كتابات مختارة

الحجامة: أحكام وحكم

بقلم عائدة البياتي

أحببتُ أن أقدِّم لإخواني المسلمين شيئًا لعلَّ الله ينفعهم به، وأنبِّههم إلى أحكام وحكم شيءٍ قد يَلجؤون إليه بعضَ الأحيان، ألا وهو (الحِجامة)، مع العلم أنَّه يُفترض بأن تكون الحجامة هي أوَّل ما يتبادر إلى ذِهن المسلم على أيِّ حال، سواء كان معافًى سليمًا، أو كان مريضًا سقيمًا؛ كما سيأتي بيانه.

تعريف الحجامة:

في اللَّغة: هي كلمة مشتقَّة من “الحَجْم”؛ وهو المصُّ.

وفي الاصطلاح: هي مصُّ وسحْبُ الدَّم الفاسِد من الجسم، عن طريق آلَةٍ معيَّنة مَعروفة عند أصحاب هذه الحِرفة.

أحاديث الحجامة:

وقد جمعتُ باقةً من الأحاديث النبوية الشريفة – الصَّحيحةِ – في ذلك.

1 – عن سلمى رضي الله عنها خادِمة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: ما كان أحدٌ يَشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعًا في رأسه إلَّا قال: ((احتَجِم))، ولا وجعًا في رِجليه إلَّا قال: ((اخضِبْهما)).

أخرجه أبو داود وابن ماجه والترمذي، وانظر: “صحيح الترغيب والترهيب”؛ للألباني (3461).

2 – عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن احتجَمَ لسبع عشرة من الشَّهر، كان له شفاءً من كلِّ داء)).

رواه الحاكم وقال: (صحيح على شرط مسلم)، وانظر: “صحيح الترغيب والترهيب”؛ للألباني (3465).

3 – كان لابن عباسٍ رضي الله عنهما غِلْمةٌ ثلاثةٌ حجَّامون، فكان اثنان منهم يُغلَّان عليه وعلى أهله، وواحدٌ يَحْجمُه ويحجمُ أهلَه، قال نبيُّ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((نِعم العبدُ الحجَّام؛ يُذهبُ الدَّمَ، ويُخفُّ الصُّلب، ويجلو عن البَصر))، وقال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين عُرج به، ما مرَّ على ملأٍ من الملائكة إلَّا قالوا: ((عليك بالحِجامة))، وقال: ((إنَّ خير ما تَحتَجمون فيه يوم سبع عشرة، ويوم تسع عشرة، ويوم إحدى وعشرين))، وقال: ((إنَّ خير ما تَداويتُم به السَّعوطُ واللَّدودُ والحجامةُ والمَشِيُّ)).

أخرجه الترمذي، وانظر: “السلسلة الصحيحة”؛ للألباني (1847).

4 – عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ أفضل ما تَداويتم به الحِجامة))، أو: ((هو مِن أمْثَل دوائكم)).

رواه البخاري (5696)، ومسلم (1577)؛ واللفظ له.

5 – عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إن كان في شيءٍ ممَّا تداويتم به خيرٌ، فالحِجامَة)).

أخرجه أبو داود، وانظر: “صحيح الترغيب والترهيب”؛ للألباني (3460).

6 – عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: “حدَّث رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلم عن ليلة أُسرِيَ به: أنَّه لم يمُرَّ على ملأٍ من الملائكة إلَّا أمروه أن: مُر أُمَّتَك بالحِجامة”.

أخرجه الترمذيُّ، وانظر: “صحيح الترغيب والترهيب”؛ للألباني (3462).

7 – عن أنس رضي الله عنه قال: “كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَحتجمُ في الأخدعين والكاهِل، وكان يَحتجمُ لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين”.

أخرجه الترمذي وابنُ ماجه، وانظر: “صحيح الترغيب والترهيب”؛ للألباني (3464).

الأخدعان: عِرقان في جانبي العُنُق.

الكاهل: ما بين الكتفَين.

8 – قال ابنُ عمر رضي الله عنهما: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: ((الحجامةُ على الرِّيق أمثَلُ، وهي تزيدُ في العقل، وتزيدُ في الحِفظ، وتزيدُ الحافِظ حِفظًا، فمَن كان مُحتجِمًا فيوم الخميس على اسم الله تعالى، واجتنبوا الحجامَةَ يوم الجُمُعة ويوم السَّبت ويوم الأحد، فاحتجِموا يوم الاثنين ويوم الثُّلاثاء، واجتَنبوا الحجامةَ يوم الأربعاء؛ فإنَّه اليوم الذي أُصيب به أيُّوبُ في البلاء، وما يبدو جُذامٌ ولا برَصٌ إلَّا في يوم الأربعاء أو ليلة الأربعاء)).

أخرجه ابنُ ماجه، وانظر: “صحيح الترغيب والترهيب”؛ للألباني (3466).

9 – عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلم: ((إذا هاج بأحدكم الدَّمُ فليحتجِم؛ فإنَّ الدم إذا تبيَّغ بصاحبه يقتلُه)).

رواه ابن جرير، وانظر: “السلسلة الصحيحة”؛ للألباني (2747).

يتبيَّغ: يهيج ويثور.

10 – عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ في الحَجم شفاءً)).

رواه أبو نُعيم، وانظر: “صحيح الجامع”؛ للألباني (2128).

من فوائد الحجامة:

إخواني الأكارم:

بعد أن جمعتُ هذا القدْرَ من الأحاديث، أحببتُ أن أوضِّح لكم بعضَ فوائد الحجامة؛ من خلال ما ورد في شرح الأحاديث، ومن خلال الأبحاث الطبيَّة أيضًا؛ عسى الله تعالى أن يَنفعنا جميعًا بذلك.

– الحجامة تَشفي من الأمراض (يقينًا)؛ كضغط الدَّم والسُّكَّري والسرطان، وأمراضِ القلب والكلية والرئة، والعقم والصُّداع… إلخ؛ وذلك لعُموم قوله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ في الحَجْم شفاءً))؛ كما تقدَّم.

– أوقات الحجامة – المحدَّدة في السُّنَّة – تكون في حالة أنَّ الإنسان في صحَّة؛ فيَحتجم من باب الوِقاية وأخْذِ الحيطة والحذَر، وتكون في يوم السابع عشر، والتاسع عشر، والحادي والعشرين من الشهر العربي.

– أمَّا في حالة الإنسان المصاب بمرَضٍ معيَّن واحتاج إلى الاحتِجام؛ فلا مانع من فِعلِها في أيِّ وقت، وكان الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله يَحتجم في أيِّ وقتٍ هاج به الدَّم وفي أيِّ ساعةٍ كانت؛ ولا يعني هذا أنَّها لا تُفعل في الأيام المستحبَّة.

موانع الحجامة:

لا يوجد مَوانع للحِجامة إطلاقًا؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ في الحجم شفاء))؛ كما تقدَّم، حتى مَرضى السُّكَّري والناعور (سيلان الدم) لا يُمنعون من الحجامة.

فمرَض السُّكَّري – مثلًا – قد أُجريَت التَّجارب على بعض المصابين به، وبعد التحليل لوحِظ انخِفاضٌ كبير في معدَّل السُّكَّر.

مواضع الحجامة:

♦ للنِّساء:

  • الأخدعان: (في الرَّقبة، خلف الأذنين).
  • الكاهل: (أعلى الظَّهر، ما بين الكتفين).
  • ظاهِر القدَمين.

♦ للرجال:

  • الأماكن السَّابقة نفسها، بالإضافة إلى حِجامة الرَّأس.

وبهذا أختَتم الرِّسالةَ، عسى الله أن يَنفعني بها وإخواني المسلمين، وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وسلامٌ على المرسلين.

المصدر: شبكة الألوكة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى