تقارير وإضاءات

بريطانيا تعطي الضوء الأخضر لزي خاص بالشرطيات المحجبات

بريطانيا تعطي الضوء الأخضر لزي خاص بالشرطيات المحجبات

إعداد أيوب الريمي

بعد سنوات من النقاش والجدل، قررت الشرطة البريطانية -في سابقة من نوعها- إطلاق عمليات اختبار للزي الخاص بالشرطيات المسلمات المحجبات، من أجل اعتماده على نطاق واسع، وكانت البداية من مدينة “ليسيستر شاير” في وسط بريطانيا.

هذا القرار يأتي بعد اعتماد نيوزيلندا زيا للشرطيات المحجبات، بعد سنة ونصف من الأبحاث، تتوفر فيه شروط السلامة ويتماشى مع مهام الشرطة، وقد تلقفت بريطانيا المبادرة لتكون أكبر بلد أوروبي يتجه لهذه الخطوة الرامية لرفع عدد المسلمات في جهاز الشرطة.

الاعتراف بالاختلاف

وحازت هذه الخطوة المهمة في رمزيتها على إعجاب كثيرين ممن نظروا إليها بمنظور الاعتراف بالاختلاف حتى في صفوف الشرطة، ولو أنها تطلبت سنوات من النقاش والأخذ والرد، وذلك لأن الزي الخاص بالمحجبات كان غير محدد في المملكة المتحدة منذ سنوات عديدة، ولم يتم الحسم فيه إلا في بعد أن توصلت الأبحاث في نيوزيلندا إلى زي تتوفر فيه شروط عملية وصحية وأمنية تتماشى مع متطلبات العمل في الأمن.

لم يكن خروج زي الشرطيات المحجبات إلى النور بالأمر السهل، بل تطلب أبحاثا دامت سنة ونصفا تقريبا في جامعة “ماسي” بنيوزيلندا، وقد ركزت الأبحاث حينها عن المواد المصنوع منها هذا الزي ومعايير الأمن والسلامة، وبعدها تم اعتماده من طرف الشرطة النيوزيلندية نهاية العام الماضي.

هذه الخطوة حفزت مركز الشرطة في منطقة “ليسيستر شاير” على أن يكون سباقا في المملكة المتحدة، ويختبر الزي نفس في صفوف الشرطيات المحجبات، في أفق تعميمه بعد ذلك.

زينة علي أول شرطية محجبة في نيوزيلندا في سابقة هي الأولى من نوعها (مواقع التواصل)

زي متطور

ويتكون هذا اللباس الخاص بالشرطيات المحجبات من غطاء للرأس باستخدام مثبتات مغناطيسية، يسهل نزعه في حال حاول أحد المهاجمين الإمساك بالشرطية من حجابها، إضافة إلى قطع لاسلكية للأذن من أجل التواصل.

ونالت هذه الخطوة اهتمام الإعلام البريطاني والدولي، وغلب الاحتفاء على تغطية هذا القرار الذي سيشجع مراكز شرطة أخرى لتحذو حذو مركز الشرطة في “ليسيستر شاير”، وبدا حجم الرضا عنها من خلال التغطية المطولة التي خصصها مركز الشرطة لهذه المبادرة.

وبكثير من الاعتزاز، أعلن الضابط ياسين ديساي -رئيس جمعية الشرطة المسلمين في “ليسيستر شاير”- عن الخطوات التي أفضت للوصول إلى هذا الإنجاز، حيث استمر البحث لسنوات على التصميم المناسب الذي يراعي المعايير الأمنية، “وعندما تعرفنا على التصميم في نيوزيلندا تواصلنا معهم، وكان التعاون بيننا جيدا لإطلاق اختبار هذا الزي”.

ويقول ياسين الذي يشغل منصب قائد الأزياء والمعدات في الشرطة، إنهم فشلوا في الكثير من المرات في الوصول إلى المنتج المناسب، لكن مع هذه التجربة الأمور مختلفة، معبرا عن تفاؤله في اعتماد الزي بشكل رسمي بالنظر لتوفر المعايير المطلوبة فيه.

وتكتسي هذه التجربة أهميتها من كونها المدخل -في حال نجاحها- إلى التوصية بها في جميع أجهزة الشرطة ببريطانية وويلز ووزارة الداخلية، أي أنه سيصبح متاحا لجميع الشرطيات المحجبات في عموم البلاد.

ويؤكد المسؤول الأمني المسلم في تصريحه الرسمي على موقع شرطة “ليسيستر شاير”، أن هذا القرار جد مهم بالنسبة للشرطيات المسلمات اللاتي يرتدين الحجاب، وهو مدعوم بأبحاث أكاديمية وعلمية، لتوفير أفضل الشروط لحمايتهن.

تعبر خديجة عن أملها في أن تكون نموذجا ملهما للشابات المحجبات الراغبات في الالتحاق بجهاز الشرطة (الجزيرة)

البداية مع خديجة

وستبقى الطالبة المتدربة في سلك الشرطة خديجة منصور حاضرة في التاريخ البريطاني، لكونها أول شرطية ترتدي الزي الخاص بالمحجبات من أجل اختباره، وقد انضمت خديجة إلى الشرطة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهي حاليا تخضع لفترة التدريب بالتزامن مع تجريب الزي الجديد.

وبكثير من الارتياح، تتحدث خديجة عن زيها الجديد مؤكدة أنه جعلها مرتاحة ويتماشى مع حجابها، “لأنه مريح ولا يقيد حركتي، وأنا قادرة على إجراء كل التدريبات بكل حرية”، مضيفة أن من المهم أن يصبح هذا الزي رسميا “لنشر التوعية لدى الشرطيات المسلمات بأن جهاز الشرطة يلبي الاحتياجات الخاصة لكل فرد”.

وتعبر خديجة عن أملها في أن تكون نموذجا ملهما للشابات المحجبات الراغبات في الالتحاق بجهاز الشرطة، “أملي أن يمنح هذا الأمر الأمل والرغبة لمسلمات بالنظر إلى مهنة الشرطة على أنها مهنة لا تضع قيودا على الاعتقاد الديني”.

ومنذ سنة 2001، سمحت الشرطة البريطانية بارتداء الشرطيات الحجاب، لكن ظل الجدل دائما حول الزي المناسب لعمل الشرطية والمراعي لارتدائها الحجاب، ومن المتوقع أن تشهد هذه السنة تسارعا في اعتماد هذا الزي في مناطق مختلفة من بريطانيا.

وتعتبر هذه الخطوة مهمة من الناحية الرمزية، في وقت تواجه فيه المحجبات الكثير من التضييق في بعض الدول الغربية، إضافة لكون النساء هن الأكثر تعرضا للاعتداءات العنصرية.

(المصدر: الجزيرة)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى