تقارير وإضاءات

الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مشروع حضاري للأمة الإسلامية

الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مشروع حضاري للأمة الإسلامية

منذ تأسيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في مطلع عام 2004 إلى الآن ، حمل الاتحاد على عاتقه الحفاظ على الهوية الإسلامية للأمة لتبقى دائما أمة وسطا ، فقد رسم لنفسه أهدافا أساسية  أعلنها عند التأسيس وظل يطور تلك الأهداف حتى وضعها في آفاقها الاستراتيجية  وهويتها الإسلامية، وخاصة  تقوية الروح الإسلامية في الشخصية الفردية والجماعية لتهيئة  الأمة للقيام بدورها العباديّ ، ورسالتها في عمارة الأرض وأداء واجبات الاستخلاف والشهود الحضاري على الناس ، بحيث تكون ثمرة تديّنِها عملا نافعا، وخلقا قويما ، ورشدا في الفكر، وسموا في الأخلاق ، وتكون أسوة حسنة للناس كافة .

للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين دورا رياديا في حل مشاكل الأمة، وجمعها على مصالحها العامة ، وعمل على إجهاض  العديد من المشاريع المعادية للإسلام، واستطاع بمنهجيته الوسطية ورزانة قياداته ، بالإضافة إلى الحشد الكبير الذي ينتسب إليه علماء الأمة  من مختلف بقاع الأرض أن يجعل لنفسه مرجعية شعبية حقيقية لجماهير الأمة في مختلف القضايا، فبانتشار أعضائه في القارات الخمس و ممارستهم النشاط العلمي باسم الاتحاد، أصبح الكثير من الدوائر الشعبية والرسمية تعتبر الاتحاد المرجع العلمي الموثوق به، ولذلك فقد أصبح مقصدا لهذه  الدوائر ومحطّا لأنصارها في فتاويه ومواقفه وبياناته، وهذا إنجاز هام يسجل للاتحاد .

 أصدر الاتحاد جملة من المواثيق في القضايا الهامة والجدلية التي تثار فيها الخلافات، وذلك بقصد أن تكون هذه المواثيق مرجعية يلتقي عندها المسلمون ويجتمعون عليها، ومن أبرز إنجازاته في هذا الصدد هو إصداره (الميثاق الإسلامي) الذي على أساسه ينتمي العلماء إلى الاتحاد ، فقد تناول فيه أهم القضايا من الجهة التي يراها الاتحاد في كافة المجالات العقدية والتشريعية، كذلك إصداره لـ (ميثاق الأسرة) الذي يسعى به إلى أن يصبح وثيقة دولية موازية للوثائق الدولية في هذا المجال .

 ولا ننسى وثيقة ثوابت الإسلام، التي انبثقت عن مؤتمر مميّز بعنوان ” مؤتمر وثيقة العلماء في ثوابت الإسلام “،  شارك فيه عدد كبير من علماء الأمة حينما ظهرت دعوات تهدف إلى هدم بعض الثوابت الدينية .

يولي الاتحاد اهتماما كبيرا قضايا الأمة الإسلامية، فقد شارك في الكثير من الأحداث والمؤتمرات العالمية التي تتعلق بالمسلمين، كان ولا يزال حاضرا، بل فاعلا في معظم المؤتمرات والندوات وورش العمل التي عقدت في تركيا، ماليزيا، إندونيسيا وغيرها حول القضية الفلسطينية، حيث كان للاتحاد رأيه ورؤيته ومشروعه الفكري لعودة القدس الشريف وجميع الأراضي المحتلة إلى أهلها . بالإضافة إلى ما سبق، فإن الاتحاد كان له موقفه الواضح من خلال بياناته عن أي خطورة أو أي مشروع يتعلق بهذه القضية.

 ومما تجدر الإشارة إليه أن الاتحاد كان له  دور كبير في تحقيق الصلح والمصالحة بين الأمم والشعوب والجماعات والحركات الإسلامية وبين الحكام وشعوبهم، حيث يعتبر تحقّق إصلاح ذات البين من أهم الأهداف التي يستهدفها الاتحاد، وعمليا فقد قام الاتحاد بعدة جهود مباركة للصلح والإصلاح على كافة المستويات، من أهمها المصالحة بين القيرغيز والأوزبك عام 2010 م، حيث تم الاتفاق على قبولهم بالصلح العادل بفضل الله تعالى، كذلك سعى الاتحاد بالصلح في داغستان بين الحكومة ومجموعة من الشباب الإسلاميين عام 2013، ولا ننسى جهود الاتحاد في المساهمة في المصالحة في الصومال عام 2011 والمصالحة في ليبيا، كذلك دور الاتحاد في التقارب بين الجماعات والتيارات الإسلامية في الهند وكذلك أفغانستان حيث حث الحكومة الأفغانية الجديدة، التي شكلتها حركة “طالبان”، على تبني نموذج إسلامي للحكم الرشيد بنهج النبوة والخلفاء الراشدين.

وعلى صعيد حقوق الإنسان، أدان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بشدة قتل وتهجير آلاف المسلمين في ولاية آسام الهندية واستنكر في بياناته ما يتعرض له المسلمين في الصين وبخاصة شعب الإيغور من عنف ممنهج وقتل وأشكال الاضطهاد في حقوقهم وحريتهم الدينية وحياتهم الاجتماعية ومحاولات اكراههم على التهجير من بيوتهم ، كذلك ندد الاتحاد بالمحاكمات السرية والمعتقلات السيئة للعلماء والمفكرين وسجناء الرأي وحث الحكومات المعنية بإطلاق سراحهم ودعا  المجتمع الدولي إلى  التدخل باعتبارها قضية الحرية وقضية إنسانية.

وانطلاقا من الصفة العلمية للاتحاد، وتوسع دائرة أعضائه شرقا وغربا، واتساع دوائر فعلهم، وتأثيرهم في أوطانهم، بالإضافة إلى تشخيص مشكلات الأمة وتقديم الحلول لها، تجلى دور الاتحاد في تحقيق  رؤيته بأن يكون مرجعية أساسية تساهم في تحقيق المشروع الحضاري للأمة الإسلامية ، فالرؤية هي إذن وليدة فكرة التأسيس نفسه، حيث ساهم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ولا يزال  في رسم خارطة عمل المشروع الحضاري الذي تطمح إليه أمة الإسلام، وذلك عبر تطوير منظومة إسلامية تتمثل في الوسطية الجامعة بين الروح والمادة والعقل والقلب، وبناء قاعدة صلبة للتربية الإسلامية الخالصة،  ومرجعية شرعية قادرة على احتواء كل نشاط إسلامي، وقادرة على التصدي لكل ما يحاك  لهذه الأمة  من فتن ودسائس عبر توظيف قيادة فكرية علميّة،  ذات نمط عالٍ من الكفاءة والمرونة، تأخذ على عاتقها مهمة تجميع الطاقات والتنسيق بينها لكي  تستعيد هذه الأمة هويّتها الحضارية الضائعة.

المصدر: المكتب الإعلامي للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى