كتابات مختارة

أعمال سبعة لا تمسّ النّار أَصحابها

بقلم الشيخ جعفر الطلحاوي

النجاة من النار مطلب كل مؤمن ومؤمنة بل هو الفوز العظيم؛ قال تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) [1]  الأصل في  الوقاية من النار طاعة الله عز وجل وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ، بامتثال الأوامر الربانية والنبوية ، واجتناب النواهي الربانية والنبوية ، قال الله عز وجل: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) [2] وكما في صحيح البخاري (7280) حيث قَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى . قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى ؟ قَالَ : مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى) [3]

1- قول “لا إله إلا الله” بإخلاص ويقين:

ففي الصحيحين : عن أَنَس بْن مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لمعاذ رضي الله عنه : (مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ)[4] البخاري (128) ومسلم (32) هنا ورد النص على الصدق وهو مطابقة الخبر للواقع أي أن واقع حال الشاهد يشهد له بذلك. بينما أطلقتها رواية صحيح مسلم (29) كِتَابُ الْإِيمَانَ بَابُ مَنْ لَقِي اللهَ بِالْإِيمَانِ وَهُو غَيْرُ شَاكٍّ فِيهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَحُرِّمَ عَلَى النَّارِ: عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ” [5] وفي الصحيحين :عن عِتْبَانَ بْن مَالِكٍ الْأَنْصارِيَّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ” البخاري (425) ومسلم (33) وقد نصت رواية الصحيحين هنا على ” ابتغاء وجه الله بذلك ” عارية من قيد الزمان بينمافي رواية البخاري6423 : ” لَنْ يُوَافِيَ عَبْدٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، يَقُولُ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ “[6] وقد أفادت الموافاة يوم القيامة بالشهادتين بإخلاص.

2- الإيمان بالله واليوم والآخر:

قال تعالى: (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ “[7] وقال تعالى : “إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ *  الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ”[8] ونتيجة هذا الدعاء : {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ}[9]

3- الصلوات الخمس على مواقيتها:

في صحيح الترغيب (381) : عَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيْدِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَنْ حَافَظَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ ، عَلَى وُضُوئِهَا ، وَمَوَاقِيتِهَا ، وَرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا ، يَرَاهَا حَقًّا لِلَّهِ عَلَيْهِ حُرِّمَ عَلَى النَّارِ) [10] ولا سيما مواضع السجود من جسد ابن آدم كما في الصحيحين ” حَرَّمَ اللهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُود “[11] البُخَارِيُّ7437 مُسْلِمٌ182

4- صلاةُ الفجرِ في جماعة:

في صَحِيح الْجَامِع , والصَّحِيحَة : عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ صَلَّى لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِى جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الأُولَى كُتِبَتْ لَهُ بَرَاءَتَانِ بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ وَبَرَاءَةٌ مِنَ النِّفَاقِ»[12]  وعَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ:” مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ أَرْبَعِينَ يَوْمًا لَا تَفُوتُهُ التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ، وَبَرَاءَةً مِنَ النِّفَاقِ ” [13] في الرواية الأولى هنا وردت لفظة ” لله ” وذلك نص القرآن الكريم ” {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}[14] {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}[15] بينما أطلق في الرواية الآتية وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: مَنْ صَلَّى أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ لَا تَفُوتُهُ التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى أَوْ قَالَ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بَرَاءَتَانِ: بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ، وَبَرَاءَةً مِنَ النِّفَاقِ”[16] وعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ «مَنْ صَلَّى فِى مَسْجِدٍ جَمَاعَةً أَرْبَعِينَ لَيْلَةً لاَ تَفُوتُهُ الرَّكْعَةُ الأُولَى مِنْ صَلاَةِ الْعِشَاءِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا عِتْقًا مِنَ النَّارِ”[17] وهنا أشار إلى “مسجد جماعة” بينما أطلق في الروايتين السابقتين والمجمع عليه في كل الروايات عدد الصلوات أربعين وفي جماعة ولا بد قطعا من الإخلاص وفي المسجد يتضاعف الأجر والثواب. بحول الله وقوته.

5- صلاة الفجر والعصر في أول وقتهما في صحيح مسلم:

عَنِ ابْنِ عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَلِجُ النَّارَ مَنْ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا»[18] يَعْنِي الْفَجْرَ وَالْعصر.

6- المحافظة على أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا:

في صحيح الترمذي (428) والترغيب 584: عن أُمّ حَبِيبَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رضي الله عنها قالت : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ )[19]  قالت أم حبيبة “فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ”[20]

7- صلاة اثنتي عشرة ركعة في صحيح سنن النسائي:

 عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ( 1810 ) – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى الله عليه وسلم – يَقُولُ: “مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً حرَّم اللَّهُ لَحْمَهُ عَلَى النَّارِ. وَقَالَ أنس: مَا تَرَكْتُهُنَّ بَعْدُ[21]”[22]

————————————————–

[1] [آل عمران:185]

[2] النساء/13 ، 14 .

[3] صحيح البخاري (9/ 92) 96 – كِتَابُ الِاعْتِصَامِ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بَابُ الِاقْتِدَاءِ بِسُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ7280

[4] صحيح البخاري (1/ 37) 3 – كِتَابُ العِلْمِ بَابُ مَنْ خَصَّ بِالعِلْمِ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ، كَرَاهِيَةَ أَنْ لاَ يَفْهَمُوا128 أخرجه مسلم في الإيمان باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا رقم 32

[5] صحيح مسلم (1/ 55) 1 – كِتَابُ الْإِيمَانَ10 – بَابُ مَنْ لَقِي اللهَ بِالْإِيمَانِ وَهُو غَيْرُ شَاكٍّ فِيهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَحُرِّمَ عَلَى النَّارِ

[6] واللفظ للبخاري 81 – كِتَابُ الرِّقَاقِ بَابُ العَمَلِ الَّذِي يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ6423

[7] [آل عمران/16])

[8] آل عمران :190 – 192

[9] [آل عمران: 195]

[10] حسنه الألباني في “صحيح الترغيب” (381) ورواه أحمد (17882)

[11] [رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (7437 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 182 / عَبْد البَاقِي]

[12] سنن الترمذى (241) حسن لغيره صَحِيح الْجَامِع: 6365 , الصَّحِيحَة: 1979 , 2652

[13] شعب الإيمان (4/ 345) (2612 – 2614) حسن لغيره

[14] [الكوثر: 2]

[15] [الأنعام: 162، 163]

[16] معجم ابن الأعرابي (2/ 611) (1175) حسن

[17] سنن ابن ماجه (847) وشعب الإيمان (4/ 346) (2616) حسن دون قوله لا تفوته الركعة الأولى من صلاة العشاء -، الصحيحة (2652)

[18] صحيح مسلم (1/ 439) 5 – كِتَابُ الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةَ 37 – بَابُ فَضْلِ صَلَاتَيِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ، وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِمَا (634)

[19] وصححه الألباني في صحيح الترمذي (428) روى أبو داود (1269). وصحيح الترغيب: 584:

[20] مسند أحمد مخرجا (44/ 347)

[21] حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (3/ 106)

[22] الأحاديث المختارة للضياء المقدسي (2/ 452)(2135)، وقال: زرارة وثقه يحيى بن معين، وأصله في الترمذي وغيره بلفظ: (من ثابر على ثنتي عشرة ركعة من السنة بنى الله له بيتا في الجنة أربع ركعات قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر) سنن الترمذي (2/ 273)(414)، وقال: وفي الباب عن أم حبيبة و أبي هريرة و أبي موسى و ابن عمر، وحديث عائشة حديث غريب من هذا الوجه ومغيرة بن زياد قد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه . قال الشيخ الألباني: صحيح.وينظر سنن النسائي (3/ 260)(1794)، وسنن ابن ماجه (1/ 361)(1140).

المصدر: رابطة العلماء السوريين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى