فعاليات ومناشط علمائية

بيان رابطة علماء المسلمين بشأن عدوان النظام السوري على درعا

بيان رابطة علماء المسلمين بشأن عدوان النظام السوري على درعا

بسم الله والحمد الله والصلاة والسلام على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد..
فإنَّ رابطة علماء المسلمين؛ قد هالها وهي تتابع ما وصلت إليه أوضاع إخوانهم في بلاد الشام، حيث تتجه الأمور هناك نحو فصل جديد من الأزمات والتعقيد الذي ظل الشعب السوري يعاني منه على يد نظام الظلم والقهر هناك، منذ بدأت الثورة ضد الاستبداد والطائفية منذ نحو عشر سنوات..
لقد قاسى الشعب السوري وعانى من جبروت الطغيان الطائفي المسكوت عن جرائمه، بل المسنود في مظالمه من نظام دولي تظاهر بالخرس، وادعى العمى، وهو يرى الإنسانية تذبح بغير سكين في ربوع الشام؛ حيث بلغ عدد ضحايا الحرب المدبرة في سوريا حتى شهر جمادى الأولى 1442هـ- ديسمبر كانون الأول عام ٢٠٢٠-وفق تقارير رسمية صادرة عن المتحدث بلسان الأمم المتحدة- قرابة سبعمائة ألف ما بين قتيل ومفقود من المدنيين والأطفال بخلاف نحو تسعين ألفًا قُتلوا أثناء التعذيب في سجون نظام القتلة هناك!
وقد وثَّقت منظمة رعاية الطفولة (اليونيسيف) التابعة للأمم المتحدة وحدها؛ مقتل اثني عشر ألف طفل في ذلك الصراع الذي لا دخل للطفولة به، ولا علم لديها بأسبابه. ومع ذلك لم يرتو طغاة النصيرية مع داعميهم من الروس والصفويين من دماء أهل السنة هناك، وسط تواطؤ دولي مفضوح.
وإن رابطة علماء المسلمين لتسجل كامل تقديرها ومناصرتها لأحرار منطقة حوران السورية، التي انطلقت شرارة الثورة ضد الاستبداد منها ومن ربوع مدينة درعا الصامدة، فها هي تلك المدينة الباسلة تدفع ثمن مجاهدتها ووقوفها ضد الطغيان؛ حيث تواجه اليوم هجمة جديدة شرسة، تستهدف اقتحامها والتنكيل بأهلها، بعد حصار دام شهرًا كاملًا، أدار النظام خلاله مناورات ومفاوضات خادعة ، سرعان ما نقضها كلَّها، متجهًا بعد استهداف درعا إلى ترحيل جميع ثوارها إلى مدينة إدلب، حيث يريد النظام _ كما يظهر لكلِّ ذي عينين، وكما هو معهودٌ من ممارساته هو وحليفه الروسي ونقضهما جميع عهودهما ومواثيقهما_ تدبير مذبحة لفصائل وعوائل الثوَّار المهجَّرين، ودون أن يلقي بالًا سواء هو أو حليفه الروسي إلى الضمانات الإقليمية التي تمنع الغدر بهم، أو التعرُّض لهم، بعد انسحابهم من جبهات القتال.
وإن رابطة علماء المسلمين إذ تُجدِّدُ التحذير من هذا الغدر المرتقب ببقايا ثوار سوريا، فإنها تكرر التنبيه على أن ما يحدث هناك يمثل سياسة إحلال سكاني شيعي فارسي وعربي محلَّ الوجود السني العربي، إضافة لمحاولات توسيع وترسيخ أقدام الاحتلال الصليبي الروسي هناك، وهو ما يوجب المقاومة بالمستطاع من القوة، والمقدور عليه من مواصلة الثورة.
وتهيب رابطة علماء المسلمين بالشرفاء في عالمنا العربي والإسلامي.. والأحرار في كل أنحاء العالم؛ بأن يتنادوا بكل الوسائل المشروعة لاستنقاذ مدينتي درعا وإدلب من براثن النصيرية الأسدية وحليفها الصليبي والصفوي.
كما تحذر رابطة علماء المسلمين من مغبَّة تمكين إيران من جنوب سوريا، كما تمكَّنت من جنوب لبنان، فجنوب الشام في درعا؛ إذا سقطت_ لا قدر الله إلا الخير _ ستكون بوابة طهران نحو التسرُّب إلى الأردن، ومنها إلى شمال الجزيرة العربية، التي طوَّقها الصفويون على حدودها الغربية والجنوبية، في هلال دمويٍّ صفويٍّ؛ يتربَّص منذ زمان بالحرمين الشريفين، في ظل غفلة أو تغافل عربي رسمي عن ذلك التسلل الحثيث الخبيث.
وإنَّ علماء وأعضاء الرابطة إذ يُثمِّنون عاليًا صمود الثائرين المرابطين الثابتين على العهد في بلاد الشام؛ فإنهم يدعونهم إلى التمسك بسلاحهم وعُدَّتهم، وبأخذ جميع أسباب القوة المادية والإيمانية، والثقة بالله تعالى وحده، وعدم التعويل على شرقٍ أو غربٍ، وقد قال الله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) [الأنفال:60].
كما تؤكد رابطة علماء المسلمين على ضرورة اعتصام أهل السنة في شام الإسلام بحبل الله جميعًا، والبعد عن مسالك الغلاة، محذِّرة إيَّاهم من ضرر التفرُّق والتنازع المُفضي للفشل والفتنة وذَهاب الريح، قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [الأنفال: 45-46].
كما تهيب رابطة علماء المسلمين بأهل العلم والفكر في سائر بلاد الإسلام أن يقوموا ببذل المزيد من الجهد لكشف أبعاد ذلك المكر الكبَّار الذي يستهدف تقسيم تلك البلاد وتفتيت وحدتها، لحساب أطراف معادية عديدة.
كما تدعو رابطة علماء المسلمين الشعوب العربية والإسلامية إلى القيام بواجبهم في نصر إخوانهم المستضعفين، ومن ذلك الدعاء لهم ودعمهم بكل ما يستطيعون من الوسائل المشروعة، والله تعالى يقول: (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) [الأنفال: 72].
هذا… وإنَّ أعضاء الرابطة ليبتهلون إلى الله عزَّ وجلَّ مع سائر المسلمين، بأن يمنَّ بنصره على أهل الفداء…وأن يتقبل الشهداء…ويلطف بالأحياء …ويُنجِّي سائر المستضعفين من المؤمنين، ويُهلك الظالمين وحلفاءهم وأنصارهم أجمعين.
وصلى الله وسلم وبارك على رسولنا محمد وعلى آله وصحبه.
المصدر: رابطة علماء المسلمين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى