تقارير وإضاءات

الشيخ جرّاح.. القصة الكاملة لحي فلسطيني يحارب التهويد والاستيطان

الشيخ جرّاح.. القصة الكاملة لحي فلسطيني يحارب التهويد والاستيطان

من أجل إنشاء تواصل جغرافي استيطاني والحدّ من الترابط الجغرافي الفلسطيني مع أسوار القدس القديمة، يستهدف الاحتلال “الإسرائيلي” قرية الشيخ جراح التابعة لمحافظة القدس المحتلة.

وقعت القرية تحت الاحتلال عام 1967، وهي ملاصقة لحدود الرابع من يونيو بالجهة الغربية الشمالية، ومن هنا تكتسب أهميتها الإستراتيجية في نظر الاحتلال.

والقرية ملاصقة لما بات يعرف بـ”خط الهدنة” الذي تم ترسيمه عام 1949، وهو الخط الأخضر الفاصل بين شطري المدينة الشرقي والغربي. ولشطب الخط الأخضر الفاصل بين شطري المدينة بالكامل، أقامت سلطات الاحتلال 3 فنادق يهودية.

أكثر من 900 عام

يعود تاريخ القرية وتأسيسها إلى ما قبل أكثر من 900 عام، وأخذت القرية اسمها من الأمير حسام الدين بن شرف الدين عيسى الجراحي، وهو طبيب القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي، وما زال ضريحه موجودا بالشيخ جراح.

وسكنت القرية أسر فلسطينية معروفة مثل أسرة النشاشيبي وينحدر منها إسعاف النشاشيبي الأديب الفلسطيني الذي ما زال قصره ماثلا هناك.

ويقطن الشيخ جراح أكثر من 3 آلاف فلسطيني على مساحة أراض تقدر بنحو ألف دونم، وهي آخر ما تبقى لهم من أراض بعد مصادرة آلاف الدونمات من أراضي السكان التي أقيمت فوقها 3 مستوطنات تعرف بمستوطنات التلة الفرنسية.

وتقع المنازل الفلسطينية المستهدفة المهدد سكانها بالترحيل لمصلحة الجمعيات الاستيطانية على طول شارع نابلس وفي منطقة شيكونات اللاجئين وكبانية أم هارون، ويبلغ عدد العقارات 28 منزلا يقطنها نحو 500 فلسطيني.

وشيدت هذه المنازل عام 1956، حين عقدت وزارة الإنشاء والتعمير الأردنية اتفاقية مع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لإنشاء 28 وحدة سكنية في حي الشيخ جراح، وعقدت اتفاقيات فردية مع الأهالي لإقامة مساكن لهم في الحي، وتعهدت بموجب الاتفاقيات أن يتم تفويض ملكية الوحدات السكنية وتسجيلها بأسمائهم.

قبل قيام إسرائيل

وبعد 3 سنوات من احتلال القدس الشرقية، صادق البرلمان (كنيست) عام 1970 على قانون يزعم وجود أراض وعقارات لليهود في الشيخ جراح، وادّعى أنهم تملكوا هذه الأراضي والعقارات قبل قيام الكيان الصهيوني.

ومنذ ذلك الحين تعاقبت حكومات الاحتلال على زرع البؤر الاستيطانية وإحلال اليهود المتدينين “الحريديم” في قلب الحي بمسـتوطنة “شمعون هتصديق” ومســتوطنة “فندق الشبرد” التي أقيمت عام 2011، ومقر قيادة شرطة الاحتلال وقيادة حرس الحدود ووزارة الداخلية في حكومة الاحتلال التي تحاصر الوجود الفلسطيني بالحي.

وعقب ذلك، شرعت المحاكم الصهيونية في النظر في دعاوى رفعتها الجمعيات الاستيطانية على السكان الفلسطينيين، بيد أنه في عام 1976 صدر حكم من المحاكم الصهيونية لمصلحة 4 أسر فلسطينية ينص على أن الأسر موجودة بوجه قانوني وحسب صلاحيات الحكومة الأردنية، وأنها غير معتدية على الأرض لكنها أقرّت أن الأرض بملكية جمعيات يهودية حسب ما هو مسجل بدوائر الطابو الإسرائيلية من 1972، وزعمت أنها تملك أراضي بالحي منذ 1885.

دعاوى ومزاعم

ودفع ذلك الجمعيات الاستيطانية لتحريك دعاوى ومزاعم ملكية في الشيخ جراح أمام المحاكم الإسرائيلية، ففي عام 1982 رفعت أولى الدعاوى على 28 أسرة فلسطينية طالبتها الجمعيات الاستيطانية بإخلاء منازلها وعقاراتها والأراضي، في حين صدر أول قرار إخلاء رسمي بحق أسرتين فلسطينيتين عام 2002.

وفي نوفمبر/تشـرين الثاني 2008 طـردت سـلطات الاحتلال قسـرا أولى الأسر الفلسطينية من الحي ووطنت بها اليهود، وهي أسرة الغاوي التي أجليت بقوة السلاح مـن منازلهـا فـي حـي الشـيخ جـراح التـي سـكنوها منـذ خمسـينيات القـرن الماضـي بعـد أن أصبحـوا لاجئيـن عقب النكبة إذ شردوا بقوة السلاح من ديارهم من منطقة يافا وقرى القدس ومنهم من أوصلته دروب التهجير والتشريد من حيفا.

ويتهدد المنطقة التي يوجد بها 28 منزلا خطر الإخلاء والتهجير القسري، وإحلال المستوطنين، في حين صادقت الحكومة الإسرائيلية وبلدية الاحتلال في القدس على إقامة حي استيطاني وسط الشيخ جراح يضم 500 وحدة استيطانية، وتوفر الدوائر الحكومية الصهيونية للجمعيات الاستيطانية الملفات والمستندات والوثائق المزيفة التي تدّعي ملكيتها للأرض والعقارات قبل نكبة عام 1948.

(المصدر: مجلة المجتمع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى