كتب وبحوث

التسلط الطائفي للشيعة في عهد البويهيين

التسلط الطائفي للشيعة في عهد البويهيين

إعداد د. مجيد الخليفة

لقد كان النسيج الاجتماعي للعراق في العصر العباسي الأول (132 – 332هـ) متجانساً برغم ما فيه من تنوع عرقي وديني، وشكلت بغداد في ذلك الوقت منارة للعلوم والفنون، ولا بدَّ لكل باحث عن المجد والذكر أن يمرَّ عليها، فيجاور فيها ما شاء الله أن يجاور؛ ليرتشف العلم على يد علمائها، وينغمس في طيب مائها وعذب هوائها. وانظر إلى جميل وصف الخطيب البغدادي (ت 463هـ) – مؤرخ بغداد – لها إذ يقول: «لم يكن لبغداد في الدنيا نظير في جلالة قدرها، وفخامة أمرها، وكثرة علمائها وأعلامها، وتميز خواصها وعوامها، وعظم أقطارها وسعة أطرارها وكثرة دورها ومنازلها، ودروبها وشعوبها، ومحالها وأسواقها، وسككها وأزقتها ومساجدها وحماماتها، وطرزها وخاناتها، وطيب هوائها وعذوبة مائها، وبرد ظلالها وأفيائها، واعتدال صيفها وشتائها، وصحة ربيعها وخريفها، وزيادة ما حصر من عدة سكانها، وأكثر ما كانت عمارة وأهلاً في أيام الرشيد، إذ الدنيا قارة المضاجع، خصيبة المراتع، موردة المشارع، ثم حدثت بها الفتن، وتتابعت على أهلها المحن، فخرب عمرانها، وانتقل قطانها؛ إلا أنها كانت قبل وقتنا؛ والسابق لعصرنا على ما بها من الاختلال والتناقص في جميع الأحوال، مباينة لجميع الأمصار، ومخالفة لسائر الديار»[1].

وعندما رحل الشافعي إلى مصر سأل تلميذه يونس بن عبد الأعلى: يا يونس هل رأيت بغداد؟ فقال: لا، فقال الشافعي: ما رأيت الدنيا ولا الناس. وكان الشافعي يقول: ما دخلت بلداً قط إلا عددته سفراً، إلا بغداد فإني حين دخلتها عددتها وطناً[2].

ووصف أكثر من مؤرخ وعالم أهل بغداد بالرقة والألفة وحسن الخلق، حتى إن الغريب لم يكن ليحس فيها إلا كأنه بين أهله وأصحابه، وعن هذه الأخلاق يتحدث ذو النون المصري (ت 245هـ) وهو في مصر يقول: «من أراد أن يتعلم المروءة والظرف فعليه بسقاةِ الماء ببغداد، قيل له: وكيف ذاك؟ فقال لما حملت إلى بغداد ورمي بي على باب السلطان مقيداً، فمرَّ بي رجل متزر بمنديل مصري، معتم بمنديل ديبقي، بيده كيزان خزف رقاق، وزجاج مخروط، فسألت: هذا ساقي السلطان؟ فقيل لي: لا، هذا ساقي العامة، فأومأت إليه: اسقني، فتقدم وسقاني، فشممت من الكوز رائحة مسك، فقلت لمن معي: ادفع إليه ديناراً، فأعطاه الدينار، فأبى وقال: لست آخذ شيئاً، فقلت له: ولم؟ فقال: أنت أسير وليس من المروءة أن آخذ منك شيئاً، فقلت: كمل الظرف في هذا»[3].

ويبدو أن هناك عوامل كثيرة أعانت أهل بغداد على الخلق الكريم، ذكرها غير واحد من العلماء، وتقدم نص الخطيب البغدادي في ذلك، كما لا أنسى الاختيار الموفق لموقع المدينة لمؤسسها الخليفة أبو جعفر المنصور، يضاف إلى ذلك التنوع الفكري والسكاني فيها، قال أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي: «ثم إن بغداد سميت حين سكنت مدينة السلام، فليس في الأرض مدينة على هذا الاسم غيرها.. هذا إلى تركنا ذكر أشياء كثيرة من مناقبها التي أفردها الله بها دون سائر الدنيا شرقاً وغرباً، وبين ذلك من الأخلاق الكريمة، والسجايا المرضية، والمياه العذبة الغدقة، والفواكه الكثيرة الدمثة، والأحوال الجميلة، والحذق في كل صنعة، والجمع لكل حاجة، والأمن من ظهور البدع، والاغتباط بكثرة العلماء والمتعلمين، والفقهاء، والمتفقهين، ورؤساء المتكلمين، وسادة الحساب والنحوية، ومجيدي الشعراء، ورواة الأخبار والأنساب وفنون الآداب، وحضور كل طرفة، واجتماع ثمار الأزمنة في زمن واحد»[4].

تسلط البويهيين على بغداد:

اختلف المؤرخون في نسب بني بويه، فمنهم من يقول إن أصلهم فارسي، وإنهم من نسل يزدجرد آخر ملوك الفرس، ومنهم من يقول إن أصلهم من بلاد الديلم، وهم أقوام سكنوا الجنوب الغربي لبحر الخزر (قزوين)، والرأي الثاني هو الذي تطمئن له النفس، فأبوهم: أبو شجاع بويه، كان صياداً فقيراً، ومغموراً لم يكن يعرفه أحد من الناس، إلا أن أولاده الثلاثة كان لهم شأن آخر، فعملوا في بداية أمرهم في خدمة أمراء نيسابور وجرجان، ثم تآمر هؤلاء الأخوة الثلاثة على أمير نيسابور واحتالوا عليه وقتلوه سنة 323هـ، وبدأت الأمور تستتب لهم في بلاد فارس، خاصة بعد ادعائهم أنهم من نسل الأكاسرة.

كان لـ(علي، وحسن، وأحمد) – أولاد بني بويه، وبهم سموا تاريخياً – طموح واسع يتعدى حدود بلاد فارس، فاتجهت أنظارهم نحو دار الخلافة العباسية، طمعاً في إضفاء شرعية على هيمنتهم، فقام علي – الأخ الأكبر – بإرسال رسول إلى الخليفة الراضي يطلب اعترافه بسلطانه على فارس، فبعث إليه الخليفة بخلعة السلطنة والمنشور مع أحد رسله[5].

كانت الخلافة العباسية في ذلك الوقت تعاني من تسلط الأتراك عليها، وكانت الأحوال الاقتصادية والمعيشية تزداد سوءاً، وكان الأخوة البويهيون لا يخفون اهتمامهم بالعراق، إذ وصلت طلائع جيشهم إلى واسط، الأمر الذي شجع بعض القادة المقربين من الخليفة المستكفي على مراسلة البويهيين وطلب المجيء منهم إلى بغداد، أملاً في أن يكونوا عوناً لهم في إدارة الدولة، فكانوا كالمستجير من الرمضاء بالنار، فاستغل أحمد بن بويه هذا الأمر ودخل بغداد في جمادى الأولى من سنة 332هـ، وقد رحب به الخليفة المستكفي، وخلع عليه وعلى أخوته الألقاب، فصار أحمد يلقب بمعز الدولة، ولقب علياً بركن الدولة، وصار الحسن بعضد الدولة.

لم يكن البويهيون يخفون عداءهم لبني العباس، بل فكروا جدياً في إنهاء الخلافة العباسية، والبيعة للخلافة العبيدية بمصر، قال ابن الأثير: «كان من أعظم الأسباب في ذلك أن الديلم كانوا يتشيعون، ويغالون في التشيع، ويعتقدون أن العباسيين قد غصبوا الخلافة وأخذوها من مستحقيها، فلم يكن عندهم باعث ديني يحثهم على الطاعة، حتى لقد بلغني أن معز الدولة استشار جماعة من خواص أصحابه في إخراج الخلافة من العباسيين والبيعة للمعز لدين الله العلوي، أو لغيره من العلويين، فكلهم أشار عليه بذلك ما عدا بعض خواصه، فإنه قال: ليس هذا برأي فإنك اليوم مع خليفة تعتقد أنت وأصحابك أنه ليس من أهل الخلافة، ولو أمرتهم بقتله لقتلوه مستحلين دمه، ومتى أجلست بعض العلويين خليفة، كان معك من يعتقد أنت وأصحابك صحة خلافته، فلو أمرهم بقتلك لفعلوه، فأعرض عن ذلك، فهذا كان من أعظم الأسباب في زوال أمرهم ونهبهم مع حب الدنيا وطلب التفرد بها»[6].

وقد أصبح وجود الخليفة في هذا العهد لا قيمة له، إذ اتخذ معز الدولة عدداً من الإجراءات التي تدل على استهانته بمؤسسة الخلافة العباسية ككل، من ذلك:

منع الخليفة من التصرف في أموال الدولة والاستيلاء على موارد بيت المال مع تحديد راتب شهري للخليفة العباسي.

انتقال صلاحية تعيين الوزراء والكتاب إلى البويهيين وليس من حق الخليفة تعيين وزير أو كاتب.

عدم إشراك الخلفاء والأخذ برأيهم في قضايا ذات علاقة بسيادة الخليفة، فأصبحت المعاهدات تعقد بدون علم الخليفة وبدون توقيعه.

ولم يكتفِ البويهيون بذلك بل عاملوا خلفاء بني العباس معاملة سيئة وعمدوا إلى إذلالهم والتقليل من شأنهم، وقد ظهر ذلك جلياً عند قدوم البويهيين إلى بغداد، فبعد أربعين يوماً فقط من دخولهم عاصمة الخلافة خلعوا الخليفة المستكفي بالله بطريقة مذلة جداً، قال ابن كثير: «لما كان اليوم الثاني والعشرين من جمادى الآخرة، حضر معز الدولة إلى دار الخلافة، فجلس على سرير بين يدي الخليفة، وجاء رجلان من الديلم فمد الخليفة يده لهما ظناً منه أنهما يريدان تقبيلها، فمدا أيديهما إلى الخليفة فأنزلاه عن كرسيه وسحباه، فتحربت عمامته في حلقه، ونهض معز الدولة واضطربت دار الخلافة، حتى خاض إلى الحريم، وتفاقم الوضع، وسيق الخليفة إلى دار معز الدولة فاعتقل بها، وأحضر أبو القاسم الفضل بن المقتدر، فبويع بالخلافة، وسملت عينا المستكفي وأودع السجن، فلم يزل فيه مسجوناً حتى كانت وفاته في سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة»[7].

وهكذا أصبحت الخلافة العباسية تحت سلطة البويهيين من النواحي كافة، ولم يكن الخليفة يتمتع بأي دور سياسي، خاصة خلال الحقبة الأولى من السيطرة البويهية، على أن البويهيين مع ذلك شجعوا التشيع بشكل لافت للنظر، وحاولوا تشجيع الشيعة على إقامة شعائرهم بصورة مستمرة، وكان ذلك على وجه الخصوص في عاشوراء وذي الحجة.

ولكن لا يمكن القول إن البويهيين كانوا شيعة إثنى عشرية، كما حاول كتاب ومؤرخو هذه الطائفة فيما بعد إثبات هذا الادعاء بحجج واهية[8]، والراجح لدينا وعند المحققين من المؤرخين أنهم كانوا شيعة زيدية، وقد حصل بينهم وبين العبيديين (الفاطميون) تقارب كبير وصل إلى درجة التحالف، ولكن مع ذلك فإن البويهيين كان تشيعهم تشيعاً سياسياً ولم يكن تشيعاً عقدياً، ولا نستبعد أن يكون هؤلاء قد ركبوا موجة التشيع التي بدأت تظهر نتيجة لضعف الخلافة العباسية من جهة، وظهور دول شيعية في أقاليم عديدة من العالم الإسلامي في ذلك الوقت، والذي يعضد ما ذهبنا إليه ما ذكره ابن الجوزي عن أحد القرامطة قوله: «لو فطنا لما فطن له ابن بويه الديلمي، لاستقامت أمورنا، وذلك أنه ترك المذاهب جانباً، وطلب الغلبة والملك، فأطاعه الناس»[9].

على كل حال، لم يكن للتشيع ذكر في بغداد إلا مع دخول البويهيين دار الخلافة وسيطرتهم على مقدراتها، وقد ظهر التسلط الشيعي الطائفي على السنة واضحاً جلياً خلال حقبة حكمهم، ويمكن ملاحظة ذلك على صعيدين: عام وخاص.

التسلط الطائفي الشعبي:

عندما يطلع القارئ على الروايات التاريخية التي ذكرها مؤرخو هذه الحقبة – من أمثال ابن الجوزي وابن الأثير وابن كثير – يلاحظ بجلاء أن البويهيين كانوا يشجعون الدهماء من الشيعة على إظهار السب والطعن في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحدثت بسبب ذلك فتن كثيرة وأريقت فيها دماء في بغداد خاصة في عاشوراء، فقد عمل معز الدولة البويهي على إحياء الطقوس الشيعية والاحتفال بها على نحو لم يحدث من قبل، دون تبصر بعواقب الأمور والآثار الاجتماعية التي يمكن أن تؤدي إلى إثارة الفتن والاقتتال بين أهل بغداد.

فأمر معز الدولة في محرم سنة 352هـ بالاحتفال بيوم عاشوراء، وأمر الناس بإظهار الحزن والحداد، كما وجه بغلق الحوانيت والأسواق، قال الذهبي: «ألزم معز الدولة الناسَ بغلق الأسواق ومنع الهرَّاسين والطبّاخين من الطبيخ، ونصبوا القباب في الأسواق، وعلّقوا عليها المُسُوح، وأخرجوا نساءً منشَّرات الشعور مضجّات يلطمن في الشوارع، ويُقِمْن المآتمَ على الحسين عليه السلام، وهذا أول يوم نيح عليه ببغداد»[10]، قال أبو المحاسن: «هذا أول يوم وقع فيه هذه العادة القبيحة الشيعية ببغداد، وكان ذلك في صحيفة معز الدولة بن بويه؛ ثم اقتدى به من جاء بعده من بني بويه، وكلّ منهم رافضي خبيث»[11]، ولم يكتفِ معز الدولة البويهي بإظهار طقوس التشيع في هذه المناسبة فحسب، بل أحيى ما يعرف بعيد الغدير، وهو اليوم الذي يزعم الشيعة أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى لعلي بن أبي طالب بالولاية له، ويوافق ذلك الثامن عشر من ذي الحجة، ويعد هذا التاريخ هو أول تاريخ مسجل لدينا لاحتفالات الشيعة العلنية والتي ستظهر فيما بعد كلما بدت لهم سطوة وحصل لهم تمكن في مختلف الحقب التاريخية.

لقد أدت هذه الطقوس الشيعة والاحتفالات البدعية التي ظهرت في بغداد لأول مرة، وبدعم مباشر من البويهيين إلى تمزيق النسيج الاجتماعي المتجانس الذي كانت بغداد تتسم به منذ تأسيسها على يد أبي جعفر المنصور، ولم يكن للشيعة ذكر في بغداد حتى هذا التاريخ، إلا أنهم شعروا بالتعاطف البويهي فاستغلوه أسوأ استغلال، لاسيما وهم يدركون ضعف الخلفاء العباسيين وتسلط البويهيين على رقابهم، فأخذوا في إظهار السب بصورة علنية، ومن ذلك ما ذكره ابن الأثير في حوادث سنة 351هـ: «كتب عامة الشيعة ببغداد بأمر معز الدولة على المساجد ما هذه صورته: لعن الله معاوية بن أبي سفيان، ولعن من غصب فاطمة – رضي الله عنها – فدكاً، ومن منع من أن يدفن الحسن عند قبر جده – عليه السلام، ومن نفى أبا ذر الغفاري، ومن أخرج العباس من الشورى»[12]، وقد قام أهل السنة بمحو هذه الكتابات ليلاً في تحدٍ ظاهر لسلطة البويهيين، مما آلم معز الدولة وعد هذا الأمر تحدياً لإرادته، وصمم على إعادة كتابة ما مُحي، إلا أن بعض الناصحين من حاشيته نصحه بتخفيف العبارات، وكتابة عموميات، فكتب عبارة: «لعن الله الظالمين لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم».

وفي واقع الحال لم تكن هذه الأحداث إلا بداية لحوادث سنوية ستتكرر كثيراً في كل عام تقريباً من حقبة تسلط البويهيين على الخلافة، وكانت الفتنة تحصل في كل عام تقريباً، حتى إن ابن كثير يذكر في مبدأ كل سنة من هذه الحقبة عبارة: «في عاشر المحرم (من سنة 353هـ) عملت الرافضة عزاء الحسين كما تقدم في السنة الماضية، اقتتل الروافض وأهل السنة في هذا اليوم قتالاً شديداً وانتهبت الأموال»، وذكر أيضاً حدوث الفتنة في سنة 354هـ وفي سنة 355هـ وغيرها.

وقد استغل الروم انشغال الناس بالفتنة في عاصمة الخلافة فتجرؤوا على الثغور واعتدوا على ديار المسلمين، من ذلك ما حدث في سنة 361هـ: «في عاشر المحرم منها عملت الروافض بدعتهم كما تقدم، وفي المحرم منها أغارت الروم على الجزيرة وديار بكر فقتلوا خلقاً من أهل الرها، وساروا في البلاد كذلك يقتلون ويأسرون ويغنمون إلى أن وصلوا نصيبين ففعلوا ذلك… فعند ذلك ذهب أهل الجزيرة إلى بغداد وأرادوا أن يدخلوا على الخليفة المطيع لله وغيره يستنصرونه ويستصرخون، فرثا لهم أهل بغداد وجاؤوا معهم إلى الخليفة فلم يمكنهم ذلك، وكان بختيار بن معز الدولة مشغولاً بالصيد فذهبت الرسل وراءه فبعث الحاجب سبكتكين يستنفر الناس، فتجهز خلق كثير من العامة، وكتب إلى تغلب أن يعد الميرة والإقامة، فأظهر السرور والفرح، ولما تجهزت العامة للغزاة وقعت بينهم فتنة شديدة بين الروافض وأهل السنة، وأحرق أهل السنة دور الروافض في الكرخ وقالوا: الشر كله منكم»[13].

والذي يطلع على الحقبة التي تسلط فيها البويهيون على مؤسسة الخلافة يجد أن السمة الغالبة على تاريخهم في بغداد هي كثرة الفتن والاقتتال الداخلي بين أهل السنة والشيعة، كما يلاحظ انحياز واضح من قبل البويهيين للشيعة، في مقابل غياب تام للخليفة العباسي، ومع ذلك فإن الأمور بدأت تسير في غير صالحهم، خاصة مع مجيء أمراء ضعاف من البويهيين، وكانت هناك محاولة طيبة في مبدأ المائة الخامسة من الخليفة القادر بالله، الذي كان يتمتع بشيء من القوة، فمال إلى علماء السنة وخنس الشيعة بضع سنين.

ومع هذا فإن الشيعة كانت دائماً تضمر الفتنة في قلوبهم، ويحاولون قدر المستطاع النيل من رموز أهل السنة وعلمائهم، وربما تكون سنة 443هـ أقسى عام مرَّ على بغداد بسبب هذه الفتنة، ويذكر ابن كثير ذلك فيقول: «في صفر منها وقع الحرب بين الروافض والسنة، فقتل من الفريقين خلق كثير، وذلك أن الروافض نصبوا أبراجاً وكتبوا عليها بالذهب: محمد وعلي خير البشر، فمن رضي فقد شكر، ومن أبى فقد كفر، فأنكرت السنة إقران علي مع محمد صلى الله عليه وسلم في هذا، فنشبت الحرب بينهم، واستمر القتال بينهم إلى ربيع الأول»[14].

:: مجلة البيان العدد  349 رمــضــان  1437هـ، يـونـيـو  2016م.

[1] تاريخ بغداد: 1/131.

[2] البداية والنهاية: 10/109.

[3] ابن الجوزي، المنتظم: 8/84.

[4] تاريخ بغداد: 1/74.

[5] محمد حسين الزبيدي، العراق في العصر البويهي: ص32.

[6] الكامل في التاريخ: 7/160.

[7] البداية والنهاية: 10/64.

[8] ينظر العاملي، أعيان الشيعة: 2/364.

[9] المنتظم: 13/283.

[10] تاريخ الإسلام: 26/6.

[11] النجوم الزاهرة: 3/334.

[12] الكامل في التاريخ: 7/239.

[13] البداية والنهاية: 11/307.

[14] البداية والنهاية: 12/79.

(المصدر: مجلة البيان)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى