كتب وبحوث

التكوير على التحرير والتنوير (19) | الشيخ محمد خير رمضان يوسف

التكوير على التحرير والتنوير (19)

الشيخ محمد خير رمضان يوسف

 

(خاص بمنتدى العلماء)

 

الجزء التاسع عشر

(تابع لسورة الفرقان)

 

21- {لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا}.

بالغًا إلى أقصى غاياته، من حيثُ عاينوا المعجزاتِ القاهرةَ وأعرضوا عنها، واقترحوا لأنفسهم الخبيثةِ معاينةَ الملائكةِ الطيبةِ ورؤيةَ الله تعالى… (روح البيان).

26- {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا}.

إيرادهُ تعالى بعنوانِ الرحمانية، للإيذانِ بأن اتصافَهُ عزَّ وجلَّ بغايةِ الرحمةِ لا يهوِّنُ الخطبَ على الكفرةِ المشارِ إليه بقولهِ تعالى: {وَكَانَ يَوْماً عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ عَسِيراً}، أي: وكان ذلك اليومُ مع كونِ الملكِ فيه لله تعالى المبالَغِ في الرحمةِ بعباده، شديداً على الكافرين. (روح المعاني).

28- {يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا}.

الخليل: الصديق، من الخُلَّة، وهي المودَّة؛ لأنها تتخلَّلُ النفس، أي: تتوسَّطُها. (روح البيان).

31- {وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا}

وكفاكَ يا محمَّدُ بربِّكَ هاديًا يَهديكَ إلى الحقّ، ويُبصِّركَ الرشد، وناصرًا لكَ على أعدائك. يقول: فلا يهولنَّكَ أعداؤكَ مِن المشركين، فإني ناصرُكَ عليهم، فاصبرْ لأمري، وامضِ لتبليغِ رسالتي إلـيهم. (الطبري).

34- {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ}.

ذكرَ أنه تقدَّمَ معناهُ في سورةِ الإسراء (الآية 97): {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ}، قالَ هناك: الحشر: جمعُ الناسِ من مواضعَ متفرقةٍ إلى مكانٍ واحد. ولما كان ذلك يستدعي مشيهم عُدِّيَ الحشرُ بحرفِ (على) لتضمينهِ معنى يمشون. وقد فهمَ الناسُ ذلك من الآيةِ فسألوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم: كيف يمشون على وجوههم؟ فقال: “إنَّ الذي أمشَاهم على أقدامِهم قادرٌ على أن يُمشيَهم على وجوهِهم” [رواه الترمذي وحسَّنه]. والمقصودُ من ذلك الجمعُ بين التشويهِ والتعذيب؛ لأن الوجهَ أرقُّ تحمُّلاً لصلابةِ الأرضِ من الرِّجل. وهذا جزاءٌ مناسبٌ للجُرم؛ لأنهم روَّجوا الضلالةَ في صورةِ الحق، ووسموا الحقَّ بسماتِ الضلال، فكان جزاؤهم أن حُوِّلتْ وجوهُهم أعضاءَ مشي عِوضاً عن الأرجل.

37- {وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا}.

{وَأَعْتَدْنَا}: ذكرَ عند تفسيرِ الآيةِ (37) من سورةِ النساء، أن أصلَ {أَعْتَدْنَا}: أعدَدْنا، أُبدِلَتِ الدالُ الأولى تاءً لثقلِ الدالين عند فكِّ الإدغامِ باتّصالِ ضميرِ الرفع، وهكذا مادَّةُ (أعدَّ) في كلامِ العرب، إذا أدغموها لم يبدِّلوا الدالَ بالتاء؛ لأنَّ الإدغامَ أخفّ، وإذا أظهروا أبدلوا الدالَ تاء. اهـ.

{أَلِيمًا}: وجيعًا. (روح البيان).

43- {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا}.

حفيظاً، تمنعهُ عن الشركِ والمعاصي وحالهُ هذا؟ (البيضاوي).

44- {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا}.

ذكرَ عند تفسيرِ الآيةِ (142) من سورةِ الأنعام، أنها الإبلُ والبقرُ والشاءُ والمعز.

49- {وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا}.

أشارَ عند تفسيرِ الآيةِ (142) من سورةِ الأنعام، إلى أنها الإبلُ والبقرُ والشاءُ والمعز.

53- {وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا}.

أي: مانعاً من أن يصلَ أحدُهما إلى الآخر. (ابن كثير). أي: ستراً ممنوعاً، فلا يَبغيان، ولا يُفسِدُ الملحُ العَذْبَ. (البغوي).

56- {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا}.

أي: بشيراً للمؤمنين، ونذيراً للكافرين، مبشِّرًا بالجنَّةِ لمن أطاعَ الله، ونذيراً بين يدَي عذابٍ شديدٍ لمن خالفَ أمرَ الله. (ابن كثير).

59- {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}.

ذكرَ أنه تقدَّمَ تفسيرهُ في سورةِ الأعراف (ويعني الآيةَ 54 منها): {إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ}، ومختصرُ تفسيرهِ لها: إن خلقَ السّماواتِ والأرضِ يكفيهم دليلاً على انفرادهِ سبحانهُ بالإلهية. وقوله: {فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} تعليمٌ بعظيمِ قدرته، ويحصلُ منه للمشركين زيادةُ شعورٍ بضلالهم في تشريكِ غيرهِ في الإلهية. وقد اقتضتْ حكمةُ الله تعالى أن يكونَ خلقُ السّماواتِ والأرضِ مدرجاً، وأن لا يكونَ دفعة… وأيًّا ما كان، فالأيامُ مرادٌ بها مقادير، لا الأيامُ التي واحدُها يوم، الذي هو من طلوعِ الشمسِ إلى غروبها، إذ لم تكنْ شمسٌ في بعضِ تلك المدة. والتعمُّقُ في البحثِ في هذا خروجٌ عن غرضِ القرآن.

والاستواءُ له معانٍ متفرِّعةٌ عن حقيقته، أشهرها: القصدُ والاعتلاء، وقد التُزِمَ هذا اللَّفظُ في القرآنِ مسنداً إلى ضميرِ الجلالةِ عند الإخبارِ عن أحوالٍ سماوية، كما في هذه الآية. ونظائرُها سبعُ آياتٍ من القرآن…

61- {وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا}.

أي: ينيرُ الأرضَ إذا طلع. (فتح القدير).

64- {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا}.

البيتوتةُ هي أن يدرككَ الليل، نمتَ أو لم تنم. قالَ الزجّاج: من أدركَهُ الليلُ فقد بات، نامَ أو لم ينم، كما يقال: باتَ فلانٌ قلقاً. (فتح القدير).

68- {وَلَا يَزْنُونَ}.

{وَلاَ يَزْنُونَ} فـيأتون ما حرَّمَ الله علـيهم إتـيانَهُ من الفروج. (الطبري). {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً} [سورة الإسراء: 32].

71- {وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا}.

{وَمَنْ تابَ}: يقول: ومن تابَ من المشركين، فآمنَ بالله ورسوله، {وعَمِلَ صَالِحاً} يقول: وعملَ بما أمرَهُ اللهُ فأطاعَه. (الطبري).

75- {وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا}.

ذكرَ أن {وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ} تقدَّمَ في سورةِ يونس (الآية 10)، قالَ هناك: أخبرَ عن تحيتهم بأنها (سلام)، أي: لفظُ (سلام)، إخباراً عن الجنسِ بفردٍ من أفراده، أي: جعلَ الله لهم لفظَ (السلامِ) تحيةً لهم. والظاهرُ أن التحيةَ بينهم هي كلمةُ (سلام)، وأنها محكيةٌ هنا بلفظها دونَ لفظِ (السلامُ عليكم) أو (سلامٌ عليكم)؛ لأنه لو أُريدَ ذلك لقيل: “وتحيتهم فيها السلام” بالتعريف، ليتبادرَ من التعريفِ أنه السلامُ المعروفُ في الإسلام، وهو كلمة: السلامُ عليكم…

76- {خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً}.

قال: هو ضدُّ ما قيلَ في المشركين: {إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا} (الآية 66)، ومما قالَهُ هناك: الاستقرار: قوةُ القرار، والمقام: اسمُ مكانِ الإقامة. اهـ.

وتفسيرُ الآية: يُقيمون في الجنَّةِ على الدَّوام، لا يموتون فيها ولا يخرجون منها، وما أحسنَها وأجملَها موضِعًا، وما أطيبَها مَنزِلاً ومُقامًا. (الواضح).

سورة الشعراء

8- {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً}.

دلالة. (البغوي).

18- {وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِين}.

وذلك مكثه.. (الطبري).

34- {قَالَ لِلْمَلإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيم}.

قالَ المؤلفُ في الآيةِ (109) من سورةِ الأعراف: {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ}، مختصرًا: ملأُ قومِ فرعونَ هم سادتهم، وهم أهلُ مجلسِ فرعونَ ومشورته. وإنما قالوا هذا الكلامَ على وجهِ الشورى مع فرعونَ واستنباطِ الاعتذارِ لأنفسهم عن قيامِ حجةِ موسى في وجوههم، فاعتلُّوا لأنفسهم بعضهم لبعضٍ بأن موسى إنما هو ساحرٌ عليمٌ بالسحر، أظهرَ لهم ما لا عهدَ لهم بمثلهِ من أعمالِ السحرة، وهذا القولُ قد أعربَ عن رأي جميعِ أهلِ مجلسِ فرعون، ففرعونُ كان مشاركاً لهم في هذا؛ لأن القرآنَ حكى عن فرعونَ في غيرِ هذه السورةِ أنه قالَ للملأِ حوله: {إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيم}، وهذه المعذرةُ قد انتحلوها وتواطؤوا عليها، تبعوا فيها ملكهم أو تبعهم فيها، فكلُّ واحدٍ من أهلِ ذلك المجلسِ قد وطَّنَ نفسَهُ على هذا الاعتذار.

35- {يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُون}.

قالَ في الآيةِ (110) من سورةِ الأعراف {يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ}: يعنون أنه ما أظهرَ إخراجَ بني إسرائيل إلا ذريعةً لإخراجِ كلِّ من يؤمنُ به، ليتخذهم تبعاً، ويقيمَ بهم ملكاً خارجَ مصر. فزعموا أن تلك مكيدةٌ من موسى لثلمِ ملكِ فرعون. وإما أن يكونَ ملأُ فرعونَ محتوياً على رجالٍ من بني إسرائيلَ كانوا مقرَّبين عند فرعونَ ومن أهلِ الرأي في المملكة، فهم المقصودُ بالخطاب، أي: يريدُ إخراجَ قومكم من أرضكم التي استوطنتموها أربعةَ قرون، وصارت لكم موطناً كما هي للمصريين، ومقصدهم من ذلك تذكيرهم بحبِّ وطنهم، وتقريبهم من أنفسهم، وإنساؤهم ما كانوا يلقون من اضطهادِ القبطِ واستذلالهم، شعوراً منهم بحراجةِ الموقف. وإما أنهم علموا أنه إذا شاعَ في الأمةِ ظهورُ حجةِ موسى وعجزِ فرعونَ وملئه، أدخلَ ذلك فتنةً في عامةِ الأمة، فآمَنوا بموسى، وأصبحَ هو الملكَ على مصر، فأخرجَ فرعونَ وملأهُ منها… و(الأمر)ُ حقيقتهُ طلبُ الفعل، فمعنى {فَمَاذَا تَأْمُرُون}: ماذا تطلبون أن نفعل…

36- {قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ}.

مما قالَ في نظيرها، في الآيةِ (111) من سورةِ الأعراف {قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ}: المعنى: أخِّرِ المجادلةَ مع موسى إلى إحضارِ السحرةِ الذين يدافعون سحره. والمدائن: جمعُ مدينة. قيل: أرادوا مدائنَ الصعيد، وكانت مقرَّ العلماءِ بالسحر. والحاشرون: الذين يَحشرون الناسَ ويجمعونهم.

37- {يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ}.

 من تفسيرهِ للآية (112) من سورةِ الأعراف: {يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ} أي: يأتوكَ بجمعٍ عظيمٍ من السحرة، يشبهُ أن يكونَ جميعَ ذلك النوع… ووصفُ {عَلِيمٍ} الذي هو من أمثلةِ المبالغة، للدلالةِ على قوةِ المعرفةِ بالسحر. والمقامُ يدلُّ على أن المرادَ قوةُ علمِ السحرِ له.

42- {قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ}.

تكونون أولَ مَن يدخلُ عليّ، وآخرَ من يخرجُ من عندي. وكان ذلك من أعظمِ المراتبِ عندهم! وهكذا حالُ أربابِ الدنيا في حبِّ قربةِ السلطانِ ونحوه، وهو من أعظمِ المصائبِ عند العقلاء. (روح البيان).

44- {فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ}.

ذكرَ أنه تقدَّمَ في سورةِ طه (الآية 66). وهناك أحالَ إلى سورةِ الأعراف، لكنْ قال: التخييلُ الذي وجدَهُ موسى من سحرِ السحرةِ هو أثرُ عقاقيرَ يُشرِبونها تلك الحبالَ والعِصيّ، وتكونُ الحبالُ من صنفٍ خاص، والعِصيُّ من أعوادٍ خاصةٍ فيها فاعليةٌ لتلك العقاقير، فإذا لاقتْ شعاعَ الشمسِ اضطربتْ تلك العقاقير، فتحركتِ الحبالُ والعِصيّ. قيل: وضعوا فيها طِلاءَ الزئبق.

45- {فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ}.

قالَ في نظيرها، في الآيةِ (117) من سورةِ الأعراف، مختصرًا: التلقف: مبالغةٌ في اللقف، وهو الابتلاعُ والازدراد. والإفك: الصرفُ عن الشيء، ويسمَّى الزورُ إفكاً، والكذبُ المصنوعُ إفكاً؛ لأن فيه صرفاً عن الحقّ، وإخفاءً للواقع، فلا يسمَّى إفكاً إلا الكذبُ المصطنعُ المموَّه. وإنما جُعِلَ السحرُ إفكاً لأن ما يَظهرُ منه مخالفٌ للواقع، فشبِّهَ بالخبرِ الكاذب. والتعبيرُ بصيغةِ المضارعِ في قوله: {تَلْقَفُ} و {يَأْفِكُونَ} للدلالةِ على التجديدِ والتكرير، مع استحضارِ الصورةِ العجيبة، أي: فإذا هي يتجدَّدُ تلقُّفها لِما يتجدَّدُ ويتكرَّرُ من إفكهم. وتسميةُ سحرهم إفكاً دليلٌ على أن السحرَ لا معمولَ له، وأنه مجردُ تخييلاتٍ وتمويهات.

46- {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِين}.

قالَ في مثلها، في الآيةِ (120) من سورةِ الأعراف: لما رأوا تلقُّفَ عصا موسى لحبالهم وعِصيِّهم، جزموا بأن ذلك خارجٌ عن طوقِ الساحر، فعلموا أنه تأييدٌ من الله لموسى، وأيقنوا أن ما دعاهم إليه موسى حقّ، فلذلك سجدوا، وكان هذا خاصًّا بهم دون بقيةِ الحاضرين. والإلقاءُ مستعملٌ في سرعةِ الهُوِيِّ إلى الأرض، أي: لم يتمالكوا أن سجدوا بدونِ تريُّثٍ ولا تردُّد. والسجودُ هيئةٌ خاصةٌ لإلقاءِ المرءِ نفسَهُ على الأرض، يُقصَدُ منها الإفراطُ في التعظيم، وسجودهم كان لله الذي عرفوهُ حينئذٍ بظهورِ معجزةِ موسى عليه السلام، والداعي إليه بعنوانِ كونهِ ربَّ العالمين. (باختصار).

47- {قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِين}.

قالَ في نظيرها، الآيةِ (121) من سورةِ الأعراف: قصدوا من قولهم ذلك الإعلانَ بإيمانهم بالله؛ لئلّا يظنَّ الناسُ أنهم سجدوا لفرعون، إذ كانت عادةُ القبطِ السجودَ لفرعون، ولذلك وصفوا الله بأنه (ربُّ العالمين)، بالعنوان الذي دَعا به موسى عليه السلام، ولعلهم لم يكونوا يعرفون اسماً علَماً لله تعالى، إذ لم يكنْ لله اسمٌ عندهم، وقد عُلِمَ بذلك أنهم كفروا بالإهيةِ فرعون.

48- {رَبِّ مُوسَى وَهَارُون}.

قالَ في نظيرها، الآيةِ (122) من سورةِ الأعراف: زادوا هذا القصدَ بياناً بالإبدال من {رَبِّ الْعَالَمِين} قولَهم: {رَبِّ مُوسَى وَهَارُون}؛ لئلا يُتوهَّمَ المبالغةُ في وصفِ فرعونَ بأنه ربُّ جميعِ العالمين.

49- {قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلاَفٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِين}.

لجأَ فرعونُ مرَّةً أُخرى إلى التَّهديدِ والوعيد، وقد أُفحِمَ وانقطعتْ حجَّتهُ من اتِّهامِ موسَى بالسِّحر، فتوجَّهَ إلى السَّحَرةِ قائلاً: أآمنتُم بما جاءَ به موسَى قبلَ أن أسمحَ لكم بذلك؟! كانَ عليكم أن تنتظروا أمري، فـأنا رئيسُكم، فإذا سمحتُ لكم بذلك آمنتُم، وإذا منعتُكم منه امتَنعتُم!

وقالَ في خُبثٍ وهو يَكذِب: إنَّ موسَى هو السَّاحرُ الكبيرُ فيكم، وقد دبَّرتُم هذا الأمرَ بليلٍ لتقوموا بمؤامرَةٍ على البلَد {إِنَّ هَـذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَا أَهْلَهَا} [سورة الأعراف: 123]. وسترَون ما أفعلهُ بكم، سأقطعُ أياديكم اليُمنَى مع أرجلِكم اليسرَى، ولأُصلِّبنَّكم في جذوعِ النخلِ لتموتوا جوعًا وعطشًا. (الواضح).

52- {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ}

وأوحينا إلى موسَى إذ تمادَى فرعونُ في غيِّه، وأبَى إلا الثباتَ على طغيانهِ بعدَ ما أريناهُ آياتِنا, أنْ سِرْ ببني إسرائيـلَ لـيلاً مِن أرضِ مصر. (الطبري).

63- {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ}.

فانشقّ. (البغوي).

64- {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِين}.

إشارة إلى المستبعَدِ من المكان. (روح البيان).

67- {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِين}.

ذكرَ أنه تقدَّم. وهو في الآيةِ (8) من السورة، ومختصرُ تفسيرهِ هناك:

{لآيَةً}: دلالة.

{وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِين}: إخبارٌ عنهم بأنهم مصرُّون على الكفرِ بعد هذا الدليلِ الواضح. وأُسنِدَ نفيُ الإيمانِ إلى أكثرهم لأن قليلاً منهم يؤمنون حينئذٍ أو بعد ذلك.

68- {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيم}.

قالَ في نظيرها، في الآيةِ (9) من السورة: تذييلٌ لهذا الخبرِ بوصفِ الله بالعزَّة، أي: تمامِ القدرة، فتعلمون أنه لو شاءَ لعجَّلَ لهم العقاب، وبوصفِ الرحمةِ إيماءٌ إلى أن في إمهالهم رحمةً بهم لعلهم يشكرون، ورحيمٌ بك.

73- {أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ}.

{أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ} قيل: بالرزق، {أَوْ يَضُرُّونَ} إنْ تركتُم عبادتها. (البغوي).

79- {وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِين}.

أي: هو خالقي ورازقي بما سخَّرَ ويسَّرَ من الأسبابِ السماويةِ والأرضية، فساقَ المزن، وأنزلَ الماء، وأحيا به الأرض، وأخرجَ به من كلِّ الثمراتِ رزقاً للعباد، وأنزلَ الماءَ عذباً زلالاً، يسقيهِ مما خلقَ أنعاماً وأناسيَّ كثيراً. (ابن كثير).

90- {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ}.

الذين اتَّقَوا عقابَ اللهِ في الآخرةِ بطاعتِهم إيّاهُ في الدنـيا. (الطبري).

91- {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ}.

أي: أُظهِرَتْ وكُشِفَ عنها، وبدتْ منها عُنق، فزفرتْ زفرةً بلغتْ منها القلوبُ الحناجرَ. (ابن كثير).

96- {قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ}.

{يَخْتَصِمُونَ} مع المعبودين، ويجادلُ بعضهم بعضاً. (البغوي).

103- {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ}.

ذكرَ أنه تقدَّم. وهو في الآيةِ (8) من السورة، ومختصرُ تفسيرهِ هناك:

{لآيَةً}: دلالة.

{وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِين}: إخبارٌ عنهم بأنهم مصرُّون على الكفرِ بعد هذا الدليلِ الواضح. وأُسنِدَ نفيُ الإيمانِ إلى أكثرهم لأن قليلاً منهم يؤمنون حينئذٍ أو بعد ذلك.

104- {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}.

قالَ في نظيرها، في الآيةِ (9) من السورة: تذييلٌ لهذا الخبرِ بوصفِ الله بالعزَّة، أي: تمامِ القدرة، فتعلمون أنه لو شاءَ لعجَّلَ لهم العقاب، وبوصفِ الرحمةِ إيماءٌ إلى أن في إمهالهم رحمةً بهم لعلهم يشكرون، ورحيمٌ بك.

108- {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُون}.

{فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ} بطاعتهِ وعبادته، {وَأَطِيعُونِ} فيما آمركم به من الإِيمانِ والتوحيد. (البغوي).

110- {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُون}.

الفاءُ لترتيبِ ما بعدها على تنزههِ عن الطمع، والتكريرُ للتأكيدِ والتنبيهِ على أن كلًّا من الأمانةِ وقطعِ الطمعِ مستقلٌّ في إيجابِ التقوى والطاعة، فكيف إذا اجتمعا؟ (روح البيان). وقُدِّمَ الأمرُ بتقوى الله على الأمرِ بطاعتهِ لأن تقوى الله علَّةٌ لطاعته. (فتح القدير).

115- {إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ}.

ما أنا إلا نذيرٌ لكم مِن عندِ ربِّكم، أُنذركم بأسَهُ وسطوتَهُ علـى كفرِكم به. (الطبري).

118- {وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.

والذين معي مِن أهلِ الإيمانِ بكَ والتصديقِ لي. (الطبري).

119- {فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ}.

 فأنجينا نوحًا ومن معه من المؤمنين حين فتحنا بينهم وبين قومهم، وأنزلنا بأسنا بالقومِ الكافرين في {الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ}، يعني في السفـينةِ الموقرةِ المملوءة. (الطبري).

121- {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِين}.

أشارَ إلى تقدُّمهِ في قصةِ نوح، وهو في الآيةِ (8) من السورة، ومختصرُ تفسيرهِ هناك:

{لآيَةً}: دلالة.

{وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِين}: إخبارٌ عنهم بأنهم مصرُّون على الكفرِ بعد هذا الدليلِ الواضح. وأُسنِدَ نفيُ الإيمانِ إلى أكثرهم لأن قليلاً منهم يؤمنون حينئذٍ أو بعد ذلك.

122- {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيم}.

قالَ في مثلها، في الآيةِ (9) من السورة: تذييلٌ لهذا الخبرِ بوصفِ الله بالعزَّة، أي: تمامِ القدرة، فتعلمون أنه لو شاءَ لعجَّلَ لهم العقاب، وبوصفِ الرحمةِ إيماءٌ إلى أن في إمهالهم رحمةً بهم لعلهم يشكرون، ورحيمٌ بك.

124- {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلاَ تَتَّقُون}.

أشارَ إلى تقدُّمهِ في قصةِ نوح (الآية 106 من السورة)، قالَ ما ملخصه: {إِذْ قَالَ} ظرف، أي: كذَّبوهُ حين قالَ لهم: {أَلاَ تَتَّقُون}. ويظهرُ أن قولَهُ هذا صدرَ بعد أن دعاهم من قبل، وكرَّرَ دعوتهم إذ رآهم مصرِّين على الكفر. اهـ.

{أَخُوهُمْ}: يعني أخاهم في النَّسب. (الواضح).

125- {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِين}.

قالَ في الآيةِ (108) من السورة: أي: كيف تستمرون على الشركِ وقد نهيتكم عنه، وأنا رسولٌ لكم، أمينٌ عندكم؟ وكان نوحٌ موسوماً بالأمانة، لا يُتَّهمُ في قومه، كما كان محمدٌ صلى الله عليه وسلم يلقَّبُ الأمينَ في قريش..

126- {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُون}.

{فَاتَّقُوا اللَّهَ}: خافوا من عقابه، {وَأَطِيعُون} فيما آمركم به من الحقّ. (روح البيان).

127- {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِين}.

قالَ في الآيةِ (110) من السورة: أي: علمتم أني أمينٌ لكم، وتعلمون أني لا أطلبُ من دعوتكم إلى الإيمان نفعاً لنفسي.

133- {أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ}.

ذكرَ عند تفسيرِ الآيةِ (142) من سورةِ الأنعام، أنها الإبلُ والبقرُ والشاءُ والمعز.

134- {وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ}.

والبساتـين والأنهار. (الطبري).

138- {وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ}

وقالوا مستمرِّينَ في كفرِهم: ولا بعثَ بعدَ المَوت، فلا نحاسَبُ على أعمالِنا، ولا نُعذَّبُ عليها. (الواضح).

139- {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ}.

أشارَ إلى تقدُّمهِ في قصةِ نوح، وهو في الآيةِ (8) من السورة، ومختصرُ تفسيرهِ هناك:

{لآيَةً}: دلالة.

{وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِين}: إخبارٌ عنهم بأنهم مصرُّون على الكفرِ بعد هذا الدليلِ الواضح. وأُسنِدَ نفيُ الإيمانِ إلى أكثرهم لأن قليلاً منهم يؤمنون حينئذٍ أو بعد ذلك.

142- {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلاَ تَتَّقُون}.

ذكرَ أن الكلامَ على هذه الآياتِ مثلُ الكلامِ على نظيرها في قصةِ قومِ نوح. قالَ ما ملخصه: {إِذْ قَالَ} ظرف، أي: كذَّبوهُ حين قالَ لهم: {أَلاَ تَتَّقُون}. ويظهرُ أن قولَهُ هذا صدرَ بعد أن دعاهم من قبل، وكرَّرَ دعوتهم إذ رآهم مصرِّين على الكفر. اهـ.

{أَخُوهُمْ}: يعني أخاهم في النَّسب.

143- {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِين}.

قالَ في الآيةِ (108) من السورة: أي: كيف تستمرون على الشركِ وقد نهيتكم عنه، وأنا رسولٌ لكم، أمينٌ عندكم؟ وكان نوحٌ موسوماً بالأمانة، لا يُتَّهمُ في قومه، كما كان محمدٌ صلى الله عليه وسلم يلقَّبُ الأمينَ في قريش..

144- {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُون}.

{فَاتَّقُوا اللَّهَ} أيها القوم، واحذروا عقابه، {وأطِيعُونِ} في تحذيري إيّاكم، وأمرِ ربِّكم باتِّباعِ طاعته. (الطبري).

145- {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِين}.

قالَ في الآيةِ (110) من السورة: أي: علمتم أني أمينٌ لكم، وتعلمون أني لا أطلبُ من دعوتكم إلى الإيمان نفعاً لنفسي.

147- {فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ}.

أنهار. (روح البيان).

150- {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ}.

فـاتقوا عقابَ الله أيها القومُ على معصيتِكم ربَّكم، وخلافِكم أمرَه، وأطيعونِ في نصيحتي لكم، وإنذاري إيّاكم عقابَ الله تَرشُدوا. (الطبري).

152- {الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ}.

{ٱلَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِى ٱلأَرْضِ} بالظلمِ والكفر، {وَلاَ يُصْلِحُونَ} بالإيمانِ والعدل. والمعنَى أن فسادَهم مصمت، ليس معه شيءٌ من الصلاحِ كما تكونُ حالُ بعضِ المفسدين مخلوطةً ببعضِ الصلاح. (النسفي).

{فِى ٱلأَرْضِ} أي: في أرضِ الحِجر. (روح البيان).

156- {وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ}.

لا تَمسُّوها بما يؤذيها مِن عَقرٍ وقتل، فيَحِلَّ بكم مِن اللهِ عذابُ يومٍ عظيمٌ عذابُه. (منتخب من الطبري).

157- {فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِين}.

عقرتُ البعيرَ نحرتُه، وأصلُ العقرِ ضربُ الساقِ بالسيف… وأُسنِدَ العقرُ إلى كلِّهم لأن عاقرها إنما عَقرَ برضاهم، ولذلك أُخِذوا جميعًا. (روح البيان).

158- {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ}.

أشارَ إلى تقدُّمهِ في قصةِ نوح، وهو في الآيةِ (8) من السورة، ومختصرُ تفسيرهِ هناك:

{لآيَةً}: دلالة.

{وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِين}: إخبارٌ عنهم بأنهم مصرُّون على الكفرِ بعد هذا الدليلِ الواضح. وأُسنِدَ نفيُ الإيمانِ إلى أكثرهم لأن قليلاً منهم يؤمنون حينئذٍ أو بعد ذلك.

159- {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}.

قالَ في مثلها، في الآيةِ (9) من السورة: تذييلٌ لهذا الخبرِ بوصفِ الله بالعزَّة، أي: تمامِ القدرة، فتعلمون أنه لو شاءَ لعجَّلَ لهم العقاب، وبوصفِ الرحمةِ إيماءٌ إلى أن في إمهالهم رحمةً بهم لعلهم يشكرون، ورحيمٌ بك.

161- {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ}.

قال: القولُ في موقعها كالقولِ في سابقتها، والقولُ في تفسيرها كالقولِ في نظيرتها.

ويعني عند ذكرِ قصةِ نوحٍ عليه السلام، في الآية (106) من السورة، قالَ ما ملخصه: {إِذْ قَالَ} ظرف، أي: كذَّبوهُ حين قالَ لهم: {أَلاَ تَتَّقُون}. ويظهرُ أن قولَهُ هذا صدرَ بعد أن دعاهم من قبل، وكرَّرَ دعوتهم إذ رآهم مصرِّين على الكفر.

162- {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ}.

قالَ في الآيةِ (108) من السورة: أي: كيف تستمرون على الشركِ وقد نهيتكم عنه، وأنا رسولٌ لكم، أمينٌ عندكم؟ وكان نوحٌ موسوماً بالأمانة، لا يتَّهمُ في قومه، كما كان محمدٌ صلى الله عليه وسلم يلقَّبُ الأمينَ في قريش..

163- {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ}.

{فَاتَّقُوا اللَّهَ} في أنفسكم، أن يحلَّ بكم عقابهُ على تكذيبِكم رسولَهُ، {وَأَطِيعُونِ} فيما دعوتُكم إليه، أَهدِكم سبيلَ الرشاد. (الطبري).

164- {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ}.

قالَ في الآيةِ (110) من السورة: أي: علمتم أني أمينٌ لكم، وتعلمون أني لا أطلبُ من دعوتكم إلى الإيمان نفعاً لنفسي.

168- {قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُم مِّنَ الْقَالِين}.

يعنى إتيانَ الرجال. (روح البيان).

174- {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ}.

أشارَ إلى تقدُّمهِ في قصةِ نوح، وهو في الآيةِ (8) من السورة، ومختصرُ تفسيرهِ هناك:

{لآيَةً}: دلالة.

{وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِين}: إخبارٌ عنهم بأنهم مصرُّون على الكفرِ بعد هذا الدليلِ الواضح. وأُسنِدَ نفيُ الإيمانِ إلى أكثرهم لأن قليلاً منهم يؤمنون حينئذٍ أو بعد ذلك.

175- {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}.

قالَ في مثلها، في الآيةِ (9) من السورة: تذييلٌ لهذا الخبرِ بوصفِ الله بالعزَّة، أي: تمامِ القدرة، فتعلمون أنه لو شاءَ لعجَّلَ لهم العقاب، وبوصفِ الرحمةِ إيماءٌ إلى أن في إمهالهم رحمةً بهم لعلهم يشكرون، ورحيمٌ بك.

176- {كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ الْمُرْسَلِين}.

قالَ في الآيةِ (105) من السورة، في قصةِ نوحٍ عليه السلام: … كان تكذيبهم إيّاه مقتضياً تكذيبَ كلِّ رسول؛ لأن كلَّ رسولٍ يقولُ مثلَ ما قالَهُ نوحٌ عليه السلام، ولذلك تكرَّرَ في قوله: {كَذّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ} [سورة الشعراء: 123] وما بعده.

178- {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِين}.

قالَ في الآيةِ (108) من السورة: أي: كيف تستمرون على الشركِ وقد نهيتكم عنه، وأنا رسولٌ لكم، أمينٌ عندكم؟ وكان نوحٌ موسوماً بالأمانة، لا يتَّهمُ في قومه، كما كان محمدٌ صلى الله عليه وسلم يلقَّبُ الأمينَ في قريش..

179- {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُون}.

{فَـاتَّقُوا} عقابَ اللَّهِ علـى خلافِكم أمرَهُ، {وَأَطِيعُونِ} تَرُشدوا. (الطبري).

180- {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِين}.

قالَ في الآيةِ (110) من السورة: أي: علمتم أني أمينٌ لكم، وتعلمون أني لا أطلبُ من دعوتكم إلى الإيمان نفعاً لنفسي.

183- {وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِين}.

ذكرَ أنه تقدَّمَ في سورةِ هود، ويعني أثناءَ تفسيرهِ الآيةِ (85) منها، قالَ (ملخصًا): العَثْيُ هو الفساد.  وقوله: {مُفْسِدِين} حالٌ مؤكدةٌ لعاملها، مبالغةً في النهي عن الفساد. والمراد: النهيُ عن الفسادِ كلِّه، كما يدلُّ عليه قوله: {فِي الأَرْضِ}، المقصودُ منه تعميمُ أماكنِ الفساد…

184- {وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ}.

واخشَوا اللهَ واحذَروا نقمتَهُ إذا خالفتُم أمرَه. (الواضح).

186- {وَمَا أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا}.

قالَ في مثيلتها، في الآيةِ (154) من السورة، وهي عن صالحٍ عليه السلام: بشرٌ مثلُنا تأكلُ وتشرب… (الطبري).

187- {فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}.

في دعواك. (فتح القدير).

189- {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}.

{فَكَذَّبُوهُ} أي: أصرُّوا على تكذيبهِ بعد وضوحِ الحجةِ وانتفاءِ الشبهة.

{إِنَّهُ} أي: عذابُ يومِ الظلَّة، {كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}: وعظمهُ لعظمِ العذابِ الواقعِ فيه. (روح البيان).

190- {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ}.

قالَ عند تفسيرهِ الآيةَ (8) من السورة، مختصرًا:

{لآيَةً}: دلالة.

{وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِين}: إخبارٌ عنهم بأنهم مصرُّون على الكفرِ بعد هذا الدليلِ الواضح. وأُسنِدَ نفيُ الإيمانِ إلى أكثرهم لأن قليلاً منهم يؤمنون حينئذٍ أو بعد ذلك.

191- {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}.

قالَ في مثلها، في الآيةِ (9) من السورة: تذييلٌ لهذا الخبرِ بوصفِ الله بالعزَّة، أي: تمامِ القدرة، فتعلمون أنه لو شاءَ لعجَّلَ لهم العقاب، وبوصفِ الرحمةِ إيماءٌ إلى أن في إمهالهم رحمةً بهم لعلهم يشكرون، ورحيمٌ بك.

194- {عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِين}.

المخوِّفين، مما يؤدِّي إلى عذابٍ من فعلٍ أو ترك. (روح البيان).

205- {أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِين}.

جعلنا مشركي قريشٍ متمتِّعين منتفعين. (روح البيان).

207- {مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُون}.

المعنى: أنهم وإن طالَ تمتعهم بنعيمِ الدنيا، فإذا أتاهم العذابُ لم يُغنِ عنهم طولُ التمتعِ شيئاً، ويكونون كأنهم لم يكونوا في نعيمٍ قط. (البغوي).

214- {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}.

حذِّرهم من عذابنا أن يَنزلَ بهم بكفرهم. (الطبري).

227- {إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}.

… إلاّ الشُّعَراءَ الذينَ صدَقوا في إيمانِهم، وأحسَنوا في أعمالِهم، ولم يَشغَلْهمُ الشِّعرُ عن طاعةِ ربِّهم وذكرِه… (الواضح).

سورة النمل

1- {طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ}.

ذكرَ أن نظيرها آيةُ سورةِ الحِجر (الأولى)، وقد قالَ هناك: الإشارةُ إلى ما هو معروفٌ قبلَ هذه السورةِ من مقدارِ ما نزلَ بالقرآن، أي: الآياتُ المعروفةُ عندكم، المتميزةُ لديكم تميزاً كتميزِ الشيءِ الذي تمكنُ الإشارةُ إليه هي آياتُ الكتاب.

2- {هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}.

أي: حالَ كونِ تلك الآياتِ هاديةً لهم… ومعنى هدايتها لهم وهم مهتدون، أنها تزيدهم هدى. (روح البيان).

3- {وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}.

… وأيقنَ بالدارِ الآخرة، والبعثِ بعد الموت، والجزاءِ على الأعمال: خيرِها وشرِّها، والجنةِ والنار… (ابن كثير).

12- {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آَيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ}.

أشارَ إلى أنه مضى في سورةِ طه {وَٱضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ آيَةً أُخْرَىٰ}  (الآية 22)، ومما قالَه هناك مختصرًا: … بأن يدخلَ يدَهُ في جَيْبِ قميصهِ حتى تماسَّ بَشَرةَ جنبه، وقد جعلَ الله تغيُّرَ لونِ جلدِ يدهِ مماستُها جناحَهُ، تشريفاً لأكثرِ ما يناسبُ من أجزاءِ جسمهِ بالفعلِ والانفعال. ومعنى {مِنْ غَيْرِ سُوءٍ}: من غيرِ مرض، مثلِ البَرصِ والبَهق، بأن تصيرَ بيضاءَ، ثم تعودَ إلى لونها المماثل، لونَ بقيةِ بشرته. اهـ.

قالَ البغوي: الجيبُ حيثُ جِيبَ من القميص، أي قُطِع.

{إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ}: خارجين عن أمرِ الله، كافرين. (النسفي).

13- {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ}.

تفسيرُ الآية: فلمَّا جاءَتهُم هذه المعجزات، وظهرتْ على يدَي موسَى بيِّنةً واضحة، قالوا: هذا سحرٌ ظاهرٌ بيِّن! (الواضح).

18- {لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}.

وهم لا يعلـمون أنهم يحطمونكم. (الطبري).

19- {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِين}.

{نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ}: من العلمِ والنبوةِ والملكِ والعدلِ وفهمِ كلامِ الطيرِ ونحوها. (روح البيان).

{وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ}: وأوزعني أن أعملَ بطاعتِكَ وما ترضاه. (الطبري).

{بِرَحْمَتِكَ}: فإنه لا يدخلُ الجنةَ أحدٌ إلا بالرحمةِ والفضل، لا بالعمل. (روح البيان).

24- {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ}.

وقد حسَّنَ الشَّيطانُ الأعمالَ الشِّركيَّةَ في قلوبِهم، فمنعَهم بذلكَ مِن طريقِ الحقِّ والصَّواب، فهم لا يَهتدونَ إليها. (الواضح).

وقد ذكرَ صاحبُ الأصلِ أن تزيينَ الأعمالِ تقدَّمَ في أولِ السورة { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ } (الآية 4)، ومما قالَهُ هناك: … وسوسةُ الشيطانِ تجدُ في نفوسِ أولئك مرتعاً خصباً ومنبتاً لا يقحل، فالله تعالى مزيِّنٌ لهم بسببِ تطورِ جبلَّةِ نفوسهم، من أثرِ ضعفِ سلامةِ الفِطَر عندهم، والشيطانُ مزيِّنٌ لهم بالوسوسةِ التي تجدُ قبولاً في نفوسهم.

28- {ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ}.

 تَنحَّ عنهم، فكنْ قريباً منهم. (البغوي).

29- {قَالَتْ يَاأَيُّهَا المَلأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيم}.

ذكرَ أن (الإلقاءَ) تقدَّمَ آنفًا (الآيةُ السابقة)، ومما قالَه: الإلقاء: الرميُ إلى الأرض…

30- {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}.

فسَّرَ البسملةَ في سورةِ الفاتحة، وكان مما قالَ هناك: {بِسْمِ}: أصلُ الاسمِ في كلامِ العربِ هو العلَم، ولا توضعُ الأعلامُ إلا لشيءٍ مهتمٍّ به، (الله) هو اسمُ الذاتِ الواجبِ الوجود، المستحقِّ لجميعِ المحامد. وأصلُ هذا الاسم: الإله، بالتعريف، وهو تعريفُ (إلاه)، الذي هو اسمُ جنسٍ للمعبود، مشتقٌّ من أَلَهَ بفتحِ اللام، بمعنى عبد، أو من أَلِهَ بكسرِ اللام، بمعنى تحيَّرَ أو سكنَ أو فزعَ أو ولع، مما يرجعُ إلى معنًى هو ملزومٌ للخضوعِ والتعظيم…

{الرَّحْمـَنِ الرَّحِيم}: وصفانِ مشتقانِ من رَحِم… واسمُ الرحمةِ موضوعٌ في اللغةِ العربيةِ لرقةِ الخاطرِ وانعطافه…

ومما قالَ أيضًا: وبعدَ كونِ كلٍّ من صفتَي الرحمنِ الرحيمِ دالةً على المبالغةِ في اتصافهِ تعالى بالرحمة، فقد قالَ الجمهور: إن الرحمنَ أبلغُ من الرحيم، بناءً على أن زيادةَ المبنى تؤذنُ بزيادةِ المعنى، وإلى ذلك مالَ جمهورُ المحققين…

38- {قَالَ يَاأَيُّهَا المَلأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِين}.

{المَلأُ}: قالَ في الآيةِ (60) من سورةِ الأعراف: الملأ: الجماعةُ الذين أمرُهم واحد، ورأيهم واحد؛ لأنهم يُمالىءُ بعضُهم بعضاً، أي: يعاونهُ ويوافقه. ويطلقُ الملأُ على أشرافِ القومِ وقادتهم؛ لأن شأنهم أن يكونَ رأيهم واحداً عن تشاور.. اهـ.

{قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِين} أي: قبلَ أن تأتيني هي وقومُها مسلمين. قيل: إنما أرادَ سليمانُ أخذَ عرشها قبل أن يصلوا إليه ويُسلِموا؛ لأنها إذا أسلمتْ وأسلمَ قومُها لم يحلَّ أخذُ أموالهم بغيرِ رضاهم. (فتح القدير).

39- {قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِين}.

معنى قولِ العفريت، أنه سيأتي بالعرشِ إلى سليمانَ قبلَ أن يقومَ من مجلسهِ الذي يجلسُ فيه للحكومةِ بين الناس. {وَإِنّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ}: إني لقويٌّ على حمله، أمينٌ على ما فيه. (فتح القدير).

40- {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيم}.

{غَنِيٌّ} عن شكره، {كَرِيمٌ} في تركِ المعاجلةِ بالعقوبةِ بنزعِ نعمهِ عنه، وسلبهِ ما أعطاهُ منها. (فتح القدير).

41- {قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لاَ يَهْتَدُون}.

{أَتَهْتَدِي} إلى معرفته، أو إلى الإيمانِ بالله، {أَمْ تَكُونُ مِنَ ٱلَّذِينَ لاَ يَهْتَدُونَ} إلى ذلك؟ (فتح القدير).

42- {فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِين}.

{قِيلَ} لها، والقائلُ هو سليمان، أو غيرهُ بأمره: {أَهَكَذَا عَرْشُكِ}؟ لم يقلْ: هذا عرشك؛ لئلّا يكونَ ذلك تلقيناً لها، فلا يتمُّ الاختبارُ لعقلها، {قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ}، قالَ مجاهد: جعلتْ تعرفُ وتُنكر، وتَعْجَبُ مِن حضورهِ عند سليمان، فقالت: كأنه هو! وقالَ مقاتل: عرفته، ولكن شَبَّهتْ عليهم كما شَبَّهوا عليها، ولو قيلَ لها: أهذا عرشك؟ لقالت: نعم. (فتح القدير).

{وَكُنَّا مُسْلِـمِينَ} لله مِن قبلِها. (الطبري).

44- {فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً}.

 وهي معظمُ الماء. (البغوي، وغيره).

45- {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا}.

أخاهم في النسب.

47- {قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُون}.

{وَبِمَن مَّعَكَ} ممن أجابكَ ودخلَ في دينك.

{تُفْتَنُون} أي: تُمتحَنون وتُختَبرون.. (فتح القدير).

54- {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُون}.

أي: الفعلةَ المتناهيةَ في القبحِ والشناعة. (فتح القدير).

55- {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}.

أتأتون الرِّجالَ في أدبارِهم لقضاءِ شهوتِكم وتدَعونَ ما خلقَ اللهُ لكم مِن الزَّوجاتِ وهنَّ محلُّ الشَّهوة؟ بل أنتم سفهاءُ ماجنون، تجهلونَ عاقبةَ فعلِكمُ الفاحش، الذي هو انتكاسةٌ للفطرةِ والرجولة، وشذوذٌ وانحرافٌ في السُّلوك، وأمراضٌ جنسيَّةٌ وغيرُ جنسيَّة، وعقوبةٌ في الدُّنيا، وعذابٌ في الآخرة. (الواضح).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى