كتب وبحوث

بحث بعنوان (التَّحليل النَّفسيُّ لابن سيده في معجمه “المحكم”) – د. جيحون أونلوار

بحث بعنوان (التَّحليل النَّفسيُّ لابن سيده في معجمه “المحكم”) – د. جيحون أونلوار [1]

  • ملخَّص البحث:

ابن سيده أشهر علماء اللُّغة في الأندلس في القرن الخامس الهجري (مات ابن سيده عام: 458 هـ)، وهو صاحب معجم “المحكم والمحيط الأعظم” الَّذي يعدُّ من أهمِّ الموسوعات المعجميَّة بل واللُّغويَّة على السَّواء؛ لما يتضمَّنه من مواد لغويَّة طائلة تجمع شتات اللُّغة بعروبتها ومولدها والدَّخيل فيها، بشواهدها المختلفة من شعر ورجز وقرآن وحديث وأمثال وحكم ولهجات عربيَّة وغيرها ممَّا أُثر عن العرب، وذلك كلِّه من خلال استعراض لغويٍّ مميّز لأحد أعلام الحضارة العربيَّة الإسلاميَّة؛ حيث إنَّ منشأه ليس بعربيٍّ لكنَّ براعته اللُّغويَّة فاقت أقرانه بشكل ملحوظ.

المدهش في الأمر عند ابن سيده أنَّه كان أعمى، لكن لم يكن فقدان البصر عائقًا في بيان ملكته اللُّغويَّة وعلمه الفذِّ، لكنَّ الكثير من معاصريه لم يلتفتوا إلى علمه وتجاهلوه عن عمد، فأثَّر ذلك في نفسه وبدأ يظهر غضبه وسخطه على كثير من الكتاب وينقدهم ويبيَّن عظمته وإبداعه الَّذي يفوق غيره ويقرِّر أنَّهم عاجزون عن الإتيان بمثل ما أتى من علوم وفنون في اللُّغة والأدب وما يخدم العربيَّة؛ من هنا كان التَّحليل النَّفسي لشخصية ابن سيده أمرًا بالغ الأهمية لما انتاب هذا العالم من الظُّروف النَّفسيَّة الَّتي ألمت به من عمى وتجاهل، وبالرَّغم من ذلك ألَّف معجمين كبيرين محتلفين فى آن واحد؛ أحدهما عام وهو “المحكم والمحيط الأعظم” الَّذي يقع في أحد عشر مجلَّدا، والآخر خاص (معجم موضوعات) وهو المخصَّص الّذي يقع في أربعة مجلَّدات؛ ولذا فقد كانت له اتِّجاهات نفسيَّة تنعكس على آراءه ونجد في كتاباته يختلف- بقدر كبير- عن غيره من المؤلّفين في مجالات شتَّى سواء أكانت لغويَّة أم صرفيَّة أم نحويَّة أم أدبيَّة، فقد شكَّل رؤية خاصَّة انطلق من خلالها إلى تأليف معجميه.

والاستعانة بالتَّحليل النَّفسيّ للكشف عن ميول ابن سيده والكشف عن مكبوتاته النَّفسيَّة وعالمه الدَّاخلي، والَّتي من خلالها نستطيع تحديد ملامح شخصيته؛ وهذا تدركه جيدا عند عرضنا البسيط لنشأته وشيوخة والاتِّجاه السّياسيّ الَّذي عاصره لنكشف النِّقاب عن شخصية بارزة استطاعت بنفسيَّة – الأعمى – والمتعدّدة الاتِّجاهات أن تبرز أعمالاً عجز عنها المبصرون. كما تبرز دوافعه النَّفسيَّة من خلال مهاجمته للمؤلِّفين غيره لإبراز نفسه؛ فكثيرا ما يهاجم كتب غيره ويذكر المؤلِّف وكتابه بشكل صريح، ويهاجم بألفاظ سيّئة تحط من قدرهم كعلماء، فيقلل من شأن محتواها العلمي ومادتها المكتوبة.

الكلمات الافتتاحية:

اللُّغة، المعجم، الصَّرف، النَّحو، المعنى، التَّحليل النَّفسي، النَّقد الأدبيُّ.

Psychological analysis of Ibn Sayyidah in his dictionary “Al-mohkam”

Abstract:

Ibn Sayyidah is the most famous linguist in Andalusia in the fifth century AH (Ibn Sayyidah died in 458 AH). He is the author of the dictionary “The greatest arbitrator” which is considered one of the most important lexical encyclopedias.

Although Ibn Sayyidah was blind, the loss of vision was not an obstacle to explain his linguistic possession and his exceptional knowledge, but many of his contemporaries did not pay attention to his knowledge and deliberately ignored him, so this affected himself and began to show his anger and rage on many writers and criticize them and demonstrate his greatness and creativity Who surpasses others and decides that they are incapable of producing the same sciences and arts in language and literature and what serves Arabic language.

Hence, the psychological analysis of the character of was Ibn Sayyidah extremely important Where he wrote two large different lexicons at the same time; One of them is general, and it is the “Almohkam waal mohit alazam”, which is located in eleven volumes, and the other is special“Moagam almodaat ” , which is located in four volumes; Hence, he had psychological trends that were reflected in his views, and we find in his writings what is significantly different from other authors in various fields, whether linguistic, morphological, grammatical, or literary.

In this research, I tried to reveal the psychological dimension of Ibn Sayyidah through my presentation of his upbringing, learning, and the political trend that witnessed about a prominent personality who was able to offer important creativity in the field of linguistics.

Key words: language, lexicon, morphology, syntax, meaning, psychological analysis, literary criticism.

  • مقدِّمة البحث:

يتناول البحث موضوع: (التَّحليل النَّفسيُّ لابن سيده في معجمه “المحكم”)؛ وهو معجم  يتكوَّن من 11 جزءًا، ويعتبر مرجعًا لغويًّا حيث يضمُّ كلمات اللُّغة العربيَّة – معجم أحادي اللًّغة – ويثبت هجاءها ونطقها ودلالتها واستخدامها ومرادفاتها واشتقاقتها.

ومؤلِّفه (ابن سيده) أشهر علماء اللُّغة في الأندلس في القرن الخامس الهجري (مات ابن سيده عام: 458 هـ)، وبرغم أنَّه كان كفيفًا فقد ألَّف هذا المعجم وألَّف معجمًا آخر ضخمًا وهو “المخصَّص”، في نفس الوقت الذي كتب “المحكم” فيه على حسب أغلب الآراء.

محتواه اللُّغويِّ:

هو معجم ألفاظ عام – ليس متخصِّصًا فى فرع معين، أو لمعان محدَّدة – وهو يهتمُّ بالدَّرجة الأولى باللُّغة العربيَّة من بدايتها إلى القرن الخامس الهجريِّ من خلال النُّصوص التُّراثيَّة من شعر وحكمة وأمثال ورجز وقرآن كريم وحديث شريف، والتَّطرق للدخيل والمعرَّب والمولَّد وبيان أصله.

الهدف من تأليفه:

هو الإرشاد إلى الكلمة الصَّحيحة كتابة ونطقًا ودلالةً، وبيان أصولها واشتقاقاتها المختلفة ونشأة الكلمة وتغيراتها الدِّلاليَّة إن وجد؛ لذا فهناك غزارة في الاستشهادات الشَّعريَّة والقرآنيَّة، وكذلك الأرجاز والأحاديث النَّبويَّة، والأمثال والحكم، واللَّهجات العربيَّة.

  • أهمية البحث:

يعدُّ هذا المعجم الضَّخم والموسوعي من أهمّ المعاجم العربيَّة وأكثرها فائدة، لما فيه من فوائد لغويَّة جمَّة لا تقتصر على إيراد معنى الكلمة أو بيان مصدرها وجمعها أو مفردها، وهل هي اسم أم فعل أم حرف، بل يتعدَّى هذه التَّحليلات اللُّغويَّة لنطاق أوسع يتبحَّر فيه في علوم الصَّرف والنَّحو والعروض وغيرها من فنون اللُّغة والأدب. كما اهتمَّ ابن سيده في معجمه بمسائل لم يهتم بها غيره مثل: التَّمييز بين المشتبهات كالجمع واسم الجمع وجمع الجمع.

  • هدف البحث:

التَّحليل النَّفسي لشخصية ابن سيده، وهذا أمر بالغ الأهمية لما انتاب هذا العالم من ظروف نفسيَّة بسبب أنَّه كان أعمى من ناحية وتجاهل علماء عصره له من ناحية أخرى، وبالرَّغم من ذلك ألَّف معجمين كبيرين محتلفين فى آن واحد؛ أحدهما عام وهو “المحكم والمحيط الأعظم”، والآخر خاص (معجم موضوعات) وهو المخصَّص الّي يقع في أربعة مجلَّدات؛ ولذا فقد كانت له اتِّجاهات نفسيَّة تنعكس على آراءه ونجد في كتاباته ما هو مختلف- بقدر كبير- عن غيره من المؤلّفين في مجالات شتَّى سواء أكانت لغويَّة أم صرفيَّة أم نحويَّة أم أدبيَّة، فقد شكَّل رؤية خاصَّة انطلق من خلالها إلى تأليف معجمه المحكم الّذي نجد فيه ملاحظات كثيرة؛ من أهمِّها:

  • يعتبر صاحب “المحكم” بأنه حذف أمورًا لا غناء فيها؛ فقد حذف مثلًا المشتقات القياسية لاطرادها.
  • صعوبة بعض الاستشهادات الشَّعريَّة المكثَّفة، والاهتمام بمسائلها العروضيَّة وما يتعلَّق بها من مصطلحات جعلت المعجم – أحيانًا – موسوعة أدبيَّة.
  • الجزالة اللُّغويَّة المتعمدة كثيرًا من خلال استخدام ألفاظ ومترادفات شديدة الصُّعوبة لإبراز ملكته اللُّغويَّة واتِّقانه لعلوم العربيَّة وبيان تفرده عن أقرانه من المؤلِّفين.
  • صعوبة ترتيب المداخل؛ حيث إنَّه يسير على نظام معجم (العين) للخليل بن أحمد الفراهيدي – أوَّل معجم عربي- مع فروق طفيفة؛ فهو يسير على نظام التَّقليب وأبوابه مرتَّبه على أساس مخرجي، كما أنَّه تابع النِّظام الكميِّ داخل الأبواب.
  • منهج البحث:

إنَّ المنهج المتَّبع في البحث هو المنهج النَّفسيُّ والمعتمد على المنهج الوصفيّ التَّحليليّ؛ حيث يقوم على وصف المعجم من حيث ظواهره اللُّغويَّة وبيان أبعادها الدِّلاليَّة وكيفية تناولها، من خلال الدَّوافع النَّفسيَّة لابن سيده؛ وذلك من خلال تحليل للجزء الأوَّل وخاصَّة المقدِّمة الَّتي يبرز فيها ابن سيده دوافعه النَّفسيَّة لتأليف معجم المحكم.

  • خطَّة البحث:

يتكوَّن البحث من: مقدِّمة نبيّن فيها التَّعريف بالموضوع وبيان أهميته وأهدافه ومنهجه المعتمد على المنهج النَّفسيّ بالدَّرجة الأولى، ثمَّ تمهيد عن (ماهية التَّحليل النَّفسيّ)، ويأتي بعد ذلك أربعة مباحث؛ كلُّ مبحث يتضمَّن عدَّة مسائل تحوم حول الفكرة الرَّئيسة للمبحث؛ حيث يأتي المبحث الأوَّل عن: (الأثر النَّفسيُّ في حياة ابن سيده)؛ وفيه حديث عن: الأثر النَّفسيّ لمولده ونشأته، والأثر النَّفسيّ لشيوخه وأساتذته، والأثر النَّفسيّ لابن سِيدَه في بلاط مجاهد العامري. والمبحث الثَّاني عن: (النَّقد والتَّحليل النَّفسيِّ). والمبحث الثَّالث عن: (حديث ابن سيده عن معجمه والافتخار به). والمبحث الرَّابع عن: (التَّحليل النَّفسي لآراء ابن سيده في “المحكم”)؛ وفيه حديث عن: مهاجمة المؤلِّفين غيره لإبراز نفسه، والتَّباهي (الافتخار) بنفسه وبأعماله العلميَّة، وحبَّه الشَّديد لأفذاذ اللُّغويين والأدباء (أوَّلاً من النُّحاة، ثانيًا من الشُّعراء، ثالثًا من اللُّغويين)، وآراء العلماء في ابن سيده. ثمَّ تأتي الخاتمة لتبرز أهمَّ ما توصَّل إليه البحث من نتائج تليها قائمة بالمصادر والمراجع الَّتي اعتمد عليها البحث.

  • التَّمهيد: ماهية التَّحليل النَّفسيِّ

“يستخدم التَّعبير (التَّحليل النَّفسيُّ( Psychaanalysis  بمعاني متعدّدة، فقد يعني نظرية معينة في علم النَّفس وضعها سيجموند فرويد، وقد يشير إلى مدرسة ذات اتِّجاه معين ووجهة نظر خاصَّة في الظَّواهر النَّفسيَّة، ويدلُّ أيضًا على منهج خاصٍّ في تشخيص وعلاج الاضطرابات العصبيَّة والعقليَّة، وتتميّز بوجهة نظر التَّحليل النَّفسي بنظرة ديناميكية للحياة الشُّعوريَّة واللَّاشعوريَّة، مع التَّأكيد خاصَّة لظاهر اللَّاشعور، وبأسلوب خاصٍّ في الفحص والعلاج ويعتمد على استخدام “التَّداعي الحرّ” أو “الارتباط الحرّ” المتواصل وقد وجد اتِّجاه التَّحليل النَّفسيِّ في فهم نمو الشَّخصيَّة انتباهًا كبيرًا خلال تعاليم فرويد”.[2]

التَّحليل النَّفسيُّ يستخدم كمنهج في علاج العصابيين، كما أصبح نظرية سيكولوجية شاملة عن الإنسان، يقوم بدراسة العناصر الطَّبيعية للكائن البشريِّ، مع الكشف عن ميوله ومكبوتاته النَّفسيَّة وعالمه الدَّاخليّ، ومن خلالها نستطيع تحديد ملامح شخصيته.[3]

وهذه الفكرة الأخيرة المعمول بها في تحليل الأعمال الأدبيَّة وتوظيفها في النَّقد الحديث؛ وهي فكرة الكشف عن ميول ابن سيده والكشف عن مكبوتاته النَّفسيَّة وعالمه الدَّاخلي، والَّتي من خلالها نستطيع تحديد ملامح شخصيته؛ وهذا تدركه جيدا عند عرضنا البسيط لنشأته وشيوخة والاتِّجاه السّياسيّ الَّذي عاصره لنكشف النِّقاب عن شخصية بارزة استطاعت بنفسية- الأعمى- والمتعدّدة الاتِّجاهات أن تبرز أعمالاً عجز عنها المبصرون.

  • المبحث الأوَّل: الأثر النَّفسي في حياة ابن سيده

الأثر النَّفسيُّ لمولد ابن سِيدَه ونشأته:

استقبلت مدينة مرسية مولد علي بن إسماعيل سنة 398هـ/ 1007م، ونشأ في بيت علم، فكان أبوه معلِّمًا للغة والنَّحو، فتعهد ابنه بالرِّعاية والتَّعليم، وشاءت الأقدار أن يكون الطِّفل ضريرًا مثل أبيه، لكنَّ الله رزقه حافظة لاقطة وذهنا متوقّدًا، وذكاء حادًّا، عوض فقدان البصر.

ولم تطل الحياة بأبيه، فتوفي وترك ابنه صغيرًا لم يحصل شيئًا ذا بال، لكن همَّة الصغير النَّاشئ سمت على اليتم وفقد العائل، فتردد على حلقات العلم ينهل منها بشغف لا يقف عند حدٍّ، حتَّى إنَّ أبا عمر الطّلمنكي حين دخل مرسية أراد أهلها أن يسمعوا عليه كتاب “الغريب المصنَّف” لأبي عبيد القاسم بن سلام وهو من كتب اللُّغة الَّتي تُعني بالغريب فقال لهم: انظروا من يقرأ لكم، وأمسك أنا كتابي، فأتوه بابن سِيده، فقرأ عليه من حفظه الكتاب كلّه من أوَّله إلى آخره.[4]

الأثر النَّفسيُّ لشيوخه وأساتذته:

يذكر المؤرِّخون أنَّ ابن سيده أخذ عن صاعد البغدادي الوافد على الأندلس من المشرق، وكان من العارفين باللُّغة وفنون الأدب والأخبار، وتتلمذ على أبي عمر أحمد بن محمَّد الطَّلمنكي المتوفى سنة 428هـ/ 1036م، وكان إمامًا في القراءات، ثقة في رواية اللُّغة، مفسِّرًا محدِّثًا، مشهورًا بالورع ومحاربة البدع.

وقد درس ابن سيده ما كان شائعًا في عصره وما يتَّفق مع حالته، فعني بعلوم اللُّغة والدِّين، ونهل منهما بالقدر الَّذي كانت تسعفه به ذاكرته الجبارة، حتَّى وصفه معاصروه بأنَّه كان حافظًا لم يكن في زمانه أعلم منه بالنَّحو واللُّغة والأشعار وأيَّام العرب، كما توفَّر على علوم الحكمة والمنطق حتَّى وصفه صاعد اللُّغويّ بأنَّه من حُذّاق المنطق، وقال فيه ابن قاضي شهبة في طبقاته: “ومن وقف على خطبة كتاب المُحْكَم علم أنَّه من أرباب العلوم العقليَّة، وكتب خطبة كتاب في اللُّغة إنَّما تصلح أن تكون خطبة لكتاب الشِّفاء لابن سينا”.[5]

الأثر النَّفسيُّ لابن سِيدَه في بلاط مجاهد العامري:

كانت الفترة الَّتي عايشها ابن سيده فترة قلق وصراع على السُّلطة بعد وفاة المنصور بن أبي العامر، وانتهاء دولة الأمويين في الأندلس سنة 428هـ، وأسفر الصراع عن ظهور دول الطوائف واستقلال كلّ إمارة بأمير يتولى أمرها، وكان من نصيب مدينة دانية في شرقي الأندلس أن استقلَّ بحكمها مجاهد بن عبد الله العامري، وكان من أصحاب الهمَّة العالية، محبًّا للعلم وأهله؛ فقصده العلماء والفقهاء يلقون في كنفه كلّ رعاية وتقدير، فقصده ابن سيده وانقطع له، وألَّف له أعظم كتبه: المخصَّص والمحكم.[6]

  • المبحث الثَّاني: النَّقد والتَّحليل النَّفسيُّ

بظهور الاتِّجاه النَّفسي كمنهج في التَّحليل، استطاع النَّاقد العربي أن يستوعب المنهج ويتَّخذه كوسيلة، في تحليل شخصيات بعض الكتَّاب؛ ولهذا كانت العلاقة وطيدة بين النَّقد والتَّحليل النَّفسي. ويمكن تسجيل الملاحظات المتَّصلة بالرُّؤية الَّتي يسعى النَّاقد من خلالها مقاربة النُّصوص المكتوبة من منظور نفسيّ، وأهمُّ ما يمكن الأخذ به هو الميل الواضح إلى تبني مزاوجة منهجيَّة بين المنظور الفرويدي وبين المقاربة السّيسيولوجيَّة إلا أنَّ مسار التَّحليل ينطلق الرُّؤيَّة النَّفسيَّة والواقع اللَّاشعوري ليصل إلى الحقيقة الاجتماعيَّة[7].

فمن خلال الانطلاقة المنهجية للناقد خاصَّة في تحليل النُّصوص الأدبيَّة حيث نجد قد بنى رؤيته من التَّحليل النَّفسيّ ليصل إلى الواقع الاجتماعيّ للعمل الأدبيّ.

“كما أنَّ النُّقطة الأساسيَّة الَّتي يتميّز بها الأساس المنهجيّ، الَّذي يتبنَّاه النَّاقد هو إشارته المهمَّة إلى أنَّ الممارسة النَّقديَّة في مجال النَّفسيّ، لا يجب أن تتوجَّه نحو المؤلِّف بقدر ما تكون غايتها النُّصوص الأدبيَّة في ذاتها، بل إنَّ الدِّراسة الممارسة هي من صميم النَّقد وليس التَّحليل النَّفسيّ.[8]

ومن خلال الصِّلة بين النَّقد والتَّحليل النَّفسي، فإنَّ النَّقد يركز على النَّصِّ وتحليله وتفكيك بنيته، مع الإستعانة بالمنهج النَّفسيّ.

“وتكمن أهمية علم النَّفس والتَّحليل النَّفسيّ بالنِّسبة للنقد في أنَّه مضلة واسعة تندرج تحتها عدة مسارات مهمَّة، النّمو الإنسانيّ ومراحله إلى سنِّ الرُّشد، وعملية التَّأويل والتَّحليل وكذلك فعالية الاستشفاء والعلاج”.[9]

وبفضل هذا العلم، تيسر من خلاله التعرف على المراحل المهمَّة، في حياة الإنسان وتطوّرها إضافة إلى اكتشاف الأمراض، الَّتي يعاني منها والوصول إلى طرق العلاج.

“إنَّ التَّحليل النَّفسي على هذا يدخل الفن والأدب في جانبين مهمَّين منهما الأوَّل: تفسير عملية الإبداع، والثَّاني: تفسير النَّصِّ الأدبيّ، واذا حصرنا كلامنا في الأدب مرّة بما يعكسه النَّصِّ على حياة صاحبه الخاصَّة وهذا يخصُّ علم النَّفس أوَّلا ومرَّة بما يعكس حياة المؤلِّف الخاصَّة على النَّصِّ وهو من صميم النَّقد الأدبي ولاسيّما عندما تكون رمزية النَّصِّ غامضة”.[10]

إضافة إلى ما سبق في أهمية علم النَّفس وأثره في الأدب، تكون العلاقة مرَّة بما يدور في النَّصِّ من خلال صاحبه، وكذلك بما يجول في حياة المؤلِّف وأثرها على النَّصِّ.

إنَّ “أهمية التَّحليل النَّفسيِّ تكمن في خلخلته بعض المسلَّمات وذلك بافتراض “الأنا ليست سيّدة بيتها”؛ ومعنى هذا أنَّ هناك أشياء تفكر بداخل الأنا وتوجه أفعالها مع أفكارها أن تحاط علمًا بحدوث بعض الظَّواهر أمَّا الأدب فعن طريقه نعي”.[11] إنَّ التَّحليل النَّفسيّ يبحث عن ما تختلجه النَّفس البشرية من مكبوتات وأفكار غامضة، أمَّا الأدب فهو الوسيلة الَّتي يمكن للنفس البشرية التَّعبير والوصول إلى ما هي بحاجة إليه.

لقد حظي نقدنا الحديث، بظهور عدَّة اتِّجاهات فكريَّة ساهمت في تحليل بعض الدِّراسات الأدبيَّة، ومن بين هذه الاتِّجاهات النَّقد النَّفسيّ والَّذي ظهر خلال تأثّر مجموعة من النُّقاد العرب بالنَّظريات الغربيَّة والَّتي حاولوا تطبيقها على الأدب العربي.

“وتظهر ملامحها من خلال التَّحليل النَّفسيّ للأدب، وقد أصبح في الغرب منهجًا مألوفًا بينما يزال عندنا في طور التَّكوين، وربَّما كان” أمين الخولي” أوَّل من عني بالملاحظات النَّفسيَّة في أدب العرب القدامى حين نشر بحثًا بعنوان  “البلاغة وعلم النَّفس”، وتلاه” محمَّد خلف الله” في مقال حول “التَّيارات الفكريَّة الَّتي أثرت في دراسة الأدب”، ومقال حول “نظرية عبد القادر الجرجاني في أسرار البلاغة”.[12]

ويتَّضح أنَّ المنهج النَّفسيّ، لم يظهر في أدبنا العربيّ بقوّة، فملامحه كانت بسيطة من خلال تسجيل بعض الملاحظات، الَّتي استعان بها النُّقاد وتم تطبيقها على الأعمال الأدبيَّة ولم يتَّخذ كمنهج مستقلٍّ بذاته.

“وأكبر الظَّنِّ أنَّ هذه الملاحظات أغرت “طه حسين” فتوسلها في كتاب عن أبي العلاء المعري، كما استهوت العقاد فاستغلها في تأليفه عن أبي الرُّومي وعمر ابن أبي ربيعة، ولا نغفل المازني الَّذي استعان بهذه الملاحظات النفسية في مقالات متفرِّقة، في “حصاد الهشيم” و”خيوط العنكبوت”، وظهرت آثار هذا المنهج أيضًا في دراسة “إسماعيل أدهم” حول توفيق الحكيم وخليل مطران”.[13]

وبفضل هذه الملاحظات السَّابقة، اتَّسعت دائرة التَّأثير، لتكتمل مجموعة من النُّقاد الَّتي استهوتهم، فلجأ البعض في تحليل بعض الشَّخصيات، من خلال أعمالهم، وتطبيق هذه الملاحظات عليهم. “بيد أنَّ هذه الملاحظات جميعًا لم تتبن المنهج النَّفسيّ بمفردها، إلا نادرًا وغالبًا ما توسَّل الأدباء هذا المنهج عاملاً مساعدًا لسائر المناهج الأدبيَّة ولعل أقرب الدِّراسات إلى المفهوم النَّفسيّ الحديث مؤلّفات محمَّد النّويهي “نفسيَّة بشَّار” و”نفسيَّة أبو نواس”، وما أصدره سويف عن “الأسس النَّفسيَّة للإبداع الفنيّ في الشِّعر”، وما نشره عزّ الدِّين إسماعيل في “التَّعبير النَّفسيّ للأدب”، وعن إلياس أبو شبكة “”إرهاب المرأة في أدب أبو شبكة” إعتبر التَّفسير النَّفسيّ منهجًا أساسيًّا ولم تتوسّله أداة مساعدة من بين الأدوات”.[14]

يتبيّن أنَّ بعض الدِّراسات اقتربت إلى المنهج النَّفسيّ، وكان لها بصمات خاصَّة من بعض النُّقَّاد الَّذين اتَّخذوا المنهج النَّفسيّ وتبنيهم له، ويظهر جليا في تحليل نفسيَّة الأدباء من خلال أعمالهم، ومدى الحالة النَّفسيَّة الَّتي يعاني منها الأديب في حياته. وما لهذا المنهج أو المدرسة من أعلام بارزة استطاعت أن تقدّم الكثير منها: “فرويد أوَّل من أخضع الأدب لتفسير النَّفسيّ، كان شغوفا بقراءة الآثار الأدبيَّة شديد الإعجاب بالشُّعراء والأدباء لأنَّ الشَّاعر عنده رجل تراوده الأحلام في اليقظة كما تراوده في نومه، ولقد وهب أكثر من أي إنسان آخر القدرة على وصف حياته العاطفيَّة وهذا الامتياز يجعل منه في رأي فرويد صلة وصل بين ظلمات الغرائز ووضوح المعرفة العقلانيَّة المنتظمة”.[15]

يعتبر فرويد رائد مدرسة التَّحليل النَّفسيّ، كان من المهتمِّين بدراسة الحالات النَّفسيَّة أو أثرها على الأدب، خاصَّة وأنَّ الإنسان لا يستطيع التَّعرف على عالمه الدَّاخلي في حياته، يحاول من خلال التَّحليل النَّفسيّ اكتشاف الخبايا والمكبوتات الَّتي يكون أثرها غير ظاهر إلا بعد التَّحليل؛ فالأدب إذن يقدّم الأنماط العامَّة أو المادة الخام عن النَّفس الإنسانيَّة فتنتفع بها مصطلحات التَّحليل النَّفسيّ، فعن طريقه نستطيع التَّعبير عمَّا يدور في النَّفس البشرية ومنها نسهل العمل للتحليل النَّفسيّ.[16]

  • المبحث الثَّالث: حديث ابن سيده عن معجمه والافتخار به

تكلَّم ابن سيده عن تأليفه فى المعاجم بنوعيها المتخصصة والعامة؛ فيشير إلى تأليفه لمعجم متخصِّص وهو “المخصَّص” الَّذي ألَّفه قبل “المحكم” قائلاً: “وألَّفت كتابي الملخَّص، الَّذي سمَّيته “المُخَصَّص”، وهو على التَّبويب، فى نهاية التَّهذيب، وقد أرَيْتُ فى صدره: لمَ أردت وضعه على ذلك، وَهَيْئَتُهُ بكيفيَّته ورتْبَتِه مُودَعَةٌ فى سِرّ خُطْبَتهِ”.[17]

ثمَّ يتكلَّم عن معجمه “المحكم” قائلاً: “ثمَّ أمرني بالتَّأليف على حروف المعجَم، فصنَّفت كتابي “الموسوم بالمحكَم”، وهو الَّذي اخْتطابِي نداءٌ عليه، وخِطابي لك حُداء بك إليه. فَرُدْ بدائعَ زَهرَه، ورِدْ مَشارِعَ نَهَرِه، وتمشّ فى بساتينه، وقلِّب طرفَك فى تهاويل  رياحينه، ومِلْ إليه عَيْنا وأُذْنا ، تَأْنَقْ به نَعْمَةً وحُسْنا ، ولا يرمينَّك الحسد بما يَكْمَدُ منه الروح والجسد ، فإنه لا راحة لحسود ، ولا نِعمةَ دائمةً لكَنُود”.[18]

ويفتخر به قائلاً: “فإن كتابنا هذا مَدْعاة للنفوس الشَّاردة، مَذكاة للقلوب الهامدة، مَعْلَقة بفؤاد المتفهِّم، مَأْنَقَة لعين الناظر المتوسِّم، رَوْضٌ ما أزهى أزاهيرَه، وأبهَى فى عيون الأفاهيم أشاهيره! وإن كنتُ إنما أطفْت الأنوارَ بالعُمْيان، وزَفَفْت الأبكار إلى الخِصيان، غير أنه إذا سَعِد برضا الأمير، أطال الله بقاءه ـ وأدام عِزّته وعَلاءه ـ فقد أغنى عن الوَشَل البحر، وإذا الشمس لم تغرُب فلا طلَع البدْر”.[19]

“إنَّ كتابنا هذا مشفوعُ المِثْل بالمثل، مُقترِنُ الشَّكْل بالشَّكل، لا يفصِل بينهما غريب، ولا أجنبىّ بعيد ولا قريب، مُهذَّب الفصول، مرتَّب الفروع بعد الأصول، ومَنْ شافَه عِلْما من عِلمْ الضَّرورة، لم يألُ فى التحفُّظ بتقديم المادة على الصُّورة. هذا إلى ما تحلَّى به من التَّهذيب والتَّقريب، والإشباع والاتِّساع، والإيجاز والاختصار، مع السَّلامة من التِّكرار، والمحافظة على جمع المعاني الكثيرة، فى الألفاظ اليسيرة، فكم باب فى كتب أهْل اللُّغة أطالوه، بأن أخذوا محموله على أنواع جَمَّة، وأخذته أنا على الجِنس، فغَنِيت عن ذكر الفروع بذكر القِنْس، فإنَّه إذا كان المحمول مأخوذًا على الحيوان، فلا مَحالة أنَّه مأخوذ على السَّبعُ والفَرَس والإنسان، وغير ذلك من الأنواع التى نجد الحيوان لها جنْسا”.[20]

ويكرر افتخاره بكتابه فى عدَّة مواضع قائلاً: “فإن رأيت قضية من كتابي قد ساوت قضية من كتب أهل اللُّغة في اللَّفظ، أو قاربتها، فاقُرن القضية بالقضيَّة ، يلُح لك ما بينهما من المَزِيَّة، إمَّا بفائدة يَجِلُّ موضِعُها، وإمَّا بصورة عبارة يَلَذّ موقِعُها”.[21]

حديثه عن منهجه فى المعجم ليبرز تفوقه على غيره:

* اهتمامة بالصَّرف والأوزان الصَّرفيَّة والمسائل النَّحويَّة معتمدًا فى ذلك على إمام النُّحاة سيبويه، وكتابه “الكتاب” الَّذي أطلق عليه النُّحاة “قرآن النَّحو” وغيره من أئمة النُّحاة الكبار الموثوق فى علمهم وترسيخهم لقواعد اللُّغة وقد ذكر هذا وأكَّد عليه.

يقول عن سيبويه: “ولله درّ حُذَّاق النحويِّين، سيبويهِ فمن دُونه، فى التَّحرّز من ذلك، وأينَ أجسمُ فائدة فى هذه الجموع من قول سيبويه فى الشَّيء الَّذي ينفرد ببناء واحد من الجمع، إنَّه لا يكسَّر على غير ذلك، كالأفئدة، والأكُفّ، والأقدام، والأرجل، وغير ذلك، ممَّا لا أستطيع وَقْفَك على جميعه، إلا بقراءة كتاب سيبويه، الَّذي هو نُور الآداب، ومادة أنواع الإعراب”.[22]

* يبرز الجديد فى معجمه من هذه المسائل الَّتي أغفلها المعجميون قبله؛ مثل حديثه عن الجمع واسم الجمع وجمع الجمع والتَّفريق بين هذه المباحث مع الاستشهاد بقول الله تعالى:[23] (فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ)،[24] مع أنَّ القراءة المعتمدة (فرهان مقبوضة) إلى أنَّه ركز على القاعدة وهى جمع الجمَّه ثمَّ جاء بقراءة غير معتادة لتأكيد فكرته، وكان عليه أن يوثق الآية ويبيّن القراءات المختلفة لها لكنَّه لم يفعل.

يتحدَّث عن أوزان الجمع ليبيّن أنَّه جاء بجديد لم يتطرَّق إليه المعجميون من قبله قائلاً: “ومن غريب ما تَضَمَّنَهُ هَذَا الكتابُ، تمييز أسماءِ الجموع من الجموع، والتَّنبيهُ على الجمع المركَّب، وهو الَّذي يسميه النحويُّون جمعَ الجمع، فإنَّ اللُّغويِّين جَمّا لا يميّزون الجمع من اسم الجمع، ولا يُنَبِّهون على جمع الجمع. ومن الأبنية ما يجوز أن يكون جمعًا، وأن يكون جمع جمع، وذلك أدقّ ما فى هذا الجنس المُقتضِى للجمع، فإذا مَرَرْنا فى كتابنا بمثل هذا النَّوع من الجمع، أعْلَمْنا أيُّهما أوْلى به: الجمعُ أم جمع الجمع، كقوله تعالى: (فَرُهُنٌ مَقْبُوضَةٌ)؛ فهذا إما أن يكون رَهْن، كسَحْل وسُحُل، وسَقْف وسُقُف؛ وإما أن يكون رَهْن كُسِّر على رِهان ، ثم كسِّر رِهان على رُهُن ، فيكون على هذا رُهُن جمع جمع؛ لأنَّ الجمع إذا كان على شكل الواحد، ثم كُسِّر، فحكمه أن يكسَّر على ما كُسِّر عليه الواحدُ المُشاكِلُ له فِى البناء”.[25]

حديثه عن الجديد فى معجمه لبيان تفرّده في الصَّرف:

* ومن أغرب ما تضمنه هذا الكتاب، أن يكون الاسم يُكَسَّر على بناء من أبنية أدنى العَدد أو أكثره، لا يتَجاوز إلى غيره، فإذا جاء مثل هذا، قلنا: إنَّه لا يُكسَّر على غير ذلك، وذلك نحو الأفئدة، والأذرُع، والأكُفّ، والأقدام، والأرجُل ، فإنه لا يكسَّر واحد من هذه عند سيبَوَيه على غير هذه الأبنية الدَّالة على أدنى العدد، وإن عُنِى به الكثير.[26]

* وممَّا انفرد به كتابنا: الفرق بين القَلْب والبَدل، وعقدُ اسم الفاعل بالفعل إذا كان جاريًّا عليه، بالفاء، وعَقدُه إذا لم يكُ جاريا عليه ، بالواو، وذلك لسبب دَقيق فلسفىّ، لطيف خفىّ نحوىّ.

* ومنه التَّنبيه على شاذّ النَّسَب، والجمع، والتَّصغير، والمصادر، والأفعال، والإمالة، والأبنية، والتَّصاريف، والإدغام، وتخليص القضية من الحَشو، حتَّى لا سبيلَ إلى الزِّيادة فيها، ولا النُّقصان منها الْبتة.[27]

* ومن طَرِيف اختصاره، ورائق بديع نظم تِقْصاره أنى إذا ذكرت “مِفْعَلاً، لم أذكر “مفْعالاً”، لعلمى أنَّ كلَّ “مِفْعل” مقصورٌ عن “مِفْعال”، على ما ذهب إليه الخليل.

* ومنه : أنِّى لا أذكر “افْعالَّ” إذا ذكرتُ “افْعَلَّ” من الألوان؛ لأنَّ كلَّ “افْعلَّ” عند سيبويه من الألوان، محذوفة من “افْعالّ” إيثارَ التَّخفيف.

* ومنه: أنِّي إذا ذكرت “فُعَلِلاً” أو “فَعَلِلاً” لم أذكر “فُعالِلاً” ولا “فَعالِلَ”.[28]

* ومنه: أنِّي لا أذكر الجمع المسَلَّم إلا أن يكون تشبيهًا بالمُكَسَّر فى كونه سماعيًّا.

* ومنه: أنِّي لا أذكر تكسير المَزيد من الثلاثىّ.

* ومنه: أنِّي لا أذكر ما جاء من جمع فاعل المعتلّ العين على “فَعَلَة” إلا أن يصحّ موضع العين منه.

* وكذلك لا أذكر ما جاء من جمع فاعل المعتلّ اللَّام على “فُعَلَة”.

* ومنه: أنِّي لا أذكر اسم المصدر الَّذي يجِىء من “فَعَل يفعِل” على “مَفْعَل”، لاطِّراده.

* وكذلك لا أذكر ما جاء من أسماء الزَّمان من “يفعِل” على “مَفْعِل” لاطِّراده. ولا أذكر ما جاء منهما على “مَفْعَل” من “فَعَل يفْعَل”، أو “فَعَلَ يَفْعُل”. وكذلك أسماء المكان، إلا أن يشِذّ شيء كمَشْرِق ومَغْرِب ومَسْجِد ومَنْبِت ومَطْلِع.[29]

* ومنه: أنِّي لا أذكر اسم المصدر والزَّمان والمكان من الأفعال الثُّلاثية المعتلَّة العين أو اللَّام؛ لأنَّ بناء ذلك فى جميع هذه الأنواع مُطَّرد، فإن شذَّ من ذلك شيء ذكرته، نحو مأوِى الإبل، وقد ذكرت فساد بنائه فى كتابي الموسوم بالمخصَّص.[30]

* ومنه: أنِّي لا أذكر أفعال التَّعجّب فيه الْبتة، لاطِّراد صِيَغها، وأنَّه إذا كانت صيغةَ فِعْل، أمكن التَّعجُّب منه إمَّا بوسيط، وإمَّا بغير وسيط.

* ومنه: أنِّي إذا رأيت صيغة مفعول لا فعل له، أَشْعرتُ بذلك.

* ومن بديع تلخيصه، وغريب تخليصه، أنى أذكر صيغة المذكَّر، ثمَّ أقول: والأنثى بالهاء ، فلا أعيد الصِّيغة، وإن خالفت الصِّيغةُ أعلَمتُ بخلافها، إن لم يكن قياسيَّا، نحو: بِنْت أو أخت.

* ومنه: أنِّي إذا رأيت فعلاً لا مصدَر له، أشعرت بمكانه، وذلك نحو: يَذَرُ ويَدَع، فإنِّي أقول فى مثل هذا: وليس لهذا مصدر. وكذلك إن لم يكن للفِعل ماض أعلمت به أيضًا، وذلك كهذين الفعلين اللَّذين لا مصدر لهما، فإنَّه لا ماضىَ لهما، فإن كان للفعل مصدر قد عُوّض إيَّاه من غير لفظه، قلت: لا مصدر له إلا هذا، نحو ما حكاه سيبَوَيه من قولهم: هو يَدَعه تَرْكا.

* ومنه: أنَّه إذا جاء البناء يدلُّ على المعنى: إمَّا باللّزوم، وإمَّا بالغَلَبة، قلت: إنَّ هذا لازم، إن كان لازمًا، أو غالب إن كان غالبًا، نحو ما يحكيه سيبويه فى صِيَغ الأفعال كأَفْعَلْتُ بمعانيها، واسْتَفْعلتُ، وافْتَعلْتُ، وفَعَّلْت، وافْعَوْعَلت، وأشباه ذلك. وكذلك إذا جاء المصدر قد كثر فى بعض المعانى أعلمت بكثرته، نحو القوانين التى حكاها سيبويه فى أوّل باب من المصادر.

* ومن ذلك أن أفرِّق بين الفِعل المنقلب عن الفِعْل، وبين الفعل الذى هو لُغَة فى الفِعْل، وليس بمنقلب عنه، بوجود المصدر وعَدَمه.[31]

* ومنه: أنَّه إذا تغَيَّر شكل المقلوب عمَّا انقلب عنه، أعلَمت أن تحَوُّل شكله لا يبرّئه مِنَ الانقلاب عَمَّا انقلب عنه.

* ومن ذلك تنبيهي على كلّ ما يُهْمَز، مما ليس أصلُه الهمز، من جهة الاشتقاق.

* ومنه: تنبيهي على البدل اللَّازم فى حروف العلّة، كعِيد وأعْياد، وزِيرِ نساء وأزْيار.

* ومنه: إشعارى بالكلمة الَّتي تقال بالياء والواو، عَيْنا كانت أو لامًا، كباب قَنَيْتُ وقَنَوْت، وإشعارى بالمعاقبة الحجازيَّة فى الياء والواو، لغير علَّة إلا طلب الخفَّة، كصُوَّام وصُيَّام.

* ومنه: التَّنبيه على الجموع الَّتي لم تُكَسَّر على واحدها، كمَلامِح ومَشابه وليالٍ. وإعلامي فى باب النَّسب إلى المضاف، إلى أيّ المضافين يكون النَّسب؟ وإشعاري بالصّيَغ المأخوذة من حروف الأوَّل والثَّاني.[32]

* ومنه: تنبيهي على ما تنقلب عنه الألف العَينية واللَّاميَّة، وعلى ما جاء من المثَنَّى على غير واحده، فأحدث ذلك فيه حُكْما من أحكام العربيَّة، نحو ما حكاه سيبويه.

* ومن ذلك: التنبيه على ما لا يُسْتعمل إلا ظرفًا، نحو ذاتَ مَرَّة، وبُعَيْداتِ بَيْن، وجميع ما حكاه سيبويه من ذلك.

* ومنه: إشعاري باللفظة الَّتي تكون للواحد والجميع، نحو: (بادِيَ الرَّأْيِ)،[33] ثمَّ يأتي حكم بعد التعقُّب، فيشعِر أنَّ اللَّفظة للجميع، على غير صيغتها فى الواحد.

* ومنه: تحريزي للمتدرّس من الأسماء الأعلام الَّتي هى صفة فى أوضاعها، كالحسن والعباس، وأنَّ اللَّام فى ذلك أشعار بالصِّفة، وحذفَ اللَّام إشعار بالعَلَميَّة.[34]

* ومنه: تذكيري بالآحاد الَّتي جاءت على “مَفاعِل ومَفاعيل” وما شاكلها.

* وفي كتابي هذا أشياءُ من الاختصار، وتقريب التَّأليف، وتهذيب التَّصنيف، ما لو ذكرته لكان فيه سِفْر جامع، ولكنِّي بهذا الَّذي أرَيْتُ منه قانع.[35]

وأنت أيُّها النَّدْب الفَهِم، والشَّهمُ النَّهِم، إذا توغَّلْت فى كتابنا هذا، بدا لك من أنواع الإجادة، مثلُ ما ذكرت لك من التمثيل أو ضِعْفُه، وأىٌّ أقلُّ شِفاءً، وأكثر عَناءً، من إتيان أهل اللُّغة بالفعل الماضي، ثمَّ إتباعهم له بآتيه ومصدره.[36]

* ومن أعجب ما اخْتُصَّ به هذا الكتاب: تخليص الياء من الواو، وتعيين ما انقلبت عنه الألف المنقلبة، من ياء أو واو؛ وتحييز الزَّائد من الأصل، بتخليص الثُّلاثيّ والرُّباعيّ والخُماسىّ؛ وهذا فصل لا يصل إليه إلا من قَتَل التَّصاريف عِلْما، وأحاط بعلل ما يجعله زائدًا من حروف الزَّوائد حُكْمًا، فإن المتأمِّل إذا تأمَّل فى كتابى مَأْجَجا ويأَجَجا، وَيأْجُوجَ وَمأْجُوجَ، ورأى موضع كل واحد من هذه، لم يفرِق بين أحكامها إلا أن يكون مُقِيتا على علم التَّصاريف.

وتظهر دولفعم النَّفسيَّة  في حديثه عن خلجاته النَّفسيَّة الَّتي لم يقدرها معاصروه قائلاً: “وليست الإحاطة بعلم كتابنا هذا، إلا لمن مَهَر بصناعة الإعراب، وتقدّم فى علم العَروض والقوافي”.[37]

  • المبحث الرَّابع: التَّحليل النَّفسي لآراء ابن سيده في “المحكم”

معجم “المحكم والمحيط الأعظم” يتكوَّن من أحد عشر مجلَّدًا؛ حيث يعدُّ مرجعًا لغويًّا حيث يضمُّ كلمات اللُّغة العربيَّة– معجم أحادي اللًّغة- ويثبت هجاءها ونطقها ودلالتها واستخدامها ومرادفاتها واشتقاقتها؛ ويبدأ ابن سيده معجمه بمقدِّمة طويلة قصد من خلالها إبراز قيمته العلمية وتفرده بعلوم لغويَّة وأدبيَّة ضمنها معجمه ولم يستطع أحد قبله– على حدِّ قوله- أن يضمنها في معجم أو كتاب؛ فالمقدِّمة فيها استعراض لغويٌّ، وتطويل متعمد لدرجة الحشو؛ فيكرِّر جملاً بنفس المعنى بدون فائدة جديدة.[38] كما أنَّه يعتمد كثيرًا علي المحسنات البديعيَّة– وخاصَّة السَّجع وحسن التَّقسيم-؛ مبينًا امتلاكه لمفردات اللّغة وتراكيبها- حقيقة ومجازًا– ففيها إبراز لقيمته العلميَّة وفهمه لقواعد اللُّغة وعلومها وآدابها؛ ويوجّه حديثه بشكل خطابي تعليمي تلقينب، يبين أنَّه الشَّيخ العالم الَّذي يشرح ويوضح للسائل؛ يقول: “فقد أوتيت بغيتك” وبعدها مباشرة يقول: “فقد ملِّكت أمنيتك”، فالجملتان بمعنى واحد”.[39]

ويقول مبينًا أنَّ عنده من العلم ماليس عند غيره: “أوتيه وحرموه، وأوجده وأعدموه”.[40]

وهذه النَّزعة جعلته يميل أحيانًا إلى استخدام كلمات غريبة وجزلة نجد صعوبة فى فهمها- وخاصة التشبيهات الَّتي مضى عليها ما يقرب من خمسة قرون– فهي مستمدة في أغلبها من العصر الجاهلي؛ وهذا ما دفع الدُّكتور/ هنداوي– محقِّق المعجم– إلى بيان معنى كثير من الكلمات الَّتي وردت في المتن وانتابها الغموض؛ فقام بشرحها والتَّعليق عليها وبيان مصادرها الَّتي أغفلها ابن سيده وخاصَّة في توثيق الأبيات الشِّعريَّة أو الآيات القرآنيَّة.[41]

مهاجمة المؤلِّفين غيره لإبراز نفسه:

كثيرا ما يهاجم كتب غيره ويذكر المؤلِّف وكتابه بشكل صريح، ويهاجم بألفاظ سيّئة تحط من قدرهم كعلماء، فيقلل من شأن محتواها العلمي ومادتها المكتوبة؛ حيث يبرز ما فيها من خلل؛ من ذلك حديثه عن كتاب “الإصلاح”، وكتاب “المصنَّف” لأبي عبيد القاسم بن سلام، وكتاب “النَّوادر” لأبي عبدالله الأعرابي.[42]

كما يهاجم عددًا من اللُّغويين البارزين قائلاً: “وأمَّا ما فى كِتاب “الإصلاح” و”الألفاظ”، وكتب ابن الأعرابىّ، وأبى زيد، وأبى عُبيدة، والأصمعىّ وغيرهم، من أمثال هذا الَّذي وَصَفت، فأكثرُ من أن يحصى مَدَدُه، أو يُحْصَر عَدَده”.[43]

وأىّ شيء أدلُّ على ضعف المُنَّة، وسخافة الجُنَّة، من قول أبي عُبيدٍ القاسِم بن سَلَّام، في كتابه الموسوم “بالمصنَّف”.

ويعيب في مكان آخر على ابن الأعرابي قائلاً: “وهل أدلّ على قلَّة التفصيل، والبُعد عن التَّحصيل، والجهل بالتَّنتيج والتَّلقيح، وجودة الانتقاد والتَّنقيح، من قول أبي عبد الله بن الأعرابىِّ، فى كتابه الموسوم بالنَّوادر”.[44]

ويبيّن ميزته عن غيره قائلاً: “وهذا الَّذي أبنت لك فى أخْطَيْت ونحوِه، باب لطيف قد نبا عنه طبع أبي عُبيد وابن السكِّيت وغيرهما من متأخري اللغويِّين؛ فأما قدماؤهم فأضيق باعًا، وأنْبَى طباعًا؛ ألا ترى ابن الأعرابيّ يقول فى كتابه الموسوم بالنَّوادر.. وقد نحا أبو عُبيد في كتابه الموسوم “بالمصَنِّف” هذه المَنحاة الَّتي نحاها ابنُ الأعرابىِّ”.[45]

وعندما يفتخر بمعجمه “المحكم” مقارنة بغيره يقول: “فإن رأيت قضية من كتابي قد ساوت قضية من كتب أهل اللُّغة فى اللفظ، أو قاربتها، فاقُرن القضية بالقضيَّة، يلُح لك ما بينهما من المَزِيَّة، إمَّا بفائدة يَجِلُّ موضِعُها، وإمَّا بصورة عبارة يَلَذّ موقِعُها”.[46]

التَّباهي (الافتخار) بنفسه وبأعماله العلميَّة:

يتباهى بنقده لغيره بنرجسيَّة واضحة قائلاً: “وهل يقوم بانتقاد هذا النوع إلا مثلي، من ذوي الحِفْظ الجليل، والاضطلاع بعلم النحو وصناعة التَّحليل، وإن كنت بين حُثالةٍ جَهِلت فضلي، وأساء الدَّهر فى جمعهم بمثلي، وهل ينفع اليائسَ من الحياة بُكاه، أحمد الله على كلّ حال ولا أتَشَكَّاه.[47]

كما يتباهى بنفسه كثيرًا ويفتخر بأعماله العلميَّة المختلفة؛ فيتحدّث عن مؤلّفاته؛ وخاصَّة كتابه “الوافي فى علم القوافي” فى أكثر من موضع مع مقارنة نفسه بغيره ليبيّن أنَّه أكثر علمًا ومؤلّفاته أكثر قيمة، وهذا كتاب فريد من نوعه في علم القوافي واعتد عليه كثيرًا في تحليل الشَّواهد الشِّعريَّة وبرزت مصطلحاته من خلال مجلَّدات المعجم وخاصَّة المجلَّد الثَّاني.[48]

ويؤكِّد هذا الفخر علانية قائلاً: “فأينَ عِلْمُ أبي عبد الله بن الأعرابىّ بأسرار هذه الصّيغ من علمي، أو فَهْمُه لغوامض تأوّلها من فهمي؟ إلى غير ذلك، ممَّا لو تقصَّيته لأتعبت الخاطر، وملأت القَماطر، لكنِّي آثرت طريق التَّقليل، إذ أقلّ من ذلك كافٍ في التَّمثيل”.[49]

يتكلَّم عن معجمه “المحكم” مبيّنًا قيمته وعظم قدره على غيره؛ يقول: “صنَّفت كتابي “الموسوم بالمحكَم”، وهو الذى اخْتطابِي نداءٌ عليه، وخِطابي لك حُداء بك إليه. فَرُدْ بدائعَ زَهرَه، ورِدْ مَشارِعَ نَهَرِه، وتمشّ فى بساتينه، وقلِّب طرفَك فى تهاويل  رياحينه، ومِلْ إليه عَيْنا وأُذْنا، تَأْنَقْ به نَعْمَةً وحُسْنًا، ولا يرمينَّك الحسد بما يَكْمَدُ منه الرُّوح والجسد، فإنَّه لا راحة لحسود، ولا نِعمةَ دائمةً لكَنُود”.[50]

ويصف معجمه بأوصاف نادرة قائلاً: “فإنَّ كتابنا هذا مَدْعاة للنفوس الشَّاردة ، مَذكاة للقلوب الهامدة ، مَعْلَقة بفؤاد المتفهِّم، مَأْنَقَة لعين الناظر المتوسِّم، رَوْضٌ ما أزهى أزاهيرَه، وأبهَى فى عيون الأفاهيم أشاهيره”.

“إنَّ كتابنا هذا مشفوعُ المِثْل بالمثل، مُقترِنُ الشَّكْل بالشَّكل، لا يفصِل بينهما غريب، ولا أجنبىي بعيد ولا قريب، مُهذَّب الفصول، مرتَّب الفروع بعد الأصول، ومَنْ شافَه عِلْمًا من عِلمْ الضَّرورة، لم يألُ في التحفُّظ بتقديم المادة على الصُّورة. هذا إلى ما تحلَّى به من التَّهذيب والتَّقريب، والإشباع والاتِّساع، والإيجاز والاختصار، مع السَّلامة من التِّكرار، والمحافظة على جمع المعاني الكثيرة، في الألفاظ اليسيرة، فكم باب فى كتب أهْل اللُّغة أطالوه، بأن أخذوا محموله على أنواع جَمَّة، وأخذته أنا على الجِنس، فغَنِيت عن ذكر الفروع بذكر القِنْس”.[51]

كما يبرز منهجه بحديث تفصيلي يريد من خلاله أن يبيّبن أنَّه لم يسبقه غيره فيه وخاصَّة في عدِّة مباحث؛ قائلاً في مواضع متفرِّقة:

– ومن أغرب ما تضمنه هذا الكتاب، أن يكون …

– وممَّا انفرد به كتابنا: الفرق بين القَلْب والبَدل …

– ومنه التَّنبيه على شاذّ …

– وفي كتابي هذا أشياءُ من الاختصار، وتقريب التَّأليف، وتهذيب التَّصنيف، ما لو ذكرته لكان فيه سِفْر جامع، ولكنِّي بهذا الَّذي أرَيْتُ منه قانع.

وأنت أيُّها النَّدْب الفَهِم، والشَّهمُ النَّهِم، إذا توغَّلْت فى كتابنا هذا، بدا لك من أنواع الإجادة، مثلُ ما ذكرت لك من التَّمثيل أو ضِعْفُه، وأيُّ أقلُّ شِفاءً، وأكثر عَناءً، من إتيان أهل اللُّغة بالفعل الماضي، ثمَّ إتباعهم له بآتيه ومصدره.

وليست الإحاطة بعلم كتابنا هذا، إلا لمن مَهَر بصناعة الإعراب، وتقدّم في علم العَروض والقوافي.[52]

ومن دواعيه النَّفسيَّة الافتخار برسوخ علمه وتمكّنه من مادته سرده لعدد من المصادر وأمَّهات الكتب؛ قائلاً: “وأمَّا ما ضَمَّناه كتابنا هذا من كتب اللُّغة: فمصنفُ أبي عُبَيد، والإصلاحُ، والألفاظ ، والجَمهرة، وتفاسيرُ القرآن، وشروحُ الحديث، والكتابُ الموسوم بالعين، ما صحّ لدينا منه، وأخذناه بالوَثيقة عنه، وكُتُبُ الأصمعيّ، والفراء، وأبي زيد، وابن الأعرابيّ، وأبي عُبَيدة، والشَّيبانيّ، واللِّحيانيّ، ما سَقَط إلينا من جميع ذلك، وكُتُبُ أبى العبَّاس أحمد بن يحيى: المجالِسُ، والفصيحُ، والنوادرُ؛ وكتابا أبى حنيفة، وكُتبُ كُراعٍ، إلى غير ذلك من المختصرات، كالزّبرج ، والمُكَنَّى، والمُبَنَّى، والمُثَنَّى، والأضداد والمُبدَل، والمقلوب، وجميع ما اشتمل عليه كتاب سيبويه من اللغة المعلَّلة العجيبة، الملخَّصة الغريبة، المُؤْثَرَة لفضلها، والمُسْتَرادِ لمثلها، وهو حَلْى كتابي هذا وزَيّنُه، وجمالُه وعَيْنُه، مع ما أضفته إليه من الأبنية الِّتي فاتت كتاب سيبويه مُعَلَّلة، عربية كانت أو دخيلة.

* وأمَّا ما نثرت عليه من كتب النَّحويين المتأخِّرين، المتضمّنة لتعليل اللُّغة … إلى أشياء اقتضبتها من الأشعار الفصيحة، والخطب الغريبة الصَّحيحة.

هذا جميع ما اشتمل عليه كتابنا “المُحْكَم”، وهو فى هذه الصِّناعة “المحيطُ الأعظم” قد دَبَّجْتُ فِتانه، وأدْمَجْت مِتانَه، وشَكَّلت آسانَه، ووكَّلْت بالإعراب عنه لِسانه، وأبرزتُه للدَّهر مفتخرًا، وبذلت فيه من مكنون علمي ما كُنْتُ له مُدّخِرًا”.[53]

حبَّه الشَّديد لأفذاذ اللُّغويين والأدباء:

أوَّلاً من النُّحاة: سيبويه– إمام النُّحاة– يقول عن سيبويه: “ولله درّ حُذَّاق النحويِّين، سيبويهِ فمن دُونه، فى التَّحرّز من ذلك … ممَّا لا أستطيع وَقْفَك على جميعه، إلا بقراءة كتاب سيبويه، الَّذي هو نُور الآداب، ومادة أنواع الإعراب”.[54]

وأبرز اهتمامة بالصَّرف والأوزان الصَّرفيَّة والمسائل النَّحويَّة، كما اعتمد على غيره من أئمة النُّحاة الكبار الموثوق فى علمهم وترسيخهم لقواعد اللُّغة وخاصَّة اهتمامه الكبير بأبي علي الفارسي، كتبه: الحَلَبيَّات، والبَغْداديات، والأَهْوَازِيَّات، والتَّذْكِرَة، والحُجَّة، والأغفال، والإيضاح، وكتاب الشِّعر.[55]

ثانيًا من الشُّعراء: المتنبي؛ الَّذي استشهد به أكثر من أيّ شاعر آخر، بدوافع نفسيَّة مهمَّة لمن يعرف حياة أبي الطَّيب المتنبي، مع الرَّغم أنَّ وفاة المتنبي في (302هـ) وآخر عصر للاستشهاد الشِّعريّ تاريخ وفاة الشَّاعر (ذو الرُّمة في 150ه) فعصر المتنبي لا يستشهد به، إلا أنَّه من الواضح أنَّ هناك تجاوبا نفسيًّا– يستحق الدِّراسة– بينه وبين المتنبي الَّذي نحت فى الصَّخر ليكون أكبر شاعر في عصره ويناظر من قبله ويسقط من حوله، وهكذا يرى ابن سيده نفسه.[56]

ثالثًا من اللُّغويين: ابن جنِّي؛ الَّذي إذا تتبعنا حياته وما مرَّ به من أفكار وتجارب ومؤلَّفات نجدها موازيَّة لنفسيَّة ابن سيده وحياته، حتَّى الاتهامات الَّتي اتُّهم بها من الشُّعوبيَّة وغيرها نجدها موازية له، وقد ذكر اعتماده على كُتُب أبي الفتح عثمانَ بن جنِّي؛ كالمغرِب، والتمَّام، وشرحه لشعر المتنبي، والخصائص، وسرّ الصِّناعة، والتَّعاقب، والمحتَسَب.[57]

آراء العلماء في ابن سيده:

قَالَ أَبُو عُمَرَ الطَّلَمَنْكِي: دَخَلتُ مُرْسِية، فَتشبَّثَ بِي أَهْلُهَا لِيسْمعُوا عليَّ غَرِيْب المُصَنَّف، فَقُلْتُ: انْظُرُوا مَنْ يَقرَأُ لَكُم، وَأُمسك أَنَا كِتَابِي، فَأَتونِي بِإِنْسَان أَعْمَى يُعْرَفُ بِابْنِ سِيْده، فَقَرَأَهُ عليَّ كُلَّهُ، فَعجبتُ مِنْ حِفْظِهِ. قَالَ: وَكَانَ أَعْمَى ابْنَ أَعْمَى.[58]

وقال محمَّد بن مرادة اللُّغويّ: كان بالمشرق لغويّ، وبالمغرب لغويّ في عصر واحد، لم يكن لهما ثالث، وهما ضريران: فالمشرقيّ أبو العلاء، والمغربي ابن سيده، بالأندلس، وابن سيده أعلم، وكفاه أنَّه أملى “المحكم” و”المخصَّص” من صدره.[59]

قال القاضي الجياني: كان مع إتقانه لعلم الأدب والعربيَّة متوفّرًا على علوم الحكمة وألَّف فيها تأليفات كثيرة، ولم يكن في زمانه أعلم منه بالنَّحو واللُّغة والأشعار وأيَّام العرب وما يتعلَّق بعلومها، وكان حافظًا، وله في اللُّغة مصنَّفات.[60]

  • خاتمة البحث:

– يعدُّ التَّحليل النَّفسيُّ لشخصية ابن سيده أمرًا بالغ الأهمية لما انتاب هذا العالم من ظروف نفسيَّة بسبب أنَّه كان أعمى من ناحية وتجاهل علماء عصره له من ناحية أخرى، وبالرَّغم من ذلك ألَّف معجمين كبيرين محتلفين فى آن واحد؛ أحدهما عام وهو “المحكم والمحيط الأعظم”، والآخر خاص (معجم موضوعات) وهو المخصَّص الّي يقع في أربعة مجلَّدات؛ ولذا فقد كانت له اتِّجاهات نفسيَّة تنعكس على آراءه ونجد في كتاباته ما هو مختلف- بقدر كبير- عن غيره من المؤلّفين في مجالات شتَّى سواء أكانت لغويَّة أم صرفيَّة أم نحويَّة أم أدبيَّة، فقد شكَّل رؤية خاصَّة انطلق من خلالها إلى تأليف معجمه المحكم الّذي نجد فيه ملاحظات كثيرة.

– التَّحليل النَّفسيُّ أصبح نظرية سيكولوجية شاملة عن الإنسان، يقوم بدراسة العناصر الطَّبيعية للكائن البشريّ، مع الكشف عن ميوله ومكبوتاته النَّفسيَّة وعالمه الدَّاخليّ، ومن خلالها نستطيع تحديد ملامح شخصيته، وهذه الفكرة المعمول بها في تحليل الأعمال الأدبيَّة وتوظيفها في النَّقد الحديث؛ وهي فكرة الكشف عن ميول ابن سيده والكشف عن مكبوتاته النَّفسيَّة وعالمه الدَّاخليّ، والَّتي من خلالها نستطيع تحديد ملامح شخصيته؛ وهذا تدركه جيدا عند عرضنا البسيط لنشأته وشيوخة والاتِّجاه السّياسيّ الَّذي عاصره لنكشف النِّقاب عن شخصية بارزة استطاعت بنفسية- الأعمى- والمتعدّدة الاتِّجاهات أن تبرز أعمالاً عجز عنها المبصرون.

– درس ابن سيده ما كان شائعًا في عصره وما يتَّفق مع حالته، فعني بعلوم اللُّغة والدِّين، ونهل منهما بالقدر الَّذي كانت تسعفه به ذاكرته الجبارة، حتَّى وصفه معاصروه بأنَّه كان حافظًا لم يكن في زمانه أعلم منه بالنَّحو واللُّغة والأشعار وأيَّام العرب، كما توفَّر على علوم الحكمة والمنطق حتَّى وصفه صاعد اللُّغويّ بأنَّه من حُذّاق المنطق.

– بظهور الاتِّجاه النَّفسيِّ كمنهج في التَّحليل، استطاع النَّاقد العربيُّ أن يستوعب المنهج ويتَّخذه كوسيلة، في تحليل شخصيات بعض الكتَّاب؛ ولهذا كانت العلاقة وطيدة بين النَّقد والتَّحليل النَّفسي. ويمكن تسجيل الملاحظات المتَّصلة بالرُّؤية الَّتي يسعى النَّاقد من خلالها مقاربة النُّصوص المكتوبة من منظور نفسيّ، وأهمُّ ما يمكن الأخذ به هو الميل الواضح إلى تبني مزاوجة منهجيَّة بين المنظور الفرويدي وبين المقاربة السّيسيولوجيَّة إلا أنَّ مسار التَّحليل ينطلق الرُّؤيَّة النَّفسيَّة والواقع اللَّاشعوري ليصل إلى الحقيقة الاجتماعيَّة.

– من خلال الصِّلة بين النَّقد والتَّحليل النَّفسي، فإنَّ النَّقد يركز على النَّصِّ وتحليله وتفكيك بنيته، مع الإستعانة بالمنهج النَّفسيّ؛ حيث تكمن أهمية علم النَّفس والتَّحليل النَّفسيّ بالنِّسبة للنقد في أنَّه مضلة واسعة تندرج تحتها عدة مسارات مهمَّة، النّمو الإنسانيّ ومراحله إلى سنِّ الرُّشد، وعملية التَّأويل والتَّحليل وكذلك فعالية الاستشفاء والعلاج.

– حظي نقدنا الحديث، بظهور عدَّة اتِّجاهات فكريَّة ساهمت في تحليل بعض الدِّراسات الأدبيَّة، ومن بين هذه الاتِّجاهات النَّقد النَّفسيّ والَّذي ظهر خلال تأثّر مجموعة من النُّقاد العرب بالنَّظريات الغربيَّة والَّتي حاولوا تطبيقها على الأدب العربيِّ؛ حيث إنَّ المنهج النَّفسيّ، لم يظهر في أدبنا العربيّ بقوّة، فملامحه كانت بسيطة من خلال تسجيل بعض الملاحظات، الَّتي استعان بها النُّقاد وتم تطبيقها على الأعمال الأدبيَّة ولم يتَّخذ كمنهج مستقلٍّ بذاته.

  • المصادر والمراجع:
  • القرآن الكريم.
  • ابن خلِّكان، وفيات الأعيان، تحقيق: إحسان عباس، دار صادر، بيروت، د.ت.
  • ابن سيده:
  • المحكم والمحيط الأعظم،تحقيق: عبد الحميد هنداوي، دار الكتب العلميَّة، بيروت، عدد المجلَّدات (11)، 1421ه/ 2000م.

2) المخصَّص، دار الكتب العلميَّة، بيروت، عدد المجلَّدات (6).

  • أحمد حيدرش، الاتِّجاه النَّفسيّ في النَّقد العربيّ الحديث، ديوان المطبوعات الجامعيَّة، جامعة الجزائر.
  • حسن المؤذِّن، الرّواية والتَّحليل النَّصِّي: قراءات من منظور التَّحليل النَّفسيّ، الدَّار العربيَّة للعلوم ناشرون، الرِّباط، 2009م.
  • حسين نصَّار، المعجم العربيُّ: نشأته وتطوّره، مكتبة مصر، القاهرة 1408هـ/ 1988م.
  • حلمي المليجي، علم النَّفس الاكلينيكي، دار النَّهضة العربيَّة، القاهرة، 2000م.
  • خديجة فارسي، النَّقد النَّفسيُّ في كتاب عقدة أوديب في الرِّواية العربيَّة لجورج طرابيشي، رسالة ماجستير، جامعة قاصدي مرباح ورقلة، كليَّة الآداب واللُّغات، قسم اللُّغة والأدب، الجزائر، 2013م/ 2014م.
  • خريستو نجم، في النَّقد الأدبي والتَّحليل النَّفسيّ، دار الجيل، بيروت،1991 م.
  • الذَّهبيُّ، سير أعلام النُّبلاء، تحقيق: شعيب الأرنؤوط- محمَّد نعيم العرقسوسي، مؤسَّسة الرِّسالة، بيروت، 1412هـ/ 1992م.
  • رياض زكي قاسم، المعجم العربي: بحوث في المادة والمنهج والتَّطبيق، دار المعرفة، بيروت، 1407ه/ 1987م.
  • سعد اليازغي- هيجان الرّويلي دليل النَّاقد ، دار المؤسَّسة العربية للدراسة والنَّشر، بيروت، 2002م.
  • عبد اللَّطيف الصُّوفي، اللُّغة ومعاجمها، دار طلَّاس، دمشق، 1986م.
  • علي جوَّاد الطَّاهر، مقدِّمة في النَّقد الأدبيّ، دار المؤسَّسة العربيَّة للدراسات والنَّشر، بيروت، 1997م.
  • عمر عيلان، النَّقد العربيُّ الجديد، الدَّار العربيَّة للعلوم ناشرون، بيروت، 2010م.
  • الفيروزآبادي، البلغة في تراجم أئمة النَّحو واللُّغة، دار سعد الدِّين للطباعة والنَّشر والتَّوزيع، 1421هـ/ 2000م.

ياقوت الحمويُّ، معجم الأدباء= إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب، تحقيق: إحسان عباس، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1414ه/ 1993م.

[1]    دكتور/ جيحون أونلوار، أستاذ مساعد في كليَّة الإلهيَّات، جامعة هيتيت (تركيا). البريد الإلكترونيُّ: [email protected]

Dr. Ceyhun UNLUER, Hitit University, Faculty of Divinity, Orcid: 0000-0002-1308-5790

[2]  حلمي المليجي، علم النَّفس الاكلينيكي، دار النَّهضة العربيَّة، القاهرة، 2000م، 42.

[3]  خديجة فارسي، النَّقد النَّفسيُّ في كتاب عقدة أوديب في الرِّواية العربيَّة لجورج طرابيشي، رسالة ماجستير، جامعة قاصدي مرباح ورقلة، كليَّة الآداب واللُّغات،  قسم اللُّغة والأدب، الجزائر، 2013م/ 2014م، 9– 13.

[4] حسين نصَّار، المعجم العربيُّ: نشأته وتطوّره، مكتبة مصر، القاهرة 1408هـ / 1988م، 13.

[5] رياض زكي قاسم، المعجم العربي: بحوث في المادة والمنهج والتَّطبيق، دار المعرفة، بيروت، 1407ه/ 1987م، 91.

يُنْظَرُ: عبد اللَّطيف الصُّوفي، اللُّغة ومعاجمها، دار طلَّاس، دمشق، 1986م، 42.

[6] ابن خلِّكان، وفيات الأعيان، تحقيق: إحسان عباس، دار صادر، بيروت، 58.

الذَّهبي، سير أعلام النُّبلاء، تحقيق: شعيب الأرنؤوط- محمَّد نعيم العرقسوسي، مؤسَّسة الرِّسالة، بيروت، 1412هـ/ 1992م، 18: 64.

ياقوت الحموي، معجم الأدباء، = إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب، تحقيق: إحسان عباس، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1414ه/ 1993م، 5: 97.

[7] عمر عيلان، النَّقد العربيُّ الجديد، الدَّار العربيَّة للعلوم ناشرون، بيروت، 2010م، 150.

[8] المرجع السَّابق، 151.

[9] سعد اليازغي- هيجان الرّويلي  دليل النَّاقد ، دار المؤسَّسة العربية للدراسة والنَّشر، بيروت، 2002م ، 332.

[10] علي جوَّاد الطَّاهر، مقدِّمة في النَّقد الأدبيّ، دار المؤسَّسة العربيَّة للدراسات والنَّشر، بيروت، 1997م، 426.

[11] حسن المؤذِّن، الرّواية والتَّحليل النَّصِّي: قراءات من منظور التَّحليل النَّفسيّ، الدَّار العربيَّة للعلوم ناشرون، الرِّباط، 2009م، 304.

[12] خريستو نجم، في النَّقد الأدبي والتَّحليل النَّفسيّ، دار الجيل، بيروت،1991 م، 43.

[13] المرجع السَّابق، نفس الصَّفحة.

[14] المرجع السَّابق، نفس الصَّفحة.

[15] أحمد حيدرش، الاتِّجاه النَّفسيّ في النَّقد العربيّ الحديث، ديوان المطبوعات الجامعيَّة، جامعة الجزائر، 14.

[16] المرجع السَّابق، نفس الصَّفحة.

[17]  ابن سيده، المخصَّص، دار الكتب العلميَّة، بيروت، عدد المجلَّدات (5)، 1: 12.

[18]  ابن سيده، المحكم والمحيط الأعظم، تحقيق: عبد الحميد هنداوي، دار الكتب العلميَّة، بيروت، عدد المجلَّدات (11)، 1421هـ/ 2000م، 1: 36، 37

[19]  المصدر السَّابق، 1: 38.

[20]  المصدر السَّابق، 1: 39.

[21]  المصدر السَّابق، 1: 38.

[22]  المصدر السَّابق، نفس الصَّفحة.

[23]  البقرة: 283.

[24]  المصدر السَّابق، 1: 39.

[25]  المصدر السَّابق، نفس الصَّفحة.

[26]  المصدر السَّابق، 1: 41.

[27]  المصدر السَّابق، نفس الصَّفحة.

[28]  المصدر السَّابق،  1: 42.

[29]  المصدر السَّابق، نفس الصَّفحة.

[30]  ابن سيده، المخصَّص، 2: 56.

[31]  ابن سيده، المحكم، 1: 43.

[32]  المصدر السَّابق، 1: 44.

[33]  هود: 27.

[34]  ابن سيده، المحكم، 1: 45.

[35]  المصدر السَّابق، 1: 46.

[36]  المصدر السَّابق، نفس الصَّفحة.

[37]  المصدر السَّابق، 1: 47.

[38] المصدر السَّابق، 1: 29- 31.

[39] المصدر السَّابق، 1: 30.

[40] المصدر السَّابق، 1: 32.

[41] المصدر السَّابق، 1: 30- 31- 32- 36، وغير هذه الصَّفحات كثير جدًّا.

[42] المصدر السَّابق، 1: 34- 38- 39- 40.

[43] المصدر السَّابق، 1: 39.

[44]  المصدر السَّابق، 1: 40.

[45]  المصدر السَّابق، 1: نفس الصَّفحة.

[46]  المصدر السَّابق، 1: 38.

[47]  المصدر السَّابق، 1: 39.

[48]  المصدر السَّابق، 1: 33- 35- 40.

[49]  المصدر السَّابق، 1: 40.

[50]  المصدر السَّابق، 1: 36- 37.

[51]  المصدر السَّابق، 1: 37.

[52]  المصدر السَّابق، 1: من 41 إلى 47.

[53]  المصدر السَّابق، 1: 47- 48.

[54]  المصدر السَّابق، 1: 38.

[55]  المصدر السَّابق، 1: من 41 إلى 46.

[56]  ينظر: المحكم، ففي المقدِّمة فقط ذكر أبياتا له في الصَّفحات الآتية: ص.31 مرَّتين ، ص.35 ، ص.36 ، ص.37 مرَّتين؛ وهذا الكمُّ الكبير في بداية المعجم فما بالنا بباقي المجلَّدات.

[57]  المصدر السَّابق، 1: 47- 48.

[58]  الذَّهبيُّ، سير أعلام النُّبلاء، 18: 144.

[59]  الفيروزآبادي، البلغة في تراجم أئمة النَّحو واللُّغة، دار سعد الدِّين للطباعة والنَّشر والتَّوزيع، 1421هـ/ 2000م، 76.

[60]  ياقوت الحمويُّ، معجم الأدباء، 4: 164.

 

 

(خاص بمنتدى العلماء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى