متابعات

الموقوفون الإسلاميون في لبنان .. عقدة مشروع قانون العفو العام

ينتظر أكثر من أربعين ألف سجين لبناني ومن جنسيات أخرى إقرار قانون العفو العام، الذي يدخل في مرحلة التعقيد، بعدما كان يسلك درب الوصول إلى تسوية.

وقالت مصادر قضائية لبنانية رفيعة المستوى للأناضول إن السبب الرئيسي لعدم إقراره القانون بعد هو رفض رئيس الجمهورية، ميشال عون، التوقيع على قانون يسمح بإطلاق سراح موقوفين إسلاميين يعتبر أنهم قاتلوا ضد الجيش اللبناني.

بينما اطلع رئيس مجلس النواب (البرلمان)، نبيه بري، على مسودة القانون المقترح، الذي تقدّمت به مجموعة من وكلاء الموقوفين الإسلاميين، وأبدى موافقته على صياغته، بحسب المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها.

كما يبدي رئيس الحكومة، سعد الحريري، موافقة على مشروع القانون، وكان قد طلب في وقت سابق إدخال تعديلات عليه.

القانون المنتظر، والذي كان من المفترض بت الأمر فيه قبل حلول الانتخابات البرلمانية، في السادس من مايو/ أيار المقبل، يفترض أن يستفيد منه نحو 31 ألف متهم بقضايا مخدرات، ونحو خمسة آلاف من عناصر جيش لبنان الجنوبي، المتهمين بالتعامل مع إسرائيل، إبان احتلالها أراضٍ اللبنانية.

كما من المفترض أن يستفيد من هذا القانون، في حال إقراره، 1200 موقوف إسلامي، إضافة إلى ثلاثة آلاف متهم بأعمال قتل وسرقة وإختلاس.

وثاني أكبر عدد من المسجونين في لبنان بعد اللبنانيين هم السوريون، ثم جنسيات آسيوية أخرى، وبعدها جنسيات إفريقة، وخاصة الإثيوبيين.

وصدر آخر قانون للعفو العام في لبنان عام 1996، بعد انتهاء الحرب الأهلية (1975: 1990).

** 1200 موقوف

وفق المحامي محمد صبلوح، في حديث للأناضول، فإن “العقدة متوقفة عند الـ1200 إسلامي، ما دفع ذوي هؤلاء الموقوفين إلى الاعتصام (الاحتجاج) أسبوعياً في عدد من المناطق اللبنانية، وخاصة الشمال، لكون النسبة الأكبر من الموقوفين من هذه المحافظة”.

وصبلوح هو وكيل عدد كبير من الموقوفين الإسلامين، بينهم الشيخ أحمد الأسير، الذي ألقي القبض عليه أواخر عام 2015، بناء على مذكرة توقيف غيابية بسبب مشاركته في القتال ضد مسلحي جماعة “حزب الله” في مدينة صيدا (جنوب)، عام 2013، وقيل حينها إنه قاتل الجيش، وهي التهمة التي يعتبرها الأسير ومساعدوه “تهمة باطلة مسيسة وممنهجة مذهبياً”.

وتابع صبلوح أن “الرئيس عون، الذي يبني مصالحه السياسية مع حزب الله، يريد إخراج تجار المخدرات والقتلة والعملاء، لكنه لا يريد العفو عن الإسلاميين، الذين بينهم 60% لم يحاكموا أصلاً لعدم وجود تهم، وهم في السجون منذ أكثر من خمس سنوات وآخرون منذ 13 سنة”.

ومضى قائلا إن “الرئيس الحريري اطلع على مسودة مشروع القانون، وأبدى موافقته عليها، ووعد بعرضها على الرئيس عون، لكن يبدو أنها لم تنل إعجاب الأخير”.

وهذه المسودة تتضمن الإفراج عن الشيخ أحمد الأسير وعدد من كبار المشايخ المتهمين في معارك مع الجيش اللبناني، منذ بدء الأحداث في سوريا، عام 2011، وكذلك الإفراج عن الوزير ميشال سماحة، المتهم منذ عام 2012، بالتخطيط لتفجيرات إرهابية في لبنان، بطلب من النظام السوري، وكذلك تهريب متفجرات بسيارته.

وتابع المحامي اللبناني أن “الإفراج عن كبار المتهمين في قضايا أمنية يكون بشرط مغادرتهم لبنان واللجوء إلى بلد تستقبلهم، وإلزامهم بعدم الظهور الإعلامي أو التحريض عبر أي وسيلة كانت، وفي حال خالفوا التعهد يتم تسليمهم من جانب الدولة المستضيفة إلى القضاء اللبناني.. هذه الفكرة لقيت ترحيبا من بري والحريري، لكن كلمة الفصل عند عون، الذي يرفض الموضوع”.

كما يتضمن المشروع عدم الإفراج عن تجار المخدرات، ولكن يتم ذلك بالنسبة إلى مروجي ومتعاطي المخدرات، أما جميع المحكومين بجنح فيتم الإفراج عنهم، وبالنسبة إلى المتهمين بجرائم قتل مدنية، فموضوع العفو يتوقف عند أهالي الضحايا، الذي يسقطون حقهم أو لا.

** ظلم بحق الإسلاميين

على الجانب الحكومي، قال وزير العدل اللبناني، سليم جريصاتي، في تصريح للأناضول، إنه “حتى الساعة لم يفاتحني أحد في موضوع العفو، وأنا أسمع فيه، عبر الإعلام، كما أي مواطن”.

وتابع بقوله: “لا أبدي رأيي في الموضوع، فهو يتوقف عند آراء وإمضاء الرؤوساء الثلاثة (الجمهورية والحكومة والبرلمان)، ودوري هو إبداء رأي والتوقيع بعد التواقيع الأساسية”.

فيما قال النائب غسان مخيبر، رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان، إنه “يمكن التكلم في القضاء عن ملف خاص بالإسلاميين، ومن الصعب تحديد الجرائم التي تستفيد من قانون العفو العام”.

وأضاف مخيبر، في تصريح للأناضول، أن “العفو العام قد يتم بالنسبة إلى الجرائم البسيطة، كتعاطي المخدرات، لا سيما وأن تاريخ القضاء في لبنان لم يشهد العفو في الجرائم الخطيرة المرتبطة بالإرهاب أو عصابات القتل”.

ولا ينف مخيبر أن “هنالك ظلما كبيرا يلحق الموقوفين الإسلاميي، وخاصة في موضوع البطء الشديد في المحاكمات، التي وحدها تكشف براءة المتهمين بجرائم إرهابية”.

** تهمة القتل

فيما قال النائب عن الجماعة الإسلامية عماد الحوت، للأناضول، إن “القاتل المثبتة التهمة عليه لا يستحق العفو، ونحن مع العقاب وفق الشريعة الإسلامية ووفق القانون المدني”.

وأردف بالقول: “في حالة الموقوفين الإسلاميين فإنه يتم إعداد ملفاتهم بالجملة.. تم توقيف أكثر من 150 شخصا في الملف نفسه (قتل وقتال في وجه الجيش)، ولكننا لا نعرف إن كان أحداً منهم قد ساهم في عمليات القتل أم لا”.

وختم النائب الحوت بالتشديد على أنه “لم تثبت حتى الآن على أحد من هؤلاء تهمة القتل، لكنهم في كل الأحوال سيحاكمون بهذه التهمة، كون المحاكمات في لبنان، وخاصة المحكمة العسكرية، تسير وفق أجواء مذهبية ومناطقية بحتة، خاصة مع أهل السُنة”.

(المصدر: صفحة أخبار العالم الإسلامي)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى