كتب وبحوث

تطبيق الاشتراكيَّة في دار الإسلام: أسبابه وتداعياته المؤسفة 4 من 10

تطبيق الاشتراكيَّة في دار الإسلام: أسبابه وتداعياته المؤسفة 4 من 10

إعداد د. محمد عبد المحسن مصطفى عبد الرحمن

رأي آخر مناهض للنَّاصريَّة: هل أدَّت الماركسيَّة إلى نهضة الأمَّة أم إلى كبوتها؟

يناقش المفكّر الإسلامي محمَّد جلال كشك، في كتابه الماركسيَّة والغزو الفكري، الذي أصدره في طبعته الأولى عام 1965م، دور الاتّحاد السُّوفييتي وفكره الماركسي في توجيه مسار الأحداث في العالم العربي. في مقدّمة الطّبعة الثَّالثة للكتاب، الصَّادرة عام 1969م، يتعجَّب كشك من انحراف العالم العربي عن النَّهج القويم، وعدم إدراكه الحقائق إلَّا بعد فوات الأوان، متأمّلًا في أصل الاتّجاه إلى السُّوفييت والارتماء في أحضانهم بعد رفْض الأمريكان تسليح مصر في أعقاب ثورة 23 يوليو. يتساءل كشك، كيف فُتحت بلاد الإسلام للماركسيَّة دون انتباه إلى أنَّ “الكُفر ملَّة واحدة”، على حدّ قوله، وأنَّ الغزو الغربي لبلاد المسلمين أهدافه واحدة، “تلتقي في الجذور والغايات…مهما بدت لفترة من الوقت أنَّها متناقضة” (ص6). يعتقد كشك أنَّ العالم الغربي، وإن اختلف في أنظمته الحاكمة، التي منها الشُّيوعي والاشتراكي والرَّأسمالي والمَلَكي والجمهوري، فهو متَّحد في عدائه وتآمره على الإسلام وأهله. ويقول عن تضافُر المصالح الأمريكيَّة-الرُّوسيَّة “التقى عملاء روسيا وأمريكا في عام 1948، لكي تقوم إسرائيل، والتقوا هذه المرَّة لكي تقوم إسرائيل الكبرى”، منبّهًا إلى تحذير المخلصين من التآمر الأمريكي-الرُّوسي على العالم الإسلامي، باستخدام “الغزو الفكر الشُّيوعي” في “تدمير معنويَّات الوجود العربي“؛ والهدف هو أن “يتسنَّى للغزو العسكري الصُّهيوني…أن يشقَّ طريقه وسط أعجاز نخل خاوية” (ص6).

استخدام الماركسيَّة أداةً للغزو الفكري

لا يجد كشك مانعًا عن إدراج الماركسيَّة ضمن أدوات الغرب للغزو الفكري، مثلها مثل القوميَّة، ويبادر بالرَّد على المتسائلين عن كيفيَّة ذلك، إذا كانت الماركسيَّة في حقيقتها معادية للغرب وترفض الدّين ولا تعترف بالقوميَّات. يوضح كشك أنَّ الغزو الفكري هو “معركتنا الحاضرة في الحرب الأبديَّة التي يجابهنا بها العداء الصَّليبي” منذ بداية الدَّعوة إلى الإسلام، أي منذ عهد النبيّ (ﷺ)، ومناداته بالألوهيَّة المطلقة لله وحده، وعدم إطاعة المخلوق في معصية الخالق، وعدم التَّمييز بين النَّاس بحسب اللون أو الأصل، وكذلك إقامة العدل والمساواة بين النَّاس، ليكون ذلك أصدق نموذج لتحقُّق أهداف القوميَّة والاشتراكيَّة (ص25). تبلور العداء الغربي للعالم الإسلامي في شنّ الحروب الصَّليبيَّة، التي انطلقت بتشجيع من البابا أوربان الثَّاني عام 1096م، وتجدر الإشارة هنا إلى خضوع العالم العربي لسُلطان الدَّولة الفاطميَّة (909-1171م)، التي أظهرت الإسلام تقيَّةً، واعتنقت في واقع الأمر عقيدة باطنيَّة باطلة قرَّبت بينهم وبين الصَّليبيين. لم تُهزم الحملة الصَّليبيَّة عام 1187م، إلَّا بعد إسقاط الدَّولة الباطنيَّة، والعودة إلى صحيح الإسلام. غير أنَّ الغرب لم ييأس، وعمد إلى استخدام الطُّرق النَّاعمة بوصفها بديلًا للاجتياح العسكري، من خلال الحملات التَّبشيريَّة، وأخذت “تطويق العالم الإسلامي” شكلًا جديدًا من خلال “التَّجسُّس” و “استطلاع نقاط الضَّعف وكشفها”، وكذلك “شراء العملاء” و “بث الأعوان” و “نشْر الفتن” (ص41).

الماركسيَّة ومعاداة الدّين

يعارض كشك أيّ ادّعاء بأنَّ الماركسيَّة ومعتنقيها لا يعادون الدّين، إلَّا إذا ادُعي ذلك نفاقًا لتحقيق منفعة شخصيَّة. لا تؤمن الماركسيَّة بالدّين، الذي هو لا يتعدَّى كونه فكرة، والمادَّة في الماركسيَّة تسبق الفكر. تعتبر الماركسيَّة الدّين مجرَّد “إفراز ثقافي أو فِكر لوضع مادّي…جاءت به الطَّبقات المالكة لتحكم به الطَّبقات الكادحة، إمَّا عن طريق إقناعهم بأنَّ النّظام الطَّبقي هو إرادة الله الذي قسَّم النَّاس إلى طبقات، أو بتلهيتهم عن الكفاح بتعليلهم بأمل التَّعويض في العالم الآخر” (ص103). يتحدَّى كشك الزَّعم بأنَّ الإسلام لم يعد يساير إيقاع الزَّمن الحديث بدعوته إلى المقارنة بين قيم الإسلام وقيم الحداثة الغربيَّة، معتقدًا أنَّ النَّتيجة ستكون أنَّ “الحضارة الغربيَّة تسعى خلف القيم الإسلاميَّة، فلا تكاد تدركها” (ص105). ويثير كشك مسألة بالغة الأهميَّة، وهي القلق الرُّوسي التَّاريخي من التَّوسُّع الإسلامي العثماني، ونشبت بسبب ذلك معارك طاحنة أفضت إلى ضعْف الدَّولة العثمانيَّة ثم سقوطها. وطالما كانت أيُّ حركة للبعث الإسلامي مثار فزع لروسيا؛ لأنَّ ذلك يعني “بعْث شعوب مستعمراتها” و “تطلُّعهم إلى الانفصال”؛ من ثمَّ، اجتهدت روسيا في القضاء على الإسلام، ليس داخل أراضيها فحسب، إنَّما كذلك في البلدان الأخرى (ص113). ويلخّص كشك رأيه في ذلك بقوله (ص114):

ومن هنا تشنُّ روسيا حربها ضدَّ الإسلام أساسًا، في مستعمراتها الإسلاميَّة، وتقوم سفاراتها وأحزابها العميلة بمحاربة الاتّجاه الإسلامي، في العالم الإسلام كلّه…

من المستفيد من تحريف المسلمين عن صحيح دينهم؟

يوضح المفكّر الإسلامي أنَّ المستفيد الأكبر من الحملة الرُّوسيَّة المناهضة للإسلام هو الصُّهيونيَّة، التي كانت تعرف أنَّ صدامًا بينها وبين الإسلام في عقر داره سينشأ؛ فعملت على “تجريد الشُّعوب العربيَّة من سلاحها الوحيد، وهو الإيمان الدّيني”، بينما حرص الكيان الصُّهيوني على التَّمسُّك بعقائده المستمدَّة من الكتاب المقدَّس، ويصيغ سياساته وفق نبوءات ذلك الكتاب، والمدهش أنَّ مفكَريه يعيبون على المسلمين اتّباع النَّهج ذاته (ص116). يضيف كشك أنَّ دُعاة الماركسيَّة، الذين يصفهم بأنَّهم “مجرَّد عملاء مفضوحين للصُّهيونيَّة”، يعملون ضمن مخطَّط صهيوني مُحكم يستهدف “الغزو السّلمي للوطن العربي” الممهّد “لمرحلة الغزو العسكري” (ص117). استغلَّت الصُّهيونيَّة العداء المتزايد لأمريكا بسبب موقفها الدَّاعم لإسرائيل بنشر فكر آخر معادٍ للإسلام له واجهة غير غربيَّة، وكانت الماركسيَّة، يهوديَّة الأصل والنَّشأة وشديدة التَّأثُّر بالكتاب المقدَّس، السّتار الذي استخدمه عملاء الصُّهيونيَّة في حربهم النَّاعمة على الإسلام وأهله. ويحدّد كشك 4 أركان لما سمَّاه “الحلف المضادَّ للإسلام”، وهي “الصُّهيونيَّة”، و”المخابرات الأمريكيَّة والاستعماريَّات القديمة” و “الماركسيَّة الرُّوسيَّة” (ص119).

دور الشُّيوعيَّة في خُذلان قضيَّة فلسطين وهزيمة يونيو

لأنَّ الشُّيوعيَّة، في كافَّة أشكالها التي تكون الماركسيَّة أحدها، لا تؤمن بالقوميَّة، فقد كانت تعادي مفهوم العروبة، من منطلق أنَّ الدّفاع عن حقوق العمَّال يجب أن يسبق مصلحة الأوطان. من هنا، أيَّد الشُّيوعيُّون الاستعمار البريطاني والفرنسي خلال الحرب العالميَّة الثَّانية (1939-1945م)، من منطلق أنَّ النَّازيَّة الألمانيَّة والفاشيَّة الإيطاليَّة كانت أولى بالمحاربة حينها. من هنا، كان اليهود يشكّلون 90 بالمائة من القيادات الشُّيوعيَّة في العالم العربي، برغم احتدام الصّراع العربي-الصُّهيوني مع الاستعداد لتأسيس إسرائيل بعد الحرب العالميَّة الثَّانية؛ حتَّى إنَّ التنظيمات الشُّيوعيَّة الأربعة التي وُجدت في مصر حينها كان يترأّسها يهود، كما كان الأمين العام للحزب الشُّيوعي اللبناني يهودي وفد من فلسطين. ولا شكَّ أن الشُّيوعيين العرب مهَّدوا لهؤلاء عملهم. ويعرض كشك نموذجًا من موقف الشُّيوعيين العرب تجاه فلسطين (ص165):

وأصدر الشُّيوعيون في العراق كتابًا باسم أضواء على القضيَّة الفلسطينيَّة، ينتهي بهذه الجُمَل: ‘‘فلتسقط الحرب بي العرب واليهود في فلسطين…فليحيا التَّعاون والتَّحالف بين الوطنيين والدّيموقراطيين العرب واليهود؛ لإحباط خُطط الاستعمار والرَّجعيَّة، ولتحيا الصَّداقة العربيَّة-اليهوديَّة”.

وما يؤكّد على خيانة الشُّيوعيين لقضايا الأمَّة أنَّهم الوحيدون الذين كان بإمكانهم شنّ معركة وطنيَّة لتحرير فلسطين ومنْع تسليمها عام 1948م، وذلك من خلال بدء حرب لتحرير الأمَّة العربيَّة من الاستعمار الغربي، لكنَّهم آثروا تنفيذ توجيهات قياداتهم اليهوديَّة. من هنا، يشير كشك إلى أنَّ الشُّيوعيون هم أكثر تيَّار يعمل لصالح إسرائيل، بهدف “دفْع العرب لقبول تسوية، تقوم على تسليم بالأمر الواقع، أي بالوجود الإسرائيلي والتَّعايش معه” (ص197). لم يعد لدى الجماهير العربيَّة شكٌّ في أنَّ الإمبرياليَّة الأمريكيَّة والصُّهيونيَّة مرتبطتان، حتَّى أنَّ ذلك الارتباط اكتُشف منذ عام 1947م، وأدانته الجماهير؛ ومن ثمَّ لا يمكن أن تعوّل الجماهير خيرًا على مساعدة أمريكا في حلّ الصّراع العربي-الصُّهيوني بحياديَّة، لم نقول بإنصاف. وردًّا على ما مَن ادَّعوا أنَّ العرب أخطأوا لمَّا رفضوا التَّفاوض مع اليهود لتأسيس دولة عربيَّة إلى جانب الفلسطينيَّة عام 1948م، عملًا بنصيحة السُّوفييت، تجدر الإشارة ما أوردته الدُّكتورة زبيدة محمَّد عطا، أستاذ التَّاريخ والعميد الأسبق لجامعة حلوان المصريَّة، في كتابها يهود مصر: التاريخ السياسي (2010م)، وهو أنَّ التَّفاوض ما كان ليُسمح بإنجاحه في تقسيم فلسطين وتأسيس دولة عربيَّة إلى جانب اليهوديَّة؛ “لا الإنجليز ولا اليهود ولا عبد الله بن الحسين كانوا يريدون تلك الدولة” (ص352). تستند عطا في ذلك إلى اطّلاعها على وثائق تشير إلى اتّفاق سرّيّ تمَّ بين عبد الله بن الحسين، ملك الأردن حينها، وغولدا مائير، ممثلة عن اليهود، قبل أيَّام من صدور قرار الأمم المتَّحدة لتقسيم فلسطين في 29 نوفمبر 1947م، على أساس منْع قيام دولة فلسطينيَّة، وكانت مصلحة بن أن يضمَّ القسم العربي من فلسطين إلى مملكته. غير أنَّ اليهود أرادوا أن يجعلوا له مصلحة في ذلك، بينما أرادوا في حقيقة الأمر تجميد فكرة تأسيس دولة فلسطينيَّة على أرض كانوا يخطّطوا لاستيطانها في مرحلة لاحقة.

هل مهَّد ‘الغزو الفكري الاشتراكي’ لهزيمة يونيو 1967م؟

ألَّف محمَّد جلال كشك كتاب النَّكسة والغزو الفكري عام 1969م، أي بعد أقل من عامين على هزيمة الجيوش العربيَّة في حرب 5 يونيو 1967م، التي اصطُلح على تسميتها بـ “النَّكسة”، كما أُطلق من قبل على يوم 15 مايو من كلِّ عام، وهو يوم تأسيس دولة إسرائيل عام 1948م تطبيقًا لقرار تقسيم فلسطين الذي أصدرته الأمم المتَّحدة في 29 نوفمبر 1947م، يوم “النَّكبة”. يتأمَّل كشك ردَّ فعل العالم العربي بعد الإثبات الدَّامغ لفشل الحركة القوميَّة العربيَّة بما تمخَّضت عنه الأنظمة العروبيَّة التي نشأت على أساس تلك الحركة، متعجِّبًا من زعْم البعض أنَّ المفاوضات هي التي ستعيد إليهم كرامتهم، رغم أنَّهم هُزموا في الحرب. يستند كشك إلى قوله تعالى “إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ” (سورة الرَّعد: الآية 11)، في استنباط قانون التَّغيير السَّماوي، وهو يقوم على البدء بالنَّفس وتقويم اعوجاجاها، “ولا يتمُّ في أروقة الأمم المتَّحدة، ولا يُستجدى بالمساومات والتَّنازلات” (ص7). بدأت المشكلة، في رأي المفكِّر الإسلامي، حينما تسلَّل الغزو الفكري إلى العالم الإسلامي بفعل أذرع الصُّهيونيَّة، وسُمح بتدريس مناهج تهاجم التَّاريخ العربي، وتطعن في دولة الخلافة، وتدعو إلى التَّحالف مع الغرب، ولو على حساب الثَّوابت الدِّينيَّة. روَّج أعداء الإسلام لفكرة أنَّ الدِّين تخلُّف ورجعيَّة، وأنَّ العلمانيَّة هي قوام النَّهضة، كما زعموا أنَّ تطبيق الاشتراكيَّة هو سبيل النَّجاة للطَّبقة الكادحة، وأنَّ العامل المسلم يتساوى مع العامل اليهودي في الخضوع لسيف الرَّأسماليَّة الصَّارم. ومع ازدياد البُعد عن الدِّين والنزوع إلى العلمانيَّة، تعاظمت هزيمة العرب أمام الصَّهاينة، الذين لم يحتلُّوا ديار المسلمين إلَّا عملًا بنبوءة في كتابهم المقدَّس لتأسيس دولة دينيَّة، من حرب فلسطين عام 1948م، إلى العدوان الثُّلاثي عام 1956م، وحتَّى حرب الأيَّام الستَّة عام 1967م.

يعارض محمَّد جلال كشك فكرة التَّعايش مع دولة إسرائيل، معتبرًا أنَّ هزيمة المسلمين أمامها في الغزو العسكري نتاج هزيمتهم في الغزو الفكري الذي أبعدهم عن دينهم، وأنَّ انتصار إسرائيل على الأرض ما هو إلَّا محاكاة لانتصار الأفكار المعادية للإسلام في رؤوس أبناء الأمَّة الإسلاميَّة، ممَّن انحرفوا عن الصَّواب واعتنقوا قيمًا تتناقض مع دينهم؛ من ثمَّ، لن يتحقق النَّصر على إسرائيل إلَّا بعد الانتصار في معركة الغزو الفكري “بكشف أولئك الذين يحملون مخًّا صهيونيًّا داخل رؤوسهم”، وباشروا مهمَّة تغييب العقل المسلم عن الحقيقة تمهيدًا لإحداث “النَّكسة الرَّابعة”، أو الهزيمة الرَّابعة أمام العدو الصُّهيوني، بمعارضة “البعث الإسلامي” و “الوحدة العربيَّة” لأبناء المسلمين (ص13). اختار كشك نموذجين من أعمال مفكِّري القوميَّة ودُعاة العلمنة، أحدهما من الأعمال التي صنعت النَّكسة الثَّالثة، وهو كتاب من النَّكسة إلى الثَّورة (1968م) للدُّكتور نديم البيطار، وآخر من الكتابات الممهِّدة للنَّكسة الرَّابعة، وهو من مقالات الصُّحافي النَّاصري محمَّد حسنين هيكل في صحيفة الأهرام الرَّسميَّة، وهي مقالات تعارض العمل العسكري ضدَّ إسرائيل، سواءً الفدائي أو الحربي.

أمَّا عن كتاب من النَّكسة إلى الثَّورة، فهو يتضمَّن تبريرًا لتجاوزات الماركسيَّة، وينقل فِكر البعثيين حيال الأزمة الرَّاهنة، كما يعبِّر عن “دفاع ساذج سخيف عن خطايا النَّاصريَّة”، مع الزَّعم بأنَّ حرب اليمن، الثَّابت تسبُّبها في أزمة عسكريَّة انعكست على أداء الجيش المصري في حرب الأيَّام الستَّة، “الاستراتيجيَّة الوحيدة السَّليمة لتحرير فلسطين” (ص14). وأمَّا عن كتابات هيكل قيد التناول، فأهمُّ ما تضمَّنته هو رفْض فكرة الوحدة في مواجهة إسرائيل، واستبعاد حرب الكيان الصُّهيوني في سبيل التَّركيز على محارَبة الدُّول العربيَّة في سبيل “تحرير جزيرة العرب”، وهو يقصد بذلك تحريرها من الفكر الوهَّابي والنِّظام الرأسمالي لاحتضان العلمانيَّة وتطبيق الاشتراكيَّة. من هذا المنطلق، ليس مستبعدًا أن يرى هيكل أنَّ هزيمة العرب في حرب الأيَّام السَّتَّة أفضل من الانتصار؛ على اعتبار أنَّ الانتصار كان سيدعم الرَّجعيَّة، أمَّا الهزيمة، فهي “تعبِّد الطَّريق للثَّورة الاشتراكيَّة” (ص15).

المصدر: رسالة بوست

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى