كتب وبحوث

النوازل الناشئة خارج ديار الإسلام

إعداد: د. محمد بن يحيى النجيمي.

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحابته أجمعين… أما بعد:

للإقامة خارج ديار الإسلام مخاطرها الكثيرة التي تنشأ عن المعايشة اليومية لثقافات وحضارات لا تنبثق من هدايات الأنبياء، وبما أن الضعيف يقلد القوي لا سيما إذا عاش بين ظهرانيهم، فإن الأمر يقتضي من حملة الشريعة وأهل الفتوى، أن يبينوا أحكام الشريعة التي تتعلق بالنوازل الاجتماعية التي تغش الناس في حياتهم، وفي غدوهم ورواحهم، من أجل ذلك كله فقد اخترت أن أكتب في النوازل الاجتماعية: “النوازل الاجتماعية الناشئة خارج ديار الإسلام، أحكامها وحدودها وضوابطها، على ضوء أحكام الشريعة الإسلامية”.

وقد جعلت البحث في مقدمة وخمسة مباحث:

المبحث الأول: إشكالية العلاقة بين الجنسين.

المبحث الثاني: الترويح المباح حدوده وضوابطه.

المبحث الثالث: حكم تهنئة الكافرين بأعيادهم وشهودها والمشاركة فيها.

المبحث الرابع: حق الآباء في الرقابة على الناشئة عبر وسائل الاتصالات الحديثة في ديار الغرب.

المبحث الخامس: اللباس والزينة حدوده وضوابطه في ديار الغرب.

ثم ختمت البحث ببيان أهم النتائج وأبرز التوصيات.

والله ولي التوفيق..

المبحث الأول: إشكالية العلاقة بين الجنسين:

أولاً: ضوابط التعامل عند اللقاء بين الجنسين:

اللقاء والتعاون والتكامل بين الرجال والنساء أمر فطري، ولا يمكن منعه واقعاً ولم يرد في دين الفطرة ما يحجره بإطلاق، وإنما أحاطه بالضوابط التالية:

1- ترك الخلوة وهي وجود رجل وامرأة أجنبية عنه في موضع لا يراهما فيه أحد امتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: “ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما”(1).

2- توقي التماس وهو التلاصق والتراص بالأبدان بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه؛ حذر الإثارة والفتنة.

3- تجنب التبرج وهو الكشف عما أمره الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بستره من البدن؛ إذ يجب على المرأة حين اجتماعها بالرجال غير المحارم أن تستر جسدها ما عدا الوجه واليدين على مذهب جمهور الفقهاء.

4- التزام المرأة الحشمة في حديثها وحركاتها: فلا تتصنع من الكلام والحركات ما يؤدي إلى إثارة الغرائز، قال تعالى: {يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا} [الأحزاب:32]، وقال تعالى: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ} [النور:31].

وعليه فإذا التزم الرجال والنساء في أي لقاء أو نشاط بهذه الضوابط الشرعية، فلا حرج عليهم في ذلك ما كان موضوع اللقاء أو النشاط جدياً، سواء أكان علمياً أم ثقافياً ونحو ذلك(2).

هذا رأي لبعض الفقهاء المعاصرين ومع الاحترام لرأيهم فإن ما ذكروه من ضوابط ينقصها ضابط مهم وهو عدم الاختلاط بين الجنسين، قال الله سبحانه وتعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ} [الأحزاب:53]، وإذا كانت هذه الآية نزلت في أمهات المؤمنين، فالعبرة كما يقول الأصوليون لعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وإذا كانت أمهات المؤمنين المقطوع بعفتهن وطهارتهن مأمورات بالحجاب وعدم الظهور أمام الأجانب، فالنساء المسلمات بشكل عام مأمورات بالستر وعدم الظهور من باب أولى وهذا ما يسمى بالمفهوم الأولوي عند الفقهاء وعلماء الأصول.

وقال عز من قائل: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {24/30} وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ} [النور:30-31]. فإذا كان الأمر – في هذه الآية – يشمل غض البصر، ووضع الخمار على الرأس وفتحة الصدر، وعدم إبداء الزينة والمفاتن إلا للمحارم أفليس يدل هذا الشمول على أن المرأة المسلمة مأمورة بالستر والحشمة والعفة وعدم الاختلاط بالأجانب، والمرأة إذا اجتمعت مع الرجل في مكتب أو وضع واحد فكيف يمكن لكل منهما أن يغض الطرف عن الآخر، هذا مستحيل، والشرع لا يكلف بما لا يطاق فعلم من هذا أن الفصل بين الجنسين واجب وأن الاختلاط حرام، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الأحزاب:59].

فكيف نتصور اختلاط المرأة بالأجنبي والمرأة المسلمة في هذه الآية مأمورة بالحجاب وارتداء الجلباب؟

وإذا كانت مع الرجل في مكان واحد فقد يحصل التساهل وترتفع الكلفة ولهذا قال علماء التفسير(3): إن السر في تقديم غض البصر على حفظ الفروج هو أن النظر بريد الزنى ورائد الفجور وهو مقدمة للوقوع في المخاطر، ولله در شوقي عندما قال:

نظرة فابتسامة فسلام *** فكلام فموعد فلقاء

وقال أحد الأدباء:

وما الحب إلا نظرة إثر نظرة *** تزيد نمواً إن تزده لجاجاً(4)

ولهذا حرمت الشريعة الإسلامية النظر إلى الأجنبيات أما نظرة الفجأة فلا إثم فيها ولا مؤاخذة لأنها خارجة عن إرادة الإنسان، فلم يكلفنا الله جل ثناؤه ما لا يطيق ولم يأمرنا أن نعصب أعيننا إذا مشينا في الطريق، فالنظرة إذا لم تكن بقصد لا مؤاخذة فيها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: “يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الثانية”(5)، فلو كان الاختلاط مباحاً فكيف تكون هناك نظرة فجأة وهما جالسان في مكان واحد خاصة عند القائلين بجواز كشف الوجه واليدين(6).

وقد قرر مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورته 12 بالرياض من 25 جمادى الآخرة 1421/ 1 رجب 1421هـ قراراً بشأن موضوع الإعلان الإسلامي لدور المرأة في تنمية المجتمع المسلم فكان مما قرره:

عاشراً: العمل على جعل مؤسسات التعليم النسوي بجميع مراحله منفصلاً عن تعليم الذكور وفاءً بحقوق المرأة المشروعة وقياماً بمقتضيات الشريعة(7).

ولهذا حرصت كثير من المنظمات الدولية على التعليم المختلط لعلمهم أنه من أفضل الوسائل التي تفسد المجتمعات المسلمة والمحافظة بشكل عام فمما جاء في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة 1399هـ/1979ن ما يلي:

“القضاء على أي مفهوم نمطي عن دور المرأة ودور الرجل في جميع مراحل التعليم بجميع أشكاله، عن طريق تشجيع التعليم المختلط، وغيره من أنواع التعليم التي تساعد على تحقيق هذا الهدف، ولا سيما عن طريق تنقيح كتب الدراسة، والبرامج الدراسية، وتكييف أساليب التعليم”(8).

وجاء في المؤتمر العالمي الذي عقدته الأمم المتحدة في كوبنهاجن 1400هـ/1980م ما يلي:

“تشجيع التعليم الحر والإجبار – عن طريق سن القوانين – للفتيان والفتيات في المرحلة الابتدائية مع توفير المساعدة اللازمة لإقامة تعليم مختلط – متى كان ذلك ممكناً… وتوفير معلمين مدربين من كلا الجنسين، وتقديم التسهيلات للنقل والمبيت والإطعام – عند الضرورة –”.

إذن الاختلاط محرم ولكن إذا كان الرجال في ناحية والنساء في ناحية في المناسبات الاجتماعية والثقافية ولكل منهما مخرج أو باب يخرج منه أو كان الرجال في المقدمة والنساء في المؤخرة ولكل منهما مخرج والنساء ملتزمات بالحجاب الشرعي كما هو الحال في المسجد عند سلف هذه الأمة وقد ثبتت بذلك الأحاديث الصحيحة فالرجال في أول المسجد والنساء في آخره ولكل منهما مخرج، ولو تم الفصل الكامل بين الرجال والنساء في هذه المناسبات الاجتماعية والثقافية لكان أفضل وأولى.

ثانياً: التواصل الشخصي عبر الإنترنت أو الهواتف النقالة وتبادل المشاعر العاطفية بين الجنسين:

إذا كان حديث المرأة مع الرجل الأجنبي عبر الإنترنت أو الهاتف لحاجة وكان بدون خضوع بالقول فإنه جائز لأن الراجح أن صوت المرأة ليس بعورة لأن النساء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يخاطبنه، ويستفتينه ويتحدث إليهن، دون إنكار منه صلى الله عليه وسلم، كما أنهن يتبايعن ويتحدثن مع الرجال الأجانب في زمن الرسالة والوحي، والسنة مملوءة بالآثار الدالة على ذلك، مما يدل على أن صوتها ليس بعورة؛ إذ لو كان عورة لنهاهن عن ذلك.

ولأن المرأة تسمع في الشهادة والرواية، ولو كان صوتها عورة ما جازت شهادتهن ولا روايتهن، ولا أحد قال بذلك(9). ولأن القول بأن صوتها عورة يترتب عليه مشقة كبيرة ويوقعها من الحرج؛ إذ لا تخلو حاجة المرأة من حديث إلى الرجال الأجانب، لحاجتها التي لا بد لها منها، أما إذا كان حديثها مع الرجال الأجانب لا حاجة له أو فيه تبادل للمشاعر العاطفية فإنه لا يجوز وهو محرم ومن أشد المنكرات لأن ذلك وسيلة إلى الفتنة والوقوع في الفاحشة؛ لأن ما يؤدي إلى الحرام فهو حرام، ولأن الوسائل لها حكم الغايات(10).

ثالثاً: جمع الناشئة من الجنسين في المؤتمرات العامة لغاية التعارف بهدف الزواج:

لا يجوز هذا الفعل لأن التجارب قد أثبتت أن هذا النوع من التعارف لا يؤدي إلى الزواج بل يؤدي إلى التعارف والصداقة مع رجل أجنبي وذلك وسيلة إلى الفتنة والوقوع في الفاحشة، والطريق الأسلم هو أن الشاب إذا رأى أو علم فتاة تصلح لأن تكون زوجة له فإنه يسلك المسلك الشرعي وهو أولاً السؤال عنها وعن أهلها ثم النظرة الشرعية بوجود المحرم وما سوى ذلك يجر في الغالب الأعم إلى الفساد والشر.

رابعاً: إنشاء مدارس إسلامية مختلطة مع القدرة على الفصل بين الجنسين:

سبق أن بينت في (أولاً) أن الاختلاط محرم وبينت ما يترتب عليه من المفاسد وكيف أن المنظمات الدولية المشبوهة تحرص عليه، فما دام أن الفصل بين الجنسين ممكن ومتيسر فلا يجوز بحال من الأحوال أن تنشأ مدارس مختلطة اللهم إلا إذا كان في مرحلتي الروضة والتمهيد؛ فلا يجوز للمسلمين في الغرب أن يتساهلوا في هذا الموضوع بل يجب عليهم الاعتزاز بدينهم وبشخصيتهم الإسلامية.

وقد أثبتت مجموعة من الدراسات والأبحاث الميدانية التي أجريت في كل من ألمانيا وبريطانيا انخفاض مستوى ذكاء الطلاب في المدارس المختلطة واستمرار تدهور هذا المستوى. وقد ذكرت جهات بريطانية أن الحكومة البريطانية تقدم تشجيع المدارس الحكومية المختلطة على إجراء الدروس منفصلة للجنسين، من أجل تحسين مستويات التعليم لدى الصبيان.

كما حققت سبع مدارس فقط من بين 75 مدرة بريطانية أفضل النتائج خلال العام الأكاديمي 1992/1993م لأن هذه المدارس كانت غير مختلطة(11). كما طالبت الحركة النسائية في ألمانيا الغربية سابقاً بعودة التعليم غير المختلط؛ حيث الفتيات يتعلمن أفضل بدون وجود الذكور. وحسب دراسات أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية والسويد وألمانيا تبين أن اللاتي درسن في مدارس غير مختلطة أفضل من اللاتي درسن في مدارس مختلطة(12).

خامساً: الترخص في المصافحة بين الجنسين كجزء من الثقافة الأمريكية:

لما كانت المجتمعات الغربية ومنها الأمريكية قائمة على الفصل بين الدين والحياة فإنهم يعتبرون المصافحة بين الجنسين شيئاً عادياً لا إشكال فيه، وكثيراً ما يقع المسلمون هناك في حرج وضيق عندما يلتقي أحدهم بمن تدرس معه أو تعمل معه في مصنع واحد.

الأصل في المصافحة بين الجنسين الحرمة وذلك للأحاديث الصحيحة الصريحة التي وردت في هذا الفعل، منها:

ما رواه الشيخان في صحيحيهما أن عائشة – رضي الله عنها – قالت: لا والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة، أنه كان يبايعهن بالكلام. قالت عائشة: والله ما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء قط إلا بما أمر الله تعالى وما مست كف رسول الله صلى الله عليه وسلم كف امرأة قط وكان يقول لهن: “إذا أخذ عليهن قد بايعتكن كلاماً”(13).

وروى عن أسماء بنت زيد – رضي الله عنها – أنها قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وابنة عم لي لنبايعه فقال: “إني لا أصافح النساء”(14).

وروى الطبراني قول النبي صلى الله عليه وسلم: “لأن يطعن أحدهم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له”(15).

وعن عائشة – رضي الله عنها – قالت: “ما مس رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده امرأة قط إلا أن يأخذ عليها فإذا أخذ عليها فأعطته قال اذهبي فقد بايعتك”(16).

وقد استدل به بعض الناس على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ بأيديهن، إلا أن الإمام النووي يقول: هذا الاستثناء منقطع. وتقدير الكلام: ما مس امرأة قط لكن يأخذ عليها البيعة بالكلام، قال لها اذهبي فقد بايعتك. وهذا التقدير مصرح به في الرواية الأولى ولا بد منه والله أعلم(17).

هذا ولم يصح عن إمام من الأئمة قول أو فعل يفيد جواز المصافحة ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة إلا أن الحنفية وبعض الحنابلة يرخصون في مصافحة العجوز التي لا تشتهى لانقطاع الفتنة، واستدل بعضهم بما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصافح العجائز في البيعة ولا يصافح الشواب إلا أن عائشة – رضي الله عنها – أنكرت هذا الحديث وقالت من زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مس امرأة أجنبية فقد أعظم الفرية عليه(18).

فإذا قابل الطالب زميلته وأرادت أن تصافحه أو العامل زميلته في العمل فإنه يبادر إلى الاعتذار ويقول لها: إن ديني لا يسمح بمصافحة النساء الأجنبيات علماً أن كثيراً من الغربيين لا يحبذون المصافحة لخوفهم من الأمراض المعدية وقد شاهدت بنفسي في بريطانيا مع الرجال ناهيك عن النساء، فعلينا أن نعتز بشخصيتنا الإسلامية وبديننا الحنيف.

سادساً: النظر للمرأة للحاجة والتعليم:

قال ابن حجر في حديث الربيع بنت معوذ بن عفراء: قالت: جاء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل حين بُني علي فجلس على فراشي كمجلسك مني: قال الكرماني هو محمول على أن ذلك كان من وراء حجاب أو كان قبل نزول آية الحجاب أو جاز النظر للحاجة أو عند الأمن من الفتنة(19).

وهذا الذي ذكرناه في جميع هذه المسألة من تحريم النظر هو فيما إذا لم تكن حاجة أما إذا كانت حاجة شرعية فيجوز النظر كما في حالة البيع والشراء والتطبب والشهادة ونحو ذلك ولكن يحرم النظر في هذه الحال بشهوة فإن الحاجة تبيح النظر للحاجة إليه وأما الشهوة فلا حاجة إليها(20).

قال النووي وفي هذا دلالة لجواز ذكر مثل هذا للنصيحة وفيه استحباب النظر إلى وجه من يريد تزوجها مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة وسائر الكوفيين، وأحمد وجماهير العلماء وحكى القاضي عن قوم كراهته وهذا خطأ مخالف لصريح هذا الحديث ومخالف لإجماع الأمة على جواز النظر للحاجة عند البيع والشراء والشهادة ونحوها ثم إنه إنما يباح له النظر إلى وجهها وكفيها فقط(21).

قلت: الأصل عدم جواز النظر للمرأة الأجنبية ولو كانت دميمة غير مشتهاة سواء أكان النظر بشهوة أو بغير شهوة لعموم قول الله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ}، وقال البخاري: وقال سعيد بن أبي الحسن للحسن إن نساء العجم يكشفن صدورهن ورؤوسهن قال: اصرف بصرك عنهن. لكن يستثنى من ذلك حاجات ضرورية أو طارئة كالنظر بقصد الخطبة والنظر بقصد التعليم من غير زينة بالشروط الآتية:

1- أن يكون العلم الذي نتعلمه معتبراً شرعاً فيه صلاح الدين والدنيا.

2- وأن يكون في حدود اختصاصها كتعليمها أصول التمريض وفن الولادة.

3- وأن لا يخشى من النظر إلى وجهها فتنة.

4- وأن لا يترتب على التعليم خلوة.

5- وأن لا يوجد نساء يقمن بالتعليم مقام الرجال.

ولا شك أن الإسلام حين وضع هذه القيود… أراد تكوين مجتمع نظيف طاهر، لا تحوم حوله الشبه، ولا توجه إليه التهم – حتى تبقى الفتاة صينة طاهرة، لا تمتد إليها يد بإثم ولا تنظر إليها عين بخيانة. وصدق الله العظيم القائل: {ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب:59](22).

أما إذا وجدت المرأة التي تقوم بتعليم النساء أو وجدت الشبكات التلفازية التي يدرس الرجل من خلالها فلا يجوز النظر للمرأة بقصد التعليم.

أما نظرها إليه فقد اختلف الفقهاء في حكم نظر المرأة للرجال الأجانب على أقوال ثلاثة:

القول الأول:

أنه لا يجوز لها النظر من الرجل إلا إلى مثل ما ينظر إليه منها وهو رواية عن المالكية والأصح عند الشافعية ورواية في المذهب الحنبلي(23). استدلوا بما يلي:

1 – قال الله تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور:31].

وجه الدلالة: أن الله سبحانه وتعالى أمر المؤمنات بغض أبصارهن وحفظ فروجهن وقد أمر بذلك الرجال من قبل فتساووا في الحكم(24).

2 – عن أم سلمة – رضي الله عنها – قالت: كنت قاعدة عند النبي صلى الله عليه وسلم أنا وحفصة فاستأذن ابن أم مكتوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “احتجبن منه” فقلت: يا رسول الله إنه ضرير لا يبصر، قال: “أفعمياوان أنتما لا تبصرانه”(25). ففيه تحريم النظر إلى الرجل مطلقاً(26).

3 – أن النساء أحد نوعي الآدميين فحرم عليها النظر إلى النوع الآخر قياساً على الرجال ويحقق ذلك أن المعنى المحرم للنظر خوف الفتنة وهو في المرأة أبلغ فإنها أشد شهوة وأقل عقلاً فتسارع الفتنة إليها أكثر(27).

القول الثاني:

أنه يجوز النظر منه إلى ما ليس بعورة، وتحترز عند خوف الفتنة وهو المذهب عند الحنفية(28)، ورواية للمالكية(29)، ورواية للشافعية(30)، ورواية للحنابلة اختارها ابن قدامة(31). واستدلوا بالآتي:

أولاً: عن فاطمة بنت قيس – رضي الله عنها – أن زوجها – رضي الله عنه – طلقها البتة وهو غائب فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته فقال: والله ما على علينا من شيء فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: “ليس لك عليه نفقة”، فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك، ثم قال: “وتلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده..”(32).

ثانياً: عن عائشة – رضي الله عنها – كان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب فإما سألت النبي صلى الله عليه وسلم وإما قال: “تشتهين تنظرين” فقلت: نعم فأقامني وراءه خدي على خده وهو يقول: “دونكم يا بني أرفدة” حتى إذا مللت قال: “حسبك؟” قلت: عم، قال: “فاذهبي”(33).

وجه الاستدلال:

أنهم عند لعبهم يتحركون بشدة ومن المعلوم أنه سوف ينكشف منهم من أرجلهم وأذرعتهم ونحوه مما هو ليس بعورة اتفاقاً، ومع ذلك أجاز النبي لعائشة – رضي الله عنها – النظر إليهم.

ثالثاً: أن النساء كن يحضرن الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ولا بد أن يقع نظرهن إلى الرجال فلو لم يجز لم يؤمرن بحضور المسجد(34).

القول الثالث:

أنه كنظر الرجال إلى ذوات محارمهم وهو رواية للحنفية(35)، ورواية للمالكية(36)، ورواية للشافعية(37). واستدلوا بالآتي:

القياس على الخنثى فإنه لا ينكشف بين الرجال والنساء، ووجه ذلك أن حكم النظر عند اختلاف الجنس أغلظ؛ لذلك لا يباح للمرأة أن تغسل الرجل بعد موته، ولو كانت هي في النظر كالرجل لجاز لها أن تغسله بعد موته(38).

الترجيح:

والراجح هو القول الثاني لما يأتي:

أولاً: عموم قوله تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور:31]، فإن الآية تدل على أنه لا يجوز للمرأة التوسع في هذا الأمر مع الرجال؛ حيث إن ذلك مدعاة للفتنة، بل المرأة أشد افتتاناً بالرجل منه بها، فلما كان النظر هو أحد الطرق الموصلة إلى ذلك حرم على النساء مثل ما حرم على الرجال بل وأشد، فالنساء أضعف وأسرع تأثراً من الرجال، فإذا جاز النظر إلى أكثر من وجهه وما يظهر في الغالب كان في ذلك فتنة أعظم.

ثانياً: ما تقرر في الشرع من قاعدة سد الذرائع، فكل ما كان مقضياً وذريعة إلى الفساد والفتنة كان ممنوعاً شرعاً، ولا شك أن القول بجواز نظر المرأة من الرجل إلى ما ليس بعورة من أعظم الطرق المفضية إلى الفساد، وكون الرجال يمشون في الطرق والأسواق ولم تخاطبهم الشريعة النساء بوجوب غض البصر وهذا كان في إثبات الحكم وإن لم تخاطب الطرف الآخر بالاحتجاب.

ثالثاً: إن نظر المرأة إلى الرجال يعد من قبيل الحاجة، ولا شك أن نظر المرأة إلى وجه الرجل أو ما يظهر منه غالباً كان في دفع هذه الحاجة فيقتصر عليه، وما زاد يبقى على الأصل من وجوب غض البصر عنه.

سابعاً: زواج بعض المسلمات من حدثاء العهد بالإسلام وزواجهم بغير المسلمين بمجرد نطقهم الشهادتين:

أما زواج الشابة (المرأة المسلمة) بمسلم حديث عهد بالإسلام أو العكس، وقد يرتد أو ترتد بسبب حداثة عهدهما بالإسلام، فإن الأصل أن المرأة أو الرجل إن نطقا بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فقد دخلا في الإسلام ويدل عليه حديث أسامة قال له النبي صلى الله عليه وسلم: “أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله” وقال له: “ما تفعل بلا إله إلا الله يوم القيامة”(39).

وقال في حديث آخر: “أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإن قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله”(40).

لكن نقدم نصيحة لأبناء الأقليات المسلمة في الغرب من أن التحقق من إسلام من تقدم لبنتهم أمر لازم ويمكن معرفة ذلك بعدة أمور:

1- بالمحافظة على الصلوات وعلى شعائر الإسلام بصفة عامة.

2- حرصه على تعلم الدين الإسلامي واختلاطه بالمسلمين كما تفعل مع المسلم الأصلي ألسنا نتأكد من دينه وخلقه “من جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه”(41)، وحديث “تُنكح المرأة لأربع: لجمالها ولحسبها ولمالها ولدينها؛ فاظفر بذات الدين ترتب يداك”، وعند أحمد في المسند “فاظفر بذات الدين والخلق تربت يداك”(42).

ثامناً: سفر المرأة بدون محرم للحاجة:

قال الترمذي: وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لا تسافر المرأة مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم”، والعمل على هذا عند أهل العلم يكرهون للمرأة أن تسافر إلا مع ذي محرم واختلف أهل العلم في المرأة إذا كانت موسرة ولم يكن لها محرم هل تحجُّ فقال بعض أهل العلم لا يجب عليها الحج لأن المحرم من السبيل لقول الله – عز وجل -: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97]، فقالوا: إذا لم يكن لها محرم فلا تستطيع إليه سبيلاً وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة، وقال بعض أهل العلم إذا كان الطريق آمناً فإنها تخرج مع الناس في الحج وهو قول مالك والشافعي(43).

قال الشافعي – رحمه الله -: ونأمر المرأة ألا تخرج إلا مع محرم فإن لم يكن لها محرم أو كان فامتنع فإن كانت طريقها مأهولة وكانت مع نساء ثقات أو امرأة واحدة ثقة خرجت فحجَّت وقال وبلغنا عن عائشة وابن عمر وعروة مثل قولنا في أن تسافر المرأة للحج وإن لم يكن لها محرم.

قال الشيخ وفي حديث عدي بن حاتم عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يأتي عليك قليل حتى تخرج المرأة من الحيرة إلى مكة بغير خفير.

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا العباس الدوري ثنا عثمان بن عمر عن يونس عن الزهري عن عمرة أن عائشة أخبرت أن أبا سعيد يفتي أن المرأة لا تسافر إلا مع محرم فقالت ما كلهن من ذوات محرم(44).

وإنما نهيت عن السفر فيما لا يلزم واستدل على ذلك بخروجها في كل سفر يلزمها وذلك مثل خروجها إلى الحاكم فيما يلزمها من الحقوق والحدود وخروجها في سفر التغريب إذا زنت وهي بكر وغير ذلك(45).

وأخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك أنا عبد الله بن جعفر ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا بن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه في حجة الوداع: “إنما هي هذه ثم ظهور الحصر” قال: فكان كلهن يسافرن إلا زينب وسودة فإنهما قالتا لا تحركنا دابة بعد ما سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم تابعه صالح بن كيسان عن صالح بن نبهان ورويناه في أول الكتاب من حديث أبي واقد الليثي قال الشافعي – رحمه الله -: ومنع عمر بن الخطاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم الحج لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنما هي هذه الحجة ثم ظهور الحصر” قال الشيخ قد روينا في أول كتاب الحج في باب حج النساء عن عمر أنه أذن لهن في الحج في آخر حجة حجها وبعث معهن عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وفيه وفي حج سائر النساء دليل على أن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: “هذه ثم ظهور الحصر” أن لا يجب الحج إلا مرة واختار لهن ترك السفر بعد أداء الواجب(46).

واختلف أصحابنا في خروجها لحج التطوع وسفر الزيارة والتجارة ونحو ذلك من الأسفار التي ليست واجبة فقال بعضهم يجوز لها الخروج فيها مع نسوة ثقات كحجة الإسلام وقال الجمهور: لا يجوز إلا مع زوج أو محرم وهذا هو الصحيح للأحاديث الصحيحة وقد قال القاضي: واتفق العلماء على أنه ليس لها أن تخرج في غير الحج والعمرة إلا مع ذي محرم إلا الهجرة من دار الحرب فاتفقوا على أن عليها أن تهاجر منها إلى دار الإسلام وإن لم يكن معها محرم والفرق بينهما أن إقامتها في دار الكفر حرام إذا لم تستطع إظهار الدين وتخشى على دينها ونفسها وليس كذلك التأخر عن الحج(47).

تعليق:

وبعد عرض أقوال وآراء الفقهاء في هذه المسألة أرى والرأي هو ما يراه المجمع ورأي هو: بالنسبة للأقليات أو الجاليات المسلمة في البلدان غير الإسلامية ونظراً لحاجتهم للعلم والعلماء وقلة وجود العلماء وطلبة العلم في بلدانهم فإني أرى أن سفر المرأة لما يلزمها بدون محرم كطلب علم لازم لها أو حقوق لازمة لها كسؤال حاكم أو رفع دعوى أو مطالبة بحقوق وما شابهها كما قال البيهقي في معرفة السنن والآثار: “وذلك مثل خورجها إلى الحاكم فيما يلزمها من الحقوق والحدود وخروجها في سفر التغريب إذا زنت وهي بكر وغير ذلك” فإنه جائز في هذه الصور والحاجة والضرورة تقدران بقدرهما. أما في البلاد الإسلامية فالأمر يختلف لأن الحكم في الأقليات بني على الضرورة والحاجة ولا أتصور أن امرأة في بلد مسلم تحتاج للسفر بدون محرم إلا ما يلزمها من الحقوق والواجبات وغيرها وعلى كل حال يبقى الأصل أن السفر بدون محرم للمرأة لا يجوز ما دام يسمى سفراً أما ما نشاهده من سفر بعض نساء المسلمين وبناتهن للدراسة في الخارج بدون محرم للتنزه أو للتجارة فهذا ليس مما يلزمها فهو محرم ويبقى على الأصل في المنع.

المبحث الثاني: الترويح المباح حدوده وضوابطه:

أولاً: حقيقة الترويح وضوابطه:

1 – الترويح لغة واصطلاحاً: كلمة راح تفيد عدة معانٍ منها الراحة بعد التعب والعناء، والراحة من الغم والهم والفرح والسرور(48).

تعريف الترويح اصطلاحاً: عرف الترويح بتعريفات كثيرة من أهمها أنه: “نشاء بنَّاء ذو فائدة يمارسه الفرد باختياره الحر حسب قدراته وميوله، في وقت فراغه خارج مسؤولياته وعمله، بدافع داخلي يحقق له رضاءً مباشراً يجعله يحس تجدد النشاء والخلال من آثار جهود وأعباء الحياة”(49).

2 – المفهوم الإسلام للتربية الترويحية:

نشاط يختاره الفرد غالباً، يكون بعد تعب وجهد (معاناة جسدية) أو بعد هم وغم (معاناة نفسية) فيزيل التعب ويبدله إلى نشاط ويزيل الهم والغم ويبدله إلى فرح وسرور وهو مفيد للفرد إما عقلياً بالمعرفة وإما جسمانياً بالرياضة بأنواعها، وإما نفسياً بقيم الإيمان وإما يعلمه القيم الأخلاقية أو القيم الاجتماعية وهو منضبط بالضوابط الشرعية (أحكاماً وأخلاقاً) كما أنه تحقيق لعبودية الفرد لله تعالى وليس انقطاعاً عنها(50). فلا يجوز في الإسلام وقت مستقطع من حياة المسلم يكون فيه فاغراً فالتصور الإسلامي ينطلق من معنى أن الزمن ليس ملكاً للإنسان وإنما هو خَلْقُ الله ومُلْكه: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الزمر:62]، والإنسان مخلوق من أجل هدف عظيم هو عبادة الله تعالى. قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]، فالعمل في الإسلام هو كل جهد يحمل معنى العبادة وكل جهد لا يحمل معنى العبادة وقصدها فهو (لهو) و(شغل) و(باطل) في نظر الإسلام ولا يصح تسميته عملاً إلا تجاوزاً مع بيان أنه فاسد(51).

والإنسان مطالب باستفراغ وقته كله في عبادة الله، وهذا يعني أن العبادة اصطلاح شمولي قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه العبودية: “العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة وعلى هذا فلا يصح تصور وجود وقت مستقطع يفرغ فيه الإنسان من العبادة بوصفها التكليف الجامع لمختلف نشاطاته الحياتية”.

ثانياً: ضوابط الترويح في الإسلام:

1- يشترط في الممارسات الترويحية أن تكون من المباحات أو المندوبات أو الواجبات.

2- تصح المسابقة بغير عوض في الممارسات الترويحية.

3- لا يصح بَذْلك المال في المسابقات إلا تلك التي تكون على مهارات الحرب والقتال دون غيرها، ويلحق بها المسابقات العلمية كمسابقات حفظ القرآن الكريم وغيرها.

4- تصح المراهنة في المسابقات بعوض من أحد الجانبين ومن الإمام أو أجنبي، ومن كلا الجانبين ولا يشترط الملل بينهما.

5- لا يصح اختلاط الرجال بالنساء عند ممارسة الترويح.

6- يمنع ممارسة الترويح في أوقات الصلوات المفروضة والواجبات المفيدة.

7- كما يمنع تضييع الواجبات المتعلقة بذمة المسلم.

8- يجب مراعاة ستر العورة حين ممارسة الترويح.

9- يمنع التشبه بالكفار في اللباس أو تشبه الرجال بالنساء أو النساء بالرجال.

10- يمنع الاعتداء في الكلام على الآخرين بالسخرية والاستهزاء.

11- يمنع الاعتداء على الآخرين وإلحاق الضرر بهم في الممارسات الترويحية.

12- يراعى في النشاط الترويحي الاهتمام بالمشاركة الإيجابية والتفاعل وعدم السلبية والاكتفاء بالمشاهدة.

13- يشترط أن ينسق النشاط الترويحي مع الأهداف العليا للأمة الإسلامية(52).

ثالثاً: فرق الإنشاد الإسلامية:

من المعلوم أنه انتشر في الآونة الأخيرة استخدام الأناشيد الإسلامية وتكونت لها فرق واستخدمت أيضاً كمؤثرات صوتية في المسرحيات الإسلامية وأعمال التمثيل التي يقوم بها طلاب المدارس، وهذا يشدنا إلى مسألة استماع الأناشيد والخلاف فيه.

الخلاف في استماع الأناشيد أهون من غيره كالأغاني المصحوبة بالموسيقى؛ حيث إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان يحدون بين يديه، وكان له حداءة في السفر منهم عبد الله بن رواحة، وأنجشة، وعامر بن الأكوع – رضي الله عنهم –(53)، بل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ارتجز من الرجز وهو نوع من الشعر(54)، وهو يحفر الخندق ويقول:

اللهم لولا أنت ما اهتدينا *** ولا تصدقنا ولا صلينا

فأنزل سكينة علينا *** وثبت الأقدام إن لاقينا

أن الأولى قد بغوا علينا *** وإن أرادوا فتنة أبينا

ويرفع صوته صلى الله عليه وسلم “أبينا أبينا”(55).

وعن أنس – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحدى له في السفر، وأن أنجشة كان يحدو بالنساء، والبراء بن مالك – رضي الله عنه – يحدو بالرجال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا أنجشة، رويداً سوقك بالقوارير”(56).

قال ابن قدامة وأما الحداء فمباح لا بأس في فعله واستماعه وكذلك نشيد الأعراف، وسائر أنواع الإنشاد ما لم يخرج إلى حد الغناء(57).

قال ابن حجر العسقلاني: نقل ابن عبد البر الاتفاق على إباحة الحداء(58).

وبالرغم مما سبق من نصوص وأقوال للعلماء في هذا الشأن، إلا أنه لما كان النشيد في الوقت الحاضر مختلفاً عما سبقه من الحداء الذي وردت الشريعة بإقراره وجوازه، وهو كذلك مختلف إلى حد كبير عن الغناء الذي وردت الشريعة بتحريمه، فقد وقع النزاع فيه مع اتفاقهم على تحريمه ما كان مصحوباً بآلات لهو ومعازف، واختلفوا فيما إذا جرد عن ذلك على قولين:

القول الأول:

أنه مباح وجائز بشروط وهو قول أكثر أهل العلم المعاصرين، وممن قال بجوازه الشيخ محمد بن إبراهيم، وعبد العزيز بن باز وعبد الله بن قعود، وعبد الله بن غديان، ومحمد بن صالح العثيمين، وصالح اللحيدان، وسليمان الأشقر، وبه صدرت فتوى اللجنة الدائمة بالمملكة العربية السعودية(59). واستدلوا بأدلة كثيرة، منها:

1- مجيء جملة كبيرة من النصوص الصحيحة مع اختلاف دلالاتها على جواز إنشاد الشعر واستماعه ومن ذلك ما ورد ذكره من الأحاديث في مقدمة هذه المسألة من كونه صلى الله عليه وسلم كان يقرهم على حدائهم وكان يقول مثل قولهم وتارة يكون بشكل فردي وتارة بشكل جماعي، فهذه النصوص تدل دلالة واضحة صريحة على جواز مثل هذا العمل ومشروعيته، وهو لا يخالف الإنشاد الذي نحن بصدده فيلحق هذا الإنشاد بالحداء الذي رخص فيه بالارتجاز الذي أجازه النبي صلى الله عليه وسلم عند مزاولة الأعمال الشاقة(60).

2- أنه فيما إذا لم يصح الاستدلال على جواز تلك الأناشيد لا بالنفي ولا بالقياس فهي جارية على الأصل وهو الإباحة، ولا نعلم نصاً في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم يمنع من سماع الشعر أو تلحينه أو ترديده جماعياً أو فردياً(61).

3- أنه مع كون الأناشيد على الأصل، وعدم مخالفتها للشرع، إلا أنها تترتب عليها مصالح محققة تندفع بها مفاسد، ونحو هذا تقره الشريعة وتثبته، حيث جاءت الشريعة بتحصيل المصالح ودفع المفاسد(62).

القول الثاني:

التحريم والمنع، وهو قول لبعض العلماء كالشيخ محمد ناصر الدين الألباني، وصالح الفوزان، وصالح الأطرم، وحمود التويجري(63)، واستدلوا بأدلة كثيرة منها:

1- أن الأناشيد غناء وقد جاءت النصوص الصريحة بتحريم الغناء، ولا يستثنى من ذلك إلا ما قام الدليل على استثنائه كالحداء وحينئذٍ يقتص عليه قدراً ووقتاً وكيفية، كما أنه إذا ثبت كونه مستثنى من أصل عام، فإنه يمنع أن يقاس عليه غيره فلا يقاس النشيد على الحداء، ويبقى على الأصل وهو تحريم الغناء(64).

2- أن الأناشيد بدعة من الأمور المحدثة، وليس معروفاً عند السلف، حيث لم يرد عنهم إلا سماع القرآن فيكون ما سواه من السماعات محدثاً ومذموماً كما أن تلك الأناشيد أشبه بسماع الصوفية البدعي، سيما إذا كان يتقرب بها إلى الله(65).

المناقشة والترجيح:

قولهم إن الأناشيد غناء، هذا الكلام ليس دقيقاً لأن الحداء متمحضاً في معنى الغناء، وإن شابهه في بعض صوره؛ وذلك أن الغناء يطلق على رفع الصوت في الشعر وموالاته ويدخل فيه حينئذ الحداء، وهذا ليس محرماً بالاتفاق بل هو مباح، وإطلاق الغناء عليه على هذا النحو ليس على الوجه المحرم الممنوع فالاشتراك فيه لغة لا يعني الاشتراك في سائر أحكامه(66).

أما قولهم إن الأناشيد بدعة محدثة.. فيناقش بما يلي:

أ‌) أن السماع المحدث هو ما قصد فاعله به التقرب إلى الله كما هو الشأن عند الصوفية، والنشيد لا يقصد به التقرب إلى الله، ولم يدع ذلك أحد، وكونه يحدث في النفس حباً للطاعة، أو بغضاً للمعصية، فهذا لا يعني أنه اتخذ عبادة.

ب‌) أن سماع الصوفية ينكر؛ لأنه لا يخلو غالباً من معازف محرمة كما أنه يشتمل على عبارات لا يجوز نسبتها إلى الله تعالى، لاشتماله في الغالب على شركيات كما وقع في البردة، كما أنهم – أي الصوفية – يرون أن هذه الأناشيد قربة إلى الله، وهذا معتقد باطل فاسد، كما أن أناشيد الصوفية يختلط فيها الرجال بالنساء ويرقص الرجال والنساء ويقولون إن من رقص غفر له إلى آخر الممارسات الخاطئة فشتان ما بين هذين السماعين(67).

وبعد بيان أدلة الفريقين ومناقشة أدلة أصحاب القول الثاني يترجح القول الأول، وذلك للاعتبارات التالية:

أ‌) استقرار وجواز الحداء في الشريعة الإسلامية بنصوص صحيحة صريحة وليس في تلك النصوص ما يوجب قصرها على المواضع التي وردت فيها كما ذكر، فلا ينبغي أن يقيد بها وقتاً وكيفيةً وقدراً، إلا إذا ورد في السنة الصحيحة ما يقيد بمواضع أو بعدد أو بهيئة فإنه والحالة هذه يلزم التمسك بهذا التقييد.

ب‌) أن الشريعة أقرت الشعر الحسن ونهت عن الشعر القبيح والأناشيد لا تخلو في أصلها من مادة شعرية يشملها المعنى المذكور، إلا أن يصحبها شيء من الحداء، ولا أعلم دليلاً على تحريمه، فإذا اجتمع الشعر المباح مع ما لم يقم الدليل على تحريمه فإنه لا يلزم من ذلك تحريم ومنع.

وعليه فالراجح جواز تلك الأناشيد بالشروط والقيود الآتية:

1- ألا يتخذ ديدناً بحيث يحافظ على السماع صباحاً ومساءً، إنما بالقدر الذي يحصل به الترويح والترفيه، بدون إفراط ولا تفريط.

2- ألا يكون ذلك مصطحباً لآلات اللهو والمعازف المحرمة، وألا يكون بتطريب متكلف موزون على الأنغام الموسيقية، والأغاني الماجنة، لكن على الوجه اليسير المعتاد.

3- ألا يكون السامع قاصداً بذلك التقرب إلى الله، إذ هذا شأن الصوفية المبتدعة.

4- ألا يكون في الأناشيد معانٍ فاسدة أو دعوة إلى أفكار باطلة كالدعوة إلى الوطنية والقومية والحزبية، بل الهدف أن تكون الأبيات داعية إلى الخير.

5- ألا يكون القائمون بذلك فرقاً تؤجر وتحضر إلى الحفلات والمناسبات لأداء هذه الأناشيد على نحو الفرق الموسيقية.

6- ألا يعتقد القائمون بهذه الأناشيد أنها طريقة من طرق الوعظ غاية ما فيها أنها سبيل للترويح المباح، وألا يقصد الإنشاد في أماكن وأوقات يعتقد فضلها كيوم المولد النبوي، أو ليلة النصف من شعبان ونحو ذلك.

وفي الختام لا بأس باستعمال تلك الأناشيد كمؤثر صوتي للعمل التمثيلي، حيث يمكن اعتبار الشروط السابقة، ولو اكتفي بالأصوات الطبيعية كضرب السيوف وصهيل الخيول أو بتلاوة آية من كتاب الله تناسب الحدث المعروض، أو قرئ حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل نفس المعنى، وهكذا(68).

وأما استخدام بعض المعازف أو وجود بعض المشاهد المنكرة في بعض البدائع الإعلامية الإسلامية؛ فالقول فيه أنه قد ثبت النهي عن الاستماع إلى الموسيقى والغناء الخليع، فقد روى البخاري في صحيحه برقم (5268) قال: (وقال هشام بن عمار حدثنا صدقة ابن خالد، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، حدثنا عطية بن قيس الطلابي، حدثنا عبد الرحمن ببن غنم الأشعري، قال: حدثني أبو عامر وأبو مالك الأشعري، والله ما كذبني، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر، والحرير، والخمر، والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم بروح بسارحة لهم يأتيهم يعني الفقير لحاجة فيقولون ارجع إلينا غداً، فيبيتهم الله ويضع العلم ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة”.

قال ابن القيم في إغاثة اللهفان ووجه الدلالة منه: “أن المعازف وهي آلات اللهو كلها، لا خلاف بين أهل اللغة في ذلك، ولو كانت حلالاً لما ذمهم على استحلالها، ولما قرر استحلالها باستحلال الخمر”(69).

وأما مخالفة ابن حزم فقد عدها العلماء خرقاً للإجماع؛ لأنه – رحمه الله – توهم وجود انقطاع في الإسناد بين الإمام البخاري وهشام بن عمار، فتوهم عدم ثبوت الحديث، وغفل الإمام ابن حزم عن أن هشام بن عمار هو شيخ البخاري، وأن الإمام البخاري قد لقيه وسمع منه، كما غفل الإمام ابن حزم – أيضاً – عن الطرق الأخرى المسندة المتصلة الصحيحة لهذا الحديث، وقد تتابع جمهور أهل العلم على ذكره هذه الطرق الصحيحة لهذا الحديث، وقد تتابع جمهور أهل العلم على ذكر هذه الطرق الصحيحة المتصلة لهذا الحديث، بحيث تحقق صحة الحديث قطعاً، بفضل الله تعالى(70).

ولا يخفى على كل ذي عقل وبصيرة ما في الاستماع إلى هذه المحرمات من أثر على أخلاق الولد ومن جره إلى الترهل والفجور والمنكر، ومن انزلاقه إلى متاهات الشهوات والملذات.

المبحث الثالث: حكم تهنئة الكافرين بأعيادهم وشهودها والمشاركة فيها:

إذا كانت التهنئة في الأمور المشتركة كزواج، أو قدوم مولود، أو غائب، أو عافية ونحوها، لم أر أحداً صرح بالمنع إلا رواية عن الإمام أحمد ولكن لما جازت تهنئتهم، والأصل في عيادة مرضى الكفار ما رواه البخاري وغيره: (أنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم يهودي يخدمه فمرض فأتاه فعاده…)(71).

قال ابن حجر: (وفي الحديث جواز عيادة المشرك إذا مرض)(72).

وقد عاد النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً عمه أبا طالب في مرض وفاته، وعرض عليه الإسلام(73).

كل ذلك دل على جواز عيادة مرضى المشركين؛ لأنها نوع من البر، وهي من محاسن الإسلام ولا بأس بها(74).

ما دام أن عيادتهم جائزة فتهنئتهم في الأمور المشتركة جائزة من باب أولى.

قال ابن القيم: ولكن فليحذر الوقوع في الألفاظ التي تدل على رضاه بدينه، مثل (أعزك الله) وما قاربها.

أما إن كانت التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول: (عيد مبارك)، فهذا من المحرمات عند أكثر الفقهاء.

وأما إن بلي الرجل بذلك، فتعاطاه دفعاً لشر يتوقعه منه فمشى إليهم ولم يقل إلا خيراً، ودعا لهم بالتوفيق والسداد فلا بأس) قاله ابن القيم(75).

ومما لا شك فيه أن القضية مهمة وحساسة، خاصة للمسلمين المقيمين في بلاد الغرب، أرى أن ينطبق عليهم ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم..: “لو أن مسلماً بدار حرب أو بدار كفر غير حرب – قلت كالأقليات المسلمة في الغرب وغيرها – لم يكن مأموراً بالمخالفة لهم في الهدي الظاهر، لما عليه في ذلك من الضرر. بل قد يستحب للرجل أو يجب عليه أن يشاركهم أحياناً في هديهم الظاهر، إذا كان في ذلك مصلحة دينية، من دعوتهم إلى الدين ونحو ذلك من المقاصد الصالحة”(76)، وبالتالي فلا مانع إذن أن يهنئهم الفرد المسلم، أو المركب الإسلامي بهذه المناسبة، مشافهة أو بالبطاقات التي لا تشتمل على شعار أو عبارات دينية تتعارض مع مبادئ الإسلام مثل الصليب، فإن الإسلام ينفي فكرة الصليب ذاتها، قال الله تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء:157].

والكلمات المعتادة للتهنئة في مثل هذه المناسبات لا تشتمل على إقرار لهم على دينهم، أو رضا بذلك، إنما هي كلمات مجاملة تعارفها الناس.

ولا مانع من قبول الهدايا منهم، ومكافأتهم عليها فقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم هدايا غير المسلمين مثل المقوقس عظيم القبط بمصر وغيره، بشرط ألا تكون هذه الهدايا مما يحرم على المسلم كالخمر ولحم الخنزير(77).

أما شهود أعيادهم ومشاركتهم فيها فلا يجوز للمسلم ممالأة الكفار على أعيادهم، ولا مساعدتهم، ولا الحضور معهم باتفاق أهل العلم؛ لأنهم على منكر وزور، وإذا خالط أهل المعروف أهل المنكر بغير الإنكار عليهم كانوا كالراضين المؤثرين له، فيخشى من نزول سخط الله على جماعتهم فيعم الجميع(78).

وقد روى البيهقي أيضاً بإسناد صحيح عن عمر – رضي الله عنه – أنه قال: “لا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم، فإن السخطة (اللعة) تنزل عليهم.

وروى البيهقي أيضاً بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنه – قوله: “من بنى ببلاد الأعاجم ووضع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم”.

ويمكن أيضاً أن يستدل على حرمة شهود أعيادهم وما يحدث فيها بشعائر كفرية بقوله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء:140].

قال القرطبي: فدل بها على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم، والرضا بالكفر كفر، فكل من جلس في مجلس معصية، ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء، وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها، فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية(79).

ومن هنا أجمع العلماء على حرمة أن يباع لهم شيء من مصلحة دينهم في يوم عيدهم، أو الإهداء إليهم(80).

ومن هنا فإن شهود أعيادهم ومشاركتهم فيها من الكبائر الموجبة للعقاب؛ لأن ما يفعلونه في أعيادهم معصية لله، ولأن مشابهتهم في أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل، ثم إن مشاركة في الهدي الظاهر توجب أيضاً مناسبة وائتلافاً واكتساب أخلاقهم ونوع مودة ومحبة فحرم ذلك؛ سداً لذريعة الشرك ومنعاً للتشبه بالكفار(81).

أما إذا ترتب على عدم الحضور في هذه المناسبات الدينية ضرر كأن يكون زعيم حزب أو مفتي أو ذا وجاهة اجتماعية فالحضور جائز من باب ارتكاب أخف الضررين وأهون الشرين، وهذا من القواعد الشرعية المقررة: دفع الضرر الأعلى بتحمل ضرر أدنى.

ويقرب من ذلك: أن يرجو مصلحة كبيرة بقبوله الدعوة، مثل رجاء قبول الإسلام من بعض الحاضرين أو إحساسه ببداية انعطافهم نحو الدين، ويخشى أن تضيع هذه الفرصة، إذا أوحش قلب الداعي، والأولى بل الواجب ألا يحضر المسلم أي مناسبة إذا كان يوجد خمر أو خنزير أو نحو ذلك مما يحرمه الإسلام قطعاً، لكن إذا ترتب على ذلك ضرر وجب الحضور من باب ارتكاب أخف الضررين وأهون الشرين.

وهناك قضية محل نزاع بين بعض طلبة العلم وهي التظاهر أمام السفارات وفي الميادين العامة مناصرة لقضية عامة كقضية فلسطين والعراق هل هذا الفعل مباح أم محرم.

هناك رأيان في هذه القضية:

الرأي الأول:

يرى حرمة هذا الفعل لأنه من الوسائل البدعية التي لم تعرف عن سلف هذه الأمة، قال صلى الله عليه وسلم: “من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد”، ولأن هذه المظاهرات تصحبها أعمال عنف وقد تؤدي إلى قتل وجرح بعض المتظاهرين، والضرر يزال في الشريعة الإسلامية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا ضرر ولا ضرار”.

الرأي الثاني:

جواز هذه المظاهرات طالما أنها ضمن القوانين المرعية ولا يصحبها عنف ولا أرى أن على المسلم حرج أن يشارك فيها باعتباره مواطناً أو مقيماً في هذه الديار وهذه من العادات التي لا أعتقد أنها محرمة إلا إذا صحبتها محرمات كالاختلاط أو التعدي على الممتلكات العامة وما إلى ذلك.

وأما المشاركة في الأعياد الاجتماعية كعيد الحب وعيد الأم وعيد الميلاد ونحوه، فهذا لا يجوز أيضاً لأنها مرتبطة بأمور دينية كعيد الميلاد أو اجتماعية خاصة بهم كعيد الحب وعيد الأم وليس عندنا في الإسلام إلا عيدان عيد الفطر وعيد الأضحى، وأقل ما فيها إنها أعياد بدعية.

وأما الاحتفال بالأعياد الوطنية مثل عيد الاستقلال أو الوحدة فلا أرى أن هناك حرجاً على المسلم أن يهنأ بها، بل يشارك فيها، باعتباره مواطناً أو مقيماً في هذه الديار على أن تجتنب المحرمات التي تقع في هذه المناسبات(82).

المبحث الرابع: حق الآباء في الرقابة على الناشئة عبر وسائل الاتصالات في ديار الغرب:

التربية الخلقية مهمة والمقصود بها مجموعة المبادئ الخلقية والفضائل السلوكية والوجدانية التي يجب أن يتلقنها الطفل ويكتسبها ويعتاد عليها منذ تمييزه وتعقله إلى أن يصبح مكلقاً إلى أن يتدرج شاباً إلى أن يخوض خضم الحياة.

ومما لا شك فيه، ولا جدال معه أن الفضائل الخلقية والسلوكية والوجدانية هي ثمرة من ثمرات الإيمان الراسخ، والتنشئة الدينية الصحيحة، ومما لا شك فيه أيضاً أن لكل أمة ثقافتها وشخصيتها المتميزة، فالغربيون أو فلنقل بعضهم يرون أن تدخل الآباء في الرقابة على الناشئة من خلال الرسائل والمكالمات يتعارض مع الخصوصية التي تنتجها ثقافة هذه المجتمعات ولكن المسلمين يرون أن ذلك من التربية الخلقية القويمة ويرون أن التقيد بالأخلاق والسلوك والعادات والتقاليد واجب شرعي؛ لأن فقدانها يؤدي إلى فقدان الذات، وذوبان الشخصية، وهزيمة الروح والإرادة، فكيف إذن يجمع المسلمون بين التزامهم بأخلاقهم وآدابهم وعدم انتهاك الخصوصية التي تراها تلك المجتمعات، إن الجواب على هذا السؤال في غاية الصعوبة ولكن يمكن أن يقال أن عقلاء الغربيين وغيرهم يرون أن الأخلاق مهمة في بناء الأمم وإليك طائفة من آرائهم وتوجيهاتهم: قال الفيلسوف الألماني (فيخته): (الأخلاق من غير دين عبث).

قال الزعيم الهندي المعروف (غاندي): (إن الدين ومكارم الأخلاق هما شيء واحد لا يقبلان الانفصال، ولا يفترق بعضها عن بعض، فهما وحدة لا تتجزأ… إن الدين كالروح للأخلاق، والأخلاق كالجو للروح، وبعبارة أخرى الدين يغذي الأخلاق، وينميها وينعشها، كما أن الماء يغذي الزرع وينميه).

وقال القاضي البريطاني (ديننج) معقباً على فضائح وزير بريطاني سابق في علاقة خلقية: (بدون الدين لا يمكن أن تكون هناك أخلاق، وبدون أخلاق لا يمكن أن يكون هناك قانون!!.. الدين هو المصدر الفذ المعصوم الذي يعرف منه حسن الأخلاق من قبيحها، والدين هو الذي يحد من أنانية الفرد ويكفكف من طغيان غرائزه وسيطرة عادات ويخضعها لأهدافه ومثله، ويربي فيه الضمير الحي الذي على أساسه يرتفع صرح الأخلاق(83).

ومن جهة أخرى يمكن للمسلم أن يراقب أبناءه بطريقة إرشادية توجيهية تجتنب صيغة الأوامر والنواهي وصدق الله إذ يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، ويقول صلى الله عليه السلام: “إذا أمرتك بأمر فأتوا منه ما استطعتم”.

المبحث الخامس: اللباس والزينة حدوده وضوابطه في ديار الغرب:

اللباس من النعم التي أنعم الله بها على عباده، يقول الله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأعراف:26]. وسوف أتناول بعض الأمور المهمة التي تهم الجاليات في الغرب وهي:

أولاً: قصات الشعر للناشئة:

تشاهد أن بعض شباب المسلمين في الغرب وغيره قد انساقوا وراء التقليد الأعمى، وظنوا أن التشبه بغيرهم آية النهوض فقلد الغربيين في كثير من الأمور ومنها قصات الشعر التي تقص بطريقة فيها تشبه وتقليد فأحياناً تجد الشاب قد رتب شعره بطريقة تشبه النساء والعكس كذلك وهذا الأسلوب محرم؛ لأن فيه تشبهاً وتقليداً لغير المسلمين، وديننا قد حذر من التشبه والتقليد الأعمى في السلوك والعادات والتقاليد لكونها تؤدي إلى فقدان الذات، وذوبان الشخصية وهزيمة الروح والإرادة، ونكسة الفضيلة والأخلاق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من تشبه بقوم فهو منهم”(84)، فإن هذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه وإن كان ظاهره يقتضي كفر من تشبه به(85)، ولكن ظاهر لا يعمل به.

وجاء في رسالة عمر – رضي الله عنه – إلى أهالي أذربيجان: “إياكم والتنعم وزي أهل الشرك…”(86)، فيجب توعية شبابنا وشاباتنا في الغرب وغيره أن يلتزموا بالإسلام قولاً وفعلاً حتى تبقى لهم شخصيتهم الإسلامية المتميزة.

ثانياً: لبس البنطال للنساء والمكياج الخفيف للمرأة عند الرجال الأجانب:

الأصل في اللباس أن يكون ساتراً لما يجب ستره موارياً للعورة والسوءة، وما تعارف الناس على إخفائه، غير أننا نجد الآن أنواعاً من الرداء قد انتشرت في صفوفنا وظهرت وتعورف على لباسها، فبعضها طويل مغلق لا توجد به شقوق لكنه شفاف يظهر ما تحته وقد يكون ساتراً ولكنه ضيق وهو البنطال الضيق ضيقاً شديداً، وهو عدة أصناف أشهرها ما يسمى بالجينز وكلها في العموم تصف حجم الجسم وتظهر أعضاءه، وكأن الناظر إلى من يرتدي يرى جسداً عارياً غير أنه ملون حسب ذلك اللباس، وهذا أحد معاني “كاسيات عاريات”(87) الثابت في الحديث النبوي الكريم.

وتحتج بعض النسوة أن هذا النوع من اللباس قد عرف فعلاً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فهل ما ذهبت إليه هؤلاء النسوة صحيح؟! إن المتتبع لكتب السنة يجد أن ما يشبه هذا اللباس قد عرف فعلاً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأقر، غير أن ما أقر كان يشبه هذا اللباس في الشكل العام لكنه يختلف عنه كلية من حيث الحجم والهدف من اللبس وذلك اللباس الذي عرف هو السروال وهو واسع الحجم كثيراً، وقد كانت المسلمة ترتديه تحت لباسها الظاهر للعيان مبالغة منها في التحشم والتستر، وكان السروال مخفياً لا يبدو للعيان، إلا إن تعرضت المرأة لكشف ساقيها ونحوهما عند التعرض لسقوط وغيره، كما ورد في الحديث الذي رواه علي – رضي الله عنه – حيث قال: “كنت قاعداً مع النبي صلى الله عليه وسلم عند البقيع – يعني بقيع الغرقد – في يوم مطر، فمرت امرأة على حمار ومعها مطار(88)، فمرت في وهدة(89) من الأرض فسقطت، فأعرض عنها بوجهه” فقالوا: “يا رسول الله إنها متسرولة” فقال: “اللهم اغفر للمتسرولات من أمتي”(90).

والبنطال – اليوم – يلبس بحيث يكون هو الظاهر للعيان، ولذا أرى أن يمنع ما كان منه محدداً لشكل الجسم بوصف ما تحته، لأن قول النبي صلى الله عليه وسلم: “كاسيات عاريات” قد فسر بأن عليهن كسوة لا تفي بالستر الواجب لقصرها أو خفتها أو ضيقها، فالضيقة ساترة عن الرؤية، غير أنها تبدي مفاتن المرأة، فلبس هذا ما وصفه لا يجوز إلا لمن يجوز إبداء العورة له، والضيق لا يجوز عند محرم ولا عند النساء(91) إن كان ضيقه شديداً يبين المفاتن وقد منعه (البنطال) البعض لما فيه من التشبه بالرجال.

وقد أفتت اللجنة الدائمة في هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية بما يلي: ليس للمرأة أن تلبس الثياب الضيقة لما في ذلك من تحديد جسمها، وذلك مثار للفتنة والغالب في البنطلون أنه ضيق يحدد أجزاء البدن التي يحيط بها ويسترها، كما أنه قد يكون في لبس البنطلون تشبه من النساء بالرجال…”(92).

المرأة منهية عن إبداء الزينة للرجال الأجانب، قال جل شأنه: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} فقد دلت الآية على حرمة إبداء المرأة زينتها أمام الأجانب خشية الافتتان والزينة في الأصل اسم لكل ما تتزين به المرأة وتتجمل من أنواع الثياب والحلي… إلخ، وغيرها ثم قد تطلق على ما هو أهم وأشمل من أعضاء البدن ومن ذلك المكياج لأنه قول المجيزين لكشف الوجه والكفين لا يجوز للمرأة أن تضع على وجهها شيئاً من الأصباغ والمساحيق بقصد التجميل وتظهر به أمام الرجال الأجانب في الطرقات(93).

وأما المكياج الخفيف أو ما يسمى بأصل المكياج فلعله جائز لأنه شبيه بالحلي والثياب باعتباره شيئاً طبيعياً والله أعلم وأعلى.

ثالثاً: لبس الأسورة والحلق والعقد للناشئة من الذكور:

أراد الإسلام أن تكون طبيعة المرأة متميزة وأن يكون مظهرها صورة صادقة لهذه الطبيعة – كما أراد ذلك للرجل – فنهى كلاً منهما أن يتشبه بالآخر وحرم عليه ذلك، وسواء أكان التشبه في اللباس أم الكلام أم الحركة أو غير ذلك. وعن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: “لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال”(94).

وعن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: “لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين(95) من الرجال والمترجلات(96) من النساء”(97)، وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: “لعن رسول الله الرجل يلبس لبس المرأة والمرأة تلبس لبس الرجال”(98).

الخاتمة:

بعد تجوال سريع في النوازل الاجتماعية الناشئة عن إقامة المسلمين في الغرب يمكننا أن نتوصل إلى نتائج كثيرة من أبرزها:

1- لا يجوز الاختلاط بين الجنسين في مكان واحد كمكتب أو فصل لأنه لا يمكن غض النظر، والشرع لا يكلف بما لا يطاق فعلم من هذا أن الفصل بين الجنسين واجب وأن اختلاط محرم ولكن لا بأس أن يكون الرجال في الأمام والنساء في الخلف ولكل منهم مخرج، ولو تم الفصل الكامل بين الرجال والنساء في المناسبات لكان أولى وأفضل.

2- لا يجوز تبادل المشاعر العاطفية بين الجنسين لأنه محرم ووسيلة إلى الفتنة والوقوع في الفاحشة ولا بأس بالتحدث مع المرأة الأجنبية للحاجة شريطة ألا تخضع بالقول.

3- لا يجوز الجمع بين الناشئة من الجنسين لغاية التعارف بهدف الزواج لأن ذلك وسيلة إلى الفتنة والوقوع في الفاحشة.

4- لا يجوز إنشاء مدارس إسلامية مختلطة مع القدرة على الفصل بين الجنسين لما يترتب عليه من المفاسد العظيمة.

5- لا يجوز مصافحة المرأة الأجنبية باتفاق علماء الأمة.

6- يجوز النظر للمرأة للحاجة كالتعليم بشروط من أهمها عدم وجود النساء اللائي يقمن بتعليم المرأة.

7- الأصل أنه لا يجوز سفر المرأة بدون محرم لكن إذا خرجت المرأة لما يلزمها في بلدان الأقليات كطلب العلم اللازم لها أو حقوق لازمة لها كسؤال حاكم أو رفع دعوى أو مطالبة بحقوق فإن ذلك جائز وتقدر الضرورة بقدرها.

8- الترويح جائز في الإسلام بشرط الالتزام بالضوابط الشرعية المعروفة.

9- الأصل جواز الأناشيد بشرط ألا تشتمل على محرم فإن اشتملت على محرم كالموسيقى والاختلاط والمجون فهي حرام.

10- يجوز تهنئة غير المسلمين في الأمور المشتركة كالزواج أو قدوم المولود بالاتفاق أما إذا كانت التهنئة بالشعائر المختصة بغير المسلمين فالأصل عدم الجواز، أما بالنسبة للمسلمين المقيمين في بلاد الغرب فلا بأس بتهنئة غير المسلمين شريطة ألا تشتمل هذه التهنئة على إقرار لهم على دينهم أو رضا بذلك وإنما تستخدم كلمات عامة وذلك لأن المسلم في ديار الكفر غير مأمور بالمخالفة لهم في الهدي الظاهر لما يترتب عليه من أضرار.

11- يحق للآباء الرقابة على الناشئة بطريقة لا تشتمل على الأوامر والنواهي؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، وهذه هي طاقتهم.

12- لا يجوز للمرأة أن تلبس البنطال لأنه يظهر مفاتن المرأة كما أنه مضر من الناحية الصحية.

13- لا يجوز لبس الأسورة والحلق للناشئة من الذكور لأن في ذلك تشبهاً بالنساء وهو محرم للنصوص الصريحة الصحيحة.

والله ولي التوفيق.

_________________

(1)     أخرجه الإمام أحمد في المسند (1/18، 26)، والترمذي في السنن (4/467) برقم (2165)، والنسائي في الكبرى (5/387-389) برقم (9219-9226) وإسناده صحيح.

(2)     صناعة الفتاوى وفقه الأقليات للشيخ عبد الله بن بيه ص(398، 399) جدة، دار المنهاج، 1428هـ/2007م.

(3)     انظر: من سنن التأويل للقاسمي ص(12).

(4)     انظر: روائع البيان تفسير آيات الأحكام للصابوني (2/161)، بيروت، عالم الكتب، 1406هـ/1986م.

(5)     أخرجه أحمد في المسند (5/353)، وأبو داود في السنن، كتاب النكاح، باب ما يؤمر به من غض النظر برقم (2149)، والترمذي في الأدب، باب ما جاء في نظرة الفجأة برقم (2777)، والحديث حسنه الترمذي، وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي المستدرك (2/212).

(6)     انظر: في حرمة الاختلاط فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (17/231) وما بعدها طبع مؤسسة الأميرة العنود بنت عبد العزيز بن مساعد بن جلوي آل سعود الخيري ط4/1423/2002م، وتربية الأولاد في الإسلام لعبد الله ناصح علوان (1/213) دار السلام للطباعة بالقاهرة ط49-1426/2005م.

(7)     قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي المنبثق من منظمة المؤتمر الإسلامي للدورات (1/13) من 1406 حتى 1423 ص(390) قطر، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، 2002م.

(8)     انظر: العدوان على المرأة في المؤتمرات الدولية تأليف فؤاد بن عبد الكريم العبد الكريم ص(225) مجلة البيان، 1426/2005م، الرياض.

(9)     حاشية العدوي لعلي الصعيدي المالكي (1/366) بيروت، دار الفكر، 1412هـ، وحلية العلماء للشاش القفال (2/113) تحقيق د. ياسين أحمد، دار دكة بيروت، مؤسسة الرسالة، 1400هـ.

(10)   انظر: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (17/67، 68).

(11)   العدوان على المرأة في المؤتمرات الدولية للدكتور فهد العبد الكريم ص(237).

(12)   مجلة المجتمع الكويتية العدد 916 بتاريخ 29/7/1411هـ.

(13)   البخاري ح5 ص(2025)، ومسلم ح3 ص(1489)، وصحيح ابن حبان (1393).

(14)   التمهيد لابن عبد البر (12/244).

(15)   قال المنذري في الترغيب (3/39) رجاله رجال الصحيح.

(16)   صحيح مسلم (3/1489).

(17)   النووي على صحيح مسلم (13/11) مطبوع مع صحيح مسلم، تحقيق محمد عبد الباقي ط2، 1392، بيروت، دار إحياء التراث العربي.

(18)   المبسوط للسرخسي (10/154) بيروت، دار المعرفة 1406هـ.

(19)   فتح الباري ج9 ص(203).

(20)   شرح النووي، على صحيح مسلم ج4 ص(31).

(21)   شرح النووي على صحيح مسلم ج9 ص(210).

(22)   تربية الأولاد في الإسلام (2/402).

(23)   انظر: القوانين الفقهية لابن جزي ص(294)، والوسيط للغزالي (5/36)، تحقيق: أحمد محمود إبراهيم، ومحمد محمد تامر. القاهرة، دار السلام، 1417هـ، والمغني لابن قدامة (7/81).

(24)   المغني لابن قدامة (7/81).

(25)   أخرجه أحمد في المسند (6/296)، وأبو داود في السنن، كتاب اللباس، باب قوله عز وجل: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ} برقم (4112)، والترمذي في السنن، كتاب الأدب، باب ما جاء في احتجاب النساء من الرجال برقم (2778)، والنسائي في الكبرى (5/393)، قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وقال الحافظ إلى تصحيحه في التلخيص (3/148).

(26)   تحفة الأحوذي (8/51) للمباركفوري، بيروت، دار الكتب العلمية، د.ت.

(27)   المغني (7/81).

(28)   المبسوط (10/148) لشمس الدين السرخسي، بيروت، دار المعرفة، 1414هـ، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق لعبد الله أحمد النسفي (6/18)، بيروت، دار الكتب العلمية، 1420هـ، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين الكاساني (5/122)، ط2، بيروت، دار الكتاب العربي، 1982م.

(29)   التاج والإكليل لمحمد بن يوسف بن أبي القاسم العبدري (1/501)، ط2، بيروت، دار الفكر، 1398هـ.

(30)   الوسيط لمحمد بن محمد بن محمد الغزالي، تحقيق أحمد محمود إبراهيم ومحمد محمد تامر (5/36، 37)، القاهرة، دار السلام، 1417هـ، وروضة الطالبين ليحيى بن شرف النووي (7/25)، ط2، بيروت، المكتب الإسلامي، 1405هـ، والسراج الوهاج لمحمد الزهري الغمراوي ص(361)، بيروت، دار المعرفة، د.ت.

(31)   المغني (7/80، 81).

(32)   أخرجه مسلم في الطلاق، باب المطلقة ثلاثاً لا نفقة لها (1480).

(33)   أخرجه النسائي في صلاة العيدين، باب اللعب بين يدي الإمام يوم العيد (3/195)، وإسناده صحيح.

(34)   تحفة الأحوذي لمحمد عبد الرحمن المباركفوري (8/51)، بيروت، دار الكتب العلمية.

(35)   المبسوط لشمس الدين السرخسي (10/148)، بيروت، دار المعرفة، 1414هـ، والهداية لعلي بن أبي بكر بن عبد الجليل المرغيناني (4/85)، بيروت، المكتبة الإسلامية، وحاشية ابن عابدين (6/271).

(36)   التاج والإكليل (1/601)، والقوانين الفقهية لمحمد بن أحمد بن جزي الكلبي الغرناطي، تحقيق يوسف الشيخ محمد البقاعي ص(294).

(37)   الوسيط (5/37)، وروضة الطالبين (8/25).

(38)   المبسوط (10/148)، والهداية (4/85)، وحاشية ابن عابدين (6/361).

(39)   أخرجه البخاري في الصحيح، باب بعثة النبي صلى الله عليه وسلم أسامة برقم (421).

(40)   أخرجه البخاري في الصحيح، كتاب الإيمان، باب فإن تابوا وأقاموا الصلاة، حديث رقم (25).

(41)   أخرجه ابن ماجه في السنن، كتاب النكاح، باب الأكفاء برقم (1967)، والحاكم في المستدرك، كتاب النكاح برقم (2595).

(42)   أخرجه الترمذي في كتاب النكاح، باب إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه برقم (1184).

(43)   سنن الترمذي 3/ ص(472)، السنن الصغرى (نسخة الأعظمي) ج3 ص(494).

(44)   سنن البيهقي الكبرى ج5 ص(226).

(45)   قال البيهقي في معرفة السنن والآثار ج4 ص(252).

(46)   قال البيهقي في سنن البيهقي الكبرى ج5 ص(223).

(47)   قال النووي: شرح النووي على صحيح مسلم ج9 ص(103).

(48)   انظر في هذا المعنى لسان العرب لابن منظور، باب الراء (5/355-365)، والقاموس المحيط للفيروز آبادي، باب الحاء، فصل الراء (1/231)، والتربية الترويحية في الإسلام أحكامها وضوابطها الشرعية ص(32)، الأردن دار النفائس 1420/2000م.

(49)   الترويح في المجتمع الإسلامي – رسالة الإسلامي – للدكتور محمد محمد فضالي ص(46) ديسمبر 1986م.

(50)   التربية الترويحية في الإسلام ص(40).

(51)   التربية الترويحية في الإسلام ص(39).

(52)   التربية الروحية في الإسلام 139، 140، وانظر: الترويح التربوي – رؤية إسلامية لخالد بن فهد العودة من ص(57 إلى ص82). ومن أراد المزيد فلينظر أيضاً التربية الروحية في الإسلام من ص(96 حتى 140).

(53)   زاد المعاد لابن القيم (1/128) ط الرسالة، بيروت.

(54)   مختار الصحاح للرازي ص(99) ت محمود خاطر، بيروت، مكتبة لبنان 1415هـ.

(55)   أخرجه البخاري في الصحيح كتاب المغازي، باب غزو الخندق – الأحزاب، رقم (4104)، ومسلم في الجهاد والسير، باب غزوة الأحزاب (1803).

(56)   أخرجه البخاري في الأدب، باب ما يجوز من الشعر برقم (6149)، ومسلم في الفضائل، باب رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء وأمر السواق برقم (2323).

(57)   المغني لابن قدامة (10/175) تحقيق عبد الله التركي وعبد الفتاح الحلو، هجر ط2 1412هـ القاهرة.

(58)   فتح الباري (10/538) بيروت، دار المعرفة 1379هـ تحقيق: مجد فؤاد عبد الباقي، ومحب الدين الخطيب.

(59)   فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم (10/226) جمع محمد بن عبد الرحمن بن قاسم، مطبعة الحكومة بمكة المكرمة 1396هـ، وأحكام فن التمثيل في الفقه الإسلامي لمحمد بن موسى الدالي ص(713) الرياض، مكتبة الرشد، 1428هـ.

(60)   المصدر السابق ص(714).

(61)   أحكام فن التمثيل في الفقه الإسلامي ص(717).

(62)   حكم ممارسة الفن في الشريعة الإسلامية، لصالح الغزالي ص(142)، الرياض، دار الوطن، 1417هـ.

(63)   أحكام فن التمثيل في الفقه الإسلامي ص(719).

(64)   البيان لأخطاء بعض الكتاب ص(297، 307، 310) لصالح الفوزان، الدمام، دار ابن الجوزي، ط1.

(65)   البيان المفيد عن حكم التمثيل والأناشيد لعبد الله السليماني ص(147) 48/55/57، مكتبة التربية الإسلامية، 1410هـ.

(66)   كف الزعاج لابن حجر الهيتمي ص(59-60)، تحقيق محمد عبد القادر عطا، بيروت، دار الكتب العلمية، 1406هـ.

(67)   انظر: أحكام فن التمثيل في الفقه الإسلامي ص(720-721)، ومجلة الدعوة السعودية، عدد (1060)، ص(34-35).

(68)   حكم ممارسة الفن في الشريعة الإسلامية ص(148) وما بعدها وأحكام فن التمثيل في الفقه الإسلامي ص(722) وما بعدها والمخيم التربوي واستخدامه في الدعوة إلى الله لإبراهيم عبد الرحيم عابد ص(107)، الكويت، دار المجتمع، 1418هـ.

(69)   إغاثة اللهفان (1/260).

(70)   الرد على القرضاوي والجديع لعبد الله رمضان بن موسى ص(217)، العراق، دهوك، الأثرية للتراث.

(71)   أخرجه البخاري في الصحيح، كتاب المرضى (7/6)، دار العربية بيروت.

(72)   فتح الباري (3/263)، دار المعرفة بيروت.

(73)   صحيح البخاري، كتاب المرضى (7/6).

(74)   البحر الرائق، لابن النجيم (8/232).

(75)   أحكام أهل الذمة (1/205-206)، دار العلم للملايين، بيروت 1983م.

(76)   مهذب اقتضاء الصراط المستقيم ص(315) باختصار.

(77)   في فقه الأقليات المسلمة للدكتور يوسف القرضاوي ص(149)، دار الشروق، ط2، 1426هـ/2005م.

(78)   فقه الأقليات المسلمة للشيخ خالد عبد القادر ص(578)، دار الإيمان طرابلس، لبنان ط الأولى، 1419هـ/1998م.

(79)   الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، دار الفكر، بيروت.

(80)   انظر: أحكام أهل الذمة (2/722)، وشرح الزرقاني على مختصر خليل (3/342)، دار المنهاج، بيروت، لبنان.

(81)   انظر: فقه الأقليات المسلمة، ص(578-579).

(82)   انظر: صناعة الفتوى وفقه الأقليات لشيخ عبد الله بن بيه ص(342)، دار المنهاج، لبنان.

(83)   تربية الأولاد في الإسلام (1/135).

(84)   أخرجه أبو داود، كتاب النكاح، باب في لبس الشهرة (4/314)، وقال الألباني: حسن صحيح.

انظر: صحيح سنن أبي داود (2/761)، وأخرجه الطحاوي في مشكل الآثار ط1/ 1333، دار صادر بيروت (1/88)، والإمام أحمد في المسند (2/50).

(85)   انظر: اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية (82/83) تحقيق محمد الفقي 1407هـ 1987م بيروت، دار الكتب العلمية.

(86)   أخرجه مسلم في الصحيح، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء (3000/1642).

(87)   أخرجه مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب النساء الكاسيات العاريات المائلات المميلات (3/1680).

(88)   نوع من النبت له صفات مخصوصة. لسان العرب (5/184) (م ك ر).

(89)   الوهدة: المكان المنخفض من الأرض كالحفرة، لسان العرب (3/470-471) (و هـ د).

(90)   أخرجه الهيثمي، كتاب اللباس، باب في السراويل (5/122)، وقال: رواه البزار وفيه إبراهيم بن زكريا المعلم، وهو ضعيف جداً، وأخرجه البيهقي في كتاب الأدب. وترتقي مجموعة طرقه إلى درجة الحسن. ومن أراد مزيداً من المعلومات فليراجع أحكام تجميل النساء في الشريعة الإسلامية لازدهار بنت محمود المدني (228/229) الرياض، دار الفضيلة 1422/2002م.

(91)   قد أشار إلى هذا المعنى الشيخ محمد بن صالح العثيمين من الأحكام الفقهية في الفتاوى النسائية (42/43) وانظر: أحكام تجميل النساء في الشريعة ص(229).

(92)   فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء (2/839).

(93)   انظر: روائع البيان في تفسير آيات الأحكام للصابوني (169-170) عالم الكتب بيروت 1406/1986م.

(94)   أخرجه أحمد في المسند (1/277)، والبخاري في الصحيح برقم (5886، 6834)، وأبو داود في السنن برقم (4097)، والترمذي في السنن برقم (2784).

(95)   فيه انخناث وهو التكسر والتغني كما تفعل النساء.

(96)   هي التي تتشبه بالرجل في الهيئة والقول والفعل والأحوال.

(97)   أخرجه أحمد في المسند (1/339).

(98)   أخرجه أحمد في المسند (2/325)، وأبو داود في سننه برقم (4098).

 المصدر: موقع المسلم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى