تقارير وإضاءات

جمعية “إلعاد”.. رأس حربة الاستيطان والتهويد حول القدس

“إلعاد” جمعية استيطان من أغنى الجمعيات غير الحكومية في إسرائيل، تشرف على حوالي 70 بؤرة استيطان في سلوان، تقع أغلبها في منطقة وادي حلوة، وهي أقرب منطقة للأقصى، وتمول الحفريات الإسرائيلية بالمنطقة.

التسمية
كلمة “إلعاد” اختصار للجملة العبرية “إل عير دافيد”، وتعني بالعربية: “نحو مدينة داود”.

وأطلقت هذه الجمعية على نفسها هذا الاسم اعتمادا على النصوص التوراتية، والادعاء بأن القدس هي مدينة النبي داود عليه السلام، وقد أوضحت الجمعية ذلك على صفحتها الإلكترونية التي ورد بها “قبل ما يقارب 30000 سنة، قرر داود أن يترك مدينتهالخليل، وأن يصعد إلى أورشليم من أجل أن يوحد الشعب الإسرائيلي حول عاصمة واحدة… سليمان ابنه أقام الهيكل على رأس جبل موريا، جبل الهيكل، وهكذا أصبحت أورشليم عاصمة دولية دينية وروحانية لكل الشعب الإسرائيلي بأكمله”.

التأسيس
قام المستوطن “دافيد باري” وهو من مواليد عام 1953 لعائلة يهودية ذات أصول بولندية بتأسيس جمعية “إلعاد” الاستيطانية في سبتمبر/أيلول 1986.

وقد “اشتهر” إعلاميا خاصة عام 2010 عندما وثقت عدسات الكاميرات دهسه بسيارة “سوبارو”، لطفل فلسطيني في مواجهات شهدتها بلدة سلوان في القدس.

في خدمته العسكرية الممتدة من عام 1973 حتى عام 1979 انتسب “باري” لوحدة “ساييرت متكال”، وهي الوحدة المسؤولة عن تنفيذ عمليات خاصة، وتعمل تحت أمر وقيادة قسم الاستخبارات في الجيش.

عاد “باري” للخدمة الاحتياطية في جيش الاحتلال عام 1988، عندما طلب منه قائد منطقة الوسط في جيش الاحتلال آنذاك إيهود باراك أن يتولى مسؤولية نائب قائد وحدة “الدوفدفان”، وهي وحدة نخبوية أخرى في جيش الاحتلال، تختص بحمع المعلومات الاستخبارية وتنفيذ العمليات المعقدة للاعتقالات والاغتيالات.

ومنذ خروجه من الجيش عام 1990 تطوّع “باري” للتعليم الديني في إحدى المدارس الدينية التابعة للجمعية الاستيطانية “عطيرت كوهنيم” والموجودة -أي المدرسة- داخل البلدة القديمة للقدس. ومنذ ذلك الحين تفرّغ “باري” للعمل مع جمعيته “إلعاد” من أجل تسريع عملية الاستيطان في سلوان بشكل خاص، وكان العمل الأساسي الذي أشرفت عليه “إلعاد” آنذاك هو إدارة الموقع الأثري شمال سلوان المسمى “مدينة داود”.

وفي إطار احتفالات دولة الاحتلال في  مايو/أيار 2017 بذكرى تأسيسها التاسعة والستين، منح “باري” “جائزة الإنجاز على مساهمته المميزة للمجتمع”. وعن ذلك قال حكام هذه الجائزة إن “باري” “بادر وأقام وقاد العمل المبارك الذي حول مدينة داود لموقع أثري وتربوي وسياحي وطني وعالمي من الدرجة الأولى، وأنه مُنِحَ هذه الجائزة في ذكرى 50 عاما لتوحيد القدس، تقديرا لمساهمته للوطن في تأسيس هذا المشروع الوطني”.

الأهداف
تحدد إلعاد أهدافها بالجملة التالية “تعزيز العلاقة اليهودية في القدس عبر الأجيال، من خلال الجولات، والإرشاد، والإسكان، وإصدار مواد ترويجية”.

ومن خلال أنشطتها الكثيرة في القدس وبلدتها القديمة يتضح العمل الحثيث من أجل تحقيق تلك الأهداف، وأبرزها الإسكان، أي العمل على إخلاء البيوت الفلسطينية من أصحابها وتسريب ملكيتها لصالح إقامة بؤر استيطانية في قلب الأحياء الفلسطينية وإسكانها بالمستوطنين.

وتقوم جمعية إلعاد الاستيطانية التي تنشط في بلدة سلوان بتمويل الحفريات الإسرائيلية في عدد من المناطق والسيطرة على أراضي الفلسطينيين ومنازلهم إما بالمال أو بالتحايل القانوني.

وتشرف جمعية “إلعاد” على ما يقارب 70 بؤرة استيطان في سلوان تقع أغلبها في منطقة وادي حلوة، وهي أقرب منطقة للأقصى، وتبذل من أجل زيادة هذه البؤر الاستيطانية تحايلات قانونية ومالية ضخمة.

وتسيطر الجمعية اليوم على إدارة ثلاث مناطق أثرية على الأقل، أو ما يُسمى لدى الاحتلال “الحدائق القومية”، وهي منطقة الآثار فيما يُسمى “مدينة داود” أو بالعبرية “عير دافيد”، ومنطقة القصور الأموية، ومنطقة “موقف جفعاتي”، وكلها تقع على بعد أمتار قليلة جنوبي المسجد الأقصى.

التمويل
تُوصَف جمعية “إلعاد” بأنها واحدة من أغنى الجمعيات غير الحكومية في إسرائيل، فقد وصل مجموع ما تلقته من تبرعات أو تمويلات بين العامين 2006 و2013، ما يقارب 450 مليون شيقل (حوالي 125 مليون دولار)، أي حوالي 57 مليون شيقل (حوالي 15 مليون دولار) في العام الواحد.

وحسب سجلات الجمعية، وصل معاش مديرها “باري” عام 2014 إلى 336 ألف شيقل (93 ألف دولار)، أي ما يقارب 30 ألف شيقل شهريا. ويعمل في الجمعية 97 موظفا ثابتا وعدد من المتطوعين.

أما عن مصادر التمويل، فإن أغلبها من أموال التبرعات اليهودية وغير اليهودية من خارج إسرائيل. وحسب تقرير مفصل نشرته جريدة “هآرتس” الإسرائيلية في مارس/آذار 2016، فإن من بين الـ 450 مليون شيقل المذكورة أعلاه، هناك 275 مليون شيكل لا يُعرف بالضبط مصدرها، لكونها تُحَوّل للجمعية من شركات (offshore company) مسجّلة في المناطق المصنفة عالميا مناطق “ملاذ ضريبي”، ويمكن حسب قوانينها تسجيل الجمعيات والشركات بلا ملاحقات ضريبية تذكر، مثل جزر البهاما.

ولجمعية “إلعاد” مصادر تمويل حكومية، فقد حصلت عام 2014 على 1.4 مليون شيقل (ما يقارب 400 ألف دولار) من ميزانية وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية و200 ألف شيقل (56 ألف دولار) من وزارة الثقافة الإسرائيلية. كما أن هناك جهات عالمية أخرى تموّل “إلعاد” معروفة بتمويلها لجهات يمينية إسرائيلية أخرى، مثل تمويل حملات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

التعاون الحكومي مع “إلعاد”
يتخذ التعاون بين جمعية “إلعاد” الاستيطانية والجهات الرسمية الإسرائيلية أشكالا مختلفة، بدءا من تلقي تمويلات من جهات رسمية، أو التغاضي عن أي تجاوزات قانونية للجمعية، أو تنسيق جولات لطلاب المدارس وجنود الاحتلال بإشراف “إلعاد” لبث روايتها الاستيطانية، وصولا إلى التعاون الكامل وتوكيل “إلعاد” في إدارة على مواقع أثرية بلا رقيب أو حسيب.

يبرز بشكل أساسي ضمن هذا الإطار من التعاون، العلاقات التي تربط جمعية “إلعاد” بسلطة الآثار الإسرائيلية، وسلطة الحدائق والطبيعة، وشركة تطوير الحي اليهودي، التي تبدو ظاهرة للعيان خاصة في إدارة المواقع الأثرية جنوبي الأقصى المبارك، بما يشمل القصور الأموية، والآثار الموجودة شمالي سلوان (موقف جفعاتي، وعير دفيد)، والأنفاق المحفورة أسفل سلوان وصولا للبلدة القديمة.

وقد انتقد تقرير “مراقب الدولة” الإسرائيلي لعام 2016 قيام هذه الجهات الحكومية الإسرائيلية بتوقيع اتفاقيات مع جمعية “إلعاد”، وتفويضها بإدارة مواقع أثرية عدة في القدس، بما ينافي للقانون الإسرائيلي، بلا إعلان مناقصات، ومن دون مراقبة عمل “إلعاد”، أو مراجعة تقاريرها المالية الخاصة بتلك المواقع.

كما انتقد التقرير تحويل شركة تطوير الحي اليهودي إدارة منطقة القصور الأموية الملاصقة للسور الجنوبي للمسجد الأقصى (المعروفة إسرائيليا بحديقة دفيدسون)، منذ العام 20144 إلى جمعية “إلعاد”، بلا مناقصات.

كما أن سلطة الآثار الإسرائيلية سمحت لجمعية “إلعاد” بإجراء حفريات أثرية في مناطق مختلفة من القدس، بلا إشراف مباشر منها، ومن دون نشر اتفاقيات أو مناقصات واضحة بهذا الخصوص، وبتمويل ضخم جدا يصل من الوزارات الإسرائيلية المختلفة.

المكان الأبرز الذي يظهر ذلك هو الحفريات التي جرت على مدار سنوات طويلة فيما يُعرف بـ”موقف جفعاتي”، على بعد 20 مترا من سور البلدة القديمة. في هذا المكان تخطط “إلعاد” لبناء مجمع سياحي استيطاني كبير يعرف بـ”مركز كيدم”، ويحظى المشروع بتأييد من رئيس بلدية الاحتلال نير بركات وسلطات الآثار والحدائق وغيرها.

وقد سبق أن قدمت “إلعاد” دعوى في المحكمة العليا لمنع كشف معلومات سرية عن علاقة الجمعية بوزيرة العدل الإسرائيلية “أيليت شيكد”، التي يبدو أنها سهلت من خلال منصبها تمرير مشاريع بناء استيطانية للجمعية.

وفي عام 2016، أصدرت جمعية “عير عميم” الإسرائيلية المتخصصة بقضايا القدس تقريرا حول سيطرة الاحتلال على مباني القدس الفلسطينية، وقدمت فيه إحصاءات عن البناء الاستيطاني فيها، واتساع رقعة التهويد للمرافق العربية، ومنها خطط جمعية “إلعاد” الاستيطانية، لإقامة مشروع “مجمع كيدم” على مدخل حي وادي حلوة ببلدة سلوان مقابل المسجد الأقصى، وهو المشروع الأكبر والأخطر بالقرب منه.

ويهدف المشروع لإقامة مبنى ضخم من ستة طوابق، بمساحة 12 ألف متر مربع، لاستخدام دائرة الآثار اليهودية، وقاعات مؤتمرات وغرف تعليمية، ومواقف لسيارات السياح والمستوطنين، ولاستخدامات سياحية، ومحلات تجارية، ومكاتب خاصة لجمعية إلعاد”.

(المصدر: الجزيرة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى