامية واللغة العربية، وكلية الهندسة، وكلية التكنولوجيا.

ويدرس الآن في هذه الجامعة حوالي خمسة آلاف طالب وطالبة، كما تتكون هيئة الموظفين من المحاضرين والإداريين من 500.

مع العلم بأن هذه الجامعة من بين جامعات سريلانكا تتشرف بوجود كلية وحيدة للدراسات الإسلامية واللغة العربية التي أنشئت عام 2005م.

ماذا عن كلية الدراسات الإسلامية واللغة العربية؟

– كلية الدراسات الإسلامية واللغة العربية تعد الكلية الوحيدة للطلبة المسلمين في سريلانكا، بالإضافة إلى أن هذه الكلية تتكون بقسمين ووحدة، قسم للدراسات الإسلامية وهو يحتوي على ثلاث شعب، وهي: الحضارة الإسلامية، والبنك الإسلامي والتمويل، والشريعة الإسلامية والقانون، وقسم للغة العربية، وهو يتضمن شعبتين، هما: اللغة العربية والأدب العربي، واللسانيات والترجمة.

أما بالنسبة إلى الوحدة، فهي تتكون علي الدراسات الاجتماعية والمهارات التي تساعد على صقل مهارات الطلبة حسب التقلبات الحديثة، وكما يدرس في كل من هذه الأقسام 1100 طالب وطالبة.

أشير كذلك إلى أن كلية الدراسات الإسلامية واللغة العربية تتحمل أعباء ومهام أخرى فضلاً عن القيام بالنشاطات الصفية والنشاطات اللاصفية، ومن أهمها، تكوين التعايش السلمي بين الطلاب الأجانب بالوسائل المختلفة مثل إقامة دورات ومؤتمرات وحلقات توعية إلى جانب توسيع خدماتها التعليمية تجاه المجتمع الإسلامي في أنحاء سريلانكا، وهذه الكلية تقوم بإجراء المؤتمرات الدولية سنوياً، بحيث يشارك فيها العلماء المثقفون من أرجاء العالم.

بإيجاز، ما أهم منابر التعليم الإسلامي في سريلانكا التي يتحصل الطالب من خلالها على العلوم الإسلامية؟

– منابر التعليم الإسلامي التي يتحصل من خلالها الطلاب على العلوم الإسلامية في سريلانكا، كالتالي:

1 – المساجد: وتنتشر فيها مدارس القرآن (تسمى مكاتب القرآن)، التي وضعت مناهجها جمعية علماء سريلانكا، وهناك عدد من المدارس الخاصة تقام في المساجد.

2- المدارس: أما المدارس الحكومية الأهلية فتدرس فيها مادة الإسلام واللغة العربية من المرحلة التمهيدية إلى المرحلة الثانوية، كما أن هناك مادة الحضارة الإسلامية تدرس في المرحلة الثانوية أيضاً، ولها مقرر منظم ويقوم بتدريسها المعلمون المتدربون في هذه المدارس الحكومية، ويأخذون الرواتب الشهرية من الحكومة.

3- الكليات العربية: وهذه الكليات العربية الخاصة يديرها المحسنون المتبرعون والأغنياء والأشخاص البارزة، وكذلك المؤسسات الخارجية بتبرعاتها ومساعداتها وبأهل الخير من داخل سريلانكا، ولكل منها منهج خاص، وهناك جهود مثمرة يقوم بها بعض العلماء والمثقفين بتنظيم هذا المنهج الدراسي على نظام واحد، ومن الملحوظ أنه ليس هناك نظام محدد عندهم لتعيين الأساتذة وتدربيهم.

4- الجامعات: بعض مؤسسات الدراسات العليا تمنح الدراسات الإسلامية واللغة العربية للطلاب على مستوى الجامعات مثل الجامعة النظيمية الإسلامية.

ماذا عن المناهج الإسلامية الحالية التي تدرس للطلاب في مختلف منابر التعليم؟ وما تقييمكم لها؟

– هناك منهج منظم معترف في المدارس الحكومية، كما أن هناك تدريباً له واختباراً خاصاً، وعندما يقوم التدريس بنظام مرتب يمكن من خلالها أن ندرس كثيراً من الأمور الإسلامية.

بينما المنهج الدراسي في الجامعات فقد صمم وفق ما تمت دراسته سابقاً في المدارس الحكومية، وهذا المنهج يتضمن العلوم الحديثة والمواد الدراسية التي تطور المهارات العلمية والتدريبات لها، ويتم تدريب المعلمين والمحاضرين على تدريس هذه المواد الدراسية من طرف المعاهد التدريبية الحكومية، ولو لم يقدم هذا المنهج المعرفة الكاملة عن الإسلام وتراثه ولكنه يحاول أن بقدم العقائد الإسلامية والتطبيقات بشكل علمي.

وأشير إلى أن هذه الكليات العربية ليس لديها منهج منظم أو مخطط تدريب للمعلمين على مناهجها أو معيار محدد لقبول الطلاب بها؛ وكل هذا ينعكس على مستوى الطلاب المتخرجين منها، حيث نلاحظ فيهم الاختلافات في المستوي العلمي، فلو كان هناك منهج منظم موحد لجميع هذه الكليات وتدريب وتأهيل للمعلمين لها وترشيح المعلمين باعتبار أهليتهم والاختبار العام للجميع، فالمتخرجون من هذه الكليات كانوا متقدمين ومجيدين في الحصول على العلوم الإسلامية.

بشأن المعلمين الذين يقومون على تعليم الأطفال وتدريسهم المناهج الإسلامية في مختلف منابر التعليم الإسلامي، هل هناك شروط ومواصفات لهم؟ وهل هناك برنامج واضح للتدريب والتطوير لهؤلاء المعلمين؟

– المعلمون الذين يقومون بالتدريس في المدارس الحكومية فهم يرشحون لمهنة التدريس على حسب المؤهلات العلمية، غالباً إن شهادة الجامعة لمرحلة البكالوريوس تعتبر من المؤهلات العلمية التمهيدية في الترشيح، ومع ذلك أنهم يدربون في المعاهد الحكومية للقيام بإجادة هذه المهنة جيداً، أما المعهد التربوي الوطني فيقوم بهذا التدريب المهني.

بينما الذين لم يحصلوا على شهادة البكاليروس في الجامعات فهم يدربون في الكليات التربوية الوطنية، وبعد إكمالهم من هذه التدريبات المهنية يرشحون في المدارس الحكومية.

والحكومة تضع شروطاً متشددة عندما ترشح المحاضرين للعملية التعليمية في الجامعات الحكومية، وهناك المحاضرون المتخصصون في المجال مع درجة ممتازة أو عالية يقدمون لهذه المهنة الجامعية، وأيضاً أنهم يدربون لعملية التدريس بلجنة الدراسات العليا (UGC) السريلانكية، ويجب عليهم أيضاً أن يكملوا الدراسات العليا من درجة الماجستير والدكتوراه في داخل الدولة أو خارجها وكما يمنح لهم التدريبات من الخارج.

بشكل عام في سريلانكا، ما العقبات التي تواجههم في مجال التعليم الإسلامي؟

– من العقبات والتحديات التي تواجهها المدارس الحكومية السريلانكية:

1- عدم وجود عدد كاف من المعلمين.

2- عدم اهتمام الناس للمواد الدينية فيها.

3- أما الجامعات فتهتم كثيراً في استعداد الطلبة إلى التعلم المهني بدون اهتمام بالمواد الدينية، ولذا طلبة الجامعات يهتمون بالمواد المهنية.

4- الطلبة يرون المواد الدينية غير ثمينة في الأسواق الوظيفية.

5- رغم أنهم يدرسون المواد الدينية فهدفهم في الحصول على الشهادة فقط، وليس للعلم.

بلغة الأرقام، ما أبرز الإنجازات والنجاحات التي تحققت في مجال التعليم الإسلامي بسريلانكا؟

– من أبرز الإنجازات للمسلمين السريلانكيين هي نشأة كلية خاصة للدراسات الإسلامية واللغة العربية عام 2005م في جامعة جنوب شرق سريلانكا، وفي الكلية تخرج حوالي 2200 طالب وطالبة، ويعملون في ميادين مختلفة ويهتمون في إصلاح الأمة الإسلامية والقيام بالدعوة الإسلامية خلال الإصلاحات التربوية، ويشاركون في هذه الجهود كلا الجنسيين، البنين والبنات من المسلمين.

ماذا عن رؤيتكم المستقبلية لتطوير التعليم الإسلامي في سريلانكا؟

– لتطوير ولتقوية الدراسات الإسلامية لا بد من تصميم المنهج الدراسي الممتاز، حيث يربط بين التربية المعاصرة والتربية الإسلامية من خلال إنشاء جامعة عالمية، وهذه الجامعة لا بد أن تكون أحسن وأفضل من الجامعات العالمية التي أنشئت في ماليزيا وبنجلاديش وباكستان، وفي هذه الجامعة سوف يلتحق الطلاب والطالبات المتخرجون والمتخرجات من الكليات العربية السريلانكية مع كونها بمنهج منظم ومرتب للجميع، ولذا لا بد من تصميم المنهج الدراسي لهذه الكليات حسب رغبات الجامعة الموصلة على أهدافها.

ويجب لكل من يقوم بتعليم الدين الإسلامي ونشره من تكملة الشهادات العلمية المناسبة والتدريب، ويجب أيضاً إعادة المناهج الدراسية ومحاسبتها حسب التيارات الفكرية المعاصرة، مع السعي الكبير للحصول على المساعدات والتدريبات من الدول الخارجية.

(المصدر: مجلة المجتمع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى